أحيانــاً تتداخل الأمور فيما بينها .. والخيوط تلتف فوق بعضها .. والحبال بلا عقدة مربوطة .. وجُمــلٌ بلا دلالة مفهومة .. وسؤالٌ بلا أستفهامٌ أو علامة ,
هل حياتك مشتتة ؟
هل تشبه السراب ؟
هل تــرآها طيف ؟
كل شيئا مشوش .. الحلم يلحقه كابوس .. أجاباتٌ تسبق الأسئلة .. وسواسٌ أنت صنعته .. لغــزٌ لا تعرفه .. مُخدرٌ قضى عليك .. واقعٌ لم تعد تشعر به ,
- هل فهمت جملةً مما سبق ؟
فـ هذه هي الحياة .. والحياة غير مفهومة
فـ الماء يفسرونه بالماء .. والبحث في المجهول مستمر .. والشيء المعلوم أصبح عدة علوم .. وحياتك لم تعد ملكا لك .. بل ملكً للشيطان الذي أطعته ,
- فما الذي سيحدث لو عشت حياة مشتتة كهذه ؟
هل تفضلها ؟
أم تعود لعالمك ؟
هل تعيش مع المجتمع ؟
أم ستعيش في خيالك منفرد ؟
ولكن أنتظر قبل أن تختار ,
فأنت في عالمً معقد جداً .. وكل شيئا فيه مشوش
- فما الذي تظنه سيحدث لو لم تنتبه لنفســك جيداً ؟
سيخْتَلَطَ الحابِلُ بِالنَّابِلِ.
(مدمن في عالمه يعيش)
بسام شابٌ محطم يائس من الحياة بعد أن فقد كل أفراد أسرته في حادث سيارة , وحيداً في عالمه ذاك المجنون بعدما أدمــن المخدرات بكل أنواعها .. يتعاطى المسهرات ويدخن الحشيش وكذلك هيروين والكوكائين وأي شيئا يذهب العقل أو يقتله أو يجعله يتنقل بين العوالــم .. يريد نسيان الأحزان والضيم والفراق يخرج من عالمً ويدخل آخر أكثر جمالً منه بنظره , لا يخرج من شقته مطلقا عدى لشراء مواد مخدرة تعينه على ما أبتلي به من هماً وغمــاً تجعل حتى قساة القلوب يتعاطفون معه , كان دائما يغيب عن عالمه تحت تأثير ما يحقنه في عروقه وكأنه يريد بذاك أخراس أنفاسه وأسكات همساته ليلحق هو الآخر بأحباءه الذين تركوه في ليلة ظلمة بعدما غدرت بهم الحياة في سيارة أخرى .
عوالم جديدة يدخلها وأناسً مختلفين يقابلهم ويعاشرهم ويتعرف بهم ويختلط معهم , يحدثهم ويشتكي لـهم عما جرى لأسرته المسكينة .. يزور مجــرات وكواكب وأحياناً يحل ضيفا على النجوم ومن يعيشون عليها , كان يحبهم ويرى عائلته معهم .. يعاتب والدته ووالده وأخته وأخيه .. يسألهم لما ولما ولما ؟ لما تركوه وحيدا ولم يودعهُ أو يأخذونه معهم , وكلما أشتدت به الذكرى كلما زاد من تعاطيه للمخدرات .. يظل أيامً بلا نــوم وعقله يتجرع سموما لا يدري صاحبها عن طريق النهاية المسدود الذي سيصل إليه .
شهور على حالته تلك لم يترأف بحاله أحد حتى هو نفسه , كان يعيش لأجل المخــدر فقط ويعيش في عالمه ويغادر واقعه المؤلم البئيس وحيدا لا أنيس له عدى الشيطان الذي يوسوس له ويتغنى طربً بما يفعله , الا أن تلك المخدرات والنشوة المؤقتة المزيفة دائــما ما تغدر بصاحبها ومن يدفع أموالً طائلة لشراءها , حيث أخذ بسام ينحو منحى آخر غير منحى عائلته التي بكاهم ليلً وصباح وفي لحظات الشفق والغسق بعدما تلاعب به الشيطان وتمكن منه وغرر به , إذ بدأ يدمــن على مشاهدة الأفلام الأباحية حد الشغف وهو في أقصى درجات تخديره العقلي والذهني , نسي أمــر عائلته وباتت في طي النسيان مسجونة في الأطلال وقساوة الذكرى ولم يعد يتذكر منهم عدى أسماءهم التي يقرأها في هاتفه حينما ينوي مشاهدة تلك الأفلام القبيحة .
ألا أنه بدأ يراجع نفسه ويتذكر عائلته فالمخدرات تلاعبت بعقله وجعلته أسيراً لـها .. تارة تذهب به إلى قصور فارهة فوق الكواكب وتارة أخرى تُسكنه في بيوت البغــاء , ومرة تُنسيه عائلته ومـــرة تتلاعب في مشاعره بذكرى وألـــــمً وفراق .. تضحكه مرة وتبكيه مرات لا تحصى .. تجعله يــرى في النور ظلمة .. ومــرة تطفأ عليه كل الأنوار , ولأنه لم يكن يمتلك عقله وتصرفاته سهُلَ أمره للشيطان أن يأخذه إلى أي مكان يريد , ولشدة ما يتعاطاه بدأ يُأنب ضميره على نيسانه لعائلته .. يتحسر ويعتصر ألم بداخله لأنه لم يعد يعيش معهم .. يفكــر ويفكـر كيف يعيد تلك الذكرى .. ذكرى عائلته , وكيف يحفر لهم مكانً في قلبه ليكونوا محـل القلب ويستحيل بعد ذلك نسيانهم .
كان يبكي ويبكــي .. يأخذ ما لديه من مخدرات ويتعاطاها دفعة واحدة كالمجنون الذي فقد عقله ولكنه يظن نفسه بكامل وعيه , وفي لحظات تخديره تلك التي أختلط عليه الحابل بالنابل دخل عالــــمً غريب يراه لأول مــرة .. عالــمً ليس كما أعتاده من قبل , جلس أرضاً وأستند على الجدار مطأطأ رأسه للأسفل .. مُمدِدً يديه فوق ركبتيه .. مرهقاً تعب .. خجل من كل شيء .. من تعاطيه للمخدرات .. من أفلامه القذرة .. من كل ما في حياته .. يتذكر عائلته التي قضت غدرا في ليلة يخفيها نور القمر .. يسترجع ماضيه وذكرياته الحزينة .. يفكر فيمن خسرهم .. يفكر في سقوطه مستسلما للشيطان رافع بيده الراية البيضاء , بحسرة وخيبة كان يفكر في نظراته لنفسه ونظرات والدته إليه .. نظراتهم له وهو في حالة ضعف وأنكسار وذل .. ذرفت عيناه دموعا عناوينها كثر .. جراح الطفولة والذكريات .. جراح اليُتم .. ألم الضيم .. صراخ القهر .. الأوجـــاع والآهات , شريط حياته يمر أمام عينيه بشتى صوره الملونة والغير ملونة .. أحلامه ووعوده التي أطلقها على نفسه بألا ينسى احباءه الذين عاشوا معه ذات سنين .. حلمه أن يظل يعيش ذكراهم وألا يجعل أحدا في هذا العالم يُنسيه ضحكاتهم وأبتساماتهم ومزحاتهم وكل جميلٌ صنعوه في لحظة ما معه .. ألا أنها أحلام تحقق بعضها والبعض الآخر سيراه في منامه الذي لم يتذوقه ألا تحت تأثير المخدر .
لحظات في أنغماسته تلك وكأنه يستمع لسمفوانيات بيتهوفن الخالدة حتى أخذته غفوة لثوانً أستفاق بعدها وإذ به يشاهد العجب وكل العجب , إذ وجد نفسه في غرفـــة بيضاء غريبة حيث هندستها وآثاثها وألوانها بدت تختلف عن كل الغرف التي دخلها في خياله من قبل .. فـ سقوفها لا تَرى وجدرانُها لا تَسمع وأرضيتُها ملساءَ كأنها خُصصت للملوك والأمراء وعوائل الطبقات المخملية , كان يعيش في دوامة ما أنفك يخرج منها , يتسأل ويسأل نفسه اسئلة :
- هل ما أراه واقعً ؟
- أم أنه عالم المخــدر ؟
- هل هذه شقتي ؟
- أم أن الأقدار رمت بي هنا , في عالـــمً لا أعــــرفه ؟
ألغازٌ كثيرة تدور في خلده وتحوم فوق رأسه وتحت قدميه .. مشكلة يخرج منها ويدخل غيرها أكثر تعقيدا .. حيرته كيف يجلس في هذه الغرفة التي تبدو واقـــعً لا شيئاً من خياله , أخذ يوسوس في نفسه بدل الشيطان .. أفكار كثيرة شغلته .. مصائب تكالبت عليه كأنها متعمدة , يداور نظراته في مكانه , يلامس الجدران الهشة ويحس بها حقيقة وهو يجلس فيها بالفعل , يرجــع مرة أخرى يحاكي ذاته :
- ويحي !
- ما هذه الغرفة ؟
- كيف جئت إلى هنا ؟
- لا أتذكر بأنني غادرت الشقة ؟
- غريب بالفعل !
- ما الحكاية ؟
- وما هذا النوع الذي تعاطيته يبدو قويا للغاية ؟
أسئلة التي لم يجد لها حلً ولا يعرف أين يبحث عن الأجوبة .. كان مخدرا تمامـــا وفاقدا عقله والغموض يلف الأحداث كلها , عند ذاك قاطعه رجلٌ غريب دخل عليه الغرفة يسير في هدوء شديد وبخطوات لا يسمعها حتى دبيب النمل , لم يتكلم أو يقل شيئا بل ظل على حالة صمته ليزيد من الأمـــر غرابة , نظر إليه بسام يمعن جيدا في ملامحـــه يمينا شمالً , يهمس حيرة في نفسه :
- اللعنة !
- من هـــذا ؟
- لا أتذكر بأنني رأيته من قبل ؟
- هل هو واقع أم مجــرد وهــم ؟
- هل هو تأثير المخدر أم تأثير الذكــرى ؟
ظل الرجل على وتيرة هدوءه ينظر إليه دون أن يتكلم , بينما بسام الذي شغلته الأفكار وتلاعبت به , سأله مستفسرا :
- من أنت يا هذا ؟
وكأن الرجل لم يسمع سؤاله , أستمر في صمته المدقع ولم يحرك ساكنً .. متوقفا يضع يديه في جيوبه , مما أثار دهشة بسام الذي راح يكيل علية بالأسئلة :
- ما بك ؟
- لما لا تتكلم ؟
- ومن أنت ؟
- وما هذا المكان ؟
- هيا , قل لي ؟
- وكيف جئت إلى هنا ؟
- هل تستطيع أن تخبرني ما الذي يحدث ؟
وبعد حالة الصمت المريبة تلك قال الرجل بنبرة هادئة تخالط الهواء لمن يسمعها :
- ما تـــــراه حقيقة ليس بخيال !
توقف بسام في مكانه , بانت على ملامحه الغرابة بكل أسبابها ما جعله يسكت لبرهة من الوقت , سأله مستفسرا بعدها :
- ويحي !
- ماذا تقول أنت ؟
- هل هذه مزحة لعينة أم ماذا ؟
- أمرك غريب يا رجل ؟
- أنني أعيش الوهم كل يوم , أنني تحت تأثير المخدر وأعرف ذلك , وأعلم جيدا ما الذي يجري ؟
لم يــرد له الرجل جوابا , بل كان هادئـــا جدا يجاري ما يقوله بسام الذي رجع يسأله :
- من أنت يا هذا ؟
وببروده الشديد قال الرجل ما لم يتوقعه بسام حتى في قمة خياله :
- أنا طبيبٌ نفسي !
- وأعمل في هذا المصح العقلي المخصص للأمراض المستعصية !
بسرعة قاطعة بسام بأنفاس متواترة متعبة خائفة , يسأله :
- سحقا لذلك !
- عما تتكلم يا رجل ؟
- طبيب نفسي .. ومستشفى أيضا ؟
- ما هذا الذي تقوله ؟
- إذا ماذا أفعل هنا ؟
أجابه الطبيب بالصدمة :
- أنك مريضٌ تتلقى العلاج لدينا , وأنا المسؤول عن حالتك !
أنهار بسام وخارت قواه كلها , جلس على الأرض مشتت الذهن فزع مرعوب مما سمع , قال مختنقا في عبرته :
- ماذا تقول يا هذا ؟
- أخبرني أنها مزحة ؟
- أنني سليم وحالتي الذهنية جيدة , فقط أعاني من أعراض المخدر ؟
- أتراني أعاني من شيء ؟
- لا أعانــي من شيء ؟
- هيا ما بك , قل لي بأنها مزحة ؟
الطبيب :
- أنها حقيقة وليست مـــزحة !
بسام الذي ضاع في كل الطرق , وضاع عقله تحت تأثير ما تعاطاه , وضاع في متاهة الحياة والمستشفى , قال :
- أرجوك .. أخبرني عكس ذلك ؟
ألا أن الطبيب لم يجاوبه , قال بسام متلعثمً يشعر بأن أحدهم غدر به ورماه وسط هذا المكان المجهول :
- أرجوك يا رجل , أرجوك .. أخبرني بأن هذا غير صحيح ؟
- لقد كنت في شقتي قبل قليل ! وأنت تخبرني بأنك مشرف على حالتي ؟
- ويحي , ومنذ متى كنت هنـــــا ؟
- ومن هذا اللعين الذي أحضرني ؟
الطبيب الذي شخص حالته وأشرف عليها ويعرفه جيدا , أجابه بهدوء :
- قبل يومً واحد أحضرتك الشرطة إلى هنا , بعدمــا شاهدك البعض في المقبرة تبكي عائلتك وتتصرف بطريقة هستيرية وتحاول نبش قبورهم وأخراجهم منها !
بسام الذي كانت دموعه تتساقط منه كما تتساقط حبات المطر من الوردة , قال غاضبً :
- ماذا ؟
- أنك كاذب ؟
- أنك شخص كاذب !
الطبيب :
- بلى أنها الحقيقة التي لا تراها !
بسام صــــرخ :
- تباً للحقيقة !
- أنني أشتم رائحة خدعة !
الطبيب :
- أنها ليست خدعة .. أما آن لك أن تصحى .. هذه ليست كذبة , أحضروك إلى هنا قبل يوم لأنك فقدت عقلك في المقبرة .. كنت تبكي .. كنت تتكلم وحدك مع من في القبور .. كنت تتصرف بجنون .. تتصرف بغرابة وهوس .. تنظر إلى السماء وتصرخ بكلمات لا يفهمها أحد .. تنظر للأعلى وكأن أشباحً تُسيرُك .. كنت تتعاطى "الفينيثايلين" والمسهرات وكل أنواع المخدرات طوال الوقت .. أنك مدمن حد الهوس , ونتيجة لتعاطيك المخدرات وسهرك أيامً طويلة فقدت عقلك تمــــاما .
بسام ظل غير مصدقً ما يسمع , قال بنبرة خشنة من بكاءه :
- كذب !
- ما تقوله كذب !
- وماذا عن عالمي الذي كنت أعيشه ؟
- وماذا عن ذكــــرى عائلتي ؟
- وماذا عن كل هذه الأشياء ؟
الطبيب :
- لا وجود لشيء , لا وجود لعالمً ولا وجود لا أحد , حتى ذكرى عائلتك لا وجود لها .. لا وجود لشيء .. لكنها أثار المخدرات "الهلوسة - والهذيان - وأوهام بصرية - وجنون - وتشتت ذهني - وتلف لخلايا المخ - شعورك بالأضطهاد والظلم – وجنون العظمة - والفصام - وهلوسات سمعية وبصرية" .
غضب بسام بشدة , يبكي يصرخ مشاعر مختلطة , مصدقا مكذبا .. يصفع نفسه ويعض يديه عله يقتنع بما يسمع .. هل هي حقيقة أم خيال ؟ كابوسٌ أم طيف ؟ وهمٌ أم واقع ؟ كلم الطبيب أراد يقنعه :
- صدقني أيها الطبيب .. صدقني , لا أعاني من شيء !
- أنني سليم لا أشكو من علة , لست بمجنونً ولم أفقد عقلي , أخرجني من هنا وسأريك ما كنت أعيشه , أخرجني من هنا وسأجعلك ترى العالم كما أراه ؟
الطبيب الذي يحمل أعلى الشهادات وأستقدموه خصيصا لمتابعة ودراسة حالته , فـ أجابه علميا :
- أنت بالفعل تعيش في هذا العالم وتراه وتتحدث مع من فيه , لكنه مجرد وهم وخيال أنت وحدك من تراه وتسمعه .. وتعاطيك للمخدرات بهذه الكميات الكبيرة وسهرك لفترات طويلة قضى على كل جميل فيك .. قضى على ما تبقى من عقلك بالكامل .. حتى الذكرى مُحيت منه .. المخدرات جعلتك ترى الأوهام حقيقة وتعيش الخيال واقع وترى الظلمة نور .. لم تعد تعيش عالمنا ولم تعد تعيش معنا .. لقد أنفصلت عن هذا العالم وهربت منه .. هربت إلى عالم آخر .. عالم لا يعرفه سواك .. عالم لا أحد فيه عداك أنت .. أنت وخيالك .. لم يعد هناك ما هو حقيقي بالنسبة إليك .. كل شيئا مجـــــرد وهم وطيف .
صرخ بسام :
- أنأ لست بمجنون !
- لم أفقد عقلي !
- ماذا بك أيها اللعين !
- لما لا تأتي معي لترى بعينك الأشياء على حقيقتها ؟
الطبيب كان متفهمً لحالته , قال له مودعا :
- سأتركك الآن , وسأعود بعد أيام عدة .. لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا .
هم الطبيب مغادرا ألا أن بسام ذهب إليه وأمسكه يتوسل إليه أن يخرجه .. يحاول أقناعه بأنه لم يفقد عقله بعد , دخلوا حراس المصح وأبعدوه عن الطبيب حتى خرج وتبعه الحراس بعد ذلك على صيحات بسام التي تدوي في كل أرجاء المكان :
- أرجوكم ..
- أرجوكم , أخرجوني من هنا !
- أرجوكم !
- أرجوكم , لست بمجنون .
- أخرجوني من هذا المكان اللعين .
- لم أفقد عقلي , أنني سليم .
- ما بكم أيها الأوغاد ؟
- هيا أخرجوني من هنا .. هيا !
ظل يصــرخ ويصرخ الا أن صوته لم يسمعه أحد عدى من يعيشون في عالمه .. وهم أيضا تركوه .. فـ لم يعد هناك رفاقٌ يشتكي لهم ويزورهم في عالمهم .. وليس هناك عالـــمً يختاره بمزاجه ويذهب إليه ويختار أناس كما يريدهم أن يكونوا .. وليس هناك فــراق وألمٌ يُبكيه .. ولم يعد يعيش ذكرى عائلته .. وليس هناك تجارٌ للمخدرات يبيعونه الجنون الذي يعرفه , أقفلت بوابة الغرفة وهو بداخلها ..... سجينً في عالم خياله .
قلم مضطرب ,
- قد أتوقف عن الكتابة في المنتديات نهائيــاً , أتمنى أنني كنت عند حسن الظن
هل حياتك مشتتة ؟
هل تشبه السراب ؟
هل تــرآها طيف ؟
كل شيئا مشوش .. الحلم يلحقه كابوس .. أجاباتٌ تسبق الأسئلة .. وسواسٌ أنت صنعته .. لغــزٌ لا تعرفه .. مُخدرٌ قضى عليك .. واقعٌ لم تعد تشعر به ,
- هل فهمت جملةً مما سبق ؟
فـ هذه هي الحياة .. والحياة غير مفهومة
فـ الماء يفسرونه بالماء .. والبحث في المجهول مستمر .. والشيء المعلوم أصبح عدة علوم .. وحياتك لم تعد ملكا لك .. بل ملكً للشيطان الذي أطعته ,
- فما الذي سيحدث لو عشت حياة مشتتة كهذه ؟
هل تفضلها ؟
أم تعود لعالمك ؟
هل تعيش مع المجتمع ؟
أم ستعيش في خيالك منفرد ؟
ولكن أنتظر قبل أن تختار ,
فأنت في عالمً معقد جداً .. وكل شيئا فيه مشوش
- فما الذي تظنه سيحدث لو لم تنتبه لنفســك جيداً ؟
سيخْتَلَطَ الحابِلُ بِالنَّابِلِ.
(مدمن في عالمه يعيش)
بسام شابٌ محطم يائس من الحياة بعد أن فقد كل أفراد أسرته في حادث سيارة , وحيداً في عالمه ذاك المجنون بعدما أدمــن المخدرات بكل أنواعها .. يتعاطى المسهرات ويدخن الحشيش وكذلك هيروين والكوكائين وأي شيئا يذهب العقل أو يقتله أو يجعله يتنقل بين العوالــم .. يريد نسيان الأحزان والضيم والفراق يخرج من عالمً ويدخل آخر أكثر جمالً منه بنظره , لا يخرج من شقته مطلقا عدى لشراء مواد مخدرة تعينه على ما أبتلي به من هماً وغمــاً تجعل حتى قساة القلوب يتعاطفون معه , كان دائما يغيب عن عالمه تحت تأثير ما يحقنه في عروقه وكأنه يريد بذاك أخراس أنفاسه وأسكات همساته ليلحق هو الآخر بأحباءه الذين تركوه في ليلة ظلمة بعدما غدرت بهم الحياة في سيارة أخرى .
عوالم جديدة يدخلها وأناسً مختلفين يقابلهم ويعاشرهم ويتعرف بهم ويختلط معهم , يحدثهم ويشتكي لـهم عما جرى لأسرته المسكينة .. يزور مجــرات وكواكب وأحياناً يحل ضيفا على النجوم ومن يعيشون عليها , كان يحبهم ويرى عائلته معهم .. يعاتب والدته ووالده وأخته وأخيه .. يسألهم لما ولما ولما ؟ لما تركوه وحيدا ولم يودعهُ أو يأخذونه معهم , وكلما أشتدت به الذكرى كلما زاد من تعاطيه للمخدرات .. يظل أيامً بلا نــوم وعقله يتجرع سموما لا يدري صاحبها عن طريق النهاية المسدود الذي سيصل إليه .
شهور على حالته تلك لم يترأف بحاله أحد حتى هو نفسه , كان يعيش لأجل المخــدر فقط ويعيش في عالمه ويغادر واقعه المؤلم البئيس وحيدا لا أنيس له عدى الشيطان الذي يوسوس له ويتغنى طربً بما يفعله , الا أن تلك المخدرات والنشوة المؤقتة المزيفة دائــما ما تغدر بصاحبها ومن يدفع أموالً طائلة لشراءها , حيث أخذ بسام ينحو منحى آخر غير منحى عائلته التي بكاهم ليلً وصباح وفي لحظات الشفق والغسق بعدما تلاعب به الشيطان وتمكن منه وغرر به , إذ بدأ يدمــن على مشاهدة الأفلام الأباحية حد الشغف وهو في أقصى درجات تخديره العقلي والذهني , نسي أمــر عائلته وباتت في طي النسيان مسجونة في الأطلال وقساوة الذكرى ولم يعد يتذكر منهم عدى أسماءهم التي يقرأها في هاتفه حينما ينوي مشاهدة تلك الأفلام القبيحة .
ألا أنه بدأ يراجع نفسه ويتذكر عائلته فالمخدرات تلاعبت بعقله وجعلته أسيراً لـها .. تارة تذهب به إلى قصور فارهة فوق الكواكب وتارة أخرى تُسكنه في بيوت البغــاء , ومرة تُنسيه عائلته ومـــرة تتلاعب في مشاعره بذكرى وألـــــمً وفراق .. تضحكه مرة وتبكيه مرات لا تحصى .. تجعله يــرى في النور ظلمة .. ومــرة تطفأ عليه كل الأنوار , ولأنه لم يكن يمتلك عقله وتصرفاته سهُلَ أمره للشيطان أن يأخذه إلى أي مكان يريد , ولشدة ما يتعاطاه بدأ يُأنب ضميره على نيسانه لعائلته .. يتحسر ويعتصر ألم بداخله لأنه لم يعد يعيش معهم .. يفكــر ويفكـر كيف يعيد تلك الذكرى .. ذكرى عائلته , وكيف يحفر لهم مكانً في قلبه ليكونوا محـل القلب ويستحيل بعد ذلك نسيانهم .
كان يبكي ويبكــي .. يأخذ ما لديه من مخدرات ويتعاطاها دفعة واحدة كالمجنون الذي فقد عقله ولكنه يظن نفسه بكامل وعيه , وفي لحظات تخديره تلك التي أختلط عليه الحابل بالنابل دخل عالــــمً غريب يراه لأول مــرة .. عالــمً ليس كما أعتاده من قبل , جلس أرضاً وأستند على الجدار مطأطأ رأسه للأسفل .. مُمدِدً يديه فوق ركبتيه .. مرهقاً تعب .. خجل من كل شيء .. من تعاطيه للمخدرات .. من أفلامه القذرة .. من كل ما في حياته .. يتذكر عائلته التي قضت غدرا في ليلة يخفيها نور القمر .. يسترجع ماضيه وذكرياته الحزينة .. يفكر فيمن خسرهم .. يفكر في سقوطه مستسلما للشيطان رافع بيده الراية البيضاء , بحسرة وخيبة كان يفكر في نظراته لنفسه ونظرات والدته إليه .. نظراتهم له وهو في حالة ضعف وأنكسار وذل .. ذرفت عيناه دموعا عناوينها كثر .. جراح الطفولة والذكريات .. جراح اليُتم .. ألم الضيم .. صراخ القهر .. الأوجـــاع والآهات , شريط حياته يمر أمام عينيه بشتى صوره الملونة والغير ملونة .. أحلامه ووعوده التي أطلقها على نفسه بألا ينسى احباءه الذين عاشوا معه ذات سنين .. حلمه أن يظل يعيش ذكراهم وألا يجعل أحدا في هذا العالم يُنسيه ضحكاتهم وأبتساماتهم ومزحاتهم وكل جميلٌ صنعوه في لحظة ما معه .. ألا أنها أحلام تحقق بعضها والبعض الآخر سيراه في منامه الذي لم يتذوقه ألا تحت تأثير المخدر .
لحظات في أنغماسته تلك وكأنه يستمع لسمفوانيات بيتهوفن الخالدة حتى أخذته غفوة لثوانً أستفاق بعدها وإذ به يشاهد العجب وكل العجب , إذ وجد نفسه في غرفـــة بيضاء غريبة حيث هندستها وآثاثها وألوانها بدت تختلف عن كل الغرف التي دخلها في خياله من قبل .. فـ سقوفها لا تَرى وجدرانُها لا تَسمع وأرضيتُها ملساءَ كأنها خُصصت للملوك والأمراء وعوائل الطبقات المخملية , كان يعيش في دوامة ما أنفك يخرج منها , يتسأل ويسأل نفسه اسئلة :
- هل ما أراه واقعً ؟
- أم أنه عالم المخــدر ؟
- هل هذه شقتي ؟
- أم أن الأقدار رمت بي هنا , في عالـــمً لا أعــــرفه ؟
ألغازٌ كثيرة تدور في خلده وتحوم فوق رأسه وتحت قدميه .. مشكلة يخرج منها ويدخل غيرها أكثر تعقيدا .. حيرته كيف يجلس في هذه الغرفة التي تبدو واقـــعً لا شيئاً من خياله , أخذ يوسوس في نفسه بدل الشيطان .. أفكار كثيرة شغلته .. مصائب تكالبت عليه كأنها متعمدة , يداور نظراته في مكانه , يلامس الجدران الهشة ويحس بها حقيقة وهو يجلس فيها بالفعل , يرجــع مرة أخرى يحاكي ذاته :
- ويحي !
- ما هذه الغرفة ؟
- كيف جئت إلى هنا ؟
- لا أتذكر بأنني غادرت الشقة ؟
- غريب بالفعل !
- ما الحكاية ؟
- وما هذا النوع الذي تعاطيته يبدو قويا للغاية ؟
أسئلة التي لم يجد لها حلً ولا يعرف أين يبحث عن الأجوبة .. كان مخدرا تمامـــا وفاقدا عقله والغموض يلف الأحداث كلها , عند ذاك قاطعه رجلٌ غريب دخل عليه الغرفة يسير في هدوء شديد وبخطوات لا يسمعها حتى دبيب النمل , لم يتكلم أو يقل شيئا بل ظل على حالة صمته ليزيد من الأمـــر غرابة , نظر إليه بسام يمعن جيدا في ملامحـــه يمينا شمالً , يهمس حيرة في نفسه :
- اللعنة !
- من هـــذا ؟
- لا أتذكر بأنني رأيته من قبل ؟
- هل هو واقع أم مجــرد وهــم ؟
- هل هو تأثير المخدر أم تأثير الذكــرى ؟
ظل الرجل على وتيرة هدوءه ينظر إليه دون أن يتكلم , بينما بسام الذي شغلته الأفكار وتلاعبت به , سأله مستفسرا :
- من أنت يا هذا ؟
وكأن الرجل لم يسمع سؤاله , أستمر في صمته المدقع ولم يحرك ساكنً .. متوقفا يضع يديه في جيوبه , مما أثار دهشة بسام الذي راح يكيل علية بالأسئلة :
- ما بك ؟
- لما لا تتكلم ؟
- ومن أنت ؟
- وما هذا المكان ؟
- هيا , قل لي ؟
- وكيف جئت إلى هنا ؟
- هل تستطيع أن تخبرني ما الذي يحدث ؟
وبعد حالة الصمت المريبة تلك قال الرجل بنبرة هادئة تخالط الهواء لمن يسمعها :
- ما تـــــراه حقيقة ليس بخيال !
توقف بسام في مكانه , بانت على ملامحه الغرابة بكل أسبابها ما جعله يسكت لبرهة من الوقت , سأله مستفسرا بعدها :
- ويحي !
- ماذا تقول أنت ؟
- هل هذه مزحة لعينة أم ماذا ؟
- أمرك غريب يا رجل ؟
- أنني أعيش الوهم كل يوم , أنني تحت تأثير المخدر وأعرف ذلك , وأعلم جيدا ما الذي يجري ؟
لم يــرد له الرجل جوابا , بل كان هادئـــا جدا يجاري ما يقوله بسام الذي رجع يسأله :
- من أنت يا هذا ؟
وببروده الشديد قال الرجل ما لم يتوقعه بسام حتى في قمة خياله :
- أنا طبيبٌ نفسي !
- وأعمل في هذا المصح العقلي المخصص للأمراض المستعصية !
بسرعة قاطعة بسام بأنفاس متواترة متعبة خائفة , يسأله :
- سحقا لذلك !
- عما تتكلم يا رجل ؟
- طبيب نفسي .. ومستشفى أيضا ؟
- ما هذا الذي تقوله ؟
- إذا ماذا أفعل هنا ؟
أجابه الطبيب بالصدمة :
- أنك مريضٌ تتلقى العلاج لدينا , وأنا المسؤول عن حالتك !
أنهار بسام وخارت قواه كلها , جلس على الأرض مشتت الذهن فزع مرعوب مما سمع , قال مختنقا في عبرته :
- ماذا تقول يا هذا ؟
- أخبرني أنها مزحة ؟
- أنني سليم وحالتي الذهنية جيدة , فقط أعاني من أعراض المخدر ؟
- أتراني أعاني من شيء ؟
- لا أعانــي من شيء ؟
- هيا ما بك , قل لي بأنها مزحة ؟
الطبيب :
- أنها حقيقة وليست مـــزحة !
بسام الذي ضاع في كل الطرق , وضاع عقله تحت تأثير ما تعاطاه , وضاع في متاهة الحياة والمستشفى , قال :
- أرجوك .. أخبرني عكس ذلك ؟
ألا أن الطبيب لم يجاوبه , قال بسام متلعثمً يشعر بأن أحدهم غدر به ورماه وسط هذا المكان المجهول :
- أرجوك يا رجل , أرجوك .. أخبرني بأن هذا غير صحيح ؟
- لقد كنت في شقتي قبل قليل ! وأنت تخبرني بأنك مشرف على حالتي ؟
- ويحي , ومنذ متى كنت هنـــــا ؟
- ومن هذا اللعين الذي أحضرني ؟
الطبيب الذي شخص حالته وأشرف عليها ويعرفه جيدا , أجابه بهدوء :
- قبل يومً واحد أحضرتك الشرطة إلى هنا , بعدمــا شاهدك البعض في المقبرة تبكي عائلتك وتتصرف بطريقة هستيرية وتحاول نبش قبورهم وأخراجهم منها !
بسام الذي كانت دموعه تتساقط منه كما تتساقط حبات المطر من الوردة , قال غاضبً :
- ماذا ؟
- أنك كاذب ؟
- أنك شخص كاذب !
الطبيب :
- بلى أنها الحقيقة التي لا تراها !
بسام صــــرخ :
- تباً للحقيقة !
- أنني أشتم رائحة خدعة !
الطبيب :
- أنها ليست خدعة .. أما آن لك أن تصحى .. هذه ليست كذبة , أحضروك إلى هنا قبل يوم لأنك فقدت عقلك في المقبرة .. كنت تبكي .. كنت تتكلم وحدك مع من في القبور .. كنت تتصرف بجنون .. تتصرف بغرابة وهوس .. تنظر إلى السماء وتصرخ بكلمات لا يفهمها أحد .. تنظر للأعلى وكأن أشباحً تُسيرُك .. كنت تتعاطى "الفينيثايلين" والمسهرات وكل أنواع المخدرات طوال الوقت .. أنك مدمن حد الهوس , ونتيجة لتعاطيك المخدرات وسهرك أيامً طويلة فقدت عقلك تمــــاما .
بسام ظل غير مصدقً ما يسمع , قال بنبرة خشنة من بكاءه :
- كذب !
- ما تقوله كذب !
- وماذا عن عالمي الذي كنت أعيشه ؟
- وماذا عن ذكــــرى عائلتي ؟
- وماذا عن كل هذه الأشياء ؟
الطبيب :
- لا وجود لشيء , لا وجود لعالمً ولا وجود لا أحد , حتى ذكرى عائلتك لا وجود لها .. لا وجود لشيء .. لكنها أثار المخدرات "الهلوسة - والهذيان - وأوهام بصرية - وجنون - وتشتت ذهني - وتلف لخلايا المخ - شعورك بالأضطهاد والظلم – وجنون العظمة - والفصام - وهلوسات سمعية وبصرية" .
غضب بسام بشدة , يبكي يصرخ مشاعر مختلطة , مصدقا مكذبا .. يصفع نفسه ويعض يديه عله يقتنع بما يسمع .. هل هي حقيقة أم خيال ؟ كابوسٌ أم طيف ؟ وهمٌ أم واقع ؟ كلم الطبيب أراد يقنعه :
- صدقني أيها الطبيب .. صدقني , لا أعاني من شيء !
- أنني سليم لا أشكو من علة , لست بمجنونً ولم أفقد عقلي , أخرجني من هنا وسأريك ما كنت أعيشه , أخرجني من هنا وسأجعلك ترى العالم كما أراه ؟
الطبيب الذي يحمل أعلى الشهادات وأستقدموه خصيصا لمتابعة ودراسة حالته , فـ أجابه علميا :
- أنت بالفعل تعيش في هذا العالم وتراه وتتحدث مع من فيه , لكنه مجرد وهم وخيال أنت وحدك من تراه وتسمعه .. وتعاطيك للمخدرات بهذه الكميات الكبيرة وسهرك لفترات طويلة قضى على كل جميل فيك .. قضى على ما تبقى من عقلك بالكامل .. حتى الذكرى مُحيت منه .. المخدرات جعلتك ترى الأوهام حقيقة وتعيش الخيال واقع وترى الظلمة نور .. لم تعد تعيش عالمنا ولم تعد تعيش معنا .. لقد أنفصلت عن هذا العالم وهربت منه .. هربت إلى عالم آخر .. عالم لا يعرفه سواك .. عالم لا أحد فيه عداك أنت .. أنت وخيالك .. لم يعد هناك ما هو حقيقي بالنسبة إليك .. كل شيئا مجـــــرد وهم وطيف .
صرخ بسام :
- أنأ لست بمجنون !
- لم أفقد عقلي !
- ماذا بك أيها اللعين !
- لما لا تأتي معي لترى بعينك الأشياء على حقيقتها ؟
الطبيب كان متفهمً لحالته , قال له مودعا :
- سأتركك الآن , وسأعود بعد أيام عدة .. لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا .
هم الطبيب مغادرا ألا أن بسام ذهب إليه وأمسكه يتوسل إليه أن يخرجه .. يحاول أقناعه بأنه لم يفقد عقله بعد , دخلوا حراس المصح وأبعدوه عن الطبيب حتى خرج وتبعه الحراس بعد ذلك على صيحات بسام التي تدوي في كل أرجاء المكان :
- أرجوكم ..
- أرجوكم , أخرجوني من هنا !
- أرجوكم !
- أرجوكم , لست بمجنون .
- أخرجوني من هذا المكان اللعين .
- لم أفقد عقلي , أنني سليم .
- ما بكم أيها الأوغاد ؟
- هيا أخرجوني من هنا .. هيا !
ظل يصــرخ ويصرخ الا أن صوته لم يسمعه أحد عدى من يعيشون في عالمه .. وهم أيضا تركوه .. فـ لم يعد هناك رفاقٌ يشتكي لهم ويزورهم في عالمهم .. وليس هناك عالـــمً يختاره بمزاجه ويذهب إليه ويختار أناس كما يريدهم أن يكونوا .. وليس هناك فــراق وألمٌ يُبكيه .. ولم يعد يعيش ذكرى عائلته .. وليس هناك تجارٌ للمخدرات يبيعونه الجنون الذي يعرفه , أقفلت بوابة الغرفة وهو بداخلها ..... سجينً في عالم خياله .
قلم مضطرب ,
- قد أتوقف عن الكتابة في المنتديات نهائيــاً , أتمنى أنني كنت عند حسن الظن