- إنضم
- 24 ديسمبر 2011
- المشاركات
- 24,702
- نقاط التفاعل
- 28,174
- النقاط
- 976
- محل الإقامة
- فار إلى الله
- الجنس
- ذكر
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا , أما بعد :
فهذه سبعون ومضة رمضانية ( أعمال ، أفكار ، توجيهات ) مختصرة وموجزة ومنوعة , فيها تذكير وتنبيه وتحفيز , حاولت أن تكون جامعة ووافية لجميع شهر رمضان قدر الاستطاعة .
وهي ومضات عامة للمسلم والمسلمة ومنها ما هو خاص لكل منهما , وقد بدأت ما هو خاص بالمسلمة بـ " أختي " وبثثت ذلك بين الومضات .
فأسأل الله أن ينفعني بها ومن اطلع عليها ويجعلها خالصة لوجهه الكريم , آمين .
1 / رمضان موسم عظيم من مواسم الخيرات يتزود فيه المسلم من الطاعات ويستعد للآخرة .
2 / أكثِر من دعاء الله أن يبلغك رمضان ، وأن يعينك فيه على الصيام والقيام وصالح الأعمال , فالإنسان قد يدرك رمضان ولكن لا يُعان على العمل الصالح ! قال ابن القيم رحمه الله : [ ولهذا كان من أفضل ما يسأل الرب تبارك وتعالى الإعانة على مرضاته وهو الذي علمه النبي ﷺ لحبه معاذ بن جبل رضي الله عنه فقال ( يا معاذ والله إني لأحبك فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) فأنفع الدعاء طلب العون على مرضاته وأفضل المواهب إسعافه بهذا المطلوب وجميع الأدعية المأثورة مدارها على هذا وعلى دفع ما يضاده وعلى تكميله وتيسير أسبابه فتأملها . وقال شيخ الإسلام رحمه الله: تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته ثم رأيته في الفاتحة في { إياك نعبد وإياك نستعين}] . مدارج السالكين .
3 / الفرح بقدوم رمضان والمسارعة بالأعمال الصالحة فيه ؛ من علامات الإيمان ومن الفرح المحمود { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [يونس : 58]
4 / التوبة النصوح من أعظم الأعمال التي تستقبل بها مواسم الخيرات ، ففيها امتثال لأمر الله تعالى ، وعلامة على صدق عزمك ورغبتك بما عند الله ، ومحبتك للتخفف من الخطايا والآثام ، قال الله تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } قال السعدي رحمه الله : [ فلا سبيل إلى الفلاح إلا بالتوبة ، وهي الرجوع مما يكرهه الله، ظاهراً وباطناً، إلى: ما يحبه ظاهراً وباطناً، ودل هذا، أن كل مؤمن محتاج إلى التوبة، لأن الله خاطب المؤمنين جميعا ] . فسارع إلى التوبة إلى الله وأكثر من الاستغفار .
5 / تحديد وتعيين ما ستقوم به من أعمال صالحة في رمضان وجعل أهداف واضحة ؛ من أهم ما تستقبل به شهر الخير، ومن أسباب الاستمرار والمواصلة بعد توفيق الله وإعانته , وهذا يريحك من التخبط والعشوائية . فمثلا : ختم القرآن كل ( 10 ) أيام يعني في كل يوم ( 3 ) أجزاء ألزم نفسك به ثم زد على ذلك فيما بعد .
6 / استماع بعض المحاضرات والمقاطع وقراءة بعض الكتب عن رمضان قبيل دخوله : تزيدك علماً نافعاً، وتحفيزاً للعمل الصالح ، وحثاً على استغلال رمضان .
7 / التقوى من أعظم ثمار الصيام فقد ختمت الآية الأولى والأخيرة من آيات الصيام بالتقوى في قوله تعالى : { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون } و { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } فلتكن التقوى لك شعاراً في رمضان وغير رمضان .
8 / خذ أهبتك كل مغرب وبكََّر لصلاة العشاء ولا يلهيك ما يعرض في الشاشات ! وتهيأ لصلاة العشاء والتراويح , ففرق بين من يأتي مبكرا , ومن يتأخر وقد تفوته بعض ركعات صلاة العشاء .
9 / العمرة من الأعمال الصالحة التي رُغب فيها ففي الصحيحين قال ﷺ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ) وقال ﷺ ( فعمرة في رمضان تقضي حجة . أو حجة معي )
10 / رمضان مدرسة ؛ فاغتنمه .
11 / للقلوب عند قرب رمضان وفي رمضان إقبال على الخير ، فمن كمال المحبة استغلال ذلك في تقديم النصيحة لمن عندهم تقصير ، برسالة أو مكالمة أو زيارة ، لعل قلباً يتحرك ، أو مسرفاً يرجع ، أو غافلاً يتذكر .
12 / في الصحيحين عن النبي ﷺ : قال : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) و ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) و ( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) فتعرض لهذه المغفرات علّك تصيبها .
13 / اجعل لك نية الاستمرار بعد رمضان على الخير ، ولو لبعض الأعمال الصالحة . فمثلا وأنت تقرأ القرآن ، خطط للبقاء على تلاوة القرآن لمقدار معين بعد رمضان ولو قلّ .
14 / احذر الاندفاع في أول رمضان , كما يفعله الكثير من الناس ثم يفترون آخره .
15 / قد يكون رمضان هذا العام آخر رمضان في حياتك ، فاستغل إدراكك له ؛ في التزود من الطاعات قبل أن يوافيك الأجل !
16 / لتكن تلاوتك للقرآن في كل مكان ، في المسجد ، في البيت ، في العمل إن كان هناك فرصة ، تستغل وقتك ، وتكن قدوة لغيرك .
17 / رمضان كما قال الله تعالى عنه : { أَيَّامًا مَعْدُودَات } فخير ما تستغل به هذه الأيام المعدودة ؛ العمل الصالح .
18 / نوِّع من صدقاتك في رمضان : نقدية وعينية , على الفقراء وخاصة الأقارب ، والمساكين والأيتام، والأرامل ، في الليل والنهار وفي السر والعلانية ، ولو بشيء قليل . قال الله تعالى : { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } [سبأ : 39] وقال الله جل وعلا : { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة : 274]. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ : ( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا ) متفق عليه .
19 / أختي : مطبخكِ والأسواق والزيارات ؛ سارقة لوقتكِ في رمضان ! فاقتصدي فيها قدر الإمكان.
20 / وضع حلقة لحفظ القرآن وتحسين التلاوة في المسجد لمن يرغب من جماعة المسجد ، فهناك من يريد الحفظ أو تحسين التلاوة ولكن يحتاج من يساعده .
21 / إصلاح ذات البين له أجر عظيم ، فينبغي أن يكون هناك دور لأهل الصلاح والإصلاح في هذا الشهر، واستغلال تقارب القلوب واجتماعها وإقبالها على الخير . قال الله تعالى : { لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } [النساء : 114]
22 / إدراك ليلة القدر من أعظم ما يهم المسلم ، فليكن من دعائك ، أن يوفقك الله لإدراك ليلة القدر وقيامها إيمانا واحتسابا .
23 / إياك أن تستسلم ..قد يدخل عليك رمضان فتحب أن تجتهد في العبادة فلا تطاوعك نفسك فإياك أن تستسلم ! بل ألحّ على الله بالدعاء بأن يعينك ويوفقك للعمل الصالح وأكثر من قول : '' لا حول ولا قوة إلاّ بالله '' في كل وقت فلها تأثير عظيم في الاستعانة بالله على العمل الصالح . وتذكر نعيم الجنة وما أعده الله لعباده الصالحين الذين اجتهدوا بالعمل الصالح ؛ من النعيم المقيم وما يقال لهم في الجنة : { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } فشوّق نفسك وذكرها بالجنان ، لعلها تتحرك . وانظر إلى من حولك من المجتهدين في العبادة والذين شغلوا أوقاتهم بالأعمال الصالحة , فكن قريبا منهم واقتد بهم وصبّر نفسك وجاهدها , وذكرها بالموت وسرعة نزوله ، لعلها تتأثر فتستعد وتسارع إلى التزود من العمل الصالح .
24 / قد يفتح لك باب من أبواب الخير فالزمه وأكثر منه ، مثلا : تجد من نفسك إقبالا على تلاوة القرآن فأكثر من ذلك ، وفي نفس الوقت ليكن لك سهم في أبواب أخرى من أبواب الخير .
25 / احرص على صلاة التراويح كاملة خلف الإمام , قال رسول الله ﷺ : ( مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَام حتَّى يَنْصَرِفْ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَة ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني .
26 / أختي : احتسبي الأجر عند الله في الوقت الذي تقضينه في إعداد الإفطار والسحور لأهل بيتك , واجمعي بين ذلك وبين ذكرك لله بلسانك وتلاوة القرآن من حفظك .
27 / الجلوس في المسجد بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ، في رمضان وغيره ، وكذلك المرأة لها أن تجلس في مصلاها ، قال ابن باز رحمه الله : [ فالمرأة في بيتها تجلس في مصلاها ] وعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ كَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِى مُصَلاَّهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا . أخرجه مسلم .
28 / قال الله تعالى : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [البقرة : 186] فأكثر من دعاء الله في كل وقت ، وخاصة أوقات الإجابة .
29/ في صلاة التراويح أحضر قلبك و استشعر وقوفك بين يدي الله ، واخشع في صلاتك وتدبر كلام الله، ولا تأخذك الوساوس هنا وهناك !
30 / الاعتذار خلق جميل يدل على معدن صاحبه ، فإذا أخطأت فاعتذر وكذلك اقبل عذر من اعتذر واعف عنه وليكن رمضان هذا العام فرصة في رجوع ما تقطع من العلاقات مع الأقارب والجيران والأصدقاء ، وصلتهم والإحسان إليهم قال تعالى : { وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ}[سورة آل عمران 134] وقال ﷺ ( مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ ) . أخرجه مسلم .
31 / كُن على حذر من برامج التواصل الاجتماعي ؛ أن تسرق وقتك ! فتشغلك عن الاجتهاد في رمضان .
32 / أحذر أن تضيع عليك ساعات رمضان الغالية , كحال من ينام في النهار النوم الطويل فيضيع الصلوات ولا يتنبه إلا عند الإفطار ! وفي الليل يسهر أمام الشاشات أو يتسكع في الأسواق أو يضيع الوقت في جلسات لا فائدة منها ! في حالة هي إلى الخذلان أقرب نسأل الله العافية . بل استغل وقتك في كل ما يقربك إلى الله ويحفظ عليك رمضان .
33 / أحوال السلف مع القرآن في رمضان أحوال عجيبة ، حيث عمروا أوقاتهم بتلاوة كتاب الله واجتهدوا في استغلال هذه الشهر الفضيل , فقد كان قتادة رحمه الله : [ يختم القرآن في سبع ، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم كل ليلة ] وكان الوليد بن عبد الملك رحمه الله : [ يختم في كل ثلاثٍ، وختم في رمضان سبع عشرة ختمة ] وكان سفيان الثوري رحمه الله : [ إذا دخل رمضان ترك جميع العباد وأقبل على قراءة القرآن ] وكان سعيد بن جبير رحمه الله : [ يختم القرآن في كل ليلتين ] وكان الشافعي رحمه الله : [ يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة ] إلى غير ذلك من اجتهاد السلف في تلاوة القرآن في رمضان .
34 / ( لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ) فأكثر من ذكر الله في كل وقت في صيامك وفطرك.
35 / بعض الاجتماعات العائلية تبدأ قبيل الإفطار وحتى ساعات متأخرة من الليل ، بل قد تمتد للسحور , وهذا فيه ضياع لأوقات طويلة في المآكل والمشارب والقيل والقال ، والسهر ربما على محرمات ! والموفق من الرجال والنساء من يحضر القدر الواجب من الدعوة ويعتذر عن باقي الوقت، وكذلك يعتذر عن بعض الاجتماعات في ليالي رمضان ويؤجلها إلى ما بعد رمضان ، حتى يستغل ساعات رمضان النفيسة بالعبادة والتقرب إلى الله .
36 / اربط أعمالك الصالحة بروابط حتى لا تدعها ، مثلا : قراءة القرآن بعد صلاة معينة ، كصلاة الفجر وصلاة العصر فلا تخرج حتى تقرأ ما حددت لنفسك .
37 / تعويد الصغار على الصيام فيه تربية وتنشئة على الطاعات , وجميل بيان الأجر لهم , وجعل منافسة بينهم , وجوائز لمن يصوم ولو بعض الأيام . قال ابن باز رحمه الله : ( الصبيان والفتيات إذا بلغوا سبعا فأكثر يؤمرون بالصيام ليعتادوه، وعلى أولياء أمورهم أن يأمروهم بذلك كما يأمرونهم بالصلاة ) فتاوى ابن باز (15/181)
38 / حاول قدر الاستطاعة الانتهاء من تجهيزات العيد من ملابس ونحوها قبل دخول الشهر ، أو على الأقل في أوله .
39 / من الغبن أن يدخل عليك الشهر ويخرج وأنت تسمع وتقرأ كلام الله ولم يتأثر قلبك ! بل حاول أن تحضر قلبك وأن تدمع عينك خشية لله .
40 / كان السلف يحفظون صيامهم بالجلوس في المسجد ، فأكثِر من الجلوس فيه .
41 / قراءة تفسير الآيات التي سيقرؤها الإمام في التراويح ، من التفاسير المختصرة ، من أعظم ما يساعد على فهم الآيات وتدبرها والخشوع في الصلاة .
42 / وضع صندوق في البيت خاص بجمع الصدقة ، وحث أهل البيت من النساء والبنين والبنات على الصدقة ، ولتكن البداية في رمضان وتستمر جميع الأيام .
43 / المقصود من الاعتكاف " عكوف القلب على الله " قال ابن القيم رحمه الله : [ وَشَرَعَ لَهُمْ الِاعْتِكَافَ الّذِي مَقْصُودُهُ وَرُوحُهُ عُكُوفُ الْقَلْبِ عَلَى اللّهِ تَعَالَى ، وَجَمْعِيّتُهُ عَلَيْهِ وَالْخَلْوَةُ بِهِ وَالِانْقِطَاعُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالْخَلْقِ وَالِاشْتِغَالُ بِهِ وَحْدَهُ سُبْحَانَهُ .. ] زاد المعاد . فإذا اعتكفت فليكن همك إصلاح قلبك والتعلق بالله والخلوة به سبحانه وتعالى , وتقلل من مفسدات القلب : فضول الخلطة والنوم والأكل والشرب والنظر ، واحرص بأن يكون حالك بعد الاعتكاف أفضل من حالك قبل الاعتكاف .
44 / كُن حازماً في إيقاف كل ما يؤثر على عبادتك .
45 / أختي : عبادتكِ في رمضان لها أثر عليكِ في حياتكِ ؛ في رمضان وبعد رمضان ، فكم هو جميل أن يكون أول هذه الآثار : [ اختيارك لملابس العيد موافقة لشرع الله ] .
46 / وأنت تشتري بعض مشتريات رمضان ، لا تنس أن تتلمس حوائج من حولك من الفقراء ، وخصوصا بعض الفقراء من الأقارب , فخذ بعض المشتريات واذهب بها بنفسك , تجد الأجر وانشراح الصدر .
47 / كم هو جميل أن يقوم الأب أو الأم بحث الأبناء والبنات على تلاوة القرآن ، وختمه وحفظه ، ووضع الجوائز والحوافز المشجعة لهم .
48 / تذكر وأنت تصوم شهر رمضان ، أنه بمقدورك بعد بتوفيق الله وإعانته صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فقد كان رسول ﷺ يصوم ثلاثة أيام من كل شهر فعنْ مُعاذةَ العَدَوِيَّةِ أَنَّها سَأَلَتْ عائشةَ رضيَ اللَّه عَنْهَا : أَكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يصومُ مِن كُلِّ شَهرٍ ثلاثةَ أَيَّامٍ ؟ قَالَت : نَعَمْ . فَقُلْتُ : منْ أَيِّ الشَّهْر كَانَ يَصُومُ ؟ قَالَتْ : لَمْ يَكُن يُبَالي مِنْ أَيِّ الشَّهْرِ يَصُومُ . رواهُ مسلمٌ . وأوصى ﷺثلاثة من أصحابه بصيام ثلاثة أيام من كل شهر : [ عبد الله بن عمر وأبو هريرة وأبو الدرداء ] رضي الله عنهم .
49 / قيل : لا تأكل كثيرا ، فتشرب كثيرا ، فتنام كثيرا ، فتخسر كثيرا ! فتنبه من هذا كله في رمضان خاصة , وتأمل في هذا الحديث : ( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ ، حَسْبُ الآدَمِيِّ ، لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ غَلَبَتِ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ ، فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ ، وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ ، وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ ) أخرجه ابن ماجه .
50 / قراءة القرآن في ليالي رمضان : قال ابن رجب رحمه الله : [ وفي حديث فاطمة رضي الله عنها عن أبيها ﷺ أنه أخبرها : « أنّ جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن كل عام مرةً وأنّه عارضه في عام وفاته مرتين » متفق عليه ، وفي حديث ابن عباس « أنّ المدارسة بينه وبين جبريل كانت ليلاً » متفق عليه , فدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلاً فإنّ الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطًْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً}[المزمل:6]، وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن كما قال تعالى:{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } [البقرة:185] لطائف المعارف.
51 / لا تكن رمضانيا لا تعرف الله إلا في رمضان ! بل كن ربانيا تعرف الله في كل وقت , وتجتهد في مواسم الخيرات وتسارع فيها بالطاعات .
52 / احرص على نوافل الصلوات : سنن رواتب , صلاة الضحى , نوافل مطلقة , بعض الركعات في الليل .
53 / وأنت تقرأ القرآن تدبر ما تقرؤه ، قال تعالى { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ } [محمد: 24] وليكن لك ختمة خاصة بالتدبر والرجوع للتفسير ومعاني الكلمات ، ولو لم تنته منها في رمضان ، بل تستمر معك ربما سنوات ، ستجد فائدتها العظيمة , وأثرها على صلاح قلبك وحالك , وقد كان لأحد السلف [ ختمة تدبر أمضى فيها عشرين سنة ، وبقي عليه أقل من جزء من القرآن ، توفي رحمه الله ولما يكملها ] . قال ابن القيم رحمه الله :
فتدبر القرآن إن رمتَ الهدى *** فالعلم تحت تدبر القرآنِ
54 / كُن أجود الناس في رمضان كما كان نبيك ﷺ : فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ . أخرجه البخاري ومسلم .
55 / وأنت تصوم : استشعر أنك تصوم إيماناً واحتساباً لا عادة وموافقة ! وبهذا يهونك عليك ما قد تجده من تعب وعطش ، بل تحتسب الأجر فينقلب إلى لذة وفرح . ومعنى " إيمانا واحتسابا " قال ابن عثيمين رحمه الله عند كلامه على حديث : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) [ يعني إيمانا بالله ورضا بفرضيَّة الصوم عليه واحتسابا لثوابه وأجره , ولم يكن كارها لفرضه ولا شاكًّا في ثوابه وأجره , فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنبه ] مجموع فتاوى ورسائل العثيمين .
56 / فطّر بعض الأيام بعض الفقراء والعمال والأسر , تكسب أجر الصائم وتعود نفسك وأهلك على الصدقة والإطعام .
57 / التبكير للصلوات من علامات حب الخير والمسارعة للخيرات , وفيه تحصيل لفضائل عظيمة لها أثر كبير في الخشوع في الصلاة , قال ﷺ ( وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما في التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إليه ) متفق عليه '' التَّهْجيرُ '' : [ التَّبْكِيرُ إلى الصلاة ] .
58 / انتظار الصلوات فيه فضل عظيم من دعاء الملائكة وتكفير الخطايا ورفع الدرجات ، فليكن لك نصيب منه . فعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسُولَ اللَّهِ ﷺ قال : ( أَلا أَدُلُّكُمْ على ما يَمْحُو اللَّه بِهِ الخَطَايا ، ويرْفَعُ بِهِ الدَّرجاتِ ؟ قَالُوا : بلى يا رَسُول اللَّهِ ، قَالَ : إِسْباغُ الوُضُوءِ على المكَارِهِ وكَثْرَةُ الخُطَا إلى المساجِدِ ، وانْتِظَارُ الصَّلاةِ بعْد الصَّلاةِ ، فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ ، فذلِكُمُ الرِّباطُ ) رواه مسلم .
59 / إفطار جماعة المسجد في المسجد مرة أو أكثر , فيه تقارب للقلوب ومزيد من التعارف والمحبة والألفة .
60 / السحور فيه تطبيق للسنة ونيل للبركة ، قال ابن باز رحمه الله : [ فلا ريب أن السحور سنة وقربة؛ لأن الرسول أمر بذلك -عليه الصلاة - قال : ( تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً ) متفق عليه، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ( فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ ) أخرجه مسلم . وكان يتسحر -عليه الصلاة والسلام-، فالسنة السحور ولكن ليس بواجب، من لم يتسحر فلا إثم عليه، لكن ترك السنة، فينبغي أن يتسحر ولو بقليل، ليس من اللازم أن يكون كثيراً، يتسحر بما تيسر ولو تمرات، أو ما تيسر من أنواع الطعام في آخر الليل، فإن لم يتيسر فإن لم يتيسر أو لم يشتهي الطعام فشيء من اللبن، وعلى الأقل الماء، يحس من الماء ما تيسر، ولا يدع السحور، فأكلة السحر فيها بركة وفيها خير كثير، وهي عون للصائم على أعماله في النهار، فينبغي للصائم أن لا يدع السحور ولو قليلاً، لقول النبي - ﷺ -: ( تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً ) هكذا يقول -عليه الصلاة والسلام-، وهذه البركة لا ينبغي أن تضيع، بل ينبغي للمؤمن أن يحرص عليها ولو بشيءٍ قليل من الطعام، أو من التمرات، أو من اللبن، يستعين بذلك على أعمال النهار الدينية والدنيوية ]
61 / فرق بين من ينتظر رمضان ليتزود من العمل الصالح ويستعد للدار الآخرة ، وبين من ينتظره ليستمتع بمشاهدة البرامج والمسلسلات والمسابقات ! حتى وإن كانت في قنوات محافظة وهادفة !
62 / في صحيح مسلم أن رسول الله ﷺ قَالَ : ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ ) فشهر هذا حاله جدير بأن يكون له شان عظيم في قلب المسلم , فيخصه بمزيد, عبادة واجتهاد , وأن لا يكون حاله فيه كحاله في بقية الشهور .
63 / متابعة المؤذن أَمَرَ النبي ﷺ بها : ( إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ) متفق عليه . وتكاد تكون من السنن المهجورة عند بعض الناس ! مع أن لها فضل عظيم , فينبغي التذكير بها وخصوصا عند سماع أذان المغرب حال الإفطار ورفع الصوت في متابعة المؤذن وفي الذكر بعد الأذان , حتى يتعلم الصغير ويتذكر الغافل , ويُعمل بهذه السنة عند سماع الأذان في الأوقات الأخرى .
64 / في صلاة المغرب من أول يوم من رمضان , يحضر للمسجد بعض المصلين الذين لا يٌشاهدون في الأيام العادية , فمن المتعين على إمام المسجد والجماعة الاهتمام بهم , وتقديم النصيحة لمن لا يشهد صلاة الجماعة .
65 / الإمام في رمضان تزداد مسؤوليته تجاه مسجده وجماعته وحيه ، فجميل أن يكون له دور في التوجيه والوعظ قبيل رمضان وفي رمضان وجمع الجماعة على المحبة والأخوة والصفا .
66 / رمضان فرصة للتغيير ، فغير ما في نفسك مما لا يرضي ربك ، وتخفف من كل ما يثقل ظهرك من الذنوب والآثام ، تجد توفيق الله لك ، وتذكر قول الله : { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد : 11]
67 / احذر أن تصوم عن الطعام والشراب وتفطر على المحرمات ! فعن النبي ﷺ قال : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ) أخرجه البخاري . قال ابن عثيمين رحمه الله : [ وعلى هذا يتأكد على الصائم القيام بالواجبات وكذلك اجتناب المحرمات من الأقوال والأفعال، فلا يغتاب الناس ولا يكذب، ولا ينمّ بينهم، ولا يبيع بيعاً محرماً ، ويتجنب جميع المحرمات، وإذا فعل الإنسان ذلك في شهر كامل فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام ] .
68 / الاعتكاف سنة الرسول ﷺ قال ابن شهاب : [ عجبت للمسلمين تركوا الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ولم يتركه نبيهم منذ أن هاجر وإلى أن توفاه الله ] . فاحرص على اعتكاف العشر أو بعضها .
69 / يوم الجمعة له فضل عظيم ، فاجعل لك نصيب في التبكير لصلاة الجمعة في رمضان وبعد رمضان وخصه بمزيد من العبادة وكثرة الدعاء وذكر الله . ولك أن تتأمل في هذا الحديث العظيم : فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ : ( مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ) أخرجه البخاري ومسلم .
70 / الاستغفار شأنه عظيم وفضله كبير , فأكثر من الاستغفار في كل وقت , في الصيام وفي الفطر وخص الأسحار بمزيد من الاستغفار , قال الله تعالى : { وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } . قال السعدي رحمه الله : { وَبِالأسْحَارِ } التي هي قبيل الفجر { هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } الله تعالى ، فمدوا صلاتهم إلى السحر، ثم جلسوا في خاتمة قيامهم بالليل، يستغفرون الله تعالى ،استغفار المذنب لذنبه , وللاستغفار بالأسحار، فضيلة وخصيصة، ليست لغيره، كما قال تعالى في وصف أهل الإيمان والطاعة: { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ } .[انتهى كلام السعدي]
ختاما : هذا ما تيسر من هذه الومضات التي هي عبارة عن إشارات وتنبيهات لاستغلال رمضان , وعمارة أوقاته بطاعة الله , والتزود فيه للدار الآخرة . فأسأل الله أن يوفقنا لاستغلال أوقات رمضان بما يقربنا إليه , واغتنام نعمة إدراكه , فالموفق من يبادر بالعمل الصالح وخصوصا عندما يعلم أن العمر قصير والموت قريب , فلا يدري إن بَلَغَ رمضان هذا العام هل يدركه مرة أخرى ! لذلك جدير بمن بلّغه الله شهر رمضان أن يجتهد فيه بالعبادة , فلعله يكون آخر رمضان في حياته , ويتسمر بالعمل الصلح بعد رمضان . نسأل الله حسن الخاتمة.آمين.
فهذه سبعون ومضة رمضانية ( أعمال ، أفكار ، توجيهات ) مختصرة وموجزة ومنوعة , فيها تذكير وتنبيه وتحفيز , حاولت أن تكون جامعة ووافية لجميع شهر رمضان قدر الاستطاعة .
وهي ومضات عامة للمسلم والمسلمة ومنها ما هو خاص لكل منهما , وقد بدأت ما هو خاص بالمسلمة بـ " أختي " وبثثت ذلك بين الومضات .
فأسأل الله أن ينفعني بها ومن اطلع عليها ويجعلها خالصة لوجهه الكريم , آمين .
1 / رمضان موسم عظيم من مواسم الخيرات يتزود فيه المسلم من الطاعات ويستعد للآخرة .
2 / أكثِر من دعاء الله أن يبلغك رمضان ، وأن يعينك فيه على الصيام والقيام وصالح الأعمال , فالإنسان قد يدرك رمضان ولكن لا يُعان على العمل الصالح ! قال ابن القيم رحمه الله : [ ولهذا كان من أفضل ما يسأل الرب تبارك وتعالى الإعانة على مرضاته وهو الذي علمه النبي ﷺ لحبه معاذ بن جبل رضي الله عنه فقال ( يا معاذ والله إني لأحبك فلا تنس أن تقول دبر كل صلاة اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) فأنفع الدعاء طلب العون على مرضاته وأفضل المواهب إسعافه بهذا المطلوب وجميع الأدعية المأثورة مدارها على هذا وعلى دفع ما يضاده وعلى تكميله وتيسير أسبابه فتأملها . وقال شيخ الإسلام رحمه الله: تأملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال العون على مرضاته ثم رأيته في الفاتحة في { إياك نعبد وإياك نستعين}] . مدارج السالكين .
3 / الفرح بقدوم رمضان والمسارعة بالأعمال الصالحة فيه ؛ من علامات الإيمان ومن الفرح المحمود { قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } [يونس : 58]
4 / التوبة النصوح من أعظم الأعمال التي تستقبل بها مواسم الخيرات ، ففيها امتثال لأمر الله تعالى ، وعلامة على صدق عزمك ورغبتك بما عند الله ، ومحبتك للتخفف من الخطايا والآثام ، قال الله تعالى : { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } قال السعدي رحمه الله : [ فلا سبيل إلى الفلاح إلا بالتوبة ، وهي الرجوع مما يكرهه الله، ظاهراً وباطناً، إلى: ما يحبه ظاهراً وباطناً، ودل هذا، أن كل مؤمن محتاج إلى التوبة، لأن الله خاطب المؤمنين جميعا ] . فسارع إلى التوبة إلى الله وأكثر من الاستغفار .
5 / تحديد وتعيين ما ستقوم به من أعمال صالحة في رمضان وجعل أهداف واضحة ؛ من أهم ما تستقبل به شهر الخير، ومن أسباب الاستمرار والمواصلة بعد توفيق الله وإعانته , وهذا يريحك من التخبط والعشوائية . فمثلا : ختم القرآن كل ( 10 ) أيام يعني في كل يوم ( 3 ) أجزاء ألزم نفسك به ثم زد على ذلك فيما بعد .
6 / استماع بعض المحاضرات والمقاطع وقراءة بعض الكتب عن رمضان قبيل دخوله : تزيدك علماً نافعاً، وتحفيزاً للعمل الصالح ، وحثاً على استغلال رمضان .
7 / التقوى من أعظم ثمار الصيام فقد ختمت الآية الأولى والأخيرة من آيات الصيام بالتقوى في قوله تعالى : { لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون } و { لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } فلتكن التقوى لك شعاراً في رمضان وغير رمضان .
8 / خذ أهبتك كل مغرب وبكََّر لصلاة العشاء ولا يلهيك ما يعرض في الشاشات ! وتهيأ لصلاة العشاء والتراويح , ففرق بين من يأتي مبكرا , ومن يتأخر وقد تفوته بعض ركعات صلاة العشاء .
9 / العمرة من الأعمال الصالحة التي رُغب فيها ففي الصحيحين قال ﷺ( العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما ) وقال ﷺ ( فعمرة في رمضان تقضي حجة . أو حجة معي )
10 / رمضان مدرسة ؛ فاغتنمه .
11 / للقلوب عند قرب رمضان وفي رمضان إقبال على الخير ، فمن كمال المحبة استغلال ذلك في تقديم النصيحة لمن عندهم تقصير ، برسالة أو مكالمة أو زيارة ، لعل قلباً يتحرك ، أو مسرفاً يرجع ، أو غافلاً يتذكر .
12 / في الصحيحين عن النبي ﷺ : قال : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) و ( مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) و ( مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) فتعرض لهذه المغفرات علّك تصيبها .
13 / اجعل لك نية الاستمرار بعد رمضان على الخير ، ولو لبعض الأعمال الصالحة . فمثلا وأنت تقرأ القرآن ، خطط للبقاء على تلاوة القرآن لمقدار معين بعد رمضان ولو قلّ .
14 / احذر الاندفاع في أول رمضان , كما يفعله الكثير من الناس ثم يفترون آخره .
15 / قد يكون رمضان هذا العام آخر رمضان في حياتك ، فاستغل إدراكك له ؛ في التزود من الطاعات قبل أن يوافيك الأجل !
16 / لتكن تلاوتك للقرآن في كل مكان ، في المسجد ، في البيت ، في العمل إن كان هناك فرصة ، تستغل وقتك ، وتكن قدوة لغيرك .
17 / رمضان كما قال الله تعالى عنه : { أَيَّامًا مَعْدُودَات } فخير ما تستغل به هذه الأيام المعدودة ؛ العمل الصالح .
18 / نوِّع من صدقاتك في رمضان : نقدية وعينية , على الفقراء وخاصة الأقارب ، والمساكين والأيتام، والأرامل ، في الليل والنهار وفي السر والعلانية ، ولو بشيء قليل . قال الله تعالى : { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } [سبأ : 39] وقال الله جل وعلا : { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة : 274]. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ : ( مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلاَّ مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا وَيَقُولُ الآخَرُ اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا ) متفق عليه .
19 / أختي : مطبخكِ والأسواق والزيارات ؛ سارقة لوقتكِ في رمضان ! فاقتصدي فيها قدر الإمكان.
20 / وضع حلقة لحفظ القرآن وتحسين التلاوة في المسجد لمن يرغب من جماعة المسجد ، فهناك من يريد الحفظ أو تحسين التلاوة ولكن يحتاج من يساعده .
21 / إصلاح ذات البين له أجر عظيم ، فينبغي أن يكون هناك دور لأهل الصلاح والإصلاح في هذا الشهر، واستغلال تقارب القلوب واجتماعها وإقبالها على الخير . قال الله تعالى : { لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } [النساء : 114]
22 / إدراك ليلة القدر من أعظم ما يهم المسلم ، فليكن من دعائك ، أن يوفقك الله لإدراك ليلة القدر وقيامها إيمانا واحتسابا .
23 / إياك أن تستسلم ..قد يدخل عليك رمضان فتحب أن تجتهد في العبادة فلا تطاوعك نفسك فإياك أن تستسلم ! بل ألحّ على الله بالدعاء بأن يعينك ويوفقك للعمل الصالح وأكثر من قول : '' لا حول ولا قوة إلاّ بالله '' في كل وقت فلها تأثير عظيم في الاستعانة بالله على العمل الصالح . وتذكر نعيم الجنة وما أعده الله لعباده الصالحين الذين اجتهدوا بالعمل الصالح ؛ من النعيم المقيم وما يقال لهم في الجنة : { كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } فشوّق نفسك وذكرها بالجنان ، لعلها تتحرك . وانظر إلى من حولك من المجتهدين في العبادة والذين شغلوا أوقاتهم بالأعمال الصالحة , فكن قريبا منهم واقتد بهم وصبّر نفسك وجاهدها , وذكرها بالموت وسرعة نزوله ، لعلها تتأثر فتستعد وتسارع إلى التزود من العمل الصالح .
24 / قد يفتح لك باب من أبواب الخير فالزمه وأكثر منه ، مثلا : تجد من نفسك إقبالا على تلاوة القرآن فأكثر من ذلك ، وفي نفس الوقت ليكن لك سهم في أبواب أخرى من أبواب الخير .
25 / احرص على صلاة التراويح كاملة خلف الإمام , قال رسول الله ﷺ : ( مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَام حتَّى يَنْصَرِفْ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَة ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني .
26 / أختي : احتسبي الأجر عند الله في الوقت الذي تقضينه في إعداد الإفطار والسحور لأهل بيتك , واجمعي بين ذلك وبين ذكرك لله بلسانك وتلاوة القرآن من حفظك .
27 / الجلوس في المسجد بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ، في رمضان وغيره ، وكذلك المرأة لها أن تجلس في مصلاها ، قال ابن باز رحمه الله : [ فالمرأة في بيتها تجلس في مصلاها ] وعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ كَانَ إِذَا صَلَّى الْفَجْرَ جَلَسَ فِى مُصَلاَّهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَنًا . أخرجه مسلم .
28 / قال الله تعالى : { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } [البقرة : 186] فأكثر من دعاء الله في كل وقت ، وخاصة أوقات الإجابة .
29/ في صلاة التراويح أحضر قلبك و استشعر وقوفك بين يدي الله ، واخشع في صلاتك وتدبر كلام الله، ولا تأخذك الوساوس هنا وهناك !
30 / الاعتذار خلق جميل يدل على معدن صاحبه ، فإذا أخطأت فاعتذر وكذلك اقبل عذر من اعتذر واعف عنه وليكن رمضان هذا العام فرصة في رجوع ما تقطع من العلاقات مع الأقارب والجيران والأصدقاء ، وصلتهم والإحسان إليهم قال تعالى : { وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ}[سورة آل عمران 134] وقال ﷺ ( مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلاَّ عِزًّا وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلاَّ رَفَعَهُ اللَّهُ ) . أخرجه مسلم .
31 / كُن على حذر من برامج التواصل الاجتماعي ؛ أن تسرق وقتك ! فتشغلك عن الاجتهاد في رمضان .
32 / أحذر أن تضيع عليك ساعات رمضان الغالية , كحال من ينام في النهار النوم الطويل فيضيع الصلوات ولا يتنبه إلا عند الإفطار ! وفي الليل يسهر أمام الشاشات أو يتسكع في الأسواق أو يضيع الوقت في جلسات لا فائدة منها ! في حالة هي إلى الخذلان أقرب نسأل الله العافية . بل استغل وقتك في كل ما يقربك إلى الله ويحفظ عليك رمضان .
33 / أحوال السلف مع القرآن في رمضان أحوال عجيبة ، حيث عمروا أوقاتهم بتلاوة كتاب الله واجتهدوا في استغلال هذه الشهر الفضيل , فقد كان قتادة رحمه الله : [ يختم القرآن في سبع ، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث، فإذا جاء العشر ختم كل ليلة ] وكان الوليد بن عبد الملك رحمه الله : [ يختم في كل ثلاثٍ، وختم في رمضان سبع عشرة ختمة ] وكان سفيان الثوري رحمه الله : [ إذا دخل رمضان ترك جميع العباد وأقبل على قراءة القرآن ] وكان سعيد بن جبير رحمه الله : [ يختم القرآن في كل ليلتين ] وكان الشافعي رحمه الله : [ يختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة ] إلى غير ذلك من اجتهاد السلف في تلاوة القرآن في رمضان .
34 / ( لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ) فأكثر من ذكر الله في كل وقت في صيامك وفطرك.
35 / بعض الاجتماعات العائلية تبدأ قبيل الإفطار وحتى ساعات متأخرة من الليل ، بل قد تمتد للسحور , وهذا فيه ضياع لأوقات طويلة في المآكل والمشارب والقيل والقال ، والسهر ربما على محرمات ! والموفق من الرجال والنساء من يحضر القدر الواجب من الدعوة ويعتذر عن باقي الوقت، وكذلك يعتذر عن بعض الاجتماعات في ليالي رمضان ويؤجلها إلى ما بعد رمضان ، حتى يستغل ساعات رمضان النفيسة بالعبادة والتقرب إلى الله .
36 / اربط أعمالك الصالحة بروابط حتى لا تدعها ، مثلا : قراءة القرآن بعد صلاة معينة ، كصلاة الفجر وصلاة العصر فلا تخرج حتى تقرأ ما حددت لنفسك .
37 / تعويد الصغار على الصيام فيه تربية وتنشئة على الطاعات , وجميل بيان الأجر لهم , وجعل منافسة بينهم , وجوائز لمن يصوم ولو بعض الأيام . قال ابن باز رحمه الله : ( الصبيان والفتيات إذا بلغوا سبعا فأكثر يؤمرون بالصيام ليعتادوه، وعلى أولياء أمورهم أن يأمروهم بذلك كما يأمرونهم بالصلاة ) فتاوى ابن باز (15/181)
38 / حاول قدر الاستطاعة الانتهاء من تجهيزات العيد من ملابس ونحوها قبل دخول الشهر ، أو على الأقل في أوله .
39 / من الغبن أن يدخل عليك الشهر ويخرج وأنت تسمع وتقرأ كلام الله ولم يتأثر قلبك ! بل حاول أن تحضر قلبك وأن تدمع عينك خشية لله .
40 / كان السلف يحفظون صيامهم بالجلوس في المسجد ، فأكثِر من الجلوس فيه .
41 / قراءة تفسير الآيات التي سيقرؤها الإمام في التراويح ، من التفاسير المختصرة ، من أعظم ما يساعد على فهم الآيات وتدبرها والخشوع في الصلاة .
42 / وضع صندوق في البيت خاص بجمع الصدقة ، وحث أهل البيت من النساء والبنين والبنات على الصدقة ، ولتكن البداية في رمضان وتستمر جميع الأيام .
43 / المقصود من الاعتكاف " عكوف القلب على الله " قال ابن القيم رحمه الله : [ وَشَرَعَ لَهُمْ الِاعْتِكَافَ الّذِي مَقْصُودُهُ وَرُوحُهُ عُكُوفُ الْقَلْبِ عَلَى اللّهِ تَعَالَى ، وَجَمْعِيّتُهُ عَلَيْهِ وَالْخَلْوَةُ بِهِ وَالِانْقِطَاعُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالْخَلْقِ وَالِاشْتِغَالُ بِهِ وَحْدَهُ سُبْحَانَهُ .. ] زاد المعاد . فإذا اعتكفت فليكن همك إصلاح قلبك والتعلق بالله والخلوة به سبحانه وتعالى , وتقلل من مفسدات القلب : فضول الخلطة والنوم والأكل والشرب والنظر ، واحرص بأن يكون حالك بعد الاعتكاف أفضل من حالك قبل الاعتكاف .
44 / كُن حازماً في إيقاف كل ما يؤثر على عبادتك .
45 / أختي : عبادتكِ في رمضان لها أثر عليكِ في حياتكِ ؛ في رمضان وبعد رمضان ، فكم هو جميل أن يكون أول هذه الآثار : [ اختيارك لملابس العيد موافقة لشرع الله ] .
46 / وأنت تشتري بعض مشتريات رمضان ، لا تنس أن تتلمس حوائج من حولك من الفقراء ، وخصوصا بعض الفقراء من الأقارب , فخذ بعض المشتريات واذهب بها بنفسك , تجد الأجر وانشراح الصدر .
47 / كم هو جميل أن يقوم الأب أو الأم بحث الأبناء والبنات على تلاوة القرآن ، وختمه وحفظه ، ووضع الجوائز والحوافز المشجعة لهم .
48 / تذكر وأنت تصوم شهر رمضان ، أنه بمقدورك بعد بتوفيق الله وإعانته صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فقد كان رسول ﷺ يصوم ثلاثة أيام من كل شهر فعنْ مُعاذةَ العَدَوِيَّةِ أَنَّها سَأَلَتْ عائشةَ رضيَ اللَّه عَنْهَا : أَكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يصومُ مِن كُلِّ شَهرٍ ثلاثةَ أَيَّامٍ ؟ قَالَت : نَعَمْ . فَقُلْتُ : منْ أَيِّ الشَّهْر كَانَ يَصُومُ ؟ قَالَتْ : لَمْ يَكُن يُبَالي مِنْ أَيِّ الشَّهْرِ يَصُومُ . رواهُ مسلمٌ . وأوصى ﷺثلاثة من أصحابه بصيام ثلاثة أيام من كل شهر : [ عبد الله بن عمر وأبو هريرة وأبو الدرداء ] رضي الله عنهم .
49 / قيل : لا تأكل كثيرا ، فتشرب كثيرا ، فتنام كثيرا ، فتخسر كثيرا ! فتنبه من هذا كله في رمضان خاصة , وتأمل في هذا الحديث : ( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ ، حَسْبُ الآدَمِيِّ ، لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ غَلَبَتِ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ ، فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ ، وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ ، وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ ) أخرجه ابن ماجه .
50 / قراءة القرآن في ليالي رمضان : قال ابن رجب رحمه الله : [ وفي حديث فاطمة رضي الله عنها عن أبيها ﷺ أنه أخبرها : « أنّ جبريل عليه السلام كان يعارضه القرآن كل عام مرةً وأنّه عارضه في عام وفاته مرتين » متفق عليه ، وفي حديث ابن عباس « أنّ المدارسة بينه وبين جبريل كانت ليلاً » متفق عليه , فدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلاً فإنّ الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر كما قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطًْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً}[المزمل:6]، وشهر رمضان له خصوصية بالقرآن كما قال تعالى:{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ } [البقرة:185] لطائف المعارف.
51 / لا تكن رمضانيا لا تعرف الله إلا في رمضان ! بل كن ربانيا تعرف الله في كل وقت , وتجتهد في مواسم الخيرات وتسارع فيها بالطاعات .
52 / احرص على نوافل الصلوات : سنن رواتب , صلاة الضحى , نوافل مطلقة , بعض الركعات في الليل .
53 / وأنت تقرأ القرآن تدبر ما تقرؤه ، قال تعالى { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ } [محمد: 24] وليكن لك ختمة خاصة بالتدبر والرجوع للتفسير ومعاني الكلمات ، ولو لم تنته منها في رمضان ، بل تستمر معك ربما سنوات ، ستجد فائدتها العظيمة , وأثرها على صلاح قلبك وحالك , وقد كان لأحد السلف [ ختمة تدبر أمضى فيها عشرين سنة ، وبقي عليه أقل من جزء من القرآن ، توفي رحمه الله ولما يكملها ] . قال ابن القيم رحمه الله :
فتدبر القرآن إن رمتَ الهدى *** فالعلم تحت تدبر القرآنِ
54 / كُن أجود الناس في رمضان كما كان نبيك ﷺ : فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ فَلَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ . أخرجه البخاري ومسلم .
55 / وأنت تصوم : استشعر أنك تصوم إيماناً واحتساباً لا عادة وموافقة ! وبهذا يهونك عليك ما قد تجده من تعب وعطش ، بل تحتسب الأجر فينقلب إلى لذة وفرح . ومعنى " إيمانا واحتسابا " قال ابن عثيمين رحمه الله عند كلامه على حديث : ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ) [ يعني إيمانا بالله ورضا بفرضيَّة الصوم عليه واحتسابا لثوابه وأجره , ولم يكن كارها لفرضه ولا شاكًّا في ثوابه وأجره , فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنبه ] مجموع فتاوى ورسائل العثيمين .
56 / فطّر بعض الأيام بعض الفقراء والعمال والأسر , تكسب أجر الصائم وتعود نفسك وأهلك على الصدقة والإطعام .
57 / التبكير للصلوات من علامات حب الخير والمسارعة للخيرات , وفيه تحصيل لفضائل عظيمة لها أثر كبير في الخشوع في الصلاة , قال ﷺ ( وَلَوْ يَعْلَمُونَ ما في التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا إليه ) متفق عليه '' التَّهْجيرُ '' : [ التَّبْكِيرُ إلى الصلاة ] .
58 / انتظار الصلوات فيه فضل عظيم من دعاء الملائكة وتكفير الخطايا ورفع الدرجات ، فليكن لك نصيب منه . فعن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسُولَ اللَّهِ ﷺ قال : ( أَلا أَدُلُّكُمْ على ما يَمْحُو اللَّه بِهِ الخَطَايا ، ويرْفَعُ بِهِ الدَّرجاتِ ؟ قَالُوا : بلى يا رَسُول اللَّهِ ، قَالَ : إِسْباغُ الوُضُوءِ على المكَارِهِ وكَثْرَةُ الخُطَا إلى المساجِدِ ، وانْتِظَارُ الصَّلاةِ بعْد الصَّلاةِ ، فَذلِكُمُ الرِّبَاطُ ، فذلِكُمُ الرِّباطُ ) رواه مسلم .
59 / إفطار جماعة المسجد في المسجد مرة أو أكثر , فيه تقارب للقلوب ومزيد من التعارف والمحبة والألفة .
60 / السحور فيه تطبيق للسنة ونيل للبركة ، قال ابن باز رحمه الله : [ فلا ريب أن السحور سنة وقربة؛ لأن الرسول أمر بذلك -عليه الصلاة - قال : ( تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً ) متفق عليه، وقال -عليه الصلاة والسلام-: ( فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ ) أخرجه مسلم . وكان يتسحر -عليه الصلاة والسلام-، فالسنة السحور ولكن ليس بواجب، من لم يتسحر فلا إثم عليه، لكن ترك السنة، فينبغي أن يتسحر ولو بقليل، ليس من اللازم أن يكون كثيراً، يتسحر بما تيسر ولو تمرات، أو ما تيسر من أنواع الطعام في آخر الليل، فإن لم يتيسر فإن لم يتيسر أو لم يشتهي الطعام فشيء من اللبن، وعلى الأقل الماء، يحس من الماء ما تيسر، ولا يدع السحور، فأكلة السحر فيها بركة وفيها خير كثير، وهي عون للصائم على أعماله في النهار، فينبغي للصائم أن لا يدع السحور ولو قليلاً، لقول النبي - ﷺ -: ( تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً ) هكذا يقول -عليه الصلاة والسلام-، وهذه البركة لا ينبغي أن تضيع، بل ينبغي للمؤمن أن يحرص عليها ولو بشيءٍ قليل من الطعام، أو من التمرات، أو من اللبن، يستعين بذلك على أعمال النهار الدينية والدنيوية ]
61 / فرق بين من ينتظر رمضان ليتزود من العمل الصالح ويستعد للدار الآخرة ، وبين من ينتظره ليستمتع بمشاهدة البرامج والمسلسلات والمسابقات ! حتى وإن كانت في قنوات محافظة وهادفة !
62 / في صحيح مسلم أن رسول الله ﷺ قَالَ : ( إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ ) فشهر هذا حاله جدير بأن يكون له شان عظيم في قلب المسلم , فيخصه بمزيد, عبادة واجتهاد , وأن لا يكون حاله فيه كحاله في بقية الشهور .
63 / متابعة المؤذن أَمَرَ النبي ﷺ بها : ( إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ ما يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ) متفق عليه . وتكاد تكون من السنن المهجورة عند بعض الناس ! مع أن لها فضل عظيم , فينبغي التذكير بها وخصوصا عند سماع أذان المغرب حال الإفطار ورفع الصوت في متابعة المؤذن وفي الذكر بعد الأذان , حتى يتعلم الصغير ويتذكر الغافل , ويُعمل بهذه السنة عند سماع الأذان في الأوقات الأخرى .
64 / في صلاة المغرب من أول يوم من رمضان , يحضر للمسجد بعض المصلين الذين لا يٌشاهدون في الأيام العادية , فمن المتعين على إمام المسجد والجماعة الاهتمام بهم , وتقديم النصيحة لمن لا يشهد صلاة الجماعة .
65 / الإمام في رمضان تزداد مسؤوليته تجاه مسجده وجماعته وحيه ، فجميل أن يكون له دور في التوجيه والوعظ قبيل رمضان وفي رمضان وجمع الجماعة على المحبة والأخوة والصفا .
66 / رمضان فرصة للتغيير ، فغير ما في نفسك مما لا يرضي ربك ، وتخفف من كل ما يثقل ظهرك من الذنوب والآثام ، تجد توفيق الله لك ، وتذكر قول الله : { إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد : 11]
67 / احذر أن تصوم عن الطعام والشراب وتفطر على المحرمات ! فعن النبي ﷺ قال : ( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ) أخرجه البخاري . قال ابن عثيمين رحمه الله : [ وعلى هذا يتأكد على الصائم القيام بالواجبات وكذلك اجتناب المحرمات من الأقوال والأفعال، فلا يغتاب الناس ولا يكذب، ولا ينمّ بينهم، ولا يبيع بيعاً محرماً ، ويتجنب جميع المحرمات، وإذا فعل الإنسان ذلك في شهر كامل فإن نفسه سوف تستقيم بقية العام ] .
68 / الاعتكاف سنة الرسول ﷺ قال ابن شهاب : [ عجبت للمسلمين تركوا الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان ولم يتركه نبيهم منذ أن هاجر وإلى أن توفاه الله ] . فاحرص على اعتكاف العشر أو بعضها .
69 / يوم الجمعة له فضل عظيم ، فاجعل لك نصيب في التبكير لصلاة الجمعة في رمضان وبعد رمضان وخصه بمزيد من العبادة وكثرة الدعاء وذكر الله . ولك أن تتأمل في هذا الحديث العظيم : فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ : ( مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً فَإِذَا خَرَجَ الإِمَامُ حَضَرَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ ) أخرجه البخاري ومسلم .
70 / الاستغفار شأنه عظيم وفضله كبير , فأكثر من الاستغفار في كل وقت , في الصيام وفي الفطر وخص الأسحار بمزيد من الاستغفار , قال الله تعالى : { وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } . قال السعدي رحمه الله : { وَبِالأسْحَارِ } التي هي قبيل الفجر { هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } الله تعالى ، فمدوا صلاتهم إلى السحر، ثم جلسوا في خاتمة قيامهم بالليل، يستغفرون الله تعالى ،استغفار المذنب لذنبه , وللاستغفار بالأسحار، فضيلة وخصيصة، ليست لغيره، كما قال تعالى في وصف أهل الإيمان والطاعة: { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ } .[انتهى كلام السعدي]
ختاما : هذا ما تيسر من هذه الومضات التي هي عبارة عن إشارات وتنبيهات لاستغلال رمضان , وعمارة أوقاته بطاعة الله , والتزود فيه للدار الآخرة . فأسأل الله أن يوفقنا لاستغلال أوقات رمضان بما يقربنا إليه , واغتنام نعمة إدراكه , فالموفق من يبادر بالعمل الصالح وخصوصا عندما يعلم أن العمر قصير والموت قريب , فلا يدري إن بَلَغَ رمضان هذا العام هل يدركه مرة أخرى ! لذلك جدير بمن بلّغه الله شهر رمضان أن يجتهد فيه بالعبادة , فلعله يكون آخر رمضان في حياته , ويتسمر بالعمل الصلح بعد رمضان . نسأل الله حسن الخاتمة.آمين.