إذا تلقَّى الإنسان بعضَ المفردات أو العبارات الأجنبية في سن صغيرة، وقبل أن تكتمل حصيلتُه الأساسية من اللسان العربي، فقد يقع إِحلالٌ للمفردات.
بمعنى أنه إذا تعلَّم الطفلُ العربيُّ كلمةً جديدة لا يُقابلها عنده مرادفٌ عربي، فإن حصيلتَه ستنبني بكلمات أعجمية؛ مثل هذا أسماء أعضاء الجسد، فإنه إذا لم يَعرِف (الكبد)، وكان أوَّل ما عرَفه بمسمَّاه الأعجمي، فإنه سيعرف أن جسده يتكون من: عين، وأنف، ومعدة، و...، والكبد (باسمه الأعجمي)!
هذه التركيبة التي لم تَعُدْ عربية نقية، ستصدر عنها عبارات عربية غير ملتحمة، تقطعها ألفاظ أعجمية، وبالتالي فإن ذاكرة الصبي - ووَعْيه - لم تعد عربية خالصة، فإذا ما درس القرآن، فإنه سيستعجم كثيرًا من الكلمات؛ لأنه لا يعرفها ولا يعرف ما انبنت عليه.
مثال: (وربما يُستَبعَد من البعض، إلا أن الأمر يزداد تعقيدًا كلما ارتفعت الحصيلة الأعجمية وتمدَّدت إلى مفردات الحياة اليومية) السعير: السعير كلمة مرتبطة بالنار، فلنبيِّنَ له معنى سُعِّرت النار، فلا بد أن يكون على علم بكلمة (النار)، فلو أن المبنى اللُّغوي ليست فيه كلمة "نار"، ويوجد بدلًا منها مرادف أعجمي، فإن معنى السعير سيكون مبهمًا، ولن يقع الاستحضار التلقائي الذي يحدث بمجرد السمع.
فكل كلمة قد ترتبط بصورة في ذهن أحدنا تخطر له مع مرادفاتها؛ مثل (الجنة) قد ترتبط عند كلٍّ منا بمشهد يخطر له، فإذا سُئِل أحدنا: "كيف الجنة؟"، أو: "ما الذي يخطر لك عند سماع كلمة (الجنة)؟"، فقد يستحضر الكلمة بمعناها ومفرداتها، وتتكون صورة مباشرة لهذه المفردات مجتمعة، هذا مما جُبِل عليه الناس، لا يحتاج إلى تمرين أو تعليم؛ ولهذا يصيب متلقيَ الدراسة الأعجمية خللٌ في هذا البناء اللُّغوي، ويكون أبعد عن تدبر القرآن ووَعْيه وعقله بازدياد هذا التشوه اللُّغوي.
هذا، والله أعلم.
رابط الموضوع: موقع الالوكة