الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فهذه سلسلة متجددة بإذن الله تعالى ، بعنوان ثلاثون خطوة للإستعداد لـشهر رمضان.
أسأل الله التوفيق و السداد ؛ آمين.
فوائد الحديث 1) في الحديث دليل على قوة ملاحظة الصحابة رضوان الله تعالى عنهم لاهتمام النبي صلى الله عليه و آله و سلم بهذا الشهر؛ فأدركوا أن هذا الحرص النبوي فيه من الخير ما لم يطّلعوا عليه أو يدركوا كنهه؛ فما كان منهم -كما هي عادتهم- إلا أن سألوا عن سرِّ هذا الاهتمام النبوي بهذا الشهر؛ 2) قوله صلى الله عليه و آله و سلم [ يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان ] فيه إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون غيره أفضل منه، إما مطلقاً، أو لخصوصية فيه لا يتفطن لها أكثر الناس، فيشتغلون بالمشهور عنه، ويفوِّتون تحصيل فضيلة ما ليس بمشهور عندهم؛ 3) فيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة وأن ذلك محبوب لله جلّ جلاله كما كان طائفة من السلف يستحبون إحياء ما بين العشاءين بالصلاة ويقولون : هي ساعة غفلة؛ 4) فيه دليل على أن شهر شعبان ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فكان صلى الله عليه و آله و سلم يحبّ أن يُرفع عمله وهو صائم؛ 5) صيام شهر شعبان تمرين لصيام رمضان، قال ابن رجب: "وقد قيل في صوم شعبان معنى آخر، وهو أن صيامه كالتمرين على صيام رمضان، لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذّته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط"؛ 6) وفي هذا الحديث أنه لا بأس بإظهار نوافل العبادة من الصوم والصلاة وغيرهما إذا دعت إليه حاجة كتعليم الناس السنن مثلا، و إلا فالمستحب إخفاؤها إذا لم تكن حاجة.
فوائد الحديث
1) في الحديث دليل على حرص أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها لمصاحبة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في أمره كله، حتى صومه؛
2) يؤخذ أيضا من حرصها رضي الله تعالى عنها على ذلك في شهر شعبان ، أنه لا يجوز تأخير القضاء إلى ما بعد رمضان آخر ؛
3) فيه دليل على أن أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها كانت تهيئ نفسها لرسول الله صلى الله عليه و آله وسلم مترصدة استمتاعه لها في جميع أوقاتها إن أراد ذلك ، ولا تدري متى يريده، ولم تستأذنه في الصوم مخافة أن يأذن، وقد يكون له حاجة فيها فتفوتها عليه، وهذا من أدبها معه عليه الصلاة و السلام؛
4) فيه جواز تأخير القضاء إلى شعبان. إلا أنه يستحب المبادرة به للاحتياط فيه، فإن أخره فالصحيح عند المحققين من الفقهاء وأهل الأصول أنه يجب العزم على فعله، حتى لو أخره بلا عزم عصى ، وقيل : لا يشترط العزم ، وأجمعوا أنه لو مات قبل خروج شعبان لزمه الفدية في تركه، عن كل يوم مد من طعام؛
5) المرأة تؤجر إذا تركت بعض النوافل لرعاية بيتها وزوجها. فإذا نوت صيام التطوّع ومنعها زوجها فإنها تؤجر على ذلك ؛
6) في الحديث دليل على عِظم حق الزوج، إذ يُقدّم حق الزوج على نوافل الطاعات، ومثله حق الأهل يُقدّم على نوافل الطاعات؛ لأن الحقوق واجبة لازمة، بخلاف النوافل.
عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قَيْسٍ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ: " كَانَ أَحَبَّ الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يَصُومَهُ: شَعْبَانُ، ثُمَّ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ " رواه أبو داود وصححه الألباني.
فوائد الحديث
1) في الحديث دليل على فضل الصوم في شهر شعبان؛
2) قال ابن رجب رحمه الله : صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم ، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده ، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض ، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده ، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه؛
3) في الحديث دليل على أن ما كان رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم يصومه من شعبان ما لا يصومه من غيره من الشهور إلا رمضان؛
4) قولها رضي الله تعالى عنها [ يصوم شعبان ثم يصله برمضان ]. مع الأحاديث الواردة و الدالة على أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يستكمل شهراً إلا رمضان تدل على عدم إكماله شعبان، ولكن كونه يصوم كثيراً منه فإنه يعطي الأكثر حكم الكل . قال ابن عثيمين رحمه الله تعالى : والأولى أن يقال ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم فهو حق، سواء علمنا حكمته أم لا، وأنه ينبغي الإكثار من الصيام في شهر شعبان.
فوائد الحديث
1) قولها رضي الله تعالى عنها : [مَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ] دليل على أن صومه - صلى الله عليه وآله وسلم - لم يكن مختصاً بشهر دون شهر ؛
2) من فوائد الحديث أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يستكمل شهراً غير رمضان لئلا يظن وجوبه ؛
3) مشروعية إكثار الصوم في شعبان يؤخذ من قوله [وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ ]؛
4) يُؤخذ من قولها رضي الله عنها [كان يصوم حتى نقول لايفطر ويفطر حتى نقول لايصوم ]، أن عمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان بحسب المصالح؛
5) يؤخذ من هذا الحديث ، أنه لا ينبغي للإنسان أن يصوم في التطوع شهرا كاملا؛
6) فيه دليل على فضيلة الصوم لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يكثر منه حتى يقال لا يفطر ؛
7) يستفاد كذلك من هذا الحديث ، أنه ينبغي للإنسان أن يَسُوسَ نفسه في العمل الصالح ويُروضها على العمل و يتبع ما هو أنسب؛
8) في الحديث منقبة لعائشة رضي الله عنها وغيرها من أمهات المؤمنين كونهن أعلم الناس بحال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بيته.
فوائد الحديث
1) في الحديث رد على المعتزلة و غيرهم و هذا في قول رسول الله صلى الله عليه وآله و سلم :[ قال الله ] أي كلام الله في لفظه ومعناه بلا كيفية ، إلا أنه ليس بمعجز، وليس له حكم القرآن ؛
2) في الحديث دليل على فضيلة الصيام ومزيته من بين سائر الأعمال وأن الله اختصه لنفسه من بين أعمال العبد. فلم يُعبد غير الله جل وعلا بالصوم ؛
3) قوله [ الصوم لي ] فيه دليل على أنه أحب العبادات إلى الله والمقدم عنده جل وعلا ؛
4) قوله [ وأنا أجزي به] بيان لعظم فضله، وكثرة ثوابه. لأن الكريم إذا أخبر بأنه يتولى بنفسه الجزاء اقتضى عظم قدر الجزاء وسعة العطاء؛
5) في الحديث أيضا ، دليل على انفراد علم الله بمقدار ثواب الصائم وتضعيفه لحسناته . قال القرطبي : " معناه أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة إلى ما شاء الله إلا الصيام فإن الله يثيب عليه بغير تقدير" ؛
6) في الحديث دليل على أن الصيام سترة من الآثام أو من النار أو من جميع ذلك، قال ابن العربي: "إنما كان الصوم جُنّة من النار لأنه إمساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات "؛
7) في الحديث دليل على جواز إظهار العبادات مخافة فسادها؛
8) فيه فضيلة و منزلة الصائم عند الله عز وجل ؛
9) فيه جواز إظهار فرحة العبد بما أنعم الله عليه من الطاعات ؛
10) في الحديث دليل على لقاء الله يوم القيامة و فرح المؤمن يكون به؛
عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِي رضي الله عنه قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ ... " رواه مسلم
وكان عمرو بن قيس إذا دخل شهر شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن.
فوائد الحديث
1) هذا الحديث دليل على فضل تلاوة القرآن؛
2) فيه الحث على قراءة القرآن؛
3) فيه دليل على أن القرآن يشفع لأصحابه يوم القيامة؛
4) وفي هذا الحديث دليل على أن الذي يشتغل بالقرآن تلاوة وقراءة، وتدبراً وتفكرا وتفسيرا، وتعليماً وتعلما، ليلاً ونهارا، يجازيه الله سبحانه وتعالى أفضل الجزاء وأعظم الإجابة يوم القيامة ؛
5) في عمل عمرو بن قيس رحمه الله تعالى ، دليل على أن السلف كان يجدّون في شعبان، و يتهيئون فيه لرمضان؛
6) ولما كان شعبان كالمقدمة لرمضان شرع فيه ما يشرع في رمضان من الصيام وقراءة القرآن ليحصل التأهب لتلقي رمضان وترتاض النفوس بذلك على طاعة الرحمن.
فوائد الحديث 1) في الحديث دليل على أن القرآن الكريم هو أفضل ما يُتعلم، وأفضل ما يُعلَّم ؛
2) في قول النبي صلى الله عليه و آله و سلم:[ خيركم من تعلم ] فيه دليل على أن الصحابة خير الناس؛ لأنهم تعلموا القرآن من النبي صلى الله عليه و آله و سلم وهم أهل لسان عربي فصيح، ففهموا القرآن الذي أنزله الله على المعنى الذي يريده سبحانه وتعالى؛
3) قوله: [خيركم من تعلم القرآن وعلمه ]. قال المناوي في فيض القدير: أي خير المتعلمين والمعلمين من كان تعلمه وتعليمه في القرآن إذ خير الكلام كلام الله فكذا خير الناس بعد النبيين من اشتغل به ؛
4) فيه الحث على تعلم القرآن وتعليمه؛
5) في الحديث دليل على الخيرية التي يناله معلم القرآن. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : " مِن أشرف العمل تعليم الغير ، فمعلم غيره يستلزم أن يكون تعلمه ، وتعليمه لغيره عمل وتحصيل نفع متعد ، والقرآن أشرف العلوم ، فيكون من تعلمه وعلمه لغيره أشرف ممن تعلم غير القرآن.
فوائد الحديث
1) في هذا الحديث : فضل البكاء عند قراءة القرآن أو الإستماع له من خشية الله تعالى ؛
2) وفيه أيضا : تواضع النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ؛
3) في الحديث : فضل استماع القرآن، وأنه مستحب وسنة نبوية، ولا سيما إذا كان القارئ متقنا حافظا ؛
4) في الحديث : أن ابن مسعود لما وقف عن القراءة، لم يقل : صدق الله العظيم، ولا أمره النبي عليه الصلاة والسلام بذلك ولا غيره، وإنما قال له: « حسبك الآن» وقد بوب له البخاري باب : قول المقرئ للقارئ : حسبك .
5) في الحديث رد على المرجئة و هذا في بكاء النبي عليه الصلاة و السلام ، دليل على أن بعض أمته يعذب يوم القيامة و بكاؤه عليه الصلاة والسلام بكاء رحمة . قال ابن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري : « وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ بَكَى رَحْمَةً لِأُمَّتِهِ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمْ بِعَمَلِهِمْ وَعَمَلُهُمْ قَدْ لَا يَكُونُ مُسْتَقِيمًا فقد يفضى إِلَى تعذيبهم وَالله أعلم » ؛
6) هذا الحديث تضمن منقبة عظيمة لعبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه بقراءته القرآن على رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ؛
7) فيه كذلك استحباب طلب العالم بكتاب الله مَن هو دونه بقراءة القرآن عليه.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أيُحِبُّ أحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أهْلِهِ أنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ؟». قُلْنَا: نَعَمْ. قال: «فَثَلاثُ آيَاتٍ يَقْرَأُ بِهِنَّ أحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ». أخرجه مسلم.
(الخَلِفَة ) الحامل من النوق.
فوائد الحديث
1) يؤخذ من الحديث فضل قراءة القرآن في الصلاة؛
2) فيه الترغيب في ثواب الآخرة مقارنة بمنافع الدنيا؛
3) في الحديث : دليل على أن الصلاة و القرآن هما المفزع إلى الله تعالى لدفع الضر و جلب النفع ؛
4) فيه جواز حب المال لأن النفس مجبولة على ذلك. والمؤمن لا ينسى نصيبه من الدنيا ـ فيتمتع بها تمتعاً مباحاً ، لا يجره إلى الحرام ، ويستعين بهذا المباح على طاعة الله تعالى ، فهو ترويح عن النفس ، واستجماع لنشاطها ؛
5) في الحديث : أدب أسلوب طرح السؤال على المتعلم ، و هذا من حسن تعليمه صلى الله عليه و آله وسلم لأصحابه.
فوائد الحديث
1) في الحديث : إثبات الولاية لله عز وجل ، أي أن لله تعالى أولياء وهذا قد دل عليه القرآن الكريم قال الله تعالى: { أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ؛ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } [يونس:63،62] ؛
2) فيه كرامة الأولياء على الله حيث كان الذي يعاديهم قد آذن الله بالحرب ؛
3) وفيه أن معاداة أولياء الله من كبائر الذنوب لأن الله جعل ذلك إيذانا بالحرب ؛
4) و فيه أن الفريضة أحب إلى الله من النافلة لقوله عزّ وجل : " وَمَا تَقَرَّبَ إِلِيَّ عَبْدِيْ بِشَيءٍ أَحَبَّ إِلِيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ " ؛
5) وفيه الإشارة إلى أن أوامر الله عز وجل نوعان : فرائض ، نوافل ؛
6) فيه الحثّ على كثرة النوافل، لقوله تعالى في الحديث القدسي: "وَلاَيَزَالُ عَبدِيْ يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ" ؛
7) فيه أن كثرة النوافل سبب لمحبة الله عزّ وجل، لأن: (حتى) للغاية، فإذا أكثرت من النوافل فأبشر بمحبة الله لك ؛
8) فيه إثبات المحبة لله عزّ وجل لقوله : " أَحَبَّ إِلِيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُهُ عَلَيْهِ " ، والمحبة صفة قائمة بذات الله عز وجل ، ومن ثمراتها الإحسان إلى المحبوب وثوابه وقربه من الله عز وجل . كما أن فيه إثبات الحرابة لله عزّ وجل، لقوله: "آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ" ؛
9) فيه أن الأعمال تتفاضل هي بنفسها ؛
10) فيه الدلالة على ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أن الإيمان يزيد وينقص لأن الأعمال من الإيمان فإذا كانت تتفاضل في محبة الله لها يلزم من هذا أن الإيمان يزيد وينقص بحسب تفاضلها ؛
11) فيه أن في محبة الله عزّ وجل تسديد العبد في سمعه وبصره ويده ورجله مؤيدا من الله عزّ وجل ؛
12) فيه أنه كلما ازداد الإنسان تقرباً إلى الله بالأعمال الصالحة فإن ذلك أقرب إلى إجابة دعائه واعاذته مما يستعيذ الله منه لقوله تعالى في الحديث : " وَلَئِنْ سَأَلَنِي لأُعطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيْذَنَّهُ ".
فوائد الحديث
1) في الحديث : إستحباب المداومة على صيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولا حرج في أن تكون من أوله أو وسطه أو من آخره، وهذه الأيام غير الأيام البيض التي يستحب صيامها أيضا ، قال الحافظ ابن حجر: وقال الروياني: صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب، فإن اتفقت أيام البيض كان أحب، وفي كلام غير واحد من العلماء أن استحباب صيام البيض غير استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ؛
2) فيه دليل على استحباب المحافظة على صلاة الضحى ، وأن أقلها ركعتان ، وعدم مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها لا ينافي استحبابها ، لأنه حاصل بدلالة القول ، وليس من شرط الحكم أن تتضافر عليه أدلة القول والفعل ، لكن ما واظب النبي صلى الله عليه وسلم على فعله مرجح على ما لم يواظب عليه ؛
3) فيه استحباب تقديم الوتر على النوم ، وذلك في حق من لم يثق بقيامه آخر الليل ؛
4) اختلاف وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه، مبني على علمه - صلى الله عليه وسلم - بأحوال أصحابه، وما يناسب كل واحد منهم، فالقوي يناسبه الجهاد، والعابد تناسبه العبادة، والعالم يناسبه العلم، وهكذا ؛
5) في الحديث : إشارة إلى المربين والقائمين على التربية والتعليم والتوجيه، أن يوجهوا كل متعلم لِما يناسبه ؛
6) قول أبي هريرة رضي الله عنه : " أوصاني " ، دليل على اهتمام النبي صلى الله عليه و آله و سلم بأصحابه ، و تحفيزهم و ترغيبهم إلى الخير ؛
7) قوله رضي الله تعالى عنه : " خليلي " ، دليل على عظيم محبته و افتخاره بمنزلته من النبي صلى الله عليه و آله وسلم ، و قيل أن الخلة أكثر من المحبة ؛
8) يؤخذ من قوله رضي الله تعالى عنه " خليلي " ، جواز الإفتخار بصحبة الأكابر ، إذا كان ذلك على معنى التحدث بالنعمة و الشكر لله ، لا على وجه المباهات ؛
9) قوله رضي الله تعالى عنه : " حتى أموت "، دليل على حرص إمتثال الصحابة رضوان الله تعالى عنهم لأوامر النبي صلى الله عليه و آله وسلم ؛
10) فيه إختصاص أبي هريرة رضي الله تعالى عنه بالوصية ، إلا أن الإمام المنذري رحمه الله تعالى علق على هذا الحديث فقال : الوصية النبوية العظيمة لأبي هريرة رضي الله عنه وصية للأمة كلها . لأن وصية النبي صلى الله عليه وسلم وتوجيهه لواحد من أمته هو خطاب لأمته كلها، ما لم يدل دليل على الخصوصية.
يتبع...