شرح الأربعين النووية - للشيخ : ( عبد المحسن العباد حفظه الله)
شرح الحديث الثالث:
أركان الإسلام الخمسة هي أول ما يطالب به المسلم، وهي تختلف من حيث الأهمية والتقديم، فأهميتها على حسب ترتيبها في حديث جبريل، فيجب على المسلم الاهتمام بها وأداؤها كما أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (بني الإسلام على خمس)
يقول الإمام النووي رحمه الله: [ عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)، رواه البخاري و مسلم ].هذا الحديث هو الحديث الثالث من الأربعين التي اختارها الإمام النووي وأودعها في كتابه (الأربعين)، وقد أتى به بعد حديث جبريل الذي فيه سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان، وقد أجاب عليه الصلاة والسلام جبريل بقوله: (الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً).والخمس الموجودة في حديث: (بني الإسلام على خمس)، هي نفس الخمس التي جاءت في حديث جبريل، وإيراد الإمام النووي رحمه الله لهذا الحديث لا يعتبر من قبيل التكرار، وذلك لأن في حديث عبد الله بن عمر معنى زائداً على ما جاء في حديث جبريل؛ لأن حديث جبريل فيه تفسير الإسلام بذكر هذه الأمور الخمسة، وأما حديث ابن عمر ففيه بيان أهمية هذه الأمور الخمسة وعظيم شأنها، وأن الإسلام بني عليها.ففيه معنى زائد على ما جاء في حديث جبريل، فلا يقال إنه تكرار. وإنما فيه معنى زائد على ما جاء فيه.
عظم شأن أركان الإسلام
وقوله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس) فيه بيان عظيم شأن هذه الأركان الخمسة في الإسلام، وأنها هي الأمور التي تعتبر الأصل والأساس، وغيرها وإن كان مطلوباً فإنه تابع لها، فذكر هذه الأسس الخمسة التي ينبني عليها دين الإسلام، وغيرها يكون تابعاً لها.وهذا فيه تشبيه الأمور المعنوية بالأمور الحسية؛ لأن ذلك أقرب إلى الأذهان، فإن الإنسان يتصور أهمية هذا المعنى كما يشاهد البنيان الذي يقوم على أعمدة، وإذا سقطت أعمدته أو اختلت أعمدته فإنه يسقط ويقع، فهذه الأمور الخمسة هي بمثابة الأركان وبمثابة العمد التي يقوم عليها البنيان.فهذا تنبيه على أن هذا الإسلام مبني على هذه الخمسة، وأنها شبيهة بالأعمدة التي يقوم عليها البيت، والتي يقوم عليها البناء، فإن ذلك يدل على أهميتها وعلى عظيم شأنها.
فائدة ذكر العدد في أول المعدود
ثم إن ذكر الخمس في أول الحديث وذكر العدد فيه فائدة، وهي التنبه للمعدود، وذلك أنه عندما يأتي ذكر العدد في الأول يتهيأ السامع ويستعد لمعرفة المعدود، فلو سقط شيء أو نسي العاد شيئاً فمعنى ذلك أنه حصل عنده نقص، فيحتاج إلى البحث عنه لتحصيله وتداركه، بخلاف ما إذا أتي بالشيء من غير ذكر العدد، فإن ذلك لا يكون مثل ما مما إذا ذكر العدد.والنبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي بمعدودات ويشير إلى عددها قبل أن يأتي ذكرها، ومن ذلك ما يكون اثنين، ومنه ما يكون ثلاثة، ومنه ما يكون أربعة، ومنه ما يكون خمسة، ومنه ما يكون ستة، ومنه ما يكون سبعة، فيأتي بذكر العدد في الأول ثم يأتي بالمعدودات، وهذا فيه -كما قلت- تنبيه للسامع إلى أن يعي ويستوعب المعدودات التي ذكر له عددها.فهذه من الفوائد التي فيها تحفيز السامع على استيعاب المعدود ومطالبة نفسه بتحصيله، وأنه إذا فاته منه شيء فمعناه أنه حصل عنده نقص.وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة فيما يتعلق بمعدودين، كما جاء في آخر حديث في صحيح البخاري ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) يعني أنهما هاتان الكلمتان.فقد ذكر العدد أولاً، ثم ذكر المعدود آخراً، وكذلك جاء ذكر الثلاث في قوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان...) الحديث، فذكر العدد ثلاثة، ثم ذكر المعدود بعد ذلك، وكذلك جاء ذكر أربع في قوله صلى الله عليه وسلم: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً...) الحديث، وجاء: (حق المسلم على المسلم خمس ...) الحديث، وكذلك جاء ذكر غيرها من الأعداد.وهذا من المنهج والطريقة التي كان يسلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتعليم أصحابه، وفائدة ذلك -كما أشرت- هي تحفيز السامع إلى أن يستوعب الشيء الذي يلقى عليه، وأن يطالب نفسه بالعدد، فإذا فاته شيء منه فمعناه أنه نقص عليه العدد، وأنه لم يستوعب، ويحتاج إلى أن يبحث عما يكمل به العدد.
التلازم بين الشهادتين
ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (بني الإسلام على خمس)، ثم بدأها بالشهادتين، والشهادتان ركن واحد، وهما اثنان، ولكنهما متلازمان، فهاتان الشهادتان متلازمتان لا تنفك إحداهما عن الأخرى، ومن شهد أن لا إله إلا الله ولم يشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأمة فإن ذلك لا ينفعه، بل لابد من شهادة أن لا إله إلا الله ولابد من شهادة أن محمداً رسول الله عليه الصلاة والسلام.وهذا لازم لجميع الجن والإنس من حين بعثته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه إلى قيام الساعة، فلابد من الجمع بين الشهادتين، ولو شهد المرء أنه لا إله إلا الله ولم يشهد أن محمداً رسول الله فإن ذلك لا ينفعه عند الله، بل لابد من الشهادتين؛ لأنهما متلازمتان لا تنفك إحداهما عن الأخرى، فالمتعين علىٍ كل من الإنس والجن من حين بعثته إلى قيام الساعة أن يأتوا بهاتين الشهادتين، ولو أتى أحد بشهادة أن لا إله إلا الله ولم يأت بشهادة أن محمد رسول الله فإن ذلك لا ينفعه، ولو قال: إنه تابع للأنبياء السابقين، كاليهود الذين يزعمون أنهم أتباع موسى، والنصارى الذين يزعمون أنهم أتباع عيسى، فإذا لم يؤمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام بعد بعثته فإن إيمانهم الذي يزعمونه لا يعتبر، ولا يعتد به، كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا كان من أصحاب النار) أخرجه مسلم في صحيحه، وهذا الحديث يدل على أن اليهود والنصارى يعتبرون من أمة محمد عليه الصلاة والسلام أمة الدعوة، أي أن الدعوة موجهة إليهم، بل هي موجهة إلى كل أنسي وجني من حين بعثته عليه الصلاة والسلام إلى قيام الساعة.فإذاً: الشهادتان متلازمتان، لا تنفك إحداهما عن الأخرى، ولابد من الجمع بينهما، ولا يكفي الإنسان أن يشهد أن لا إله إلا الله دون أن يشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شرح الحديث الثالث:
أركان الإسلام الخمسة هي أول ما يطالب به المسلم، وهي تختلف من حيث الأهمية والتقديم، فأهميتها على حسب ترتيبها في حديث جبريل، فيجب على المسلم الاهتمام بها وأداؤها كما أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (بني الإسلام على خمس)
يقول الإمام النووي رحمه الله: [ عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)، رواه البخاري و مسلم ].هذا الحديث هو الحديث الثالث من الأربعين التي اختارها الإمام النووي وأودعها في كتابه (الأربعين)، وقد أتى به بعد حديث جبريل الذي فيه سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان، وقد أجاب عليه الصلاة والسلام جبريل بقوله: (الإسلام: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً).والخمس الموجودة في حديث: (بني الإسلام على خمس)، هي نفس الخمس التي جاءت في حديث جبريل، وإيراد الإمام النووي رحمه الله لهذا الحديث لا يعتبر من قبيل التكرار، وذلك لأن في حديث عبد الله بن عمر معنى زائداً على ما جاء في حديث جبريل؛ لأن حديث جبريل فيه تفسير الإسلام بذكر هذه الأمور الخمسة، وأما حديث ابن عمر ففيه بيان أهمية هذه الأمور الخمسة وعظيم شأنها، وأن الإسلام بني عليها.ففيه معنى زائد على ما جاء في حديث جبريل، فلا يقال إنه تكرار. وإنما فيه معنى زائد على ما جاء فيه.
عظم شأن أركان الإسلام
وقوله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس) فيه بيان عظيم شأن هذه الأركان الخمسة في الإسلام، وأنها هي الأمور التي تعتبر الأصل والأساس، وغيرها وإن كان مطلوباً فإنه تابع لها، فذكر هذه الأسس الخمسة التي ينبني عليها دين الإسلام، وغيرها يكون تابعاً لها.وهذا فيه تشبيه الأمور المعنوية بالأمور الحسية؛ لأن ذلك أقرب إلى الأذهان، فإن الإنسان يتصور أهمية هذا المعنى كما يشاهد البنيان الذي يقوم على أعمدة، وإذا سقطت أعمدته أو اختلت أعمدته فإنه يسقط ويقع، فهذه الأمور الخمسة هي بمثابة الأركان وبمثابة العمد التي يقوم عليها البنيان.فهذا تنبيه على أن هذا الإسلام مبني على هذه الخمسة، وأنها شبيهة بالأعمدة التي يقوم عليها البيت، والتي يقوم عليها البناء، فإن ذلك يدل على أهميتها وعلى عظيم شأنها.
فائدة ذكر العدد في أول المعدود
ثم إن ذكر الخمس في أول الحديث وذكر العدد فيه فائدة، وهي التنبه للمعدود، وذلك أنه عندما يأتي ذكر العدد في الأول يتهيأ السامع ويستعد لمعرفة المعدود، فلو سقط شيء أو نسي العاد شيئاً فمعنى ذلك أنه حصل عنده نقص، فيحتاج إلى البحث عنه لتحصيله وتداركه، بخلاف ما إذا أتي بالشيء من غير ذكر العدد، فإن ذلك لا يكون مثل ما مما إذا ذكر العدد.والنبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي بمعدودات ويشير إلى عددها قبل أن يأتي ذكرها، ومن ذلك ما يكون اثنين، ومنه ما يكون ثلاثة، ومنه ما يكون أربعة، ومنه ما يكون خمسة، ومنه ما يكون ستة، ومنه ما يكون سبعة، فيأتي بذكر العدد في الأول ثم يأتي بالمعدودات، وهذا فيه -كما قلت- تنبيه للسامع إلى أن يعي ويستوعب المعدودات التي ذكر له عددها.فهذه من الفوائد التي فيها تحفيز السامع على استيعاب المعدود ومطالبة نفسه بتحصيله، وأنه إذا فاته منه شيء فمعناه أنه حصل عنده نقص.وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة فيما يتعلق بمعدودين، كما جاء في آخر حديث في صحيح البخاري ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) يعني أنهما هاتان الكلمتان.فقد ذكر العدد أولاً، ثم ذكر المعدود آخراً، وكذلك جاء ذكر الثلاث في قوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان...) الحديث، فذكر العدد ثلاثة، ثم ذكر المعدود بعد ذلك، وكذلك جاء ذكر أربع في قوله صلى الله عليه وسلم: (أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً...) الحديث، وجاء: (حق المسلم على المسلم خمس ...) الحديث، وكذلك جاء ذكر غيرها من الأعداد.وهذا من المنهج والطريقة التي كان يسلكها رسول الله صلى الله عليه وسلم لتعليم أصحابه، وفائدة ذلك -كما أشرت- هي تحفيز السامع إلى أن يستوعب الشيء الذي يلقى عليه، وأن يطالب نفسه بالعدد، فإذا فاته شيء منه فمعناه أنه نقص عليه العدد، وأنه لم يستوعب، ويحتاج إلى أن يبحث عما يكمل به العدد.
التلازم بين الشهادتين
ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (بني الإسلام على خمس)، ثم بدأها بالشهادتين، والشهادتان ركن واحد، وهما اثنان، ولكنهما متلازمان، فهاتان الشهادتان متلازمتان لا تنفك إحداهما عن الأخرى، ومن شهد أن لا إله إلا الله ولم يشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأمة فإن ذلك لا ينفعه، بل لابد من شهادة أن لا إله إلا الله ولابد من شهادة أن محمداً رسول الله عليه الصلاة والسلام.وهذا لازم لجميع الجن والإنس من حين بعثته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه إلى قيام الساعة، فلابد من الجمع بين الشهادتين، ولو شهد المرء أنه لا إله إلا الله ولم يشهد أن محمداً رسول الله فإن ذلك لا ينفعه عند الله، بل لابد من الشهادتين؛ لأنهما متلازمتان لا تنفك إحداهما عن الأخرى، فالمتعين علىٍ كل من الإنس والجن من حين بعثته إلى قيام الساعة أن يأتوا بهاتين الشهادتين، ولو أتى أحد بشهادة أن لا إله إلا الله ولم يأت بشهادة أن محمد رسول الله فإن ذلك لا ينفعه، ولو قال: إنه تابع للأنبياء السابقين، كاليهود الذين يزعمون أنهم أتباع موسى، والنصارى الذين يزعمون أنهم أتباع عيسى، فإذا لم يؤمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام بعد بعثته فإن إيمانهم الذي يزعمونه لا يعتبر، ولا يعتد به، كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا كان من أصحاب النار) أخرجه مسلم في صحيحه، وهذا الحديث يدل على أن اليهود والنصارى يعتبرون من أمة محمد عليه الصلاة والسلام أمة الدعوة، أي أن الدعوة موجهة إليهم، بل هي موجهة إلى كل أنسي وجني من حين بعثته عليه الصلاة والسلام إلى قيام الساعة.فإذاً: الشهادتان متلازمتان، لا تنفك إحداهما عن الأخرى، ولابد من الجمع بينهما، ولا يكفي الإنسان أن يشهد أن لا إله إلا الله دون أن يشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم.