السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
بعد وضع المقدمة والتي نالت اعجابكم تبدا الرواية ورحلة شخصياتها
اتمنى ان تعجبكم الرحلة ان شاء الله
وأترككم مع اول فصل من فصول روايتي :
الفصل الأول : ظلام
رفعت يدها لتقي عينيها من وهج شمس منتصف النهار ،جالسة في ساحة على مقعد مشابه لمقاعد العصور الوسطى ،بدت متجهمة الملامج كئيبة المنظر ،غارقة في تفكير عميق أخدها لعالم آخر ،هكدا بدت لكل من مر بجانبها معتقدين ان سبب حزنها الموسيقى التي تسمعها من السماعات التي تضعها والتي لا تفارق أذنيها كالعادة ،مستغربين جلوسها تحت حرارة أشعة شمس منتصف النهار وكدلك شهر أوت ,,
تلك كانت سوسن ،فتاة ذات 22 ربيعا وذات عيون عسلية واسعة ،بيضاء البشرة ترتدي ملابس تجعلها تبدو كانها أجنبية للقلة القليلة المتمسكة بالدين وعادية جدا في نظر الاخرين ،فقد كانت ترتدي ملابس تظهر وتصف شكل جسدها ... سوسن تقطن في وسط ولاية سكيكدة .
فكرت سوسن محدقة فيما حولها :" يالله ،دائما ما يبهرني جمال المنظر الدي تطل عليه هده الساحة. في كل مرة آتي هنا احس بنفس الاحساس وكاني اراها اول مرة مهما كان عدد المرات التي أتيت ،وأعتقد أني لست الوحيدة التي يسحرها داك المنظر ،فدائما اجدها مليئة بالناس من كل الاصناف والفئات ،هي تجعلني أحس بالراحة وإن كانت مؤقتة فهي كافية حاليا. "
بقيت سوسن جالسة هناك تستمع لموسيقى حزينة كما هي عادتها مفكرة في مدى تعاستها معتقدة أنه لا يوجد أحد أتعس منها على سطح الكرة الأرضية ،نسيت نفسها وكل ماحولها كما تفعل دائما هنا ،ففي الجهة المقابلة من زاوية جلوسها يوجد مخزن فيه العديد من المستودعات المستطيلة الشكل ويظهر على مرمى نظرها القليل من السفن الخاصة بتحميل البضائع وبعدها البحر الازرق الواسع وهو الشيء الوحيد الدي يجعلها تهدأ دائما مهما كان سوء حالتها.
رن هاتفها فرفعته لترى هوية المتصل ،كان هاتف سامسونغ ذكي ازرق اللون فهي من عشاق اللون الازرق بكل تدرجاته ،تأففت سوسن لما رأت أنه أخوها محمد وعرفت أنه سيجعلها تفقد هدوءها مجددا كما يفعل في كل مرة ,,
ردت ببرود :" أجل حمد ،مالامر ؟ مادا تريد ؟ هل اتصلت لتجعلني أفقد أعصابي كالعادة؟ "
محمد :" أوهوه ،يبدو أنك لا تحتاجين مساعدتي في دلك ،فأعصابك تالفة أصلا دون تدخلي ,, أعتقد سأدعك اليوم حتى تعودين للمنزل ،لأني شبه متأكد أن جميع من حولك هربو خوفا من صوتك الغاضب "
ردت صارخة:"وهل تعتبر كلامك هدا عدم إزعاج ؟ خلصني وقل لما اتصلت او ساقطع الخط فلا ينقصني أنت وتفاهاتك ."
محمد :" ثقبتي طبلة أذني وأصلا انت السبب فصراخك المخيف و هدا أقل ما يقال طبعا انساني السبب الدي جعلني أتصل كالعادة. "
ردت من بين اسنانها:" حممممممممممممممممممد ، خلصني."
محمد :"حسنا حسنا يامتوحشة ،ان ابي يريدك ان تعودي للبيت لارافقك لتشتري لي ولكي ملابس الدخول المدرسي،فكما تعلمين سيكون بعد شهر تقريبا ان شاء الله."
سوسن :"رائع ،هدا ماكان ينقصني, انت واخبارك وكل شيء ياتي من عندك ويخصك .ازعاج في ازعاج ،أخبر والدي أني قادمة ومن الأفضل أن اجد أنك قد جهزت نفسك حين أصل. "
أغلقت سوسن الخطقبل ان يزيد حرفا واحدا ،زنهضت من على الكرسي وضربت الارض بقدمها غيضا :"تبا لك ياحمد ،اووووووووووووووف. "
وفجاة رجع كل شيء لوضعه الطبيعي بالنسبة لسوسن ،انعكس ماتراه بقلبها وعقلها في عينيها فاختفى نور الشمس وحل مكانه ظلام شديد ،وهدا ما يحدث دائما كلما غادرت داك المكان ويزداد ماحولها سوادا في كل خطوة تبتعد فيها عنه ،وخاصة ان كانت وجهتها البيت ,,
فكرت سوسن ساخرة :"مهما ابتعدت عن داك المنزل فدائما في اخر النهار سيكون هو وجهتي ،عجبا لاولئك الناس الدين يرون المنزل مصدر راحة وسعادة .. الراحة والسعادة ،اتمنى ان اجدهما مرة واحدة فقط في حياتي .أتمنى ان أعيش يوما واحدا جيدا ،ليلة واحدة بدون دموع ,,,
تبا لحياتي ،بل للحياة كلها ,, تبا لداك المنزل بل تبا لكل شيء."
دائما ماكانت تلك أفكار سوسن التي يعتبرها الاغلب غريبة ولكن بالنسبة لها منطقية ولها أسبابها التي تجعلها كدلك,
في الجانب الاخر ,, في منزل سوسن. كان محمد دو 19 ربيعا او حمد كما ينادونه أهله وأصدقاءه مستريحا في فراشه وهاتفه المطابق لداك الخاص باخته ماعدا لونه الاسود بيده يلوح به يمينا وشمالا. ملامحه طفولية ورجولية في نفس الوقت ما جعله وسيما جدا ،فشعره البني الكثيف وبشرته السمراء وانحناءات وجهه تجعل منه يشبه الطفل الصغير ،لكن عينيه الحادتين دات اللون العسلي كاخته تجعله يبدو أكبر من عمره ,
فكر حمد والحزن بادي على وجهه الوسيم من تقطيبة حاجبيه الرفيعين والدي يكاد يمزق قلبه :"الى متى يا أختي ستبقين على حالك ؟الى متى تظنين أنك وحدك من تتألم ؟ الى متى ستعزلين نفسك عن العالم ؟ أعلم ان ماحدث لك كان قاسيا، ولا اعرف صدقا كيف استطعت تحمل كل دلك .عدم معرفتي بكيفية مساعدتك لتخرجي من تلك الحالة يقتلني. أعلم ,, تظنين أننا سعداء لحالك ،أني أجعلك تغضبين. لكن غضبك علي أو أي رد فعل مهما كان منك أحسن من داك الجمود الدي تلفين نفسك به. "
كان دلك مايفكر به حمد ،سمع صوت امه :"حمد ،حمد ،حمممممممد ،في مادا كنت تفكر ؟ مند خمس دقائق وانا اطرق الباب ،قم بسرعة يابني ،تعلم ان أختك لا تحب الانتظار كثيرا وتفقد اعصابها بسرعة."
نظر حمد لامه والتقت عيناه بعينيها المثقلتين بالاحزان وهو يفكر في مدى شبه سوسن الكبير بوالدتهما وفي مدى جمالهما ،ونظر لوجهها الرقيق الدي يحمل نفس ملامح سوسن عدا لون الشعر فامه شعرها بني مثله وسوسن ذات شعر نحاسي كما كان شعر والده قبل ان يغزوه الشيب ،ثم استدرك نفسه :"أجل امي ساقوم الان ،لا تقلقي لن اجعلها تنتظر."
ابتسمت الام ،ثم ردت متحسرة بعد ان بهتت ابتسامتها :"اعرف انك تحبها كثيرا ولا تحب ان تزعجها ،فقط لو تعرف هي دلك."
ابتسم لها :"لا تقلقي امي ،سيتعلم يوما ما إن شاء الله."
ردت عليه مبتسمة :"بارك الله فيك ياولدي ،ساكون في المطبخ ان احجتني."
رد محتفظا بذات الابتسامة :"لا تتعبي نفسكي يا امي."
ردت له الابتسامة وخرجت ،صوت انغلاق الباب جعله يتدكر كلام اخته بل بالاحرى تحذيرها فقام مسرعا ليستعد.
وصلت سوسن للبيت ،اخدت نفسا عميقا وطرقته ليفتح لها حمد فمنزلهم يبعد مدة سير ربع ساعة عن المكان الدي كانت فيه.
قالت ساخرة :"واو ،استعددت بهده السرعة؟ يجب تسجيل دلك في سجل غينيس للارقام القياسية. "
دخلت لرواق المنزل ثم للصالة وجلست سوسن وهي تكاد تختنق وهدا دائما ما تحس به عندما تصل للبيت وودت أن تخرج فورا ..
حمد :"أنظرو من يتكلم ،السيدة حلزون. أنسيت كم تأخدين من وقت أمام المرآة وأنت تنظرين لوجهك القبيح أقصد الجميل في ظنك عفوا؟ "
صرخت :" تبا لك ياحمد ،ابي في المنزل ؟ "
رد بسخرية :" ومند متى تهتمين وتسألين عن أبي؟ واو تقدم ملحوظ."
سوسن وهي تكاد تنفجر غيضا :"ليس لاني اشتقت له بالطبع ،بل ليعطينا المال يافهيم. أو اصبحت تعمل دون علمي ولديك نقود ؟ "
حمد بسخرية أكبر :"بل أنت الغبية ،وان كنت قد بدأت العمل أتعتقدين أني ساشتري اي شيء لك بنقودي ؟"
ردت ببرود :"لا أتوقع شيءا منك أو من اي أحد ،احضر النقود من عند أبي ولندهب."
رد حمد وهو يتمنى لو يقطع لسانه بسبب ماتفوه به :"أبي قد خرج وأعطاني النقود لندهب ونشتري مانحتاج ونعود."
قامت سوسن من مكانها :"فلندهب ادا مادا تنتظر؟"
رد عليها ساخرا :"ظننت انك ستدهبين لتغيري ملابسك وابقى أنتظرك بالساعات ياسيدة حلزونة."
ردت عليه وهي بالكاد تسيطر على اعصابها :" امشي فحسب ياسيد زرافة."
خرج حمد امامها ورد ساخرا :"اوه أحسن منك أنت ياسيدة حلزونة ،بطيئة وقصيرة مثلها بالضبط."
ردت غاضبة :"تبا لك الف مرة ،ساجلك تندم يوما ما."
أكملت وهي تبتسم ابتسامة تدل على الشر :"بل اليوم ،ساجعل قدميك تنكسران من كثرة المشيء."
ضحك حمد في سره وتبسم ابتسامة صغيرة اخفاها لما نظر اليها يمثل الالم ومتأوها :"أوووووووه ،مادا جلبت لنفسي فليكن الله في عوني."
ضحكت سوسن ضحكة شريرة تدل على النصر ،فكاد قلب حمد يطير فرحا لما راى ضحكتها بعد اشهر فقد كانت تلك غايته من ازعاجاته المتكررة لها.
دهبا للمكان الدي توجد به المحلات ،وحين يكون خاص بالبنات تدخل سوسن وينتظرها حمد خارجا وان كان خاص بالرجال تدخل معه ليسالها عن راييها وهي تكره دلك بشدة .
قالت سوسن حين فقدت صبرها :"مادخلي أنا فيما ستلبسه؟ اوووووف لما تدخلني معك لاي محل ؟ انت من ستلبس وليس أنا."
رد حمد ساخرا :"لاني أعللم ان دلك يغضبك ياسيدة حلزونة." وضحك ضحكة تدل على الانتصار.
فردت سوسن :"هكدا ادن .. طيب ،سترى ياحمد ستندم ،أعدك أنك ستندم."
رد عليها ساخرا وهو يكاد ينفجر ضحكا :"هدا ماتقولينه مند زمن بعيد سيدة حلزونة ،وانتظر بفارغ الصبر كيف ستجعلينني أندم."
لو لم تتحكم باعصابها لصرخت من شدة الغيض ،فضربت الارض بقدمها وهو ماتفعله دائما حين تعجز عن الرد ولتعبر عن شدة غضبها.
ثم خرجا من داك المحل وانفجر صاحب المحل ضاحكا من الحوار الدي سمعه ،ومستخربا ومدهوشا من لقب الحلزونة لان سوسن جميلة جدا وهدا راي كل من يراها من الفتيات او غيره.
اشترت سوسن ماتحتاجه وكان الوقت يقارب أذان المغرب،نظرت لحمد وقالت :"سأعود وحدي للمنزل ،اما انت افعل ماتريد وقبل ان اعود للمنزل سادهب لمكان ما."
رد عليها حمد بالكاد يتحكم في غضبه :"وهل تظنين أنك فتا؟ لن تدهبي لاي مكان وحدك ،هل هدا واضح ؟"
ردت عليه غاضبة :"ومادخلك أنت؟ لا دخل لاي احد منكم بي وبحياتي."
رد عليها وغضبه يتزايد :"تبا لك يا فتاة ، انت اختي اتفهمين معنى دلك؟"
ردت عليه بسخرية :"ومند متى اصبحت أختك ؟ آآه أم تخاف أن افعل شيءا يجعلكم تحسون بالخزي والعار؟ فأنتم تعتقدون أني أسوأ فتاة على وجه الكرة الارضية."
صرخ في وجهها وقد طفح كيله :"أي غباء هدا الدي تقولينه؟ بل لاني أخاف عليك ،فمهما كان ويكون فانت اختي وانت فتاة والشباب سيؤون وانت غبية جدا لتفهمي دلك."
ردت صارخة :"لا تضحكني ،قلق علي مند متى؟هم سيؤون؟ وانتم مادا ؟ لا اعتقد انهم سيكونون أسوا منكم فأنتم وحوش بشرية ،كما افضل ان يقتلوني على العودة الى المنزل والبقاء معكم."
لم يتمالك حمد نفسه فصفعها على وجهها ،وندم فورا على دلك واحس بالم شديد فقلبه وشعر بتلك الصفعة وكانها في وجهه هو.بقيت سوسن جامدة فاغرة فمها تنظر بذهول لاخيها ،فكم مرة جعلته يفقد اعصابه لكنه لم يقم ابدا بصفعها ،لم تشعر بنفسها من شدة ذهولها الا وعينيها تدمعان من الالم الدي شعرت انه يمزق قلبها ،فالم الصفعة يعتبر لا شيء أمام الم قلبها.
مد حمد يده ليضعها على خدها وهو يتاوه معتذرا منها شاعرا ان قلبه يتمزق بسبب دموعها ،ابتعدت عنه ومسحت دموعها بعنف وقسوة قائلة:"لا تلمسني ،قلت لك انتم وحوش ،سادهب للمنزل."
كانت كلما تنطق او تفكر بتلك الكلمة(المنزل) تحس بالغرابة تلفها فهي تعتبر نفسها غريبة عن منزلها بل حتى عن نفسها وتعتبر ان لا منزل لها.هدا ماكانت تفكر به حين بدات المشي متجهة للمنزل وهي تحس بحمد يمشي خلفها.
مشى حمد خلفها يكاد يبكي لانه جعلها تبكي ويتمنى لو ان يده قطعت قبل ان يصفعها ،كان يتحسر على حالة اخته ويتدكر كيف كانت ،طفلة صغيرة بريئة دات عينان مشعتان وثغرها كان دائم الابتسام ،كانا دائما يلعبان معا ويضحكان ،ويتدكر والدتهما ووالدهما وهما يلعبان معهما ايضا في فناء المنزل.
حتى اتى داك اليوم المشؤوم الدي غير كل شيء في حياة كل العائلة.
وصلا للمنزل ،وجدت سوسن والديهما ينتظرانهما في الصالة على مايبدو ليتناولوا العشاء ،سلمت عليهما هي واخيها ثم اعتذرت منهم وصعدت لغرفتها متحججة بالتعب خوفا من أن يريا أثر الصفعة على وجهها.
ابعد الوالد الصحيفة التي كان يقرؤها ووضعها على الطاولة التي امامه ونظر لحمد وفي عينيه تساؤول ،فهم حمد انه والده يتساءل عما حدث فخفض راسه خجلا من نفسه وبدا يقص عليهما ماحدث.
وحين انتهى رفع راسه وقال :"انا اسف جدا امي ،ابي لم اقصد والله لكن كلامها جعلني أفقد أعصاهم بي."
بدا الحزن في عيني والديهما ،انهمرت دموع أمه ووضعت يدها عفمها محاولة استيعاب الكلام الدي قاله حمد وغير قادرة على التفوه باي حرف بسبب الكلام الدي قالته سوسن والدي يدل على حالتها التي تسوء يوما بعد يوم ، وورد قائلا :"كنت أتمنى لو انكما استمتعتما ،كنت اتمنى لو انك نجحت ان تعيدها ولو قليلا لما كانت عليه ،لكن للاسف. لا تقلق بني ،اعرف كيف تحس ولا تقسو على نفسك كثيرا ادهب لتناول عشاءك وارتح."
رد حمد :"لا استيع تناول اي شيء ،سادهب لغرفتي فحسب،طابت ليلتكما."
خرج حمد من الصالة متجها لغرفته تاركا والديه يفكران بنفس مايفكر به ،سوسن وحالتها التي تزداد سوءا في كل مرة والطريقة التي يمكن ان تعيدها لسوسن الصغيرة البريئة ،فرغم افعالها والمظهر الدي تحوال ان تظهر به الا انه يعلم ومتاكد انها لا تزال بريئة من الداخل وعلى طيبتها .
وكانتسوسن في غرفتها تبكي ،لم ترد ان تظهر ضعفها لاحد.تفكر كيف ان حياتها اصبحت ظلام ،مجرد ظلام ......
انتهى الفصل.
اتمنى ان يكون قد اعجبكم واني كنت عند حسن ظنكم ،كلما اضع فصل سيكون هناك اسئلة ان شاء الله تعالى .
الاسئلة :
عزيزي القاريء :
مارايك في الفصل؟
ماالدي حدث مع سوسن ليجعلها تتغير هكدا حسب اعتقادك؟
رايك في شخصيات الرواية.
تحياتي احترامي وتقديري
في امان الله وحفظه
بعد وضع المقدمة والتي نالت اعجابكم تبدا الرواية ورحلة شخصياتها
اتمنى ان تعجبكم الرحلة ان شاء الله
وأترككم مع اول فصل من فصول روايتي :
الفصل الأول : ظلام
رفعت يدها لتقي عينيها من وهج شمس منتصف النهار ،جالسة في ساحة على مقعد مشابه لمقاعد العصور الوسطى ،بدت متجهمة الملامج كئيبة المنظر ،غارقة في تفكير عميق أخدها لعالم آخر ،هكدا بدت لكل من مر بجانبها معتقدين ان سبب حزنها الموسيقى التي تسمعها من السماعات التي تضعها والتي لا تفارق أذنيها كالعادة ،مستغربين جلوسها تحت حرارة أشعة شمس منتصف النهار وكدلك شهر أوت ,,
تلك كانت سوسن ،فتاة ذات 22 ربيعا وذات عيون عسلية واسعة ،بيضاء البشرة ترتدي ملابس تجعلها تبدو كانها أجنبية للقلة القليلة المتمسكة بالدين وعادية جدا في نظر الاخرين ،فقد كانت ترتدي ملابس تظهر وتصف شكل جسدها ... سوسن تقطن في وسط ولاية سكيكدة .
فكرت سوسن محدقة فيما حولها :" يالله ،دائما ما يبهرني جمال المنظر الدي تطل عليه هده الساحة. في كل مرة آتي هنا احس بنفس الاحساس وكاني اراها اول مرة مهما كان عدد المرات التي أتيت ،وأعتقد أني لست الوحيدة التي يسحرها داك المنظر ،فدائما اجدها مليئة بالناس من كل الاصناف والفئات ،هي تجعلني أحس بالراحة وإن كانت مؤقتة فهي كافية حاليا. "
بقيت سوسن جالسة هناك تستمع لموسيقى حزينة كما هي عادتها مفكرة في مدى تعاستها معتقدة أنه لا يوجد أحد أتعس منها على سطح الكرة الأرضية ،نسيت نفسها وكل ماحولها كما تفعل دائما هنا ،ففي الجهة المقابلة من زاوية جلوسها يوجد مخزن فيه العديد من المستودعات المستطيلة الشكل ويظهر على مرمى نظرها القليل من السفن الخاصة بتحميل البضائع وبعدها البحر الازرق الواسع وهو الشيء الوحيد الدي يجعلها تهدأ دائما مهما كان سوء حالتها.
رن هاتفها فرفعته لترى هوية المتصل ،كان هاتف سامسونغ ذكي ازرق اللون فهي من عشاق اللون الازرق بكل تدرجاته ،تأففت سوسن لما رأت أنه أخوها محمد وعرفت أنه سيجعلها تفقد هدوءها مجددا كما يفعل في كل مرة ,,
ردت ببرود :" أجل حمد ،مالامر ؟ مادا تريد ؟ هل اتصلت لتجعلني أفقد أعصابي كالعادة؟ "
محمد :" أوهوه ،يبدو أنك لا تحتاجين مساعدتي في دلك ،فأعصابك تالفة أصلا دون تدخلي ,, أعتقد سأدعك اليوم حتى تعودين للمنزل ،لأني شبه متأكد أن جميع من حولك هربو خوفا من صوتك الغاضب "
ردت صارخة:"وهل تعتبر كلامك هدا عدم إزعاج ؟ خلصني وقل لما اتصلت او ساقطع الخط فلا ينقصني أنت وتفاهاتك ."
محمد :" ثقبتي طبلة أذني وأصلا انت السبب فصراخك المخيف و هدا أقل ما يقال طبعا انساني السبب الدي جعلني أتصل كالعادة. "
ردت من بين اسنانها:" حممممممممممممممممممد ، خلصني."
محمد :"حسنا حسنا يامتوحشة ،ان ابي يريدك ان تعودي للبيت لارافقك لتشتري لي ولكي ملابس الدخول المدرسي،فكما تعلمين سيكون بعد شهر تقريبا ان شاء الله."
سوسن :"رائع ،هدا ماكان ينقصني, انت واخبارك وكل شيء ياتي من عندك ويخصك .ازعاج في ازعاج ،أخبر والدي أني قادمة ومن الأفضل أن اجد أنك قد جهزت نفسك حين أصل. "
أغلقت سوسن الخطقبل ان يزيد حرفا واحدا ،زنهضت من على الكرسي وضربت الارض بقدمها غيضا :"تبا لك ياحمد ،اووووووووووووووف. "
وفجاة رجع كل شيء لوضعه الطبيعي بالنسبة لسوسن ،انعكس ماتراه بقلبها وعقلها في عينيها فاختفى نور الشمس وحل مكانه ظلام شديد ،وهدا ما يحدث دائما كلما غادرت داك المكان ويزداد ماحولها سوادا في كل خطوة تبتعد فيها عنه ،وخاصة ان كانت وجهتها البيت ,,
فكرت سوسن ساخرة :"مهما ابتعدت عن داك المنزل فدائما في اخر النهار سيكون هو وجهتي ،عجبا لاولئك الناس الدين يرون المنزل مصدر راحة وسعادة .. الراحة والسعادة ،اتمنى ان اجدهما مرة واحدة فقط في حياتي .أتمنى ان أعيش يوما واحدا جيدا ،ليلة واحدة بدون دموع ,,,
تبا لحياتي ،بل للحياة كلها ,, تبا لداك المنزل بل تبا لكل شيء."
دائما ماكانت تلك أفكار سوسن التي يعتبرها الاغلب غريبة ولكن بالنسبة لها منطقية ولها أسبابها التي تجعلها كدلك,
في الجانب الاخر ,, في منزل سوسن. كان محمد دو 19 ربيعا او حمد كما ينادونه أهله وأصدقاءه مستريحا في فراشه وهاتفه المطابق لداك الخاص باخته ماعدا لونه الاسود بيده يلوح به يمينا وشمالا. ملامحه طفولية ورجولية في نفس الوقت ما جعله وسيما جدا ،فشعره البني الكثيف وبشرته السمراء وانحناءات وجهه تجعل منه يشبه الطفل الصغير ،لكن عينيه الحادتين دات اللون العسلي كاخته تجعله يبدو أكبر من عمره ,
فكر حمد والحزن بادي على وجهه الوسيم من تقطيبة حاجبيه الرفيعين والدي يكاد يمزق قلبه :"الى متى يا أختي ستبقين على حالك ؟الى متى تظنين أنك وحدك من تتألم ؟ الى متى ستعزلين نفسك عن العالم ؟ أعلم ان ماحدث لك كان قاسيا، ولا اعرف صدقا كيف استطعت تحمل كل دلك .عدم معرفتي بكيفية مساعدتك لتخرجي من تلك الحالة يقتلني. أعلم ,, تظنين أننا سعداء لحالك ،أني أجعلك تغضبين. لكن غضبك علي أو أي رد فعل مهما كان منك أحسن من داك الجمود الدي تلفين نفسك به. "
كان دلك مايفكر به حمد ،سمع صوت امه :"حمد ،حمد ،حمممممممد ،في مادا كنت تفكر ؟ مند خمس دقائق وانا اطرق الباب ،قم بسرعة يابني ،تعلم ان أختك لا تحب الانتظار كثيرا وتفقد اعصابها بسرعة."
نظر حمد لامه والتقت عيناه بعينيها المثقلتين بالاحزان وهو يفكر في مدى شبه سوسن الكبير بوالدتهما وفي مدى جمالهما ،ونظر لوجهها الرقيق الدي يحمل نفس ملامح سوسن عدا لون الشعر فامه شعرها بني مثله وسوسن ذات شعر نحاسي كما كان شعر والده قبل ان يغزوه الشيب ،ثم استدرك نفسه :"أجل امي ساقوم الان ،لا تقلقي لن اجعلها تنتظر."
ابتسمت الام ،ثم ردت متحسرة بعد ان بهتت ابتسامتها :"اعرف انك تحبها كثيرا ولا تحب ان تزعجها ،فقط لو تعرف هي دلك."
ابتسم لها :"لا تقلقي امي ،سيتعلم يوما ما إن شاء الله."
ردت عليه مبتسمة :"بارك الله فيك ياولدي ،ساكون في المطبخ ان احجتني."
رد محتفظا بذات الابتسامة :"لا تتعبي نفسكي يا امي."
ردت له الابتسامة وخرجت ،صوت انغلاق الباب جعله يتدكر كلام اخته بل بالاحرى تحذيرها فقام مسرعا ليستعد.
وصلت سوسن للبيت ،اخدت نفسا عميقا وطرقته ليفتح لها حمد فمنزلهم يبعد مدة سير ربع ساعة عن المكان الدي كانت فيه.
قالت ساخرة :"واو ،استعددت بهده السرعة؟ يجب تسجيل دلك في سجل غينيس للارقام القياسية. "
دخلت لرواق المنزل ثم للصالة وجلست سوسن وهي تكاد تختنق وهدا دائما ما تحس به عندما تصل للبيت وودت أن تخرج فورا ..
حمد :"أنظرو من يتكلم ،السيدة حلزون. أنسيت كم تأخدين من وقت أمام المرآة وأنت تنظرين لوجهك القبيح أقصد الجميل في ظنك عفوا؟ "
صرخت :" تبا لك ياحمد ،ابي في المنزل ؟ "
رد بسخرية :" ومند متى تهتمين وتسألين عن أبي؟ واو تقدم ملحوظ."
سوسن وهي تكاد تنفجر غيضا :"ليس لاني اشتقت له بالطبع ،بل ليعطينا المال يافهيم. أو اصبحت تعمل دون علمي ولديك نقود ؟ "
حمد بسخرية أكبر :"بل أنت الغبية ،وان كنت قد بدأت العمل أتعتقدين أني ساشتري اي شيء لك بنقودي ؟"
ردت ببرود :"لا أتوقع شيءا منك أو من اي أحد ،احضر النقود من عند أبي ولندهب."
رد حمد وهو يتمنى لو يقطع لسانه بسبب ماتفوه به :"أبي قد خرج وأعطاني النقود لندهب ونشتري مانحتاج ونعود."
قامت سوسن من مكانها :"فلندهب ادا مادا تنتظر؟"
رد عليها ساخرا :"ظننت انك ستدهبين لتغيري ملابسك وابقى أنتظرك بالساعات ياسيدة حلزونة."
ردت عليه وهي بالكاد تسيطر على اعصابها :" امشي فحسب ياسيد زرافة."
خرج حمد امامها ورد ساخرا :"اوه أحسن منك أنت ياسيدة حلزونة ،بطيئة وقصيرة مثلها بالضبط."
ردت غاضبة :"تبا لك الف مرة ،ساجلك تندم يوما ما."
أكملت وهي تبتسم ابتسامة تدل على الشر :"بل اليوم ،ساجعل قدميك تنكسران من كثرة المشيء."
ضحك حمد في سره وتبسم ابتسامة صغيرة اخفاها لما نظر اليها يمثل الالم ومتأوها :"أوووووووه ،مادا جلبت لنفسي فليكن الله في عوني."
ضحكت سوسن ضحكة شريرة تدل على النصر ،فكاد قلب حمد يطير فرحا لما راى ضحكتها بعد اشهر فقد كانت تلك غايته من ازعاجاته المتكررة لها.
دهبا للمكان الدي توجد به المحلات ،وحين يكون خاص بالبنات تدخل سوسن وينتظرها حمد خارجا وان كان خاص بالرجال تدخل معه ليسالها عن راييها وهي تكره دلك بشدة .
قالت سوسن حين فقدت صبرها :"مادخلي أنا فيما ستلبسه؟ اوووووف لما تدخلني معك لاي محل ؟ انت من ستلبس وليس أنا."
رد حمد ساخرا :"لاني أعللم ان دلك يغضبك ياسيدة حلزونة." وضحك ضحكة تدل على الانتصار.
فردت سوسن :"هكدا ادن .. طيب ،سترى ياحمد ستندم ،أعدك أنك ستندم."
رد عليها ساخرا وهو يكاد ينفجر ضحكا :"هدا ماتقولينه مند زمن بعيد سيدة حلزونة ،وانتظر بفارغ الصبر كيف ستجعلينني أندم."
لو لم تتحكم باعصابها لصرخت من شدة الغيض ،فضربت الارض بقدمها وهو ماتفعله دائما حين تعجز عن الرد ولتعبر عن شدة غضبها.
ثم خرجا من داك المحل وانفجر صاحب المحل ضاحكا من الحوار الدي سمعه ،ومستخربا ومدهوشا من لقب الحلزونة لان سوسن جميلة جدا وهدا راي كل من يراها من الفتيات او غيره.
اشترت سوسن ماتحتاجه وكان الوقت يقارب أذان المغرب،نظرت لحمد وقالت :"سأعود وحدي للمنزل ،اما انت افعل ماتريد وقبل ان اعود للمنزل سادهب لمكان ما."
رد عليها حمد بالكاد يتحكم في غضبه :"وهل تظنين أنك فتا؟ لن تدهبي لاي مكان وحدك ،هل هدا واضح ؟"
ردت عليه غاضبة :"ومادخلك أنت؟ لا دخل لاي احد منكم بي وبحياتي."
رد عليها وغضبه يتزايد :"تبا لك يا فتاة ، انت اختي اتفهمين معنى دلك؟"
ردت عليه بسخرية :"ومند متى اصبحت أختك ؟ آآه أم تخاف أن افعل شيءا يجعلكم تحسون بالخزي والعار؟ فأنتم تعتقدون أني أسوأ فتاة على وجه الكرة الارضية."
صرخ في وجهها وقد طفح كيله :"أي غباء هدا الدي تقولينه؟ بل لاني أخاف عليك ،فمهما كان ويكون فانت اختي وانت فتاة والشباب سيؤون وانت غبية جدا لتفهمي دلك."
ردت صارخة :"لا تضحكني ،قلق علي مند متى؟هم سيؤون؟ وانتم مادا ؟ لا اعتقد انهم سيكونون أسوا منكم فأنتم وحوش بشرية ،كما افضل ان يقتلوني على العودة الى المنزل والبقاء معكم."
لم يتمالك حمد نفسه فصفعها على وجهها ،وندم فورا على دلك واحس بالم شديد فقلبه وشعر بتلك الصفعة وكانها في وجهه هو.بقيت سوسن جامدة فاغرة فمها تنظر بذهول لاخيها ،فكم مرة جعلته يفقد اعصابه لكنه لم يقم ابدا بصفعها ،لم تشعر بنفسها من شدة ذهولها الا وعينيها تدمعان من الالم الدي شعرت انه يمزق قلبها ،فالم الصفعة يعتبر لا شيء أمام الم قلبها.
مد حمد يده ليضعها على خدها وهو يتاوه معتذرا منها شاعرا ان قلبه يتمزق بسبب دموعها ،ابتعدت عنه ومسحت دموعها بعنف وقسوة قائلة:"لا تلمسني ،قلت لك انتم وحوش ،سادهب للمنزل."
كانت كلما تنطق او تفكر بتلك الكلمة(المنزل) تحس بالغرابة تلفها فهي تعتبر نفسها غريبة عن منزلها بل حتى عن نفسها وتعتبر ان لا منزل لها.هدا ماكانت تفكر به حين بدات المشي متجهة للمنزل وهي تحس بحمد يمشي خلفها.
مشى حمد خلفها يكاد يبكي لانه جعلها تبكي ويتمنى لو ان يده قطعت قبل ان يصفعها ،كان يتحسر على حالة اخته ويتدكر كيف كانت ،طفلة صغيرة بريئة دات عينان مشعتان وثغرها كان دائم الابتسام ،كانا دائما يلعبان معا ويضحكان ،ويتدكر والدتهما ووالدهما وهما يلعبان معهما ايضا في فناء المنزل.
حتى اتى داك اليوم المشؤوم الدي غير كل شيء في حياة كل العائلة.
وصلا للمنزل ،وجدت سوسن والديهما ينتظرانهما في الصالة على مايبدو ليتناولوا العشاء ،سلمت عليهما هي واخيها ثم اعتذرت منهم وصعدت لغرفتها متحججة بالتعب خوفا من أن يريا أثر الصفعة على وجهها.
ابعد الوالد الصحيفة التي كان يقرؤها ووضعها على الطاولة التي امامه ونظر لحمد وفي عينيه تساؤول ،فهم حمد انه والده يتساءل عما حدث فخفض راسه خجلا من نفسه وبدا يقص عليهما ماحدث.
وحين انتهى رفع راسه وقال :"انا اسف جدا امي ،ابي لم اقصد والله لكن كلامها جعلني أفقد أعصاهم بي."
بدا الحزن في عيني والديهما ،انهمرت دموع أمه ووضعت يدها عفمها محاولة استيعاب الكلام الدي قاله حمد وغير قادرة على التفوه باي حرف بسبب الكلام الدي قالته سوسن والدي يدل على حالتها التي تسوء يوما بعد يوم ، وورد قائلا :"كنت أتمنى لو انكما استمتعتما ،كنت اتمنى لو انك نجحت ان تعيدها ولو قليلا لما كانت عليه ،لكن للاسف. لا تقلق بني ،اعرف كيف تحس ولا تقسو على نفسك كثيرا ادهب لتناول عشاءك وارتح."
رد حمد :"لا استيع تناول اي شيء ،سادهب لغرفتي فحسب،طابت ليلتكما."
خرج حمد من الصالة متجها لغرفته تاركا والديه يفكران بنفس مايفكر به ،سوسن وحالتها التي تزداد سوءا في كل مرة والطريقة التي يمكن ان تعيدها لسوسن الصغيرة البريئة ،فرغم افعالها والمظهر الدي تحوال ان تظهر به الا انه يعلم ومتاكد انها لا تزال بريئة من الداخل وعلى طيبتها .
وكانتسوسن في غرفتها تبكي ،لم ترد ان تظهر ضعفها لاحد.تفكر كيف ان حياتها اصبحت ظلام ،مجرد ظلام ......
انتهى الفصل.
اتمنى ان يكون قد اعجبكم واني كنت عند حسن ظنكم ،كلما اضع فصل سيكون هناك اسئلة ان شاء الله تعالى .
الاسئلة :
عزيزي القاريء :
مارايك في الفصل؟
ماالدي حدث مع سوسن ليجعلها تتغير هكدا حسب اعتقادك؟
رايك في شخصيات الرواية.
تحياتي احترامي وتقديري
في امان الله وحفظه
آخر تعديل: