إذا تتبعنا سلوك الشخصيات الحادّة نجد بروز صفات خاصة على سلوكهم تلوّن أساليبهم في التعامل والأخذ والرّد سواء على صعيد الفكر أو العمل أو الأخلاق الاجتماعية وقد حدّد علماء النفس الاجتماعي هذه الصفات في جملة أمور هي:
عندما يعرض رأيه يغلق أمامها احتمال الخطأ أو النقصان وبالتالي لا يكتفي بطرح فكرته بل يطرحها على أنّها الواقع الذي لا يقبل النقاش.
وإذا أراد استنتاج فكرة من خطاب أو كلام يحادثه به الآخرون يتسرّع في استنتاجه ويحسم الرأي بفكرة واحدة قاطعة لا تقبل الشك أو الترديد.[/]
يتسرّع في الحط من الآخرين ويتعالى على أفكارهم وقدراتهم وفي أوقات الأزمة أو المشاكل يتسرّع أيضا في إلقاء اللوم على الآخرين لكي ينزّه نفسه من كل مسؤولية أو خطأ وفي الغالب لا تجده يشيد بفكرة أو موقف لأحد مهما كان يستحق الاشادة بعين الانصاف بل يفتّش عن العيوب في أفكار الآخرين ومواقفهم زاعماً انّه صريح وأنّه لا يجامل أو غير ذلك من المزاعم.[/]
إذا تحدّث يكرّر كلمة (أنا) ويشيد كثيراً بمواقفه ويحب التحدّث عن آرائه وبطولاته ويستخدم الايماءات اليدويّة بافراط كالتلويح والتحرّك في مقعده أو الضرب على الطاولة وفي الغالب يقدّم النصائح للآخرين حول الإنجاز أو التخطيط أو الممارسات.[
يصرخ حين يغضب أو يتكلّم بلغة التهديد والانذار ويقاطع كلام الآخرين إذا أراد ابداء رأيه وإذا قاطعه أحد ينزعج.. لأنّه سريع الغضب ويلجأ إلى التحديق الثاقب والقاسي حينما يغضب أو ينزعج.
وإذا وقف جنب أحد يكاد يلتصق به ويعضّ على شفتيه بقوة وإذا تنازع مع أحد فهو آخر من يسكت وآخر من يصرف نظراته المحملقة في وجه الآخرين وخطابه فضّ ومتوتر وعال.[/]
وأنت ترى أن مجموع هذه الصفات تشكّل جوهر الشخصيّة الحادّة التي إن لم تجد ما يرضيها قد تتخذ ردود أفعال تتسم بالعدوانية اكثر مما تتسم بالتعقّل وفي بعض الأحيان العنف والصرامة أوّل سلاح ترفعه في النزاع.. إن الأشخاص الذي يتسمون بهذه الصفات قليلاً ما يتسامحون أو يتغافلون عن أخطاء الآخرين ولأنّهم يشعرون بنوع من التفوّق على الآخرين فهم يميلون شديداً إلى الفوز والسيطرة في المواقف فإذا استجاب لهم الآخرون وإلا طغت على تصرفاتهم الأساليب غير النبيلة والمتناسية لابسط الأخلاق والحقوق ولأجل اتفه الأمور.[
نّ بعض الأفراد من هذا النوع طيبون ويحبون الآخرين إلا أن المشكلة تكمن في عواطفهم وأحاسيسهم التي إذا انفلتت لا يقدرون على ضبطها بالعقل أو الحكمة أو الأخلاق لذا فإنهم يشعرون بالندم بل والذنب بعد أن تهدأ الفورة ويرجع كل شيء إلى نصابه وحينئذٍ يبدأ يتفاقم عندهم شعور معاكس لما سبّبوه للآخرين من تجاوز وعدائية لذا فانّهم يسعون للتخفيف من وطأة هذا الشعور المؤلم الذي يقوّض مضاجعهم فيلجأون إلى الاعتذار بطريقة مفرطة أيضا فيبدأون بالقاء اللوم على الآخرين أو على الساعة الشيطانية التي كانوا فيها أو النزاع الذي سبّبه لهم فلان في البيت أو في العمل أو غير ذلك من تبريرات وهو أمر يعود عليهم بالمزيد من التحطيم النفسي والشعور بالضِعة ولأن الفرد منهم حادّ المزاج ينعكس عليه شخصياً فيبدو ناقماً من نفسه و وغاضباً على وضعه.. لانّ العنف لا يعرف حدوداً فان لم ينعكس على الخارج فأنّه يرتدّ على الداخل بشكل مساوي أو أعنف لانّ العنف يولّد العنف كما يقولون.