الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على النبيّ الأمين، وعلى آله وصحبه الطيّبين الطاهرين، أما بعد: فهذه همسات أجعلها ـ مذكرا وناصحا ـ في أذن إمام التراويح وفقه الله.
[ الحرص على تجميل الصوت عند قراءة القرآن ]
جاء عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: استَمَع رسولُ اللهِ ﷺ قراءتي مِن اللَّيلِ فلمَّا أصبَحْتُ قال: يا أبا موسى استمَعْتُ قراءتَكَ اللَّيلةَ لقد أُوتِيتَ مِزمارًا مِن مَزاميرِ آلِ داودَ، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ لو علِمْتُ مكانَك لَحبَّرْتهُ لك تحبيرًا. [ رواه النسائي وغيره، وصححه الألباني ]
التحبير: تحسينُ الصوت وتحزينُه.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:
" دل هذا على جوازِ تعاطي ذلك وتكلُّفه، وقد كان أبو موسى قد أُعطي صوتاً حسناً، مع خشية تامة، ورقة أهل اليمن، فدل على أن هذا من الأمور الشرعية " [ تفسير ابن كثير: 1 /63 ]
وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله:
" ولا يقال إن زيادةٙ التجويدِ في ذلك رياءٌ لأجلِ الخٙلق، إذا كان المقصودُ اجتذابٙ نفعهم " [ كشف المشكل: 1 / 269 ]
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" وفي هذا دليل على أن الإنسان لو حسَّن صوتَه بالقرآن لأجل أن يتلذذ السامع ويُسر به، فإن ذلك لا بأس به، ولا يعدُّ من الرياء، بل هذا مما يدعو إلى الاستماع لكلام الله عز وجل حتى يُسر الناس به " [ شرح رياض الصالحين: 4 / 662 ]
مع التنبيه - كما ذكر أهل العلم - أنّ تحسين الصوت إن قُصد به تحقيقُ المقاصدِ الشرعيةِ المرجوةِ من ذلك، كحصول الخشوع للقلب وبكاء العين، أو تأثر الناس بسماع القرآن، فهو عمل مشروع ومرغَّب فيه، وليس من الرياء في شيء.
وأما إن قُصد بذلك إظهارُ جمالِ الصوت، وحسنِ القراءة، طلبا لمدح الناس وثنائهم، فهذا نوع من الرياء، وعلى من ابتلي بذلك مجاهدة نفسه ليكون عمله خالصاً لله.
[ صفة إمام التراويح ]
قال الإمام أبو عبد الله محمد العبدري الفاسي المالكي المعروف بابن الحاج رحمه الله:
" وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْخَيْرِ وَالدِّيَانَةِ بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ الْيَوْمَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ إنَّمَا يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لِحُسْنِ صَوْتِهِ لَا لِحُسْنِ دِينِهِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْقَوْمِ يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ لِحُسْنِ صَوْتِهِ إنَّمَا يُقَدِّمُوهُ لِيُغَنِّيَ لَهُمْ وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِنْ التَّطْرِيبِ فِي الْقِرَاءَةِ وَوَضْعِهَا عَلَى الطَّرَائِقِ الَّتِي اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا الَّتِي تُشْبِهُ الْهُنُوكَ وَأَمَّا لَوْ قَدَّمُوهُ لِدِينِهِ وَحُسْنِ صَوْتِهِ وَقِرَاءَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ الْمَشْرُوعِ فَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ " [ المدخل: 2/293 ]
[ أمرٌ لا يليق بإمام التراويح ]
قال الشيخ عمر الحاج حفظه الله:
" ... وإنَّ مِن أغرب المظاهرِ المنافيةِ للإخلاص في الدَّعوةِ والإمامةِ اختيارَ المساجدِ للخَطابة وصلاةِ التَّراويح على أساسٍ دنيويٍّ بحْتٍ، فتُفضَّل ولو كانت الدَّعوةُ في غيرها أجدى نفعًا وأحسنَ عاقبةً، فبعضهم يبحث عن المسجد الَّذي يظفَر فيه بالشُّهرةِ والسُّمعة وكثرةِ الأتباع، ومنهم من يحرِص على المسجد الَّذي يتردَّدُ عليه الأغنياءُ والوُجهاء ويختَلفُ إليه ذوو المناصب ورجالُ الأعمال الدُّنيويَّة، طمعًا فيما لديهم ورجاءَ نيل الحُظْوة عندهم.
ومن العجائب أنَّ هناك من تأتيه «عروضٌ»، فيختار الَّذي يَدْفعُ أغلى ويَجْمعُ أكثر، فأضحى الأمرُ شبيهًا بالأندية الرِّياضيَّة الَّتي تتنافس في أحسنِ اللاَّعبين وتُزايدُ فيهم، ثمَّ يتبجَّح بعضُهم بأنَّ هذا من تكريم حفَظَة القرآن وتبجيل أهلِ العلم وطلبتِه، وأنَّهم أولى بذلك من الرِّياضيِّين والفنَّانين والمغنِّين.
فأنَّى لهؤلاء أن يوفَّقوا ويسدَّدوا ويُوضعَ لهم القَبول، وقد دعَوْا لأنفسهم، وأكلوا بالعلم والقرآن واستكثروا به من المال والجاه ونحوِهما من الأعراضِ الدُّنيويَّة "[ من مقال نشر في موقع راية الإصلاح: الاحتساب في الدعوة إلى الله تعالى ]
[ لا تعجّل ثوابك في الدنيا بالتطلع إلى جمع المال ]
قال أخونا الفاضل الشيخ خالد حمودة حفظه الله:
قد أظَّلنا شهر رمضان، وهو شهر حَفَظَة القرآن، يُقَدَّمون إلى المحاريب لإمامة الناس في الصلاة، وإنَّ للمحراب لتغوُّلا لا ينجو منه إلا قليل.
وإنَّ من تغوُّله ما حدث في السنين الأخيرة فانتشر جدا من جمع المال للقارئ في آخر الشهر، وقد صار كثير من القراء يتطلع لذلك، ومنهم من يشترط ويتخير! وإن هذا من أعظم البلاء الذي يقع فيه هؤلاء، فيذهب بأجورهم ويبطل أعمالهم، والنصوص في ذلك كثيرة مشهورة، وتأملوا يا عافاكم الله على هذا الخبر:
قال ابن أبي حاتم رحمه الله في "تقدمة الجرح والتَّعديل" (99): نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا عبد الرحمن بن مصعب قال: كان رجل أعمى يجالس سفيان ـ يعني الثوري ـ، فكان إذا كان شهر رمضان خرج إلى السَّواد فيصلِّي بالناس فيُكسَى ويوهب له، فقال سفيان: إذا كان يوم القيامة أثيب أهل القرآن من قراءتهم، ويقال لمثل هذا: "قد تعجَّلت ثوابك"، فقال له الرَّجل: يا أبا عبد الله! تقول هذا لي وأنا جليسٌ لك؟ قال: "إنِّي أتخوَّف أن يقال لي يوم القيامة: إنَّه كان جليسًا لك أفلا نصحته".
فليحذر القارئ من يؤم الناس من أجل المال والدنيا فيصيبه هذا الذي قال سفيان، وليجعل قصده لله خالصا، فإن اعطي شيئا لم يتشوف إليه ونيَّته صالحة فأحق ما أخذ عليه أجرا كتاب الله كما صح الحديث عن رسول الله ﷺ. [ تغريدة على تويتر ]
وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.
موضوع للأخ أبو سهيل محمد القبي
[ الحرص على تجميل الصوت عند قراءة القرآن ]
جاء عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: استَمَع رسولُ اللهِ ﷺ قراءتي مِن اللَّيلِ فلمَّا أصبَحْتُ قال: يا أبا موسى استمَعْتُ قراءتَكَ اللَّيلةَ لقد أُوتِيتَ مِزمارًا مِن مَزاميرِ آلِ داودَ، قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ لو علِمْتُ مكانَك لَحبَّرْتهُ لك تحبيرًا. [ رواه النسائي وغيره، وصححه الألباني ]
التحبير: تحسينُ الصوت وتحزينُه.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:
" دل هذا على جوازِ تعاطي ذلك وتكلُّفه، وقد كان أبو موسى قد أُعطي صوتاً حسناً، مع خشية تامة، ورقة أهل اليمن، فدل على أن هذا من الأمور الشرعية " [ تفسير ابن كثير: 1 /63 ]
وقال الإمام ابن الجوزي رحمه الله:
" ولا يقال إن زيادةٙ التجويدِ في ذلك رياءٌ لأجلِ الخٙلق، إذا كان المقصودُ اجتذابٙ نفعهم " [ كشف المشكل: 1 / 269 ]
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
" وفي هذا دليل على أن الإنسان لو حسَّن صوتَه بالقرآن لأجل أن يتلذذ السامع ويُسر به، فإن ذلك لا بأس به، ولا يعدُّ من الرياء، بل هذا مما يدعو إلى الاستماع لكلام الله عز وجل حتى يُسر الناس به " [ شرح رياض الصالحين: 4 / 662 ]
مع التنبيه - كما ذكر أهل العلم - أنّ تحسين الصوت إن قُصد به تحقيقُ المقاصدِ الشرعيةِ المرجوةِ من ذلك، كحصول الخشوع للقلب وبكاء العين، أو تأثر الناس بسماع القرآن، فهو عمل مشروع ومرغَّب فيه، وليس من الرياء في شيء.
وأما إن قُصد بذلك إظهارُ جمالِ الصوت، وحسنِ القراءة، طلبا لمدح الناس وثنائهم، فهذا نوع من الرياء، وعلى من ابتلي بذلك مجاهدة نفسه ليكون عمله خالصاً لله.
[ صفة إمام التراويح ]
قال الإمام أبو عبد الله محمد العبدري الفاسي المالكي المعروف بابن الحاج رحمه الله:
" وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْخَيْرِ وَالدِّيَانَةِ بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ الْيَوْمَ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ إنَّمَا يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لِحُسْنِ صَوْتِهِ لَا لِحُسْنِ دِينِهِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْقَوْمِ يُقَدِّمُونَ الرَّجُلَ لِيُصَلِّيَ بِهِمْ لِحُسْنِ صَوْتِهِ إنَّمَا يُقَدِّمُوهُ لِيُغَنِّيَ لَهُمْ وَهَذَا إذَا كَانَ عَلَى مَا يُعْلَمُ مِنْ التَّطْرِيبِ فِي الْقِرَاءَةِ وَوَضْعِهَا عَلَى الطَّرَائِقِ الَّتِي اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا الَّتِي تُشْبِهُ الْهُنُوكَ وَأَمَّا لَوْ قَدَّمُوهُ لِدِينِهِ وَحُسْنِ صَوْتِهِ وَقِرَاءَتِهِ عَلَى الْمَنْهَجِ الْمَشْرُوعِ فَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ " [ المدخل: 2/293 ]
[ أمرٌ لا يليق بإمام التراويح ]
قال الشيخ عمر الحاج حفظه الله:
" ... وإنَّ مِن أغرب المظاهرِ المنافيةِ للإخلاص في الدَّعوةِ والإمامةِ اختيارَ المساجدِ للخَطابة وصلاةِ التَّراويح على أساسٍ دنيويٍّ بحْتٍ، فتُفضَّل ولو كانت الدَّعوةُ في غيرها أجدى نفعًا وأحسنَ عاقبةً، فبعضهم يبحث عن المسجد الَّذي يظفَر فيه بالشُّهرةِ والسُّمعة وكثرةِ الأتباع، ومنهم من يحرِص على المسجد الَّذي يتردَّدُ عليه الأغنياءُ والوُجهاء ويختَلفُ إليه ذوو المناصب ورجالُ الأعمال الدُّنيويَّة، طمعًا فيما لديهم ورجاءَ نيل الحُظْوة عندهم.
ومن العجائب أنَّ هناك من تأتيه «عروضٌ»، فيختار الَّذي يَدْفعُ أغلى ويَجْمعُ أكثر، فأضحى الأمرُ شبيهًا بالأندية الرِّياضيَّة الَّتي تتنافس في أحسنِ اللاَّعبين وتُزايدُ فيهم، ثمَّ يتبجَّح بعضُهم بأنَّ هذا من تكريم حفَظَة القرآن وتبجيل أهلِ العلم وطلبتِه، وأنَّهم أولى بذلك من الرِّياضيِّين والفنَّانين والمغنِّين.
فأنَّى لهؤلاء أن يوفَّقوا ويسدَّدوا ويُوضعَ لهم القَبول، وقد دعَوْا لأنفسهم، وأكلوا بالعلم والقرآن واستكثروا به من المال والجاه ونحوِهما من الأعراضِ الدُّنيويَّة "[ من مقال نشر في موقع راية الإصلاح: الاحتساب في الدعوة إلى الله تعالى ]
[ لا تعجّل ثوابك في الدنيا بالتطلع إلى جمع المال ]
قال أخونا الفاضل الشيخ خالد حمودة حفظه الله:
قد أظَّلنا شهر رمضان، وهو شهر حَفَظَة القرآن، يُقَدَّمون إلى المحاريب لإمامة الناس في الصلاة، وإنَّ للمحراب لتغوُّلا لا ينجو منه إلا قليل.
وإنَّ من تغوُّله ما حدث في السنين الأخيرة فانتشر جدا من جمع المال للقارئ في آخر الشهر، وقد صار كثير من القراء يتطلع لذلك، ومنهم من يشترط ويتخير! وإن هذا من أعظم البلاء الذي يقع فيه هؤلاء، فيذهب بأجورهم ويبطل أعمالهم، والنصوص في ذلك كثيرة مشهورة، وتأملوا يا عافاكم الله على هذا الخبر:
قال ابن أبي حاتم رحمه الله في "تقدمة الجرح والتَّعديل" (99): نا أبي نا علي بن محمد الطنافسي نا عبد الرحمن بن مصعب قال: كان رجل أعمى يجالس سفيان ـ يعني الثوري ـ، فكان إذا كان شهر رمضان خرج إلى السَّواد فيصلِّي بالناس فيُكسَى ويوهب له، فقال سفيان: إذا كان يوم القيامة أثيب أهل القرآن من قراءتهم، ويقال لمثل هذا: "قد تعجَّلت ثوابك"، فقال له الرَّجل: يا أبا عبد الله! تقول هذا لي وأنا جليسٌ لك؟ قال: "إنِّي أتخوَّف أن يقال لي يوم القيامة: إنَّه كان جليسًا لك أفلا نصحته".
فليحذر القارئ من يؤم الناس من أجل المال والدنيا فيصيبه هذا الذي قال سفيان، وليجعل قصده لله خالصا، فإن اعطي شيئا لم يتشوف إليه ونيَّته صالحة فأحق ما أخذ عليه أجرا كتاب الله كما صح الحديث عن رسول الله ﷺ. [ تغريدة على تويتر ]
وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى.
موضوع للأخ أبو سهيل محمد القبي