ام حسبت ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من اياتنا عجبا

Gül Bahar

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
21 ديسمبر 2015
المشاركات
1,898
نقاط التفاعل
2,844
النقاط
76
العمر
25
محل الإقامة
الجزائر
الجنس
أنثى
خلق الله عزّ وجلّ الكون بكل ما فيه، وسخره لخدمة الإنسان، وغمره بالنعم التي لا تعد ولا تحصى، ووعده بجنة عرضها السموات والأرض، وفطره على فطرة سليمة، وجعل الغاية من خلق الإنسان عبادة الله وحده ولا يشرك به شيئاً، وقد أرسل جميع رسله برسالة واحدة وهي التوحيد، وأكرمه بذلك، فجعله عزيزاً، فلا يُذل ولا ينصاع لأمر غيره، ولكن كثيراً من الناس أبوا إلا الضلال، واتباع أهوائهم وشهواتهم، فتركوا عبادة خالقهم، وعبدوا ما لا يضرهم ولا ينفعهم، وما لا يسمع ولا يبصر، فعبدوا البشر والحجر، ولم يكتفوا بعبادتها وحدهم، فأكرهوا الخلق على عبادتها أيضاً، ومن أبى أنزلوا به أشد العذاب؛ فيوم القيامة سيكفرون بعبادتهم، عندها سيتجرعون مرارة ما كسبت أيديهم، ويذوقوا السوء والعذاب الأليم.

ومع ذلك بقي البعض محافظاً على دينه وتوحيده، ولم يجدوا سبيلاً للنجاة من الشرك والمشركين إلا الفرار بعيداً، تاركين وراءهم رغد العيش، وسعادة الحياة الدنيا، والنعيم الفاني، وآثروا عبادة الله وحده، والنعيم الباقي. ومن هؤلاء أشخاص خلّد الله سبحانه وتعالى قصتهم بذكرها في القرآن الكريم، هم "أصحاب الكهف"، فما هي قصتهم؟ هذا ما سنطلعكم عليه في هذا المقال.

قصة أهل الكهف

كان هناك قرية يحكمها ملك ظالم كافر، وضلّ أهلها عن الصراط المستقيم، فعبدوا آلهة مزعومة، واستبسلوا في الدفاع عنها، وآذوا كل من يخالفهم ويكفر بها، ومع ذلك فقد حَفظَ الله دينه رغم أنوفهم، فظهرت ثلة قليلة من الشباب التي وقفت في وجه الطغيان، وأنكرت عليهم كفرهم، وطلبوا منهم إثبات صحة قولهم وزعمهم، ولكن دون فائدة؛ فقرروا الفرار بدينهم والنجاة بأنفسهم، واللجوء إلى مكان آمن يتعبدوا الله فيه، ولحق بهم كلبهم، فألهمهم الله عزّ وجل اللجوء إلى الكهف، حيث سينشر لهم رحمته فيه، ويكون سبباً لنجاتهم.

جلس الفتية في الكهف، وجلس كلبهم على بابه ليحرسهم، وهنا وقعت آية من آيات الله عزوجل، فقد نام الفتية نوماً عميقاً، وكذلك كلبهم، وغطوّا في سبات عميق، ولكن ليس نوماً طبيعياً، بضع ساعات، بل عدداً من السنين، فقد لبثوا في الكهف نائمين ثلاثمئة عام، وازدادوا تسعة، وفي هذه الأثناء تولى الله عزّ وجل أمرهم أيضاً، فقد كانت تشرق الشمس وتغيب، دون أن تصيبهم أشعتها أو تضر بهم، ومن رحمته أن جعل أجسادهم تتقلب باستمرار، كي لا تهترئ وتتلف، وبعد انقضاء هذه المدة، استيقظوا من نومهم، وأخذوا يسألون بعضهم البعض كم لبثوا نائمين، فقالوا يوماً أو بعض يوم، ولم يشعروا بطول المدة.

أحس الفتية بالجوع، فاختاروا واحداً منهم ليذهب إلى المدينة لإحضار الطعام، وأوصوه بالحذر الشديد، والتخفي قدر الإمكان، فلما ذهب فوجئ بما رآه، فالمدينة قد تغيرت، وكذلك الناس واللباس، فقد أهلك الله من سبق، وأبدلهم بأناس مؤمنين، وحاكم صالح، فاشترى الطعام من أحد الباعة، ودفع إليه بالنقود، فتعجب البائع من لباسه الغريب، ومن شكل النقود، فهي ليست نقودهم، فذهب به إلى السلطان.

كشف الله عزّ وجلّ للناس أمرهم وقصتهم، وجعلها آية دالة على وجوده، وقدرته على البعث، وإحياء الموتى، ففرح الناس بهؤلاء الفتية المؤمنين، فقرر الملك والناس الذهاب معه لرؤية الكهف وبقية الفتية، ولكن حكمة الله اقتضت أن أمات الفتية جميعهم في تلك اللحظة، فاختلف الناس في أمرهم وماذا يصنعون بهم، فاستقر الأمر على أن يبنوا فوقهم مسجداً، تكريماً لهم.
القرآن الكريم

يعدّ القرآن الكريم كتاباً معجزاً مليئاً بالأخبار والأنباء التي ما وردت فيه إلا لفائدة ترجى للإنسان، عله يعقل ويتدبّر ويعرف طريقه القويم الذي ارتضاه الله تعالى له. يحتوي القرآن العظيم في جزء كبير منه على القصص المختلفة، منها قصص الأنبياء، وقصص الصالحين، وقصص الأشرار، والكافرين، ومن عاندوا الله ورسله، وكلّ هذه القصص ما وردت في هذا الكتاب المعجز إلّا لفائدةٍ تُرجى.

من أهمّ القصص التي وردت في كتاب الله تعالى قصة أهل الكهف، وهي قصة مشهورة عند أتباع الديانة المسيحية؛ حيث تعرف باسم آخر وهي قصّة النوام السبعة Seven Sleepers، أو قصة الفتيان السبعة القديسين.

موقع الكهف

يقع كهف أهل الكهف في المملكة الأردنية الهاشمية، وتحديداً في العاصمة عمان في قرية تدعى قرية الرجيب؛ حيث يبعد حوالي كيلو متر ونصف من منطقة أبو علندا في عمان إلى الشرق منها، كما ويبعد حوالي أربعة كيلو مترات إلى الشرق من مبنى التلفزيون الأردني، وسبعة كيلو مترات إلى الشرق من عمان العاصمة. ويعتقد أنّ هذه القرية كانت تسمى سابقاً باسم الرقيم إلا أنّها تغيرت مع الزمن.

ورد اسم الرقيم في سياق قصة أهل الكهف، فقد قال تعالى: (أم حسبت أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً)، وقد اكتشف في هذا الكهف ثمانية قبور إلّا أنه لم يتم التعرّف إلى يومنا هذا على هوية صاحب القبر الثامن، بالإضافة إلى عثور المستكشفين على الفك العلوي من جمجمة الكلب، وهو الّذي كان حارساً عليهم؛ حيث عثر المستكشفون عليه بالقرب من الباب، وقد تمّ دفن الكلب في قبر عند الباب، ولم يدفن في ثامن القبور، وهذه الأدلة هي من أقوى الأدلة وأمتنها على أن هذه الكهف هو الكهف الذي ورد ذكره في القرآن الكريم، وهو الكهف الصحيح، فقد تطابقت الدلائل مع ما ورد في القرآن العظيم من خبر أهل الكهف.

هناك عدّة كهوف يعتقد أنّها تعود إلى أهل الكهف؛ حيث تقع هذه الكهوف في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً في سوريا، وتركيا، واليمن، ولكن الكهف الأردني هو الأرجح. يُشار إلى أنّ كهف أهل الكهف في الأردن قد تمّ اكتشافه في عام ألف وتسعمئة وثلاثة وستين من الميلاد، وقد اكتشفه عالم الآثار رفيق وفا الدجاني. الكهف اليوم مفتوح لزيارة السواح، وهو مكانٌ أثريّ فيه مسجد للصلاة، وقد حافظت
الحكومة الأردنية عليه واهتمت به، وسعت إلى ترويجه سياحياً، لهذا فهو يعتبر من أهم المعالم
السياحية الدينية في الأردن؛ حيث يقصده الناس من شتى أماكن العالم الإسلامي وحتى من غير المسلمين لزيارته ورؤيته من الداخل.

تتحدّث المصادر التّاريخيّة المنقولة عن أهل الكتاب عن خبر فتيةٍ كانوا في الزّمن الغابر في فترة ما بعد السّيد المسيح عليه السّلام وتحديدًا في عصر الحاكم الرّوماني ديقيانوس، حيث كان يضّطهد من يدين بالمسيحيّة ويدعو إلى عبادة الأوثان واتخاذ آلهة من دون الله، وقد رأى هؤلاء الفتية المؤمنون في منهج الحاكم الرّوماني خروجًا عن دين التّوحيد والهدى إلى ظلمات الشّرك والضّلال، وقد أصرّوا على الثّبات على الحقّ، وبعد أن فرض الحاكم الرّوماني قوانين صارمة تُجرّم مخالفة منهج الحاكم الضّال حيث الرّجم حتّى الموت لمن يثبت اتباعه دين يخالف دين الحاكم، عزم الفتية على الهجرة واعتزال ذلك المجتمع حتّى لا يكون فتنةً لهم في دينهم، وقد توجّهوا في مسيرهم نحو كهفٍ حول المدينة وقرّروا الاعتكاف فيه والاعتزال حتّى يقضي الله تعالى أمره ويظهر دينه.

وقد لبث الفتية في الكهف ثلاثمائة وتسع سنين وهم نائمون قد ضرب الله تعالى على آذانهم، وقد بيّن الله تعالى في كتابه أحوالهم العجبية وكيف كانوا يتقلّبون في كهفهم ذات اليمين وذات الشّمال، وكيف كانت الشّمس وبأمر الله تعالى تميل عن كهفهم لحكمة أرادها الله تعالى، وقد كانوا وهم نائمون أمثال الأحياء في تقلّبهم وتململهم في صورةٍ مرعبة للنّفوس .

وقد شاء الله تعالى أن يستيقظ أهل الكهف بعد تلك المدّة الطّويلة التي ناموا فيها، وعندما استيقظوا من سباتهم احتاروا في شأنهم وكم لبثوا في نومهم، وقد قرّروا أن يبعثوا أحداً منها لاستطلاع أمر القوم في المدينة التي خرجوا منها، وحتّى يُحضر لهم بعض الطّعام ليأكلوا منه، وعندما وصل من أرسلوه إلى المدينة وجد حال قومه ليس كسابق عهده، فقد انتهى عصر الاستبداد والقهر وأصبح النّاس في المدينة يؤمنون بدين الله تعالى، ففرح الفتية بما وصل إليه الحال في مدينتهم وكأنّما أراد الله تعالى أن لا يتوفّاهم حتّى يريهم نصره وتمكينه للمؤمنين، وقد توفّاهم الله تعالى بعد ذلك ليختلف القوم في شأنهم، فمنهم من أشار أن يبنوا بنيانًا فوق قبورهم ومنهم من أشار أن يبنوا مسجدًا، وخلصوا إلى قرار بناء مسجد على قبورهم.

وفتية أهل الكهف اختُلف في عددهم، وقد رأى عبد الله بن عباس أنّهم سبعة وثامنهم كلبهم، كما أنّ هناك خلاف على مكانهم، والرّاجح أنّ مكانهم في منطقة الرّقيم جنوب العاصمة الأردنيّة عمان حيث دلّت شواهد وآثار على وجود كهفهم في تلك المنطقة تحديداً .





 
رد: ام حسبت ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من اياتنا عجبا

 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top