الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،وعلى آله وصحبه أجمعين،أما بعد:
إن الله تعالى قد تكفّل بقسمة التركات ،وذلك لعلوّ قدرها ، وبيان مكانتها ومنزلتها ،كما قال جلّ وعزّ :{يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم} [النساء:176].
وكما في قوله تعالى : { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما }[ النساء: 11].
بخلاف بعض الأحكام الشرعية التي أوحاها الله سبحانه وتعالى لنبيّه الكريم وأمره ببيانها وإيضاحها كما في قوله تعالى} : يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما {البقرة:219]، وكما في قوله تعالى} : ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح [{البقرة:220]، وكما في قوله تعالى} : يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول{الأنفال:1]،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " :ألا إن الله أعطى كل ذي حق حقه ألا لا وصية لوارث"، ونحو ذلك من النصوص الشرعية في ذلك.
ومما يحسن بل يجب التنبيه عليه من المقال في هذا المقام وهو توزيع وتقسيم التركة قبل موت المورّث ،وهذه المسألة محلّ خلاف بين العلماء قديما وحديثا ، والراجح من ذلك المنع وعدم جواز ذلك .
ومما يُعلم أن كثيرا ممن يفعل ذلك، إنما يفعله عن حسن قصد ونية لا غير ،وذلك خشية النزاع والتّنازع، والخلاف والاختلاف ،والفرقة والافتراق بين أولاده فيقدم على هذا الفعل الذي ليس عليه أثارة من علم.، والذي تترتّب عليه آثار سيّئة ،كما سنبيّن بعضا من تلكم السلبيات المشينة في ثنايا هذا المقال.
ومن خاف على أولاده أن يتنازعوا على ماله بعد موته، فعليه أن يتقي الله تعالى في أولاده ويربيهم أحسن التربية ،ويغرس فيهم الأخلاق الإسلامية ،وقد أرشد ربنا الكريم إلى ذلك حيث قال سبحانه : { وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا } [النساء: 9]
وسنبيّن بمشيئة الله بعض المضار والمخالفات الشرعية التي تنتج من جراء قسمة المال حال حياة المورّث:
أولا :
تقسيم التركة في حال حياة المورّث ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ،ولم يبيّن عليه الصلاة والسلام ذلك لأمته ، فضلا أن يحثّهم أو يرغّبهم في ذلك ، وهكذا لم يفعله أيّ أحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
ثانيا :
من شروط قسمة التركة تحقّق موت المورّث ،وهي غير حاصلة ولم تتحقّق في حقّه ،والتركة :هي ما يتركه الميت من ممتلكاته بعد وفاته عقارا أو مالا ,أما ما يوزّعه ويقسّمه على أولاده في حياته فلا يدخل البتّة في التركات ، وإنما يدخل في الهبات ، والأعطيات.
جاء في "الموسوعة الفقهية" ( 3 / 22 ) ما يلي : وللإرث شروط ثلاثة :
أولها : تحقق موت المورِّث ، أو إلحاقه بالموتى حكماً ، كما في المفقود إذا حكم القاضي بموته ، أو تقديراً ، كما في الجنين الذي انفصل بجناية على أمه توجب غرَّة .
ثانيها : تحقق حياة الوارث بعد موت المورث ، أو إلحاقه بالأحياء تقديراً ، كحمل انفصل حيّاً حياة مستقرة لوقت يظهر منه وجوده عند الموت ولو نطفة .
ثالثها : العلم بالجهة المقتضية للإرث ، من زوجية ، أو قرابة ، أو ولاء ، وتعين جهة القرابة ، من بنوة ، أو أبوة ، أو أمومة ، أو أخوة ، أو عمومة ، والعلم بالدرجة التي اجتمع الميت والوارث فيها . اهـ
وقال ابن عثيمين رحمه الله : أما موت المورِّث : فلقوله تعالى : ( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَك ) النساء/ من الآية 176 ، والهلاك : الموت ، وتركه لماله لا يكون إلا بعد انتقاله من الدنيا إلى الآخرة .
ويحصل تحقق الموت بالمعاينة ، والاستفاضة ، وشهادة عدلين .
وأما الموت حكماً : فذلك في المفقود إذا مضت المدة التي تحدد للبحث عنه ؛ فإننا نحكم بموته إجراء للظن مجرى اليقين عند تعذره ؛ لفعل الصحابة رضي الله عنهم[1] .
ثالثا :
نادرا وقلّ ما تجد من يقسّم ماله في حياته على وفق شريعة رب العالمين،-والواقع أكبر شاهد على ذلك- بحيث يعطي زوجته الثمن لوجود الفرع الوارث، وهكذا نصيب الجدّ والجدة إن وُجدا -مع تفصيل في ذلك-، ونحو ذلك من أصحاب الفروض.
رابعا:
ماله قد يزيد بتجارة أو هبة أو نحو ذلك ،وتبقى العلّة التي كان يخاف ويخشى منها.
أو قد يتزوج زوجة أخرى ويرزقه الرزّاق جلّ وعزّ بين وبنات آخرين، فيحرمون من أمواله، وهذا ليس عدلاً ولا إنصافاً، بل إجحافا وظلما ، وهذا قد حصل.
قال الإمام أحمد رحمه الله : أحب أن لا يقسم ماله، ويدعه على فرائض الله تعالى، لعله أن يولد له، فإن أعطى ولده ماله، ثم ولد له ولد، فأعجب إلي أن يرجع فيسوي بينهم. يعني: يرجع في الجميع، أو يرجع في بعض ما أعطى كل واحد منهم ليدفعوه إلى هذا الولد الحادث، ليساوي إخوته.[2]
خامسا :
قد يموت أحد أولاده قبله ,حينئذ لا حقّ لأبناء الابن الذي*توفي قبل أبيه أن يأخذوا شيئا من التركة ، وذلك لوجود أعمامهم أو عماتهم أو كليهما،لأنهم محجوبون بهم، وهذا يغفل عنه كثير من الناس.
فبناء على ذلك ما أخذوه من نصيب أبيهم الذي قُسّم له قبل موته الذي هو من قبيل التركات لا الهبات والأعطيات فإنه لا يحلّ لهم ، لأن هؤلاء الأولاد أي: حفدة المتوفى لا يرثون شيئاً مع وجود أعمامهم أو عماتهم ،وهم محجوبون بأعمامهم وعماتهم .
سادسا :
لو قسّم الأب تركته بين الأبناء فإنه سيبقى على شيء لنفسه يعيش منه، وإذا كان يقسم ما لديه بين أبنائه خوفا من التّنازع بينهم بعد وفاته، فإنهم سيختلفون أيضا على ما تبقّى له من مال .
سابعا :
قد يقسم ماله على أبنائه ويبتليه الله بأنواع من البلايا والرزايا والأمراض والأسقام ،ولا يجد من يعطيه تكلفة علاجه ،وما يحتاجه من أموره من الضروريات فضلا عن الكماليات.
تنبيه :
يجوز للمرء أن يعطي أولاده من ماله وعقاره على سبيل الهبة أو الأعطية في حياته مع مراعاة العدل بينهم والمساوات-على خلاف بين العلماء في ذلك- ، بل ينبغي العدل بينهم في جميع أوجه التعامل معهم[3] ، لأن عدم العدل بينهم يورث الشحناء والبغضاء والحقد والحسد والكراهية بينهم ،، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجعه. وفي لفظ: فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقته فقال: فعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا. قال: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. فرجع أبي فرد تلك الصدقة.
وفي لفظ: فأشهد على هذا غيري. ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى. قال: فلا إذن.
وفي لفظ: فلا تشهدني فإني لا أشهد على جور.
وفي لفظ : اعدلوا بين ابنائكم ، اعدلوا بين أبنائكم ، اعدلوا بين ابنائكم.
وفي لفظ : اعدلوا بين أولادكم في النحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر.
هذا وصلى الله على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
10 / 07 / 1438
مكة المكرمة
الحواشي :
[1] ـ "تسهيل الفرائض"(ص : 18 ـ 19)
[2] ـ "المغني"(6/61)
[3] ـ عن أنس رضي الله عنه : أن رجلا كان جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء بني له فأخذه فقبله و أجلسه في حجره ، ثم جاءت بنية له فأخذها فأجلسها إلى جنبه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فما عدلت بينهما . أي بين الابن و البنت في التقبيل "
قال إبراهيم النخعي رحمه الله:*كانوا يستحبون أن يسووا بينهم حتى في القبل.
إن الله تعالى قد تكفّل بقسمة التركات ،وذلك لعلوّ قدرها ، وبيان مكانتها ومنزلتها ،كما قال جلّ وعزّ :{يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم} [النساء:176].
وكما في قوله تعالى : { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما }[ النساء: 11].
بخلاف بعض الأحكام الشرعية التي أوحاها الله سبحانه وتعالى لنبيّه الكريم وأمره ببيانها وإيضاحها كما في قوله تعالى} : يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما {البقرة:219]، وكما في قوله تعالى} : ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح [{البقرة:220]، وكما في قوله تعالى} : يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول{الأنفال:1]،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " :ألا إن الله أعطى كل ذي حق حقه ألا لا وصية لوارث"، ونحو ذلك من النصوص الشرعية في ذلك.
ومما يحسن بل يجب التنبيه عليه من المقال في هذا المقام وهو توزيع وتقسيم التركة قبل موت المورّث ،وهذه المسألة محلّ خلاف بين العلماء قديما وحديثا ، والراجح من ذلك المنع وعدم جواز ذلك .
ومما يُعلم أن كثيرا ممن يفعل ذلك، إنما يفعله عن حسن قصد ونية لا غير ،وذلك خشية النزاع والتّنازع، والخلاف والاختلاف ،والفرقة والافتراق بين أولاده فيقدم على هذا الفعل الذي ليس عليه أثارة من علم.، والذي تترتّب عليه آثار سيّئة ،كما سنبيّن بعضا من تلكم السلبيات المشينة في ثنايا هذا المقال.
ومن خاف على أولاده أن يتنازعوا على ماله بعد موته، فعليه أن يتقي الله تعالى في أولاده ويربيهم أحسن التربية ،ويغرس فيهم الأخلاق الإسلامية ،وقد أرشد ربنا الكريم إلى ذلك حيث قال سبحانه : { وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا } [النساء: 9]
وسنبيّن بمشيئة الله بعض المضار والمخالفات الشرعية التي تنتج من جراء قسمة المال حال حياة المورّث:
أولا :
تقسيم التركة في حال حياة المورّث ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ،ولم يبيّن عليه الصلاة والسلام ذلك لأمته ، فضلا أن يحثّهم أو يرغّبهم في ذلك ، وهكذا لم يفعله أيّ أحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
ثانيا :
من شروط قسمة التركة تحقّق موت المورّث ،وهي غير حاصلة ولم تتحقّق في حقّه ،والتركة :هي ما يتركه الميت من ممتلكاته بعد وفاته عقارا أو مالا ,أما ما يوزّعه ويقسّمه على أولاده في حياته فلا يدخل البتّة في التركات ، وإنما يدخل في الهبات ، والأعطيات.
جاء في "الموسوعة الفقهية" ( 3 / 22 ) ما يلي : وللإرث شروط ثلاثة :
أولها : تحقق موت المورِّث ، أو إلحاقه بالموتى حكماً ، كما في المفقود إذا حكم القاضي بموته ، أو تقديراً ، كما في الجنين الذي انفصل بجناية على أمه توجب غرَّة .
ثانيها : تحقق حياة الوارث بعد موت المورث ، أو إلحاقه بالأحياء تقديراً ، كحمل انفصل حيّاً حياة مستقرة لوقت يظهر منه وجوده عند الموت ولو نطفة .
ثالثها : العلم بالجهة المقتضية للإرث ، من زوجية ، أو قرابة ، أو ولاء ، وتعين جهة القرابة ، من بنوة ، أو أبوة ، أو أمومة ، أو أخوة ، أو عمومة ، والعلم بالدرجة التي اجتمع الميت والوارث فيها . اهـ
وقال ابن عثيمين رحمه الله : أما موت المورِّث : فلقوله تعالى : ( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَك ) النساء/ من الآية 176 ، والهلاك : الموت ، وتركه لماله لا يكون إلا بعد انتقاله من الدنيا إلى الآخرة .
ويحصل تحقق الموت بالمعاينة ، والاستفاضة ، وشهادة عدلين .
وأما الموت حكماً : فذلك في المفقود إذا مضت المدة التي تحدد للبحث عنه ؛ فإننا نحكم بموته إجراء للظن مجرى اليقين عند تعذره ؛ لفعل الصحابة رضي الله عنهم[1] .
ثالثا :
نادرا وقلّ ما تجد من يقسّم ماله في حياته على وفق شريعة رب العالمين،-والواقع أكبر شاهد على ذلك- بحيث يعطي زوجته الثمن لوجود الفرع الوارث، وهكذا نصيب الجدّ والجدة إن وُجدا -مع تفصيل في ذلك-، ونحو ذلك من أصحاب الفروض.
رابعا:
ماله قد يزيد بتجارة أو هبة أو نحو ذلك ،وتبقى العلّة التي كان يخاف ويخشى منها.
أو قد يتزوج زوجة أخرى ويرزقه الرزّاق جلّ وعزّ بين وبنات آخرين، فيحرمون من أمواله، وهذا ليس عدلاً ولا إنصافاً، بل إجحافا وظلما ، وهذا قد حصل.
قال الإمام أحمد رحمه الله : أحب أن لا يقسم ماله، ويدعه على فرائض الله تعالى، لعله أن يولد له، فإن أعطى ولده ماله، ثم ولد له ولد، فأعجب إلي أن يرجع فيسوي بينهم. يعني: يرجع في الجميع، أو يرجع في بعض ما أعطى كل واحد منهم ليدفعوه إلى هذا الولد الحادث، ليساوي إخوته.[2]
خامسا :
قد يموت أحد أولاده قبله ,حينئذ لا حقّ لأبناء الابن الذي*توفي قبل أبيه أن يأخذوا شيئا من التركة ، وذلك لوجود أعمامهم أو عماتهم أو كليهما،لأنهم محجوبون بهم، وهذا يغفل عنه كثير من الناس.
فبناء على ذلك ما أخذوه من نصيب أبيهم الذي قُسّم له قبل موته الذي هو من قبيل التركات لا الهبات والأعطيات فإنه لا يحلّ لهم ، لأن هؤلاء الأولاد أي: حفدة المتوفى لا يرثون شيئاً مع وجود أعمامهم أو عماتهم ،وهم محجوبون بأعمامهم وعماتهم .
سادسا :
لو قسّم الأب تركته بين الأبناء فإنه سيبقى على شيء لنفسه يعيش منه، وإذا كان يقسم ما لديه بين أبنائه خوفا من التّنازع بينهم بعد وفاته، فإنهم سيختلفون أيضا على ما تبقّى له من مال .
سابعا :
قد يقسم ماله على أبنائه ويبتليه الله بأنواع من البلايا والرزايا والأمراض والأسقام ،ولا يجد من يعطيه تكلفة علاجه ،وما يحتاجه من أموره من الضروريات فضلا عن الكماليات.
تنبيه :
يجوز للمرء أن يعطي أولاده من ماله وعقاره على سبيل الهبة أو الأعطية في حياته مع مراعاة العدل بينهم والمساوات-على خلاف بين العلماء في ذلك- ، بل ينبغي العدل بينهم في جميع أوجه التعامل معهم[3] ، لأن عدم العدل بينهم يورث الشحناء والبغضاء والحقد والحسد والكراهية بينهم ،، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاما كان لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجعه. وفي لفظ: فانطلق أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده على صدقته فقال: فعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا. قال: اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. فرجع أبي فرد تلك الصدقة.
وفي لفظ: فأشهد على هذا غيري. ثم قال: أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى. قال: فلا إذن.
وفي لفظ: فلا تشهدني فإني لا أشهد على جور.
وفي لفظ : اعدلوا بين ابنائكم ، اعدلوا بين أبنائكم ، اعدلوا بين ابنائكم.
وفي لفظ : اعدلوا بين أولادكم في النحل كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر.
هذا وصلى الله على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه : عبد الحميد الهضابي.
10 / 07 / 1438
مكة المكرمة
الحواشي :
[1] ـ "تسهيل الفرائض"(ص : 18 ـ 19)
[2] ـ "المغني"(6/61)
[3] ـ عن أنس رضي الله عنه : أن رجلا كان جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاء بني له فأخذه فقبله و أجلسه في حجره ، ثم جاءت بنية له فأخذها فأجلسها إلى جنبه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فما عدلت بينهما . أي بين الابن و البنت في التقبيل "
قال إبراهيم النخعي رحمه الله:*كانوا يستحبون أن يسووا بينهم حتى في القبل.