- إنضم
- 24 ديسمبر 2011
- المشاركات
- 24,768
- نقاط التفاعل
- 28,263
- النقاط
- 976
- محل الإقامة
- فار إلى الله
- الجنس
- ذكر
1- الإمامة والسياسة المنسوب لابن قتيبة: من الكتب التي شوهت تاريخ صدر الإسلام كتاب الإمامة والسياسة المنسوب لابن قتيبة، ولقد ساق الدكتور عبد الله عسيلان في كتابه الإمامة والسياسة في ميزان التحقيق العلمي مجموعة من الأدلة تبرهن على أن الكتاب المذكور منسوب إلى الإمام ابن قتيبة كذبًا وزورًا، ومن هذه الأدلة:
• إن الذين ترجموا لابن قتيبة لم يذكر واحد منهم أنه ألف كتابًا في التاريخ يُدعى ( الإمامة والسياسة )، ولا نعرف من مؤلفاته التاريخية إلا كتاب المعارف.
• إن المتصفح للكتاب يشعر بأن ابن قتيبة أقام في دمشق والمغرب، في حين أنه لم يخرج من بغداد إلا إلى الدينور.
•إن المنهج والأسلوب الذي سار عليه المؤلف في الإمامة والسياسة يختلف تمامًا عن منهج وأسلوب ابن قتيبة في كتبه التي بين أيدينا،؛ فابن قتيبة يقدم لمؤلفاته بمقدمات طويلة يبين فيها منهجه والغرض من مؤلفه، وعلى خلاف ذلك يسير صاحب الإمامة والسياسة؛ فمقدمته قصيرة جدًّا لا تزيد على ثلاثة أسطر، هذا إلى جانب الاختلاف في الأسلوب، ومثل هذا النهج لم نعهده في مؤلفات ابن قتيبة.
• يروي مؤلف الكتاب عن ابن أبي ليلى بشكل يشعر بالتلقي عنه، وابن أبي ليلى هذا هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه: قاضي الكوفة، توفي سنة 148هـ، والمعروف أن ابن قتيبة لم يولد إلا سنة 213هـ، أي بعد وفاة ابن أبي ليلى بخمسة وستين عامًا.
• إن الرواة والشيوخ الذين يروى عنهم ابن قتيبة عادةً في كتبه لم يرد لهم ذكر في أي موضع من مواضع الكتاب.
• إن قسمًا كبيرًا من رواياته جاءت بصيغة التمريض، فكثيرًا ما يجيء فيه: ذكروا عن بعض المصريين، وذكروا عن محمد بن سليمان عن مشايخ أهل مصر، وحدثنا بعض مشايخ المغرب، وذكروا عن بعض المشيخة، وحدثنا بعض المشيخة، ومثل هذه التراكيب بعيدة كل البعد عن أسلوب وعبارات ابن قتيبة، ولم ترد في كتاب من كتبه.
• إن مؤلف الإمامة والسياسة يروي عن اثنين من كبار علماء مصر، وابن قتيبة لم يدخل مصر ولا أخذ عن هذين العالميْن[1].
• ابن قتيبة يحتل منزلة عالية لدى العلماء فهو عندهم من أهل السنة، وثقة في علمه ودينه، يقول السلفي: كان ابن قتيبة من الثقات وأهل السنة. ويقول عنه ابن حزم: كان ثقة في دينه وعلمه. وتبعه في ذلك الخطيب البغدادي، ويقول عنه ابن تيمية: وإن ابن قتيبة من المنتسبين إلى أحمد وإسحاق، والمنتصرين لمذاهب السنة المشهورة[2]. ورجل هذه منزلته لدى رجال العلم المحققين، هل من المعقول أن يكون مؤلف كتاب الإمامة والسياسة الذي شوَّه التاريخ، وألصق بالصحابة الكرام ما ليس فيهم؟![3].
مؤلف الإمامة والسياسة رافضي خبيث:
يقول الدكتور علي نفيع العلياني في كتابه (عقيدة الإمام ابن قتيبة) عن كتاب الإمامة والسياسة: وبعد قراءتي لكتاب الإمامة والسياسة قراءة فاحصة ترجح عندي أن مؤلف الإمامة والسياسة رافضيٌّ خبيث، أراد إدماج هذا الكتاب في كتب ابن قتيبة؛ نظرًا لكثرتها، ونظرًا لكونه معروفًا عند الناس بانتصاره لأهل الحديث، وقد يكون من رافضة المغرب، فإن ابن قتيبة له سمعة حسنة في المغرب[4]، ومما يرجِّح أن مؤلف الإمامة والسياسة من الروافض ما يلي:
(1) إن مؤلف الإمامة والسياسة ذكر على لسان علي أنه قال للمهاجرين: الله الله يا معشر المهاجرين، لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم، ولا تدفعوا أهله مقامه في الناس وحقه، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به لأنَّا أهل البيت، ونحن أحق بهذا الأمر منكم.. والله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله[5]. ولا أحد يرى أن الخلافة وراثية لأهل البيت إلا الشيعة.
(2) إن مؤلف الإمامة والسياسة قدح في صحابة رسول الله قدحًا عظيمًا، فصوَّر ابن عمر جبانًا، وسعد بن أبي وقاص حسودًا، وذكر محمد بن مسلمة غضب على عليّ بن أبي طالب لأنه قتل مرحبًا اليهوديَّ بخيبر، وأن عائشة رضي الله عنها أمرت بقتل عثمان[6]. والقدح في الصحابة من أظهر خصائص الرافضة، وإن شاركهم الخوارج، إلا أن الخوارج لا يقدحون في عموم الصحابة[7].
(3) إن مؤلف الإمامة والسياسة يذكر أن المختار بن أبي عبيد قُتل من قبل مصعب بن الزبير لكونه دعا إلى آل رسول الله، ولم يذكر خرافاته وادعاءه الوحي[8]. والرافضة هم الذين يحبون المختار بن أبي عبيد لكونه انتقم من قتلة الحسين، مع العلم أن ابن قتيبة رحمه الله ذكر المختار من الخارجين على السلطان، وبيَّن أنه كان يدعي أن جبريل يأتيه[9].
(4) إن مؤلف الإمامة والسياسة كتب عن خلافة الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان خمسًا وعشرين صفحة فقط، وكتب عن الفتنة التي وقعت بين الصحابة مائتي صفحة، فقام المؤلف باختصار التاريخ الناصع المشرق وسوّد الصحائف بتاريخ زائف لم يثبت منه إلا القليل، وهذه من أخلاق الروافض المعهودة، نعوذ بالله من الضلال والخذلان.
(5) يقول السيد محمود شكري الألوسي في مختصره للتحفة الاثنا عشرية: ومن مكايدهم -يعني الرافضة- أنهم ينظرون في أسماء الرجال المعتبرين عند أهل السنة، فمن وجدوه موافقًا لأحد منهم في الاسم واللقب أسندوا رواية حديث ذلك الشيعي إليه، فمن لا وقوف له من أهل السنة يعتقد أنه إمام من أئمتهم فيعتبر بقوله ويعتدّ بروايته،؛ كالسدي فإنهما رجلان أحدهما السدي الكبير والسدي الصغير، فالكبير من ثقات أهل السنة، والصغير من الوضّاعين الكذابين وهو رافضي غالٍ، وعبد الله بن قتيبة رافضي غال وعبد الله بن مسلم بن قتيبة من ثقات أهل السنة، وقد صنف كتابًا سماه بالمعارف، فصنف ذلك الرافضي كتابًا سماه بالمعارف أيضًا قصدًا للإضلال[10]. وهذا مما يرجح أن كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة الرافضي وليس لابن قتيبة السني الثقة، وإنما خلط الناس بينهما لتشابه الأسماء[11]، والله أعلم.
2- نهج البلاغة: ومن الكتب التي ساهمت في تشويه تاريخ الصحابة بالباطل كتاب نهج البلاغة؛ فهذا الكتاب مطعون في سنده ومتنه، فقد جمع بعد أمير المؤمنين بثلاثة قرون ونصف قرن بلا سند، وقد نسبت الشيعة تأليف نهج البلاغة إلى الشريف الرضيّ، وهو غير مقبول عند المحدثين لو أسند خصوصًا فيما يوافق بدعته، فكيف إذا لم يسند كما فُعل في النهج؟! وأما المتهم -عند المحدثين- فهو أخوه عليّ[12]، فقد تحدث العلماء فيه فقالوا:
• قال ابن خلكان في ترجمة الشريف المرتضى: وقد اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام الإمام علي بن أبي طالب هل جَمَعَهُ أم جَمْعُ أخيه الرضي؟ وقد قيل: إنه ليس من كلام علي، وإنما الذي جمعه ونسبه إليه هو الذي وضعه، والله أعلم[13].
• وقال الذهبي: من طالع نهج البلاغة جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي؛ ففيه السب الصراح، والحط على السيدين أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما، وفيه من التناقض والأشياء الركيكة والعبارات التي من له معرفة بنفس القرشيين الصحابة وبنفس غيرهم ممن بعدهم من المتأخرين، جزم بأن أكثره باطل[14].
• وقال ابن تيمية: وأهل العلم يعلمون أن أكثر خطب هذا الكتاب مفتراة على عليٍّ، ولهذا لا يوجد غالبها في كتاب متقدم ولا لها إسناد معروف[15].
• وأما ابن حجر، فيتهم الشريف المرتضى بوضعه، ويقول: ومن طالعه جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي.. وأكثره باطل[16].
• واستنادًا إلى هذه الأخبار وغيرها تناول عدد من الباحثين هذا الموضوع، فقالوا بعدم صحة نسبة هذا الكتاب إلى الإمام علي [17].
ملاحظات العلماء على نهج البلاغة:
نهج البلاغة ويمكن تلخيص أهم ما لاحظه القدامى والمحدثون على \\\"نهج البلاغة\\\" للتشكيك بصحة نسبته للإمام علي بما يلي:
(1) خلوه من الأسانيد التوثيقية التي تعزز نسبة الكلام إلى صاحبه؛ متنًا ورواية وسندًا.
(2) كثرة الخطب وطولها،؛ لأن هذه الكثرة وهذا التطويل مما يتعذر حفظه وضبطه قبل عصر التدوين، مع أن خطب الرسول لم تصل إلينا سالمة وكاملة، مع ما أتيح لها من العناية الشديدة والاهتمام.
(3) رصد العديد من الأقوال والخطب في مصادر وثيقة منسوبة لغير علي، وصاحب النهج يثبتها له.
(4) اشتمال هذا الكتاب على أقوال تتناول الخلفاء الراشدين قبله بما لا يليق به ولا يهم، وتنافي ما عُرف عنه من توقيره لهم، ومن أمثلة ذلك ما جاء بخطبته المعروفة بـ\\\"الشقشقية\\\" التي يظهر فيها حرصه الشديد على الخلافة، رغم ما شُهر عنه من التقشف والزهد.
(5) شيوع السجع فيه؛ إذ رأى عدد من الأدباء أن هذه الكثرة لا تتفق مع البعد عن التكلف الذي عرف به عصر الإمام علي، مع أن السجع العفويّ الجميل لم يكن بعيدًا عن روحه ومبناه.
(6) الكلام المنمق الذي تظهر فيه الصناعة الأدبية التي هي من وشي العصر العباسي وزخرفه، ما نجده في وصف الطاووس والخفاش، والنحل والنمل، والزرع والسحاب، وأمثالها.
(7) الصيغ الفلسفية الكلامية التي وردت في ثناياه، والتي لم تُعرف عند المسلمين إلا في القرن الثالث الهجري، حين ترجمت الكتب اليونانية والفارسية والهندية، وهي أشبه ما تكون بكلام المناطقة والمتكلمين منه بكلام الصحابة والراشدين[18].
إن هذا الكتاب يجب الحذر منه في الحديث عن الصحابة وما وقع بينهم وبين أمير المؤمنين علي، وتعرض نصوصه على الكتاب والسنة، فما وافق الكتاب والسنة فلا مانع من الاستئناس به، وما خالف فلا يلتفت إليه.
3- كتاب الأغاني للأصفهاني: يعتبر كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني كتاب أدب وسمر وغناء، وليس كتاب علم وتاريخ وفقه، وله طنين ورنين في آذان أهل الأدب والتاريخ، فليس معنى ذلك أن يُسكت عما ورد فيه من الشعوبيَّة والدس، والكذب الفاضح والطعن والمعايب. وقد قام الشاعر العراقي والأستاذ الكريم وليد الأعظمي بتأليف كتابه القيِّم الذي سماه \\\"السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني\\\"، فقد شمر –جزاه الله خيرًا- عن ساعد الجد، ليميز الهزل من الجد، والسم من الشهد، ويكشف ما احتواه الكتاب من الأكاذيب ونيران الشعوبية والحقد، وهي تغلي في الصدور كغلي القدور، وأخذ يرد على ترهات الأصفهاني فيما جمعه من أخبار وحكايات مكذوبة وغير موثقة تسيء إلى آل البيت النبوي الشريف، وتجرح سيرتهم، وتشوه سلوكهم. كما تناول مزاعم الأصفهاني تجاه معاوية بن أبي سفيان والخلفاء الراشدين الأمويين بما هو مكذوب ومدسوس عليهم من الروايات. وتناول الأستاذ الكريم والشاعر الإسلامي القدير وليد الأعظمي في كتابه القيِّم الحكايات المتفرقة التي تضمنها الكتاب، والتي تطعن في العقيدة الإسلامية والدين الإسلامي، وتفضِّل الجاهلية على الإسلام، وغيرها من الأباطيل[19].
رأي القدامى في الأصفهاني:
ولقد تحدث العلماء فيه قديمًا:
• قال الخطيب البغدادي: كان أبو الفرج الأصفهاني أكذب الناس، كان يشتري شيئًا كثيرًا من الصحف، ثم تكون كل روايته منها[20].
• قال ابن الجوزي: ومثله لا يوثق بروايته، يصح في كتبه بما يوجب عليه الفسق، ويهون شرب الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه، ومن تأمل كتاب الأغاني، رأى كل قبيح ومنكر[21].
• قال الذهبي: رأيت شيخنا تقي الدين بن تيمية يضعِّفه، ويتهمه في نقله، ويستهول ما يأتي به[22].
4- تاريخ اليعقوبي (ت 290هـ): هو أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح العباسي من أهل بغداد، مؤرخ شيعي إمامي كان يعمل في كتابة الدواوين في الدولة العباسية حتى لقب بالكاتب العباسي، وقد عرض اليعقوبي تاريخ الدولة الإسلامية من وجهة نظر الشيعة الإمامية، فهو لا يعترف بالخلافة إلا لعلي بن أبي طالب وأبنائه حسب تسلسل الأئمة عند الشيعة، ويسمي عليًّا بالوصي، وعندما أرَّخ لخلافة أبي بكر وعمر وعثمان لم يضف عليهم لقب الخلافة وإنما قال: تولى الأمر فلان، ثم لم يترك واحدًا منهم دون أن يطعن فيه، وكذلك كبار الصحابة، فقد ذكر عن عائشة -رضي الله عنها- أخبارًا[23] سيئة، وكذلك عن خالد بن الوليد[24]، وعمرو بن العاص[25]، ومعاوية بن أبي سفيان[26]، وعرض خبر السقيفة عرضًا مشينًا[27] ادَّعى فيه أنه قد حصلت مؤامرة على سلب الخلافة من علي بن أبي طالب الذي هو الوصيّ في نظره، وطريقته في سياق الاتهامات الباطلة هي طريقة قومه من أهل التشيع والرفض، وهي إما اختلاق الخبر بالكلية[28]، أو التزيد في الخبر[29]، والإضافة عليه، أو عرضه في غير سياقه ومحله حتى ينحرف معناه. ومن الملاحظ أنه عندما ذكر الخلفاء الأمويين وصفهم بالملوك، وعندما ذكر خلفاء بني العباس وصفهم بالخلفاء، كما وصف دولتهم في كتابه البلدان باسم الدولة المباركة[30]؛ مما يعكس نفاقه وتستره وراء شعار التقية.
مرجع للمستشرقين:
وهذا الكتاب يمثل الانحراف والتشويه الحاصل في كتابة التاريخ الإسلامي، وهو مرجع لكثير من المستشرقين والمستغربين الذين طعنوا في التاريخ الإسلامي وسيرة رجاله، مع أنه لا قيمة له من الناحية العلميَّة؛ إذ يغلب على القسم الأول القصص والأساطير والخرافات، والقسم الثاني كُتب من زاوية نظر حزبية، كما أنه يفتقد من الناحية المنهجية لأبسط قواعد التوثيق العلمي[31].
5- كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي (ت 345هـ): هو أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي، من ولد عبد الله بن مسعود [32]، وقيل: إنه كان رجلاً من أهل المغرب[33]، ولكن يرد عليه بأن المسعودي صرح بنفسه أنه من أهل العراق، وأنه انتقل إلى ديار مصر للسكن فيها[34]، وإن قصد ببلاد المغرب عكس المشرق فمصر من بلاد المغرب الإسلامي فلا إشكال[35].
المسعودي شيعي:
والمسعودي رجل شيعي، فقد قال فيه ابن حجر: كتبه طافحة بأنه كان شيعيًّا معتزليًّا[36]، وقد ذكر أن الوصية جارية من عهد آدم تنقل من قرن إلى قرن حتى رسولنا، ثم أشار إلى اختلاف الناس بعد ذلك في النص والاختيار، فقد رأى الشيعة الإمامية الذين يقولون بالنص[37]، وقد أولى الأحداث المتعلقة بعلي بن أبي طالب في كتابه مروج الذهب اهتمامًا كبيرًا أكثر من اهتمامه بحياة رسول الله في الكتاب المذكور[38]، وركز اهتمامه بالبيت العلوي وتتبع أخبارهم بشكل واضح في كتابه مروج الذهب[39]، وعمل بدون حياء ولا خجل على تشويه تاريخ صدر الإسلام.
كلمة أخيرة:
هذه بعض الكتب القديمة التي نحذر منها، والتي كان لها أثر في كتابات بعض المعاصرين، كطه حسين (الفتنة الكبرى.. علي وبنوه)، والعقاد في العبقريات، فقد تورطا في الروايات الموضوعة والضعيفة وقامت تحليلاتهما عليها، وبالتالي لم يحالفهما الصواب، ووقعا في أخطاء شنيعة في حق الصحابة. وكذلك عبد الوهاب النجار في كتابه \\\"الخلفاء الراشدون\\\"، حيث نقل نصوصًا من روايات الرافضة من كتاب \\\"الإمامة والسياسة\\\". وحسن إبراهيم حسن في كتابه \\\"عمرو بن العاص\\\"، حيث قرر من خلال الروايات الرافضية الموضوعة بأن عمرو بن العاص رجل مصالح ومطامع، ولا يدخل في شيء من الأمور إلا إذا رأى فيه مصلحة ومنفعة له في الدنيا[40]. وغير ذلك من الباحثين الذين ساروا على نفس المنوال، فدخلوا في الأنفاق المظلمة بسبب بُعدهم عن منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع الركام الهائل من الروايات التاريخية.
• إن الذين ترجموا لابن قتيبة لم يذكر واحد منهم أنه ألف كتابًا في التاريخ يُدعى ( الإمامة والسياسة )، ولا نعرف من مؤلفاته التاريخية إلا كتاب المعارف.
• إن المتصفح للكتاب يشعر بأن ابن قتيبة أقام في دمشق والمغرب، في حين أنه لم يخرج من بغداد إلا إلى الدينور.
•إن المنهج والأسلوب الذي سار عليه المؤلف في الإمامة والسياسة يختلف تمامًا عن منهج وأسلوب ابن قتيبة في كتبه التي بين أيدينا،؛ فابن قتيبة يقدم لمؤلفاته بمقدمات طويلة يبين فيها منهجه والغرض من مؤلفه، وعلى خلاف ذلك يسير صاحب الإمامة والسياسة؛ فمقدمته قصيرة جدًّا لا تزيد على ثلاثة أسطر، هذا إلى جانب الاختلاف في الأسلوب، ومثل هذا النهج لم نعهده في مؤلفات ابن قتيبة.
• يروي مؤلف الكتاب عن ابن أبي ليلى بشكل يشعر بالتلقي عنه، وابن أبي ليلى هذا هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الفقيه: قاضي الكوفة، توفي سنة 148هـ، والمعروف أن ابن قتيبة لم يولد إلا سنة 213هـ، أي بعد وفاة ابن أبي ليلى بخمسة وستين عامًا.
• إن الرواة والشيوخ الذين يروى عنهم ابن قتيبة عادةً في كتبه لم يرد لهم ذكر في أي موضع من مواضع الكتاب.
• إن قسمًا كبيرًا من رواياته جاءت بصيغة التمريض، فكثيرًا ما يجيء فيه: ذكروا عن بعض المصريين، وذكروا عن محمد بن سليمان عن مشايخ أهل مصر، وحدثنا بعض مشايخ المغرب، وذكروا عن بعض المشيخة، وحدثنا بعض المشيخة، ومثل هذه التراكيب بعيدة كل البعد عن أسلوب وعبارات ابن قتيبة، ولم ترد في كتاب من كتبه.
• إن مؤلف الإمامة والسياسة يروي عن اثنين من كبار علماء مصر، وابن قتيبة لم يدخل مصر ولا أخذ عن هذين العالميْن[1].
• ابن قتيبة يحتل منزلة عالية لدى العلماء فهو عندهم من أهل السنة، وثقة في علمه ودينه، يقول السلفي: كان ابن قتيبة من الثقات وأهل السنة. ويقول عنه ابن حزم: كان ثقة في دينه وعلمه. وتبعه في ذلك الخطيب البغدادي، ويقول عنه ابن تيمية: وإن ابن قتيبة من المنتسبين إلى أحمد وإسحاق، والمنتصرين لمذاهب السنة المشهورة[2]. ورجل هذه منزلته لدى رجال العلم المحققين، هل من المعقول أن يكون مؤلف كتاب الإمامة والسياسة الذي شوَّه التاريخ، وألصق بالصحابة الكرام ما ليس فيهم؟![3].
مؤلف الإمامة والسياسة رافضي خبيث:
يقول الدكتور علي نفيع العلياني في كتابه (عقيدة الإمام ابن قتيبة) عن كتاب الإمامة والسياسة: وبعد قراءتي لكتاب الإمامة والسياسة قراءة فاحصة ترجح عندي أن مؤلف الإمامة والسياسة رافضيٌّ خبيث، أراد إدماج هذا الكتاب في كتب ابن قتيبة؛ نظرًا لكثرتها، ونظرًا لكونه معروفًا عند الناس بانتصاره لأهل الحديث، وقد يكون من رافضة المغرب، فإن ابن قتيبة له سمعة حسنة في المغرب[4]، ومما يرجِّح أن مؤلف الإمامة والسياسة من الروافض ما يلي:
(1) إن مؤلف الإمامة والسياسة ذكر على لسان علي أنه قال للمهاجرين: الله الله يا معشر المهاجرين، لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره وقعر بيته إلى دوركم وقعر بيوتكم، ولا تدفعوا أهله مقامه في الناس وحقه، فوالله يا معشر المهاجرين لنحن أحق الناس به لأنَّا أهل البيت، ونحن أحق بهذا الأمر منكم.. والله إنه لفينا فلا تتبعوا الهوى فتضلوا عن سبيل الله[5]. ولا أحد يرى أن الخلافة وراثية لأهل البيت إلا الشيعة.
(2) إن مؤلف الإمامة والسياسة قدح في صحابة رسول الله قدحًا عظيمًا، فصوَّر ابن عمر جبانًا، وسعد بن أبي وقاص حسودًا، وذكر محمد بن مسلمة غضب على عليّ بن أبي طالب لأنه قتل مرحبًا اليهوديَّ بخيبر، وأن عائشة رضي الله عنها أمرت بقتل عثمان[6]. والقدح في الصحابة من أظهر خصائص الرافضة، وإن شاركهم الخوارج، إلا أن الخوارج لا يقدحون في عموم الصحابة[7].
(3) إن مؤلف الإمامة والسياسة يذكر أن المختار بن أبي عبيد قُتل من قبل مصعب بن الزبير لكونه دعا إلى آل رسول الله، ولم يذكر خرافاته وادعاءه الوحي[8]. والرافضة هم الذين يحبون المختار بن أبي عبيد لكونه انتقم من قتلة الحسين، مع العلم أن ابن قتيبة رحمه الله ذكر المختار من الخارجين على السلطان، وبيَّن أنه كان يدعي أن جبريل يأتيه[9].
(4) إن مؤلف الإمامة والسياسة كتب عن خلافة الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان خمسًا وعشرين صفحة فقط، وكتب عن الفتنة التي وقعت بين الصحابة مائتي صفحة، فقام المؤلف باختصار التاريخ الناصع المشرق وسوّد الصحائف بتاريخ زائف لم يثبت منه إلا القليل، وهذه من أخلاق الروافض المعهودة، نعوذ بالله من الضلال والخذلان.
(5) يقول السيد محمود شكري الألوسي في مختصره للتحفة الاثنا عشرية: ومن مكايدهم -يعني الرافضة- أنهم ينظرون في أسماء الرجال المعتبرين عند أهل السنة، فمن وجدوه موافقًا لأحد منهم في الاسم واللقب أسندوا رواية حديث ذلك الشيعي إليه، فمن لا وقوف له من أهل السنة يعتقد أنه إمام من أئمتهم فيعتبر بقوله ويعتدّ بروايته،؛ كالسدي فإنهما رجلان أحدهما السدي الكبير والسدي الصغير، فالكبير من ثقات أهل السنة، والصغير من الوضّاعين الكذابين وهو رافضي غالٍ، وعبد الله بن قتيبة رافضي غال وعبد الله بن مسلم بن قتيبة من ثقات أهل السنة، وقد صنف كتابًا سماه بالمعارف، فصنف ذلك الرافضي كتابًا سماه بالمعارف أيضًا قصدًا للإضلال[10]. وهذا مما يرجح أن كتاب الإمامة والسياسة لابن قتيبة الرافضي وليس لابن قتيبة السني الثقة، وإنما خلط الناس بينهما لتشابه الأسماء[11]، والله أعلم.
2- نهج البلاغة: ومن الكتب التي ساهمت في تشويه تاريخ الصحابة بالباطل كتاب نهج البلاغة؛ فهذا الكتاب مطعون في سنده ومتنه، فقد جمع بعد أمير المؤمنين بثلاثة قرون ونصف قرن بلا سند، وقد نسبت الشيعة تأليف نهج البلاغة إلى الشريف الرضيّ، وهو غير مقبول عند المحدثين لو أسند خصوصًا فيما يوافق بدعته، فكيف إذا لم يسند كما فُعل في النهج؟! وأما المتهم -عند المحدثين- فهو أخوه عليّ[12]، فقد تحدث العلماء فيه فقالوا:
• قال ابن خلكان في ترجمة الشريف المرتضى: وقد اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام الإمام علي بن أبي طالب هل جَمَعَهُ أم جَمْعُ أخيه الرضي؟ وقد قيل: إنه ليس من كلام علي، وإنما الذي جمعه ونسبه إليه هو الذي وضعه، والله أعلم[13].
• وقال الذهبي: من طالع نهج البلاغة جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي؛ ففيه السب الصراح، والحط على السيدين أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما، وفيه من التناقض والأشياء الركيكة والعبارات التي من له معرفة بنفس القرشيين الصحابة وبنفس غيرهم ممن بعدهم من المتأخرين، جزم بأن أكثره باطل[14].
• وقال ابن تيمية: وأهل العلم يعلمون أن أكثر خطب هذا الكتاب مفتراة على عليٍّ، ولهذا لا يوجد غالبها في كتاب متقدم ولا لها إسناد معروف[15].
• وأما ابن حجر، فيتهم الشريف المرتضى بوضعه، ويقول: ومن طالعه جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي.. وأكثره باطل[16].
• واستنادًا إلى هذه الأخبار وغيرها تناول عدد من الباحثين هذا الموضوع، فقالوا بعدم صحة نسبة هذا الكتاب إلى الإمام علي [17].
ملاحظات العلماء على نهج البلاغة:
نهج البلاغة ويمكن تلخيص أهم ما لاحظه القدامى والمحدثون على \\\"نهج البلاغة\\\" للتشكيك بصحة نسبته للإمام علي بما يلي:
(1) خلوه من الأسانيد التوثيقية التي تعزز نسبة الكلام إلى صاحبه؛ متنًا ورواية وسندًا.
(2) كثرة الخطب وطولها،؛ لأن هذه الكثرة وهذا التطويل مما يتعذر حفظه وضبطه قبل عصر التدوين، مع أن خطب الرسول لم تصل إلينا سالمة وكاملة، مع ما أتيح لها من العناية الشديدة والاهتمام.
(3) رصد العديد من الأقوال والخطب في مصادر وثيقة منسوبة لغير علي، وصاحب النهج يثبتها له.
(4) اشتمال هذا الكتاب على أقوال تتناول الخلفاء الراشدين قبله بما لا يليق به ولا يهم، وتنافي ما عُرف عنه من توقيره لهم، ومن أمثلة ذلك ما جاء بخطبته المعروفة بـ\\\"الشقشقية\\\" التي يظهر فيها حرصه الشديد على الخلافة، رغم ما شُهر عنه من التقشف والزهد.
(5) شيوع السجع فيه؛ إذ رأى عدد من الأدباء أن هذه الكثرة لا تتفق مع البعد عن التكلف الذي عرف به عصر الإمام علي، مع أن السجع العفويّ الجميل لم يكن بعيدًا عن روحه ومبناه.
(6) الكلام المنمق الذي تظهر فيه الصناعة الأدبية التي هي من وشي العصر العباسي وزخرفه، ما نجده في وصف الطاووس والخفاش، والنحل والنمل، والزرع والسحاب، وأمثالها.
(7) الصيغ الفلسفية الكلامية التي وردت في ثناياه، والتي لم تُعرف عند المسلمين إلا في القرن الثالث الهجري، حين ترجمت الكتب اليونانية والفارسية والهندية، وهي أشبه ما تكون بكلام المناطقة والمتكلمين منه بكلام الصحابة والراشدين[18].
إن هذا الكتاب يجب الحذر منه في الحديث عن الصحابة وما وقع بينهم وبين أمير المؤمنين علي، وتعرض نصوصه على الكتاب والسنة، فما وافق الكتاب والسنة فلا مانع من الاستئناس به، وما خالف فلا يلتفت إليه.
3- كتاب الأغاني للأصفهاني: يعتبر كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني كتاب أدب وسمر وغناء، وليس كتاب علم وتاريخ وفقه، وله طنين ورنين في آذان أهل الأدب والتاريخ، فليس معنى ذلك أن يُسكت عما ورد فيه من الشعوبيَّة والدس، والكذب الفاضح والطعن والمعايب. وقد قام الشاعر العراقي والأستاذ الكريم وليد الأعظمي بتأليف كتابه القيِّم الذي سماه \\\"السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني\\\"، فقد شمر –جزاه الله خيرًا- عن ساعد الجد، ليميز الهزل من الجد، والسم من الشهد، ويكشف ما احتواه الكتاب من الأكاذيب ونيران الشعوبية والحقد، وهي تغلي في الصدور كغلي القدور، وأخذ يرد على ترهات الأصفهاني فيما جمعه من أخبار وحكايات مكذوبة وغير موثقة تسيء إلى آل البيت النبوي الشريف، وتجرح سيرتهم، وتشوه سلوكهم. كما تناول مزاعم الأصفهاني تجاه معاوية بن أبي سفيان والخلفاء الراشدين الأمويين بما هو مكذوب ومدسوس عليهم من الروايات. وتناول الأستاذ الكريم والشاعر الإسلامي القدير وليد الأعظمي في كتابه القيِّم الحكايات المتفرقة التي تضمنها الكتاب، والتي تطعن في العقيدة الإسلامية والدين الإسلامي، وتفضِّل الجاهلية على الإسلام، وغيرها من الأباطيل[19].
رأي القدامى في الأصفهاني:
ولقد تحدث العلماء فيه قديمًا:
• قال الخطيب البغدادي: كان أبو الفرج الأصفهاني أكذب الناس، كان يشتري شيئًا كثيرًا من الصحف، ثم تكون كل روايته منها[20].
• قال ابن الجوزي: ومثله لا يوثق بروايته، يصح في كتبه بما يوجب عليه الفسق، ويهون شرب الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسه، ومن تأمل كتاب الأغاني، رأى كل قبيح ومنكر[21].
• قال الذهبي: رأيت شيخنا تقي الدين بن تيمية يضعِّفه، ويتهمه في نقله، ويستهول ما يأتي به[22].
4- تاريخ اليعقوبي (ت 290هـ): هو أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح العباسي من أهل بغداد، مؤرخ شيعي إمامي كان يعمل في كتابة الدواوين في الدولة العباسية حتى لقب بالكاتب العباسي، وقد عرض اليعقوبي تاريخ الدولة الإسلامية من وجهة نظر الشيعة الإمامية، فهو لا يعترف بالخلافة إلا لعلي بن أبي طالب وأبنائه حسب تسلسل الأئمة عند الشيعة، ويسمي عليًّا بالوصي، وعندما أرَّخ لخلافة أبي بكر وعمر وعثمان لم يضف عليهم لقب الخلافة وإنما قال: تولى الأمر فلان، ثم لم يترك واحدًا منهم دون أن يطعن فيه، وكذلك كبار الصحابة، فقد ذكر عن عائشة -رضي الله عنها- أخبارًا[23] سيئة، وكذلك عن خالد بن الوليد[24]، وعمرو بن العاص[25]، ومعاوية بن أبي سفيان[26]، وعرض خبر السقيفة عرضًا مشينًا[27] ادَّعى فيه أنه قد حصلت مؤامرة على سلب الخلافة من علي بن أبي طالب الذي هو الوصيّ في نظره، وطريقته في سياق الاتهامات الباطلة هي طريقة قومه من أهل التشيع والرفض، وهي إما اختلاق الخبر بالكلية[28]، أو التزيد في الخبر[29]، والإضافة عليه، أو عرضه في غير سياقه ومحله حتى ينحرف معناه. ومن الملاحظ أنه عندما ذكر الخلفاء الأمويين وصفهم بالملوك، وعندما ذكر خلفاء بني العباس وصفهم بالخلفاء، كما وصف دولتهم في كتابه البلدان باسم الدولة المباركة[30]؛ مما يعكس نفاقه وتستره وراء شعار التقية.
مرجع للمستشرقين:
وهذا الكتاب يمثل الانحراف والتشويه الحاصل في كتابة التاريخ الإسلامي، وهو مرجع لكثير من المستشرقين والمستغربين الذين طعنوا في التاريخ الإسلامي وسيرة رجاله، مع أنه لا قيمة له من الناحية العلميَّة؛ إذ يغلب على القسم الأول القصص والأساطير والخرافات، والقسم الثاني كُتب من زاوية نظر حزبية، كما أنه يفتقد من الناحية المنهجية لأبسط قواعد التوثيق العلمي[31].
5- كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي (ت 345هـ): هو أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي، من ولد عبد الله بن مسعود [32]، وقيل: إنه كان رجلاً من أهل المغرب[33]، ولكن يرد عليه بأن المسعودي صرح بنفسه أنه من أهل العراق، وأنه انتقل إلى ديار مصر للسكن فيها[34]، وإن قصد ببلاد المغرب عكس المشرق فمصر من بلاد المغرب الإسلامي فلا إشكال[35].
المسعودي شيعي:
والمسعودي رجل شيعي، فقد قال فيه ابن حجر: كتبه طافحة بأنه كان شيعيًّا معتزليًّا[36]، وقد ذكر أن الوصية جارية من عهد آدم تنقل من قرن إلى قرن حتى رسولنا، ثم أشار إلى اختلاف الناس بعد ذلك في النص والاختيار، فقد رأى الشيعة الإمامية الذين يقولون بالنص[37]، وقد أولى الأحداث المتعلقة بعلي بن أبي طالب في كتابه مروج الذهب اهتمامًا كبيرًا أكثر من اهتمامه بحياة رسول الله في الكتاب المذكور[38]، وركز اهتمامه بالبيت العلوي وتتبع أخبارهم بشكل واضح في كتابه مروج الذهب[39]، وعمل بدون حياء ولا خجل على تشويه تاريخ صدر الإسلام.
كلمة أخيرة:
هذه بعض الكتب القديمة التي نحذر منها، والتي كان لها أثر في كتابات بعض المعاصرين، كطه حسين (الفتنة الكبرى.. علي وبنوه)، والعقاد في العبقريات، فقد تورطا في الروايات الموضوعة والضعيفة وقامت تحليلاتهما عليها، وبالتالي لم يحالفهما الصواب، ووقعا في أخطاء شنيعة في حق الصحابة. وكذلك عبد الوهاب النجار في كتابه \\\"الخلفاء الراشدون\\\"، حيث نقل نصوصًا من روايات الرافضة من كتاب \\\"الإمامة والسياسة\\\". وحسن إبراهيم حسن في كتابه \\\"عمرو بن العاص\\\"، حيث قرر من خلال الروايات الرافضية الموضوعة بأن عمرو بن العاص رجل مصالح ومطامع، ولا يدخل في شيء من الأمور إلا إذا رأى فيه مصلحة ومنفعة له في الدنيا[40]. وغير ذلك من الباحثين الذين ساروا على نفس المنوال، فدخلوا في الأنفاق المظلمة بسبب بُعدهم عن منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع الركام الهائل من الروايات التاريخية.