السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
و بعد :
من أمثال «كليلة ودمنة»:
أن ناسكاً اشترى كبشاً ضخماً ليجعله قرباناً، فانطلق به يقوده، فبصر به قوم من المكرة فائتمروا بينهم أن يأخذوه من الناسك، فعرض له أحدهم فقال: "أيها الناسك ما هذا الكلب الذي معك؟ ". ثم عرض له الآخر، فقال لصاحبه: "ما هذا ناسكاً لأن الناسك لا يقود كلباً". فلم يزالوا مع الناسك على هذا ومثله حتى لم يشك أن الذي يقوده كلب، وأن الذي باعه إياه سحر عينيه، فأطلقه من يده ؛ فأخذه الجماعة المحتالون ومضوا به.
****
هذا مثالنا مع أمم الغرب؛ رأوا أن هذا الدين الذي جاءنا به محمد صلى الله عليه وسلم فأعز به المسلمين كلهم عربيهم وأعجميهم، مبعثُ القوة لنا لا نُغلب إن حافظنا عليه، ولا يبلغون منا ما يريدون إن تمسكنا به، فحشدوا حشودهم، وساقوا جنودهم من العاملين في إرساليات التبشير (وما قصدهم التبشير بالنصرانية؛ ولكن قصدهم التمهيد للاستعمار) ومن إرساليات لتعليم (وما غرضهم تعليم العلم، ولكن نشر الدعاية) ومن إرساليات الطب (وما مرادهم شفاء الأجسام بطبهم ولكن إمراض القلوب بدسهم) فكانوا في اتفاقهم علينا، وائتمارهم بنا، مثل هؤلاء المكرة مع الناسك.
وكما خُدع الناسك عن كبشه حتى ظنه كلباً .. من الإعادة والتكرار والإيحاء المستمر (وتكرارُ الحبل يؤثر في صخرة البئر) خُدعنا نحن عن الحقائق الظاهرة فحسبناها باطلاً، وحسبنا باطلهم الذي ما زالوا يكررونه حقاً، وصرنا نردد مقالتهم، وندعو إلى التفريق بين الدين والسياسة، وبين الدين والعلم، ونضرب الأمثلة بتاريخ أوربا !!!
وأنا لا أحب أن أفرض ما أراه على المخالفين فرضاً، وألزمهم إلزاماً، بل أحب أن أناقشهم ويناقشوني حتى نتفق على الحق في هذا المسألة، ونفرغ منها لنشتغل بما هو أجدى علينا، وأنفع لنا . انتهى
(مقالات في كلمات ) للشيخ على الطنطاوي رحمه الله - بتصرف-
و بعد :
من أمثال «كليلة ودمنة»:
أن ناسكاً اشترى كبشاً ضخماً ليجعله قرباناً، فانطلق به يقوده، فبصر به قوم من المكرة فائتمروا بينهم أن يأخذوه من الناسك، فعرض له أحدهم فقال: "أيها الناسك ما هذا الكلب الذي معك؟ ". ثم عرض له الآخر، فقال لصاحبه: "ما هذا ناسكاً لأن الناسك لا يقود كلباً". فلم يزالوا مع الناسك على هذا ومثله حتى لم يشك أن الذي يقوده كلب، وأن الذي باعه إياه سحر عينيه، فأطلقه من يده ؛ فأخذه الجماعة المحتالون ومضوا به.
****
هذا مثالنا مع أمم الغرب؛ رأوا أن هذا الدين الذي جاءنا به محمد صلى الله عليه وسلم فأعز به المسلمين كلهم عربيهم وأعجميهم، مبعثُ القوة لنا لا نُغلب إن حافظنا عليه، ولا يبلغون منا ما يريدون إن تمسكنا به، فحشدوا حشودهم، وساقوا جنودهم من العاملين في إرساليات التبشير (وما قصدهم التبشير بالنصرانية؛ ولكن قصدهم التمهيد للاستعمار) ومن إرساليات لتعليم (وما غرضهم تعليم العلم، ولكن نشر الدعاية) ومن إرساليات الطب (وما مرادهم شفاء الأجسام بطبهم ولكن إمراض القلوب بدسهم) فكانوا في اتفاقهم علينا، وائتمارهم بنا، مثل هؤلاء المكرة مع الناسك.
وكما خُدع الناسك عن كبشه حتى ظنه كلباً .. من الإعادة والتكرار والإيحاء المستمر (وتكرارُ الحبل يؤثر في صخرة البئر) خُدعنا نحن عن الحقائق الظاهرة فحسبناها باطلاً، وحسبنا باطلهم الذي ما زالوا يكررونه حقاً، وصرنا نردد مقالتهم، وندعو إلى التفريق بين الدين والسياسة، وبين الدين والعلم، ونضرب الأمثلة بتاريخ أوربا !!!
وأنا لا أحب أن أفرض ما أراه على المخالفين فرضاً، وألزمهم إلزاماً، بل أحب أن أناقشهم ويناقشوني حتى نتفق على الحق في هذا المسألة، ونفرغ منها لنشتغل بما هو أجدى علينا، وأنفع لنا . انتهى
(مقالات في كلمات ) للشيخ على الطنطاوي رحمه الله - بتصرف-
![FB_IMG_1503225593247.jpg FB_IMG_1503225593247.jpg](https://www.4algeria.com/forum/data/attachments/45/45239-26fe00dd81ab51a3a4ce90771f03c5db.jpg)