القطف السَّنِي مِن حدِيث " مَن رغِب عن سُنَّتي فلَيس منِّي "

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,286
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
القطف
السَّنِي مِن حدِيث
" مَن رغِب عن سُنَّتي فلَيس منِّي "


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد : فهذه جملة من الفوائد والفرائد ذكرها الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح صحيح البخاري ، تحت حديث من رغب عن سنتي فليس مني , وهي فوائد نفيسة أحببت مشاركتها مع إخواني طلبة العلم ، تقريبا للعلم ونشرا للسنة ، وما كان لي في هذا العمل غير الجمع والترتيب وبالله وحده التوفيق .
الحديث :
5063 – عن أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أُخبروا كأنهم تقالوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: «أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني»
الفوائد :
1- الحديث امتفق عَلَيْهِ لَكِنْ مِنْ طَرِيقَيْنِ إِلَى أَنَسٍ:
أ- أخرجه مسلم (1401) من رواية حمّاد عن ثابت عن أنس .
ب -أخرجه البخاري (4776) من طريق محمد بن جعفر عن حميد أنس نحوه .
2- للحديث سبب ورود ، وسبب ورود الحديث مما يعين على فهم الحديث .
3- ملخص السبب أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جاؤوا يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا .
تقالوها بتشديد اللام المضمومة أي استقلوها وأصل تقالوها تقاللوها أي رأى كل منهم أنها قليلة
4- جاء في رواية البخاري أنهم ثلاثة رهط وفي رواية مسلم أنهم نفر ، ولا منافاة بينهما فالرهط من ثلاثة إلى عشرة والنفر من ثلاثة إلى تسعة وكل منهما اسم جمع لا واحد له من لفظه
5- ووقع في مرسل سعيد بن المسيب عند عبد الرزاق أن الثلاثة المذكورين هم :
علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعثمان بن مظعون
6- ويؤيد أنهم كانوا أكثر من ثلاثة في الجملة ما روى مسلم من طريق سعيد بن هشام أنه قدم المدينة فأراد أن يبيع عقاره فيجعله في سبيل الله ويجاهد الروم حتى يموت فلقي ناسا بالمدينة فنهوه عن ذلك وأخبروه أن رهطا ستة أرادوا ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاهم
7- سبب استقلالهم لعبادة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه ، أما هم فلا يعلمون ان كان يغفر لهم أو لا ، فلابد لهم من الإكثار من العبادة . لكن قد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك ليس بلازم فأشار إلى هذا بأنه أشدهم خشية وذلك بالنسبة لمقام العبودية في جانب الربوبية وأشار في حديث عائشة والمغيرة كما تقدم في صلاة الليل إلى معنى آخر بقوله أفلا أكون عبدا شكورا
8- قوله فقال أحدهم " أما أنا فأنا أصلي الليل أبدا هو قيد لليل لا لأصلي وقوله فلا أتزوج أبدا " أكد المصلي ومعتزل النساء بالتأبيد ولم يؤكد الصيام لأنه لا بد له من فطر الليالي وكذا أيام العيد
9- ووقع في رواية مسلم فقال بعضهم لا أتزوج النساء وقال بعضهم لا آكل اللحم وقال بعضهم لا أنام على الفراش وظاهره مما يؤكد زيادة عدد القائلين لأن ترك أكل اللحم أخص من مداومة الصيام واستغراق الليل بالصلاة أخص من ترك النوم على الفراش
10- قول صلى الله عليه وسلم مابال أقوام ، مع عدم تعيينهم رفقا بهم وسترا لهم
11- المتشدد لا يأمن من الملل بخلاف المقتصد فإنه أمكن لاستمراره وخير العمل ما داوم عليه صاحبه
12- قوله فمن رغب عن سنتي فليس مني المراد بالسنة الطريقة لا التي تقابل الفرض والرغبة عن الشيء الإعراض عنه إلى غيره
13- والمراد من ترك طريقتي وأخذ بطريقة غيري فليس مني ولمح بذلك إلى طريق الرهبانية فإنهم الذين ابتدعوا التشديد كما وصفهم الله تعالى وقد عابهم بأنهم ما وفوه بما التمزموه وطريقة النبي صلى الله عليه وسلم الحنيفية السمحة فيفطر ليتقوى على الصوم وينام ليتقوى على القيام ويتزوج لكسر الشهوة وإعفاف النفس وتكثير النسل
14- إن كانت الرغبة بضرب من التأويل يعذر صاحبه فيه فمعنى فليس مني أي على طريقتي ولا يلزم أن يخرج عن الملة وإن كان إعراضا وتنطعا يفضي إلى اعتقاد أرجحية عمله فمعنى فليس مني ليس على ملتي لأن اعتقاد ذلك نوع من الكفر
15- وفي الحديث دلالة على فضل النكاح والترغيب فيه .
16- وفيه تتبع أحوال الأكابر للتأسي بأفعالهم وأنه إذا تعذرت معرفته من الرجال جاز استكشافه من النساء
17- أن من عزم على عمل بِرّ واحتاج إلى إظهاره حيث يأمن الرياء لم يكن ذلك ممنوعا .
19- وفيه تقديم الحمد والثناء على الله عند القاء مسائل العلم وبيان الأحكام للمكلفين وإزالة الشبهة عن المجتهدين .
20- أن المباحات قد تنقلب بالقصد إلى الكراهة والاستحباب .
21- وقال الطبري فيه الرد على من منع استعمال الحلال من الأطعمة والملابس وآثر غليظ الثياب وخشن المأكل .
22- لا إفراط ولا تفريط في المباحات فعلى الانسان أن يكون وسطا دون غلو ولا جفاء .
23- فيه أن العلم بالله ومعرفة ما يجب من حقه أعظم قدرا من مجرد العبادة البدنية .
24- فيه عظم خُلق النبي صلى الله عليه وسلم حيث عرّض لهم بالكلام ولم يوبخهم أمام الملأ


للاستزادة والتوثيق انظر شرح الحديث في مصدره ( فتح الباري )


نقله لكم أخوكم : أبو محمد حسين
كان الله في عونه
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top