غرس القيم الإسلامية في نفوس الأبناء بما يتناسب مع المرحلة العمرية

angegardienretour

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
23 أكتوبر 2016
المشاركات
1,505
نقاط التفاعل
1,028
النقاط
71
محل الإقامة
الجزائر العاصمة
الجنس
أنثى
السلام عليكم

قبل الدخول في موضوع غرس القيم الأخلاقية الإسلامية في نفوس الأبناء بما يتناسب مع المرحلة العمرية" يجدر بنا أن نعرف بإيجاز ما المقصود بالقيم بصفة عامة، والقيم الإسلامية بصفة خاصة

تعددت تعاريف القيم واختلفت، ومرد ذلك تباين وجهات نظر الذين تناولوها فقد أشار أحد الباحثين في تعريفه لها: بأنها عبارة عن مقياس 1 ومستوى 1 ومعيار نستهدفه في سلوكنا ونسلم بأنه مرغوب فيه أو مرغوب عنه أو هي عبارة عن أفكار توجه أفعالنا وتقدرها

كما عرفها أحد الباحثين بأنها مجموعة من المعايير التي يحكم عليها الناس بأنها حسنة ويريدونها لأنفسهم ويبحثون عنها ويكافحون في سبيل تقديمها للأجيال القادمة، والإبقاء عليها جزءاً حياً مقبولاً من التراث الذي تعامل به الناس جيلاً بعد جيل

وفي ضوء ما تقدم من تعريفات للقيم يتضح لنا أنها معايير مرغوبة للحكم على السلوك وإنها توجه أفعالنا وتقدرها

• أما القيم الإسلامية:-
فهي القيم المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فهي لذلك واجبة علينا كمسلمين ونحن ملزومين بتطبيق مبادئها ومقاييسها، وهي ثابتة لا تتغير مع الظروف لأن معيارها الأساسي ثابت وهي تقوى الله عز وجل ، وفي إطار هذه القيم تحددت معايير السلوك وآداب التعامل بين الناس كما انتظمت العلاقات بينهم على أساس التعاون، والإخاء، والشورى، والمساواة، والاحترام، وحسن الخلق، ومن ثم نجد أن المجتمع الإسلامي يتخذ من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة دستوراً للحياة0

وتبدو أهمية القيم الإسلامية في حياة الفرد والمجتمع واضحة لانها تمثل ركناً أساسياً في تكوين العلاقات بين الناس وتسهم بشكل فعال في تحديد طبيعة التفاعل بينهم، إضافة إلى أنها تشكل معايير وأهدافاً تنظم سلوك الفرد والجماعة

• الوسائط التي تؤثر في اكتساب القيم:-
مما لا شك فيه أن هناك وسائط عدة تؤثر في حياة الطفل وتسهم في رسم معالم تربيته وتكوينه الخلقي وسأشير في عجالة سريعة لأهم الوسائط التي لها أكبر الأثر

في تكوين القيم وتوجيهه السلوك وهي: الأسرة، والمدرسة، وجماعة الرفاق، والمجتمع
1- الأسرة:
• وتعد أو عامل مؤثر في السلوك الخلقي فهي المصدر الأول والأخطر في تكوين القيم وتوجيه السلوك، وهي التي تغذي الأطفال بالمبادئ والقيم الإسلامية عن طريق الممارسة اليومية، والسلوك الخلقي الحسن للوالدين، وهي تترجم معاني المسؤولية والصدق والأمانة، وهكذا فإن الطفل يعيش هذه المبادئ والقيم سلوكاً طبيعياً وعملياً قبل أن يعرفها في معانيها المجردة فالآباء والأبناء الكبار يؤثرون في الصغار تأثيراً يلازمهم مدى الحياة

• والإسلام يهتم بنقاء الأسرة وطهارتها منذ اللحظة التي يفكر فيها الرجل في بناء أسرة، إذ يحدد له أسس اختيار الزوجة الصالحة كما أن علماء الأخلاق والتربية يضعون الأسرة في المقام الأول ويدركون أثرها في تكوين القيم وتوجيهها وتربيتها، حتى بعد انقضاء مرحلة الطفولة وخروج الطفل إلى المدرسة ثم إلى معترك الحياة

• وقد أكدت السنة النبوية الشريفة خطورة دور الأسرة في التنشئة الخلقية وتهذيب السلوك واكتساب القيم والمثل العليا، وقد ورد في صحيح مسلم – أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال "ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه" ، ولهذا نشط المسلمون منذ زمن طويل في تقديم تربية أسرية متميزة تعنى بإكساب الطفل العقيدة الصحيحة وتعليم العادات والآداب الاجتماعية المستخدمة من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف

2- المدرسة:
• المدرسة أحد أهم المؤسسات التعليمية ذات التأثير الكبير في التكوين الخلقي للطفل وتوجيه سلوكه، وتعديل نوازعه ومواقفه واتجاهاته فالمدرسة ولا شك تعد أهم بيئة للطفل بعد بيئته وأسرته يتعلم منها الأخلاق، لذلك وجب أن تكون القيم والأخلاق الإسلامية أساساً للمعارف التي يحصل عليها الطفل من المدرسة
• ولا يفوتني في هذا المجال أن أنوه بشأن المعلمين باعتبارهم هم قدوة حسنة للمتعلمين الذين يأخذون عنهم كثيراً من تصرفاتهم، فالمدرسة كمؤسسة تعليمية بما فيها من مربيين، معلمين ومناهج وأنشطة وفعاليات مختلفة تحتم علينا ضرورة أن يكون هذا الوسط التعليمي بيئة صالحة تنمو فيها بذور الأخلاق الحميدة والقيم الفاضلة تعطي ثماراً تشكل صلاحاً للفرد والمجتمع

أن وسط جماعة الرفاق:
• الرفاق من الأوساط المؤثرة في خلق الطفل وتكوين طباعه وتوجيه سلوكه واكتسابه للعادات المختلفة ونظراً لما لهذا الوسط من تأثير في التكوين الخلقي والسلوكي للطفل فقد أكدت السنة النبوية على حسن اختبار الأصدقاء ونفرت من مخالطة قرناء السوء فقد ورد في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مثل الجليس الصالح، والجليس السوء كصاحب المسك ونافخ الكير، فصاحب المسك إما أن تشتريه أو تجد ريحه، وحامل الكير إما أن يحرق بدنك أو ثوبك أو تجد منه ريحاً خبيثة"
• ويرى الإمام الغزالي أن صيانة الصبي عن مخالطة قرناء السوء ومجالستهم تعد من الواجبات الأساسية التي ينبغي على المعلم القيام بها ، لذا وجب على الآباء والمربين الأخذ بعين الاعتبار في التدقيق في اختيار الأصدقاء وملاحظة أبناؤهم بشكل مستمر في هذا الجانب
3- المجتمع:
• مما لاشك فيه أن المجتمع الذي يعيش فيه الطفل له تأثير بالغ في تكوينه الخلقي، ذلك لأن الطفل يتشرب تراث مجتمعه الخلقي والاجتماعي والثقافي طوال حياته منذ نشأته وحتى وفاته بل أنه يحمل تراث مجتمعه داخل ذاته
فمرجع الصفات الخلقية في تكوين الشخصية يعود إلى المجتمع
ذلك لأن الإنسان بطبعه كائن حي اجتماعي قبل كل شيء

• لذلك فإن من أهم واجبات المسؤولين وأولياء الأمور والمربين عامة أن تتضافر جهودهم وتتكامل برامجهم في المؤسسات الاجتماعية لتطبيق القيم الإسلامية التي يحثنا عليها ديننا الإسلامي الحنيف وأن وجوب التعاون بين الأسرة والمدرسة والمجتمع أمر ضروري في هذا الصدد، فالتربية لا تستقيم عادة داخل الأسرة أو المدرسة مهما كانت سلامتها وإيجابيتها في تكوين القيم والأخلاق إذا كان المجتمع من حولها تبرز فيه بعض الجوانب السلبية والتي قد تؤثر في النشء بشكل مباشر أو غير مباشر
وقد أبرزت السنة النبوية الشريفة خطورة تأثير المجتمع في التكوين
الخلقي، ودعت إلى تطهير المجتمع وإقامة دعائمه على الفضائل
والتناصح بالخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حرصاً على
سلامة الفرد التي ترتبط بسلامة المجتمع
• وفي ضوء ما تقدم يتضح لنا أن للمجتمع دوراً كبيراً بارزاً في إكساب القيم والعادات الحميدة ونؤكد على الدور الهام للمؤسسات الإعلامية باعتبارها في مقدمة المؤسسات الاجتماعية التي تترك أثراً كبيراً في شخصية الفرد والمجتمع لبث القيم الإيجابية التي تعزز قيمنا الإسلامية لتترجم سلوكاً مباشراً في الأقوال والأفعال على حد سواء0

• طرق تعلم القيم واكتسابها:
ذكرنا فيما تقدم أهم الوسائط التي تؤثر في اكتساب القيم
وهي بالطبع وسائط لها دور كبير في تكوين القيم وغرســـها في
نفوس الأطفال، وتعلم القيم يختلف عن تعلم المفردات الدراسية
ذلك لأن القيم تعتمد بالدرجة الأولى على وجود وسط اجتمــاعي
ومناخ تربوي صالح يعمل بشكل مؤثر في إكساب القيم والمثـــل
العليا وتقديمها على أنها عمل وسلوك يترجم الأخـــــــــــــلاق
الفاضلة لا على أنها مجرد معلومات تُقدم في إطار نظري ولا
تتعداه إلى مرحلة المعايشة والعمل

• وسأتطرق في النقاط التالية للحديث عن أهم الأساليب التربوية التي يمكن من خلالها إكساب القيم وغرسها لدى الأبناء ومنها:-
1- القدوة الحسنة
2- الممارسة والتدريب العملي
3- النصح والإرشاد
4- القصص


1- القدوة الحسنة:
• القدوة الحسنة من أهم العوامل المؤثرة في تربية الطفل، وذلك لأنه يتأثر بما يراه عن طريق المحاكاة والإيحاء والاستهواء، وقد جعل الله عز وجل رسوله محمد صلى الله عليه وسلم قدوة لكل أتباعه الذين عاصروه، والذين يأتون من بعده إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، قال تعالى: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً) صدق الله العظيم

وفي هذا تأكيد لمدى أهمية القدوة الحسنة في التنشئة والتوجيه
والتربية
إن القدوة الحسنة من أبرز الوســـائل التربوية ويجب على الشخص
الذي ينظر إليه الطفل على أنه قدوته أكان أباً أم مربياً أن يحمـــل
مسؤوليات القدوة حق حملها وأن يكون مثالا حياً لحسن الخلـــــق
والسلوك والالتزام
وعلى هذا النهج يجب أن يسير المربون فــــي المؤسسات التعليمية
حتى يكون تأثيرهم إيجابياً وفعالاً في نفوس مـــــــن يقتدون بهم
سورة الأحزاب: آية 21

ويقرر إبن خلدون في مقدمته بأن للقدوة الحســــنة أثراً كبيراً في
اكتساب القيم والفضائل، والاحتكاك بالصالحين ومحــــــاكاتهم
بكسب الإنسان العادات الحسنة والطبائع المرغوبة وبقدر مــــا تحث
التربية الإسلامية على القدوة الحسنة، وتدعو إليها فإنها تحذر مــن
مخالطة قرناء السوء مــــــــن أجل هذا وجب على الآباء والمربين أن
يحرصوا كــل الحرص على أن يكونوا قدوة حسنة في العلاقة مع الله،
ومع الناس، قـــــدوة في صدق الكلمة، وأمانة الرأي وحسن العشرة،
وأداء الفرائض والبعد عن الرذائل، حتى يحققوا بذلك المعنى الحقيقي
للقدوة الحسنة

2- الممارسة والتدريب العملي:-
تعد الممارسة العمــــلية مدخلاً مهماً إلى تعلم القيم والفضائل
وآداب السلوك الاجتماعي ، وهي أساس التربية الســـــــلوكية
الصحيحة

• وقد أستخدم الإسلام التدريب العملي أسلوباً من أساليب التربية لاكتساب القيم والعادات السلوكية الفاضلة، فقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يأخذوا عنه كيفية أداء العبادات0
• وما أود التأكيد عليه هنا أن تعليم القيم في المدارس لا بد أن يرتبط بمواقف إيجابية فتحصيل القيم لا فعاليه له ما لم يتحول إلى سلوك وعمل وممارسة موجهة، فنمو القيم يكون أكثر فاعلية حينما يرتبط بمواقف تنشأ بشكل عضوي داخل الفصول الدراسية أو في فناء المدرسة 0 وقد اثبتت الدراسات الميداينة التي أجريت في هذا الصدد أن مجرد تلقين المتعلمين القيم لا يترتب عليه تعديل في سلوكهم العلمي، لذ يجب أن يحرص المعلمين والمربين كل الحرص على أن تكون القيم ملموسة لدى المتعلمين قبل أن تكون مجرد موضوعات تتضمنها المناهج الدراسية، ومن الضروري الاهتمام بالقيم الإسلامية وأبرازها خاصة في دروس التربية الإسلامية وجعلها تبدو لدى المتعلمين قيماً تتعلق بحياتهم ومستقبلهم حتى يقبلوا عليها فتصبح جزءاً من وجدانهم وأفكارهم
• كما يجب على المربين والمسؤولين عن المؤسسات التعليمية خاصة المراحل الأولى رياض الأطفال ومرحلة التعليم الأساسي أن يعملوا على تهيئتها حتى تصبح بيئة اجتماعية يحيا فيها المتعلمون حياة نشطة عاملة، ويتدربون في أثناء هذه الحياة بطريق مباشر وغير مباشر على اكتساب القيم

3- النصح والإرشاد:-

• ركز الأسلوب النبوي الشريف على أسلوب النصح والإرشاد الهادف لما له من أثر فعال في التربية، فالنصيحة ولا شك لها أثرها النفسي الكبير في الطفل عندما تصدر من شخص تربطه به علاقة المودة والاحترام والتقدير، كالوالدين، والمربين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر أسلوب النصح والإرشاد للمسلمين فيما يعنيهم من أمور دينهم ودنياهم، وكان لا يمتنع صلى الله عليه وسلم عن تقديم النصيحة لكل من يطلبها، وأنذر بالعقاب الأليم يوم القيامة لكل أصحاب علم وخبرة ودراية لا يقدم النصيحة المفيدة لمن يحتاج إليها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة"
ومما يزيد في تأثير النصيحة نفسياً التزام الناصح بتطبيق مـــــا
يبديه من نصح وإرشاد للآخرين، ولا تأثير لناصح لا يلتزم بتطبيق
نصائحه لغيره

ولا بد من مراعاة أسلوب التيسير واللين في النــــــصح والإرشاد والابتعاد عن التصنيف والــــــذم والسباب الذي يؤدي إلى النفور والكراهية لقوله صلى الله علـــــــيه وسلم "يسروا ولا تعسروا،
وسكنوا ولا تنفروا" فما أحرانا اليوم بإتباع هذه الأســــــلوب الراقي في التربية وغرس القيم الإسلامــــــــية في نفوس أبناؤنا لتصبح سلوكاً ممارساً في حياتهم العلمية والعملية

4- القصص:
• التربية بالقصة من أهم الأساليب التربوية في غرس القيـــــــم الإسلامية ذلك لما لها من تأثير نفسي خاصة إذا مــا وضعت في إطار مشوق يشد الانتباه ويؤثر في العواطف والوجـدان، فيتفاعل معها الطفل ويتقمص بعض شخصياتها، وبهذا يستشـــــعر انفعالاتها ويرتبط نفسياً بالمواقف التي تواجهها، وهذا مـــا يثير فيه النوازع الخيرة وينعكس في سلوكه وتصرفاته0

• وقد أبرز القرآن الكريم أهمية القصص الإيجـابية وتأثيرها النفسي والأخلاقي في التربية وتهذيب النفوس في مواضيع كـــثيرة منها قوله جل شأنه: "نحــن نقصص عليك أحسن القصص بما أوحينا
إليك هذا القرآن وان كنت من قبله لمن الغافلين"

• كما اهتمت السنة النبوية المطهرة بأسلوب القصة كوســـيلة تربوية فعالة في التوجيه والعبرة، وركــــــزت على القصص ذات التــــــــــأثير الروحي والخلقي الاجتماعي والإنساني مستهدفة
غـــــرس القيم الإسلامية والمبادئ والمثل العلـــــــــــــــيا في النفوس وترقية الوجدان وتهذيب السلوك

• من كل ما تقدم يتضح لنـــــــا أن هناك وسائط متعددة تؤثر في إكساب القيم مثل:

الأسرة، والمدرسة، وجماعة الرفاق، وكذلك المجتمع، وأن هنـــــــاك وسائل وطرق يمكن من خلالها العمل على غرس القـيم في نفوس الأطفال ذكرنا منها على سبيل المثال لا الحصر القدوة الحســـنة،
الممارســــة والتدريب العملي، النصح والإرشاد، والقصص
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top