لست ادري اتاسف ام اغضب ام كيلاهما.....
اول وهلة تعتقد ان الرجل ياخد الخبز من القمامة لكن عند التمعن الجيد للصورة وحسب هيئة الرجل المتانق فان الحقيقة هي عكس تصورنا يا للاسف......
فمن لطف الله بنا أن أنعم علينا نعم لا تحصى في مجالات شتى ، قال تعالى : {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ}، وقال سبحانه {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} ، بل أنه سبحانه سخر هذا الكون السفلي وما فيه من مخلوقات لتكون فداء لأغراضنا لنحقق الغاية من وجودنا في هذه الحياة ، وهي الذل والخضوع والانقياد ، فقد قال عز من قائل : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} ، وقال تعالى {وَسَخَّر لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَآئِبَينَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} وقال تعالى : { أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } .
فنحن نصبح ونمسي ونحن ننعم بنعمه سبحانه : نعمة الهداية ، وكمال العقل ، ورغد في العيش ، وأمن في الأوطان و....
والواجب علينا تجاه هذه النعم شكر المنعم سبحانه ، فقال تعالى : { فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ حَلالاً طَيِّبًا وَاشْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} ، وقال تعالى : {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ } . وقطع سبحانه بالمزيد مع الشكر {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } .
والشكر ينتظم من علم وحال وعمل ، فالعلم معرفة النعمة من المنعم ، والحال هو الفرح الحاصل بإنعامه المتعلق باللسان بالتحميدات الدالة على شكره سبحانه ، والعمل هو القيام بما هو مقصود المنعم ومحبوبه المتعلق بالجوارح باستعمال هذه النعم في طاعته ، والتوقي من الاستعانة بها على معصيته .
فكل من عمل في نعمه سبحانه عملاً يخالف الغرضَ المقصود منها فقد كفر بهذه النعمة .
فالحفاظ على الأطعمة بأي شكل من أشكال الحفظ ؛ هو المتحتم من كل إنسان سيما المؤمن بالله رباً ، وبمحمد نبياً ، وبالإسلام ديناً يكون فيه شكر لهذه النعم ، والعكس بالعكس ، قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} .
وأما الاستهانة في النعم ورميها مع النفايات غاية في الإسراف والتبذير ، الذي هو سمة المتغطرسين ، والمتكبرين ومن لا يقدر للأمور قدرها ، قال الله تعالى {يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}.
ونتيجة الإسراف والتبذير ، والكفر بالنعم نتيجة سيئة للغاية : دمار وخراب ، وتفرق وشتات ، نحو ما ذكره الله عن قوم سبأ : { لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ }.
والاستهانة بالنعم ، ورميها مع النفايات كسر قلوب الفقراء والمساكين ؛ فكيف هم لا يجدون ما يسدون به رمقهم ، وهذه النعم ترمى مع النفايات ، وما يرمى من بعض البيوت قد يكفي لعائلة كاملة من العوائل الفقيرة.....
وبما أن الجميع متفقون على أن التساهل ببقايا الطعام ، ورميها مع النفايات غير سائغ شرعاً ، ولا عقلاً نجد نسبة كبيرة من المجتمع لا يُلقون لهذه النعم أي اهتمام ، وتزيد هذه النسبة في مجتمع وتقل في مجتمع آخر ، وأكثر ما تزيد في المدن الكبيرة والمتطورة ، والأماكن التجارية التي تقدم للمجتمع الطعام ؛ كالمطاعم ، والوجبات السريعة و.......وأماكن المأوى والمبيت كالفنادق.....
وهذا التساهل نجده يقع وللأسف الشديد ممن عليهم سمات الخير والصلاح ، وإنه ليحزنك حينما تأتي لأحد الصالحين في بيته تجد بقايا الطعام مع النفايات ، حتى أن روائح الطعام تفوح من مكان النفايات.......
وشكر النعمة ، والحفاظ عليها مسؤولية الجميع كل بحسبه : فالأب داخل البيت ، ومن تجارتهم قائمة على تقديم الطعام للناس ، كالمطابخ ، والمطاعم ، والوجبات الخفيفة على نطاق متجرهم ، وكذا أصحاب محلات الخضر و الفواكه .
والقائمون على محاضن التربية والتعليم على كاهلهم مسؤولية عظيمة تجاه ما يرمى من الأطعمة من بعض المدارس ؛ فإن هناك للأسف الشديد كثير من المدارس لا يهتمون بما يبقى من الطعام من الطلاب ، فترمى مع النفايات .
لهذا علينا التوسط في المأكل والمشرب بلا إسراف لانه يؤدي إلى التخمة والأمراض ، ولا يقصر فيضر بصحتنا أخذًا بوصية الحبيب صلى الله عليه وسلم : " ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه " .
وعند الأخذ بهذه الوصية فلن نحتاج إلى رمي ما بقي من الطعام .
كما يحب عزل ما يمكن أن تكون الفائدة منه كبيرة مثل بقايا الخبز عن بقية بقايا الطعام . ومن ثم تعطى لمن هم في حاجة...
وعلينا البعد عن إطالة تخزين بقايا الطعام كأن تجلس يومين فأكثر ومن ثم ينتج عنه روائح مما يترتب علينا التخلص من هذه الروائح فنلجأ إلى رميها مع النفايات .
مما يعين على الاستفادة من بقايا الطعام أن أصحاب المواشي يستقبلون هذه الأطعمة ، ولا يمانعون من ذلك فيتحرى الإنسان عن هذه المواشي ، وقد يجد من يكون من أهل الحي الذي يقطن فيه عنده مواشي فيستقبل هذه الأطعمة لاسيما التي ليس لها روائح ، وقد يكون أحد أهل الحي خصص سيارة لبقايا الأطعمة . بل قد يتعدى إحسانه إلى أبعد من ذلك فتجده يمر على الأطعمة التي وضعها أصحاب البيوت عند أبوابهم وخاصة جيرانه الأقربين فجزاء الله خيراً من كان هذا صنيعه ـ
أو أن هناك مواشي قريبة من بعض الأحياء في بعض المدن يستقبل أهلها هذه الأطعمة فما عليك أخي إلا أن تمشي خطوات معدودة احتراماً لهذه النعم .
ـ بما أن كثيراً من المدن لا يبعد عنها البر مسافة تذكر فما عليك أخي إلى أن تحتسب الأجر عند الله فتذهب بهذه الأطعمة إلى هذا البر ، ومن ثم قد تأتي حيوانات تأكل هذه الأطعمة فتظفر بأجرين من رحمته سبحانه.
أسال الله سبحانه و تعالى أن يديم علينا نعمه ، و أن يحفظ علينا ما أسبغ علينا من نعم الطعام و الشراب و الأرزاق ، و أن تعم كل المسلمين .
و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين ..
آخر تعديل بواسطة المشرف: