- إنضم
- 23 أكتوبر 2016
- المشاركات
- 1,505
- نقاط التفاعل
- 1,028
- النقاط
- 71
- محل الإقامة
- الجزائر العاصمة
- الجنس
- أنثى
بسم الله الرحمن الرحيم
الله عز وجل قهر الإنسان على العمل و الجماعة و التنافس :
أيها الأخوة الكرام، لحكمة أرادها الله قهرنا على العمل؛ بسبب أنه خلق فينا دافع الجوع، لولا الجوع لما رأيت شيئاً على سطح الأرض، فالجوع أكبر باعث للحركة، الإنسان يبحث عن عمل ليأكل، وقد وصف الله الأنبياء والمرسلين بأنهم كانوا يأكلون الطعام، أي هم مفتقرون في وجودهم إلى تناول الطعام، ويمشون في الأسواق، و مفتقرون إلى تأمين ثمن الطعام، أن يمشوا في الأسواق ويبيعوا ويشتروا، فالإنسان مقهور أن يعمل، ومقهور أن يكون في جماعة.
القهر الثاني أن الإنسان يمكنه الله من إتقان عمل واحد، وهو يحتاج إلى مليون عمل، أنت حينما تستيقظ، حينما تأكل رغيف الخبز؛ هل تدري كم إنسان ساهم في صنعه؟ الفلاح الذي حرث الأرض، ثم سمدها، ثم زرعها، ثم سقاها، ثم كافح أوبئتها، ثم حصدها، ثم أخذت هذه الحبوب إلى الصوامع، ثم طحنت، ثم خبزت، والفرن كم جهاز وكم عامل إلى أن تأكل هذا الرغيف، كأس الماء الذي تشربه؛ كم إنسان ساهم فيه؟ القميص الذي تلبسه كم إنسان ساهم في صنعه؟ الإنسان الذي علم ابنك كم سنة درس؟ والذي عالجك كم سنة درس؟ طبيب. والذي عالج أسنانك كم سنة درس؟ والقاضي الذي يحكم في خصوماتك كم سنة حصل علماً؟ أي أنت بحاجة إلى مليون حاجة، سمح لك أن تتقن حاجة واحدة وحاجك إلى مليون حاجة، فالله عز وجل قهرك بالجوع على العمل، وقهرك بتنوع حاجاتك على أن تكون في جماعة.
الآن؛ وقهرك على التفوق بخصيصة - سمها ما شئت - أحد أسمائها الغيرة، أنت آكل، شارب، نائم، مرتد، متدفئ، ما عندك أية مشكلة، تحب أن تكون أول الناس، لا تحتمل أن يكون أحد أفضل منك، تنافسه، تنازعه من أجل أن تكون مكانه، هذه صفة في الإنسان لنسمها صفة التنافس.
التنافس :
التنافس: صفة حيادية توظف في الخير، وتوظف في الشر، فإن وظفتها في الدنيا في الشر كان الحسد، والبغضاء، والعداوات، وعداوة الكار منها، والعداوات بين الأقرباء، والعداوات بين زوجات الإخوة، والعداوات في القرية الواحدة، و في الأسرة الواحدة؛ قضية تنافس...أما هذه الصفة نفسها لو صبت في شؤون الآخرة لفعلت فعلاً عجيباً، كان التنافس الشريف، ربنا عز وجل يقول:
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
[سورة المطففين:26 ]
بعد أن أكلت وشربت وأمنت كل حاجاتك؛ وأنت مستقر...؛ عندك حاجة؛ سماها علماء النفس تأكيد الذات، سماها العوام الغيرة، سماها القرآن التنافس، تحب أن تكون في الطليعة، أن تكون في المرتبة الأولى، أن تملك الأكثر والأكمل، تحب أن تعيش مليون سنة، هكذا ربنا عز وجل وصف بني إسرائيل:
﴿ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ﴾
[ سورة البقرة:96]
تحب البيت الأكبر، والمرتبة الأجمل، والدخل الأكبر، والزوجة الأجمل، هكذا طبيعة النفس؛ فالغيرة بالتعبير العامي، وتأكيد الذات بالتعبير النفسي، والتنافس بالتعبير القرآني، هذه إحدى خصائص النفس البشرية، هذه الخصيصة أولاً: حيادية كالشهوة تماماً؛ الشهوة الجنسية ترقى بها إلى أعلى عليين، وتهوي بها إلى أسفل سافلين:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾
[سورة القصص:50]
المعنى المخالف؛ من اتبع هواه وفق هدى الله عز وجل لا شيء عليه، وفق القناة النظيفة التي رسمها حب المال كذلك؛ إذا أنفق المال في طاعة الله كان نعمة وأية نعمة، أما إذا أنفق في معصية الله كان نقمة وأية نقمة.
المسارعة والتنافس والمسابقة تقتضي الجماعة :
الآن هناك سؤال: تصور إنساناً في الأرض ذهب إلى طريق كبير، وعمل سباقاً لوحده؛ قال لك: دخلت في سباق وكنت الأول... من كان معك؟ والله ما معي أحد؛ لوحدي.! معنى ذلك أنه يحتاج إلى مشفى للأمراض العقلية، هل هناك سباق من دون جماعة؟ لا. هل هناك تنافس من دون جماعة؟ لا، هل هناك غيرة من دون جماعة؟ لا؛ الله عز وجل أعطى ثلاثة أوامر؛ قال:
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾
[ سورة آل عمران: 133 ]
سارعوا؛ والمسارعة تقتضي الجماعة، وقال:
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
[سورة المطففين:26 ]
والتنافس يقتضي الجماعة. والله عز وجل قال:
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾
[ سورة آل عمران: 133 ]
والمسارعة تقتضي الجماعة.
المسارعة والتنافس والمسابقة؛ سابقوا وسارعوا وتنافسوا، فثلاث كلمات قرآنية تقتضي الجماعة، الإنسان لو بعد عن الجماعة كيف يفكر؟ يعيش بأوهام مضحكة؛ قال لي أحدهم: الخمر ليس حراماً!...ما هذا الكلام؟! قال لي: لم يقل الله: حرمت عليكم الخمرة؛ قال: فاجتنبوه؛ أي الأولى أن الإنسان لا يشرب، أما هو فليس حراماً. لأنه ما عاش بجماعة، عاش لوحده؛ وهناك إنسان آخر - أول ما خطبت جاءني رجل بالأربعين أو الخمسين - قال لي: زوجتي تخونني. قلت له: أعوذ بالله، مع من؟ قال لي: مع جارنا. قلت له: كيف عرفته؟ قال لي: والله مرة سهر عندنا، فقلت لنفسي هي جالسة لوحدها، مسكينة، قلت لها: تعالي اجلسي معنا هذا مثل أخيك...! لأنه يعيش لوحده.. الإنسان.. الجماعة رحمة، الجماعة تعرف الحق من الباطل، تعرف الخير من الشر، تعرف ما ينبغي وما لا ينبغي؛ سائق تكسي راكب أشارت له امرأة تضع عباءة كويتية - زبون - وقف لها، قال لها: أين يا أختي؟ قالت له: خذني أينما تريد. فهم الرجل؛ قضى حاجته، وظن نفسه أنه كسب، وفوق أنه قضى حاجته أعطته ظرفين الأول فيه خمسة آلاف دولار ، والثاني فيه رسالة؛ فتح الرسالة فوجد مكتوب بها: مرحباً بك في نادي الإيدز. ذهب ليصرف الدولارات، فكانوا مزورين؛ وضعوه في السجن. لو كان يحضر مجلس علم وقالت له: خذني إلى أي مكان تريده؛ لفتح الباب و ركلها بقدمه، الذي يحضر مجلس علم فيه حصن حصين، قال له: يا بني، العلم خير من المال؛ لأن العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق ، فالله عز وجل قال:
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
[سورة المطففين:26 ]
أي كن مع الجماعة وتنافس معهم على الآخرة. قال: وسارعوا؛ أي كن مع الجماعة وسارع إلى جنة عرضها السموات و الأرض، وكن مع الجماعة وسابق إلى جنة عرضها السموات و الأرض، فالجماعة رحمة والفرقة عذاب، وإن الشيطان من الاثنين أبعد، وإنما يأكلُ الذِّئبُ من الغنم القاصية:
((ما من ثلاثةِ في قَرْيَة ولا بَدْو لا تقامُ فيهم الصلاةُ ، إلا قد استحوذَ عليهم الشيطانُ ، فعليكَ بالجماعة ، فإنما يأكلُ الذِّئبُ من الغنم القاصية))
[ أبو داود والنسائي عن أبي الدرداء ]
لا يصلي، و لا يصوم، ويتابع كل الموبقات حتى الفجر؛ لكن أنا أحسن منك، ما الدليل؟ لأني لا أؤذي أحداً أبداً...! يخرج بعقائد مضحكة، بأفكار مذهلة؛ لأنه يعيش وحده، أما الذي حضر دروس علم؛ فيعرف العقائد، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق.
الأحمق من يدخل سباق الدنيا و ينسى سباق الآخرة :
فيا أيها الأخوة الكرام، ذكرت هذا الكلام انطلاقاً من قوله تعالى:
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
[سورة المطففين:26 ]
﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾
[سورة الصافات:61]
و:
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾
[ سورة آل عمران: 133 ]
﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾
[سورة الحديد:20]
الأمر بالسباق يقتضي الجماعة، والأمر بالمسارعة يقتضي الجماعة، والأمر بالتنافس يقتضي الجماعة، ولكن هناك سباقاً للآخرة، وسباقاً في الدنيا؛ ما رأيت مثلاً في سباق الدنيا كهذا المثل، طريق لسباق السيارات، طويل عريض، وفيه ألف سيارة متسابقة؛ من كل الأنواع، ومن كل الشركات، ومن كل الأحجام، ومن كل سنوات الصنع، ومن كل الوظائف؛ لكن هذا الطريق المعد لسباق السيارات ينتهي بجدار؛ فأول سيارة سقطت، والثانية سقطت، والكبيرة سقطت، والصغيرة سقطت، والحديثة سقطت، والقديمة سقطت، والباص سقط، والسباقية سقطت، والسياحية سقطت، والفان سقط، والبيك آب سقط، كله سقط، فهذا سباق الدنيا؛ الغني يموت، والقوي يموت، والضعيف يموت، والصحيح يموت، كله مثل بعضه بالقبر؛ أيوجد قبر خمس نجوم؟ كله مثل بعضه؛ الفقير يموت، والغني يموت؛ سباق الدنيا سباق أحمق ليس له معنى إطلاقاً، سباق الدنيا ينتهي بالموت، الموت ينهي غنى الغني، وفقر الفقير، وقوة القوي، وضعف الضعيف، ووسامة الوسيم، ودمامة الدميم؛ يلغي كل شيء، فأحمق إنسان هو الذي يدخل في سباق الدنيا، وأعقل إنسان الذي يدخل في سباق الآخرة، سباق الآخرة ينتهي إلى جنة عرضها السموات والأرض فربنا عز وجل قال:
﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾
[سورة الصافات:61]
و:
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
[سورة المطففين:26]
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾
[ سورة آل عمران: 133 ]
والحمد لله رب العالمين
الله عز وجل قهر الإنسان على العمل و الجماعة و التنافس :
أيها الأخوة الكرام، لحكمة أرادها الله قهرنا على العمل؛ بسبب أنه خلق فينا دافع الجوع، لولا الجوع لما رأيت شيئاً على سطح الأرض، فالجوع أكبر باعث للحركة، الإنسان يبحث عن عمل ليأكل، وقد وصف الله الأنبياء والمرسلين بأنهم كانوا يأكلون الطعام، أي هم مفتقرون في وجودهم إلى تناول الطعام، ويمشون في الأسواق، و مفتقرون إلى تأمين ثمن الطعام، أن يمشوا في الأسواق ويبيعوا ويشتروا، فالإنسان مقهور أن يعمل، ومقهور أن يكون في جماعة.
القهر الثاني أن الإنسان يمكنه الله من إتقان عمل واحد، وهو يحتاج إلى مليون عمل، أنت حينما تستيقظ، حينما تأكل رغيف الخبز؛ هل تدري كم إنسان ساهم في صنعه؟ الفلاح الذي حرث الأرض، ثم سمدها، ثم زرعها، ثم سقاها، ثم كافح أوبئتها، ثم حصدها، ثم أخذت هذه الحبوب إلى الصوامع، ثم طحنت، ثم خبزت، والفرن كم جهاز وكم عامل إلى أن تأكل هذا الرغيف، كأس الماء الذي تشربه؛ كم إنسان ساهم فيه؟ القميص الذي تلبسه كم إنسان ساهم في صنعه؟ الإنسان الذي علم ابنك كم سنة درس؟ والذي عالجك كم سنة درس؟ طبيب. والذي عالج أسنانك كم سنة درس؟ والقاضي الذي يحكم في خصوماتك كم سنة حصل علماً؟ أي أنت بحاجة إلى مليون حاجة، سمح لك أن تتقن حاجة واحدة وحاجك إلى مليون حاجة، فالله عز وجل قهرك بالجوع على العمل، وقهرك بتنوع حاجاتك على أن تكون في جماعة.
الآن؛ وقهرك على التفوق بخصيصة - سمها ما شئت - أحد أسمائها الغيرة، أنت آكل، شارب، نائم، مرتد، متدفئ، ما عندك أية مشكلة، تحب أن تكون أول الناس، لا تحتمل أن يكون أحد أفضل منك، تنافسه، تنازعه من أجل أن تكون مكانه، هذه صفة في الإنسان لنسمها صفة التنافس.
التنافس :
التنافس: صفة حيادية توظف في الخير، وتوظف في الشر، فإن وظفتها في الدنيا في الشر كان الحسد، والبغضاء، والعداوات، وعداوة الكار منها، والعداوات بين الأقرباء، والعداوات بين زوجات الإخوة، والعداوات في القرية الواحدة، و في الأسرة الواحدة؛ قضية تنافس...أما هذه الصفة نفسها لو صبت في شؤون الآخرة لفعلت فعلاً عجيباً، كان التنافس الشريف، ربنا عز وجل يقول:
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
[سورة المطففين:26 ]
بعد أن أكلت وشربت وأمنت كل حاجاتك؛ وأنت مستقر...؛ عندك حاجة؛ سماها علماء النفس تأكيد الذات، سماها العوام الغيرة، سماها القرآن التنافس، تحب أن تكون في الطليعة، أن تكون في المرتبة الأولى، أن تملك الأكثر والأكمل، تحب أن تعيش مليون سنة، هكذا ربنا عز وجل وصف بني إسرائيل:
﴿ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ﴾
[ سورة البقرة:96]
تحب البيت الأكبر، والمرتبة الأجمل، والدخل الأكبر، والزوجة الأجمل، هكذا طبيعة النفس؛ فالغيرة بالتعبير العامي، وتأكيد الذات بالتعبير النفسي، والتنافس بالتعبير القرآني، هذه إحدى خصائص النفس البشرية، هذه الخصيصة أولاً: حيادية كالشهوة تماماً؛ الشهوة الجنسية ترقى بها إلى أعلى عليين، وتهوي بها إلى أسفل سافلين:
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾
[سورة القصص:50]
المعنى المخالف؛ من اتبع هواه وفق هدى الله عز وجل لا شيء عليه، وفق القناة النظيفة التي رسمها حب المال كذلك؛ إذا أنفق المال في طاعة الله كان نعمة وأية نعمة، أما إذا أنفق في معصية الله كان نقمة وأية نقمة.
المسارعة والتنافس والمسابقة تقتضي الجماعة :
الآن هناك سؤال: تصور إنساناً في الأرض ذهب إلى طريق كبير، وعمل سباقاً لوحده؛ قال لك: دخلت في سباق وكنت الأول... من كان معك؟ والله ما معي أحد؛ لوحدي.! معنى ذلك أنه يحتاج إلى مشفى للأمراض العقلية، هل هناك سباق من دون جماعة؟ لا. هل هناك تنافس من دون جماعة؟ لا، هل هناك غيرة من دون جماعة؟ لا؛ الله عز وجل أعطى ثلاثة أوامر؛ قال:
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾
[ سورة آل عمران: 133 ]
سارعوا؛ والمسارعة تقتضي الجماعة، وقال:
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
[سورة المطففين:26 ]
والتنافس يقتضي الجماعة. والله عز وجل قال:
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾
[ سورة آل عمران: 133 ]
والمسارعة تقتضي الجماعة.
المسارعة والتنافس والمسابقة؛ سابقوا وسارعوا وتنافسوا، فثلاث كلمات قرآنية تقتضي الجماعة، الإنسان لو بعد عن الجماعة كيف يفكر؟ يعيش بأوهام مضحكة؛ قال لي أحدهم: الخمر ليس حراماً!...ما هذا الكلام؟! قال لي: لم يقل الله: حرمت عليكم الخمرة؛ قال: فاجتنبوه؛ أي الأولى أن الإنسان لا يشرب، أما هو فليس حراماً. لأنه ما عاش بجماعة، عاش لوحده؛ وهناك إنسان آخر - أول ما خطبت جاءني رجل بالأربعين أو الخمسين - قال لي: زوجتي تخونني. قلت له: أعوذ بالله، مع من؟ قال لي: مع جارنا. قلت له: كيف عرفته؟ قال لي: والله مرة سهر عندنا، فقلت لنفسي هي جالسة لوحدها، مسكينة، قلت لها: تعالي اجلسي معنا هذا مثل أخيك...! لأنه يعيش لوحده.. الإنسان.. الجماعة رحمة، الجماعة تعرف الحق من الباطل، تعرف الخير من الشر، تعرف ما ينبغي وما لا ينبغي؛ سائق تكسي راكب أشارت له امرأة تضع عباءة كويتية - زبون - وقف لها، قال لها: أين يا أختي؟ قالت له: خذني أينما تريد. فهم الرجل؛ قضى حاجته، وظن نفسه أنه كسب، وفوق أنه قضى حاجته أعطته ظرفين الأول فيه خمسة آلاف دولار ، والثاني فيه رسالة؛ فتح الرسالة فوجد مكتوب بها: مرحباً بك في نادي الإيدز. ذهب ليصرف الدولارات، فكانوا مزورين؛ وضعوه في السجن. لو كان يحضر مجلس علم وقالت له: خذني إلى أي مكان تريده؛ لفتح الباب و ركلها بقدمه، الذي يحضر مجلس علم فيه حصن حصين، قال له: يا بني، العلم خير من المال؛ لأن العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق ، فالله عز وجل قال:
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
[سورة المطففين:26 ]
أي كن مع الجماعة وتنافس معهم على الآخرة. قال: وسارعوا؛ أي كن مع الجماعة وسارع إلى جنة عرضها السموات و الأرض، وكن مع الجماعة وسابق إلى جنة عرضها السموات و الأرض، فالجماعة رحمة والفرقة عذاب، وإن الشيطان من الاثنين أبعد، وإنما يأكلُ الذِّئبُ من الغنم القاصية:
((ما من ثلاثةِ في قَرْيَة ولا بَدْو لا تقامُ فيهم الصلاةُ ، إلا قد استحوذَ عليهم الشيطانُ ، فعليكَ بالجماعة ، فإنما يأكلُ الذِّئبُ من الغنم القاصية))
[ أبو داود والنسائي عن أبي الدرداء ]
لا يصلي، و لا يصوم، ويتابع كل الموبقات حتى الفجر؛ لكن أنا أحسن منك، ما الدليل؟ لأني لا أؤذي أحداً أبداً...! يخرج بعقائد مضحكة، بأفكار مذهلة؛ لأنه يعيش وحده، أما الذي حضر دروس علم؛ فيعرف العقائد، والعبادات، والمعاملات، والأخلاق.
الأحمق من يدخل سباق الدنيا و ينسى سباق الآخرة :
فيا أيها الأخوة الكرام، ذكرت هذا الكلام انطلاقاً من قوله تعالى:
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
[سورة المطففين:26 ]
﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾
[سورة الصافات:61]
و:
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ﴾
[ سورة آل عمران: 133 ]
﴿ سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ﴾
[سورة الحديد:20]
الأمر بالسباق يقتضي الجماعة، والأمر بالمسارعة يقتضي الجماعة، والأمر بالتنافس يقتضي الجماعة، ولكن هناك سباقاً للآخرة، وسباقاً في الدنيا؛ ما رأيت مثلاً في سباق الدنيا كهذا المثل، طريق لسباق السيارات، طويل عريض، وفيه ألف سيارة متسابقة؛ من كل الأنواع، ومن كل الشركات، ومن كل الأحجام، ومن كل سنوات الصنع، ومن كل الوظائف؛ لكن هذا الطريق المعد لسباق السيارات ينتهي بجدار؛ فأول سيارة سقطت، والثانية سقطت، والكبيرة سقطت، والصغيرة سقطت، والحديثة سقطت، والقديمة سقطت، والباص سقط، والسباقية سقطت، والسياحية سقطت، والفان سقط، والبيك آب سقط، كله سقط، فهذا سباق الدنيا؛ الغني يموت، والقوي يموت، والضعيف يموت، والصحيح يموت، كله مثل بعضه بالقبر؛ أيوجد قبر خمس نجوم؟ كله مثل بعضه؛ الفقير يموت، والغني يموت؛ سباق الدنيا سباق أحمق ليس له معنى إطلاقاً، سباق الدنيا ينتهي بالموت، الموت ينهي غنى الغني، وفقر الفقير، وقوة القوي، وضعف الضعيف، ووسامة الوسيم، ودمامة الدميم؛ يلغي كل شيء، فأحمق إنسان هو الذي يدخل في سباق الدنيا، وأعقل إنسان الذي يدخل في سباق الآخرة، سباق الآخرة ينتهي إلى جنة عرضها السموات والأرض فربنا عز وجل قال:
﴿ لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾
[سورة الصافات:61]
و:
﴿ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾
[سورة المطففين:26]
﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ﴾
[ سورة آل عمران: 133 ]
والحمد لله رب العالمين