بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهرت حركاتٌ وفِرَق لم تكن في عهده عليه الصلاة والسلام، منها جماعةٌ من المنافقين ارتدّوا عن دين الإسلام، وهم الذين حاربهم خليفة رسول الله أبو بكر الصديق رضي الله عنه وفي عهد عثمان رضي الله عنه توالت الفتن والأحداث على الدولة الإسلاميّة؛ بقصد زعزعة أمنها من قبل أعداء الأمة، أما في عهد أمير المؤمنين علي رضي الله عنه فظهرت عدة فرق ومذاهب وجماعات، كالشيعة والخوارج، وكان ذلك مبنيّاً على موقف كل فريق منهما من خلافة علي رضي الله عنه، فمن وقف في صفه وغالى في حبه وأثبت خلافته وأحقيّته بها دوناً عن غيره سُمّي شيعياً، ومن أنكر حقه في الخلافة وخرج عنه، ولم يرتض بالسير تحت إمرته سُمّي خارجيّاً، حتى ظهرت فرقة الخوارج وقاتلهم علي رضي الله عنه .
التعريف بالخوارج :
للخوارج عند العلماء عدد من الأوصاف والتعريفات، من ذلك ما بيّنه الإمام أبو الحسن الأشعري، حيث قال: أن اسم الخوارج يقع على تلك الطائفة التي خرجت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان خروجهم عليه هو السبب في تسميتهم بهذا الاسم، حيث قال رحمه الله تعالى: (والسبب الذي سموا له خوارج خروجهم على علي لما حكم). الخوارج هم: الذين خرجوا على عليٍّ بعد قبوله التحكيم في موقعة صفّين بينه وبين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، ولهم ألقاب غيرها عُرفوا بها غير الخوارج، ومنها الحروريّة، والشراة، والمارقة، والمحكمة، وهم يرضون بهذه الألقاب جميعها إلا بالمارقة؛ حيث ينكرون أنهم مارقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة، كما وصفهم الحديث الشريف،[١] حيث رُوِي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (يخرجُ في هذه الأمةِ - ولم يقلْ منها - قومٌ تحقِرون صلاتَكم مع صلاتِهم، يقرؤون القرآنَ لا يجاوزُ حلُوقَهم، أو حناجرَهم، يمرُقون من الدِّينِ مُروقَ السهمِ من الرَّميةِ، فينظر الرامي إلى سهمِه، إلى نصلِهِ، إلى رصافهِ، فيتمارى في الفوقةِ، هل علق بها من الدمِ شيءٌ).[٢] أمّا الإمام ابن حزم الظاهريّ فيرى أنّ اسم الخارجيّ يتعدّى إلى كل من تشابه مع الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وشاركهم في معتقداتهم، حيث يقول ابن حزم: (ومن وافق الخوارج من إنكار التحكيم وتكفير أصحاب الكبائر والقول بالخروج على أئمة الجور وأن أصحاب الكبائر مخلدون في النار وأن الإمامة جائزة في غير قريش فهو خارجي وإن خالفهم فيما عدا ذلك فيما اختلف فيه المسلمون خالفهم فيما ذكرنا فليس خارجياً). ويرى الشهرستاني أنّ الخارجيّ هو كل من خرج على الإمام الذي اجتمعت الكلمة على إمامته الشرعيّة خروجاً في أي زمن كان.[٣] نشأة الخوارج :
يرجّح بعض العلماء أن بداية نشأة الخوارج كانت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ويرجعونهم بذلك إلى ذي الخويصرة الذي اعترض على الرسول صلى الله عليه وسلم في قسمة كان يقسمها بعد إحدى الغزوات،[٤] إذ يروي أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه الحادثة بقوله: (بينا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقسِمُ، جاء عبدُ اللهِ بنُ ذي الخُوَيصِرَةِ التَّميمِيِّ فقال: اعدِلْ يا رسولَ اللهِ، فقال: (وَيحَكَ، ومَن يَعدِلْ إذا لم أَعدِل)، قال عُمَرُ بنُ الخطَّابِ: ائذَن لي فأضرِبُ عُنُقَه، قال: (دَعه، فإنَّ له أصحاباً، يَحقِرُ أحدُكم صلاتَه معَ صلاتِه، وصيامَه معَ صيامِه، يَمرُقونَ منَ الدينِ كما يمرُقُ السهمُ منَ الرَّمِيَّةِ، ينظُرُ في قُذَذِه فلا يوجَدُ فيه شيءٌ، ثم ينظُرُ إلى نَصلِه فلا يوجَدُ فيه شيءٌ، ثم ينظُرُ إلى رِصافِه فلا يوجَدُ فيه شيءٌ، ثم ينظُرُ في نَضيِه فلا يوجَدُ فيه شيءٌ، قد سبَق الفَرثَ والدمَ، آيتُهم رجلٌ إحدى يدَيه، أو قال: ثَديَيه، مثلُ ثَديِ المرأةِ، أو قال: مثلُ البَضعَةِ تَدَردَرُ، يَخرُجونَ على حين فُرقَةٍ منَ الناس)، قال أبو سعيد: أشهَدُ سمِعتُ منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأشهَدُ أنَّ عليًّا قتَلهم، وأنا معَه، جيءَ َبالرجلِ على النعتِ الذي نعَته النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: فنزَلَتْ فيه: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ)[٥])،[٦] فذو الخويصرة هو أول خارجيّ ظهر في الإسلام، ومشكلته أنه رضي برأي نفسه، ولو توقف ونظر وتفكر لعلم أنه لا رأي فوق رأي رسول الله، ولا قول فوق قوله، وأتباع هذا الرجل هم الذين قاتلوا علياً بن أبي طالب رضي الله عنه، وممن أشار بأن نشوء الخوارج كان من ذي الخويصرة: أبو محمد بن حزم، والشهرستاني. وذهب بعض العلماء إلى أنّ نشأة الخوارج بدأت بالخروج على عثمان رضي الله عنه بإحداثهم الفتنة التي أدّت إلى قتله، وقد أطلق ابن كثير على هؤلاء اسم الخوارج.
[١] معتقدات الخوارج وأفكارهم :
من أصول عقيدة الخوارج وأهم أفكارهم: البراءة من علي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعائشة، وابن عباس رضي الله عنهم جميعاً واعتبارهم كفاراً، والقول إنّ الخلافة ليست محصورةً في بني هاشم فقط كما يرى الشيعة، ولا في قريش فقط كما يرى أهل السنة، بل هي حقٌ لعموم المسلمين من الأمة عربها وعجمها، فمن كان أهلاً لها، علماً، واستقامة في نفسه، وعدالة في الأمة؛ جاز أن يُختار إماماً للمسلمين، ومن عقائدهم كذلك وجوب الخروج على أئمة الجور، وكل من ارتكب منهم كبيرة؛ ولذلك سُمّوا (الخوارج). والإيمان عندهم: عقيدة، وقول، وعمل، ومن أصول عقيدتهم أيضاً: تكفير أهل الكبائر ومرتكبيها، فمن ارتكب كبيرة فهو كافر عندهم خالدٌ في نار جهنم، ومن عقائدهم أيضاً: القول إنّ القرآن مخلوق، وإنكار أن يكون الله قادراً على أن يظلم، وتوقّف التشريع والتكليف على إرسال الرسل، وتقديم السمع والطاعة على العقل.[٧]
التعريف بالخوارج :
للخوارج عند العلماء عدد من الأوصاف والتعريفات، من ذلك ما بيّنه الإمام أبو الحسن الأشعري، حيث قال: أن اسم الخوارج يقع على تلك الطائفة التي خرجت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكان خروجهم عليه هو السبب في تسميتهم بهذا الاسم، حيث قال رحمه الله تعالى: (والسبب الذي سموا له خوارج خروجهم على علي لما حكم). الخوارج هم: الذين خرجوا على عليٍّ بعد قبوله التحكيم في موقعة صفّين بينه وبين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، ولهم ألقاب غيرها عُرفوا بها غير الخوارج، ومنها الحروريّة، والشراة، والمارقة، والمحكمة، وهم يرضون بهذه الألقاب جميعها إلا بالمارقة؛ حيث ينكرون أنهم مارقون من الدين كما يمرق السهم من الرميّة، كما وصفهم الحديث الشريف،[١] حيث رُوِي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (يخرجُ في هذه الأمةِ - ولم يقلْ منها - قومٌ تحقِرون صلاتَكم مع صلاتِهم، يقرؤون القرآنَ لا يجاوزُ حلُوقَهم، أو حناجرَهم، يمرُقون من الدِّينِ مُروقَ السهمِ من الرَّميةِ، فينظر الرامي إلى سهمِه، إلى نصلِهِ، إلى رصافهِ، فيتمارى في الفوقةِ، هل علق بها من الدمِ شيءٌ).[٢] أمّا الإمام ابن حزم الظاهريّ فيرى أنّ اسم الخارجيّ يتعدّى إلى كل من تشابه مع الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وشاركهم في معتقداتهم، حيث يقول ابن حزم: (ومن وافق الخوارج من إنكار التحكيم وتكفير أصحاب الكبائر والقول بالخروج على أئمة الجور وأن أصحاب الكبائر مخلدون في النار وأن الإمامة جائزة في غير قريش فهو خارجي وإن خالفهم فيما عدا ذلك فيما اختلف فيه المسلمون خالفهم فيما ذكرنا فليس خارجياً). ويرى الشهرستاني أنّ الخارجيّ هو كل من خرج على الإمام الذي اجتمعت الكلمة على إمامته الشرعيّة خروجاً في أي زمن كان.[٣] نشأة الخوارج :
يرجّح بعض العلماء أن بداية نشأة الخوارج كانت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ويرجعونهم بذلك إلى ذي الخويصرة الذي اعترض على الرسول صلى الله عليه وسلم في قسمة كان يقسمها بعد إحدى الغزوات،[٤] إذ يروي أبو سعيدٍ الخدري رضي الله عنه الحادثة بقوله: (بينا النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقسِمُ، جاء عبدُ اللهِ بنُ ذي الخُوَيصِرَةِ التَّميمِيِّ فقال: اعدِلْ يا رسولَ اللهِ، فقال: (وَيحَكَ، ومَن يَعدِلْ إذا لم أَعدِل)، قال عُمَرُ بنُ الخطَّابِ: ائذَن لي فأضرِبُ عُنُقَه، قال: (دَعه، فإنَّ له أصحاباً، يَحقِرُ أحدُكم صلاتَه معَ صلاتِه، وصيامَه معَ صيامِه، يَمرُقونَ منَ الدينِ كما يمرُقُ السهمُ منَ الرَّمِيَّةِ، ينظُرُ في قُذَذِه فلا يوجَدُ فيه شيءٌ، ثم ينظُرُ إلى نَصلِه فلا يوجَدُ فيه شيءٌ، ثم ينظُرُ إلى رِصافِه فلا يوجَدُ فيه شيءٌ، ثم ينظُرُ في نَضيِه فلا يوجَدُ فيه شيءٌ، قد سبَق الفَرثَ والدمَ، آيتُهم رجلٌ إحدى يدَيه، أو قال: ثَديَيه، مثلُ ثَديِ المرأةِ، أو قال: مثلُ البَضعَةِ تَدَردَرُ، يَخرُجونَ على حين فُرقَةٍ منَ الناس)، قال أبو سعيد: أشهَدُ سمِعتُ منَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأشهَدُ أنَّ عليًّا قتَلهم، وأنا معَه، جيءَ َبالرجلِ على النعتِ الذي نعَته النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: فنزَلَتْ فيه: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ)[٥])،[٦] فذو الخويصرة هو أول خارجيّ ظهر في الإسلام، ومشكلته أنه رضي برأي نفسه، ولو توقف ونظر وتفكر لعلم أنه لا رأي فوق رأي رسول الله، ولا قول فوق قوله، وأتباع هذا الرجل هم الذين قاتلوا علياً بن أبي طالب رضي الله عنه، وممن أشار بأن نشوء الخوارج كان من ذي الخويصرة: أبو محمد بن حزم، والشهرستاني. وذهب بعض العلماء إلى أنّ نشأة الخوارج بدأت بالخروج على عثمان رضي الله عنه بإحداثهم الفتنة التي أدّت إلى قتله، وقد أطلق ابن كثير على هؤلاء اسم الخوارج.
[١] معتقدات الخوارج وأفكارهم :
من أصول عقيدة الخوارج وأهم أفكارهم: البراءة من علي، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعائشة، وابن عباس رضي الله عنهم جميعاً واعتبارهم كفاراً، والقول إنّ الخلافة ليست محصورةً في بني هاشم فقط كما يرى الشيعة، ولا في قريش فقط كما يرى أهل السنة، بل هي حقٌ لعموم المسلمين من الأمة عربها وعجمها، فمن كان أهلاً لها، علماً، واستقامة في نفسه، وعدالة في الأمة؛ جاز أن يُختار إماماً للمسلمين، ومن عقائدهم كذلك وجوب الخروج على أئمة الجور، وكل من ارتكب منهم كبيرة؛ ولذلك سُمّوا (الخوارج). والإيمان عندهم: عقيدة، وقول، وعمل، ومن أصول عقيدتهم أيضاً: تكفير أهل الكبائر ومرتكبيها، فمن ارتكب كبيرة فهو كافر عندهم خالدٌ في نار جهنم، ومن عقائدهم أيضاً: القول إنّ القرآن مخلوق، وإنكار أن يكون الله قادراً على أن يظلم، وتوقّف التشريع والتكليف على إرسال الرسل، وتقديم السمع والطاعة على العقل.[٧]