- محمد بوسنة
إنَّ المسلم بحاجة إلى الاستغفار، فهو لا يستغني عنه أبدًا لا ليلاً ولا نهارًا، قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: «فإنَّ العباد لا يزالون مقصِّرين، محتاجين إلى عفو الله ومغفرته، فلن يدخل الجنَّة أحدٌ بعمله، وما من أحد إلاَّ وله ذنوب يحتاج فيها إلى مغفرة...»(1).
فإذا عرف العبد أنَّه مقصِّر مهما بلغ إيمانه، مضطر إلى عفو ربه ومغفرته، فليعلم أن الاستغفار عبادة لا يستغني عنها أبدًا، وأنه أول درجات السير إلى الله تعالى، فهو بحاجة إليه في بدايته إلى نهايته ومماته، فالاستغفار واجب على الدوام، إما من معصية أو من الهمِّ بها، أو ترك واجب وتهاون به، أو من وسواس الشيطان، أو تقصير أو جهل، ولو خلا من ذلك لم يخل من الغَيْن(2)، كما في قوله ﷺ: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي»(3)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «من ظن أنه قام بما يجب عليه وأنه لا يحتاج إلى مغفرة الرب تعالى وعفوه فهو ضال، كما ثبت في «الصحيح» عن النبي ﷺ أنه قال: «لن يدخلَ الجنَّةَ أحدٌ بعمله»، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: «وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ».
?معنى الاستغفار وحقيقته:
والاستغفار معناه طلب المغفرة من الله بمحو الذنوب وستر العيوب، فهو مأخوذ من الغَفْر وهو الستر والتغطية، ولابد أن يصحبه إقلاع عن الذنوب والمعاصي، وأما الذي يقول: أستغفر الله بلسانه، وهو مقيم على المعاصي بأفعاله فهو كذاب لا ينفعه الاستغفار، قال الفضيل بن عياض رحمه الله: «استغفارك بلا إقلاع توبة الكذابين»، وقال آخر: «استغفارنا ذنب يحتاج إلى استغفار»، أي: أن من استغفر ولم يترك المعصية فاستغفاره ذنب يحتاج إلى استغفار، فانظر ـ يا عبد الله! ـ في حقيقة استغفارك لئلا تكون من الكذابين المستغفرين بألسنتهم المقيمين على معاصيهم.
* أهميَّة الاستغفار:
للاستغفار أهمية كبيرة ومكانة عظيمة عند الله ـ سبحانه ـ لذا ذكره في مواضع كثيرة من كتابه، فقد وصف نفسه العلية بالغفار وبالعفوِّ وبالغفور، وبأنه أهل التقوى والمغفرة، فقال عز وجل: ﴿إِنَّ الله كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾[النساء:23]، وقال تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾[نوح:10]، وقال: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾[طه:82]، وقال سبحانه: ﴿فَإِنَّ الله كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا﴾[النساء:149]، وقال جل وعلا: ﴿هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَة﴾[المدَّثر:56]، وأمر الله ـ سبحانه ـ نبيه محمَّدًا ﷺ بالاستغفار، فقال: ﴿وَاسْتَغْفِرِ الله إِنَّ الله كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾[النساء:106]، وأمر المؤمنين بالاستغفار فقال عز وجل: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا الله إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيم﴾[المزَّمل:20]، وامتدح المستغفرين فقال جلَّ وعلا: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّار* الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَار﴾[آل عمران:16-17]، وقص الله علينا عن أنبيائه أنهم كانوا ملازمين للاستغفار، ويدعون أقوامهم إليه ويحضُّونهم عليه، فَذَكَر عن الأبوين عليه السلام أنهما لما خالفا أمر الله عز وجل وأَزَلَّهُمَا الشيطان وأوقعهما فيما نهاهما الله عنه: ﴿قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين﴾[الأعراف:23]، وقال تعالى عن نوح عليه السلام: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا﴾[نوح:28]، وحث قومه على الاستغفار فقال: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا﴾[نوح:10]، وهود عليه السلام يقول لقومه: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ ...﴾[هود:52]، وإبراهيم الخليل عليه السلام يقول: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّين﴾[الشعراء:82]، وموسى عليه السلام يقول: ﴿قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم﴾[القصص:16]، وداود عليه السلام يقول الله في شأنه: ﴿وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَاب﴾[ص:24].
وقد كان نبيُّنا ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ كثير الاستغفار، يعدُّ له أصحابه في المجلس الواحد مائة مرَّة: «رَبِّ اغْفِرْلِي وَتُبْ عَلَيَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ» وفي رواية: «إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الغَفُورُ»(4).
وها هو أفضل الأمة وخيرها بعد نبينا محمد ﷺ أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه وأرضاه ـ يسأل رسول الله ﷺ فيقول: يا رسول الله! علمني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: «قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا وَلاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ وَارْحَمْنِي إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ»(5).
* أقوال مأثورة في الاستغفار:
روي عن لقمان أنَّه أوصى ابنه فقال: «عَوِّد لسانك: اللهم اغفر لي، فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلا».
وقالت عائشة رضي الله عنها: «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا»(6).
وقال قتادة بن دعامة السدوسي رحمه الله: «إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فأما داؤكم فالذنوب، وأما دواؤكم فالاستغفار».
وقال الحسن رحمه الله: «أكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقاتكم وفي أسواقكم وفي مجالسكم، فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة».
وقال أعرابي: «من أقام بأرضنا فليكثر من الاستغفار، فإن مع الاستغفار القطار»(7).
وقال بعضهم: «العبد بين ذنب ونعمة لا يصلحهما إلا الحمد والاستغفار».
ومن الآثار التي تُروى: قصة الحسن البصري مع الحمال، فقد استأجر الحسن حمالا، فسمعه يقول: «الحمد لله وأستغفر الله» طول الطريق، فقال له الحسن: ما هذا إنك لا تحسن غير هذا الكلام؟! فقال: إني أحفظ نصف القرآن، ولكني أعلم أن العبد بين أمرين: نعمة نازلة عليه من الله وجب عليه حمده وبين ذنب فيه صاعدا إليه وجب عليه استغفاره، لهذا أقول دائما وأبدا: «الحمد لله وأستغفر الله»، فقال الحسن: حمال أفقه منك يا حسن!».
قال بكر المزني رحمه الله: «إنَّ أعمال بني آدم ترفع، فإذا رفعت صحيفة فيها استغفار رُفعت بيضاء، وإذا رفعت صحيفة ليس فيها استغفار رفعت سوداء، فطوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا»، ومن حرم الاستغفار فذلك علامة الخذلان والاستدراج الذي هو تقريب العبد من العقوبة شيئا فشيئا، فكلما جدد ذنبا جدد له نعمة وأنساه الاستغفار، فيزداد شرا وبطرا، فيندرج في المعاصي بسبب تتابع النعم عليه ظانا أن تواترها تقريب له من الله وإنما هو خذلان، قال ﷺ: «إِذَا رَأَيْتَ اللهَ تَعَالَى يُعْطِي العَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا مَا يُحِبُّ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَى مَعَاصِيهِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ اسْتِدْرَاجٌ»(8).
* شروط قبول الاستغفار:
إنَّ الاستغفار لا يقبل إلا إذا توافر فيه شرطان:
1 ـ صحة النية.
2 ـ التوجه بندم وعزم إلى الله تعالى مع الأدب معه.
ولا بد في الاستغفار ـ أيضا ـ من إقلاع صادق عن الذنب والمعصية، قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ الله فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ الله وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُون﴾[آل عمران:135]، ففي هذه الآية أربع دلالات على أن المعصية كانت طارئة:
الدلالة الأولى: في قوله تعالى: ﴿إِذَا فَعَلُواْ﴾ في غفلة عن ذكر الله بدليل قوله بعد: ﴿ذَكَرُواْ الله﴾.
الدلالة الثانية: بعد ذكر الله سارعوا بالاستغفار والتوبة بدليل «الفاء» في قوله: ﴿فَاسْتَغْفَرُواْ﴾.
الدلالة الثالثة: في قوله تعالى: ﴿وَلَمْ يُصِرُّواْ﴾ أي أقلعوا عنها ولم يداوموا عليها.
الدلالة الرابعة: أنهم علموا أنها معصية بدليل قوله: ﴿وَهُمْ يَعْلَمُون﴾، فالعبد إذا علم قبح ذنبه فندم واستغفر، غفر الله له مهما كان ذنبه عظيما فعفو الله أعظم ورحمته أوسع، قال جل وعلا: ﴿وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ الله يَجِدِ الله غَفُورًا رَّحِيمًا﴾[النساء:110]، وأخرج الترمذي (3540) عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «قَالَ اللهُ تبارك وتعالى: يا ابنَ آدمَ! إنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ! لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي، يَا ابْنَ آدَمَ! إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بقُرَابهَا مَغْفِرَةً»، ومعنى قوله: «لا أبالي»: أي لا يتعاظمني كثرتها لو كثرت.
* فوائد الاستغفار:
ولتعلم ـ يا عبد الله! ـ أن للاستغفار فوائد عظيمة وثمرات طيبة علها أن تكون حافزا لك لكي تكثر من الاستغفار، فمن تلك الفوائد والثمرات:
1 ـ الاستغفار أمان من عذاب الله: قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: «قد كان فيكم أمانات» وذكر قوله سبحانه ﴿وَمَا كَانَ الله لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ الله مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُون﴾[الأنفال:33]، وقال: «أمَّا النبي ﷺ فقد مضى، وأمَّا الاستغفار فهو كائن إلى يوم القيامة».
2 ـ الاستغفار سبب لنزول الغيث والإمداد بالأموال والبنين وإنبات الشجر وتوفر الماء: قال الله تعالى عن نوح عليه السلام أنه رغب قومه في الاستغفار فقال: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا﴾[نوح:10-12]، وقال ـ جلَّ وعلا ـ عن هود عليه السلام أنَّه قال لقومه: ﴿وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ ...﴾[هود:52].
3 ـ الاستغفار تستنزل به الرحمة: قال تعالى عن صالح أنه قال لقومه: ﴿لَوْلاَ تَسْتَغْفِرُونَ الله لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون﴾[النمل:46].
4 ـ الاستغفار سبب لتيسير العلم: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إنه ليقف خاطري في المسألة أو الشيء أو الحالة التي تشكل عليَّ، فأستغفر الله تعالى ألف مرة أو أقل أو أكثر حتى ينشرح الصدر وينحل إشكال ما أشكل...».
5 ـ الاستغفار سبب لمغفرة الذنوب وتكفير السيئات: كما جاء في الحديث القدسي «...فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ»(9).
* أوقات الاستغفار:
والاستغفار مشروع في كل وقت، لكن هناك أوقات وأحوال مخصوصة يكون للاستغفار مزية ومزيد فضل، فيستحب الاستغفار:
ـ بعد الفراغ من أداء العبادات ليكون كفارة لما يقع فيها من خلل أو تقصير، فشرع بعد الفراغ من الصلوات الخمس، فقد كان النبي ﷺ إذا سلم من الصلاة المفروضة يستغفر ثلاثا؛ لأن العبد عرضة لأن يقع منه نقص في صلاته بسبب غفلة أو سهو.
ـ شرع الاستغفار في ختام صلاة الليل، قال الله تعالى عن المتقين: ﴿كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُون * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون﴾[الذاريات:17-18]، وقال تعالى: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَار﴾[آل عمران:17].
ـ شرع الاستغفار بعد الإفاضة من عرفات، قال جل وعلا: ﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ الله إِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيم﴾[البقرة:199].
ـ وشرع الاستغفار في ختام المجالس حيث أمر النبي ﷺ عندما يقوم العبد من المجلس أن يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك»(10).
ـ وشرع الاستغفار في ختام العمر، وفي حالة الكبر فقد قال الله تعالى لنبيه ﷺ عند اقتراب أجله: ﴿إِذَا جَاء نَصْرُ الله وَالْفَتْح * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ الله أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا﴾[النصر:1-3].
* ألفاظ الاستغفار:
وقد وردت عن النبي ﷺ ألفاظ للاستغفار ينبغي للمسلم أن يقولها، منها:
قوله ﷺ: «رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم»(11)، وقوله: «أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه»(12)، وقال ﷺ: «سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، من قالها من النهار موقنا بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح فهو من أهل الجنة»(13).
* الخاتمة:
فينبغي أن نلازم الاستغفار، وأن نكثر منه لنحوز تلك الفضائل وننال تلك الثمرات، وعلى المسلم أن يشرك إخوانه المسلمين في استغفاره عملا بقوله تعالى لنبيه ﷺ: ﴿وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾[محمد:19].
وأولى المؤمنين بالاستغفار لهم الوالدان، فقد أخبر النبي ﷺ أن الاستغفار للوالدين ينفعهما فقال: «إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الجَنَّةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ أَنَّى لِي هَذَا؟ فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ»(14).
ربنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات يوم يقوم الحساب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
(1) «مجموع الفتاوى» (1 /217).
(2) «الغَيْنُ»: ما غطى على القلب وألبس.
(3) أخرجه مسلم (2702).
وأراد النبي ﷺ بقوله هذا: ما يغشاه من السَّهو الَّذي لا يخلو منه بشر، فعدَّه النَّبيُّ ﷺ ذنبًا وتقصيرًا فيفزع إلى الاستغفار.
(4) انظر: «السلسلة الصحيحة» (556).
(5) أخرجه البخاري (6362) ومسلم (2705).
(6) أخرجه أبو نعيم في «الحلية» وصححه الألباني مرفوعا في «صحيح الجامع» (3930).
(7) «القِطار»: هو السحاب العظيم القطر، يعني العظيم المطر.
(8) صححه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (413).
(9) مسلم (4 /1994).
(10) رواه الترمذي (3433) عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال الشيخ الألباني: صحيح.
(11) رواه أبو داود (1516)، وابن ماجه (3814)، وقال الشيخ الألباني: «صحيح».
(12) أخرجه أبو داود (1517) بلفظ: «من قال: أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان قد فر من الزحف»، قال الألباني: «صحيح».
(13) رواه البخاري (6306) في كتاب الدعوات، وبوَّب له بقوله: «أفضل الاستغفار».
(14) أخرجه أحمد (10618) وابن ماجه (3660)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وإسناده حسن.
* منقول من مجلة الإصلاح «العدد 11»
المصدر...موقع راية الاصلاح