زار أكثر من 47 ألف شخص متحف "كليك آرت" في مدينة تشيناي جنوبي الهند منذ افتتاحه في أبريل/ نيسان الماضي. مراسلة بي بي سي غيتا باندي تلقي نظرة عن قرب على عالم من العجائب لمعرفة الأسباب التي تجعل هذا المتحف يجذب هذا العدد الكبير من الحشود.
أصوات صئيل مبهجة كانت في استقبالي لدى دخولي إلى المتحف الواقع في طريق الساحل الشرقي. وفور دخولي إلى المكان، شعرت وكأنني شخصية أليس في بلاد العجائب.
وجدت صورا عجيبة أحدها تصور أبو البشر آدم وهو يخرج من إطار الصورة ليقدم تفاحة وحواء تراقب ذلك، وأخرى لأطلس وهو يقدم ماسة ضخمة، وثالثة للموناليزا وهي تصب كوبا ساخنا من القهوة.
يمكنك أن تلتقط صورة شخصية (سيلفي) مع شمبانزي وتعلب مع دلفين. وقبل أن تغادر المتحف، يمكنك أن تحصل على جائزة الأوسكار.
لكن الرحلة تحفها المخاطر أيضا. هل يمكن أن تحمي نفسك من التمزق إلى شطرين؟ هل لديك الشجاعة الكافية لمواجهة ثعبان ضخم يتعقبك؟ هل يمكنك مواجهة ثور يندفع نحوك بقوة؟ هل يمكن أن تنجو من ركلة بروس لي المميتة؟
لكي أفكر مليا في استراتيجيتي للنجاة من تلك المخاطر، جلست على أقرب كرسي. وقد كانت فكرة سيئة، إذ أنني أصبحت قزمة! فماذا حدث؟
المهندس لوغاناثان بي يقول إنه يعاني من ضغط شديد في العمل وأن زيارته للمتحف ساعدت في شعوره بالسعادة والاسترخاءيُعرض في المتحف 24 عملا فنيا ابتكرت جميعا باستخدام لوحات ثلاثية الأبعاد والخداع البصري. وتمنح هذه الأعمال للزائر القدرة على التفاعل مع الصور وأن يصبح جزءا من المشهد.
يقول الفنان ايه بي شريثار، الذي ابتكر جميع هذه اللوحات وهو من عرقية التاميل، إنه استلهم الفكرة من معارض "كليك آرت" فنية أخرى أقيمت في سنغافورة وماليزيا وفوكيت وهونغ كونغ، وإنه استغرق ثلاث سنوات ونصف لتأسيس هذا المتحف.
وقال لبي بي سي "المعارض الفنية في جنوب الهند مملة جدا بشكل عام. لا يوجد كثير من الناس مهتمين بالفن، وقليل من الأشخاص يزورون المعارض".
الفنان شريثار يقول إنه لم يتوقع هذا المستوى من إقبال الجمهور على المتحفوزار المتحف أكثر من 47 ألف زائر منذ أن فتح أبوابه للجمهور في 14 أبريل/ نيسان الماضي. ويبلغ سعر بطاقة الدخول 150 روبية (2.24 دولار) للبالغين و100 روبية للأطفال. وهذا ليس سعرا رخيصا، لكن هذه التكلفة لم تمنع مئات الأشخاص من زيارة المتحف يوميا. ويقول شريثال إن المتحف يجذب نحو ألفي زائر يوميا في عطلات نهاية الأسبوع.
وتثير اللوحات على ما يبدو إعجاب الأطفال والكبار أيضا.
تجوب الطفلة سهاسرا روشيكا (7 سنوات) مع شقيقها أثارفا راغاف (4 سنوات) أرجاء المتحف لالتقاط الصور. وجاء الطفلان لزيارة المتحف برفقة والديهما من مدينة بنغالور.
وتقول سهاسرا "(لوحة) الملاك هي الأفضل، إنها المفضلة لي. يمكنه التحليق".
وبالقرب من سهاسرا، وقف رجال ونساء بالغون لالتقاط الصور أيضا. وأخرج زائرون هواتفهم المحمولة لالتقاط صور لأنفسهم، بينما دعا آخرون الأصدقاء والزملاء لالتقاط صور لهم.
هذا الصورة لي حينما أصبحت قزمةيقول لوغاناثان بي الذي يزور المتحف برفقة زملائه "أعمل مهندسا، ونواجه ضغطا هائلا في عملنا. وهذه زيارة مفاجئة نظمها مكتبنا ونحن نستمتع بها للغاية".
ويضيف "هذا المكان رائع للغاية، إنني أشعر براحة وسعادة كبيرة. لقد عاد بي (هذا المكان) إلى أيام طفولتي".
هذه العائلة من بنغالور يبدو أنها تستمتع بزيارتها للمتحفوبينما كان يلتقط لوغاناثان صورة له مع بعض زملائه، سألته إذا كان سينشر صوره على صفحته بموقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي.
ورد لوغاناثان، قائلا "إنها (الصورة) ترسل الآن عبر العالم إلى الأصدقاء والعائلة من خلال (تطبيق التراسل الفوري) واتس آب".
وتمزح صديقته نيرمالا ماني وهو تخبره بأنه يتصرف مثل الشامبنزي الذي يلتقط صورة لنفسه كما يبدو في لوحة تصفها بأنها "أروع عملي فني هنا".
ويقول الفنان شريثار "من المبهج جدا أن ترى الناس يستمتعون بهذه الطريقة".
فتاتان من الزائرين يلتقطون صورة كاثنين من الملائكةويضيف شريثار، الذي شارك في 64 معرضا فنيا في الهند وفي الخارج، إنه استلهم أفكارا من أعمال فنية قديمة، قائلا "لقد اخترنا الموناليزا وأعمال عظماء الفن الكبار حتى يمكن للناس التعرف عليها بسهولة".
وبفضل نجاح هذا المشروع، يعتزم شريثار الآن افتتاح 22 متحفا في مناطق أخرى بينها نيودلهي وغوا ومومباي وسان فرانسيسكو ومالطا.
واعتبر شريثار أن فن "كليك آرت" مثالي لأبناء الجيل الحالي الذين يعشقون الصور والصور التي يلتقطها الشخص لنفسه.
الطفلة سهاسرا روشيكا تستلم جائزة الأوسكار قبل مغادرة المتحفوقال "قبل سبعة أو ثمانية أعوام لم يكن لمثل هذا العمل أن ينجح، لكن الآن الجميع لديه هاتف محمول وبه كاميرا وهذا ما جعل مثل هذا العمل شائعا جدا".
وأشار إلى أن معظم الزائرين يلتقطون ما بين 50 إلى 60 صورة في المتحف، وأنهم ظهروا في نحو مليون صورة على صفحتهم بموقع فيسبوك.
وأضاف "كنت أعلم أن متحف كليك آرت سيحدث ضجة، لكننا لا زلنا مندهشين من مستوى الإقبال والاهتمام".