مفهوم السعادة وحقيقتها.
معنى السعادة
كلمة السعادة من بين الكلمات التي اختلف الناس حولها؛ فمنهم من يراها قرينة اللذة أو الراحة أو المال أو المنصب أو الشهرة.. إلخ، وبذلك يفني كثير من الناس حياتهم في دروب شتى بحثًا عن السعادة، نعم.. السعادة هي شعور ينبع من داخل النفس إذا شعرت بالرضا والغبطة والطمأنينة والأريحية والبهجة، لكن لقد اختلفت نظرات الناس للسعادة باختلاف طباعهم واهتماماتهم وتطلعاتهم وحتى مجتمعاتهم، فبعضهم يراها في المال أو السكن أو الجاه أو الصحة، وآخرون يرونها في الزوجة أو الأولاد أو العمل أو الدراسة، وربما يرآها آخرون في القرب من الحبيب أو في التخلص من مزعج أو في تبتل روحي أو مساعدة مسكين وفقير، لكن العجيب عندما تسأل كثير من هؤلاء: هل أنت سعيد حقًّا وصدقًا؟ تكون الإجابة بالنفي!!!
إذًا فأنت ترى أنّ تعريفات السعادة تختلف من إنسان إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر
أكثر شعوب العالم سعادة
وضعت بعض الجهات الدولية سُلَّمًا اسمه سُلَّم السعادة بين الشعوب، وأرادت أن تعرف أي الشعوب هو أسعدها، وأعطت درجات لهذا السلم وقامت باستقراءات مختلفة؛ لكن النتيجة كانت مفاجأة للجميع؛ فقد كانت شعوب الولايات المتحدة الأمريكية أكثر الناس بؤسًا وليس سعادة ولم تحصل إلا على علامات متدنية، مع أننا نعرف كم هي الرفاهية الموجودة للفرد الأمريكي في بلده، والغريب جدًّا أن شعب نيجيريا هو الذي نال أكبر درجة من العلامات وكان هو أسعد الشعوب بالرغم من الفقر المدقع الذي يعانيه هذا الشعب!!!
يقول أحد الدكاترة:
عن سعادة البشرية:
"يجب أن لا يغرب عن البال أن المدنية الغربية الحديثة خابت في إرضاء النفوس، وأخفقت في إيجاد السعادة البشرية؛ فهبطت بالناس في هاوية الشقاء والارتباك؛ لأن جهود العلم الحديث موجهة إلى التدمير والإفناء، فهو بعيد والحالة هذه من أن يتصف بالكمال، أو أن يكون واسطة لخدمة الإنسانية كما كان في عهد الإسلام".
تلك هي نتائج الاستقصاء الذي أجرته مجلة النيوز ويك الأمريكية حول أكثر شعوب العالم سعادة، حيث تربّع الشعب النيجيري الفقير ذو الأغلبية المسلمة على رأس القائمة التي تضم خمسًا وستين دولة، وتلته شعوب كل من: المكسيك، فنزويلا، سلفادور، بينما احتلّت الدول المتقدمة ـ أمام دهشة مُعدّي التقرير ـ مراكز متأخرة على سُلم السعادة، ولكننا قد نقف طويلًا أمام اعتراف معظم الأمريكيين المستجوبين في التقرير بأن السعادة لا تتعلق بالغنى والمال[1]، وهو ما يبدو مستغربًا في مجتمع براجماتي قام في تأسيسه على أكثر أشكال الرأسمالية تطرفًا؛ الأمر الذي دفع المجلة ذاتها فيما بعد لتقصي ظاهرة عودة الدين للانتشار في الولايات المتحدة[2]؛ لتدور التساؤلات من جديد حول السعي اللاهث للأمريكيين في البحث عن السعادة، عبر وصفات التأمل العابرة، والتي تؤخذ كجرعات لعلاج النفوس المتعبة.
ولعلك تجد هذه الإشكالية حول ماهية السعادة وكيفية تحصيلها عند كثير ممن عرّفوها؛ فأفلاطون اعتبر أن السعادة هي فضائل النفس: (الحكمة والشجاعة والعفة والعدالة)، واعتبر أن الإنسان لا يسعد السعادة الكاملة إلا بعودة روحه إلى العالم الآخر، أما أرسطو فاعتبر السعادة هبة من الله، واعتبرها تتكون من خمسة أبعاد؛ وهي: صحة البدن وسلامة الحواس، والحصول على الثروة وحسن استخدامها، والنجاح في العمل وتحقيق الطموحات، وسلامة العقل وصحة الاعتقا
، والسمعة الطيبة والاستحسان من الناس. وفي علم النفس يمكن فهم السعادة بوصفها انعكاسًا لدرجة الرضا عن الحياة أو بوصفها انعكاسًا لمعدلات تكرار حدوث الانفعالات السارة[3]، لكن يبقى السؤال قائمًا إزاء هذا الاختلاف في مفهوم السعادة، ما هي السعادة؟ وكيف يمكن أن أكون سعيدًا؟ وهل السعادة تكون في مجرد تحقيق اللذة؟
مفاهيم خاطئة للسعادة
داليدا
مطربة عالمية مشهورة
الحياة لا تحتمل!!
"قبل أن تنتحر كتبت رسالتها الأخيرة، وقالت فيها: الحياة لا تحتمل!! سامحوني"
كثيرًا ما ينساق الشخص وراء اللذائذ المختلفة، فلا يترك لذة إلا ويقترفها، ويظن بأنه لو حصّل اللذائذ كلها لحصل على السعادة، ولكنه يفاجئ بأنه أبعد الناس عن السعادة، فلذائذ الدنيا متنوعة ومتعددة ومتغيرة الشكل والوصف ولكن ليست كل لذة فيها سعادة؛ ومن ثم يحصل الخلط بين مفهوم السعادة وبين مفهوم اللذة، والصحيح أنهما يجتمعان من جهة ويفترقان من جهة أخرى؛ يجتمعان في كون كل منهما يُدخل السرور إلى النفس، ولكنهما يفترقان، والفرق بينهما في أن اللذة تُقطف قطفًا وتذهب نشوتها فورًا بعد الانتهاء من سببها، وربما حصلت بعدها ندامة وتعاسة ما بعدها تعاسة، أما السعادة فتظل تصاحب صاحبها فترة ليست بقليلة.
وهذا الخلط بين مفهوم السعادة ومفهوم اللذة يكون أحيانًا التباسًا من الشخص نفسِه فيظن كلَّ لذة سعادة، فالشهرة لذة لا تقابلها لذة، أن تكون مشهورًا ومعروفا بين الناس، يُقدّمك الناس في المجالس ويمدحون نتاجك.. كل ذلك نوع من اللذة، لكن كم من صاحب شهرة أو مال أو منصب أو جمال ومع ذلك كان كئيبًا تعيسًا يتعالج لدى الأطباء النفسيين، أو خُتمت حياته بالانتحار لينهي همه وغمه وتعاسته!! وكم سمعنا عن المشاهير مَن أنهى حياته منهم بالانتحار ليتخلص من حياته التي سادتها التعاسة وأشقت أيامه، فقرر التخلص من حياته عن طريق الانتحار!!، وكثيرا ما تجد من أغرق نفسه في المتع الجنسية والانتقال من واحدة إلى أخرى، فإذا سألت عنه بعد ذلك وجدته صريعًا لمرض الإيدز!! فالعلاقات المحرمة لذيذة لكن فيها خراب الأسر والبيوت وهدم المجتمعات واختلاط الأنساب، ومشاهدة الأفلام الجنسية قد يكون فيه نوع من اللذة لكن فيها تحطيم لنفسية صاحبها، وهتك للروابط المقدسة، واعتداء صارخ على عفة المجتمع وحصانته، ومن اللذائذ الأخرى الطعام؛ فتجد من يحرص على الطعام حرصه على العبادة أو أشد، وقد أتخم نفسه باللحوم والسكريات، ثم تجده نزيلًا دائمًا على الأطباء والمستشفيات!!
وأحيانًا يكون هذا اللبس بين مفهوم السعادة وبين مفهوم اللذة مقصودًا من جهات محددة؛ فكثير من الجهات تحاول أن تسوّق اللذات المختلفة على أنها عين السعادة وجوهرُها، وهدفهم من ذلك السيطرة على العقول وتحريكها باتجاهات مختلفة؛ فالشاب الذي يتناول المخدرات يتناولها في بدايتها بسبب اللذة الموجودة فيها، ثم بعد ذلك يتحول دُمية في يد من يموله ويقدمها له!!
والإعلانات التي تُسوِّق للسلع المختلفة تسحر الناس بسلعها المعلنة؛ فلا تجدهم إلا في الأسواق باحثين عن سلعة أو عرض جديد!!
إذن ليست السعادة في أن يتوفر للإنسان كل ما يريد! وإلا لكان أسعد الناس الأغنياء والرؤساء، غير أن الدراسات العلمية والمشاهدة الواقعية تنفي ذلك، وربما كان ذلك من تمام عدل الله في هذا الكون، ألا ترى سعادة كثير من الفقراء والمغمورين! بل ألا ترى سعادة كثير من الأغنياء بكثير من الأمور المعنوية التي ربما يمتلكها الفقراء أكثر منهم! فلعل السعادة تكون في الراحة!!
يظن كثير من الناس أن الراحة تعني السعادة؛ فيسعى لراحة ربما تجلب له كثير من الهم والغم والوحدة والشقاء، وينسى أنه كثيرًا ما يشعر بالسعادة وهو يُتعب جسده، بل قد تكون المشقة هي عين السعادة أحيانًا، فلو اضطررت لأن ترمي نفسك في بئر لتنقذ طفلًا وقع فيه ستكون سعيدًا على الرغم من كل الجروح والآلام التي تعانيها جراء نزولك في البئر، أمَا ترى المشقة التي يكابدها العلماء وطلاب العلم أثناء التحصيل العلمي تضفي عليهم السعادة، وترفعهم إلى مراتب عالية من النشوة على الرغم مما يعانونه من مشاق كبيرة؟!! وكذلك فإنك ترى الرياضي يسعد برياضته رغم تصبب العرق من جسده، وكمن يسعى في خدمة الضعفاء والمحتاجين ويسعد بذلك رغم بذله ونصبه، وكمن ينفق مالًا تحبه نفسه للفقراء والمساكين، فيبذل الإنسان من راحته وما يحب ليجد السعادة في نفسه.
إذًا نتيجة لهذه التداخلات والرؤى المختلفة والتعريفات المتنوعة للسعادة يبقى المرء حائرًا في ظل بحثه الدءوب عن معنى وكيفية تحصيل السعادة الحقيقية
معنى السعادة
كلمة السعادة من بين الكلمات التي اختلف الناس حولها؛ فمنهم من يراها قرينة اللذة أو الراحة أو المال أو المنصب أو الشهرة.. إلخ، وبذلك يفني كثير من الناس حياتهم في دروب شتى بحثًا عن السعادة، نعم.. السعادة هي شعور ينبع من داخل النفس إذا شعرت بالرضا والغبطة والطمأنينة والأريحية والبهجة، لكن لقد اختلفت نظرات الناس للسعادة باختلاف طباعهم واهتماماتهم وتطلعاتهم وحتى مجتمعاتهم، فبعضهم يراها في المال أو السكن أو الجاه أو الصحة، وآخرون يرونها في الزوجة أو الأولاد أو العمل أو الدراسة، وربما يرآها آخرون في القرب من الحبيب أو في التخلص من مزعج أو في تبتل روحي أو مساعدة مسكين وفقير، لكن العجيب عندما تسأل كثير من هؤلاء: هل أنت سعيد حقًّا وصدقًا؟ تكون الإجابة بالنفي!!!
إذًا فأنت ترى أنّ تعريفات السعادة تختلف من إنسان إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر
أكثر شعوب العالم سعادة
وضعت بعض الجهات الدولية سُلَّمًا اسمه سُلَّم السعادة بين الشعوب، وأرادت أن تعرف أي الشعوب هو أسعدها، وأعطت درجات لهذا السلم وقامت باستقراءات مختلفة؛ لكن النتيجة كانت مفاجأة للجميع؛ فقد كانت شعوب الولايات المتحدة الأمريكية أكثر الناس بؤسًا وليس سعادة ولم تحصل إلا على علامات متدنية، مع أننا نعرف كم هي الرفاهية الموجودة للفرد الأمريكي في بلده، والغريب جدًّا أن شعب نيجيريا هو الذي نال أكبر درجة من العلامات وكان هو أسعد الشعوب بالرغم من الفقر المدقع الذي يعانيه هذا الشعب!!!
يقول أحد الدكاترة:
عن سعادة البشرية:
"يجب أن لا يغرب عن البال أن المدنية الغربية الحديثة خابت في إرضاء النفوس، وأخفقت في إيجاد السعادة البشرية؛ فهبطت بالناس في هاوية الشقاء والارتباك؛ لأن جهود العلم الحديث موجهة إلى التدمير والإفناء، فهو بعيد والحالة هذه من أن يتصف بالكمال، أو أن يكون واسطة لخدمة الإنسانية كما كان في عهد الإسلام".
تلك هي نتائج الاستقصاء الذي أجرته مجلة النيوز ويك الأمريكية حول أكثر شعوب العالم سعادة، حيث تربّع الشعب النيجيري الفقير ذو الأغلبية المسلمة على رأس القائمة التي تضم خمسًا وستين دولة، وتلته شعوب كل من: المكسيك، فنزويلا، سلفادور، بينما احتلّت الدول المتقدمة ـ أمام دهشة مُعدّي التقرير ـ مراكز متأخرة على سُلم السعادة، ولكننا قد نقف طويلًا أمام اعتراف معظم الأمريكيين المستجوبين في التقرير بأن السعادة لا تتعلق بالغنى والمال[1]، وهو ما يبدو مستغربًا في مجتمع براجماتي قام في تأسيسه على أكثر أشكال الرأسمالية تطرفًا؛ الأمر الذي دفع المجلة ذاتها فيما بعد لتقصي ظاهرة عودة الدين للانتشار في الولايات المتحدة[2]؛ لتدور التساؤلات من جديد حول السعي اللاهث للأمريكيين في البحث عن السعادة، عبر وصفات التأمل العابرة، والتي تؤخذ كجرعات لعلاج النفوس المتعبة.
ولعلك تجد هذه الإشكالية حول ماهية السعادة وكيفية تحصيلها عند كثير ممن عرّفوها؛ فأفلاطون اعتبر أن السعادة هي فضائل النفس: (الحكمة والشجاعة والعفة والعدالة)، واعتبر أن الإنسان لا يسعد السعادة الكاملة إلا بعودة روحه إلى العالم الآخر، أما أرسطو فاعتبر السعادة هبة من الله، واعتبرها تتكون من خمسة أبعاد؛ وهي: صحة البدن وسلامة الحواس، والحصول على الثروة وحسن استخدامها، والنجاح في العمل وتحقيق الطموحات، وسلامة العقل وصحة الاعتقا
، والسمعة الطيبة والاستحسان من الناس. وفي علم النفس يمكن فهم السعادة بوصفها انعكاسًا لدرجة الرضا عن الحياة أو بوصفها انعكاسًا لمعدلات تكرار حدوث الانفعالات السارة[3]، لكن يبقى السؤال قائمًا إزاء هذا الاختلاف في مفهوم السعادة، ما هي السعادة؟ وكيف يمكن أن أكون سعيدًا؟ وهل السعادة تكون في مجرد تحقيق اللذة؟
مفاهيم خاطئة للسعادة
داليدا
مطربة عالمية مشهورة
الحياة لا تحتمل!!
"قبل أن تنتحر كتبت رسالتها الأخيرة، وقالت فيها: الحياة لا تحتمل!! سامحوني"
كثيرًا ما ينساق الشخص وراء اللذائذ المختلفة، فلا يترك لذة إلا ويقترفها، ويظن بأنه لو حصّل اللذائذ كلها لحصل على السعادة، ولكنه يفاجئ بأنه أبعد الناس عن السعادة، فلذائذ الدنيا متنوعة ومتعددة ومتغيرة الشكل والوصف ولكن ليست كل لذة فيها سعادة؛ ومن ثم يحصل الخلط بين مفهوم السعادة وبين مفهوم اللذة، والصحيح أنهما يجتمعان من جهة ويفترقان من جهة أخرى؛ يجتمعان في كون كل منهما يُدخل السرور إلى النفس، ولكنهما يفترقان، والفرق بينهما في أن اللذة تُقطف قطفًا وتذهب نشوتها فورًا بعد الانتهاء من سببها، وربما حصلت بعدها ندامة وتعاسة ما بعدها تعاسة، أما السعادة فتظل تصاحب صاحبها فترة ليست بقليلة.
وهذا الخلط بين مفهوم السعادة ومفهوم اللذة يكون أحيانًا التباسًا من الشخص نفسِه فيظن كلَّ لذة سعادة، فالشهرة لذة لا تقابلها لذة، أن تكون مشهورًا ومعروفا بين الناس، يُقدّمك الناس في المجالس ويمدحون نتاجك.. كل ذلك نوع من اللذة، لكن كم من صاحب شهرة أو مال أو منصب أو جمال ومع ذلك كان كئيبًا تعيسًا يتعالج لدى الأطباء النفسيين، أو خُتمت حياته بالانتحار لينهي همه وغمه وتعاسته!! وكم سمعنا عن المشاهير مَن أنهى حياته منهم بالانتحار ليتخلص من حياته التي سادتها التعاسة وأشقت أيامه، فقرر التخلص من حياته عن طريق الانتحار!!، وكثيرا ما تجد من أغرق نفسه في المتع الجنسية والانتقال من واحدة إلى أخرى، فإذا سألت عنه بعد ذلك وجدته صريعًا لمرض الإيدز!! فالعلاقات المحرمة لذيذة لكن فيها خراب الأسر والبيوت وهدم المجتمعات واختلاط الأنساب، ومشاهدة الأفلام الجنسية قد يكون فيه نوع من اللذة لكن فيها تحطيم لنفسية صاحبها، وهتك للروابط المقدسة، واعتداء صارخ على عفة المجتمع وحصانته، ومن اللذائذ الأخرى الطعام؛ فتجد من يحرص على الطعام حرصه على العبادة أو أشد، وقد أتخم نفسه باللحوم والسكريات، ثم تجده نزيلًا دائمًا على الأطباء والمستشفيات!!
وأحيانًا يكون هذا اللبس بين مفهوم السعادة وبين مفهوم اللذة مقصودًا من جهات محددة؛ فكثير من الجهات تحاول أن تسوّق اللذات المختلفة على أنها عين السعادة وجوهرُها، وهدفهم من ذلك السيطرة على العقول وتحريكها باتجاهات مختلفة؛ فالشاب الذي يتناول المخدرات يتناولها في بدايتها بسبب اللذة الموجودة فيها، ثم بعد ذلك يتحول دُمية في يد من يموله ويقدمها له!!
والإعلانات التي تُسوِّق للسلع المختلفة تسحر الناس بسلعها المعلنة؛ فلا تجدهم إلا في الأسواق باحثين عن سلعة أو عرض جديد!!
إذن ليست السعادة في أن يتوفر للإنسان كل ما يريد! وإلا لكان أسعد الناس الأغنياء والرؤساء، غير أن الدراسات العلمية والمشاهدة الواقعية تنفي ذلك، وربما كان ذلك من تمام عدل الله في هذا الكون، ألا ترى سعادة كثير من الفقراء والمغمورين! بل ألا ترى سعادة كثير من الأغنياء بكثير من الأمور المعنوية التي ربما يمتلكها الفقراء أكثر منهم! فلعل السعادة تكون في الراحة!!
يظن كثير من الناس أن الراحة تعني السعادة؛ فيسعى لراحة ربما تجلب له كثير من الهم والغم والوحدة والشقاء، وينسى أنه كثيرًا ما يشعر بالسعادة وهو يُتعب جسده، بل قد تكون المشقة هي عين السعادة أحيانًا، فلو اضطررت لأن ترمي نفسك في بئر لتنقذ طفلًا وقع فيه ستكون سعيدًا على الرغم من كل الجروح والآلام التي تعانيها جراء نزولك في البئر، أمَا ترى المشقة التي يكابدها العلماء وطلاب العلم أثناء التحصيل العلمي تضفي عليهم السعادة، وترفعهم إلى مراتب عالية من النشوة على الرغم مما يعانونه من مشاق كبيرة؟!! وكذلك فإنك ترى الرياضي يسعد برياضته رغم تصبب العرق من جسده، وكمن يسعى في خدمة الضعفاء والمحتاجين ويسعد بذلك رغم بذله ونصبه، وكمن ينفق مالًا تحبه نفسه للفقراء والمساكين، فيبذل الإنسان من راحته وما يحب ليجد السعادة في نفسه.
إذًا نتيجة لهذه التداخلات والرؤى المختلفة والتعريفات المتنوعة للسعادة يبقى المرء حائرًا في ظل بحثه الدءوب عن معنى وكيفية تحصيل السعادة الحقيقية