العِيدُ.. سُنَنٌ وَآدَاب]
للشيخ نجيب جلواح :
العِيدُ مُنَاسَبَةٌ سَارَّةٌ، تَجْتَمِعُ فِيهَا القُلُوبُ، وَتَنْشَرِحُ لَهَا الصُّدُورُ، وَتَعُمُّ البَهْجَةُ جمَِيعَ المُسْلِمِيـنَ، فَيَنْسَوْنَ هُمُومَهُمْ وَغُمُومَهُمْ.
وَسُمِّيَ العِيدُ عِيدًا؛ لأَنَّ فِيهِ عَوَائِدَ الإِحْسَانِ عَلَى العِبَادِ في كُلِّ عَامٍ، وَلأَنَّ العَادَةَ فِيهِ الفَرَحُ وَالسُّـرُورُ، وَالنَّشَاطُ وَالحُبُورُ.
وَقِيلَ: سُمِّيَ كَذِلَكَ لِعَوْدِهِ وَتَكُرُّرِهِ؛ لأَنَّهُ يَعُودُ كُلَّ عَامٍ بفَرَحٍ مُجَدَّدٍ، أَوْ تَفَاؤُلاً بعَوْدِهِ عَلَى مَنْ أَدْرَكَهُ([1]).
وَلمَّا كَانَ العِيدُ بهَذِهِ الأَهَمِّيَّةِ؛ سََنَّ دِينُنَا لِلْمُسْلِمِينَ عِيدَيْنِ سَنوِيَّيْنِ هُمَا أَفْضَلُ أَعْيَادِ البَرِيَّةِ؛ فَعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ: «مَا هَذَانِ اليَوْمَانِ؟»، قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا في الجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأَضْحَى، وَيَوْمَ الفِطْرِ»([2]).
وَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ:
عِيدَانِ عِنْدَ أُولِي النُّهَى لاَ ثَالِثَ لَهُمَا لِمَنْ يَبْغِي السَّلاَمَةَ في غَدِ
الفِطْرُ وَالأَضْحَى وَكُلُّ زِيَـادَةٍ فِيهِمَا خُـرُوجٌ عَنْ سَبـيلِ محَـمَّدِ
وَلاَ يُشْرَعُ التَّقَرُّبُ إِلى اللهِ سُبْحَانَهُ ـ في العِيدِ ـ بإِحْيَاءِ لَيْلَتِهِ، لِعَدَمِ وُجُودِ مُسْتَنَدٍ صَحِيحٍ لَهُ، وَمَا رُوِيَ في فَضْلِ ذَلِكَ لاَ يَصِحُّ([3]).
كَمَا يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ العِيدِ لِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنَ النَّهْي عَنْ صَوْمِه([4]) وَعَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ التَّوْبَةُ([5]).
وَقِيلَ: إِنَّ الحِكْمَةَ في النَّهْي عَنْ صَوْمِ العِيدَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِعْرَاضِ عَنْ ضِيَافَةِ اللهِ لِعِبَادِهِ([6]).
وَسَأَعْرِضُ ـ هُنَا ـ بَعْضَ السُّنَنِ وَالآدَابِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا المُسْلِمُ في العِيدَيْنِ:
1ـ الاِغْتِسَالُ:
يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْعِيدِ؛ لأَنَّ فِيه اِجْتِمَاعًا أَعْظَمَ مِنَ الاِجْتِمَاعِ الَّذِي في الجُمُعَةِ، وَقَدْ رُوِيَ في ذَلِكَ أَحَادِيثُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لَكِنَّهَا لاَ تَصِحُّ، وَأَحْسَنُ مَا يُسْتَدَلُّ بهِ عَلَى اِسْتِحْبَابِ غُسْلِ العِيدِ: تِلْكَ الآثَارُ الوَارِدَةُ عَنِ السَّلَفِ رضي الله عنه؛ فَعَنْ زَاذَانَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا رضي الله عنه عَنِ الغُسْلِ؟ قَالَ: «اِغْتَسِلْ كُلَّ يَوْمٍ إِنْ شِئْتَ»، فَقَالَ: لاَ، الغُسْلُ الذِي هُوَ الغُسْلُ، قَالَ: «يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَيَوْمَ الفِطْرِ»([7]).
وَعَـنِ نَافِعٍ «أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلى المُصَلَّى»([8]).
وَوَقْتُ الاِغْتِسَالِ لِلْعِيدِ يَكُونُ بَعْدَ الفَجْرِ؛ وَهُوَ قَوْلُ أَحمَدَ وَرِوَايَةٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ ابن حبيب المالكي: «أفضل أوقات الغسل للعيد بعد صلاة الصُّبح، قال مالك في «المختصر»: فإن اغتسل للعيدين قبل الفجر فواسع»([9]).
2 ـ التَّزَيُّنُ وَلُبْسُ الجَمِيلِ:
يُسْتَحَبُّ لُبْسُ أَجْوَدِ الثِّيَابِ لِشُهُودِ العِيدِ؛ فَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: «كاَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ يَوْمَ العِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ»([10]).
وَيَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ التَّزَيُّنُ بكُلِّ مُحَرَّمٍ مِنَ اللِّبَاسِ؛ كَالذَّهَبِ وَالحَرِيرِ وَثَـوْبِ الشُّهْرَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ لِبَاسِ الكُفَّارِ الخاص بهم أَوِ النِّسَاءِ، كَمَا لاَ يَحِلُّ لَهُم التَّزَيُّنُ بحَلْقِ لِحَاهُمْ([11]).
وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ أَهْـلِ العِلْمِ الاِغْتِسَالَ وَالتَّزَيُّنَ لِلمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدِ المُصَلَّى؛ لأَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ اليَوْمِ لاَ مِنْ سُنَنِ الصَّلاَةِ، وَالمقْصُودُ في هَذَا اليَوْمِ إِظْهَارُ الزِّينَةِ وَالجَمَالِ، فَاسْتُحِبَّ ذَلِكَ لِمَنْ حَضَرَ الصَّلاَةَ وَلِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا([12]).
كَمَا يُسْتَحَبُّ التَّنَظُّفُ بإِزَالَةِ الشَّعْرِ، وَتَقْلِيمِ الأَظَافِـرِ إِلاَّ في الأَضْحَى لِمَـنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ، فَالوَاجِبُ عَلَيْهِ الإِمْسَاكُ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ حَتَّى يَذْبَـحَ أُضْحِيَتَهُ؛ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها([13]).
وَهَذَا التَّزَيُّنُ وَلُبْسُ أَجْمَلِ الثِّيَابِ خَاصٌّ بالرِّجَالِ، أَمَّا النِّسَاءُ فَلاَ يَلْبَسْنَ الثِّيَابَ الجَمِيلَةَ عِنْدَ خُرُوجِهِنَّ إِلى مُصَلَّى العِيدِ، بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ أَنْ يَخْرُجْنَ مُتَطَيِّبَاتٍ وَمُتَبَرِّجَاتٍ؛ لِقَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاَتٌ»([14])، أَيْ: غَيْرُ مُتَطَيِّبَاتٍ وَلاَ مُتَعَطِّرَاتٍ.
3ـ الأَكْلُ قَبْلَ الخُرُوجِ في الفِطْرِ بخِلاَفِ الأَضْحَى:
فَالسُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ المُسْلِـمُ ـ يَوْمَ الفِطْرِ ـ قَبْلَ الغُـدُوِّ إِلى المُصَلَّى، وَيُسْتَحَبُّ أنْ يَكُونَ فِطْرُهُ عَلَى تَمْرٍ إنْ وَجَدَهُ؛ فَعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ»، وَقَالَ مُرَجَّى بنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا»([15])، وَفي جَعْلِهِنَّ وِتْرًا: إِشْعَارٌ بالوَحْدَانِيَّةِ.
وَيُفْهَمُ مِنَ الحَدِيثِ: أَنَّ التَّمْرَةَ الوَاحِدَةَ لاَ تَحْصُلُ بهَا السُّنَّةُ؛ لأَنَّ «تَمَرَاتٍ»: جَمْعٌ، وَعَلَى هَذَا، فَلاَبُدَّ مِنْ ثَلاَثٍ فَأَكْثَرَ([16]).
وَقِيلَ: الحِكْمَةُ في الأَكْلِ قَبْلَ الصَّلاَةِ أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ وُجُوبُ الفِطْرِ عَقِبَ وُجُوبِ الصَّـوْمِ اِسْتُحِبَّ تَعْجِيلُ الفِطْرِ مُبَادَرَةً إِلى اِمْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ تَعَالَى، وَيُشْعِرُ بذَلِكَ اِقْتِصَارُهُ عَلَى القَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِ الاِمْتِثَالِ لأَكَلَ قَدْرَ الشِّبَعِ([17]).
هَذَا في الفِطْرِ؛ أَمَّا في الأَضْحَى: فَالسُّنَّةُ أَلاَّ يَأْكُلَ المُضَحِّي حَتَّى يَرْجِعَ، فَيَأْكُـلَ مِنْ ذَبيحَتِهِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبيهِ قَالَ: «كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ؛ وَلاَ يَطْعَمُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ»، وَفي رِوَايَةٍ: «حَتَّى يَذْبَحَ» ـ رَوَاهَا أَحْمَدُ ـ وَفي أُخْرَى لَهُ: «فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَتِهِ»([18]).
وَقِيلَ: الحِكْمَةُ مِنْ ذَلِكَ إِظْهَارُ كَرَامَةِ اللهِ تَعَالَى لِلْعِبَادِ بشَرْعِيَّةِ نَحْرِ الأَضَاحِي، فَكَانَ الأَهَمُّ الاِبْتِدَاءَ بأَكْلِهَا شُكْرًا للهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ بهِ مِنْ شَرْعِيَّةِ النَّسِيكَةِ الجَامِعَـةِ لِخَيِرِ الدُّنْيَا وَثَوَابِ الآخِرَةِ.
وَقَدْ خَصَّصَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ اِسْتِحْبَابَ تَأْخِيرِ الأَكْلِ في عِيدِ الأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ بمَنْ لَهُ ذِبْحٌ؛ لأَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَخَّرَ الفِطْرَ في الأَضْحَى إِنَّمَا أَكَلَ مِنْ ذَبِيحَتِهِ([19]).
4ـ الخُرُوجُ إِلى العِيدِ مَاشِيًا وَالعَوْدَةُ مَاشِيًا:
يُسْتَحَبُّ أنْ يَخْرُجَ المُسْلِمُ إِلَى العِيدِ مَاشِيًا ـ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالوَقَارُ ـ وَأَنْ يَرْجِعَ كَذَلِكَ، وَهُوَ مِنَ التَّوَاضُعِ؛ فَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ إِلَى العِيدِ مَاشِيًا وَيَرْجِعُ مَاشِيًا»([20]).
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لاَ يُرْكَبَ في العِيدِ إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ، أَوْ كَانَ مَكَانُهُ بَعِيدًا فَرَكِبَ فَلاَ بَأْسَ.
اِسْتَحَبَّ ذَلِكَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الإِمَامُ مَالِكٌ: «إِنَّمَا نَحْنُ نَمْشِي وَمَكَانُنَا قَرِيبٌ وَمَـنْ بَعُدَ عَلَيْهِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ».
وَكَانَ الحَسَنُ يَأْتِي العِيدَ رَاكِبًا.
وَكَرِهَ النَّخَعِيُّ الرُّكُوبَ في العِيدَيْنِ وَالجُمَعَةِ([21]).
5ـ مُخَالَفَةُ الطَّرِيقِ:
يُسْتَحَبُّ لِلمُسْلِمِ في العِيدَيْنِ ـ إِمَامًا كَانَ أَوْ مَاْمُومًا ـ أَنْ يَأْخُذَ في طَرِيقٍ، وَيَرْجِعَ في غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي اِبْتَدَأَ فِيهِ؛ فَعَنْ جَابرِ بنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ»([22]).
وَالحِكْمَـةُ بالنِّسْبَةِ لِمَعْشَرِ المُسْلِمِينَ ـ مِنْ هَذَا ـ: هيَ مُتَابَعَةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
أَمَّا بالنِّسْبَةِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ فَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ في حِكْمَتِهِ عَلَى أَقْوَالٍ، فَقِيلَ: لِلْمُرُورِ عَلَى مَنْ لَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِ في الذَّهَابِ، وَرُؤْيَةِ مَنْ لَمْ يَرَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَتَسْلِيمِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ، أَوْ لإِظْهَارِ شِعَارِ الإِسْلاَمِ، أَوْ لِيَغِيظَ المُنَافِقِينَ وَالكُفَّارَ، أَوْ لِيَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ.
وَقِيلَ ـ وَهُوَ الأَصحُّ ـ: إِنَّهُ لِذَلِكَ كُلِّهِ، وَلِغَيْرِهِ مِنَ الحِكَمِ الَّتي لاَ يَخْلُو فِعْلُهُ عَنْهَا([23]).
6ـ الخُرُوجُ إِلَى المُصَلَّى:
يُسْتَحَبُّ الخُرُوجُ إلَى المُصَلَّى في العِيدَيْنِ ـ وَلَوْ اتَّسَعَ المَسْجِدُ لِلنَّاسِ ـ، وَالخُرُوجُ إِلَيْهِ تَشْرِيعٌ مِنَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ ضَيْقِ المَسْجِدِ ـ كَمَا زَعَمَ بَعْضُهُـمْ ـ؛ فَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلى المُصَلَّى»([24]).
وَلَمْ يَثْبُتْ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى في مَسْجِدِه ـ مَعَ فَضْلِهِ ـ صَلاَةَ عِيدٍ قَطُّ، فَقَدْ أَخْبَرَ بأَنَّ الصَّلاَةَ في مَسْجِدِهِ تُضَاعَفُ([25])، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّحْرَاءِ، وَهَذَا دَلِيلٌ وَاضِـحٌ عَلَى تَأَكُّدِ أَمْرِ الخُرُوجِ إِلى المُصَلَّى لِصَلاَةِ العِيدَيْنِ.
وَقَدْ أَمَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم النِّسَاءَ بالخُرُوجِ إلى العِيدَيْنِ؛ فَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بَنَاتِهِ وَنِسَاءَهُ أَنْ يَخْرُجْنَ في العِيدَيْنِ»([26]).
وَلَمْ يَسْتَثْنِ صلى الله عليه وسلم ـ مِنْ هَذَا الأَمْـرِ ـ الحُيَّضَ وَرَبَّاتِ الخُدُورِ؛ فَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَهُنَّ في الفِطْـرِ وَالأَضْحَى العَوَاتِقَ وَالحُيَّضَ وَذَوَاتِ الخُدُورِ؛ فَأَمَّا الحُيَّضُ: فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاَةَ، وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْـوَةَ الـمُسْلِمِينَ»، قُلْتُ: يَـا رَسُولَ اللَّهِ! إِحْدَانَا لاَ يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: «لِتُلْبسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابهَا»([27]).
فَلَمَّا أَنْ شَرَعَ صلى الله عليه وسلم لَهُنَّ الخُرُوجَ شَرَعَ الصَّلاَةَ في البَرَاحِ لإِظْهَارِ شَعِيرَةِ الإِسْلاَمِ.
وَقَدْ حَافَظَ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَدَاءِ العِيدَيْنِ في المُصَلَّى وَوَاظَبَ عَلَـى ذَلِكَ، وَهُوَ صلى الله عليه وسلم لاَ يُحَافِظُ وَلاَ يُوَاظِبُ إِلاَّ عَلَى الأَفْضَلِ([28]).
وَيُسْتَحَبُّ إِخْرَاجُ الصِّبْيَانِ ـ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ـ إِلى المُصَلَّى؛ فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَابسٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ([29]).
وَلأَنَّ في إِخْرَاجِهِمْ إِظْهَارًا لِشَعَائِرِ الإِسْلاَمِ، وَاكْتِمَالَ الفَرَحِ المَطْلُوبِ في هَذَا اليَوْمِ، وَلَيْسَ خُرُوجُهُمْ لأَجْلِ الصَّلاَةِ؛ فَالحُيَّضُ أُمِرْنَ بالخُرُوجِ مع أنَّهُنَّ لاَ يُصَلِّينَ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَمِنْ أَحْكَامِ صَلاَةِ العِيدِ أَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا جَاءَ إِلى مُصَلَّى العِيدِ قَبْلَ حُضُورِ الإِمَامِ؛ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ, وَلاَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، لأَنَّ مُصَلَّى العِيدِ لاَ يَأْخُذُ حُكْمَ المَسْجِدِ، فَلاَ تَحِيَّةَ لَهُ.
وَإِنْ أُقِيمَتْ صَلاَةُ العِيدَيْنِ في المَسْجِدِ فَتُصَلَّى ـ حِينَئِذٍ ـ التَّحِيَّةُ عِنْدَ الدُّخُولِ([30]).
وَيُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ إِلى العِيدِ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ إِلاَّ الإِمَامَ فَإِنَّهُ يَتَأَخَّرُ إِلى وَقْتِ الصَّلاَةِ، لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ؛ فَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُبَيْدٍ المُكْتِبِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: «كَانُوا يُصَلُّونَ الصُّبْحَ عَلَيْهِمْ ثِيَابُهُمْ، ثمَّ يَغْدُونَ إِلى المُصَلَّى يَوْمَ الفِطْرِ»([31]).
7ـ التَّكْبِيرُ في العِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ:
يُسْتَحَبُّ لِلْنَّاسِ إِظْهَارُ التَّكْبيرِ في العِيدَيْنِ، وَاخْتُصَّ الفِطْرُ بمَزِيدِ تَأْكِيدٍ لِوُرُودِ النَّصِّ فِيهِ، وَالأَصْلُ فِيهِ: قَوْلُهُ عز وجل: ﴿وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون﴾ [البقرة 185]، فَيُكَبِّرُ المُسْلِمُونَ رَبَّهُمْ في هَذَا العِيدِ، في مَسَاجِدِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ وَطُرُقِهِمْ، مُسَافِرِينَ كَانُوا أَوْ مُقِيمِينَ ـ لِظَاهِرِ الآيَةِ ـ تَعْظِيمًا وَشُكْرًا للهِ، الَّذِي هَدَاهُمْ لِهَذَا الدِّينِ القَوِيمِ، وَبَلَّغَهُمْ هَذَا الشَّهْرَ، وَأَكْمَلَ لَهُمْ العِدَّةَ، وَوَفَّقَهُمْ لأَدَاءِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ صَوْمِ رَمَضَانَ؛ فَعَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ مِنَ العِيدَيْنِ رَافِعًا صَوْتَهُ بالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ»([32]).
وَالتَّكْبيرُ مُسْتَحَبٌّ لِلنِّسَاءِ كَمَا هُوَ لِلرِّجَالِ؛ فَقَدْ ذَكَرَ البُخَارِيُّ عَـنْ مَيْمُونَةَ ـ زَوْجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ـ كَانَتْ تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَكُنَّ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بنِ عُثْمَـانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيـزِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ في المَسْجِدِ([33]).
وَأَمَّا صِيغَةُ التَّكْبِيرِ، فَقَدْ ثَبَتَ تَشْفِيعُهُ عَنِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه؛ فَعَنْ أَبي الأَحْوَصِ عَـنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه: «أَنَّـهُ كَانَ يُكَبِّرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ: (اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الحَمْدُ)»([34]).
وَيَبْدَأُ التَّكْبِيرُ ـ في الفِطْرِ ـ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الثَّلاَثِينَ مِنْ رَمَضَانَ، أَوْ رُؤْيَةِ هِلاَلِ شَـوَّالٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَـى: ﴿وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾، وَإِكْمَالُ العِدَّةِ يَكُونُ بغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ العِيدِ، وَاِنْتِهَاؤُهُ إِلى أَنْ يَخْرُجَ الإِمَامُ؛ فَعَنْ نَافِعٍ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَدَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الفِطْرِ يَجْهَـرُ بالتَّكْبِيرِ حَتَّى يَأْتِيَ المُصَلَّى، ثُمَّ يُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الإِمَامُ»([35])، فَمُنْذُ ثُبُوتِ العِيدِ إِلى خُرُوجِ الإِمَامِ لِصَلاَةِ العِيدِ وَوَقْتُ النَّاسِ مَعْمُورٌ بالتَّكْبِيرِ تَعْظِيمًا للهِ وَشُكْرًا وَحَمْدًا.
أَمَّا وَقْتُ التَّكْبِيرِ في الأَضْحَى: فَمِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ مِنًى، وَهُوَ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ.
وَلَمْ يَثْبُتْ في شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ، وَأَصَحُّ مَا وَرَدَ في هَذَا ـ كَمَا قَالَ الحَافِظُ ـ: قَوْلُ عَلِيٍّ وَاِبْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما: أَنَّهُ مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ مِنًى([36])؛ فَعَنْ عَلِيِّ بنِ أَبي طَالِبٍ رضي الله عنه: «أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ بَعْدَ صَلاَةِ الفَجْرِ ـ يَوْمَ عَرَفَةَ ـ إِلى صَلاَةِ العَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيُكَبِّرُ بَعْدَ العَصْرِ» رَوَاهُ البَيْهَقِي (6497) واِبْنُ أَبي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقَيْنِ (5677 وَ567) أَحَدُهُمَا جَيِّدٌ، وَرَوَى البَيْهَقِيُّ مِثْلَهُ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه (649) ـ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ ـ وَرَوَى الحَاكِمُ عَنْهُ (1114) وَعَنِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه (1115) مِثْلَهُ([37]).
وَنُنَبِّهُ ـ هُنَا ـ عَلَى أَنَّ أَدَاءَ التَّكْبِيرِ يَكُونُ مِنْ كلِّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، فَيَذْكُرُ اللهَ عز وجل مِنْ غَيْرِ اِتِّفَاقٍ مَعَ أَحَـدٍ يُكَبِّرُ مَعَهُ، وَأَمَّا التَّكْبيرُ الجَمَاعِيُّ فَمُحْدَثٌ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَلاَ مِنْ هَدْيِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَالتَّابعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ.
8ـ لاَ سُنَّةَ لِلعِيدِ ـ قَبْلِيَّةً وَلاَ بَعْدِيَّةً ـ في المُصَلَّى:
لَمْ يَثْبُتْ لِصَلاَةِ العِيدَيْـنِ سُنَّةٌ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا، وَلَمْ يَكُنِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَلاَ أَصْحَابُهُ رضي الله عنهم يُصَلُّونَ شَيْئًا ـ قَبْلَ الصَّلاَةِ وَلاَ بَعْدَهَا ـ إِذَا انْتَهَوْا إِلى المُصَلَّى؛ فَعَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَ أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلاَ بَعْدَهُمَا...» الحَدِيث([38]).
وَفي قَوْله: «لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلاَ بَعْدَهُمَا»: دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ شَرْعِيَّةِ النَّافِلَةِ قَبْلَ صَلاَةِ العِيدِ وَلاَ بَعْدَهَـا؛ لأنَّهُ إذْ لَمْ يَفْعَل صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ وَلاَ أَمَرَ بهِ، فَلاَ يَكُونُ مَشْرُوعًا في حَقِّنَا([39]).
وَمِنْ جِهَـةِ المَعْنَى يُقَالُ: إِنَّهُ لَوِ اِشْتَغَلَ بالنَّافِلِةِ قَبْلَ الصَّلاَةِ لاشْتَغَلَ عَنْ عِبَادَةِ الوَقْتِ وَهُوَ التَّكْبِيرُ، وَيَكُونُ بذَلِكَ اِنْتَقَلَ مِنَ الفَاضِلِ إِلَى المَفْضُولِ.
وَمِنْ جِهَـةِ أُخْرَى لاَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ لِلْعِيدِ سُنَّةٌ قَبْلِيَّةٌ؛ لأَنَّ مَا بَيْنَ انْقِضَاءِ صَلاَةِ الفَجْرِ إِلى حِينِ صَلاَةِ العِيدِ وَقْتٌ تَحْرُمُ فِيهِ النَّافِلَةُ.
غَيْرَ أَنَّهُ لاَ مَانِعَ مِنَ الصَّلاَةِ بَعْدَ العِيدِ، سَوَاءٌ لِلإِمَامِ أَوِ المَأْمُومِ ـ إِذَا فُعِلَتْ في البَيْتِ بَعْدَ الانْصِرَافِ مِنَ المُصَلَّى، وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يُصَلِّي قَبْلَ العِيدِ شَيْئًا؛ فَإِذَا رَجَـعَ إِلى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ»([40]).
فَيَكُونُ المُرَادُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما السَّابقِ: «وَلاَ بَعْدَهُمَا» أَيْ: في الـمُصَلَّى، وَهُوَ طَرِيقُ الجَمْعِ بَيْنَ الأَحَادِيثِ النَّافِيَةِ وَالمُثْبِتَةِ لِلتَّنَفُّلِ في العِيدِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: «وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا (أَيْ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه النَّافِي) وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبي سَعِيدٍ: أَنَّ النَّفْيَ إنَّمَا وَقَعَ في الصَّلاَةِ في الـمُصَلَّى»([41])، وَقَالَ الأَلْبَانِيُّ نَحْوَهُ([42]).
9ـ التَّهْنِئَةُ في العِيدِ:
تُشْرَعُ التَّهْنِئَةُ في العِيدِ بقَوْلِ: «تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ».
فَقَدْ أَجَازَهُ جَمْعٌ مِنْ أَهِلِ العِلْمِ، لِوُرُودِهِ عَنِ السَّلَفِ رضي الله عنهم ؛ قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: «وَرَوَيْنَا في «المَحَامِلِيَّاتِ» ـ بإِسْنَادٍ حَسَنٍ ـ عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ قَال: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اِلْتَقَوْا ـ يَوْمَ العِيدِ ـ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: (تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ)»([43]).
وَقَالَ شَيْـخُ الإِسْلاَمِ ابنُ تَيْمِيَّةَ: «أَمَّا التَّهْنِئَةُ يَوْمَ العِيدِ، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ـ إذَا لَقِيَهُ بَعْدَ صَلاَةِ العِيدِ ـ: (تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَأَحَالَهُ اللَّهُ عَلَيْك)، وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ فَهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَـهُ، وَرَخَّصَ فِيهِ الأَئِمَّـةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ»([44]).
هَذَا، وَأَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى بأَسْمَائِـهِ الحُسْنَى وَصِفَاتِهِ العُلاَ أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنَّا صَلاَتَنَا وَصِيَامَنَا وَقِيَامَنَا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيـبٌ، وَبالإِجَابَةِ جَدِيرٌ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبهِ الطَّاهِرِينَ، وَمَنْ تَبعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلى يَوْمِ الدِّينِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
------------------------------------------------
الهوامش:
([1]) اُنْظُرْ: «لِسَانَ العَرَبِ» لاِبْنِ مَنْظُورٍ (3/315)، وَ«مَقَاييسَ اللُّغَةِ» لاِبْنِ فَارِسٍ (4/183)، وَ«تَهْذِيبَ اللُّغَةِ» لِلأَزْهَرِيِّ (3/131).
([2]) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (1136)، وَأَحْمَدُ (13622)، وَالحَاكِمُ (1091)، اُنْظُرْ: «السِّلْسِلَةَ الصَّحِيحَةَ» لِلأَلْبَانِيِّ (2021).
([3]) اُنْظُرْ: «زَادَ المَعَادِ» لاِبْنِ القَيِّمِ (1/212) وَ«فَتَاوَى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ» (الفَتْوَى: 625) وَ«السِّلْسِلَةَ الضَّعِيفَةَ» لِلأَلْبَانِيِّ (521).
([4]) رَوَى البُخَارِيُّ (1889) وَمُسْلِمٌ (1137) وَأَبُو دَاوَد(2416) ـ وَاللَّفْظُ لَهُ ـ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ قَالَ: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُمَرَ، فَبَدَأَ بالصَّلاَةِ قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثمُ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ اليَوْمَيْنِ، أَمَّا يَوْمُ الأَضْحَى فَتَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمِ نُسُكِكُمْ، وَأَمَّا يَوْمُ الفِطْرِ فَفِطْرُكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ».
([5]) اُنْظُرْ: «فَتَاوَى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ» (الفَتْوَى: 12961).
([6]) اُنْظُرْ: «نَيْلَ الأَوْطَارِ» لِلْشَّوْكَانِيِّ (4/262).
([7]) أَخْرجَهُ البَيْهَقِيُّ في «الكُبْرَى» (5919)، واِبْنُ المُنْذِرِ في «الأَوْسَطِ» (2112) ـ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ ـ اُنْظُرْ: «إِرْوَاءَ الغَلِيلِ» لِلأَلْبَانِيِّ (1/175).
([8]) أَخْرَجَهُ مَالِكٌ في «الْمُوَطَّإِ» (426).
([9]) «المنتقى» للباجي (1/316).
([10]) أَخْرَجَهُ الطَّبَرَاني في «المُعْجَمِ الأَوْسَطِ» (7609)، وَهُوَ في «السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ» لِلأَلْبَانِيِّ (1279).
([11]) اُنْظُرْ: «المُغَنِي» لاِبْنِ قُدَامَةَ (2/298 ـ 311)، وَ«المَجْمُوعَ» لِلْنَّوَوِيِّ (4/320 ـ 344).
([12]) اُنْظُرْ: «حَاشِيَةَ رَدِّ المُحْتَارِ» لاِبْنِ عَابِدِينَ (2/26).
([13]) رَوَى مُسْلِمٌ (1977) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أُهِلَّ هِلاَلُ ذِي الحِجَّةِ فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَ لاَ مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ».
([14]) رَوَاهُ أَحْمَدُ (9645)، وَأَبُو دَاوُدَ (565) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَهُوَ في «صَحِيحِ الجَامِع» لِلأَلْبَانِيِّ (7457).
([15]) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (910).
([16]) اُنْظُرْ: «الشَّرْحَ المُمْتِعَ» لاِبْنِ عُثَيْمِينَ (2/295).
([17]) اُنْظُرْ: «فَتْحَ البَارِي» لاِبْنِ حَجَرٍ (03/ 374).
([18]) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (542) وَابْنُ مَاجَه (1756) وَأَحْمَدُ (23042 ـ 22984)، وَالحَدِيثُ في «صَحِيحِ الجَامِعِ» لِلأَلْبَانِيِّ (4845).
(19) انْظُرْ: «مِرْعَاةَ المَفَاتِيحِ شَرْحَ مِشْكَاةِ المَصَابِيحِ» لِلْمُبَارْكَفُورِيِّ (5/45).
([20]) أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه (1295) ـ وَهُوَ حَسَنٌ ـ، اُنْظُرْ: «إِرْوَاءَ الغَلِيلِ» لِلأَلْبَانِيِّ (636).
([21]) اُنْظُرْ: «شَرْحَ البُخَارِيِّ» لاِبْنِ بَطَّالٍ (4/181).
([22]) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (943).
([23]) اُنْظُرْ: «كَشْفَ المُشْكِلِ مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ» لاِبْنِ الجَوْزِيِّ (1/71)، وَ«فَتْحَ البَارِي» لاِبْنِ حَجَرٍ (3/416)، وَ«زَادَ المَعَـادِ» لاِبْنِ القَيِّمِ (1/449)، وَ«الشَّرْحَ المُمْتِعَ» لاِبْنِ عُثَيْمِينَ (5/132).
([24]) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (913) وَمُسْلِمٌ (889).
([25]) أَخْرَجَ البُخَارِيُّ (1133) وَمُسْلِمٌ (1394) عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلاَةٌ في مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِـوَاهُ إلاَّ المَسْجِدَ الْحَرَامَ».
([26]) رَوَاهُ أَحْمَدُ في «المُسْنَدِ» (2054)، وَهُوَ في «السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ» لِلأَلْبَانِيِّ (2115).
([27]) أَخْرَجَهُ البُخَاريُّ (351) ومُسْلِمٌ (890)، وَاللَّفْظُ لَهُ.
([28]) اُنْظُرْ: «سُبُلَ السَّلاَمِ» لِلْصَّنْعَانِيِّ (2/492)، وَ«فَتْحَ البَارِي» لاِبْنِ حَجَرٍ (3/37)، وَ«المَدْخَلَ» لاِبْنِ الحَاجِّ (2/43).
([29]) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (975)، وَبَوَّبَ لَهُ بِقَوْلِه: «بَابُ خُرُوجِ الصِّبْيَانِ إِلى المُصَلَّى»، قَالَ اِبْنُ حَجَرٍ ـ مُعَلِّقًا ـ: «أَيْ: في الأَعْيَادِ، وَإِنْ لَمْ يُصَلُّوا».
([30]) اُنْظُرْ: «حَاشِيَةَ رَدِّ المُحْتَارِ» لاِبْنِ عَابِدِينَ (1/657) وَ«فَتَاوَى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ» (الفَتْوَى: 12515)، وَهُوَ مَذْهَبُ البُخَارِيِّ، اُنْظُرْ: «فَتْحَ البَارِي» لاِبْنِ حَجَرٍ (12/130).
([31]) اُنْظُرْ: «المُصَنَّفَ» لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ (3/309)، الأثر (5755).
([32]) أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإِيمَانِ» (3441) ـ وَهُوَ حَسَنٌ ـ، اُنْظُرْ: «صَحِيحَ الجَامِعِ الصَّغِيرِ» لِلأَلْبَانِيِّ (4934).
([33]) ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ ـ تَعْلِيقًا ـ بصِيغَةِ الجَزْمِ (2/534).
([34]) أَخْرَجَهُ ابْنُ أبي شَيْبَةَ في «المُصَنَّفِ» (5697) ـ وَهُوَ صَحِيحٌ ـ، اُنْظُرْ: «إِرْوَاءَ الغَلِيلِ» لِلأَلْبَانِيِّ (3/125).
([35]) أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (180) ـ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ ـ، اُنْظُرْ: «إِرْوَاءَ الغَلِيلِ» لِلأَلْبَانِيِّ (650).
([36]) اُنْظُرْ: «فَتْحَ البَارِي» لاِبْنِ حَجَرٍ (2/536).
([37]) اُنْظُرْ: «إِرْوَاءَ الغَلِيلِ» لِلأَلْبَانِيِّ (3/125).
([38]) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (989) وَمُسْلِمٌ (884) ـ وَاللَّفْظُ لَهُ ـ وَأَبُو دَاوُدَ (1159) وَالتِّرْمِذِيُّ (537) وَأَحْمَدُ (3153).
([39]) اُنْظُرْ: «سُبُلَ السَّلاَمِ» لِلْصَّنْعَانِيِّ (02/476).
([40]) أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه (1293) ـ وَهُوَ حَسَنٌ ـ، اُنْظُرْ: «إِرْوَاءَ الغَلِيلِ» لِلأَلْبَانِيِّ (03/100).
([41]) «التَّلْخِيصُ الحَبِيرُ» (02/275).
([42]) قَالَ الأَلْبَانِيُّ في «إِرْوَاءِ الغَلِيلِ» (03/100): «وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا الحَدِيثِ (أَيْ: حَدِيثِ أَبي سَعِيدٍ رضي الله عنه المُثْبِتِ) وَبَيْنَ الأَحَادِيثِ المُتَقَدِّمَةِ النَّافِيَةِ لِلْصَّلاَةِ بَعْدَ العِيدِ: بأَنَّ النَّفْيَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الصَّلاَةِ في المُصَلَّى، وَاللهُ أَعْلَمُ».
([43]) «فَتْحُ البَارِي» (2/446).
([44]) «مَجْمُوعُ الفَتَاوَى» (24/253).
للشيخ نجيب جلواح :
العِيدُ مُنَاسَبَةٌ سَارَّةٌ، تَجْتَمِعُ فِيهَا القُلُوبُ، وَتَنْشَرِحُ لَهَا الصُّدُورُ، وَتَعُمُّ البَهْجَةُ جمَِيعَ المُسْلِمِيـنَ، فَيَنْسَوْنَ هُمُومَهُمْ وَغُمُومَهُمْ.
وَسُمِّيَ العِيدُ عِيدًا؛ لأَنَّ فِيهِ عَوَائِدَ الإِحْسَانِ عَلَى العِبَادِ في كُلِّ عَامٍ، وَلأَنَّ العَادَةَ فِيهِ الفَرَحُ وَالسُّـرُورُ، وَالنَّشَاطُ وَالحُبُورُ.
وَقِيلَ: سُمِّيَ كَذِلَكَ لِعَوْدِهِ وَتَكُرُّرِهِ؛ لأَنَّهُ يَعُودُ كُلَّ عَامٍ بفَرَحٍ مُجَدَّدٍ، أَوْ تَفَاؤُلاً بعَوْدِهِ عَلَى مَنْ أَدْرَكَهُ([1]).
وَلمَّا كَانَ العِيدُ بهَذِهِ الأَهَمِّيَّةِ؛ سََنَّ دِينُنَا لِلْمُسْلِمِينَ عِيدَيْنِ سَنوِيَّيْنِ هُمَا أَفْضَلُ أَعْيَادِ البَرِيَّةِ؛ فَعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ: «مَا هَذَانِ اليَوْمَانِ؟»، قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا في الجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأَضْحَى، وَيَوْمَ الفِطْرِ»([2]).
وَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ:
عِيدَانِ عِنْدَ أُولِي النُّهَى لاَ ثَالِثَ لَهُمَا لِمَنْ يَبْغِي السَّلاَمَةَ في غَدِ
الفِطْرُ وَالأَضْحَى وَكُلُّ زِيَـادَةٍ فِيهِمَا خُـرُوجٌ عَنْ سَبـيلِ محَـمَّدِ
وَلاَ يُشْرَعُ التَّقَرُّبُ إِلى اللهِ سُبْحَانَهُ ـ في العِيدِ ـ بإِحْيَاءِ لَيْلَتِهِ، لِعَدَمِ وُجُودِ مُسْتَنَدٍ صَحِيحٍ لَهُ، وَمَا رُوِيَ في فَضْلِ ذَلِكَ لاَ يَصِحُّ([3]).
كَمَا يَحْرُمُ صَوْمُ يَوْمِ العِيدِ لِمَا ثَبَتَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنَ النَّهْي عَنْ صَوْمِه([4]) وَعَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ التَّوْبَةُ([5]).
وَقِيلَ: إِنَّ الحِكْمَةَ في النَّهْي عَنْ صَوْمِ العِيدَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنَ الإِعْرَاضِ عَنْ ضِيَافَةِ اللهِ لِعِبَادِهِ([6]).
وَسَأَعْرِضُ ـ هُنَا ـ بَعْضَ السُّنَنِ وَالآدَابِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا المُسْلِمُ في العِيدَيْنِ:
1ـ الاِغْتِسَالُ:
يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَغْتَسِلَ لِلْعِيدِ؛ لأَنَّ فِيه اِجْتِمَاعًا أَعْظَمَ مِنَ الاِجْتِمَاعِ الَّذِي في الجُمُعَةِ، وَقَدْ رُوِيَ في ذَلِكَ أَحَادِيثُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم لَكِنَّهَا لاَ تَصِحُّ، وَأَحْسَنُ مَا يُسْتَدَلُّ بهِ عَلَى اِسْتِحْبَابِ غُسْلِ العِيدِ: تِلْكَ الآثَارُ الوَارِدَةُ عَنِ السَّلَفِ رضي الله عنه؛ فَعَنْ زَاذَانَ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ عَلِيًّا رضي الله عنه عَنِ الغُسْلِ؟ قَالَ: «اِغْتَسِلْ كُلَّ يَوْمٍ إِنْ شِئْتَ»، فَقَالَ: لاَ، الغُسْلُ الذِي هُوَ الغُسْلُ، قَالَ: «يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَيَوْمَ عَرَفَةَ، وَيَوْمَ النَّحْرِ، وَيَوْمَ الفِطْرِ»([7]).
وَعَـنِ نَافِعٍ «أَنَّ عَبْدَ اللهِ بنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلى المُصَلَّى»([8]).
وَوَقْتُ الاِغْتِسَالِ لِلْعِيدِ يَكُونُ بَعْدَ الفَجْرِ؛ وَهُوَ قَوْلُ أَحمَدَ وَرِوَايَةٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ.
قَالَ ابن حبيب المالكي: «أفضل أوقات الغسل للعيد بعد صلاة الصُّبح، قال مالك في «المختصر»: فإن اغتسل للعيدين قبل الفجر فواسع»([9]).
2 ـ التَّزَيُّنُ وَلُبْسُ الجَمِيلِ:
يُسْتَحَبُّ لُبْسُ أَجْوَدِ الثِّيَابِ لِشُهُودِ العِيدِ؛ فَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قَالَ: «كاَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلْبَسُ يَوْمَ العِيدِ بُرْدَةً حَمْرَاءَ»([10]).
وَيَحْرُمُ عَلَى الرِّجَالِ التَّزَيُّنُ بكُلِّ مُحَرَّمٍ مِنَ اللِّبَاسِ؛ كَالذَّهَبِ وَالحَرِيرِ وَثَـوْبِ الشُّهْرَةِ، وَمَا كَانَ مِنْ لِبَاسِ الكُفَّارِ الخاص بهم أَوِ النِّسَاءِ، كَمَا لاَ يَحِلُّ لَهُم التَّزَيُّنُ بحَلْقِ لِحَاهُمْ([11]).
وَاسْتَحَبَّ بَعْضُ أَهْـلِ العِلْمِ الاِغْتِسَالَ وَالتَّزَيُّنَ لِلمُسْلِمِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدِ المُصَلَّى؛ لأَنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَنِ اليَوْمِ لاَ مِنْ سُنَنِ الصَّلاَةِ، وَالمقْصُودُ في هَذَا اليَوْمِ إِظْهَارُ الزِّينَةِ وَالجَمَالِ، فَاسْتُحِبَّ ذَلِكَ لِمَنْ حَضَرَ الصَّلاَةَ وَلِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا([12]).
كَمَا يُسْتَحَبُّ التَّنَظُّفُ بإِزَالَةِ الشَّعْرِ، وَتَقْلِيمِ الأَظَافِـرِ إِلاَّ في الأَضْحَى لِمَـنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّيَ، فَالوَاجِبُ عَلَيْهِ الإِمْسَاكُ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ حَتَّى يَذْبَـحَ أُضْحِيَتَهُ؛ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها([13]).
وَهَذَا التَّزَيُّنُ وَلُبْسُ أَجْمَلِ الثِّيَابِ خَاصٌّ بالرِّجَالِ، أَمَّا النِّسَاءُ فَلاَ يَلْبَسْنَ الثِّيَابَ الجَمِيلَةَ عِنْدَ خُرُوجِهِنَّ إِلى مُصَلَّى العِيدِ، بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ أَنْ يَخْرُجْنَ مُتَطَيِّبَاتٍ وَمُتَبَرِّجَاتٍ؛ لِقَوْلِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاَتٌ»([14])، أَيْ: غَيْرُ مُتَطَيِّبَاتٍ وَلاَ مُتَعَطِّرَاتٍ.
3ـ الأَكْلُ قَبْلَ الخُرُوجِ في الفِطْرِ بخِلاَفِ الأَضْحَى:
فَالسُّنَّةُ أَنْ يَأْكُلَ المُسْلِـمُ ـ يَوْمَ الفِطْرِ ـ قَبْلَ الغُـدُوِّ إِلى المُصَلَّى، وَيُسْتَحَبُّ أنْ يَكُونَ فِطْرُهُ عَلَى تَمْرٍ إنْ وَجَدَهُ؛ فَعَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ»، وَقَالَ مُرَجَّى بنُ رَجَاءٍ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا»([15])، وَفي جَعْلِهِنَّ وِتْرًا: إِشْعَارٌ بالوَحْدَانِيَّةِ.
وَيُفْهَمُ مِنَ الحَدِيثِ: أَنَّ التَّمْرَةَ الوَاحِدَةَ لاَ تَحْصُلُ بهَا السُّنَّةُ؛ لأَنَّ «تَمَرَاتٍ»: جَمْعٌ، وَعَلَى هَذَا، فَلاَبُدَّ مِنْ ثَلاَثٍ فَأَكْثَرَ([16]).
وَقِيلَ: الحِكْمَةُ في الأَكْلِ قَبْلَ الصَّلاَةِ أَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ وُجُوبُ الفِطْرِ عَقِبَ وُجُوبِ الصَّـوْمِ اِسْتُحِبَّ تَعْجِيلُ الفِطْرِ مُبَادَرَةً إِلى اِمْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ تَعَالَى، وَيُشْعِرُ بذَلِكَ اِقْتِصَارُهُ عَلَى القَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِ الاِمْتِثَالِ لأَكَلَ قَدْرَ الشِّبَعِ([17]).
هَذَا في الفِطْرِ؛ أَمَّا في الأَضْحَى: فَالسُّنَّةُ أَلاَّ يَأْكُلَ المُضَحِّي حَتَّى يَرْجِعَ، فَيَأْكُـلَ مِنْ ذَبيحَتِهِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبيهِ قَالَ: «كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ؛ وَلاَ يَطْعَمُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ»، وَفي رِوَايَةٍ: «حَتَّى يَذْبَحَ» ـ رَوَاهَا أَحْمَدُ ـ وَفي أُخْرَى لَهُ: «فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَتِهِ»([18]).
وَقِيلَ: الحِكْمَةُ مِنْ ذَلِكَ إِظْهَارُ كَرَامَةِ اللهِ تَعَالَى لِلْعِبَادِ بشَرْعِيَّةِ نَحْرِ الأَضَاحِي، فَكَانَ الأَهَمُّ الاِبْتِدَاءَ بأَكْلِهَا شُكْرًا للهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ بهِ مِنْ شَرْعِيَّةِ النَّسِيكَةِ الجَامِعَـةِ لِخَيِرِ الدُّنْيَا وَثَوَابِ الآخِرَةِ.
وَقَدْ خَصَّصَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ اِسْتِحْبَابَ تَأْخِيرِ الأَكْلِ في عِيدِ الأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ بمَنْ لَهُ ذِبْحٌ؛ لأَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم إِذْ أَخَّرَ الفِطْرَ في الأَضْحَى إِنَّمَا أَكَلَ مِنْ ذَبِيحَتِهِ([19]).
4ـ الخُرُوجُ إِلى العِيدِ مَاشِيًا وَالعَوْدَةُ مَاشِيًا:
يُسْتَحَبُّ أنْ يَخْرُجَ المُسْلِمُ إِلَى العِيدِ مَاشِيًا ـ وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالوَقَارُ ـ وَأَنْ يَرْجِعَ كَذَلِكَ، وَهُوَ مِنَ التَّوَاضُعِ؛ فَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ إِلَى العِيدِ مَاشِيًا وَيَرْجِعُ مَاشِيًا»([20]).
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لاَ يُرْكَبَ في العِيدِ إِلاَّ مِنْ عُذْرٍ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ، أَوْ كَانَ مَكَانُهُ بَعِيدًا فَرَكِبَ فَلاَ بَأْسَ.
اِسْتَحَبَّ ذَلِكَ مَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ.
قَالَ الإِمَامُ مَالِكٌ: «إِنَّمَا نَحْنُ نَمْشِي وَمَكَانُنَا قَرِيبٌ وَمَـنْ بَعُدَ عَلَيْهِ فَلاَ بَأْسَ أَنْ يَرْكَبَ».
وَكَانَ الحَسَنُ يَأْتِي العِيدَ رَاكِبًا.
وَكَرِهَ النَّخَعِيُّ الرُّكُوبَ في العِيدَيْنِ وَالجُمَعَةِ([21]).
5ـ مُخَالَفَةُ الطَّرِيقِ:
يُسْتَحَبُّ لِلمُسْلِمِ في العِيدَيْنِ ـ إِمَامًا كَانَ أَوْ مَاْمُومًا ـ أَنْ يَأْخُذَ في طَرِيقٍ، وَيَرْجِعَ في غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي اِبْتَدَأَ فِيهِ؛ فَعَنْ جَابرِ بنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ»([22]).
وَالحِكْمَـةُ بالنِّسْبَةِ لِمَعْشَرِ المُسْلِمِينَ ـ مِنْ هَذَا ـ: هيَ مُتَابَعَةُ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.
أَمَّا بالنِّسْبَةِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ فَقَدِ اخْتَلَفَ العُلَمَاءُ في حِكْمَتِهِ عَلَى أَقْوَالٍ، فَقِيلَ: لِلْمُرُورِ عَلَى مَنْ لَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِ في الذَّهَابِ، وَرُؤْيَةِ مَنْ لَمْ يَرَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ، وَتَسْلِيمِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ، أَوْ لإِظْهَارِ شِعَارِ الإِسْلاَمِ، أَوْ لِيَغِيظَ المُنَافِقِينَ وَالكُفَّارَ، أَوْ لِيَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ.
وَقِيلَ ـ وَهُوَ الأَصحُّ ـ: إِنَّهُ لِذَلِكَ كُلِّهِ، وَلِغَيْرِهِ مِنَ الحِكَمِ الَّتي لاَ يَخْلُو فِعْلُهُ عَنْهَا([23]).
6ـ الخُرُوجُ إِلَى المُصَلَّى:
يُسْتَحَبُّ الخُرُوجُ إلَى المُصَلَّى في العِيدَيْنِ ـ وَلَوْ اتَّسَعَ المَسْجِدُ لِلنَّاسِ ـ، وَالخُرُوجُ إِلَيْهِ تَشْرِيعٌ مِنَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَيْسَ مِنْ أَجْلِ ضَيْقِ المَسْجِدِ ـ كَمَا زَعَمَ بَعْضُهُـمْ ـ؛ فَعَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلى المُصَلَّى»([24]).
وَلَمْ يَثْبُتْ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ صَلَّى في مَسْجِدِه ـ مَعَ فَضْلِهِ ـ صَلاَةَ عِيدٍ قَطُّ، فَقَدْ أَخْبَرَ بأَنَّ الصَّلاَةَ في مَسْجِدِهِ تُضَاعَفُ([25])، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الصَّحْرَاءِ، وَهَذَا دَلِيلٌ وَاضِـحٌ عَلَى تَأَكُّدِ أَمْرِ الخُرُوجِ إِلى المُصَلَّى لِصَلاَةِ العِيدَيْنِ.
وَقَدْ أَمَرَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم النِّسَاءَ بالخُرُوجِ إلى العِيدَيْنِ؛ فَعَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بَنَاتِهِ وَنِسَاءَهُ أَنْ يَخْرُجْنَ في العِيدَيْنِ»([26]).
وَلَمْ يَسْتَثْنِ صلى الله عليه وسلم ـ مِنْ هَذَا الأَمْـرِ ـ الحُيَّضَ وَرَبَّاتِ الخُدُورِ؛ فَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَهُنَّ في الفِطْـرِ وَالأَضْحَى العَوَاتِقَ وَالحُيَّضَ وَذَوَاتِ الخُدُورِ؛ فَأَمَّا الحُيَّضُ: فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاَةَ، وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْـوَةَ الـمُسْلِمِينَ»، قُلْتُ: يَـا رَسُولَ اللَّهِ! إِحْدَانَا لاَ يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: «لِتُلْبسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابهَا»([27]).
فَلَمَّا أَنْ شَرَعَ صلى الله عليه وسلم لَهُنَّ الخُرُوجَ شَرَعَ الصَّلاَةَ في البَرَاحِ لإِظْهَارِ شَعِيرَةِ الإِسْلاَمِ.
وَقَدْ حَافَظَ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَدَاءِ العِيدَيْنِ في المُصَلَّى وَوَاظَبَ عَلَـى ذَلِكَ، وَهُوَ صلى الله عليه وسلم لاَ يُحَافِظُ وَلاَ يُوَاظِبُ إِلاَّ عَلَى الأَفْضَلِ([28]).
وَيُسْتَحَبُّ إِخْرَاجُ الصِّبْيَانِ ـ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا ـ إِلى المُصَلَّى؛ فَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَابسٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ([29]).
وَلأَنَّ في إِخْرَاجِهِمْ إِظْهَارًا لِشَعَائِرِ الإِسْلاَمِ، وَاكْتِمَالَ الفَرَحِ المَطْلُوبِ في هَذَا اليَوْمِ، وَلَيْسَ خُرُوجُهُمْ لأَجْلِ الصَّلاَةِ؛ فَالحُيَّضُ أُمِرْنَ بالخُرُوجِ مع أنَّهُنَّ لاَ يُصَلِّينَ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَمِنْ أَحْكَامِ صَلاَةِ العِيدِ أَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا جَاءَ إِلى مُصَلَّى العِيدِ قَبْلَ حُضُورِ الإِمَامِ؛ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ, وَلاَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، لأَنَّ مُصَلَّى العِيدِ لاَ يَأْخُذُ حُكْمَ المَسْجِدِ، فَلاَ تَحِيَّةَ لَهُ.
وَإِنْ أُقِيمَتْ صَلاَةُ العِيدَيْنِ في المَسْجِدِ فَتُصَلَّى ـ حِينَئِذٍ ـ التَّحِيَّةُ عِنْدَ الدُّخُولِ([30]).
وَيُسْتَحَبُّ التَّبْكِيرُ إِلى العِيدِ بَعْدَ صَلاَةِ الصُّبْحِ إِلاَّ الإِمَامَ فَإِنَّهُ يَتَأَخَّرُ إِلى وَقْتِ الصَّلاَةِ، لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ؛ فَعَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ عُبَيْدٍ المُكْتِبِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: «كَانُوا يُصَلُّونَ الصُّبْحَ عَلَيْهِمْ ثِيَابُهُمْ، ثمَّ يَغْدُونَ إِلى المُصَلَّى يَوْمَ الفِطْرِ»([31]).
7ـ التَّكْبِيرُ في العِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ:
يُسْتَحَبُّ لِلْنَّاسِ إِظْهَارُ التَّكْبيرِ في العِيدَيْنِ، وَاخْتُصَّ الفِطْرُ بمَزِيدِ تَأْكِيدٍ لِوُرُودِ النَّصِّ فِيهِ، وَالأَصْلُ فِيهِ: قَوْلُهُ عز وجل: ﴿وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون﴾ [البقرة 185]، فَيُكَبِّرُ المُسْلِمُونَ رَبَّهُمْ في هَذَا العِيدِ، في مَسَاجِدِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ وَطُرُقِهِمْ، مُسَافِرِينَ كَانُوا أَوْ مُقِيمِينَ ـ لِظَاهِرِ الآيَةِ ـ تَعْظِيمًا وَشُكْرًا للهِ، الَّذِي هَدَاهُمْ لِهَذَا الدِّينِ القَوِيمِ، وَبَلَّغَهُمْ هَذَا الشَّهْرَ، وَأَكْمَلَ لَهُمْ العِدَّةَ، وَوَفَّقَهُمْ لأَدَاءِ مَا كَتَبَ عَلَيْهِمْ مِنْ صَوْمِ رَمَضَانَ؛ فَعَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ مِنَ العِيدَيْنِ رَافِعًا صَوْتَهُ بالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ»([32]).
وَالتَّكْبيرُ مُسْتَحَبٌّ لِلنِّسَاءِ كَمَا هُوَ لِلرِّجَالِ؛ فَقَدْ ذَكَرَ البُخَارِيُّ عَـنْ مَيْمُونَةَ ـ زَوْجِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ـ كَانَتْ تُكَبِّرُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَكُنَّ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانَ بنِ عُثْمَـانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيـزِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ في المَسْجِدِ([33]).
وَأَمَّا صِيغَةُ التَّكْبِيرِ، فَقَدْ ثَبَتَ تَشْفِيعُهُ عَنِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه؛ فَعَنْ أَبي الأَحْوَصِ عَـنْ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه: «أَنَّـهُ كَانَ يُكَبِّرُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ: (اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الحَمْدُ)»([34]).
وَيَبْدَأُ التَّكْبِيرُ ـ في الفِطْرِ ـ مِنْ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ يَوْمِ الثَّلاَثِينَ مِنْ رَمَضَانَ، أَوْ رُؤْيَةِ هِلاَلِ شَـوَّالٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَـى: ﴿وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾، وَإِكْمَالُ العِدَّةِ يَكُونُ بغُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ العِيدِ، وَاِنْتِهَاؤُهُ إِلى أَنْ يَخْرُجَ الإِمَامُ؛ فَعَنْ نَافِعٍ عَنِ اِبْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَدَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الفِطْرِ يَجْهَـرُ بالتَّكْبِيرِ حَتَّى يَأْتِيَ المُصَلَّى، ثُمَّ يُكَبِّرُ حَتَّى يَأْتِيَ الإِمَامُ»([35])، فَمُنْذُ ثُبُوتِ العِيدِ إِلى خُرُوجِ الإِمَامِ لِصَلاَةِ العِيدِ وَوَقْتُ النَّاسِ مَعْمُورٌ بالتَّكْبِيرِ تَعْظِيمًا للهِ وَشُكْرًا وَحَمْدًا.
أَمَّا وَقْتُ التَّكْبِيرِ في الأَضْحَى: فَمِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ مِنًى، وَهُوَ الثَّالِثَ عَشَرَ مِنْ ذِي الحِجَّةِ.
وَلَمْ يَثْبُتْ في شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثٌ، وَأَصَحُّ مَا وَرَدَ في هَذَا ـ كَمَا قَالَ الحَافِظُ ـ: قَوْلُ عَلِيٍّ وَاِبْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما: أَنَّهُ مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلى عَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ مِنًى([36])؛ فَعَنْ عَلِيِّ بنِ أَبي طَالِبٍ رضي الله عنه: «أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ بَعْدَ صَلاَةِ الفَجْرِ ـ يَوْمَ عَرَفَةَ ـ إِلى صَلاَةِ العَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَيُكَبِّرُ بَعْدَ العَصْرِ» رَوَاهُ البَيْهَقِي (6497) واِبْنُ أَبي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقَيْنِ (5677 وَ567) أَحَدُهُمَا جَيِّدٌ، وَرَوَى البَيْهَقِيُّ مِثْلَهُ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه (649) ـ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ ـ وَرَوَى الحَاكِمُ عَنْهُ (1114) وَعَنِ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه (1115) مِثْلَهُ([37]).
وَنُنَبِّهُ ـ هُنَا ـ عَلَى أَنَّ أَدَاءَ التَّكْبِيرِ يَكُونُ مِنْ كلِّ وَاحِدٍ عَلَى حَسَبِ حَالِهِ، فَيَذْكُرُ اللهَ عز وجل مِنْ غَيْرِ اِتِّفَاقٍ مَعَ أَحَـدٍ يُكَبِّرُ مَعَهُ، وَأَمَّا التَّكْبيرُ الجَمَاعِيُّ فَمُحْدَثٌ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ سُنَّةِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وَلاَ مِنْ هَدْيِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَالتَّابعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ.
8ـ لاَ سُنَّةَ لِلعِيدِ ـ قَبْلِيَّةً وَلاَ بَعْدِيَّةً ـ في المُصَلَّى:
لَمْ يَثْبُتْ لِصَلاَةِ العِيدَيْـنِ سُنَّةٌ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا، وَلَمْ يَكُنِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وَلاَ أَصْحَابُهُ رضي الله عنهم يُصَلُّونَ شَيْئًا ـ قَبْلَ الصَّلاَةِ وَلاَ بَعْدَهَا ـ إِذَا انْتَهَوْا إِلى المُصَلَّى؛ فَعَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَ أَضْحَى أَوْ فِطْرٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلاَ بَعْدَهُمَا...» الحَدِيث([38]).
وَفي قَوْله: «لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلاَ بَعْدَهُمَا»: دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ شَرْعِيَّةِ النَّافِلَةِ قَبْلَ صَلاَةِ العِيدِ وَلاَ بَعْدَهَـا؛ لأنَّهُ إذْ لَمْ يَفْعَل صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ وَلاَ أَمَرَ بهِ، فَلاَ يَكُونُ مَشْرُوعًا في حَقِّنَا([39]).
وَمِنْ جِهَـةِ المَعْنَى يُقَالُ: إِنَّهُ لَوِ اِشْتَغَلَ بالنَّافِلِةِ قَبْلَ الصَّلاَةِ لاشْتَغَلَ عَنْ عِبَادَةِ الوَقْتِ وَهُوَ التَّكْبِيرُ، وَيَكُونُ بذَلِكَ اِنْتَقَلَ مِنَ الفَاضِلِ إِلَى المَفْضُولِ.
وَمِنْ جِهَـةِ أُخْرَى لاَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ لِلْعِيدِ سُنَّةٌ قَبْلِيَّةٌ؛ لأَنَّ مَا بَيْنَ انْقِضَاءِ صَلاَةِ الفَجْرِ إِلى حِينِ صَلاَةِ العِيدِ وَقْتٌ تَحْرُمُ فِيهِ النَّافِلَةُ.
غَيْرَ أَنَّهُ لاَ مَانِعَ مِنَ الصَّلاَةِ بَعْدَ العِيدِ، سَوَاءٌ لِلإِمَامِ أَوِ المَأْمُومِ ـ إِذَا فُعِلَتْ في البَيْتِ بَعْدَ الانْصِرَافِ مِنَ المُصَلَّى، وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ يُصَلِّي قَبْلَ العِيدِ شَيْئًا؛ فَإِذَا رَجَـعَ إِلى مَنْزِلِهِ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ»([40]).
فَيَكُونُ المُرَادُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما السَّابقِ: «وَلاَ بَعْدَهُمَا» أَيْ: في الـمُصَلَّى، وَهُوَ طَرِيقُ الجَمْعِ بَيْنَ الأَحَادِيثِ النَّافِيَةِ وَالمُثْبِتَةِ لِلتَّنَفُّلِ في العِيدِ.
قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: «وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذَا (أَيْ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه النَّافِي) وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبي سَعِيدٍ: أَنَّ النَّفْيَ إنَّمَا وَقَعَ في الصَّلاَةِ في الـمُصَلَّى»([41])، وَقَالَ الأَلْبَانِيُّ نَحْوَهُ([42]).
9ـ التَّهْنِئَةُ في العِيدِ:
تُشْرَعُ التَّهْنِئَةُ في العِيدِ بقَوْلِ: «تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ».
فَقَدْ أَجَازَهُ جَمْعٌ مِنْ أَهِلِ العِلْمِ، لِوُرُودِهِ عَنِ السَّلَفِ رضي الله عنهم ؛ قَالَ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: «وَرَوَيْنَا في «المَحَامِلِيَّاتِ» ـ بإِسْنَادٍ حَسَنٍ ـ عَنْ جُبَيْرِ بنِ نُفَيْرٍ قَال: «كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اِلْتَقَوْا ـ يَوْمَ العِيدِ ـ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: (تَقَبَّلَ اللهُ مِنَّا وَمِنْكَ)»([43]).
وَقَالَ شَيْـخُ الإِسْلاَمِ ابنُ تَيْمِيَّةَ: «أَمَّا التَّهْنِئَةُ يَوْمَ العِيدِ، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ـ إذَا لَقِيَهُ بَعْدَ صَلاَةِ العِيدِ ـ: (تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ وَأَحَالَهُ اللَّهُ عَلَيْك)، وَنَحْوُ ذَلِكَ؛ فَهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَـهُ، وَرَخَّصَ فِيهِ الأَئِمَّـةُ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ»([44]).
هَذَا، وَأَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى بأَسْمَائِـهِ الحُسْنَى وَصِفَاتِهِ العُلاَ أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنَّا صَلاَتَنَا وَصِيَامَنَا وَقِيَامَنَا، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيـبٌ، وَبالإِجَابَةِ جَدِيرٌ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى مَنْ أَرْسَلَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْنَّاسِ أَجْمَعِينَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبهِ الطَّاهِرِينَ، وَمَنْ تَبعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلى يَوْمِ الدِّينِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
------------------------------------------------
الهوامش:
([1]) اُنْظُرْ: «لِسَانَ العَرَبِ» لاِبْنِ مَنْظُورٍ (3/315)، وَ«مَقَاييسَ اللُّغَةِ» لاِبْنِ فَارِسٍ (4/183)، وَ«تَهْذِيبَ اللُّغَةِ» لِلأَزْهَرِيِّ (3/131).
([2]) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (1136)، وَأَحْمَدُ (13622)، وَالحَاكِمُ (1091)، اُنْظُرْ: «السِّلْسِلَةَ الصَّحِيحَةَ» لِلأَلْبَانِيِّ (2021).
([3]) اُنْظُرْ: «زَادَ المَعَادِ» لاِبْنِ القَيِّمِ (1/212) وَ«فَتَاوَى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ» (الفَتْوَى: 625) وَ«السِّلْسِلَةَ الضَّعِيفَةَ» لِلأَلْبَانِيِّ (521).
([4]) رَوَى البُخَارِيُّ (1889) وَمُسْلِمٌ (1137) وَأَبُو دَاوَد(2416) ـ وَاللَّفْظُ لَهُ ـ عَنْ أَبي عُبَيْدٍ قَالَ: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُمَرَ، فَبَدَأَ بالصَّلاَةِ قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثمُ قَالَ: «إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ اليَوْمَيْنِ، أَمَّا يَوْمُ الأَضْحَى فَتَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمِ نُسُكِكُمْ، وَأَمَّا يَوْمُ الفِطْرِ فَفِطْرُكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ».
([5]) اُنْظُرْ: «فَتَاوَى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ» (الفَتْوَى: 12961).
([6]) اُنْظُرْ: «نَيْلَ الأَوْطَارِ» لِلْشَّوْكَانِيِّ (4/262).
([7]) أَخْرجَهُ البَيْهَقِيُّ في «الكُبْرَى» (5919)، واِبْنُ المُنْذِرِ في «الأَوْسَطِ» (2112) ـ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ ـ اُنْظُرْ: «إِرْوَاءَ الغَلِيلِ» لِلأَلْبَانِيِّ (1/175).
([8]) أَخْرَجَهُ مَالِكٌ في «الْمُوَطَّإِ» (426).
([9]) «المنتقى» للباجي (1/316).
([10]) أَخْرَجَهُ الطَّبَرَاني في «المُعْجَمِ الأَوْسَطِ» (7609)، وَهُوَ في «السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ» لِلأَلْبَانِيِّ (1279).
([11]) اُنْظُرْ: «المُغَنِي» لاِبْنِ قُدَامَةَ (2/298 ـ 311)، وَ«المَجْمُوعَ» لِلْنَّوَوِيِّ (4/320 ـ 344).
([12]) اُنْظُرْ: «حَاشِيَةَ رَدِّ المُحْتَارِ» لاِبْنِ عَابِدِينَ (2/26).
([13]) رَوَى مُسْلِمٌ (1977) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فَإِذَا أُهِلَّ هِلاَلُ ذِي الحِجَّةِ فَلاَ يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ وَ لاَ مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ».
([14]) رَوَاهُ أَحْمَدُ (9645)، وَأَبُو دَاوُدَ (565) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه وَهُوَ في «صَحِيحِ الجَامِع» لِلأَلْبَانِيِّ (7457).
([15]) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (910).
([16]) اُنْظُرْ: «الشَّرْحَ المُمْتِعَ» لاِبْنِ عُثَيْمِينَ (2/295).
([17]) اُنْظُرْ: «فَتْحَ البَارِي» لاِبْنِ حَجَرٍ (03/ 374).
([18]) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ (542) وَابْنُ مَاجَه (1756) وَأَحْمَدُ (23042 ـ 22984)، وَالحَدِيثُ في «صَحِيحِ الجَامِعِ» لِلأَلْبَانِيِّ (4845).
(19) انْظُرْ: «مِرْعَاةَ المَفَاتِيحِ شَرْحَ مِشْكَاةِ المَصَابِيحِ» لِلْمُبَارْكَفُورِيِّ (5/45).
([20]) أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه (1295) ـ وَهُوَ حَسَنٌ ـ، اُنْظُرْ: «إِرْوَاءَ الغَلِيلِ» لِلأَلْبَانِيِّ (636).
([21]) اُنْظُرْ: «شَرْحَ البُخَارِيِّ» لاِبْنِ بَطَّالٍ (4/181).
([22]) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (943).
([23]) اُنْظُرْ: «كَشْفَ المُشْكِلِ مِنْ حَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ» لاِبْنِ الجَوْزِيِّ (1/71)، وَ«فَتْحَ البَارِي» لاِبْنِ حَجَرٍ (3/416)، وَ«زَادَ المَعَـادِ» لاِبْنِ القَيِّمِ (1/449)، وَ«الشَّرْحَ المُمْتِعَ» لاِبْنِ عُثَيْمِينَ (5/132).
([24]) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (913) وَمُسْلِمٌ (889).
([25]) أَخْرَجَ البُخَارِيُّ (1133) وَمُسْلِمٌ (1394) عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَلاَةٌ في مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِـوَاهُ إلاَّ المَسْجِدَ الْحَرَامَ».
([26]) رَوَاهُ أَحْمَدُ في «المُسْنَدِ» (2054)، وَهُوَ في «السِّلْسِلَةِ الصَّحِيحَةِ» لِلأَلْبَانِيِّ (2115).
([27]) أَخْرَجَهُ البُخَاريُّ (351) ومُسْلِمٌ (890)، وَاللَّفْظُ لَهُ.
([28]) اُنْظُرْ: «سُبُلَ السَّلاَمِ» لِلْصَّنْعَانِيِّ (2/492)، وَ«فَتْحَ البَارِي» لاِبْنِ حَجَرٍ (3/37)، وَ«المَدْخَلَ» لاِبْنِ الحَاجِّ (2/43).
([29]) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (975)، وَبَوَّبَ لَهُ بِقَوْلِه: «بَابُ خُرُوجِ الصِّبْيَانِ إِلى المُصَلَّى»، قَالَ اِبْنُ حَجَرٍ ـ مُعَلِّقًا ـ: «أَيْ: في الأَعْيَادِ، وَإِنْ لَمْ يُصَلُّوا».
([30]) اُنْظُرْ: «حَاشِيَةَ رَدِّ المُحْتَارِ» لاِبْنِ عَابِدِينَ (1/657) وَ«فَتَاوَى اللَّجْنَةِ الدَّائِمَةِ» (الفَتْوَى: 12515)، وَهُوَ مَذْهَبُ البُخَارِيِّ، اُنْظُرْ: «فَتْحَ البَارِي» لاِبْنِ حَجَرٍ (12/130).
([31]) اُنْظُرْ: «المُصَنَّفَ» لِعَبْدِ الرَّزَّاقِ (3/309)، الأثر (5755).
([32]) أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ في «شُعَبِ الإِيمَانِ» (3441) ـ وَهُوَ حَسَنٌ ـ، اُنْظُرْ: «صَحِيحَ الجَامِعِ الصَّغِيرِ» لِلأَلْبَانِيِّ (4934).
([33]) ذَكَرَهُ البُخَارِيُّ ـ تَعْلِيقًا ـ بصِيغَةِ الجَزْمِ (2/534).
([34]) أَخْرَجَهُ ابْنُ أبي شَيْبَةَ في «المُصَنَّفِ» (5697) ـ وَهُوَ صَحِيحٌ ـ، اُنْظُرْ: «إِرْوَاءَ الغَلِيلِ» لِلأَلْبَانِيِّ (3/125).
([35]) أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (180) ـ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ ـ، اُنْظُرْ: «إِرْوَاءَ الغَلِيلِ» لِلأَلْبَانِيِّ (650).
([36]) اُنْظُرْ: «فَتْحَ البَارِي» لاِبْنِ حَجَرٍ (2/536).
([37]) اُنْظُرْ: «إِرْوَاءَ الغَلِيلِ» لِلأَلْبَانِيِّ (3/125).
([38]) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ (989) وَمُسْلِمٌ (884) ـ وَاللَّفْظُ لَهُ ـ وَأَبُو دَاوُدَ (1159) وَالتِّرْمِذِيُّ (537) وَأَحْمَدُ (3153).
([39]) اُنْظُرْ: «سُبُلَ السَّلاَمِ» لِلْصَّنْعَانِيِّ (02/476).
([40]) أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَه (1293) ـ وَهُوَ حَسَنٌ ـ، اُنْظُرْ: «إِرْوَاءَ الغَلِيلِ» لِلأَلْبَانِيِّ (03/100).
([41]) «التَّلْخِيصُ الحَبِيرُ» (02/275).
([42]) قَالَ الأَلْبَانِيُّ في «إِرْوَاءِ الغَلِيلِ» (03/100): «وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَ هَذَا الحَدِيثِ (أَيْ: حَدِيثِ أَبي سَعِيدٍ رضي الله عنه المُثْبِتِ) وَبَيْنَ الأَحَادِيثِ المُتَقَدِّمَةِ النَّافِيَةِ لِلْصَّلاَةِ بَعْدَ العِيدِ: بأَنَّ النَّفْيَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى الصَّلاَةِ في المُصَلَّى، وَاللهُ أَعْلَمُ».
([43]) «فَتْحُ البَارِي» (2/446).
([44]) «مَجْمُوعُ الفَتَاوَى» (24/253).