- إنضم
- 24 ديسمبر 2011
- المشاركات
- 24,486
- نقاط التفاعل
- 27,858
- النقاط
- 976
- محل الإقامة
- فار إلى الله
- الجنس
- ذكر
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فإن الله تعالى خلق الخلق ليعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، فتنافس في ذلك المتنافسون، واجتهد فيه المجتهدون، والله تعالى يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت: 69)، وأحق الناس بالاجتهاد في طلب الأخرى والزهد في الدنيا؛ هم طلبة العلم .
والعلم والعمل توأمان، أمّهما علو الهمة، قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران: 133)، وقال سبحانه: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} (الحديد: 21)، وقال عز وجل: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} (الواقعة: 10، 11)، قال الإمام السعدي –رحمه الله تعالى-: أي: السابقون في الدنيا إلى الخيرات، هم السابقون. في الآخرة لدخول الجنات. أولئك الذين هذا وصفهم، المقربون عند الله، في جنات النعيم، في أعلى عليين، في المنازل العاليات، التي لا منزلة فوقها.
وصحَّ عن رسول الله [ أنه قال: «إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفسافها» (السلسلة الصحيحة: 1627)، يقول ابن القيم –رحمه الله تعالى-: وعلو الهمة أن لا تقف –أي: النفس- دون الله، ولا تتعوض عنه بشيء سواه، ولا ترضى بغيره بدلا منه، ولا تبيع حظها من الله وقربه والأنس به والفرح والسرور والابتهاج به بشيء من الحظوظ الخسيسة الفانية، فالهمة العالية على الهمم كالطائر العالي على الطيور لا يرضى بمساقطها، ولا تصل إليه الآفات التي تصل إليهم» (مدارج السالكين)، ومن علامة كمال العقل علو الهمة، والراضي بالدون دنيء!!
ولقد ضرب لنا أسلافنا أروع الأمثلة في علو همتهم في طلبهم العلم، فهذا معاذ بن جبل –رضي الله عنه- أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وتوفي وهو ابن ثمان وعشرين سنة، أسلم عشر سنوات فقط، ويقول رسول الله [ عنه: «إن العلماء إذا حضروا ربهم عز وجل، كان معاذ بين أيديهم رتوة –أي: رمية – بحجر» (السلسلة الصحيحة: 1091)، وهذا عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما-، حبر الأمة، وترجمان القرآن يقول: لما توفي رسول الله [، قلت لرجل من الأنصار: يا فلان هلمَّ فلنسأل أصحاب النبي [، فإنهم اليوم كثير. فقال: واعجباً لك يا بن عباس، أترى الناس يحتاجون إليك وفي الناس من أصحاب النبي [ من ترى؟! فتركت ذلك وأقبلت على المسألة فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قائل - أي: وقت القيلولة - فأتوسد ردائي على بابه، فتسفي الريح على وجهي التراب، فيخرج فيراني فيقول: يا بن عم رسول الله ما جاء بك ألا أرسلت إليّ فآتيك. فأقول: أنا أحق أن آتيك. فأسأله عن الحديث، قال: فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس عليّ ، فقال: كان هذا الفتى أعقل مني.
شعار طالب العلم، قول الله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (المطففين: 26)، فالعاقل صابر للشدائد لعلمه بقرب الفرج، والجاهل على الضد من ذلك.
وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام
وعبد الله بن مسعود –رضي الله عنه-، هذا الكُنيِّف –الوعاء– الذي مُلئ علماً، يقول: والذي لا إله غيره لقد قرأت مِن فِيِّ رسول الله [ بضعا وسبعين سورة، ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني تبلِّغَنيه الإبل لأتيته. صدق رسول الله [ إذ قال: والذي نفسي بيده لهما – أي: ساقيه- أثقل في الميزان من أُحُد.
أخي طالب العلم: علو الهمّة راية الجِدِّ، وبَذْرُ النِّعَمِ، وإذا طلب رجلان أمراً ظفر به أعظمهما مروءةً، ومن ترك التماس المعالي بسوء الرجاء لم ينل عظيماً، وقد قيل لبعض الحكماء: من أسوأ الناس حالاً؟ قال: من بعُدت هِمَّتُهُ ، واتسعت أمنيَّتُهُ، وَقَصُرَتْ آلَتُهُ ، وقَلَّتْ مَقْدِرَتُهُ.
وقد قيل:
إني رأيت وقوف الماء يفســــده
إن ساح طاب وإن لم يجرِ لم يطبِ
والأُسد لولا فراق الأرض ما افترست
والسهم لولا فراق القوس لم يصبِ
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة
لملّها الناس من عـــربٍ ومن عجمِ
روى الخطيب البغدادي في كتابه الماتع الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: كان رجل يطلب العلم فلا يقدر عليه فعزم على تركه فمر بماء ينحدر من رأس جبل على صخرة قد أثر الماء فيها فقال: الماء على لطافته قد أثر في صخرة على كثافتها والله لأطلبن العلم فطلب فأدرك.
و لم أر في عيوب الناس عيباً
كنقص القادرين على التمام
ودّ الشيطان أن يظفر منك بكبوة؛ ليْجلب عليك بخَيْلِهِ ورَجْلِهِ . فكن رجلاً رجله في الثرى، وهامة همته في الثريا، ومن كدَّ كد العبيد؛ تنعَّمَ تنعّمَ الأحرار.
بدأ الحافظ ابن منده –رحمه الله تعالى– رحلته في طلب العلم وهو ابن عشرين سنة، ورجع وهو ابن خمس وستين سنة.
وقال -رحمه الله-: طفت الشرق والغرب مرتين.
لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
وقيل للشافعي: كيف شهوتك للعلم؟ قال: أسمع بالحرف مما لم أسمعه من قبل فتود أعضائي أن لها سمعا تتنعم به مثل ما تنعمت به الأذنان. فقيل له: كيف حرصك عليه؟ قال: حرص الجموع المنوع في بلوغ لذته للمال. قيل: كيف طلبك له؟ قال: طلب المرأة المضلة ولدها ليس لها غيره.
وصايا السلف في علو الهمة ، والصبر على تحصيل العلم:
· قيل لابن المبارك: إلى متى تكتب العلم ؟ قال: لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أكتبها بعد.
قال يحيى بن كثير: لا يُستطاع العلم براحة الجسم
قال الجنيد: ما طلب أحدٌ شيئاً بجدٍّ وصدقٍ إلا ناله، فإن لم ينله كله نال بعضه.
قال خلف بن هشام البزار: أشكل علي بابٌ من النحو، فأنفقت ثمانين ألف درهم حتى حذقته.
قال الشافعي: حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من العلم، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله في إدراك علمه نصاً واستنباطاً، والرغبة إلى الله تعالى في العون عليه.
قيل للشعبي: من أين لك هذا العلم كله؟ قال: بنفي الاعتماد، والسير في البلاد، وصبر كصبر الجماد، وبكور كبكور الغراب.
قال ابن الجوزي: من أنفق عصر الشباب في العلم فإنه في زمن الشيخوخة يحمد جني ما غرس، ويلتذُّ بتصنيف ما جمع، ولا يرى ما يفقد من لذات البدن شيئاً بالإضافة إلى ما يناله من لذات العلم، هذا مع وجود لذاته في الطلب الذي كان تأمل به إدراك المطلوب.
قال شيخ الإسلام: إنما تنال الإمامة في الدين بالصبر واليقين.
قال ابن قدامة المقدسي: وينبغي له –لطالب العلم- قطع العلائق الشاغلة، فإن الفكرة متى توزعت قصرت عن إدراك الحقائق ، وقد كان السلف يؤثرون العلم على كل شيء .
سُئل سهل بن عبد الله التستري: إلى متى يطلب الرجل الحديث ؟ قال: حتى يموت، ويصب باقي حبره في قبره.
قال أبو موسى بن الحافظ عبد الغني المقدسي عند موته: لا تضيعوا هذا العلم الذي قد تعبنا عليه.
قال الإمام أحمد بن حنبل: رحلت في طلب العلم والسنة إلى الثغور، والشامات، والسواحل، والمغرب ، والجزائر ، ومكة ، والمدينة ، والحجاز ، واليمن ، والعراقين جميعاً، وفارس، وخراسان ، والجبال والأطراف، ثم عدت إلى بغداد ، وخرجت إلى الكوفة فكنت في بيت تحت رأسي لبنة - وسادة - فحممت ، فرجعت إلى أمي - رحمها الله - ولم أكن استأذنتها، ولو كان عندي تسعون درهماً كنت رحلت إلى جرير بن عبد الحميد في الري ، وخرج بعض أصحابنا ولم يمكنني الخروج لأنه لم يكن عندي شيء. وقال ابن الجوزي رحمه الله: طاف الإمام أحمد بن حنبل الدنيا مرتين حتى جمع المسند.
قال الإمام الشافعي:
أَخي لَن تَنالَ العِلمَ إِلّا بِسِتَّةٍ
سَأُنبيكَ عَن تَفصيلِها بِبَيانِ
ذَكاءٌ وَحِرصٌ وَاِجتِهادٌ وَبُلغَةٌ
وَصُحبَةُ أُستاذٍ وَطولُ زَمانِ
والعلم والعمل توأمان، أمّهما علو الهمة، قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران: 133)، وقال سبحانه: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} (الحديد: 21)، وقال عز وجل: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} (الواقعة: 10، 11)، قال الإمام السعدي –رحمه الله تعالى-: أي: السابقون في الدنيا إلى الخيرات، هم السابقون. في الآخرة لدخول الجنات. أولئك الذين هذا وصفهم، المقربون عند الله، في جنات النعيم، في أعلى عليين، في المنازل العاليات، التي لا منزلة فوقها.
وصحَّ عن رسول الله [ أنه قال: «إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفسافها» (السلسلة الصحيحة: 1627)، يقول ابن القيم –رحمه الله تعالى-: وعلو الهمة أن لا تقف –أي: النفس- دون الله، ولا تتعوض عنه بشيء سواه، ولا ترضى بغيره بدلا منه، ولا تبيع حظها من الله وقربه والأنس به والفرح والسرور والابتهاج به بشيء من الحظوظ الخسيسة الفانية، فالهمة العالية على الهمم كالطائر العالي على الطيور لا يرضى بمساقطها، ولا تصل إليه الآفات التي تصل إليهم» (مدارج السالكين)، ومن علامة كمال العقل علو الهمة، والراضي بالدون دنيء!!
ولقد ضرب لنا أسلافنا أروع الأمثلة في علو همتهم في طلبهم العلم، فهذا معاذ بن جبل –رضي الله عنه- أسلم وهو ابن ثماني عشرة سنة، وتوفي وهو ابن ثمان وعشرين سنة، أسلم عشر سنوات فقط، ويقول رسول الله [ عنه: «إن العلماء إذا حضروا ربهم عز وجل، كان معاذ بين أيديهم رتوة –أي: رمية – بحجر» (السلسلة الصحيحة: 1091)، وهذا عبد الله بن عباس –رضي الله عنهما-، حبر الأمة، وترجمان القرآن يقول: لما توفي رسول الله [، قلت لرجل من الأنصار: يا فلان هلمَّ فلنسأل أصحاب النبي [، فإنهم اليوم كثير. فقال: واعجباً لك يا بن عباس، أترى الناس يحتاجون إليك وفي الناس من أصحاب النبي [ من ترى؟! فتركت ذلك وأقبلت على المسألة فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قائل - أي: وقت القيلولة - فأتوسد ردائي على بابه، فتسفي الريح على وجهي التراب، فيخرج فيراني فيقول: يا بن عم رسول الله ما جاء بك ألا أرسلت إليّ فآتيك. فأقول: أنا أحق أن آتيك. فأسأله عن الحديث، قال: فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس عليّ ، فقال: كان هذا الفتى أعقل مني.
شعار طالب العلم، قول الله تعالى: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} (المطففين: 26)، فالعاقل صابر للشدائد لعلمه بقرب الفرج، والجاهل على الضد من ذلك.
وإذا كانت النفوس كبارا
تعبت في مرادها الأجسام
وعبد الله بن مسعود –رضي الله عنه-، هذا الكُنيِّف –الوعاء– الذي مُلئ علماً، يقول: والذي لا إله غيره لقد قرأت مِن فِيِّ رسول الله [ بضعا وسبعين سورة، ولو أعلم أحدا أعلم بكتاب الله مني تبلِّغَنيه الإبل لأتيته. صدق رسول الله [ إذ قال: والذي نفسي بيده لهما – أي: ساقيه- أثقل في الميزان من أُحُد.
أخي طالب العلم: علو الهمّة راية الجِدِّ، وبَذْرُ النِّعَمِ، وإذا طلب رجلان أمراً ظفر به أعظمهما مروءةً، ومن ترك التماس المعالي بسوء الرجاء لم ينل عظيماً، وقد قيل لبعض الحكماء: من أسوأ الناس حالاً؟ قال: من بعُدت هِمَّتُهُ ، واتسعت أمنيَّتُهُ، وَقَصُرَتْ آلَتُهُ ، وقَلَّتْ مَقْدِرَتُهُ.
وقد قيل:
إني رأيت وقوف الماء يفســــده
إن ساح طاب وإن لم يجرِ لم يطبِ
والأُسد لولا فراق الأرض ما افترست
والسهم لولا فراق القوس لم يصبِ
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة
لملّها الناس من عـــربٍ ومن عجمِ
روى الخطيب البغدادي في كتابه الماتع الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع: كان رجل يطلب العلم فلا يقدر عليه فعزم على تركه فمر بماء ينحدر من رأس جبل على صخرة قد أثر الماء فيها فقال: الماء على لطافته قد أثر في صخرة على كثافتها والله لأطلبن العلم فطلب فأدرك.
و لم أر في عيوب الناس عيباً
كنقص القادرين على التمام
ودّ الشيطان أن يظفر منك بكبوة؛ ليْجلب عليك بخَيْلِهِ ورَجْلِهِ . فكن رجلاً رجله في الثرى، وهامة همته في الثريا، ومن كدَّ كد العبيد؛ تنعَّمَ تنعّمَ الأحرار.
بدأ الحافظ ابن منده –رحمه الله تعالى– رحلته في طلب العلم وهو ابن عشرين سنة، ورجع وهو ابن خمس وستين سنة.
وقال -رحمه الله-: طفت الشرق والغرب مرتين.
لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
وقيل للشافعي: كيف شهوتك للعلم؟ قال: أسمع بالحرف مما لم أسمعه من قبل فتود أعضائي أن لها سمعا تتنعم به مثل ما تنعمت به الأذنان. فقيل له: كيف حرصك عليه؟ قال: حرص الجموع المنوع في بلوغ لذته للمال. قيل: كيف طلبك له؟ قال: طلب المرأة المضلة ولدها ليس لها غيره.
وصايا السلف في علو الهمة ، والصبر على تحصيل العلم:
· قيل لابن المبارك: إلى متى تكتب العلم ؟ قال: لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أكتبها بعد.
قال يحيى بن كثير: لا يُستطاع العلم براحة الجسم
قال الجنيد: ما طلب أحدٌ شيئاً بجدٍّ وصدقٍ إلا ناله، فإن لم ينله كله نال بعضه.
قال خلف بن هشام البزار: أشكل علي بابٌ من النحو، فأنفقت ثمانين ألف درهم حتى حذقته.
قال الشافعي: حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من العلم، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله في إدراك علمه نصاً واستنباطاً، والرغبة إلى الله تعالى في العون عليه.
قيل للشعبي: من أين لك هذا العلم كله؟ قال: بنفي الاعتماد، والسير في البلاد، وصبر كصبر الجماد، وبكور كبكور الغراب.
قال ابن الجوزي: من أنفق عصر الشباب في العلم فإنه في زمن الشيخوخة يحمد جني ما غرس، ويلتذُّ بتصنيف ما جمع، ولا يرى ما يفقد من لذات البدن شيئاً بالإضافة إلى ما يناله من لذات العلم، هذا مع وجود لذاته في الطلب الذي كان تأمل به إدراك المطلوب.
قال شيخ الإسلام: إنما تنال الإمامة في الدين بالصبر واليقين.
قال ابن قدامة المقدسي: وينبغي له –لطالب العلم- قطع العلائق الشاغلة، فإن الفكرة متى توزعت قصرت عن إدراك الحقائق ، وقد كان السلف يؤثرون العلم على كل شيء .
سُئل سهل بن عبد الله التستري: إلى متى يطلب الرجل الحديث ؟ قال: حتى يموت، ويصب باقي حبره في قبره.
قال أبو موسى بن الحافظ عبد الغني المقدسي عند موته: لا تضيعوا هذا العلم الذي قد تعبنا عليه.
قال الإمام أحمد بن حنبل: رحلت في طلب العلم والسنة إلى الثغور، والشامات، والسواحل، والمغرب ، والجزائر ، ومكة ، والمدينة ، والحجاز ، واليمن ، والعراقين جميعاً، وفارس، وخراسان ، والجبال والأطراف، ثم عدت إلى بغداد ، وخرجت إلى الكوفة فكنت في بيت تحت رأسي لبنة - وسادة - فحممت ، فرجعت إلى أمي - رحمها الله - ولم أكن استأذنتها، ولو كان عندي تسعون درهماً كنت رحلت إلى جرير بن عبد الحميد في الري ، وخرج بعض أصحابنا ولم يمكنني الخروج لأنه لم يكن عندي شيء. وقال ابن الجوزي رحمه الله: طاف الإمام أحمد بن حنبل الدنيا مرتين حتى جمع المسند.
قال الإمام الشافعي:
أَخي لَن تَنالَ العِلمَ إِلّا بِسِتَّةٍ
سَأُنبيكَ عَن تَفصيلِها بِبَيانِ
ذَكاءٌ وَحِرصٌ وَاِجتِهادٌ وَبُلغَةٌ
وَصُحبَةُ أُستاذٍ وَطولُ زَمانِ