- إنضم
- 23 أكتوبر 2016
- المشاركات
- 1,488
- نقاط التفاعل
- 1,036
- نقاط الجوائز
- 193
- محل الإقامة
- الجزائر العاصمة
- الجنس
- أنثى
السلام عليكم
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله جل وعلا خير حمد وأوفاه، حمدا متتابعا ما تتابع الليل والنهار كلما حمده الحامدون وغفل عن حمده الغافلون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فأسأل الله جل جلاله أن يجعلني وإياكم ممن بارك في أقوالهم وأعمالهم، وممن بارك في أعمارهم، وأن يجعلنا مباركين معلمين الناس الخير حاضّين لهم عليه وأن يجعلنا ممن علم فعمل وعلم، إنه سبحانه جواد كريم.
موضوع هذه المحاضرة جاء بإلحاح الزمن عليَّ، ومعلوم أن المحاضرات تناسب المقام والمقال، وهذه الكلية صُلْبُ موادها وصلب تخصصها الفقه، وغيره فرع أو فروع عنه إذا صحَّ صح الباقي، وإذا ضعُف ضعف الباقي ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
والذي حدا لهذا العنوان هو ما نراه اليوم من أن المتفقهة وطلاب العلم الذين يعنون بالفقه سواء أكان من جهة درسهم للخلاف في الفقه، أو كان من جهة درسهم للخلاف في الأدلة والأحاديث من أي مدرسة شئت، هؤلاء لابد أن ينظروا إلى زمانهم وإلى هذا العصر نظرة تناسب مقام الجهاد الذي هو واجب على الجميع، بحسب الاستطاعة.
ولاشك أن طلب العلم الشرعي وبذل النفس في ذلك، وأن يكون طالب العلم قويا في ملكته، قويا في محفوظاته، قويا في فهمه لحدود ما أنزل الله جل وعلا على رسوله صَلَّى الله عليه وسلم، لاشك أن ذلك سلم الوصول للنتائج، فلا نتيجة لفقيه في هذا العصر إذا كان في بدايته مهزوز العلم أو ضعيف التكوين أو كان قليل البضاعة والتأصيل، وإذا كانت العلوم الشرعية الأصلية أو المساندة إذا كانت لها فنون وفروع فالفقه كذلك، لهذا ذكر العلماء أن الفقه:
· منه فقه أحكام.
· ومنه فقه المقاصد.
· ومنه فقه القواعد الشرعية.
· ومنه الجمع والفرق بين المسائل.
· ومنه أصول الفقه التي هي الطرق الموصلة إلى الاستنباط الصحيح.
وغير ذلك أيضا.
لهذا نقول في المقدمة وتوطئة للحديث: إنّ الواجب على كل من آنس من نفسه رشدا وخيرا وقوة بما أنعم الله عليه، إن الواجب عليه أن يحصِّل هذا العلم؛ لأنه واجب كفائي، والناس اليوم أشد ما يكونون حاجة إلى من يعلم الشريعة ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ﴾[الجاثية:18].
وهذا التفقه ذكر العلماء فيه أنّ طلب العلم لمن قويت ملكته ورُجي نفعه العام أن طلب العلم أفضل من الجهاد في سبيل الله عز وجل جهاد النفل، ولهذا كان مما ينبغي على طالب العلم أن يُحسن النية والقصد في طلبه للعلم.
علم الفقه تدرسونه إما على كتاب على مذهب، أو على مذاهب بحسب المنهج، والفقه قُسِم إلى أقسام -كما هو معروف- إلى العبادات وإلى المعاملات إلى آخره.
واليوم الناس بحاجة إلى من يفقه الأحكام الشرعية من طلبة العلم، ومن الواقع ومن مجالساتي الكثيرة للزملاء ومما أعرفه عن كثيرين أيضا أنهم انشغلوا بالفقه الماضي عن الفقه الحاضر؛ وذلك له سبب، وأعني بالفقه الماضي المسائل المعروفة التي يكثر تداولها من مسائل العبادات ومشهور المعاملات إلى آخر ذلك، وهذه التفقه فيها مطلوب وواجب شرعي كفائي أو عيني بحسب الحال.
ولكن الملاحظ هو فيما يحتاجه الناس اليوم من فقه المعاملات والعقود، وفقه العصر فيما يجد كل يوم، فكل يوم ثَم جديد، وجديد ينسيك كل جديد، لهذا هل من صيغة يمكن أن يصل بها طالب العلم إلى فقه العصر في الأحكام؟ نعم مطلوب أن يكون التعلم للحاجة أن يكون التعلم بحسب حاجة العبد وحاجة الناس.
وأما التوسع في مسائل وهو يحتاج إليها في غيرها ويتركها لا يبحثها ولا يتعلمها ثم يقول لا أدري، وعنده الملكة، فهذا قصور منه إذا كان الجهاد في حقه متعينا في هذا العلم.
المقصود أنّ علم الفقه اليوم يُدرس على الحقيقة في مرحلة من مراحله، وليست هي النهاية؛ ولكن هي البداية، فمن درس كلام العلماء في كتبهم الفقهية -علماء المذاهب-، وتدرَّب على معرفة صورة المسألة إلى آخره، فقد أخذ مرحلة مهمة، وهذه هي التي يدرسها طلاب كليات الشريعة ونحوهم.
ولكن هذه أيضا تحتاج من المعلم والمتعلم إلى أن يجعلها مفيدة له، وذلك أن يكون تصوره للمسائل سابقا للكلام عليها.
ولهذا نقول: إنَّ من المنهج الصحيح في دراسة الفقه أنْ يدرس طالب العلم الفقه الذي هو مدوَّن في الكتب المعروفة في المسائل كلها أو في أكثرها بحسب قوته أن يدرسه على النحو التالي:
أولا: أن يتصور المسألة، فالتصور ينبني عليه فهم المسائل والتفريق ما بين مسألة وأخرى.
والثاني: أن يعلم لغة العلم التي يعبر بها علماء الفقه عن علمهم، فلكل فن لغة، إذا خاطبت أهله بغير لغتهم لم يفهموا، وبالتالي إذا استقيت منهم على غير لغتهم فإنه سيصيبك قصور.
والثالث: حكم المسألة بحسب اجتهاد الإمام أو اجتهاد المذهب أو بحسب ما قرر.
ثم دليلها، ثم وجه الاستدلال من الدليل، والدليل عند الفقهاء أشمل من النص، قد يكون الدليل نصا -يعني من الكتاب ومن السنة-، ولا نعني بالنص النص عند الأصوليين، نص نصا من الكتاب ومن السنة، وقد يكون الدليل إجماعا وقد يكون إلى آخر ثلاثة عشرة دليلا معروفة عند الأصوليين، فيعرف الدليل بحسب كلام العالم أو الإمام بحسب المقرر.
ثم بعد ذلك يعرف وجه الاستدلال باستعمال أصول الفقه حتى يكون اتباعه للدليل عن فهم لوجه الاستدلال منه.
ثم معرفة القول الآخر في المسألة، والقول الآخر المهم هوالقول القوي، أما الأقوال فهي كثيرة بعض المسائل يصل الخلاف فيها إلى اثني عشر قولا، وبعضها إلى تسعة وبعضها إلى سبعة إلى أن تصل إلى قولين في المسألة، والمسائل المجمع عليها قليل.
فيعرف الخلاف القوي في المسألة، ثم دليل القول الآخر، ثم يعرف ترجيحا لمن رجح من أهل العلم.
وأقف عند هذه المسألة الأخيرة بشيء من التفصيل وهو: أننا نسمع كثيرا من يقول عند المتفقهة الراجح كذا، أو يستعملها من يُعنى بدراسات فقه الحديث الراجح كذا، وكلمة الراجح عند العلماء المحققين ليست مطلقة وإنما هي راجح نسبي، فالعالم الذي قال الراجح كذا، لا يعني الرجحان المطلق أنّ هذه المسألة الحكم فيها راجح مطلقا، وإنما يعني راجح بحسب ما ظهر له.
فإذن إذا قيل في كتاب ما: الراجح كذا، فالذي يعنيه من قالها الراجح عندي؛ يعني عند المتكلم، لا يعني أنه الراجح المطلق يستلزم أن يكون متفقا عليه.
فإذن ليس ثَم عند علماء الفقه ولا المتفقهة بعامة، ليس ثم راجح مطلق إلا المسائل التي الخلاف فيها شاذا.
بسم الله الرحمن الرحيم
أحمد الله جل وعلا خير حمد وأوفاه، حمدا متتابعا ما تتابع الليل والنهار كلما حمده الحامدون وغفل عن حمده الغافلون، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فأسأل الله جل جلاله أن يجعلني وإياكم ممن بارك في أقوالهم وأعمالهم، وممن بارك في أعمارهم، وأن يجعلنا مباركين معلمين الناس الخير حاضّين لهم عليه وأن يجعلنا ممن علم فعمل وعلم، إنه سبحانه جواد كريم.
موضوع هذه المحاضرة جاء بإلحاح الزمن عليَّ، ومعلوم أن المحاضرات تناسب المقام والمقال، وهذه الكلية صُلْبُ موادها وصلب تخصصها الفقه، وغيره فرع أو فروع عنه إذا صحَّ صح الباقي، وإذا ضعُف ضعف الباقي ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين.
والذي حدا لهذا العنوان هو ما نراه اليوم من أن المتفقهة وطلاب العلم الذين يعنون بالفقه سواء أكان من جهة درسهم للخلاف في الفقه، أو كان من جهة درسهم للخلاف في الأدلة والأحاديث من أي مدرسة شئت، هؤلاء لابد أن ينظروا إلى زمانهم وإلى هذا العصر نظرة تناسب مقام الجهاد الذي هو واجب على الجميع، بحسب الاستطاعة.
ولاشك أن طلب العلم الشرعي وبذل النفس في ذلك، وأن يكون طالب العلم قويا في ملكته، قويا في محفوظاته، قويا في فهمه لحدود ما أنزل الله جل وعلا على رسوله صَلَّى الله عليه وسلم، لاشك أن ذلك سلم الوصول للنتائج، فلا نتيجة لفقيه في هذا العصر إذا كان في بدايته مهزوز العلم أو ضعيف التكوين أو كان قليل البضاعة والتأصيل، وإذا كانت العلوم الشرعية الأصلية أو المساندة إذا كانت لها فنون وفروع فالفقه كذلك، لهذا ذكر العلماء أن الفقه:
· منه فقه أحكام.
· ومنه فقه المقاصد.
· ومنه فقه القواعد الشرعية.
· ومنه الجمع والفرق بين المسائل.
· ومنه أصول الفقه التي هي الطرق الموصلة إلى الاستنباط الصحيح.
وغير ذلك أيضا.
لهذا نقول في المقدمة وتوطئة للحديث: إنّ الواجب على كل من آنس من نفسه رشدا وخيرا وقوة بما أنعم الله عليه، إن الواجب عليه أن يحصِّل هذا العلم؛ لأنه واجب كفائي، والناس اليوم أشد ما يكونون حاجة إلى من يعلم الشريعة ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ﴾[الجاثية:18].
وهذا التفقه ذكر العلماء فيه أنّ طلب العلم لمن قويت ملكته ورُجي نفعه العام أن طلب العلم أفضل من الجهاد في سبيل الله عز وجل جهاد النفل، ولهذا كان مما ينبغي على طالب العلم أن يُحسن النية والقصد في طلبه للعلم.
علم الفقه تدرسونه إما على كتاب على مذهب، أو على مذاهب بحسب المنهج، والفقه قُسِم إلى أقسام -كما هو معروف- إلى العبادات وإلى المعاملات إلى آخره.
واليوم الناس بحاجة إلى من يفقه الأحكام الشرعية من طلبة العلم، ومن الواقع ومن مجالساتي الكثيرة للزملاء ومما أعرفه عن كثيرين أيضا أنهم انشغلوا بالفقه الماضي عن الفقه الحاضر؛ وذلك له سبب، وأعني بالفقه الماضي المسائل المعروفة التي يكثر تداولها من مسائل العبادات ومشهور المعاملات إلى آخر ذلك، وهذه التفقه فيها مطلوب وواجب شرعي كفائي أو عيني بحسب الحال.
ولكن الملاحظ هو فيما يحتاجه الناس اليوم من فقه المعاملات والعقود، وفقه العصر فيما يجد كل يوم، فكل يوم ثَم جديد، وجديد ينسيك كل جديد، لهذا هل من صيغة يمكن أن يصل بها طالب العلم إلى فقه العصر في الأحكام؟ نعم مطلوب أن يكون التعلم للحاجة أن يكون التعلم بحسب حاجة العبد وحاجة الناس.
وأما التوسع في مسائل وهو يحتاج إليها في غيرها ويتركها لا يبحثها ولا يتعلمها ثم يقول لا أدري، وعنده الملكة، فهذا قصور منه إذا كان الجهاد في حقه متعينا في هذا العلم.
المقصود أنّ علم الفقه اليوم يُدرس على الحقيقة في مرحلة من مراحله، وليست هي النهاية؛ ولكن هي البداية، فمن درس كلام العلماء في كتبهم الفقهية -علماء المذاهب-، وتدرَّب على معرفة صورة المسألة إلى آخره، فقد أخذ مرحلة مهمة، وهذه هي التي يدرسها طلاب كليات الشريعة ونحوهم.
ولكن هذه أيضا تحتاج من المعلم والمتعلم إلى أن يجعلها مفيدة له، وذلك أن يكون تصوره للمسائل سابقا للكلام عليها.
ولهذا نقول: إنَّ من المنهج الصحيح في دراسة الفقه أنْ يدرس طالب العلم الفقه الذي هو مدوَّن في الكتب المعروفة في المسائل كلها أو في أكثرها بحسب قوته أن يدرسه على النحو التالي:
أولا: أن يتصور المسألة، فالتصور ينبني عليه فهم المسائل والتفريق ما بين مسألة وأخرى.
والثاني: أن يعلم لغة العلم التي يعبر بها علماء الفقه عن علمهم، فلكل فن لغة، إذا خاطبت أهله بغير لغتهم لم يفهموا، وبالتالي إذا استقيت منهم على غير لغتهم فإنه سيصيبك قصور.
والثالث: حكم المسألة بحسب اجتهاد الإمام أو اجتهاد المذهب أو بحسب ما قرر.
ثم دليلها، ثم وجه الاستدلال من الدليل، والدليل عند الفقهاء أشمل من النص، قد يكون الدليل نصا -يعني من الكتاب ومن السنة-، ولا نعني بالنص النص عند الأصوليين، نص نصا من الكتاب ومن السنة، وقد يكون الدليل إجماعا وقد يكون إلى آخر ثلاثة عشرة دليلا معروفة عند الأصوليين، فيعرف الدليل بحسب كلام العالم أو الإمام بحسب المقرر.
ثم بعد ذلك يعرف وجه الاستدلال باستعمال أصول الفقه حتى يكون اتباعه للدليل عن فهم لوجه الاستدلال منه.
ثم معرفة القول الآخر في المسألة، والقول الآخر المهم هوالقول القوي، أما الأقوال فهي كثيرة بعض المسائل يصل الخلاف فيها إلى اثني عشر قولا، وبعضها إلى تسعة وبعضها إلى سبعة إلى أن تصل إلى قولين في المسألة، والمسائل المجمع عليها قليل.
فيعرف الخلاف القوي في المسألة، ثم دليل القول الآخر، ثم يعرف ترجيحا لمن رجح من أهل العلم.
وأقف عند هذه المسألة الأخيرة بشيء من التفصيل وهو: أننا نسمع كثيرا من يقول عند المتفقهة الراجح كذا، أو يستعملها من يُعنى بدراسات فقه الحديث الراجح كذا، وكلمة الراجح عند العلماء المحققين ليست مطلقة وإنما هي راجح نسبي، فالعالم الذي قال الراجح كذا، لا يعني الرجحان المطلق أنّ هذه المسألة الحكم فيها راجح مطلقا، وإنما يعني راجح بحسب ما ظهر له.
فإذن إذا قيل في كتاب ما: الراجح كذا، فالذي يعنيه من قالها الراجح عندي؛ يعني عند المتكلم، لا يعني أنه الراجح المطلق يستلزم أن يكون متفقا عليه.
فإذن ليس ثَم عند علماء الفقه ولا المتفقهة بعامة، ليس ثم راجح مطلق إلا المسائل التي الخلاف فيها شاذا.