من رواسب الشيعة العبيديين في بلاد المغرب
الحلقة الثانية: عوائد ومواسم
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله و صحبه ومن والاه واتبع هداه أمّا بعد:
فإنّ أهل السنة ببلاد المغرب رغم استعمال العبيديين لسلطان السيف ولغة الترهيب لإرضاخهم وحملهم على مذهبهم الرديء إلاّ أنّ ذلك لم يزدهم
إلا صلابة وتمسكا بعقيدتهم فلفظوا الرفض ورفضوا أصحابه فهم بذلك روافض للروافض. غيرأنّ طول عهد هذه الدولة بالمغرب ترتب عنه ترسب كثير
من آثارها في النّاس فتوارثوها أبا عن جد وكذلك تفعل البدعة إذا عشعشت في بلد زمنا.
هذا وإنّي كنت قد تناولت في الحلقة الأولى من هذه السلسلة -بشيء من الإسهاب- بعض العبارات الدّارجة على ألسنة النّاس اليوم والتي تفوح بالطّعن
الصّراح في أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، مع بيان فساد أقيسة واضعيها وبطلانها.
أمّا في هذه الحلقة فقد أحببت أن أتقصّى بعض العادات والمواسم المتفشية في بلادنا ممّا ترسّب عن فترة حكم العبيديين والغرض تحذير المسلمين من تتبع سنن
أعدائهم من الروافض الذين لا يألون جهدا في نشر دينهم الباطل وبث سمومهم وترويج مذهبهم في بلاد السنّة بشتى الأساليب الماكرة ومنها عزفهم الدائم
على وتر رسوخ التشيع والولاء لأهل البيت عند أهل المغرب فلنكن على ذُكْرٍ من هذا.
فصل
أسماء بمسحة رافضية
ممّا تفشى في بلادنا بكثرة ظاهرة تفطن لها أهل العلم منذ فترة ونبّهوا إليها وهي ما تتعلّق بالتسمّي بأسماء تحمل في طياتها مسحة من غلو التشيع.
• ففي أسماء الرجال: سيد أحمد و سيد علي، فقد عمد الشيعة إلى زيادة لفظة سيد في اسمي أحمد وعلي وتخصيصهما بها دون غيرهما من الأسماء، وراج هذا على كثير من النّاس إلى يومنا ولم يتفطنّوا له فأين سيد أبوبكر و سيد عمر و سيد عثمان ؟؟ وهؤلاء الأخيار أفضل من علي وأولى منه كما هي عقيدة أهل السنة.
• أمّا عند النّساء: فيلاحظ تخصيص اسمي خديجة وفاطمة في كثير من المناطق بلفظة لالاّ تعظيما وتوقيرا دون غيرهما من الأسماء فلا تجد لالاّ عائشة أو لالاّ حفصة، بل ولا حتّى لالاّ مريم سيدة نساء العالمين.
فهي إذا أسماء أربعة من أهل البيت خصصت بهذه المزية وهذا دليل على طوية تشيع فيها، ونظير هذه المسألة ما يقوله جلّ النّاس بل حتى العلماء عند ذكر علي رضي الله عنه وهي عبارة "كرّم الله وجهه" ولا دليل على هذا التخصيص ،قال الحافظ ابن كثير رحمه الله "قَدْ غَلَبَ هَذَا فِي عِبَارَةِ كَثِيرٍ مِنَ النُّسَّاخِ لِلْكُتُبِ أن ينفرد عَلَيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنْ يُقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ دُونِ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَوْ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ صَحِيحًا، لكن ينبغي أن يسوي بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّعْظِيمِ وَالتَّكْرِيمِ، فَالشَّيْخَانِ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ"[التفسير (432/6 )].
وقد سئل شيخ الإسلام عبد العزيز ابن باز رحمه الله عن هذا فأجاب: "لا ينبغي تخصيص علي رضي الله عنه بهذا اللفظ بل المشروع أن يقال في حقه وحق غيره من الصحابة (رضي الله عنه) أو رحمهم الله لعدم الدليل على تخصيصه بذلك، وهكذا قول بعضهم كرم الله وجهه فإن ذلك لا دليل عليه ولا وجه لتخصيصه بذلك، والأفضل أن يعامل كغيره من الخلفاء الراشدين ولا يخص بشيء دونهم من الألفاظ التي لا دليل عليها" [مجموع الفتاوى 6 /399].
والأعجب من ذلك أنّه مع ندرة التسمي بأسماء الصحابة في بلادنا خصوصا اسمي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فإن النّاس قد حرفوهما -إلاّ من رحم ربك - فينادى من اسمه أبو بكر بـ بوكَر والآخر بـ عُمار وهذا لا يبعد أن يكون من تصرف القوم أمّا عن عثمان ومعاوية فلا تسل فلا تكاد تجد من تسمّى بهما إلاّ نادرا فعلينا معاشر المسلمين أن ننشر هذه الأسماء ونتسمّى بها على أوسع نطاق.
فصل
إقامة المآتم وصناعة الطعام
ممّا عمّت به البلوى في بلادنا أنّ النّاس إذا مات ميّتهم وفرغوا من دفنه أخذوا أهبتهم وعمدوا إلى عادة قبيحة توارثوها جيلا عن جيل وسول لهم الشيطان ذلك وزين لهم صنيعهم ووجدوا من أشباه العلماء ممّن لم يرح رائحة العلم والسنة من يعينهم في ضلالهم ويسوغ صنيعهم بلي أعناق النصوص فإذا جليت عوار مذهبهم بادروك بشنشنتهم المعهودة لقد استقر عليها العمل منذ قرون متطاولة وإنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مقتدون وهوما يتعلق بصنع الطعام ودعوة الناس إليه وإقامة المآتم في خمس مناسبات محدثة في الليلة الأولى والثالثة والسابعة وفي الليلة الأربعين وكذا بعد مرور سنة من وفاة ميتهم حيث يلتقي فيها أهله وذووه وأصحابه ويصنعون فيها الطّعام ويدعون النّاس إليه وهي بدعة شنيعة -ما أنزل الله بها من سلطان- قال شيخ الإسلام "فأما اتخاذ المآتم في المصائب واتخاذ أوقاتها مآتمَ فليس من دين الإسلام، وهو أمر لم يفعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا أحد من السابقين الأولين ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا من عادة أهل البيت ولا غيرهم. وقد شَهِدَ مقتلَ عليٍّ أهلُ بيته، وشهدَ مقتلَ الحسين من شهدَه من أهل بيته، وقد مرَّتْ على ذلك سنون كثيرة وهم متمسكون بسنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لا يُحدِثون مأتمًا ولا نياحةً، بل يصبرون ويسترجعون كما أمر الله ورسولُه، أو يفعلون مالا بأسَ به من الحزن والبكاء عند قرب المصيبة. [جامع المسائل لابن تيمية (93/3) ].
وممّا يفعله النّاس في هذا المقام كذلك أنهم يستأجرون ثلة من حفظة كتاب الله ممّن يتأكلون بالقرآن ويشترون به ثمنا قليلا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعا، فيقوم هولاء بإحياء بعض طقوس الصوفية وهو ما يسمّى بالحضرة فتهيج النّساء حين تذكر الميت بلطم الخدود وشق للجيوب وكثرة النواح والعويل وهذا الأمر من أخص طباع الروافض التي تميزوا بها عن سائر الطوائف ، قال شيخ الإسلام :" كَذَلِكَ إِقَامَةُ الْمَآتِمِ وَالنَّوَائِحِ، وَلَطْمُ الْخُدُودِ، وَشَقُّ الْجُيُوبِ، وَفَرْشُ الرَّمَادِ، وَتَعْلِيقُ الْمُسُوحِ، وَأَكْلُ الْمَالِحِ حَتَّى يَعْطَشَ، وَلَا يَشْرَبُ مَاءً، تَشَبُّهًا بِمَنْ ظُلِم وَقُتِلَ، وَإِقَامَةُ مَأْتَمٍ بَعْدَ خَمْسِمِائَةٍ أَوْ سِتِّمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ قَتْلِهِ، لَا يُعْرَفُ لِغَيْرِهِمْ مِنْ طَوَائِفِ الْأُمَّةِ [منهاج السنة (177/5) ].
فهذه البدعة من سنن الروافض التي تلقاها عنهم الصوفية في بلادنا وصيّروها من دين الله وهو منها براء، ذلك أنّها توافق أهواءهم في التأكل بالقرآن وإقامة السماعات والرقص وغيرها من الضلالات التي تنتشر في معاقلهم ولا تجد لها ولله الحمد وقعا في المناطق التي تنتشر فيها السنّة.
فصل
الاحتفال بالمولد النبوي
لسنا بصدد بيان بدعية هذا الأمر فقد كتب في ذلك أهل العلم قديما وحديثا ما يروي الغليل ويشفي العليل، أمّا المتعصب فلا يقتنع وإن أتيته بألف دليل.
لكن غرضنا تسليط الضوء على الجذور الرافضية لهذه المحدثات فقد ذكر غير واحد من نقلة الأخبار أن حاكم العبيديين المعز لدين الله ألزم النّاس أيام دولته وبالضبط سنة (362هـ) بإحياء كثير من المواسم والأعياد، منها ستة أعياد ميلاد وهي المولد النبوي ومولد علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسن وكذا عيد ميلاد الخليفة مضاهاة للنصارى، فالاحتفال بالمولد النبوي منشؤه هذه الدولة الرافضية. [المواعظ والاعتبار» للمقريزي (1/432)]
ولقد كان أهل المغرب على مذهب الإمام مالك عليه رحمة الله في الفروع والأصول وكان أئمة المالكية من أشد النّاس إنكارا لهذه البدع والمحدثات، لكن كما قال الإمام أبو زرعة "ما أسرع النّاس إلى البدع" فقد فشت فيهم هذه البدعة وانتشرت بينهم انتشار النّار في الهشيم بسبب الصوفية التي تلقتها عن الروافض وأحيتها بين المسلمين أيام الملك المظفر بالعراق بعدما تّم تعطيلها فترة من الزمن.
وفي هذا المعنى يقول الشيخ فركوس حفظه الله "وإنَّما مصدر الحدث الفاطميُّون الروافض أوّلاً، ثُمَّ تَلَقَّتْهُ عنهم الصوفية مشاكلة، فاتخذوا المولدَ النبويَّ عِيدًا دينيًّا، فأبدعوا في الاحتفال به بدعًا محدثة بدعوى محبَّة النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -زعموا- من إيقاد الشموع وإشعال الأضواء وتنوير البيوت والمساجد والأضرحة بها، مع تهييج الوضع بالمفرقعات بشتَّى ألوانها وأنواعها على وجه المرح واللعب، والإسراف في نفقات الزينة وتبذير الأموال لإقامة الحفلات وإطعام الطعام" [حكم الاحتفال بمولد خير الأنام(26)]
فالمتدبر في هذه البدع وغيرها يلحظ الامتداد الشيعي الذي جعل من المتصوفة قنطرة لنشر مذهب الرفض في بلاد السنّة فقبّح الله الراكب والمركوب.
فصل
مواسم أخر
رأس السنة
هذا وإنّ من الأعياد التي ابتدعها العبيديون، الاحتفال برأس السنة تقليدا لمن نهينا عن التشبه بهم ذلك أن أصول مذهبهم تلتقي مع أقوال اليهود والنّصارى في كثير من الحيثيات، فتجد النّاس إذا أهلّ هلال المحرّم بادروا للاحتفال بدخول العام الجديد بإظهار السرور والتوسعة على الأهل وتحضير أطعمة خاصة بهذا اليوم في صورة لا تمّت إلى دين الله بصلة.
السطارة
ومن الظواهر التي ورثها النّاس من هذه الفترة ما كان يقام إلى عهد قريب في بعض مناطق الوطن - ولعلّه آل إلى الزوال لكن لا بأس بذكره فقد يحييه بعض الجهلة تعظيما لتراث آباءهم - وهوما يسمّى بالسْطَارَهْ وهو أن تعمد النساء يوم عاشوراء إلى كيّ ظهور الغلمان وبطونهم بإستعمال أعواد توقد على الجمر تخليدا لهذه الذكرى فإن لم تكن هذه العادة القبيحة من رواسب الروافض فلا ندري ما الرفض وما التطبير؟ فإنّ من أعظم مواسمهم وأقدس طقوسهم الحسينيات التي يقيمونها يوم عاشوراء يبكون فيها الحسين وآل بيته –زعموا- بلطم الخدود وشق الجيوب والصراخ ولعن خيار هذه الأمّة ولا ندري لم يبكون وينوحون ألأنّهم خانوه فتذكروا غدرهم وخيانتهم أم لاستشهاده رضي الله عنه وأرضاه؟.
خاتمة
إذا تقرر ما سقناه في بيان لمسة الروافض في كثير من العادات التي لازلنا نعيشها إلى يوم النّاس هذا، فقمن بنا أن نقف في وجه هذه الآثار وقفة حازمة ، فلا يعقل البتة ترك مثل هذه الرواسب مورثة مبثوثة يتداولها النّاس بلا نكير فإننّا إذا لم نبادر لإزالتها ومحوها من أذهانهم نكون قد مهدنا للروافض الطريق لتحقيق مشروعهم الطّامح لاسترجاع أمجادهم الغابرة في بلاد المغرب -كما زعموا- لكن لن يتأتى لهم ذلك بإذن الله تعالى، ولن تكون لهم قائمة في بلاد المغرب مادامت قلوب أهله تنبض بحبّ أبي بكر وعمر وبنتيهما ومعاوية وسائر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
الحلقة الثانية: عوائد ومواسم
مقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله و صحبه ومن والاه واتبع هداه أمّا بعد:
فإنّ أهل السنة ببلاد المغرب رغم استعمال العبيديين لسلطان السيف ولغة الترهيب لإرضاخهم وحملهم على مذهبهم الرديء إلاّ أنّ ذلك لم يزدهم
إلا صلابة وتمسكا بعقيدتهم فلفظوا الرفض ورفضوا أصحابه فهم بذلك روافض للروافض. غيرأنّ طول عهد هذه الدولة بالمغرب ترتب عنه ترسب كثير
من آثارها في النّاس فتوارثوها أبا عن جد وكذلك تفعل البدعة إذا عشعشت في بلد زمنا.
هذا وإنّي كنت قد تناولت في الحلقة الأولى من هذه السلسلة -بشيء من الإسهاب- بعض العبارات الدّارجة على ألسنة النّاس اليوم والتي تفوح بالطّعن
الصّراح في أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها، مع بيان فساد أقيسة واضعيها وبطلانها.
أمّا في هذه الحلقة فقد أحببت أن أتقصّى بعض العادات والمواسم المتفشية في بلادنا ممّا ترسّب عن فترة حكم العبيديين والغرض تحذير المسلمين من تتبع سنن
أعدائهم من الروافض الذين لا يألون جهدا في نشر دينهم الباطل وبث سمومهم وترويج مذهبهم في بلاد السنّة بشتى الأساليب الماكرة ومنها عزفهم الدائم
على وتر رسوخ التشيع والولاء لأهل البيت عند أهل المغرب فلنكن على ذُكْرٍ من هذا.
فصل
أسماء بمسحة رافضية
ممّا تفشى في بلادنا بكثرة ظاهرة تفطن لها أهل العلم منذ فترة ونبّهوا إليها وهي ما تتعلّق بالتسمّي بأسماء تحمل في طياتها مسحة من غلو التشيع.
• ففي أسماء الرجال: سيد أحمد و سيد علي، فقد عمد الشيعة إلى زيادة لفظة سيد في اسمي أحمد وعلي وتخصيصهما بها دون غيرهما من الأسماء، وراج هذا على كثير من النّاس إلى يومنا ولم يتفطنّوا له فأين سيد أبوبكر و سيد عمر و سيد عثمان ؟؟ وهؤلاء الأخيار أفضل من علي وأولى منه كما هي عقيدة أهل السنة.
• أمّا عند النّساء: فيلاحظ تخصيص اسمي خديجة وفاطمة في كثير من المناطق بلفظة لالاّ تعظيما وتوقيرا دون غيرهما من الأسماء فلا تجد لالاّ عائشة أو لالاّ حفصة، بل ولا حتّى لالاّ مريم سيدة نساء العالمين.
فهي إذا أسماء أربعة من أهل البيت خصصت بهذه المزية وهذا دليل على طوية تشيع فيها، ونظير هذه المسألة ما يقوله جلّ النّاس بل حتى العلماء عند ذكر علي رضي الله عنه وهي عبارة "كرّم الله وجهه" ولا دليل على هذا التخصيص ،قال الحافظ ابن كثير رحمه الله "قَدْ غَلَبَ هَذَا فِي عِبَارَةِ كَثِيرٍ مِنَ النُّسَّاخِ لِلْكُتُبِ أن ينفرد عَلَيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَنْ يُقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ دُونِ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَوْ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ صَحِيحًا، لكن ينبغي أن يسوي بَيْنَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّعْظِيمِ وَالتَّكْرِيمِ، فَالشَّيْخَانِ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ"[التفسير (432/6 )].
وقد سئل شيخ الإسلام عبد العزيز ابن باز رحمه الله عن هذا فأجاب: "لا ينبغي تخصيص علي رضي الله عنه بهذا اللفظ بل المشروع أن يقال في حقه وحق غيره من الصحابة (رضي الله عنه) أو رحمهم الله لعدم الدليل على تخصيصه بذلك، وهكذا قول بعضهم كرم الله وجهه فإن ذلك لا دليل عليه ولا وجه لتخصيصه بذلك، والأفضل أن يعامل كغيره من الخلفاء الراشدين ولا يخص بشيء دونهم من الألفاظ التي لا دليل عليها" [مجموع الفتاوى 6 /399].
والأعجب من ذلك أنّه مع ندرة التسمي بأسماء الصحابة في بلادنا خصوصا اسمي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فإن النّاس قد حرفوهما -إلاّ من رحم ربك - فينادى من اسمه أبو بكر بـ بوكَر والآخر بـ عُمار وهذا لا يبعد أن يكون من تصرف القوم أمّا عن عثمان ومعاوية فلا تسل فلا تكاد تجد من تسمّى بهما إلاّ نادرا فعلينا معاشر المسلمين أن ننشر هذه الأسماء ونتسمّى بها على أوسع نطاق.
فصل
إقامة المآتم وصناعة الطعام
ممّا عمّت به البلوى في بلادنا أنّ النّاس إذا مات ميّتهم وفرغوا من دفنه أخذوا أهبتهم وعمدوا إلى عادة قبيحة توارثوها جيلا عن جيل وسول لهم الشيطان ذلك وزين لهم صنيعهم ووجدوا من أشباه العلماء ممّن لم يرح رائحة العلم والسنة من يعينهم في ضلالهم ويسوغ صنيعهم بلي أعناق النصوص فإذا جليت عوار مذهبهم بادروك بشنشنتهم المعهودة لقد استقر عليها العمل منذ قرون متطاولة وإنّا وجدنا آباءنا على أمّة وإنّا على آثارهم مقتدون وهوما يتعلق بصنع الطعام ودعوة الناس إليه وإقامة المآتم في خمس مناسبات محدثة في الليلة الأولى والثالثة والسابعة وفي الليلة الأربعين وكذا بعد مرور سنة من وفاة ميتهم حيث يلتقي فيها أهله وذووه وأصحابه ويصنعون فيها الطّعام ويدعون النّاس إليه وهي بدعة شنيعة -ما أنزل الله بها من سلطان- قال شيخ الإسلام "فأما اتخاذ المآتم في المصائب واتخاذ أوقاتها مآتمَ فليس من دين الإسلام، وهو أمر لم يفعله رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا أحد من السابقين الأولين ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا من عادة أهل البيت ولا غيرهم. وقد شَهِدَ مقتلَ عليٍّ أهلُ بيته، وشهدَ مقتلَ الحسين من شهدَه من أهل بيته، وقد مرَّتْ على ذلك سنون كثيرة وهم متمسكون بسنة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لا يُحدِثون مأتمًا ولا نياحةً، بل يصبرون ويسترجعون كما أمر الله ورسولُه، أو يفعلون مالا بأسَ به من الحزن والبكاء عند قرب المصيبة. [جامع المسائل لابن تيمية (93/3) ].
وممّا يفعله النّاس في هذا المقام كذلك أنهم يستأجرون ثلة من حفظة كتاب الله ممّن يتأكلون بالقرآن ويشترون به ثمنا قليلا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعا، فيقوم هولاء بإحياء بعض طقوس الصوفية وهو ما يسمّى بالحضرة فتهيج النّساء حين تذكر الميت بلطم الخدود وشق للجيوب وكثرة النواح والعويل وهذا الأمر من أخص طباع الروافض التي تميزوا بها عن سائر الطوائف ، قال شيخ الإسلام :" كَذَلِكَ إِقَامَةُ الْمَآتِمِ وَالنَّوَائِحِ، وَلَطْمُ الْخُدُودِ، وَشَقُّ الْجُيُوبِ، وَفَرْشُ الرَّمَادِ، وَتَعْلِيقُ الْمُسُوحِ، وَأَكْلُ الْمَالِحِ حَتَّى يَعْطَشَ، وَلَا يَشْرَبُ مَاءً، تَشَبُّهًا بِمَنْ ظُلِم وَقُتِلَ، وَإِقَامَةُ مَأْتَمٍ بَعْدَ خَمْسِمِائَةٍ أَوْ سِتِّمِائَةِ سَنَةٍ مِنْ قَتْلِهِ، لَا يُعْرَفُ لِغَيْرِهِمْ مِنْ طَوَائِفِ الْأُمَّةِ [منهاج السنة (177/5) ].
فهذه البدعة من سنن الروافض التي تلقاها عنهم الصوفية في بلادنا وصيّروها من دين الله وهو منها براء، ذلك أنّها توافق أهواءهم في التأكل بالقرآن وإقامة السماعات والرقص وغيرها من الضلالات التي تنتشر في معاقلهم ولا تجد لها ولله الحمد وقعا في المناطق التي تنتشر فيها السنّة.
فصل
الاحتفال بالمولد النبوي
لسنا بصدد بيان بدعية هذا الأمر فقد كتب في ذلك أهل العلم قديما وحديثا ما يروي الغليل ويشفي العليل، أمّا المتعصب فلا يقتنع وإن أتيته بألف دليل.
لكن غرضنا تسليط الضوء على الجذور الرافضية لهذه المحدثات فقد ذكر غير واحد من نقلة الأخبار أن حاكم العبيديين المعز لدين الله ألزم النّاس أيام دولته وبالضبط سنة (362هـ) بإحياء كثير من المواسم والأعياد، منها ستة أعياد ميلاد وهي المولد النبوي ومولد علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسن وكذا عيد ميلاد الخليفة مضاهاة للنصارى، فالاحتفال بالمولد النبوي منشؤه هذه الدولة الرافضية. [المواعظ والاعتبار» للمقريزي (1/432)]
ولقد كان أهل المغرب على مذهب الإمام مالك عليه رحمة الله في الفروع والأصول وكان أئمة المالكية من أشد النّاس إنكارا لهذه البدع والمحدثات، لكن كما قال الإمام أبو زرعة "ما أسرع النّاس إلى البدع" فقد فشت فيهم هذه البدعة وانتشرت بينهم انتشار النّار في الهشيم بسبب الصوفية التي تلقتها عن الروافض وأحيتها بين المسلمين أيام الملك المظفر بالعراق بعدما تّم تعطيلها فترة من الزمن.
وفي هذا المعنى يقول الشيخ فركوس حفظه الله "وإنَّما مصدر الحدث الفاطميُّون الروافض أوّلاً، ثُمَّ تَلَقَّتْهُ عنهم الصوفية مشاكلة، فاتخذوا المولدَ النبويَّ عِيدًا دينيًّا، فأبدعوا في الاحتفال به بدعًا محدثة بدعوى محبَّة النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم -زعموا- من إيقاد الشموع وإشعال الأضواء وتنوير البيوت والمساجد والأضرحة بها، مع تهييج الوضع بالمفرقعات بشتَّى ألوانها وأنواعها على وجه المرح واللعب، والإسراف في نفقات الزينة وتبذير الأموال لإقامة الحفلات وإطعام الطعام" [حكم الاحتفال بمولد خير الأنام(26)]
فالمتدبر في هذه البدع وغيرها يلحظ الامتداد الشيعي الذي جعل من المتصوفة قنطرة لنشر مذهب الرفض في بلاد السنّة فقبّح الله الراكب والمركوب.
فصل
مواسم أخر
رأس السنة
هذا وإنّ من الأعياد التي ابتدعها العبيديون، الاحتفال برأس السنة تقليدا لمن نهينا عن التشبه بهم ذلك أن أصول مذهبهم تلتقي مع أقوال اليهود والنّصارى في كثير من الحيثيات، فتجد النّاس إذا أهلّ هلال المحرّم بادروا للاحتفال بدخول العام الجديد بإظهار السرور والتوسعة على الأهل وتحضير أطعمة خاصة بهذا اليوم في صورة لا تمّت إلى دين الله بصلة.
السطارة
ومن الظواهر التي ورثها النّاس من هذه الفترة ما كان يقام إلى عهد قريب في بعض مناطق الوطن - ولعلّه آل إلى الزوال لكن لا بأس بذكره فقد يحييه بعض الجهلة تعظيما لتراث آباءهم - وهوما يسمّى بالسْطَارَهْ وهو أن تعمد النساء يوم عاشوراء إلى كيّ ظهور الغلمان وبطونهم بإستعمال أعواد توقد على الجمر تخليدا لهذه الذكرى فإن لم تكن هذه العادة القبيحة من رواسب الروافض فلا ندري ما الرفض وما التطبير؟ فإنّ من أعظم مواسمهم وأقدس طقوسهم الحسينيات التي يقيمونها يوم عاشوراء يبكون فيها الحسين وآل بيته –زعموا- بلطم الخدود وشق الجيوب والصراخ ولعن خيار هذه الأمّة ولا ندري لم يبكون وينوحون ألأنّهم خانوه فتذكروا غدرهم وخيانتهم أم لاستشهاده رضي الله عنه وأرضاه؟.
خاتمة
إذا تقرر ما سقناه في بيان لمسة الروافض في كثير من العادات التي لازلنا نعيشها إلى يوم النّاس هذا، فقمن بنا أن نقف في وجه هذه الآثار وقفة حازمة ، فلا يعقل البتة ترك مثل هذه الرواسب مورثة مبثوثة يتداولها النّاس بلا نكير فإننّا إذا لم نبادر لإزالتها ومحوها من أذهانهم نكون قد مهدنا للروافض الطريق لتحقيق مشروعهم الطّامح لاسترجاع أمجادهم الغابرة في بلاد المغرب -كما زعموا- لكن لن يتأتى لهم ذلك بإذن الله تعالى، ولن تكون لهم قائمة في بلاد المغرب مادامت قلوب أهله تنبض بحبّ أبي بكر وعمر وبنتيهما ومعاوية وسائر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.