من منا لا يحب الطفولة فنحن نتكلم عن أجمل مرحلة نمر بها في حياتنا لهذا نَحِّنُ إلى تلك الأيام و ما أجملها من لحظات عشناها
أتذكر عندما كنت طفل يبلغ من العمر ست سنوات دخلت المدرسة وهنا بدأت رحلتي في تعلم أبجديات الأشياء
كنت أظن أن رمضان هو للكبار فقط لأني أشعر أنهم أقوياء و أنا ضعيف .. يا لا عقلي الساذج ! لم أكون أصوم لكن كنت أعيش
تلك اللحظات مع العائلة ،وبعدما كبرت قليلا أصبحت طفل يعرف بعض الأمور في الحياة هنا بدأت الصيام حيث كان شهر رمضان
يأتي في فصل الشتاء وساعات الصيام قصيرة وأيضا ساعات الدراسات تنقص وتصبح 45 دقيقة لكل حصة بدل ساعة
كنت عندما أذهب للدراسة أحرص على أن يكون لساني أبيض كي أتجنب السخرية من أصدقائي فكلما يرونا طفل لسانه أحمر
ينادونه بوكال رمضان .. ، ( كنت أصوم نصف يوم وغد أصوم نصف يوم وأجمعهما ليصبحوا يوم .. هكذا كنت أحسب أيامي صيامي !.. )
و عند عودتي من الدراسة أذهب إلى أمي مباشرة وأخبرها أني جائع ولم أستطيع إكمال صوم اليوم و أريد أن آكل فتضع لي الغذاء ..
وبعد الوجبة أخرج مع أصدقائي لنذهب إلى قاعة الألعاب الإكترونية كنا نقضي المساء هناك ثم نرجع إلى البيت لنشاهد مسلسل
الكواسر نعيش تلك اللحظات مع الدرامة السورية التي عشقناها وبعدها ياتي خاتم سليمان الذي لا يحلو رمضان إلى به ..
و حين تبقى نصف ساعة من الأذان تبدأ أصوات الصحون و المغارف تطلق أجراسها ، و أنا جالس أمام الصينية أنظر إلى أختي
الكبرى وهي تضع الأكل على المائدة ...أه كم كنت أحب رائحة الجاري وفوقه المعدنوس و تدخل الرائحة إلى لأنفي و رئتي الصغيرتان أشعر
كأني في عرس وأبدأ بالرقص حتى تصرخ علي أختي بأعلى صوتها توقف ستقلب الصينية و إذا لمستها اليوم ستنام على ليلة كحلة !
كنت أخاف من غضبها فأجلس و انتظر ،،، بعدما يؤذن المغرب تطلق صفارة الإنذار بصوت عالي معلنة وقت الإفطار وعندما يبدأ
أفراد العائلة بالأكل أذهب لأسرق كؤوس من المشروب الغازي لأن كان أكثر شيء أحبه فوق مائدة الإفطار ...
وبعدما تنتفخ البطن أستلقي على الأريكة و أنتظر بدأ الكاميرا المخفية بعد مشاهدتها يأتي سكاتش بلا حدود اه كم كانت
البرامج رائعة و الممثلين أروع بعد إنتهائه تضع أختي صينية الحلويات من زلابية و حلوة الترك و التمر .. آكل قليلا منها و أخذ
في جيبي البعض منها واخرج إلى الشارع مع أصدقائي ، وعندما نلتقي في الليل وراء الفطور نلعب لعبة دار الشيطان وهي
لعبة تعتمد على الجري في الرصيف ومن يخرج منه يضرب ،و بعد أن ننهك من اللعب نرجع إلى البيت لنشاهد جحا الذي مثله
حكيم دكار ، عندما ينتهي المسلسل يكون المصليين انتهوا من صلاة التراويح فنخرج مجددا ونجلس نحن أطفال الحي مع بعضنا ونبدأ
بالحكايات عن الأشباح و أحيانا نقوم بمباراة كرة قدم في موقف السيارات ، ما إن تصل الساعة 11 ليلا تبدأ الأم بمناداتي خوفا أن
أضيع أو أُسرق فأعود إلى المنزل و أنا منهك تماما وبعدها أنام مباشرة .
هكذا كانت الأيام في رمضان نعيشها بكل لحظاتها ونشعر بلذتها .. كم هي رائعة تلك الأيام .
الأزرق الملكي