ينتسب الأشاعرة في الاعتقاد إلى أبي الحسن الأشعري ، وواقع الحال يكذب هذه النسبة ويبين الفرق بين أبي الحسن الأشعري والأشاعرة ، وقبل أن أشرع في ذكر بعض الفروق العقدية بين أبي الحسن الأشعري والأشاعرة إليك شيئاً من كلام أبي الحسن الأشعري به يتبين حقيقة اعتقاده :
قال - رحمه الله - في كتابه مقالات الإسلاميين (1/345)
مبيناً عقيدة أهل السنة والجماعة أهل الحديث بياناً مجملاً مع التصريح بأنه يعتقده ويدين الله به : هذه حكاية جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة :
جملة ما عليه أهل الحديث والسنة :
الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله لا يردون من ذلك شيئا وأن الله سبحانه إله واحد فرد صمد لا اله غيره لم يتخذ صاحبة ولا ولداً وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق وأن النار حق وان الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور .
وأن الله سبحانه على عرشه كما قال ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) وأن له يدين بلا كيف كما قال ( خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) وكما قال ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ) وأن له عينين بلا كيف كما قال ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) وأن له وجها كما قال ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ) - ثم قال - ويقرون بأن الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص - ثم قال -
أن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر؟ كما جاء في الحديث عن رسول الله ويصدقون بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذون بالكتاب والسنة كما قال الله عز وجل ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) ويرون اتباع من سلف من أئمة الدين وأن لا يبتدعوا في دينهم ما لم يأذن به الله - ثم قال - وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول واليه نذهب وما توفيقنا إلا بالله وهو حسبنا ونعم الوكيل وبه نستعين وعليه نتوكل واليه المصير ا.هـ
وقال في رسالته لأهل الثغر ص210:
وأجمعوا على إثبات حياة الله عز وجل لم يزل بها حيا وعلما لم يزل به عالما وقدرة لم يزل بها قادرا وكلاما لم يزل به متكلما وإرادة لم يزل بها مريدا وسمعا وبصرا لم يزل به سميعا بصيرا
وقال : وأجمعوا على أنه عز وجل يسمع ويرى وأن له تعالى يدين مبسوطتين وأن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه من غير أن يكون جوارحا وأن يديه تعالى غير نعمته
وقد دل على ذلك تشريفه لآدم عليه السلام حيث خلقه بيده وتقريعه لإبليس على الاستكبار عن السجود مع ما شرفه به بقوله ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي )
وقال : وأجمعوا على أنه عز وجل يجيء يوم القيامة والملك صفا صفا لعرض الأمم وحسابها وعقابها وثوابها فيغفر لمن يشاء من المذنبين ويعذب منهم من يشاء
وقال: وأنه تعالى فوق سمواته على عرشه دون أرضه وقد دل على ذلك بقوله ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) وقال ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه )وقال ( الرحمن على العرش استوى ) وليس استواؤه على العرش استيلاء كما قال أهل القدر لأنه عز وجل لم يزل مستوليا على كل شيء ا.هـ
وقال في الإبانة ص20 :
قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل وبسنة نبينا محمد وما روي عن السادة
الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول به أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولما خالف قوله مخالفون لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق ودفع به الضلال وأوضح به المنهاج
وقمع به بدع المبتدعين وزيع الزائغين وشك الشاكين فرحمة الله عليه من إمام مقدم وجليل معظم وكبير مفهم- ثم قال- وأن له سبحانه وجها بلا كيف كما قال ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )
وأن له سبحانه يدين بلا كيف كما قال سبحانه ( خلقت بيدي )
وكما قال ( بل يداه مبسوطتان )
وأن له سبحانه عينين بلا كيف كما قال سبحانه ( تجري بأعيننا ) ا.هـ
مما تقدم يتضح الفرق الكبير بين معتقد أبي الحسن الأشعري ومعتقد الأشاعرة الذي سبق ذكر شيء منه ، ومزيداً على ما تقدم فإن الأشاعرة لا يثبتون اليدين لله بل يؤولون اليد بالنعمة .
قال ابن فورك في مشكل الحديث وبيانه ص 188: واعلم أنه ليس ينكر استعمال لفظ اليد على معنى النعمة ، وكذلك استعماله على معنى الملك والقدرة ا.هـ
وهذا التأويل قد أنكره أبو الحسن الأشعري بعينه كما تقدم .
ولا يثبت الأشاعرة المجيء لله حقيقة بل يؤولونه كما قال الرازي في أساس التقديس ص 103: المراد هل ينظرون إلا أن تأتيهم آيات الله ، فجعل مجيء آيات الله مجيئاً له على التفخيم لشأن الآيات ، كما يقال: جاء الملك إذا جاء جيش عظيم من جهته . أو يكون المراد : هل ينظرون إلا أن يأتيهم أمر الله ... أما قوله ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) إما وجاء أمر ربك ، أو جاء قهر ربك .
كما يقال :
جاءنا الملك القاهر إذا جاء عسكره ، أو جاء ظهور معرفة الله تعالى بالضرورة في ذلك اليوم ، فصار ذلك جارياً مجرى مجيئه وظهوره ا.هـ
ولا يثبت الأشاعرة الاستواء بل يؤولونه بالاستيلاء ، قال الرازي كما في أساس التقديس ص 156 والآمدي كما في غاية المرام ص141: إن معنى الاستواء : الاستيلاء والقهر ونفاذ القدر وجريان الأحكام الإلهية ا.هـ وهذا التأويل قد أنكره أيضاً أبو الحسن الأشعري بعينه كما تقدم .
ولا يثبت الأشاعرة الوجه لله بل يتأولونه بالذات ، قال البغدادي في أصول الدين ص 110: والصحيح عندنا أن وجهه ذاته ا.هـ
وتأول الأشاعرة العينين فقال الجويني في الإرشاد ص155: المراد منها البصر . وقال البغدادي في أصول الدين ص109: المراد منها الرؤية والعلم . وقال الرازي في أساس التقديس ص121: المراد منها العناية والحراسة ا.هـ
مما تقدم يتبين لك براءة أبي الحسن الأشعري من كثير من التأويلات التي أصبحت من مسلمات الاعتقاد عند الأشاعرة ، و سلفهم فيها المعتزلة الذين يعلن الأشاعرة في كتبهم تبديعهم وعداءهم ،
قال الإمام ابن تيمية في الفتاوى (12/203):
فمن قال أن الأشعري كان ينفيها وأن له في تأويلها قولين فقد افترى عليه ، ولكن هذا فعل طائفة من متأخري أصحابه كأبي المعالي ونحوه ، فان هؤلاء أدخلوا في مذهبه أشياء من أصول المعتزلة ا.هـ
وقال في مجموع الفتاوى (5/23):
وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس مثل أكثر التأويلات التي ذكرها أبو بكر بن فورك في كتاب التأويلات وذكرها أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتابه الذي سماه ( تأسيس التقديس ) ويوجد كثير منها في كلام خلق كثير غير هؤلاء مثل أبى على الجبائي وعبدالجبار بن أحمد الهمدانى وأبى الحسين البصري وأبى الوفاء بن عقيل وأبى حامد الغزالى وغيرهم هي بعينها تأويلات بشر المريسي التي ذكرها في كتابه وإن كان قد يوجد في كلام بعض هؤلاء رد التأويل وإبطاله أيضا ولهم كلام حسن في أشياء .
فإنما بينت أن عين تأويلاتهم هي عين تأويلات بشر المريسي ويدل على ذلك كتاب الرد الذي صنفه عثمان بن سعيد الدارمي أحد الأئمة المشاهير في زمان البخاري صنف كتابا سماه ( رد عثمان بن سعيد على الكاذب العنيد فيما افترى على الله في التوحيد ) حكى فيه هذه التأويلات بأعيانها عن بشر المريسي بكلام يقتضى أن المريسى أقعد بها وأعلم بالمنقول والمعقول من هؤلاء المتأخرين الذين اتصلت إليهم من جهته وجهة غيره ثم رد ذلك عثمان بن سعيد بكلام إذا طالعه العاقل الذكى علم حقيقة ما كان عليه السلف وتبين له ظهور الحجة لطريقهم وضعف حجة من خالفهم ،ثم إذا رأى الأئمة أئمة الهدى قد أجمعوا على ذم المريسية وأكثرهم كفروهم أو ضللوهم وعلم أن هذا القول الساري في هؤلاء المتأخرين هو مذهب المريسي تبين الهدى لمن يريد الله هدايته ولا حول ولا قوة إلا بالله ا.هـ
فهلا اعتبر بهذا أشاعرة اليوم وتركوا هذه التأويلات الاعتزالية ، ورجعوا إلى ما عليه السلف الصالح متبعين في ذلك أبا الحسن الأشعري الذي أعلن رجوعه إلى مذهب السلف كما تقدم نقله معرضين عن كل من خالف منهج السلف سواء كان أبا الحسن الأشعري أو غيره في تفصيل ما عليه السلف .
رد: الفرق بين الأشاعرة المتأخرين وأبي الحسن الأشعري
موضوع مستقل
معتقد الأشاعرة وأقوال أئمة الدين فيهم
(لخصته من أحد البحوث)
أبو جهاد الجزائري
يعتقد الأشاعرة
1- أن الإيمان هو التصديق فلا يرون عمل الجوارح من الإيمان ولا يرون كفراً يكون بالجوارح .
2- أنهم جبرية في باب القدر فلا يثبتون إلا الإرادة الكونية دون الإرادة الشرعية ، فليس للعبد عندهم قدرة ولا يثبتون إلا الاستطاعة والقدرة المقارنة للعمل دون ما قبله .
3- لا يثبتون لأفعال الله علة ولا حكمة والعياذ بالله .
4- لا يثبتون شيئاً من الصفات الفعلية .
5- الأشاعرة الذين هم من بعد أبي المعالي الجويني أنكروا علو الله على خلقه بذاته .
6- لا يثبتون من صفات المعاني إلا سبعاً أو أكثر وعمدتهم في الإثبات العقل ثم هم في الصفات السبع نفسها لا يثبتونها كما يثبتها أهل السنة .
7- معنى كلمة التوحيد لا إله إلا الله راجع إلى توحيد الربوبية فلا يعرفون توحيد الألوهية كما فسر الباقلاني كلمة التوحيد بمعنى الربوبية .
8- مآل قولهم في كلام الله أن القرآن مخلوق كما أفاده أحد أئمة الأشاعرة المتأخرين الرازي .
9- يتوسعون في الكرامة فيجعلون كرامة الأنبياء ممكنة للأولياء .
10- يقررون رؤية الله إلى غير جهة ومآل قولهم إنكار الرؤية .
11- أن العقل لا يحسن ولا يقبح .
12- أنه لا يصح إسلام أحد بعد التكليف إلا أن يشك ثم أول واجب عليه النظر كما قال أبو المعالي الجويني .
إلى آخر ما عندهم من اعتقادات بدعية .
إذا تبين شيء من معتقد الأشاعرة فالواحدة مما تقدم تكفي في تبديعهم وإخراجهم من أهل السنة والفرقة الناجية إلى عموم الاثنتين والسبعين فرقة المسلمة الضالة لأن ما ذكرت من المؤاخذات العقدية هي مؤاخذات كلية .
العلماء الذين قرروا بأن الأشاعرة مبتدعة من الفرق الهالكة
قد نص غير واحد من أهل العلم على أن الأشاعرة مبتدعة ، ومعنى هذا أنهم ليسوا من أهل السنة ،
وعليه فلا يكونون من الفرقة الناجية الطائفة المنصورة :
1-إمام أهل السنة الإمام أحمد
بدع الكلابية وشدد عليهم وهم كالأشاعرة الأوائل قال الإمام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل (2/6):
(وأما الحارث المحاسبي فكان ينتسب إلى قول ابن كلاب، ولهذا أمر أحمد بهجره، وكان أحمد يحذر عن ابن كلاب وأتباعه) .
وقال في الفتاوى (12/368: (
والإمام أحمد بن حنبل وغيره من أئمة السنة كانوا يحذرون عن هذا الأصل الذي أحدثه ابن كلاب ويحذرون عن أصحابه.وهذا هو سبب تحذير الإمام أحمد عن الحارث المحاسبي ونحوه من الكلابية)
وقال في كتابه الاستقامة (1/105):
والكلابية هم مشايخ الأشعرية فإن أبا الحسن الأشعري إنما اقتدى بطريقة أبي محمد بن كلاب وابن كلاب كان أقرب إلى السلف زمنا وطريقة وقد جمع أبو بكر بن فورك شيخ القشيري كلام ابن كلاب والأشعري وبين اتفاقهما في الأصول ولكن لم يكن كلام أبي عبد الرحمن السلمي قد انتشر بعد فإنه انتشر في أثناء المائة الرابعة لما ظهرت كتب القاضي أبي بكر بن الباقلانى ونحوه ا.هـ
وقال كما في الفتاوى(12/17:
وأما قوله وقوم نحوا إلى أنه-أي القرآن- قديم لا بصوت ولا حرف إلا معنى قائم بذات الله وهم الأشعرية فهذا صحيح ولكن هذا القول أول من قاله فى الإسلام عبد الله بن كلاب فان السلف والأئمة كانوا يثبتون لله تعالى ما يقوم به من الصفات والأفعال المتعلقة بمشيئته وقدرته والجهمية تنكر هذا
وهذا فوافق ابن كلاب السلف على القول بقيام الصفات القديمة وأنكر أن يقوم به شيء يتعلق بمشيئته وقدرته وجاء أبو الحسن الأشعرى بعده وكان تلميذا لأبى على الجبائى المعتزلى ثم إنه رجع عن مقالة المعتزلة وبين تناقضهم في مواضع كثيرة
وبالغ في مخالفتهم في مسائل القدر والإيمان والوعد والوعيد حتى نسبوه بذلك إلى قول المرجئة والجبرية والواقفة وسلك في الصفات طريقة ابن كلاب وهذا القول في القرآن هو قول ابن كلاب في الأصل وهو قول من اتبعه كالأشعرى وغيره ا.هـ
وقال كما في الفتاوى (17/149) :
كالكلابية و من اتبعهم من الأشعرية و غيرهم ا.هـ
وقال الإمام أبو بكر ابن خزيمة كما في سير أعلام النبلاء(14/380) لما قال له أبو علي الثقفي :
(ما الذي أنكرت أيها الأستاذ من مذاهبنا حتى نرجع عنه؟
قال: ميلكم إلى مذهب الكلابية، فقد كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره ا.هـ
قال الإمام ابن تيمية في شرح الأصفهانية (ص107-10):
فإن كثيراً من متأخري أصحاب الأشعري خرجوا عن قوله إلى قول المعتزلة أو الجهمية أو الفلاسفة)
وقال في الدرء (7/97) :
وهذا الكلام في الأصل-أي تقديم العقل على النقل- هو من قول الجهمية المعتزلة وأمثالهم وليس من قول الأشعري وأئمة أصحابه وإنما تلقاه عن المعتزلة متأخرو الأشعرية لما مالوا إلى نوع التجهم بل الفلسفة
وفارقوا قول الأشعري وأئمة أصحابه الذين لم يكونوا يقرون بمخالفة النقل للعقل بل انتصبوا لإقامة أدلة عقلية توافق السمع
ولهذا أثبت الأشعري الصفات الخبرية بالسمع وأثبت بالعقل الصفات العقلية التي تعلم بالعقل والسمع فلم يثبت بالعقل ما جعله معارضاً للسمع بل ما جعله معاضداً له وأثبت بالسمع ما عجز عنه العقل ا.هـ
-2 الإمام أبو نصر السجزي
وصف الأشاعرة بأنهم متكلمون وفرقة محدثة وأنهم أشد ضرراً من المعتزلة فقال:
(فكل مدع للسنة يجب أن يطالب بالنقل الصحيح بما يقوله، فإن أتى بذلك علم صدقه، وقبل قوله، وإن لم يتمكن من نقل ما يقوله عن السلف، عُلم أنه محدث زائغ، وأنه لا يستحق أن يصغا إليه أو يناظر في قوله، وخصومنا المتكلمون معلوم منهم أجمع اجتناب النقل والقول به بل تمحينهم لأهله ظاهر، ونفورهم عنهم بين،
وكتبهم عارية عن إسناد بل يقولون: قال الأشعري، وقال ابن كلاب، وقال القلانسي، وقال الجبائي...
ومعلوم أن القائل بما ثبت من طريق النقل الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يسمى محدثاً بل يسمى سنياً متبعاً، وأن من قال في نفسه قولاً وزعم أنه مقتضى عقله، وأن الحديث المخالف له لا ينبغي أن يلتفت إليه، لكونه من أخبار الآحاد، وهي لا توجب علماً، وعقله موجب للعلم يستحق أن يسمى محدثاً مبتدعاً ، مخالفاً،
ومن كان له أدنى تحصيل أمكنه أن يفرق بيننا وبين مخالفينا بتأمل هذا الفصل في أول وهلة، ويعلم أن أهل السنة نحن دونهم، وأن المبتدعة خصومنا دوننا)
انظر: الرد على من أنكر الحرف والصوت (ص100-101) .
ثم قال ص222- 223 -:
(ثم بلي أهل السنة بعد هؤلاء؛ بقوم يدعون أنهم من أهل الإتباع، وضررهم أكثر من ضرر المعتزلة وغيرهم وهم أبو محمد بن كلاب وأبو العباس القلانسي، وأبو الحسن الأشعري ...وفي وقتنا أبو بكر الباقلاني ببغداد وأبو إسحاق الإسفرائني وأبوبكر بن فورك بخراسان فهؤلاء يردون على المعتزلة بعض أقاويلهم ويردون على أهل الأثر أكثر مما ردوه على المعتزلة
ثم قال : وكلّهم أئمّةُ ضَلالة يدعونَ النّاسَ إلى مخالفةِ السّنةِ وتركِ الحديث »....) وبين - رحمه الله- وجه كونهم أشد من المعتزلة فقال ص177-178: ( لأن المعتزلة قد أظهرت مذهبها ولم تستقف ولم تُمَوِّه.بل قالت: إن الله بذاته في كل مكان وإنه غير مرئي، وإنه لا سمع له ولا بصر ولا علم ولا قدرة ولا قوة ...
فعرف أكثر المسلمين مذهبهم وتجنبوهم وعدوهم أعداء. والكلابية، والأشعرية قد أظهروا الرد على المعتزلة والذب عن السنة وأهلها، وقالوا في القرآن وسائر الصفات ما ذكرنا بعضه ا.هـ .
3- الإمام محمد بن احمد بن خويز منداد المصري المالكي - رحمه الله-
روى عنه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2/96):
أنه قال في كتاب الشهادات في تأويل قول مالك: لا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء قال : أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبداً، ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها
4- ابن قدامة-رحمه الله-
نص على أنهم مبتدعة فقال في كتاب المناظرة في القرآن ص35 :
ولا نعرف في أهل البدع طائفة يكتمون مقالتهم ولا يتجاسرون على إظهارها إلا الزنادقة والأشعرية ا.هـ
وقال في كتاب تحريم النظر في كتب الكلام ص42 :
وقال أحمد بن إسحاق المالكي أهل الأهواء والبدع عند أصحابنا هم أهل الكلام فكل متكلم من أهل الأهواء والبدع أشعرياً كان أو غير أشعري لا تقبل له شهادة ويهجر ويؤدب على بدعته فإن تمادى عليها استتيب منها ا.هـ
5- أبو حامد الإسفرائني
قال ابن تيمية في درء التعارض (2/96) :
قال الشيخ أبو الحسن:
وكان الشيخ أبو حامد الإسفرايني شديد الإنكار على الباقلاني وأصحاب الكلام قال ولم يزل الأئمة الشافعية يأنفون ويستنكفون أن ينسبوا إلى الأشعري ويتبرؤون مما بنى الأشعري مذهبه عليه وينهون أصحابهم وأحبابهم عن الحوم حواليه على ما سمعت عدة من المشايخ والأئمة منهم الحافظ المؤتمن بن أحمد بن على الساجي
يقولون سمعنا جماعة من المشايخ الثقات قالوا كان الشيخ أبو حامد أحمد بن أبي طاهر الإسفرايني إمام الأئمة الذي طبق الأرض علمًا وأصحابا إذا سعى إلى الجمعة من قطعية الكرج إلى جامع المنصور يدخل الرباط المعروف بالزوزي المحاذي للجامع ويقبل على من حضر ويقول اشهدوا على بأن القرآن كلام الله غير مخلوق كما قاله الإمام ابن حنبل لا كما يقوله الباقلاني
وتكرر ذلك منه جمعات فقيل له في ذلك فقال حتى ينتشر في الناس وفي أهل الصلاح ويشيع الخبر في أهل البلاد أني بريء مما هم عليه يعني الأشعرية وبريء من مذهب أبي بكر بن الباقلاني فإن جماعة من المتفقهة الغرباء يدخلون على الباقلاني خفية ويقرؤون عليه فيفتنون بمذهبه فإذا رجعوا إلى بلادهم أظهروا بدعتهم لا محالة فيظن ظان أنهم منى تعلموه قبله وأنا ما قلته وأنا بريء من مذهب البلاقلاني وعقيدته .
قال الشيخ أبو الحسن الكرجي
وسمعت شيخي الإمام أبا منصور الفقيه الأصبهاني يقول سمعت شيخنا الأمام أبا بكر الزاذقاني يقول
كنت في درس الشيخ أبي حامد الإسفرايني وكان ينهي أصحابه عن الكلام وعن الدخول على الباقلاني فبلغه أن نفراً من أصحابه يدخلون عليه خفية لقراءة الكلام فظن أني معهم ومنهم
وذكر قصة قال في آخرها إن الشيخ أبا حامد قال لي: يا بني قد بلغني أنك تدخل على هذا الرجل - يعني الباقلاني - فإياك وإياه فإنه مبتدع ؛ يدعو الناس إلى الضلالة ، وإلا فلا تحضر مجلسي فقلت: أنا عائذ بالله مما قيل وتائب إليه، واشهدوا علي أني لا أدخل إليه .
قال الشيخ أبو الحسن وسمعت الفقيه الإمام أبا منصور سعد بن علي العجلي يقول: سمعت عدة من المشايخ والأئمة ببغداد أظن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أحدهم قالوا : كان أبو بكر الباقلانى يخرج إلى الحمام متبرقعاً خوفاً من الشيخ أبي حامد الإسفرايني قال أبو الحسن: ومعروف شدة الشيخ أبي حامد على أهل الكلام حتى ميز أصول فقه الشافعي من أصول الأشعري . وعلقه عنه أبو بكر الزاذاقاني ، وهو عندي وبه اقتدى الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في كتابيه اللمع والتبصرة حتى لو وافق قول الأشعري وجها لأصحابنا ميزه ،
وقال: هو قول بعض أصحابنا وبه قالت الأشعرية ولم يعدهم من أصحاب الشافعي استنكفوا منهم ومن مذهبهم في أصول الفقه فضلاً عن أصول الدين.
قلت:
هذا المنقول عن الشيخ أبي حامد وأمثاله من أئمة أصحاب الشافعي ، أصحاب الوجوه معروف في كتبهم المصنفة في أصول الفقه وغيرها ،
وقد ذكر الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب وأبو إسحاق الشيرازي وغير واحد بينوا مخالفة الشافعي وغيره من الأئمة لقول ابن كلاب والأشعري في مسألة الكلام التي امتاز بها ابن كلاب والأشعري عن غيرهما وإلا فسائر المسائل ليس لابن كلاب والأشعري بها اختصاص ا.هـ
6- أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري
ذكر السبكي في طبقاته (4/272)
أنه ذكر في كتابه ذم الكلام أنه كان يلعن أبا الحسن الأشعري , وأنه ترك الرواية عن شيخه القاضي أبي بكر الحيري لكونه أشعرياً ا.هـ
وقال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى(14/354) :
كأبي إسماعيل الأنصاري الهروي صاحب كتاب ذم الكلام فإنه من المبالغين في ذم الجهمية لنفيهم الصفات و له كتاب تكفير الجهمية و يبالغ في ذم الأشعرية مع أنهم من أقرب هذه الطوائف إلى السنة و الحديث و ربما كان يلعنهم وقد قال له بعض الناس: بحضرة نظام الملك أتلعن الأشعرية ؟ فقال: ألعن من يقول ليس في السموات إله و لا في المصحف قرآن و لا في القبر نبي و قام من عنده مغضباً ا.هـ
7- محمد بن عبد الملك بن محمد بن عمر بن محمد الكرجي أبو الحسن الشافعي.
تقدم نقل ابن تيمية كلامه عن الأشعرية وقد نقل له السبكي في طبقاته(6/144) أبياتاً في ذم الأشعرية فقال-رحمه الله-
:
وخبث مقال الأشعري تخنث يضاهي تلويه تلوي الشغازب
يزين هذا الأشعري مقاله ويقشبه بالسم ياشر قاشب
فينفي تفاصيلاً ويثبت جملة كناقصه من بعد شد الذوائب
يؤول آيات الصفات برأيه فجرأته في الدين جرأة خارب
8-القحطاني في نونية الرائعة إذ قال :
يا أشعرية يا أسافلة الورى يا عمي يا صم بلا آذان
أني لأبغضنكم وأبغض حزبكم بغضا أقل قليله أضغاني
لو كنت أعمى المقتلتين لسرني كيلا يرى إنسانكم إنساني
وقال :
يا أشعرية يا جميع من ادعى بدعاً وأهواء بلا برهان
جاءتكم سنية مأمونة من شاعر ذرب اللسان معان
9- الإمام ابن تيمية-رحمه الله-
قد بين أنهم مبتدعة بطرق؛ منها أنه نص على ذلك فقال كما في مجموع الفتاوى (2/50) :
كما يقوله بعض المبتدعة الأشعرية من أن حروفه ابتداء جبرائيل أو محمد مضاهاة منهم فى نصف قولهم لمن قال انه قول البشر من مشركى العرب ممن يزعم أنه أنشأه بفضله وقوة نفسه ا.هـ
ومنها أنه جعلهم من المتكلمين وبجعله لهم من المتكلمين أخرجهم من أهل السنة إلى أهل البدع فقال في الدرء (6/183) :
وأهل الكلام من الأشعرية وغيرهم ا.هـ
وفي أكثر من موضع يذكر أنهم أقرب إلى أهل السنة من غيرهم فهذا يدل على أنهم ليسوا منهم قال في مجموع الفتاوى (6/55):
( و أما الأشعرية فلا يرون السيف موافقة لأهل الحديث ، وهم في الجملة أقرب المتكلمين إلى مذهب أهل السنة والحديث . . )
وقد نقل في الدرء (6/221) كلام أبي الْوَلِيدِ بن رُشْدٍ الْمَالِكِيُّ في كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بالكشف عن مَنَاهِجِ الْأَدِلَّةِ والمثل الذي ضربه لخطورة التأويل ثم قال أبو الوليد:
وهذه حال الفرق الحادثة في هذه الشريعة وذلك أن كل فرقة منهم تأولت في الشريعة تاويلا غير التأويل الذي تأولته الفرقة الأخرى وزعمت أنه الذي قصد صاحب الشرع حتى تمزق الشرع كل ممزق وبعد جدا عن موضوعه الأول ولما علم صلى الله عليه وسلم أن مثل هذا يعرض ولا بد في شريعته
قال :ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة يعني بالواحدة التي سلكت ظاهر الشرع ولم تؤوله تأويلا صرحت به للناس .
قال:
وأنت إذا تأملت ما عرض في هذه الشريعة في هذا الوقت من الفساد العارض فيها من قبل التأويل تبينت أن هذا المثال صحيح فأول من غير هذا الدواء الأعظم هم الخوارج ثم المعتزلة بعدهم ثم الأشعرية ثم الصوفية ثم جاء أبو حامد فطم الوادي على القرى ا.هـ
فأبو الوليد بن رشد يقرر أن الأشاعرة من عموم الفرق الاثنتين والسبعين الضالة وأقره الإمام ابن تيمية على هذا ولم يعترض عليه .
10-الإمام ابن القيم -رحمه الله-
فقد نقل كلام أبي الْوَلِيدِ بن رُشْدٍ الْمَالِكِيُّ المتقدم في كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بالكشف عن مَنَاهِجِ الْأَدِلَّةِ والمثل الذي ضربه لخطورة التأويل كما في الإعلام (4/254) والصواعق المرسلة (2/417) وأقره ولم يخالفه مثل شيخه ابن تيمية .
11- الشيخ العلامة من أئمة الدعوة النجدية السلفية سليمان بن سحمان -رحمه الله-
فقد رد على السفاريني قوله في لوامع الأنوار:
إن الأشاعرة والماتردية من الفرقة الناجية كما قال هؤلاء المفتون فقال: (هذا مصانعة من المصنف- رحمه الله تعالى- في إدخاله الأشعرية والماتريدية في أهل السنة والجماعة، فكيف يكون من أهل السنة والجماعة من لا يثبت علو الرب سبحانه فوق سماواته، واستواءه على عرشه
ويقول: حروف القرآن مخلوقة، وإن الله لا يتكلم بحرف ولا صوت، ولا يثبت رؤية المؤمنين ربهم في الجنة بأبصارهم، فهم يقرون بالرؤية ويفسرونها بزيادة علم يخلقه الله في قلب الرائي.
ويقول: الإيمان مجرد التصديق وغير ذلك من أقوالهم المعروفة المخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة) لوامع الأنوار البهية (1/73)
12- الشيخ العلامة من أئمة الدعوة النجدية السلفية عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين - رحمه الله-
رد على السفاريني قوله في لوامع الأنوار:
إن الأشاعرة والماتردية من الفرقة الناجية كما قال هؤلاء المفتون فقال : (تقسيم أهل السنة إلى ثلاث فرق فيه نظر، فالحق الذي لا ريب فيه أن أهل السنة فرقة واحدة، وهي الفرقة الناجية التي بينها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين سئل عنها بقوله: (هي الجماعة)،
وفي رواية: (من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)، أو (من كان على ما أنا عليه وأصحابي).
وبهذا عرف أنهم المجتمعون على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه ولا يكونون سوى فرقة واحدة. والمؤلف نفسه يرحمه الله لما ذكر في المقدمة هذا الحديث،
قال في النظم:
وليس هذا النص جزماً يعتبر في فرقة إلا على أهل الأثر
يعني بذلك: الأثرية. وبهذا عرف أن أهل السنة والجماعة هم فرقة واحدة الأثرية والله أعلم) المصدر السابق (1/73) .
13- الإمام المحدث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-
في السلسلة الصحيحة(6/285) قال:
(فإن ما أنا فيه من الاشتغال بالمشروع العظيم - تقريب السنة بين يدي الأمة - الذي يشغلني عنه في كثير من الأحيان ردود تنشر في رسائل و كتب و مجلات من بعض أعداء السنة من المتمذهبة و الأشاعرة و المتصوفة و غيرهم ، ففي هذا الانشغال ما يغنيني عن الرد على المحبين الناشئين ، فضلا عن غيرهم . و الله المستعان ، و عليه التكلان) ا.هـ
14-الإمام الفقيه محمد بن صالح العثيمين-رحمه الله-
في شرحه للواسطية استدرك في أولها على السفاريني لما جعل الأشاعرة والماتردية من الفرقة الناجية وبين أن الفرقة الناجية واحدة وهم أهل الحديث أهل السنة دون الأشعرية والماتردية
وقال (2/372) أيضاً:أن الأشاعرة والماتردية ونحوهم ليسوا من أهل السنة والجماعة ا.هـ
15-شيخنا العلامة صالح الفوزان -حفظه الله-
سئل : أحسن الله إليكم صاحب الفضيلة وهذا سائل يقول :
هل الأشاعرة والماتريدية يعدون من أهل السنة والجماعة ؟
الجواب :
لا يعدون .
لم يعدهم أحد من أهل السنة والجماعة قط .
لكن هم يسمون أنفسهم من أهل السنة وهم ليسوا من أهل السنة ا.هـ
رد: الفرق بين الأشاعرة المتأخرين وأبي الحسن الأشعري
موضوع مستقل
الرد على الأشاعرة والمعتزلة
لفضيلة الدكتور الشيخ العلامة:محمد أمان بن علي الجامي -رحمه الله تعالى-
1349 هـ ـ 1416هـعميد كلية الحديث الشريف ورئيس شعبة العقيدة بالدراسات العليابالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية سابقا
تفريغ: محمد مصطفى الشاميفلسطين- 1427هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أنْ لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) (آل عمران: 102 )(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء: 1 ).(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71)أما بعد:فإن أصدق الكلام كلام الله وخير الهدي، هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشرَّ الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالةٍ في النار.ثم أما بعد )نتكلم على احد الأصلين الذين بنا عليهما وعلى الخاتمتين بعدهما شيخ الإسلام ابن تيمية رسالته التدمرية فمهدنا للكلام على الأصلين بأن قسمنا الناس في باب الأسماء والصفات إلى أقسام، إن القسمة العقدية تقتضي الآتي:أولا فريق أثبت ما اثبت الله لنفسه في كتابه وما اثبت له رسوله صلى الله عليه وسلم في السنة الصحيحة من الأسماء والصفات على ما يليق بالله تعالى هؤلاء هم سلف هذه الأمة ومن تبعهم إلى يوم الدين ، هؤلاء منهجهم واضح لأنهم لا يتكلفون ، يثبتون ما أثبت الله على مراد الله من الأسماء والصفات ويثبتون ما أثبته رسوله صلى الله عليه وسلم أيضا من الأسماء والصفات على مراد رسول الله عليه الصلاة والسلام ، والنقطة المهمة التي ينبغي أن يعرفها طالب العلم عند أهل السنة والجماعة لا فرق بين ما ثبت بالكتاب وبين ما ثبت بالسنة وقد تثبت بعض الصفات بالكتاب والسنة معاً وقد تثبت بعض الصفات بالكتاب وحده وقد تثبت بعض الصفات بالسنة المطهرة وحدها وليس لها ذكر في الكتاب.أهل السنة بما فيهم الأئمة الأربعة لا يفرقون بين الكتاب والسنة ، بمعنى إذا ثبتت صفة من الصفات بالسنة المطهرة ولم يَرِدْ ذكرها في الكتاب لا يتوقفون فيها ولا يوقفون العمل بها أو القول بها على ورود تلك الصفة فِي الكتاب بل طالما ثبت في السنة الصحيحة ما ثبت بالسنة هو كالصفات التي ثبتت بالكتاب والأثر، ولا يُشْتَرَطُ التواتر هنا كذلك نقطة ثانية مهمة ، لا كما يزعم علماء الكلام ومن تأثر بعلماء الكلام من بعض الأصوليين مِنْ اشتراط التواتر في السنة في باب العقيدة ، هذا اشتراط لا أساس له بل الصحيح "ثبوت السنة" إذا ثبتت السنة يُحْتَجُّ بِهَا وتثبت بها صفات الله تعالى .ولعلكم تحفظون كثيراً من الصفات التي ثبتت بالسنة ولم يأتِ ذكرها في الكتاب من ذلك صفة نزول الرب سبحانه وتعالى في آخر كل ليلة إلى سماء الدنيا كما يليق به حيث يقول :هل من مستغفر فاغفر له.. الخ الحديث ، ومن ذلكم صفة الفرح وغيرها كثيرة ، الصفات التي ثبتت بالسنة نحن نؤمن بها لا فَرْقَ عندنا بين ما ثبت بالكتاب وما ثبت بالسنة ، لذلك المسألة واضحة بالنسبة لمنهج السلف ، مسألة بحث التواتر ومَنْ مِنْكُم أراد أن يتأكد ويتثبت عليه أن يرجع إلى رسالة الإمام الشافعي رحمه الله حيث اثبت أن اشتراط التواتر لا أصل له إنما المهم ثبوت السنة ، السنة الثابتة يُستدل بها في العقيدة كما يستدل بها في الفروع والأحكام ، هذا المعنى تجدونه منصوص عليه في رسالة الإمام الشافعي وهو مَنْ تعرفونه ولستُ بحاجة لأقول عنه شيئا ، الكل يعرفه .هذا موقف أهل السنة وهو في غاية الوضوح من الأصلين الذين مهدنا لهما في المحاضرة السابقة ولا نزال في التمهيد منهما : القول بأن الكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخرالأصل الثاني: الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات يحذو حذوهالأصل الثاني الكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخر يحذو حذوه هذان سماهما شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته التدمرية سماهما اصلين ، فنحن نبدأ اليوم بالأصل الثاني وإنما اخترنا الأصل الثاني وهو القول:إن الكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخرنختار هذا لأن هذا الأصل يُنَاقَش على ضوئه الأشاعرة .والأشاعرة هم أكثر الناس وجودا في عالمنا الإسلامي ولعلهم أكثر الناس وجودا كذلك في زملائنا الطلبة اقصد أن بعض الطلاب أو أكثرهم ربما درسوا هذه العقيدة ، العقيدة الأشعرية وَمَنْ دَرَسَها ثُمَّ مَنَّ اللهُ عليه بأن يطلع على هذا المنهج الذي يدرسه الآن وهو منهج السلف الصالح عليه أن يعرف ويعيد إلى ذاكرته العقيدة الأشعرية ليقارن بينها وبين ما يدرسه ليأخذ الحق ويترك الباطل على بصيرة ، هذا شأن طلاب العلم ، طالب العلم يهتم بشأن العقيدة كل الاهتمام .إذن نقولالقول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخرنوجه هذا الكلام إلى الأشاعرة لأنهم اثبتوا الذات ، اثبتوا وجود الله وامنوا بذات الله الْعَلِيَّا كما يليق بها بدون بحث عن الكيفية والكنه والحقيقة كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ، ثم إنهم لما وصلوا عند الصفة تصرفوا تصرفا عجيبا حيث قسموا الصفات إلى قسمين: قسم يجب الإيمان به وإثباته على ما يليق بالله دون تشبيه في الإثبات ودون تعطيل في التنزيه ، هذا الكلام كلام صحيح وموقف سليم وافقوا بهذا أهل السنة والجماعة إلا أنهم خالفوا أهل السنة والجماعة بالنسبة للبعض الآخر من الصفات ، زعموا أن الصفات تنقسم إلى: صفات عقلية وصفات خبرية ، الصفات العقلية التي في الإمكان أن يدرك الإنسان أو يثبتها بعقله حتى لو لم يرد النص لو لم يرد الخبر عن الله وعن رسول الله عليه الصلاة والسلام ، هذه الصفات سموها الصفات العقلية ، فقالوا يجب إثباتها بالأدلة العقلية وإن وُجِدَتْ أدلة نقلية تُذْكر من باب الاستئناس بها ومن باب تأييد الأدلة العقلية بها ، أي بالأدلة النقلية ، لا أساس أنها هي العمدة واعتمدوا عليها في هذا الباب بل الاعتماد على الأدلة العقلية لذلك اختارت الأشاعرة الصفات التالية فأثبتوها (القدرة ، الإرادة ، السمع ، البصر ، العلم ، الحياة ) هذه الصفات أطلقوا عليها صفات المعاني ، صفات المعاني تثبت بالأدلة العقلية لأن وجود هذا الكون على غير مثال سابق وهذا النظام البديع يدل على قدرة الله تعالى ، إذن إنه موصوف بالقدرة ، والتخصيص تخصيص كل مخلوق على ما هو عليه يدل على صفة الإرادة إذن فهو مريد هذه الإحكام إحكام هذا الصنع وهم على علم الصانع فإذن فهو عليم ومَنْ اتصف بالقدرة والإرادة والعلم يجب أن يتصف بالسمع والبصر والحياة ، بهذه الطريقة وكذلك الكلام ، بهذا الأسلوب أثبتوا صفات المعاني "الصفات السبع" التي سموها صفات المعاني ثم استنتجوا وأخذوا من هذه الصفات صفات أخرى سموها الصفات المعنوية وهي التي تسمى عند أبي هاشم المعتزلي "الأحوال" وهي قولهم "كونه قادرا كونه مريدا كونه سميعا بصيرا عليما متكلما هذه الصفات – تُسَمَّى- وهي في الواقع أسماء ، إطلاق الصفة عليها إطلاق فيه تسامح هذه أسماء تدل على تلك الصفات السبع ولكن لغة اصطلاحهم أن تسمى الصفات المعنوية ، هذه سبع وتلك سبع ثم أثبتوا صفات يسموها الصفات السلبية خمس صفات على اصطلاحهم (البقاء ، القدم ، مخالفته للحوادث ، قيامه بنفسه ، الوحدانية ) هذه يسمونها الصفات السلبية بمعنى أنها تسلب عن الله ما لا يليق به وليست الصفات السلبية عند الأشاعرة هنا تسليب النفي عند الجهمية ، السلوب عند الجهمية الذين يصفون الله تعالى بالسلوب المحض ، السلوب التي لا تتضمن مدحا ولا (كلمة غير مفهومة) .... كقولهم ليس بذي جسم ولا عرض ولا طول ولا قصر ...الخ تلكم السلوب التي تدل على أن القوم لا يقدروا الله تعالى حق قدره .أما الصفات السلبية التي هنا عند الأشاعرة غير تلك السلوب وهي خمس صفات اصطلحوا عليها أنها صفات سلبية بمعنى أنها بذاتها بدون ان يدخل عليها حرف نفي تنفي وتصرف عن الله تعالى ما لا يليق به كالفناء والحدوث ومشابهة الحوادث وعدم الغنى المطلق والتعدد ، هذه أضداد للصفات السلبية ثم قبل ذلك عندهم أطلقوا على صفة الوجود الصفة النفسية "وجود الله" كونه واجب الوجود أطلقوا على هذه الصفة صفة نفسية هذه الصفات يجب معرفتها عندهم بأضدادها وبأدلتها العقلية حتى يصبح الإنسان مؤمنا ، زِدْ على ذلك صفات الرسل الأربع التي منها (الصدق والأمانة والتبليغ والفطانة) بأضدادها كما يجوز في حقهم من الأعراض البشرية والجائز في حق الله تعالى من الإيجاب (كلمة غير مفهومة) هذه خمسون عقيدة ، خمسون عقيدة عند الأشاعرة من لم يعرفها بأدلتها ليس بمؤمن - انتبهوا لأنفسكم - الأشاعرة لا يحكموا عليكم بالكفر انتبهوا عند الأشاعرة من لا يحفظ الخمسين عقيدة بأدلتها ليس بمؤمن ، تعال ما الذي أوجب عندكم إثبات هذه الصفات على أننا لا نُسَلِّمُ فِي بعضها على أنها صفات بينما هي أسماء بل في بعضها لا نُسَلِّم أنها من أسماء الله تعالى كالقديم ، القديم ليس من أسماء الله الحسنى ولكنه بمعنى الأول الذي ليس قبله شيء ، كما أن البقاء وهو بمعنى الآخر الذي ليس بعده شيء ، ومخالفته للحوادث بمعنى ليس كمثله شيء وقيامه بنفسه بمعنى الغنى المطلق فنحن نفسر لهم تفسيرا حتى يصح إثبات هذه الصفات ، موافقة لما جاء في الكتاب والسنة ، لا بأس يمكن أن نقول إن هذه التسمية وهذا التقسيم اصطلاح ولا مشاركة في الاصطلاح إنما النقطة المهمة التي يجب أن نناقش الأشاعرة فيها بأيِّ كتاب وبأيِّ سنة فرقتم بين ما أثبت الله لنفسه أوجبتم إثبات بعض الصفات وادعيتم وجوب التأويل في البعض الآخر؟ تعالَ إلى المثال الإرادة صفة من صفات الله اتفق السلف والخلف على إثبات الإرادة لكن "المحبة" قالوا (لا..) لا نصف الله بالمحبة ولا بالكراهة أو الغضب والبغض والفرح لماذا؟؟!! بل يجب تأويل هذه الصفات ، بينما لم يوجبوا تأويل صفة الإرادة مثلا لماذا؟ هذه الصفات التي أوجبوا تأويلها قالوا فيها يعني مثل الغضب والمحبة والكره قالوا إنها انفعالات نفسية والانفعالات النفسية لا تليق بالله لأن الغضب مثلا غليان دم القلب عند إفادة الانتقام قالوا هذا لا يليق بالله بينما صفة الغضب ثابتة بالكتاب والسنة قالوا (لا) يجب تأويلها بما؟؟ يعني معنى غضب الله عليهم أي أراد انتقامهم ، معنى الغضب إرادة الانتقام ومعنى المحبة إرادة الإنعام ومعنى الرحمة إرادة الإنعام ، إذن هذه الصفات كلها فسروها بصفة واحدة وهي صفة الإرادة ، تعال ما هي الإرادة قالوا أما إرادة الله فلا نعلم حقيقتها ، لكن ما هي الإرادة في حق المخلوق الميل إلى ما تريد الميل إلى ما فيه النفع ميلك إلى ما فيه نفعك ومصلحتك هذه الإرادة ، لماذا لم تؤولوا؟؟؟ لأن الميل مستحيل في حق الله كما أن الانفعال الغضبي الانفعال بالرحمة الانفعال بالفرح مستحيل ، مقتضى هذا أن تكون صفة الإرادة مستحيلة حتى تؤول بينما أنكم أَوَّلْتُم الصفات التي رأيتم يجب تأويلها أولتموها بالإرادة قالوا (لا..) الإرادة هذه التي هي ميل النفس ليست هذه صفة الله ولكن تلك إرادة تليق بالله ونحن نقول لهم صفة الفرح وصفة الرحمة ، صفة المحبة ، صفة الغضب ، صفات تليق بالله أما تعريفكم الصفات التي عرفتموها بالانفعالات هي صفاتنا نحن المخلوقين ، أما إذا أضيف الغضب إلى الله صار غضبا خاصا (إن الله قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله..) في حديث الشفاعة (إن الله يفرح بتوبة عبده المؤمن..) ..فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ.. (المائدة : 54 ) عندما تضاف وتنسب صفة من الصفات إلى الله هذه الإضافة تُخَصِّصُ ونفهم منها أن فرح الله ليس كفرحنا وأن غضب الله ليس كغضبنا.الغضب الذي فسرناه بغليان دم القلب الفرح والمحبة هذه الصفات التي فسرناها بالانفعالات هي صفاتنا أما صفة الله لا تستطيع أن تحددها نقول للأشاعرة لا فرق عقلا ومنطقا قبل الشرع بين الإرادة وبين المحبة ، الكلام في المحبة ، في الرضا ، في الغضب في الفرح كالكلام في القدرة والإرادة والسمع والبصر والعلم وغير ذلك من الصفات التي أثبتموها ، لا فرق بين ما أثبتم وبين ما نفيتم ؛ ولكنكم بالغتم هنا في الخمسين عقيدة ، ما الدليل على أنه يجب على مكلف أن يعرف خمسين عقيدة بادلتها بحيث إذا كان لا يعرفها أو عرفها بغير أدلة أنه ليس بمؤمن؟؟؟ بمعنى هذا هو الحكم على سواد المسلمين بأنهم كفار لأن سواد المسلمين جمهور المسلمين لا يعرفون هذه العقيدة الخمسين.إذن المؤمنون عند الأشاعرة مجموعة من طلبة العلم الذين درسوا هذا المنهج فحفظوا السنوسية بأدلتها أو جوهرة التوحيد أو ما في معنى ذلك من المتون التي تجمع هذه الصفات وتذكر الأدلة العقلية هؤلاء هم المؤمنون فقط في نظر الأشاعرة ، هذا خطأ ، قول على الله بغير علم إذن إذا أردنا أن نطبق هذا الأصل على الأشاعرة نجدهم أخطئوا عدة مرات:المرة الأولى التفريق بين ما جمع الله ، الله جمع في كتابه ووصف نفسه مثلاً بالمحبة والرضا والغضب وبالإرادة فَعَّال لما يريد وأنتم فرقتم بين هذه الصفات فقلتم الإرادة كما يليق بالله والقدرة والسمع والبصر ما الذي فرق بين هذه الصفات وتلك التي أوجبتم تأويلها؟؟ اعتقد أنهم لا جواب لهم إلا التقليد هكذا قرأنا في السنوسية وحواشيها ، هكذا قرأنا في تحفة المريد هكذا ، قال الشيخ وهل تكفي مثل هذه الإجابة في باب العقيدة؟؟ (لا..) في باب الفروع لو توضأ إنسان وضوءا على خلاف السنة فقيل له لماذا؟ قال هكذا نقلنا من مشايخنا وهل يجوز منه هذا الجواب؟؟ (لا..) لا يجوز في باب الوضوء لا يُغْنِي ، في القصر ، في التيمم في أي باب من أبواب الفقه لا يغني جوابك هذا عقلا ومنطقا إلا بالنسبة لمن يريد إن يضيع عقله ويكون إمعة إن أحسن الناس أحسن معهم وإن أساؤوا أساء ، هذا إن كان الْمُبْتَلَى بِهذا الموقف بعض الطلاب ، طلاب العلم في الفروع ويُتَسَامَحَ معهم ، فلا ينبغي أن يتسامح معهم في باب العقيدة بل يجب أن يُصَارحوا ويُنْصحوا لأن هذا الموقف الأشعري موقف متناقض وتنافى مع الإيمان الصحيح.فيجب أن ننبه على بعض الصفات التي تصرفوا فيها مثل هذا التصرف أشرنا على بعض الصفات الفعلية التي أوجبوا تأويلها وسموها انفعالات ولا يجوز الوصف بها ما لَمْ تُؤَوَّلْ ضربنا الأمثلة لذلك في المحبة والرضا والغضب والفرح وما في معناه .وهناك طامة كبرى وهي صفة الكلام عند الأشاعرة ، الأشاعرة عندما عددوا صفات المعني السبع عددوا منها صفة الكلام والإنسان الذي يأخذ ظاهر كلامه قبل أن يدخل معهم في التفاصيل قد يظن بأن الأشاعرة يثبتون صفة الكلام كما يليق بالله تعالى ولعل صغار الطلبة لا يزالون يعتقدون هذا الاعتقاد وليس الأمر كذلك ، "الكلام" والناس افترقت في صفة الكلام واختلفت اختلافا كثيرا ولعل اختلاف أهل الكلام في صفة الكلام ذلك الاختلاف الكثير الكبير ولعل هذا هو السر في تسمية هذا العلم بعلم الكلام ، لا نخوض في التفاصيل عند غير الأشاعرة ، إنما نأخذ موقف أهل السنة وموقف الأشاعرة في هذه الصفة لخطورتها ، الأشاعرة يصرحون فيقولون الله موصوف بصفة الكلام فيجب أن نؤمن بأن الله متكلم وأن له صفة اسمها صفة الكلام ، كلام طيب ، صفوا لنا هذا الكلام ما هو؟؟!! وهل هذا القرآن الذي نقرأ ونستدل به وتحفظه ونكتبه هل هو كلام الله ؟؟ قالوا (لا..) كلام الله شيء آخر ، القرآن عند الأشاعرة ليس بكلام الله حقيقة وإنما يطلق عليه أنه كلام الله مجازا لماذا؟ لأنه إما دال على كلام الله الحقيقي أو عبارة عنه أو ترجمة له أما هو فمخلوق هذا الذي نعني غير هذا كلام (..) الا وهو الكلام النفسي الذي ليس بحرف ولا صوت أما وصف الله بأنه يتكلم بكلام له حرف وصوت مستحيل لا يليق بالله ، الأشعري عندما يستدل بالآية ألا يقول قال الله تعالى ثم يذكر الآية؟؟ إذن ما معنى كلامك عندما تريد أن تستدل بآية قرآنية فتقول قال الله تعالى: إذا جاء نصر الله يقول (لا.. ) لا ينبغي أن نصرح في كل مقام بأن هذا القرآن مخلوق ولكن هذا سر بين الشيخ وبين التلاميذ يهمس بآذانهم فيقول اعلموا بأن هذا القرآن مخلوق ولكن لا يقال في كل مقام لئلا يُسْتَخَفَّ به لماذا؟؟ لأنه يجب احترامه لا احتراما ذاتيا ولكن لكونه دليلا على كلام الله الحقيقي النفسي أو لكونه عبارة عنه أو لكونه ترجمة له ، فكلام الله النفسي الحقيقي لو كُشِفَ عنا الحجاب لفهمنا منه مِنَ الأحكام كالتحليل والتحريم والنهي والأمر كما نفهم من هذا الكلام اللفظي المجازي الذي يدل على كلام الله ، تكون اتفاقية سرية بين الشيخ وبين التلاميذ لكن أمام الجمهور يقولون قال الله تعالى فيتلوا الآية فيقول للناس القرآن كلام الله ، موقفان موقف سري وموقف علني الموقف السري الذي بين الشيخ وبين التلاميذ هي الحقيقة وهو الصحيح لكن الموقف الآخر إنما هي دبلوماسية لئلا يُمَس هذا الكلام الدال على كلام الله تعالى وإلا هو ليس بكلام الله .هذه حقيقة الأشاعرة في كتب الكلام ما الفرق إذن بين الأشاعرة وبين المعتزلة في صفة الكلام؟؟ خُلْقٌ لفظي غير حقيقي كلهم يتفقون على أن هذا القرآن الذي نقرأه ونحفظه ونكتبه مخلوق وليس بكلام الله ، تتفق الأشاعرة مع المعتزلة على هذا بل موقف الأشاعرة أخطر لأن موقف المعتزلة واضح ، هؤلاء جعلوا من المبررات بأنه ليس بكلام الله أنه يُكتب وأنه يُقرأ وأنه يُسمع الله وصف كلامه بهذه الصفات واخبر انه كلام الله قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي .. (الكهف : 109 ) هذه الآية تدل على أن كلام الله كلمات تكتب بالأقلام ويقول الله تعالى لنبيهوَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ .. (التوبة : 6 ) إذن كلام الله يُقرأ وكلام الله يُسمع مِنَ التالي ، عندما نسمع كلام الله من التالي لكلام الله ، الصوت صوت التالي "القارئ" ؛ ولكن المسموع المقروء كلام الله هذا الذي عليه أهل السنة والجماعة ، الأشاعرة جعلوا الكلام كونه الكلام يُكتب فيُحفظ فيقرأ فيسمع جعلوا هذا علامة على أنه ليس بكلام الله تناقضوا مع كتاب الله نقول لهم الكلام في بعض الصفات كالكلام في البعض الآخر طالما أثبتم الصفات الأخرى على ما يليق بالله تعالى غير الكلام أما الكلام فقد عرفنا موقفكم وسِرَّكُم إن الكلام الذي أثبتموه ليس هو هذا ولكنه كلام النفس ، ما في النفس عند الحقيقة لا يسمى كلام بل يسمى حديث النفس لأن الله لا يؤاخذ الإنسان بما حدثتْ به نفسه حتى يتكلم هكذا في الحديث ، طالما الحديث يتردد في نفس الإنسان يقال له حديث النفس لا يقال له كلام ، بم استدلت الأشاعرة على أن الكلام هو ما في النفسِ وليس هذا الكلام المقروء ؟؟ استدلوا بكلام شاعر نصراني ، أهل الكلام يختلفون في ثبوت هذا البيت منه الأخطل النصراني :إنَّ الكَلَامَ لَفِي الفُؤادِ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْلِسَانُ عَلَى الفُؤادِ دَلِيلَاً( )الأشاعرة لم يجدوا في كتاب الله ولا في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ما يستدلون به على صفة الكلام إلا بيت شعرٍ ينسب للأخطل النصراني ويشكون في ثبوته ويقول بعضهم ليس له وجود في ديوان الأخطل هذا البيت ، بينما القاعدة عندهم الأدلة اللفظية من الكتاب والسنة أدلة ظنية لا يُسْتَدَلُ بها على استقلال في باب العقيدة حتى يشهد له الدليل العقلي ، إذا كنتم ترون لا يستدل بالكتاب والسنة لكون الأدلة أدلة أي الكتاب والسنة أدلة لفظية ظنية كيف كان لكم أن تستدلوا ببيت لم يصل إلى حد التواتر بل لم يثبت من الأخطل نفسه فهو نصراني غير مسلم ، تركتم كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام وذهبتم لتستدلوا بكلام نصراني ثم الكلام نفسه يختلف علماء اللغة في ثبوت هذا البيت منه وعلى فرض ثبوته كيف ساغ لكم أن تستدلوا بهذا البيت فهو لم يثبت ثبوت التواتر "خطأٌ في خطأٌ".القاعدة أن كل من أعرض عن الوحي لابد أن يتناقض هذه قاعدة أساسية مُسَلَّمٌ بها ، "ومَنْ جَرَّب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي" هكذا يقول والد إمام الحرمين لعلكم تعرفون عنه شيء ، ذلك الإمام الجليل الذي مَنَّ الله عليه في آخر حياته بعد أن خاض في علم الكلام فرجع إلى منهج السلف فألف رسالة مستقلة في الفوقية والعلو والاستواء وصفة الكلام إثبات الحرف والصوت والرسالة مطبوعة موجودة ضمن مجموعة المتون المنيرية في الجزء الأول ، لستُ أدري هل هي الرسالة الثامنة أم لا ، أدعو طلاب العلم إلى قراءة هذه الرسالة لا أدعوكم إلى قراءة كتب ابن القيم أو ابن تيمية أو غيرهما من الأئمة المعروفين الذين كتبهم المنتشرة لأن بعض الناس في نفوسهم تردد حول هؤلاء الأئمة ؛ لكن الإمام والد إمام الحرمين خصوصا عند الشافعية هو الْعَلَمُ الذي لا يحتاج إلى ترجمة وولده حاول كمحاولة والده لكنه لم يصل إلى حيث وصل والده إمام الحرمين نفسه أبو المعالي اقرؤوا رسالته النظامية الذي أثنى على مذهب السلف وارتضاه إلا انه عند التحقيق لم يبلغ مبلغ والده بل بقي مترددا متأرجحا ، أما والد إمام الحرمين أبا عبد الله ينبغي أن تقرؤوا رسالته في المجموعة كما قلت لكم ليتضح لكم المقام ولتأخذوا هذه المسألة أَمَّنْ تثقون فيه الذين تركهم خلفه لم يتصوروا في نصوص الصفات إلا كما يتصورون في المخلوق لذلك أوجبوا التأويل ، أما هو فقد مَنَّ الله عليه فوصل إلى اليقين وترك ما كان عليه وألف تلك الرسالة اللطيفة فسماها نصيحة أيْ نصيحة لمشايخه وإخوانه وتلامذته هذا ما يتعلق بصفة الكلام ، الصحيح الذي يدل عليه الكتاب والسنة والفطرة السليمة أن الله يتكلم إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء ، كلم بعض رسله وخاطب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج لا خلاف في أن الله كلمه وخاطبه عندما أوجب عليه الصلوات وإنما يختلفون في الرؤية فقط لم يختلفوا في أن الله كلمه وخاطبه وسيتكلم الرب سبحانه وتعالى يوم القيامة ويخاطب عباده عندما يأتي لفصل القضاء.فصفة المجيء يوم القيامة لفصل القضاء من الصفات التي أولتها الأشاعرة وأوجبوا تأويلها "انتبهوا مرة أخرى" المجيء يوم القيامة لفصل القضاء وصفة النزول من ضمن الصفات التي أولتها الأشاعرة وأوجبوا تأويل ذلك فصفة الكلام إنما كررنا فيها القول لما سمعتم من اضطراب القوم في هذه الصفة .والصفة الثانية التي كثر فيها اضطراب الأشاعرة وخالفوا فيها نص الكتاب والسنة وسلف هذه الأمة صفة الاستواء والعلو فنحن نفرق بين العلو وبين الاستواء ، العلو صفة ذاتية بمعنى أن الله سبحانه وتعالى لم يزل في علوه فهو الأول الذي ليس قبله شيء وهو في علوه ولا يزال في علوه فنزوله فقربه فمجيئه لا ينافي علوه لأن علوه كما يليق بالله .أما صفة الاستواء فصفة فعل كما أن المجيء صفة فعل والنزول صفة فعل كذلك الاستواء على العرش صفة فعل أما تلك فصفة الذات العلو ، بالغت الأشاعرة في نفي هذه الصفة حتى بالغوا أكثر من المعتزلة فلحقوا بالجهمية ، الجهمية هم الغلاة ، الأشاعرة في صفة العلو والاستواء والفوقية هم جهمية محضة لماذا؟ لأننا قرأنا ولعل فيكم من قرأ معنا في العقيدة السنوسية التي لا ينبغي لطالب علم عندهم أن يتركها بلا حفظ بل ينبغي أن يحفظها ، العقيدة السنوية يقول مؤلفها "ليس الله فوق العرش ولا تحت العرش ولا على يمين العرش ولا على شمال العرش" أين الله عند الأشاعرة؟؟ إما أنه ليس بموجود أو انه موجود في كل مكان ، جهمية محضة دخلت على الأشاعرة.الأشاعرة يحرمون الإشارة الحسية إلى السماء هكذا ويصرح بعضهم من أشار إلى العلو واعتقد بأن الله في العلو يكفر ومن أشار بدون اعتقاد جريا على العادة يفسق ولا يكفر لكن أظن كلكم تحفظون لأن كلكم طلاب بحمد الله تحفظون خطبة رسول الله عليه الصلاة والسلام في خطبة الوداع وما قال فيها عندما سأل الصحابة أنتم مسئولون عندي يوم القيامة فماذا أنتم قائلون؟؟"أو كما قال عليه الصلاة والسلام" قالوا نشهد بأنك قد بلغت وأديت ثم قال عليه الصلاة والسلام : اللهم اشهد.. اللهم اشهد.. يرفع إصبعه إلى الذي فوقه وفوق كل شيء وهو الله فيشهده عليهم على الحجاج على الصحابة على أنه بلغهم ، وإذا جاء في وقت متأخر بعض من تأثر بعلم الكلام وهو لا يعرف من السنة شيئا أو لا يؤمن بها فقال لا تجوز الإشارة الحسية إلى السماء ومن أشار بالإشارة الحسية إلى السماء معتقدا بأنه في العلو فهو كافر هل معنى هذا أليس هذا القائل حكم على رسول الله عليه الصلاة والسلام بالكفر وهل هناك كلام أشنع من هذا وعقيدة أضل من هذه العقيدة؟؟ (لا..) .هنا يَرِدُ سؤال ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في غير موضع بمؤلفاته بأن الأشاعرة أقرب طوائف علماء الكلام إلى الحق أو إلى منهج السلف ما معنى هذا؟؟؟ ومن كانت هذه عقيدتهم في صفة الكلام وفي صفة العلو كيف يكون أقرب إلى منهج السلف والى الحق من غيرهم؟؟؟!! الجواب:المسألة نسبية ، شيخ الإسلام نظر إليهم في باب الاعتقاد بصفة عامة لا في باب الأسماء والصفات فقط بمعنى أن هناك من لا يؤمن بنصوص المعاد يئولون نصوص المعاد كالباطنية ومنهم من لا يثبت ولو صفة واحدة من صفات الرب كغلاة الجهمية إذا قارنا بين الأشاعرة وبين الباطنية وبين الجهمية وجدنا أن الأشاعرة يثبتون كثيرا من الصفات ، بالمناسبة القول بأن الأشاعرة لا يثبتون إلا سبع صفات كلام غير محرر بل يثبتون أكثر من سبع ، إذن بالنسبة للباطنية والجهمية بل والمعتزلة الذين ينفون جميع الصفات نقول نسبيا هؤلاء أقرب لكن بالنسبة لمفردات الصفات بعض الصفات كصفة الكلام وصفة العلو فهم كغيرهم أبعد من السنة وأبعد من الحق وليسوا قريبين من الحق في هذه الصفات .وبعد،،،الكلام عن بعض الصفات كالكلام في البعض الآخرومن يفرق بين الصفات وهي ثابتة بالكتاب والسنة يعتبر ذلك خروجا على الكتاب والسنة وعدم احترام النصوص وعدم احترام وتقدير مَنْ نزَّل النصوص حق قدره وفي ذلك تلبيس للعقول حتى تجاوزت العقول حدودها فالعقول مُعْتَبَرة وهي التي بها التكليف لا يستهان بالعقول وبالأدلة العقلية إلا أن للعقول حد يجب أنْ لا تتجاوز العقول حدها ، أما إذا تجاوزت العقول حدها وخرجت على النصوص واعتُبرت النصوص فضلة ليست عمدة بل العمدة الأدلة العقلية هذا هو الضلال المبين هذا هو ما يؤخذ على الأشاعرة ..قبل أن انتقل إلى الأصل الثاني لنناقض على ضوئه المعتزلة إن كان لدى أحد منكم أسئلة مدونة كما اتفقنا في الدرس السابق فلتأتِ الأسئلة إن وسع الوقت اجبنا عليها وإلا سوف نجيب عليها في المحاضرة القادمة .
ينتسب الأشاعرة في الاعتقاد إلى أبي الحسن الأشعري ، وواقع الحال يكذب هذه النسبة ويبين الفرق بين أبي الحسن الأشعري والأشاعرة ، وقبل أن أشرع في ذكر بعض الفروق العقدية بين أبي الحسن الأشعري والأشاعرة إليك شيئاً من كلام أبي الحسن الأشعري به يتبين حقيقة اعتقاده :
قال - رحمه الله - في كتابه مقالات الإسلاميين (1/345)
مبيناً عقيدة أهل السنة والجماعة أهل الحديث بياناً مجملاً مع التصريح بأنه يعتقده ويدين الله به : هذه حكاية جملة قول أصحاب الحديث وأهل السنة : جملة ما عليه أهل الحديث والسنة :
الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله ، وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله لا يردون من ذلك شيئا وأن الله سبحانه إله واحد فرد صمد لا اله غيره لم يتخذ صاحبة ولا ولداً وأن محمدا عبده ورسوله وأن الجنة حق وأن النار حق وان الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور .
وأن الله سبحانه على عرشه كما قال ( الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) وأن له يدين بلا كيف كما قال ( خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ) وكما قال ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ) وأن له عينين بلا كيف كما قال ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) وأن له وجها كما قال ( وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ) - ثم قال - ويقرون بأن الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص - ثم قال -
أن الله سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر؟ كما جاء في الحديث عن رسول الله ويصدقون بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذون بالكتاب والسنة كما قال الله عز وجل ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) ويرون اتباع من سلف من أئمة الدين وأن لا يبتدعوا في دينهم ما لم يأذن به الله - ثم قال - وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول واليه نذهب وما توفيقنا إلا بالله وهو حسبنا ونعم الوكيل وبه نستعين وعليه نتوكل واليه المصير ا.هـ
وقال في رسالته لأهل الثغر ص210:
وأجمعوا/و هل كلمة اجمعوا دليل يستدل به على الاثبات ؟؟/ على إثبات حياة الله عز وجل لم يزل بها حيا وعلما لم يزل به عالما وقدرة لم يزل بها قادرا وكلاما لم يزل به متكلما وإرادة لم يزل بها مريدا وسمعا وبصرا لم يزل به سميعا بصيرا
وقال : وأجمعوا على أنه عز وجل يسمع ويرى وأن له تعالى يدين مبسوطتين وأن الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه من غير أن يكون جوارحا وأن يديه تعالى غير نعمته
وقد دل على ذلك تشريفه لآدم عليه السلام حيث خلقه بيده وتقريعه لإبليس على الاستكبار عن السجود مع ما شرفه به بقوله ( ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي )
وقال : وأجمعوا على أنه عز وجل يجيء يوم القيامة والملك صفا صفا لعرض الأمم وحسابها وعقابها وثوابها فيغفر لمن يشاء من المذنبين ويعذب منهم من يشاء
وقال: وأنه تعالى فوق سمواته على عرشه دون أرضه وقد دل على ذلك بقوله ( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ) وقال ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه )وقال ( الرحمن على العرش استوى ) وليس استواؤه على العرش استيلاء كما قال أهل القدر لأنه عز وجل لم يزل مستوليا على كل شيء ا.هـ
وقال في الإبانة ص20 :
قولنا الذي نقول به وديانتنا التي ندين بها التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل وبسنة نبينا محمد وما روي عن السادة
الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان يقول به أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولما خالف قوله مخالفون لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق ودفع به الضلال وأوضح به المنهاج
وقمع به بدع المبتدعين وزيع الزائغين وشك الشاكين فرحمة الله عليه من إمام مقدم وجليل معظم وكبير مفهم- ثم قال- وأن له سبحانه وجها بلا كيف كما قال ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )
وأن له سبحانه يدين بلا كيف كما قال سبحانه ( خلقت بيدي )
وكما قال ( بل يداه مبسوطتان )
وأن له سبحانه عينين بلا كيف كما قال سبحانه ( تجري بأعيننا ) ا.هـ
مما تقدم يتضح الفرق الكبير بين معتقد أبي الحسن الأشعري ومعتقد الأشاعرة الذي سبق ذكر شيء منه ، ومزيداً على ما تقدم فإن الأشاعرة لا يثبتون اليدين لله بل يؤولون اليد بالنعمة .
قال ابن فورك في مشكل الحديث وبيانه ص 188: واعلم أنه ليس ينكر استعمال لفظ اليد على معنى النعمة ، وكذلك استعماله على معنى الملك والقدرة ا.هـ
وهذا التأويل قد أنكره أبو الحسن الأشعري بعينه كما تقدم .
ولا يثبت الأشاعرة المجيء لله حقيقة بل يؤولونه كما قال الرازي في أساس التقديس ص 103: المراد هل ينظرون إلا أن تأتيهم آيات الله ، فجعل مجيء آيات الله مجيئاً له على التفخيم لشأن الآيات ، كما يقال: جاء الملك إذا جاء جيش عظيم من جهته . أو يكون المراد : هل ينظرون إلا أن يأتيهم أمر الله ... أما قوله ( وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً) إما وجاء أمر ربك ، أو جاء قهر ربك .
كما يقال :
جاءنا الملك القاهر إذا جاء عسكره ، أو جاء ظهور معرفة الله تعالى بالضرورة في ذلك اليوم ، فصار ذلك جارياً مجرى مجيئه وظهوره ا.هـ
ولا يثبت الأشاعرة الاستواء بل يؤولونه بالاستيلاء ، قال الرازي كما في أساس التقديس ص 156 والآمدي كما في غاية المرام ص141: إن معنى الاستواء : الاستيلاء والقهر ونفاذ القدر وجريان الأحكام الإلهية ا.هـ وهذا التأويل قد أنكره أيضاً أبو الحسن الأشعري بعينه كما تقدم .
ولا يثبت الأشاعرة الوجه لله بل يتأولونه بالذات ، قال البغدادي في أصول الدين ص 110: والصحيح عندنا أن وجهه ذاته ا.هـ
وتأول الأشاعرة العينين فقال الجويني في الإرشاد ص155: المراد منها البصر . وقال البغدادي في أصول الدين ص109: المراد منها الرؤية والعلم . وقال الرازي في أساس التقديس ص121: المراد منها العناية والحراسة ا.هـ
مما تقدم يتبين لك براءة أبي الحسن الأشعري من كثير من التأويلات التي أصبحت من مسلمات الاعتقاد عند الأشاعرة ، و سلفهم فيها المعتزلة الذين يعلن الأشاعرة في كتبهم تبديعهم وعداءهم ،
قال الإمام ابن تيمية في الفتاوى (12/203):
فمن قال أن الأشعري كان ينفيها وأن له في تأويلها قولين فقد افترى عليه ، ولكن هذا فعل طائفة من متأخري أصحابه كأبي المعالي ونحوه ، فان هؤلاء أدخلوا في مذهبه أشياء من أصول المعتزلة ا.هـ
وقال في مجموع الفتاوى (5/23):
وهذه التأويلات الموجودة اليوم بأيدي الناس مثل أكثر التأويلات التي ذكرها أبو بكر بن فورك في كتاب التأويلات وذكرها أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي في كتابه الذي سماه ( تأسيس التقديس ) ويوجد كثير منها في كلام خلق كثير غير هؤلاء مثل أبى على الجبائي وعبدالجبار بن أحمد الهمدانى وأبى الحسين البصري وأبى الوفاء بن عقيل وأبى حامد الغزالى وغيرهم هي بعينها تأويلات بشر المريسي التي ذكرها في كتابه وإن كان قد يوجد في كلام بعض هؤلاء رد التأويل وإبطاله أيضا ولهم كلام حسن في أشياء .
فإنما بينت أن عين تأويلاتهم هي عين تأويلات بشر المريسي ويدل على ذلك كتاب الرد الذي صنفه عثمان بن سعيد الدارمي أحد الأئمة المشاهير في زمان البخاري صنف كتابا سماه ( رد عثمان بن سعيد على الكاذب العنيد فيما افترى على الله في التوحيد ) حكى فيه هذه التأويلات بأعيانها عن بشر المريسي بكلام يقتضى أن المريسى أقعد بها وأعلم بالمنقول والمعقول من هؤلاء المتأخرين الذين اتصلت إليهم من جهته وجهة غيره ثم رد ذلك عثمان بن سعيد بكلام إذا طالعه العاقل الذكى علم حقيقة ما كان عليه السلف وتبين له ظهور الحجة لطريقهم وضعف حجة من خالفهم ،ثم إذا رأى الأئمة أئمة الهدى قد أجمعوا على ذم المريسية وأكثرهم كفروهم أو ضللوهم وعلم أن هذا القول الساري في هؤلاء المتأخرين هو مذهب المريسي تبين الهدى لمن يريد الله هدايته ولا حول ولا قوة إلا بالله ا.هـ
فهلا اعتبر بهذا أشاعرة اليوم وتركوا هذه التأويلات الاعتزالية ، ورجعوا إلى ما عليه السلف الصالح متبعين في ذلك أبا الحسن الأشعري الذي أعلن رجوعه إلى مذهب السلف كما تقدم نقله معرضين عن كل من خالف منهج السلف سواء كان أبا الحسن الأشعري أو غيره في تفصيل ما عليه السلف .
منهج الإمام الأشعري يتميَّز بوجود مسلكين في الاعتقاد بصفات الحق تبارك وتعالى الخبرية وهما مسلك التفويض ومسلك التأويل ، ولكلٍّ شروطه
وبمجرد عودتنا لكتاب الإبانة للإمام أبي الحسن الأشعري فإننا لا نجد لا رجوعاً ولا أي شيء ، كل ما هنالك أن الإمام الأشعري قد سلك في هذا الكتاب مسلك التفويض وهو أحد مسلكي السادة الأشاعرة ومذهب جمهور السلف الصالح
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني (852هـ) :
(وعلى طريقته - يعني طريقة ابن كلاب في التفويض - مشى الأشعري في الإبانة)
لسان الميزان 4 / 487
قال العلامة محمد زاهد الكوثري (1371هـ) عن الإبانة :
(وأراد بها انتشال المتورطين في أوحال التشبيه من الرواة والتدرُّج بهم إلى مستوى الاعتقاد الصحيح)
تعليقاته على تبيين كذب المفتري ص28
+
إن ما في الإبانة وغيره ، والذي يدَّعي القوم أن الإمام الأشعري قد رجع فيه إلى مذهب السلف ، مخالف لمعتقد القوم الذين يزعمون أنهم على عقيدة السلف وأن الإمام الأشعري استقرَّ عليها كمرحلة ثالثة وأخيرة في حياته ، ولنعرض شيئاً عن عقيدته التي تبرؤه من أدران التشبيه ووحال التجسيم. والله المستعان
قال إمام أهل السنة أبو الحسن الأشعري "منزِّهاً الله عز وجل عن الشبيه والصورة والحد" :
(تقدّس عن ملابسة الأجناس والأرجاس ، ليست له صورة تقال ولا حدٌّ يضرب له مثال) الإبانة عن أصول الديانة ص7
وقال "عند صفة الاستواء" :
(وأن الله تعالى استوى على العرش على الوجه الذي قاله ، وبالمعنى الذي أراده ، استواءً منزَّهاً عن المماسة والاستقرار والتمكن والحلول والانتقال. لا يحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته ، ومقهورون في قبضته ، وهو فوق العرش وفوق كل شيء إلى تخوم الثرى ، فوقية لا تزيده قرباً إلى العرش والسماء ، بل هو رفيع الدرجات عن العرش ، كما أنه رفيع الدرجات عن الثرى ، وهو مع ذلك قريب من كل موجود ، وهو أقرب إلى العبد من حبل الوريد ، وهو على كل شيء شهيد) الإبانة عن أصول الديانة ص21
وقال أيضاً :
(إن الله عز وجل يستوي على عرشه استواء يليق به من غير طول استقرار ، كما قال "الرحمن على العرش استوى") الإبانة عن أصول الديانة ص105
وقال أيضاً "بعد عرضه آيات الاستواء" :
(فكل ذلك يدلُّ على أنه تعالى في السماء مستوٍ على عرشه ، والسماء بإجماع الناس ليست الأرض ، فدلَّ على أنه تعالى منفرد بوحدانيته ، مستوٍ على عرشه استواء منزهاً عن الحلول والاتحاد) الإبانة عن أصول الديانة ص113
وقال أيضاً :
(كلُّ ذلك يدلُّ على أنه تعالى ليس في خلقه ، ولا خلقُه فيه ، وأنه مستوٍ على عرشه سبحانه بلا كيف ولا استقرار. تعالى الله عمَّا يقول الظالمون والجاحدون علوَّاً كبيراً ...) الإبانة عن أصول الديانة 116
وقال "بعد ذكر المجسمة وأقوالهم" :
(وقال بعض مَن ينتحل الحديث : إن العرش لم يمتلئ به ، وإنَّه يُقعِدُ نبيَّه عليه السلام معه على العرش.
وقال أهل السنة والحديث : ليس بجسم ، ولا يشبه الأشياء ، وإنه على العرش كما قال عز وجل (الرحمن على العرش استوى) طه 5 ، ولانقدِّم بين يدي الله في القول ، بل نقول : استوى بلا كيف ...) مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين 1 / 260
وقال أيضاً "منزِّهاً الله عن الأعراض والأجسام والحد والمكان" :
(ولا يجب أن تكون - أي صفات الحق تبارك وتعالى - أعراضاً ؛ لأنه عز وجل ليس بجسم ، وإنما توجد الأعراض في الأجسام ، ويدلٌّ بأعراضها فيها وتعاقبها عليها على حدثها ... كما لا يجب أن تكون نفس الباري جسماً أو جوهراً أو محدوداً أو في مكان دون مكان أو غير ذلك) رسالة إلى أهل الثغر ص218
وقال "عند صفة المجيء والنزول" :
(الإجماع الثامن
وأجمعوا على أنه عز وجل يجيء يوم القيامة .....
وليس مجيئه حركة ولا زوالاً ، وإنما يكون المجيء حركة وزوالاً إذا كان الجائي جسماً أو جوهراً ، فإذا ثبت أنه عز وجل ليس بجسم ولا جوهر لم يجب أن يكون مجيئه نقلة أو حركة .....
وأنه عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا كما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس نزوله نقلة ، لأنه ليس بجسم ولا جوهر ...) رسالة إلى أهل الثغر ص227 - 228 - 229
+ وقال "في تأويل صفتي الرضا والغضب" :
(الإجماع التاسع
وأجمعوا على أنه عز وجل يرضى عن الطائعين له ، وأن رضاه عنهم إرادته لنعيمهم ، وأنه يحب التوابين ويسخط على الكافرين ويغضب عليهم ، وأن غضبه إرادته لعذابهم ، وأنه لا يقوم لغضبه شيء) رسالة إلى أهل الثغر ص231
قلت : وعلى ذمة الناقد أن الإمام الأشعري عدَّ من أوَّل صفات الله مبتدعة جهمية ، فتأمل كيف يستعمل الإمام الأشعري المسلك الثاني (التأويل) في تأويل صفة الرضا والغضب
+
و الجزء الثاني من كلامك كلها اقوال لابن تيمية و هو من اشد المخالفين لابي الحسن و انتم من اشد المتمسكين بأقوال ابن تيمية و رغم هذا مدحتُم ابا الحسن و نسبتموه اليكم زورا و بهتانا
و اقواله كلها ليست مما يُستدل به هنا فهي في هذا الباب ترقيعات و ملئ فراغ فقط ... و لابن تيمية طوام في مسائل الاعتقاد لا أحب أن أتعرض لها و هي مشهورة لمن يطلع و يطالع ...
ونحو ذلك مما ينسبه القوم إلى أعلام أئمة أهل السنة كالجويني والغزالي والرازي والنووي والآمدي وغيرهم أنهم رجعوا عن معتقدهم أو كانوا مضطربين مشوشين الخ ، ولا يكاد يزول العجب لتصدق العقول أن هؤلاء الأعلام بعدما بنوا للأجيال عزاً وعمروا للمسلمين مجداً ، تراجعوا قبيل انتقالهم إلى الرفيق الأعلى ، وتلاحظ نفس السبك والحبكة القصصية بأنهم وهم على فراش الموت تابوا ورجعوا ، بل لا يكاد يزول العجب أن مثل هذه القصص المنسوبة لهؤلاء الأعلام - أعني دعوى رجوعهم عن معتقدهم - لا ينسب مثلها أو أدنى منها إلى غيرهم كالمعتزلة والمشبهة والكرامية ، وهل هذا سوى محاولة استشراقية بربرية لإسقاط الرموز من قلوب المسلمين ؟! يعينهم في ذلك من هم منسوبون للإسلام ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم
الله له عينان ؟؟؟ لماذا تحديد العدد بــــــ 2 ؟؟؟؟؟؟؟
هل ذكرت العين بالتثنية في نص من نصوص القرآن ؟؟؟
هناك مخلوقات كثيرة خلقها الله لها عينان و من المخلوقات من لها 3 و أكثر .....
لماذا نقول في حق الله تعالى /عينان / ؟؟؟؟؟؟
+
وردت لفظ "العين" في القرآن الكريم مضافة لله تعالى في خمس آيات، الأولى في سورة هود (37) { واصنع الفلك بأعيننا ووحينا }، والثانية في سورة المؤمنون (27): { فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا }، والثالثة في سورة طه (39): { وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني }، والرابعة في سورة الطور (48) { واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا }، والخامسة في سورة القمر (14): { تجري بأعيننا }.