سلسلة خطب ومواعظ من حجة الوداع 1 (مكانة خَطبِه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع)

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,286
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
1 - مكانة خطبه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع



إن أحسن الخطب وأوفاها بياناً وأتماها نصحاً خطبُ نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم فقد جمع الله له في خطبه المنيفة جمال البيان وحسن الإفهام وقلة ألفاظ الكلام، بل ما سمع قط كلامُ أحد من البشر أعمُّ نفعاً، ولا أفصح معنى، ولا أصدق لفظاً، ولا أحسن موقعاً ولا أسهل مخرجاً ولا أوفى نصحاً من كلامه الشريف صلى الله عليه وسلم ، وقد آتاه الله جوامع الكلم وخصه ببدائع الحكم، كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بعثت بجوامع الكلم)).
قال الزهري رحمه الله: ((جوامع الكلم ـ فيما بلغنا ـ أن الله يجمع له الأمورَ الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين ونحو ذلك)).
ومن يتأمل خطبه صلوات الله وسلامه عليه يجدُ فيها الوفاء والنصح والبيان، وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجةُ المخاطبين ومصلحتُهم، إلاّ أنها في الجملة كان مدارُها على حمد الله والثناء عليه بآلائه وأوصاف كماله ومحامده وتعليمِ قواعد الإسلام وذكرِ الجنة والنار والمعاد والأمر بتقوى الله وتبيين موارد غضبه ومواقع رضاه.
والحج مناسبة كريمة وفرصة ثمينة للنصح والتوجيه والوعظ والتنبيه والتعليم والإرشاد، إذ القلوب فيه مقبلة والنفوس مطمئنة والرغبة في الخير شديدة، فحريٌ بالدعاة إلى الله تعالى أن تتضافر جهودهم وتتوافر هممهم في هذا الموسم المبارك نصحاً وتعليماً وإرشاداً وتوجيهاً مقتفين آثار نبيهم الكريم مهتدين بهديه القويم، وأن يكون مرتكزُ كلامهم ما دعا إليه ومحورُ نصحهم وبيانهم ما أرشد إليه، إذ هو عليه الصلاة والسلام أنصحُ الناس للناس، بل هو قدوة الناصحين وإمام المرشدين {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].
وقد كان لخطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على وجه الخصوص شأنٌ عظيم إذ هي وصية مودع والمودع يستقصي ما لا يستقصي غيرُهُ في القول والفعل، وقد عرّض في خطبته في حجة الوداع بذلك فقال: ((فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا))، وطفق يودّع الناس، فقالوا: هذه حجة الوداع. ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما في شأن هذه الخطبة: ((فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته صلى الله عليه وسلم إلى أمته)) رواه البخاري.
ويدل لأهمية هذه الخطبة وعظيم شأنها أمورٌ عديدة منها:
أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم ودع الناس على إثرها فهي وصية مودع كما سبق إيضاح ذلك.
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم استنصت الناس أي طلب منهم أن ينصتوا، ففي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع: ((استنصت الناس)). مما يدل على أهمية الأمر، حيث إن الخطبة لما كانت مشتملة على صلاح الناس وسعادتهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة ناسب أن يأمرهم بالإنصات الذي يؤثر فيهم العلمَ والانتفاع ومن ثم العملَ والارتفاع. وقد نُقل عن سفيانَ الثوريِّ وغيرِه أنه قال: ((أولُ العلم الاستماع ثم الانصات ثم الحفظ ثم العمل ثم النشر)).
ثالثاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في خطبته تلك يتطاول من أجل إسماع الناس. ففي المسند عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس في حجة الوداع وهو على الجدعاء واضع رجله في غَراز الرحل يتطاول يقول ألا تسمعون)).
رابعاً: أن الله عز وجل فتح أسماع الناس في ذلك اليوم فكانوا يسمعون كلامه صلى الله عليه وسلم وهم في منازلهم. ففي سنن النسائي عن عبد الرحمن بن معاذ رضي الله عنه قال: ((خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ففتح الله أسماعنا، حتى إنْ كنّا لنسمعُ ما يقول ونحن في منازلنا)).
خامساً: أنه صلى الله عليه وسلم اتخذ من يبلغ عنه، ففي سنن أبي داود عن رافع بن عمرو المزني قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء، وعليٌّ رضي الله عنه يعبّر عنه، والناس بين قاعد وقائم)).
وقوله: ((وعليٌّ رضي الله عنه يعبر عنه)) من التعبير، أي: يبلّغ حديثه مَنْ هو بعيدٌ من النبي صلى الله عليه وسلم.
سادساً: قوله صلى الله عليه وسلم في الخطبة: ((ألا هل بلّغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد)) وتكراره لذلك.
سابعاً: أمرُهم بأن يبلغ الشاهدُ منهم الغائب، ففي حديث أبي بكرة رضي الله عنه في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام: ((فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلَّغ أوعى من سامع)).
ثامناً: استعماله صلى الله عليه وسلم في خطبته أسلوب الحض والتنبيه وشدِّ الانتباه ((ألا هل بلغت))، ((ألا ليبلغ الشاهد الغائب))، ((ألا فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض))، وتَكرّر مثلُ هذا في مواضع من خطبته. وكذلك أساليبُ التوكيد كقوله: ((إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا))، وفي هذا ما فيه من الاهتمامِ وتقويةِ الكلام وتثبيتهِ في أذهان سامعيه.
تاسعاً: التأمل في مضامين هذه الخطبة العظيمة ودلالاتها المباركة حيث قرر فيها صلوات الله وسلامه عليه قواعد الملة الحنيفية، وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية، وقرر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت الملل على تحريمها إلى غير ذلك من المضامين العظيمة التي اشتملت عليها خطبته، مما سنقف على جملته من خلال هذه الرسالة بإذن الله عز وجل.
فكل ذلك يدل دلالة واضحة على أهمية شأن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأهمية العناية بها، وأن الحاجة ماسة إلى معرفتها في حق كل مسلم صغير أو كبير ذكر أو أنثى. رزقنا الله البصيرة بسنته والاهتداء بهديه.
 
اهلا أخي اباليث و بارك الله فيك على مجهوداتك الطيبة

حجة الوداع أعظم خطبة في تاريخ البشرية و اهمها على الإطلاق و أشملها و أكملها و أجملها
كيف لا و هي من سيد الخق و خاتم الأنبياء في أواخر عمره
شرح فيها الدين كله فأوصى و حذر و نبه و أشار بلسان فاصح واضح
فبين كل الأمر أعظمه و أهونه صغيره و كبيره
فخوف و بشر
و بلغ فأسمع و حملنا الامانة و قال عليه الصلاة والسلام: ((فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلَّغ أوعى من سامع))
و هذا الحديث للأمة سابقها و متأخرها و واجب على المسلم تبليغ الخطبة لأخوانه و أهله و ولده
و من هم على مسؤوليته و تحت أمانته

خطبة تجعل اللبيب يتوقف عند كثير من النقاط
و من بينها كيف وقعت الخطبة على مسامع الأصحاب و هاهو حبيبهم يودعهم
فكم كانت الكلمة قاسية و وقعها كالزلزال على قلوبهم فقال: ((فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا))
كلمة عظيمة محزنة مدوية صاعقة على تلك القلوب التي أمتلأت حبا و عشقا و مرافقة لسيد الخلق محمد صلى الله عليه و سلم
ليس من السهل على تلك الأعين التي تعودت تكحيل ناظرها كل صباح و مساء برؤية ذالك الوجه الحسن
صاحب الابتسامة التي إن رأيتها و كأن باب من الجنة فتح أمامك
كيف لا يحزن الصحابة و صاحب الخلق العظيم يوشك على المغادرة و هم من اغترف من بحر حنانه و روعة خلقه و جما خلقته
إنهم على وشك فقدان الحبيب الذي تعودوا على الرجوع إليه في كل مسائلهم و مشاغلهم مهما عظمت او صغرت
لقد احبوه أكثر من أنفسهم و اهلهم و أمهاتهم و آبائهم فكانوا يرضون لأنفسهم الموت ألف ميتة بأشنعها طريقة
على أن تصيب رسول الله صلى الله عليه و سلم شوكة في نعله
لقد تعلقوا به و أصبح لهم كالروح للجسد حبا و شوقا فكان المسافر العائد يجري شوقا لرؤيته قبل ان يرى اولاده و عائلته
و كانت المرأة تسأل بعد الغزوة عن سلامة رسول الله قبل سؤالها عن أعز اولادها

حبيبي يا رسول الله
تركت الصحابة على المحجة البيضاء و ربيتهم فكانوا امة على الحق المبين
لقد بكاك الصحابة بكاء المفجوع و أكثر حرقة من أي بكاء

أبكي في هته اللحظة لسببين أولهما كم نحن بحاجة إليك يا حبيبي و الامة في الوهن الغير مسبوق
, ابكي لأني تذركرت بكاء الصحابة على قرب فقدهم لحبيبهم فعز علي أن أجد و أرى أبابكر و عمر و علي و البقية من الصحابة يبكون و هم
بالنسبة لنا شيء مقدس فدموعهم غالية و الله أغلى من الذهب و الفضة

أخي أباليث هذا الموقف عظيم والله لا يحس به إلا من حس بعظم القضية و أهميتها
أعتذر أخي أباليث غلبتني مدامعي

و الله يا رسول الله لأنت أحب إلى قلبي من نفسي و ولدي و أهلي و من الناس أجمعين
 
صلى الله عليه و سلم
ليتك ختمتها بنص الخطبة ليكون الموضوع كامل
ما الفرق بين الاستماع و الانصات
جزاك الله خيرا لانك اعدتنا الى العقيدة الصحيحة و ذكرتنا بهذه الخطبة و كثير من البشر يودعون و لا يشعرون بذالك
 
اهلا أخي اباليث و بارك الله فيك على مجهوداتك الطيبة

حجة الوداع أعظم خطبة في تاريخ البشرية و اهمها على الإطلاق و أشملها و أكملها و أجملها
كيف لا و هي من سيد الخق و خاتم الأنبياء في أواخر عمره
شرح فيها الدين كله فأوصى و حذر و نبه و أشار بلسان فاصح واضح
فبين كل الأمر أعظمه و أهونه صغيره و كبيره
فخوف و بشر
و بلغ فأسمع و حملنا الامانة و قال عليه الصلاة والسلام: ((فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلَّغ أوعى من سامع))
و هذا الحديث للأمة سابقها و متأخرها و واجب على المسلم تبليغ الخطبة لأخوانه و أهله و ولده
و من هم على مسؤوليته و تحت أمانته

خطبة تجعل اللبيب يتوقف عند كثير من النقاط
و من بينها كيف وقعت الخطبة على مسامع الأصحاب و هاهو حبيبهم يودعهم
فكم كانت الكلمة قاسية و وقعها كالزلزال على قلوبهم فقال: ((فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا))
كلمة عظيمة محزنة مدوية صاعقة على تلك القلوب التي أمتلأت حبا و عشقا و مرافقة لسيد الخلق محمد صلى الله عليه و سلم
ليس من السهل على تلك الأعين التي تعودت تكحيل ناظرها كل صباح و مساء برؤية ذالك الوجه الحسن
صاحب الابتسامة التي إن رأيتها و كأن باب من الجنة فتح أمامك
كيف لا يحزن الصحابة و صاحب الخلق العظيم يوشك على المغادرة و هم من اغترف من بحر حنانه و روعة خلقه و جما خلقته
إنهم على وشك فقدان الحبيب الذي تعودوا على الرجوع إليه في كل مسائلهم و مشاغلهم مهما عظمت او صغرت
لقد احبوه أكثر من أنفسهم و اهلهم و أمهاتهم و آبائهم فكانوا يرضون لأنفسهم الموت ألف ميتة بأشنعها طريقة
على أن تصيب رسول الله صلى الله عليه و سلم شوكة في نعله
لقد تعلقوا به و أصبح لهم كالروح للجسد حبا و شوقا فكان المسافر العائد يجري شوقا لرؤيته قبل ان يرى اولاده و عائلته
و كانت المرأة تسأل بعد الغزوة عن سلامة رسول الله قبل سؤالها عن أعز اولادها

حبيبي يا رسول الله
تركت الصحابة على المحجة البيضاء و ربيتهم فكانوا امة على الحق المبين
لقد بكاك الصحابة بكاء المفجوع و أكثر حرقة من أي بكاء

أبكي في هته اللحظة لسببين أولهما كم نحن بحاجة إليك يا حبيبي و الامة في الوهن الغير مسبوق
, ابكي لأني تذركرت بكاء الصحابة على قرب فقدهم لحبيبهم فعز علي أن أجد و أرى أبابكر و عمر و علي و البقية من الصحابة يبكون و هم
بالنسبة لنا شيء مقدس فدموعهم غالية و الله أغلى من الذهب و الفضة

أخي أباليث هذا الموقف عظيم والله لا يحس به إلا من حس بعظم القضية و أهميتها
أعتذر أخي أباليث غلبتني مدامعي

و الله يا رسول الله لأنت أحب إلى قلبي من نفسي و ولدي و أهلي و من الناس أجمعين
كلماتك هزت كياني و جعلتني أعيش اللحظة و العِبرة و العِظة، و أأسى على نفسي و تقصيرها في حب المصطفى عليه الصلاة و السلام و الاقتداء به، و الاقتفاء لأثره و إحياء سيرته، فاللهم عفوا و مغفرة فإنا مقصرون.
إن المطالع لسيرة صحبه الكرام عليهم الرضوان ليعرف قدر الحب الذي يضمرونه له، و لأنهم فعلا عرفوا قدره و من يكون، محمد الأزهر المبشر المنذر من حق لكل من أمن به أن يفديه بنفسه و عرضه و أهله و ماله، تمنيت والله لو كنت مع الصحب الكرام العشرة الذين أستشهدوا في أحد فداءا له بأنفسهم ليحي و ينجو بأبي هو و أمي عليه الصلاة و السلام، فكنت الحادي العشر فيكون ظهري و رأسي و جميع جوارحي ترسا له تقع النبال علي دونه، تمنيت لو أني كذلك، لكنه فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم، تمنيت لو أني في محل خباب بن الأرت حين قتل، لأنه قتل قتلة الرجال الشجعان الذين أحبوا الله و رسوله و أبوا أن يصيبه عليه الصلاة و السلام شوكة في محله و هم في العذاب و الأسر و القتل... تمنيت، لكن ليست النفوس سواء، فأنا العبد الضعيف المقصر الذي يعلم ضعفه و تقصيره فما كان الله ليُحَمِلني مثل ذلك، يقينا إن كنت مكانهم ما كنت لأصبر صبرهم و لا لأثبت ثباتهم.
كلمتك جلعت عبارتي تختلط بعَبَاراتي، فانطلق الكلام بلا زمام، فعساني لم اخلط و المقام مقام إعظم، إعظم لقدره و ما أدرك ما قدره عليه الصلاة و السلام.
 
كلماتك هزت كياني و جعلتني أعيش اللحظة و العِبرة و العِظة، و أأسى على نفسي و تقصيرها في حب المصطفى عليه الصلاة و السلام و الاقتداء به، و الاقتفاء لأثره و إحياء سيرته، فاللهم عفوا و مغفرة فإنا مقصرون.
إن المطالع لسيرة صحبه الكرام عليهم الرضوان ليعرف قدر الحب الذي يضمرونه له، و لأنهم فعلا عرفوا قدره و من يكون، محمد الأزهر المبشر المنذر من حق لكل من أمن به أن يفديه بنفسه و عرضه و أهله و ماله، تمنيت والله لو كنت مع الصحب الكرام العشرة الذين أستشهدوا في أحد فداءا له بأنفسهم ليحي و ينجو بأبي هو و أمي عليه الصلاة و السلام، فكنت الحادي العشر فيكون ظهري و رأسي و جميع جوارحي ترسا له تقع النبال علي دونه، تمنيت لو أني كذلك، لكنه فضل الله يؤتيه من يشاء و الله ذو الفضل العظيم، تمنيت لو أني في محل خباب بن الأرت حين قتل، لأنه قتل قتلة الرجال الشجعان الذين أحبوا الله و رسوله و أبوا أن يصيبه عليه الصلاة و السلام شوكة في محله و هم في العذاب و الأسر و القتل... تمنيت، لكن ليست النفوس سواء، فأنا العبد الضعيف المقصر الذي يعلم ضعفه و تقصيره فما كان الله ليُحَمِلني مثل ذلك، يقينا إن كنت مكانهم ما كنت لأصبر صبرهم و لا لأثبت ثباتهم.
كلمتك جلعت عبارتي تختلط بعَبَاراتي، فانطلق الكلام بلا زمام، فعساني لم اخلط و المقام مقام إعظم، إعظم لقدره و ما أدرك ما قدره عليه الصلاة و السلام.
أخي أباليث
إنه نبي عظيم و إنسان عظيم و صاحب خلق عظيم
و الله لهي أعظم نعمة علينا أن نكون من أمته فكم أحبنا و كم كان رحيما بأمته
و هو الذي جاءه ملك الجبال في الليلة الظلماء و دماؤه تنزف من قدميه الشريفتين قائلا له امرني أن اطبق عليهم الأخشبين
فكيف كان رده عليه الصلاةى و السلام قال له لا تفعل قالها رحمة بأمته و حبا لها راجيا لها الهداية
و هو الباحث عنا يوم القيامة بقوله سلم سلم و أمتي امتي
أخي اباليث هل نحن ضمن الغر المحجلين الشاربين من حوضه
هل نحن نستحق ان نقف معه يوم القيامة حينما يحشر كل حبيب مع حبيبه
هل نستحق حبه و هو النبي الوحيد الذي لم يدعوا على أمته
أخي أباليث هل رأيت الأرض الصخرية الممتدة بين مكة و المدينة تلك الصخور السوداء الحادة كالرماح
تخيل معي ان تلك الصخور مشى عليها سيدنا رسول الله في هجرته
تلك الصخور التي هي كالسكاكين في الحدة و التي تصبح كالجمر من أشعة الشمس
مشى عليها و تألم هاربا من قريش تاركا خلفه اهله و بناته و بلده و كل هذا لم يدعوا على أمته
بل كان رحمة بالناس رحمة بالموؤودة و رحمة بالعبيد و رحمة لنغير ( يا أبا عمير ما فعل النغير ) و رحمة بالصبية
رحمة للأأسرى و رحمة للأنعام و رحمة للدواب و رحمة للشجر و رحمة بجذع النخلة الذي بكى حين توسع المسجد
فمسح عليه بيديه الشريفتين
هل نستحق ان نكون أحباؤه
 
أخي أباليث
إنه نبي عظيم و إنسان عظيم و صاحب خلق عظيم
و الله لهي أعظم نعمة علينا أن نكون من أمته فكم أحبنا و كم كان رحيما بأمته
و هو الذي جاءه ملك الجبال في الليلة الظلماء و دماؤه تنزف من قدميه الشريفتين قائلا له امرني أن اطبق عليهم الأخشبين
فكيف كان رده عليه الصلاةى و السلام قال له لا تفعل قالها رحمة بأمته و حبا لها راجيا لها الهداية
و هو الباحث عنا يوم القيامة بقوله سلم سلم و أمتي امتي
أخي اباليث هل نحن ضمن الغر المحجلين الشاربين من حوضه
هل نحن نستحق ان نقف معه يوم القيامة حينما يحشر كل حبيب مع حبيبه
هل نستحق حبه و هو النبي الوحيد الذي لم يدعوا على أمته
أخي أباليث هل رأيت الأرض الصخرية الممتدة بين مكة و المدينة تلك الصخور السوداء الحادة كالرماح
تخيل معي ان تلك الصخور مشى عليها سيدنا رسول الله في هجرته
تلك الصخور التي هي كالسكاكين في الحدة و التي تصبح كالجمر من أشعة الشمس
مشى عليها و تألم هاربا من قريش تاركا خلفه اهله و بناته و بلده و كل هذا لم يدعوا على أمته
بل كان رحمة بالناس رحمة بالموؤودة و رحمة بالعبيد و رحمة لنغير ( يا أبا عمير ما فعل النغير ) و رحمة بالصبية
رحمة للأأسرى و رحمة للأنعام و رحمة للدواب و رحمة للشجر و رحمة بجذع النخلة الذي بكى حين توسع المسجد
فمسح عليه بيديه الشريفتين
هل نستحق ان نكون أحباؤه
أحسبك على خير أخي محمد، وفقنا الله و إياك و جميع إخواننا على المنتدى لنكون من خير أتباع نبيه عليه الصلاة و السلام و أنصاره دينه و الدعاة إليه على بصيرة
 
أحسبك على خير أخي محمد، وفقنا الله و إياك و جميع إخواننا على المنتدى لنكون من خير أتباع نبيه عليه الصلاة و السلام و أنصاره دينه و الدعاة إليه على بصيرة
اهلا اخي اباليث
حياك الله و بياك
ابشر ابشر اخي اوليث

طمني واش راهم الاهل و الاولاد و الاحباب
 
فكم كانت الكلمة قاسية و وقعها كالزلزال على قلوبهم فقال: ((فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا))
كم كانت هذه الكلمة مؤثرة و مدوية و تهز الكيان إن لم تشل الأركان، فما عسانا أن نقول إلا ما قال ربنا: ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ(34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35))

أبكي في هته اللحظة لسببين أولهما كم نحن بحاجة إليك يا حبيبي و الامة في الوهن الغير مسبوق
الحمد لله تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فترك فينا الكتاب و السنة لن نضل و لن نشقى ما تمسكنا بهما أبدا، و كم كان من أثر لكلمة أبي بكر رضي الله عنه بعد وفاة رسول الهدى عليه الصلاة و السلام، حين خرج على الناس خطيبا قائلا كلمته الخالدة: (من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت)، و سبب تفرقنا ووهننا هو ما دل عليه قوله عليه الصلاة و السلام: عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ) .
و الله يا رسول الله لأنت أحب إلى قلبي من نفسي و ولدي و أهلي و من الناس أجمعين
و الله إنه عليه الصلاة و السلام أحب إلينا من أنفسنا التي بين جُنوبنا، فعن عبدالله بن هشام رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك))، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((الآن يا عمر))؛ رواه البخاري


يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: محبة الله بل محبة الله ورسوله من أعظم واجبات الإيمان، وأكبر أصوله، وأجلِّ قواعده، بل هي أصل كل عمل من أعمال الإيمان والدِّين؛ اهـ[2]، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24]، قال القرطبي رحمه الله: في الآية دليل على وجوب حب الله ورسوله، ولا خلاف في ذلك بين الأمة، وأن ذلك مقدم على كل محبوب[3]، وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين))[4].

الفائدة الثانية: من علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم: تمنِّي رؤيته بالمال والأهل والولد؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مِن أشد أمتي لي حبًّا: ناس يكونون بعدي، يود أحدهم لو رآني بأهله وماله))؛ رواه مسلم[5]، قال ابن حجر - رحمه الله -: من علامة الحب المذكور أن يعرض على المرء أن لو خُيِّر بين فَقْد غرض من أغراضه، أو فقد رؤية النبي صلى الله عليه وسلم أن لو كانت ممكنة، فإن كان فقدها أن لو كانت ممكنة أشد عليه من فقد شيء من أغراضه فقد اتصف بالأحبية المذكورة، ومن لا فلا، وليس ذلك محصورًا في الوجود والفقد، بل يأتي مثله في نصرة سنته والذب عن شريعته، وقمع مخالفيها، ويدخل فيه باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ اهـ[6]، وسأل رجلٌ أسد بن الفرات رحمه الله تعالى عن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يكون الرجل مؤمنًا حتى أكون أحب إليه من ولده وأهله والناس أجمعين))، وقال له: أخاف ألا أكون كذلك؟ فقال له: أرأيت لو كان النبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا فقُرِّب ليُقتَل، أكنت تفديه بنفسك؟ قال: نعم، قال: وولدك؟ قال: نعم،فقال: لا بأس،فقال له الرجل: فرَّجتها عني فرَّج الله عنك[7].

الفائدة الثالثة: من علامات محبة النبي صلى الله عليه وسلم - وهي أيضًا من أسباب زيادة محبته وتنميتها في النفوس -: الاقتداء به في سنته في جميع أمورك المشروعة، بل كان بعض السلف يقتدي به في فعل المباحات لما ترسخت عندهم محبته صلى الله عليه وسلم، فأين أنت منه صلى الله عليه وسلم في توحيده لربه جل وعلا، وتوكله عليه، واستعانته به في أموره كلها؟ وأين أنت منه صلى الله عليه وسلم في عباداتك؟ تصلي كما صلى وتجتهد في ذلك وتستشعر اقتداءك به في كل حركة من صلاتك، فتعمل كما عمل، وفي نفقتك وصدقتك، وفي صيامك، وفي ذكر الله تعالى واستغفاره، وفي قيام الليل، وكذلك في غير العبادات المحضة؛ كاللباس والزينة وسنن الفطرة والنوم ومعاملة الناس، وغيرها، ومن علامات محبته: محبة السنة والغيرة عليها والدعوة إليها، ومنها: كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، وبخاصة عند ذكره، ويوم الجمعة، ومنها: قراءة سيرته وأحاديثه، وإكثار المطالعة فيها، فمن لا يعرف عنه إلا اسمه كيف يزداد له محبة؟ وكيف يقتدي به؟ ومنها: محبة أصحابه رضي الله عنهم ومطالعة سيرهم، وكيف كانت حياتهم معه صلى الله عليه وسلم.

[1] رواه البخاري في كتاب الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم 6/ 2445 (6257).
[2] التحفة العراقية ص57.
[3] الجامع لأحكام القرآن 8/ 95.
[4] رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان 1/ 14 (15)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين وإطلاق عدم الإيمان على من لم يحبه هذه المحبة 1/ 67 (44).
[5] رواه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب فيمن يود رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بأهله وماله 4/ 2178 (2832).
[6] فتح الباري 1/ 60.
[7] ترتيب المدارك للقاضي عياض 1/ 475 - 476.


رابط الموضوع: حديث: حتى أكون أحب إليك من نفسك


رابط الموضوع: حديث: حتى أكون أحب إليك من نفسك
 
آخر تعديل:
اهلا اخي اباليث
حياك الله و بياك
ابشر ابشر اخي اوليث

طمني واش راهم الاهل و الاولاد و الاحباب
الحمد لله أخي الحبيب، إستقت إليكم إخواني الكرام، و بخاصة إلى تعليقاتك النيرة و مشاركاتك الطيبة في المواضيع السالفة، لي رجعة إن شاء الله.
 
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز اخي الذي استفدت منه كثيرا جزيت خيرا
 
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
بارك الله فيكم و جزاكم كل خير
و جعله في ميزان حسناتكم
احترامي و تقديري
شكرا​
 
1 - مكانة خطبه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع



إن أحسن الخطب وأوفاها بياناً وأتماها نصحاً خطبُ نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم فقد جمع الله له في خطبه المنيفة جمال البيان وحسن الإفهام وقلة ألفاظ الكلام، بل ما سمع قط كلامُ أحد من البشر أعمُّ نفعاً، ولا أفصح معنى، ولا أصدق لفظاً، ولا أحسن موقعاً ولا أسهل مخرجاً ولا أوفى نصحاً من كلامه الشريف صلى الله عليه وسلم ، وقد آتاه الله جوامع الكلم وخصه ببدائع الحكم، كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بعثت بجوامع الكلم)).
قال الزهري رحمه الله: ((جوامع الكلم ـ فيما بلغنا ـ أن الله يجمع له الأمورَ الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين ونحو ذلك)).
ومن يتأمل خطبه صلوات الله وسلامه عليه يجدُ فيها الوفاء والنصح والبيان، وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجةُ المخاطبين ومصلحتُهم، إلاّ أنها في الجملة كان مدارُها على حمد الله والثناء عليه بآلائه وأوصاف كماله ومحامده وتعليمِ قواعد الإسلام وذكرِ الجنة والنار والمعاد والأمر بتقوى الله وتبيين موارد غضبه ومواقع رضاه.
والحج مناسبة كريمة وفرصة ثمينة للنصح والتوجيه والوعظ والتنبيه والتعليم والإرشاد، إذ القلوب فيه مقبلة والنفوس مطمئنة والرغبة في الخير شديدة، فحريٌ بالدعاة إلى الله تعالى أن تتضافر جهودهم وتتوافر هممهم في هذا الموسم المبارك نصحاً وتعليماً وإرشاداً وتوجيهاً مقتفين آثار نبيهم الكريم مهتدين بهديه القويم، وأن يكون مرتكزُ كلامهم ما دعا إليه ومحورُ نصحهم وبيانهم ما أرشد إليه، إذ هو عليه الصلاة والسلام أنصحُ الناس للناس، بل هو قدوة الناصحين وإمام المرشدين {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].
وقد كان لخطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على وجه الخصوص شأنٌ عظيم إذ هي وصية مودع والمودع يستقصي ما لا يستقصي غيرُهُ في القول والفعل، وقد عرّض في خطبته في حجة الوداع بذلك فقال: ((فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا))، وطفق يودّع الناس، فقالوا: هذه حجة الوداع. ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما في شأن هذه الخطبة: ((فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته صلى الله عليه وسلم إلى أمته)) رواه البخاري.
ويدل لأهمية هذه الخطبة وعظيم شأنها أمورٌ عديدة منها:
أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم ودع الناس على إثرها فهي وصية مودع كما سبق إيضاح ذلك.
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم استنصت الناس أي طلب منهم أن ينصتوا، ففي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع: ((استنصت الناس)). مما يدل على أهمية الأمر، حيث إن الخطبة لما كانت مشتملة على صلاح الناس وسعادتهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة ناسب أن يأمرهم بالإنصات الذي يؤثر فيهم العلمَ والانتفاع ومن ثم العملَ والارتفاع. وقد نُقل عن سفيانَ الثوريِّ وغيرِه أنه قال: ((أولُ العلم الاستماع ثم الانصات ثم الحفظ ثم العمل ثم النشر)).
ثالثاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في خطبته تلك يتطاول من أجل إسماع الناس. ففي المسند عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس في حجة الوداع وهو على الجدعاء واضع رجله في غَراز الرحل يتطاول يقول ألا تسمعون)).
رابعاً: أن الله عز وجل فتح أسماع الناس في ذلك اليوم فكانوا يسمعون كلامه صلى الله عليه وسلم وهم في منازلهم. ففي سنن النسائي عن عبد الرحمن بن معاذ رضي الله عنه قال: ((خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ففتح الله أسماعنا، حتى إنْ كنّا لنسمعُ ما يقول ونحن في منازلنا)).
خامساً: أنه صلى الله عليه وسلم اتخذ من يبلغ عنه، ففي سنن أبي داود عن رافع بن عمرو المزني قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء، وعليٌّ رضي الله عنه يعبّر عنه، والناس بين قاعد وقائم)).
وقوله: ((وعليٌّ رضي الله عنه يعبر عنه)) من التعبير، أي: يبلّغ حديثه مَنْ هو بعيدٌ من النبي صلى الله عليه وسلم.
سادساً: قوله صلى الله عليه وسلم في الخطبة: ((ألا هل بلّغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد)) وتكراره لذلك.
سابعاً: أمرُهم بأن يبلغ الشاهدُ منهم الغائب، ففي حديث أبي بكرة رضي الله عنه في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام: ((فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلَّغ أوعى من سامع)).
ثامناً: استعماله صلى الله عليه وسلم في خطبته أسلوب الحض والتنبيه وشدِّ الانتباه ((ألا هل بلغت))، ((ألا ليبلغ الشاهد الغائب))، ((ألا فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض))، وتَكرّر مثلُ هذا في مواضع من خطبته. وكذلك أساليبُ التوكيد كقوله: ((إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا))، وفي هذا ما فيه من الاهتمامِ وتقويةِ الكلام وتثبيتهِ في أذهان سامعيه.
تاسعاً: التأمل في مضامين هذه الخطبة العظيمة ودلالاتها المباركة حيث قرر فيها صلوات الله وسلامه عليه قواعد الملة الحنيفية، وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية، وقرر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت الملل على تحريمها إلى غير ذلك من المضامين العظيمة التي اشتملت عليها خطبته، مما سنقف على جملته من خلال هذه الرسالة بإذن الله عز وجل.
فكل ذلك يدل دلالة واضحة على أهمية شأن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأهمية العناية بها، وأن الحاجة ماسة إلى معرفتها في حق كل مسلم صغير أو كبير ذكر أو أنثى. رزقنا الله البصيرة بسنته والاهتداء بهديه.
شكر
1 - مكانة خطبه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع



إن أحسن الخطب وأوفاها بياناً وأتماها نصحاً خطبُ نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم فقد جمع الله له في خطبه المنيفة جمال البيان وحسن الإفهام وقلة ألفاظ الكلام، بل ما سمع قط كلامُ أحد من البشر أعمُّ نفعاً، ولا أفصح معنى، ولا أصدق لفظاً، ولا أحسن موقعاً ولا أسهل مخرجاً ولا أوفى نصحاً من كلامه الشريف صلى الله عليه وسلم ، وقد آتاه الله جوامع الكلم وخصه ببدائع الحكم، كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بعثت بجوامع الكلم)).
قال الزهري رحمه الله: ((جوامع الكلم ـ فيما بلغنا ـ أن الله يجمع له الأمورَ الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد والأمرين ونحو ذلك)).
ومن يتأمل خطبه صلوات الله وسلامه عليه يجدُ فيها الوفاء والنصح والبيان، وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجةُ المخاطبين ومصلحتُهم، إلاّ أنها في الجملة كان مدارُها على حمد الله والثناء عليه بآلائه وأوصاف كماله ومحامده وتعليمِ قواعد الإسلام وذكرِ الجنة والنار والمعاد والأمر بتقوى الله وتبيين موارد غضبه ومواقع رضاه.
والحج مناسبة كريمة وفرصة ثمينة للنصح والتوجيه والوعظ والتنبيه والتعليم والإرشاد، إذ القلوب فيه مقبلة والنفوس مطمئنة والرغبة في الخير شديدة، فحريٌ بالدعاة إلى الله تعالى أن تتضافر جهودهم وتتوافر هممهم في هذا الموسم المبارك نصحاً وتعليماً وإرشاداً وتوجيهاً مقتفين آثار نبيهم الكريم مهتدين بهديه القويم، وأن يكون مرتكزُ كلامهم ما دعا إليه ومحورُ نصحهم وبيانهم ما أرشد إليه، إذ هو عليه الصلاة والسلام أنصحُ الناس للناس، بل هو قدوة الناصحين وإمام المرشدين {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب:21].
وقد كان لخطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على وجه الخصوص شأنٌ عظيم إذ هي وصية مودع والمودع يستقصي ما لا يستقصي غيرُهُ في القول والفعل، وقد عرّض في خطبته في حجة الوداع بذلك فقال: ((فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا))، وطفق يودّع الناس، فقالوا: هذه حجة الوداع. ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما في شأن هذه الخطبة: ((فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته صلى الله عليه وسلم إلى أمته)) رواه البخاري.
ويدل لأهمية هذه الخطبة وعظيم شأنها أمورٌ عديدة منها:
أولاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم ودع الناس على إثرها فهي وصية مودع كما سبق إيضاح ذلك.
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم استنصت الناس أي طلب منهم أن ينصتوا، ففي الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع: ((استنصت الناس)). مما يدل على أهمية الأمر، حيث إن الخطبة لما كانت مشتملة على صلاح الناس وسعادتهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة ناسب أن يأمرهم بالإنصات الذي يؤثر فيهم العلمَ والانتفاع ومن ثم العملَ والارتفاع. وقد نُقل عن سفيانَ الثوريِّ وغيرِه أنه قال: ((أولُ العلم الاستماع ثم الانصات ثم الحفظ ثم العمل ثم النشر)).
ثالثاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في خطبته تلك يتطاول من أجل إسماع الناس. ففي المسند عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس في حجة الوداع وهو على الجدعاء واضع رجله في غَراز الرحل يتطاول يقول ألا تسمعون)).
رابعاً: أن الله عز وجل فتح أسماع الناس في ذلك اليوم فكانوا يسمعون كلامه صلى الله عليه وسلم وهم في منازلهم. ففي سنن النسائي عن عبد الرحمن بن معاذ رضي الله عنه قال: ((خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ففتح الله أسماعنا، حتى إنْ كنّا لنسمعُ ما يقول ونحن في منازلنا)).
خامساً: أنه صلى الله عليه وسلم اتخذ من يبلغ عنه، ففي سنن أبي داود عن رافع بن عمرو المزني قال: ((رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء، وعليٌّ رضي الله عنه يعبّر عنه، والناس بين قاعد وقائم)).
وقوله: ((وعليٌّ رضي الله عنه يعبر عنه)) من التعبير، أي: يبلّغ حديثه مَنْ هو بعيدٌ من النبي صلى الله عليه وسلم.
سادساً: قوله صلى الله عليه وسلم في الخطبة: ((ألا هل بلّغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد)) وتكراره لذلك.
سابعاً: أمرُهم بأن يبلغ الشاهدُ منهم الغائب، ففي حديث أبي بكرة رضي الله عنه في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام: ((فليبلغ الشاهد الغائب فرب مبلَّغ أوعى من سامع)).
ثامناً: استعماله صلى الله عليه وسلم في خطبته أسلوب الحض والتنبيه وشدِّ الانتباه ((ألا هل بلغت))، ((ألا ليبلغ الشاهد الغائب))، ((ألا فلا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض))، وتَكرّر مثلُ هذا في مواضع من خطبته. وكذلك أساليبُ التوكيد كقوله: ((إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا))، وفي هذا ما فيه من الاهتمامِ وتقويةِ الكلام وتثبيتهِ في أذهان سامعيه.
تاسعاً: التأمل في مضامين هذه الخطبة العظيمة ودلالاتها المباركة حيث قرر فيها صلوات الله وسلامه عليه قواعد الملة الحنيفية، وهدم فيها قواعد الشرك والجاهلية، وقرر فيها تحريم المحرمات التي اتفقت الملل على تحريمها إلى غير ذلك من المضامين العظيمة التي اشتملت عليها خطبته، مما سنقف على جملته من خلال هذه الرسالة بإذن الله عز وجل.
فكل ذلك يدل دلالة واضحة على أهمية شأن خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأهمية العناية بها، وأن الحاجة ماسة إلى معرفتها في حق كل مسلم صغير أو كبير ذكر أو أنثى. رزقنا الله البصيرة بسنته والاهتداء بهديه.
شكرا جزيلا لك اخي ابو ليث على الموضوع فحجة الوداع يوم مميز عند المسلمين فيها اوصان الرسول بعدة توصيات لكن اين هي تلك التوصيات في مثل هذا الزمان المتوحش والظالم
اللهم في مثل هذا اليوم العظيم ان تقبل منا صالح الاعمال وتكسبنا الثواب والاجر وشكرا
ومرحبا بك اخي
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top