{هِشام}
:: عضو مُتميز ::
كثيرا ما أدخل متجرا أو مطعما فأقول: "هات كذا وكذا إذا بغيت" من باب المزاح.
أو على مائدة الطعام : " مدّ لي المغرف إذا بغيت"
وقصدي من وراء "إذا بغيت" واضح، فهو أحد ثلاثة أشياء:
1/ قد يكون في ذلك مشقّة على المطلوب منه.
2/ قد لا أكون محتاجا فعلا إلى ما طلبت.
3/ قد أكون قادرا على تحقيق ما طلبت دون مساعدة من طلبت منه.
~
هذا في معاملة الإنسان للإنسان، أمّا في معاملة العبد لربّه فتلك الأسباب الثلاثة كلها باطلة
1/ فأنت لن تشقّ على الله سبحانه وتعالى، ولن تكرهه على أن يعطيك ما لا يريد وما لم يقدّر.
2/ وأنت لا ينبغي إذا دعوت إلاّ أن تكون محتاجا حقا لما تدعو إليه، وأن تعزم في دعائك ذاك،
فعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة ..."
رواه البخاري (6338) ، ومسلم (2678) .
3/ وأنت لن تكون قادرًا على تحقيق ما تطلبه من الله من دون الله سبحانه، فمشيئة العبد رهن بمشيئة الله
(وسنفصّل في هذا في موضوع آخر إن شاء الله).
~
إذن، طالما انتفت أسباب "إذا بغيت" الثلاثة كلها في طلب العبد من ربّه، فلا ينبغي قولها في الطلب (الدعاء)
و"إذا بغيت" هذه هي ذاتها "إن شئت / إن شاء الله"
وفي هذا أحاديث كثيرة نذكر منها:
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلْيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ، وَلَا يَقُولَنَّ: اللَّهُمَّ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِي،
فَإِنَّهُ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ ". رواه البخاري (6338) ، ومسلم (2678) .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ،
لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ لَا مُكْرِهَ لَهُ. رواه البخاري (6339) ، ومسلم (2679) .
وفي لفظ لمسلم :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِذَا دَعَا أَحَدُكُمْ فَلَا يَقُلْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، وَلَكِنْ لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ، وَلْيُعَظِّمْ الرَّغْبَةَ؛ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ أَعْطَاهُ.
~
قد يقول قائلٌ، لماذا إذن جاء عن ابن عباس (رضي الله عنهما) أنّ النبي (صلى الله عليه وسلم) دخل على أعرابي يعوده،
قال: وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) إذا دخل على مريض يعوده قال: "لا بأس طهور إن شاء الله " (3616)
وفي سنن أبي داود عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: ذهب الظمأ وابتلت العروق،
وثبت الأجر إن شاء الله. وصححه الحاكم.
نقول طهور، وثبت الأجر دعاءان بصيغة الخبر، فلا بدّ أن يعلّقا بالمشيئة.
فإن قلتَ مثلا : رحم الله أبي كان نعم الرجل .. أنت هنا تدعو له بالرحمة (رحم الله أو يرحم الله صيغة طلب) فلا تقول إن شاء الله.
أما إن قلتَ: أبي المرحوم كان نعمَ الرجل. فأنتَ هنا "تُُخبِرُ" أنّه مرحوم (المرحوم صيغة خبر لا طلب) وهذا من الغيب الّذي لا تعلمه،
أمرحوم هو حقّا أم غير مرحوم. لذا وجب أن تعلّق إخبارك عن الغيب بالمشيئة، فتقول أبي المرحوم إن شاء الله كان نعم الرجل.
هذا، والله أعلم
و