بسم الله الرحمن الرحيم
الصحفي الجاهل المركب.
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى .
أمابعد:
حقيقة مرة أن ترى من يزعم أنه مثقف ومتخرج من جامعة كذا للتعليم ، درس فيها الدراسات العليا وتحصل منها على شهادات تأهيلية لينفع أمته على حسب اختصاصه ، ولكن تنقلب الأمور ويصبح هذا المثقف معول هدم لأمته بجهله المركب ولو أنصف لما تكلم فيما لا يحسنه واكتفى بجهله البسيط فيعذر بجهله هذا ، ولكن كما قيل :
قال حمارُ الحكيمِ تُومَا ***لو أنصَفَ البشرُ كنتُ أركبُ .
لأنَّني جاهلٌ بسيــــطٌ ***وصاحبِي جاهلٌ مُركَّــــــبُ. (تم تعديل كلمة الدهر بـ: البشر).
وقد عرّف العلماء الجهل البسيط بأنه عدم الإدراك بالكلية.
وأما الجهل المركب فهو إدراك الشيء على وجه يخالف ما هو عليه
والجهل المركب شر من الجهل البسيط، لأن الجهل المركب لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري.
فالجاهل البسيط مقر بأنه جاهل فيرجى رفع الجهل عنه بالتعلم ،أما الجاهل المركَّب فغير مُقِر بجهله، ويدَّعي العلم بما يجهله حقيقة ، فلا يرجى تعلمه وهو يفسد أكثر مما ينفع ويصلح .
فالجاهل المركب يرى نفسه أن مثقف و متعلم و لا يحتاج إلى من يعلمه بل هو المعلم فينشر ما يشاء ويتكلم بما يشاء يدعي الفهم والحكمة والحكم على الأشياء بما يصوره له عقله الذكي الناضج !!.
وهذا كثير ما نجده عند الصحفيين إلا من رحم الله تعالى ، ولسنا نحكم بالعموم ، بل بعضهم يتكلم في أمور لا يحسنها كأمور الدين أحكام رب العالمين ، أو الحكم على الأشخاص ونقدهم سواء كان هذا الشخص له سلطة سياسية أو إمام مسجد أو حتى عامل بسيط ، فكثير ما نسمع غير الواقع ، يصورون لك الكذب بتضخيمه فيبلغ الآفاق فيصدقه العامة.
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا النوع من الكذب وما أكثره في الصحافة والجرائد والإعلام، فقال في الحديث الطويل حديث الرؤيا : (فأتينا على رجُل مستلق لقفاهُ، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شِقّي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخراه إلى قفاهُ، وعيناهُ إلى قفاهُ» قال: «ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح الأول كما كان، ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى. فسأل عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقيل له: (إنه الرجل يغدو من بيته فيكذبُ الكذبة تبلغ الآفاق) [ رواه البخاري في صحيحه برقم 7047 ].
وكما هو معلوم فإن الكذب لا يجوز في الحالتين الجد والهزل، قال الإمام أحمد بن حنبل: ( الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل) . [الآداب الشرعية لابن مفلح 1/ 23 ].
فالصحفي الجاهل المركب يكثر من الكذب سواء بجد أو هزل من أجل تحقيق سبق صحفي أو تعمير ركن في الجريدة باسمه ولكن نسي المسكين أن صحيفته يوم القيامة ستسطر كل ما ينشر من خير أو شر.
الصحفي الجاهل المركب يحدث الفوضي بما ينشره من اشاعات وبما يحكم على غيره بأحكام مسبقة دون تروي أو دليل واضح ، لا يحترم مهنته في التثبت و نقل الخبر كما هو ، بل يلفق و يزيد و يبهت و ينتقد بغير علم .
يتكلم في أمور حساسة تمس أمن البلاد والعباد ، تمس الدين ورجاله بزعم حرية الرأي والصحافة ، و يريد أن يقدم حلولا بزعمه ولكن كما يقال يزيد الطين بلة و يزيد النار اشتعالا .
الصحفي الجاهل المركب لا يلتزم بالأمانة العلمية في مقالاته فيسرق الخبر من غيره أو يقتطع كلام المتحدث معه دون تثبت و ينشره و يزيد و ينقص فيه من أجل تشويق القارئ و جلب أكبر عدد منهم ، ولذلك تجد في الجريدة يكتبون العناوين بالبند العريض وفي داخل المقال الموضوع خلاف العنوان ، وهذا من التمويه والكذب الذي لا يحبه كثير من القراء فيصبحون لا يثقون في الكاتب و لا في الجريدة.
والصحفي الجاهل المركب تجده لا يحترم أعراض الناس من المسلمين و بالأخص أعراض العلماء وطلبة العلم الشرعي ، فيطعن فيهم وينتقصهم ويصفهم بأقبح الأوصاف بل يفتري عليهم و يرميهم مثلا بأنهم أهل تكفير و علماء سلطان و علماء العملاء و مداخلة و جامية و وهابية و غيرها من العظائم ، ولم يدري المسكين أن لحوم العلماء مسمومة ، قال الحافظ ابن عساكر - رحمه الله تعالى -: واعلم يا أخي - وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتَّقيه حق تقاته - أن لحوم العلماء - رحمة الله عليهم - مسمومة، وعادة الله في هتْك أستار منتقصيهم معلومة؛ لأن الوقيعة فيهم بما هم منه برآء أمرٌ عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتَعٌ وخيم، والاختلاف على مَن اختاره الله منهم لنعش العلم خُلُقٌ ذميم، وقال أيضًا: ومَن أطلق لسانه في العلماء بالثلب، ابتلاه اللَّه - تعالى - قبل موته بموت القلب. [تبيين كذب المفتري].
فإذا طعن في علماء الامة من قبل الجرائد والإعلام وغيرهم فما بقي للأمة من عز وفخر وسؤدد ، وإنه لأمر عجيب أن يطعن مثقف جاهل مركب في متفقه عالم متبحر ، وصدق من قال :
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم *** على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه *** والجاهلون لأهل العلم أعداء.
ولو يعلم هذا الصحفي الجاهل المركب أن كلامه يعرض على رب العالمين أمام خصومه يوم الدين فيأخذون من حسناته و حساب الأعراض عسير غير يسير لأن المسامحة في ذلك الموقف لن تكون ، وهذا هو الإفلاس الذي أخبر عنه البشير النذير صلى الله عليه وسلم ،عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أتدرون من المفلس ؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، فقال : إن المفلس من أمتي، من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا؛ فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذت من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار) .[ رواه مسلم]
و قال صلى الله عليه وسلم : (اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) [رواه مسلم].
قال ابن المبارك رحمه الله : (من استخف بالعلماء ذهبت آخرته) .[سير أعلام النبلاء 8/408]
فقبل أن تكتب وتحكم وتنشر تذكر لو أنك تكتب أمام قاضي في محضر فماذا ستكتب خوفا من حكم البشر، فتذكر يوم الحساب والمحشر.
قال حاتم الأصم: ( لو أن صاحب خبر -أي رجل أمن- جلس إليك ليكتبَ كلامَك؛ لاحترزتَ منه، وكلامُك يعرَضُ على الله -جل وعلا- فلا تحترز؟). [صفة الصفوة (4/391 ].
وما أحسن نصيحة شيخنا أبو عبد المعز فركوس المعنون لها ، نصيحةٌ إلى صحفيٍّ مسلمٍ. حيث قال في ختامها : ونختم هذه النصيحةَ بأن نحذِّر الصحفيَّ مِن الخوض في أعراض المسلمين والمسلمات، والوقوع في أذيَّتهم والإضرار بذواتهم ومكانتهم بالخديعة والمكر، والسخرية والاحتقار، وسوءِ الظنِّ في أقوالهم ومواقفهم والتجسُّسِ عليهم، وحشدِ الهِمَّة في تصيُّد العثرات والهفوات والسقطات مِن غيرِ العناية بمقاصد الألفاظ وإحسانِ الظنِّ بأصحابها، ونبزِهم بألقاب سوءٍ، وإثارةِ الوقيعة بينهم بالغِيبة والنميمة لإفساد ذات البَيْن، أو إرادةِ الكشف عن عوراتهم بالفضيحة والتشهير لغرضِ الإسقاط أو التنفير، ولو كان المعنيُّ بالطعن مُحِقًّا؛ كلُّ ذلك مسايَرةً لِما تحبُّه الأنفسُ مِن التشهِّي في لمز الأعراض ونبزِها والطعن في خلفيات الأفعال بسوء الظنِّ، وما يترتَّب على ذلك مِن مداخيل مادِّيَّةٍ على حساب لحوم المؤمنين والمؤمنات وأعراضهم، وقد جاءت النصوصُ الشرعيةُ تحرِّم ذلك في مواضعَ كثيرةٍ...إهـ [ الكلمة الشهرية بموقعه]
وقد نصح شيخنا أبو عبد الله أزهر سنيقرة في رده على جناية جريدة الخبر على أئمة المسجد وعلماء الامة .
قال حفظه الله تعالى : ولهذا أنصح هذا الصحافي، وأوجّه له هذه الكلمة لعلها تجد طريقا إلى قلبه:
اتق الله في نفسك وتب إلى الله -جل وعلا- من افتراءاتك، وتبرَّأ ممَّا كتبت قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
ووالله ثم والله، لتُسأل على مقالتك هذه، وتُستوقف من أجلها يوم القيامة، يوم لا ينفعك إلا عملك الصالح الذي يُخَلِّصُك من عذاب ربك - تبارك وتعالى-.
نسأل الله -جل وعلا- أن يهدينا سواء السبيل وأن يُوفّقنا لما يُحبه ويرضاه. إهـ
ملخص المقال:
1 – الصحفي الجاهل المركب معول هدم لأمته.
2 - الجهل البسيط عدم الإدراك بالكلية وأما الجهل المركب فهو إدراك الشيء على وجه يخالف ما هو عليه .
3 - الجاهل المركب يرى نفسه أن مثقف و متعلم و لا يحتاج إلى من يعلمه.
4 – الصحفي الجاهل المركب يكذب الكذبة تبلغ الأفاق و الكذب لا يجوز في الحالتين الجد والهزل.
5 - حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا النوع من الكذب وما أكثره في الصحافة والجرائد والإعلام اليوم.
6 - الصحفي الجاهل المركب يحدث الفوضى بما ينشره من اشاعات التي تمس أمن البلاد والعباد.
7 - الصحفي الجاهل المركب لا يلتزم بالأمانة العلمية في مقالاته.
8 - لا يحترم أعراض الناس من المسلمين و بالأخص أعراض العلماء وطلبة العلم الشرعي.
9 - الطعن في علماء الأمة من قبل الجرائد والإعلام وغيرهم يذهب عز وفخر وسؤدد الأمة.
10 – الفضل لأهل العلم لأنهم هم أهل الهدى و أما الجاهلون الطاعنون فهم الأعداء.
11 – الصحفي الجاهل المركب ظالم ومفلس يوم القيامة.
12 – العلماء أهل نصح ، نصيحة الشيخين فركوس وأزهر للصحفي المسلم.
كتبه : أبو عبد السلام جابر البسكري
ليلة الجمعة : 13 جمادى الأولى 1438هـجري
الصحفي الجاهل المركب.
الحمد لله وكفى وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى .
أمابعد:
حقيقة مرة أن ترى من يزعم أنه مثقف ومتخرج من جامعة كذا للتعليم ، درس فيها الدراسات العليا وتحصل منها على شهادات تأهيلية لينفع أمته على حسب اختصاصه ، ولكن تنقلب الأمور ويصبح هذا المثقف معول هدم لأمته بجهله المركب ولو أنصف لما تكلم فيما لا يحسنه واكتفى بجهله البسيط فيعذر بجهله هذا ، ولكن كما قيل :
قال حمارُ الحكيمِ تُومَا ***لو أنصَفَ البشرُ كنتُ أركبُ .
لأنَّني جاهلٌ بسيــــطٌ ***وصاحبِي جاهلٌ مُركَّــــــبُ. (تم تعديل كلمة الدهر بـ: البشر).
وقد عرّف العلماء الجهل البسيط بأنه عدم الإدراك بالكلية.
وأما الجهل المركب فهو إدراك الشيء على وجه يخالف ما هو عليه
والجهل المركب شر من الجهل البسيط، لأن الجهل المركب لا يدري، ولا يدري أنه لا يدري.
فالجاهل البسيط مقر بأنه جاهل فيرجى رفع الجهل عنه بالتعلم ،أما الجاهل المركَّب فغير مُقِر بجهله، ويدَّعي العلم بما يجهله حقيقة ، فلا يرجى تعلمه وهو يفسد أكثر مما ينفع ويصلح .
فالجاهل المركب يرى نفسه أن مثقف و متعلم و لا يحتاج إلى من يعلمه بل هو المعلم فينشر ما يشاء ويتكلم بما يشاء يدعي الفهم والحكمة والحكم على الأشياء بما يصوره له عقله الذكي الناضج !!.
وهذا كثير ما نجده عند الصحفيين إلا من رحم الله تعالى ، ولسنا نحكم بالعموم ، بل بعضهم يتكلم في أمور لا يحسنها كأمور الدين أحكام رب العالمين ، أو الحكم على الأشخاص ونقدهم سواء كان هذا الشخص له سلطة سياسية أو إمام مسجد أو حتى عامل بسيط ، فكثير ما نسمع غير الواقع ، يصورون لك الكذب بتضخيمه فيبلغ الآفاق فيصدقه العامة.
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا النوع من الكذب وما أكثره في الصحافة والجرائد والإعلام، فقال في الحديث الطويل حديث الرؤيا : (فأتينا على رجُل مستلق لقفاهُ، وإذا آخر قائم عليه بكلوب من حديد، وإذا هو يأتي أحد شِقّي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه، ومنخراه إلى قفاهُ، وعيناهُ إلى قفاهُ» قال: «ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول، فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح الأول كما كان، ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى. فسأل عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقيل له: (إنه الرجل يغدو من بيته فيكذبُ الكذبة تبلغ الآفاق) [ رواه البخاري في صحيحه برقم 7047 ].
وكما هو معلوم فإن الكذب لا يجوز في الحالتين الجد والهزل، قال الإمام أحمد بن حنبل: ( الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل) . [الآداب الشرعية لابن مفلح 1/ 23 ].
فالصحفي الجاهل المركب يكثر من الكذب سواء بجد أو هزل من أجل تحقيق سبق صحفي أو تعمير ركن في الجريدة باسمه ولكن نسي المسكين أن صحيفته يوم القيامة ستسطر كل ما ينشر من خير أو شر.
الصحفي الجاهل المركب يحدث الفوضي بما ينشره من اشاعات وبما يحكم على غيره بأحكام مسبقة دون تروي أو دليل واضح ، لا يحترم مهنته في التثبت و نقل الخبر كما هو ، بل يلفق و يزيد و يبهت و ينتقد بغير علم .
يتكلم في أمور حساسة تمس أمن البلاد والعباد ، تمس الدين ورجاله بزعم حرية الرأي والصحافة ، و يريد أن يقدم حلولا بزعمه ولكن كما يقال يزيد الطين بلة و يزيد النار اشتعالا .
الصحفي الجاهل المركب لا يلتزم بالأمانة العلمية في مقالاته فيسرق الخبر من غيره أو يقتطع كلام المتحدث معه دون تثبت و ينشره و يزيد و ينقص فيه من أجل تشويق القارئ و جلب أكبر عدد منهم ، ولذلك تجد في الجريدة يكتبون العناوين بالبند العريض وفي داخل المقال الموضوع خلاف العنوان ، وهذا من التمويه والكذب الذي لا يحبه كثير من القراء فيصبحون لا يثقون في الكاتب و لا في الجريدة.
والصحفي الجاهل المركب تجده لا يحترم أعراض الناس من المسلمين و بالأخص أعراض العلماء وطلبة العلم الشرعي ، فيطعن فيهم وينتقصهم ويصفهم بأقبح الأوصاف بل يفتري عليهم و يرميهم مثلا بأنهم أهل تكفير و علماء سلطان و علماء العملاء و مداخلة و جامية و وهابية و غيرها من العظائم ، ولم يدري المسكين أن لحوم العلماء مسمومة ، قال الحافظ ابن عساكر - رحمه الله تعالى -: واعلم يا أخي - وفقنا الله وإياك لمرضاته، وجعلنا ممن يخشاه ويتَّقيه حق تقاته - أن لحوم العلماء - رحمة الله عليهم - مسمومة، وعادة الله في هتْك أستار منتقصيهم معلومة؛ لأن الوقيعة فيهم بما هم منه برآء أمرٌ عظيم، والتناول لأعراضهم بالزور والافتراء مرتَعٌ وخيم، والاختلاف على مَن اختاره الله منهم لنعش العلم خُلُقٌ ذميم، وقال أيضًا: ومَن أطلق لسانه في العلماء بالثلب، ابتلاه اللَّه - تعالى - قبل موته بموت القلب. [تبيين كذب المفتري].
فإذا طعن في علماء الامة من قبل الجرائد والإعلام وغيرهم فما بقي للأمة من عز وفخر وسؤدد ، وإنه لأمر عجيب أن يطعن مثقف جاهل مركب في متفقه عالم متبحر ، وصدق من قال :
ما الفضل إلا لأهل العلم إنهم *** على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه *** والجاهلون لأهل العلم أعداء.
ولو يعلم هذا الصحفي الجاهل المركب أن كلامه يعرض على رب العالمين أمام خصومه يوم الدين فيأخذون من حسناته و حساب الأعراض عسير غير يسير لأن المسامحة في ذلك الموقف لن تكون ، وهذا هو الإفلاس الذي أخبر عنه البشير النذير صلى الله عليه وسلم ،عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( أتدرون من المفلس ؟ قالوا : المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع ، فقال : إن المفلس من أمتي، من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا؛ فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذت من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار) .[ رواه مسلم]
و قال صلى الله عليه وسلم : (اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) [رواه مسلم].
قال ابن المبارك رحمه الله : (من استخف بالعلماء ذهبت آخرته) .[سير أعلام النبلاء 8/408]
فقبل أن تكتب وتحكم وتنشر تذكر لو أنك تكتب أمام قاضي في محضر فماذا ستكتب خوفا من حكم البشر، فتذكر يوم الحساب والمحشر.
قال حاتم الأصم: ( لو أن صاحب خبر -أي رجل أمن- جلس إليك ليكتبَ كلامَك؛ لاحترزتَ منه، وكلامُك يعرَضُ على الله -جل وعلا- فلا تحترز؟). [صفة الصفوة (4/391 ].
وما أحسن نصيحة شيخنا أبو عبد المعز فركوس المعنون لها ، نصيحةٌ إلى صحفيٍّ مسلمٍ. حيث قال في ختامها : ونختم هذه النصيحةَ بأن نحذِّر الصحفيَّ مِن الخوض في أعراض المسلمين والمسلمات، والوقوع في أذيَّتهم والإضرار بذواتهم ومكانتهم بالخديعة والمكر، والسخرية والاحتقار، وسوءِ الظنِّ في أقوالهم ومواقفهم والتجسُّسِ عليهم، وحشدِ الهِمَّة في تصيُّد العثرات والهفوات والسقطات مِن غيرِ العناية بمقاصد الألفاظ وإحسانِ الظنِّ بأصحابها، ونبزِهم بألقاب سوءٍ، وإثارةِ الوقيعة بينهم بالغِيبة والنميمة لإفساد ذات البَيْن، أو إرادةِ الكشف عن عوراتهم بالفضيحة والتشهير لغرضِ الإسقاط أو التنفير، ولو كان المعنيُّ بالطعن مُحِقًّا؛ كلُّ ذلك مسايَرةً لِما تحبُّه الأنفسُ مِن التشهِّي في لمز الأعراض ونبزِها والطعن في خلفيات الأفعال بسوء الظنِّ، وما يترتَّب على ذلك مِن مداخيل مادِّيَّةٍ على حساب لحوم المؤمنين والمؤمنات وأعراضهم، وقد جاءت النصوصُ الشرعيةُ تحرِّم ذلك في مواضعَ كثيرةٍ...إهـ [ الكلمة الشهرية بموقعه]
وقد نصح شيخنا أبو عبد الله أزهر سنيقرة في رده على جناية جريدة الخبر على أئمة المسجد وعلماء الامة .
قال حفظه الله تعالى : ولهذا أنصح هذا الصحافي، وأوجّه له هذه الكلمة لعلها تجد طريقا إلى قلبه:
اتق الله في نفسك وتب إلى الله -جل وعلا- من افتراءاتك، وتبرَّأ ممَّا كتبت قبل أن يأتي يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
ووالله ثم والله، لتُسأل على مقالتك هذه، وتُستوقف من أجلها يوم القيامة، يوم لا ينفعك إلا عملك الصالح الذي يُخَلِّصُك من عذاب ربك - تبارك وتعالى-.
نسأل الله -جل وعلا- أن يهدينا سواء السبيل وأن يُوفّقنا لما يُحبه ويرضاه. إهـ
ملخص المقال:
1 – الصحفي الجاهل المركب معول هدم لأمته.
2 - الجهل البسيط عدم الإدراك بالكلية وأما الجهل المركب فهو إدراك الشيء على وجه يخالف ما هو عليه .
3 - الجاهل المركب يرى نفسه أن مثقف و متعلم و لا يحتاج إلى من يعلمه.
4 – الصحفي الجاهل المركب يكذب الكذبة تبلغ الأفاق و الكذب لا يجوز في الحالتين الجد والهزل.
5 - حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا النوع من الكذب وما أكثره في الصحافة والجرائد والإعلام اليوم.
6 - الصحفي الجاهل المركب يحدث الفوضى بما ينشره من اشاعات التي تمس أمن البلاد والعباد.
7 - الصحفي الجاهل المركب لا يلتزم بالأمانة العلمية في مقالاته.
8 - لا يحترم أعراض الناس من المسلمين و بالأخص أعراض العلماء وطلبة العلم الشرعي.
9 - الطعن في علماء الأمة من قبل الجرائد والإعلام وغيرهم يذهب عز وفخر وسؤدد الأمة.
10 – الفضل لأهل العلم لأنهم هم أهل الهدى و أما الجاهلون الطاعنون فهم الأعداء.
11 – الصحفي الجاهل المركب ظالم ومفلس يوم القيامة.
12 – العلماء أهل نصح ، نصيحة الشيخين فركوس وأزهر للصحفي المسلم.
كتبه : أبو عبد السلام جابر البسكري
ليلة الجمعة : 13 جمادى الأولى 1438هـجري