حربٌ على الفضيلة
الحمد لله معزِّ من أطاعه واتقاه، ومذلِّ من أضاع أمره وعصاه، وفَّق أهل طاعته للعمل بما يرضاه، وحقَّق على أهل معصيته ما قدَّره عليهم وقضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا نعبد إلا إياه ولا ربَّ لنا سواه، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا في الله حق جهاده وكان هواهم تبعًا لهداه.
أما بعد:
أيها المسلمون:
فإنَّ الغَيْرة على العرض والشرف أغلى ما يكون، وأنفس ما يُملك، وبه يتميز الشرفاء من الساقطين، والأعزة من الأذلة.
فليحذر العاقل أن يفرط في غيرته على نسائه، ويسلم زمام أموره إلى دعاة الضلالة والانحراف، فينجرفوا به نحو الهاوية.
أصون عرضي بمالي لا أدنسه
لا بارك الله بعد العرض بالمالِ
أحتال للمال إن أودى فأكسبه
ولست للعرض إن أودى بمحتالِ
واعلموا أن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه، كما صح بذلك الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فالغيرة من الصفات المحمودة، التي من اتصف بها علا شأنه وارتفع، ومَن فقدها صار من سقط المتاع، قال سعد بن عبادة -رضي ا لله عنه-: (لو رأيت مع امرأتي رجلًا لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير من سعد، والله أغير مني).
وأرسل عليٌّ رضي الله عنه إلى إحدى المدن يخاطب أهلها فكتب: "بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج -كفار العجم- في الأسواق!! ألا تغارون؟! إنه لا خير فيمن لا يغار"، فكيف لو رأى حالنا وما وصلنا إليه؟!
واعلموا أنَّ مما دأب عليه المنافقون، محاربتهم للفضائل، وفتح باب الرذائل، ولا يزالون يتربصون بالمؤمنين الدوائر، بغيةَ أن يظفروا بمطلوبهم، وتقرَّ أعينهم بتسارع الناس إلى ما يدعون إليه من الانحراف وتخطي أسوار الفضيلة (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاء).
أيها المسلمون:
إن المنافقين يريدون خلع الستر من نسائكم، وإن العلمانيين يعملون من أجل ذلك ليل نهار، ولذلك فقد فتحوا على المسلمين أسباب الفساد والانحطاط، فهَبُّوا إلى الدعوة إلى الاختلاط وتآزروا من أجل تحقيق هذه الغاية، لعلمهم أنهم سينالون من خلاله ومع مرور الأيام ما لا يتصوَّره عقل.
وقد حصل لهم ما أرادوا، وحقَّقوا كثيرًا من النتائج التي لم يكونوا ليصلوا إليها لولا هذا الاختلاط الشنيع.
ومن أبرز نتائجه تلك المعاكسات التي أصبحت من نوع المألوف، ولعلك لا تجد -إلا في النادر- من خلا من صديقة، فقد انتشرت المعاكسات بين الجنسين، وكثرت الخيانات الزوجية، وزاد السفه خصوصًا بين أطراف المتزوجين، والمتزوجات على وجه الخصوص.
وانظر، كم من اللقطاء يوجد مرميًّا عند أبواب المساجد، وأرصفة الشوارع، وعند الحاويات، وبعضهم يوجد مقتولًا بغير حق!
هل هو من نتاج الحلال، أم العلاقات المحرمة؟!
أتدرون أنه أصبح مألوفًا عند بعض الناس أن يكون للرجل عشيقة؟!
وهذا هيِّن بالنسبة للمصيبة الكبرى والتي ترى أن كون المرأة لها صديق، أن هذا أمرٌ مألوف! والله جعل من صفات المؤمنات أنهن ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾، أي: عشاق وأصدقاء.
وأعظم الكمد أنْ سلك العلمانيون الأراذل مسلك السوء، وذلك باستفزاز أهل الخير المحافظين بعبارات لاذعة شنيعة، فأحدهم يكتب: "إن هوايتي معاكسة ذوات النسب"، وآخر يقول: "عليكم ببنات النسب فإنهن لا يحملن الإيدز".
وأنتم تعرفون ماذا يعنون، وماذا يقصدون.
يريدونكم أنتم أيتها البقية الباقية! يريدون إذلال تلك الرءوس العالية، وتلك الأنوف الشاهقة، فيا لغباء من طاوعهم في ذلك.
إخواننا: لنعترفَ أننا نعيش أزمة في الأخلاق إلى أبعد حد!
لا تقولوا إني أبالغ.
فهل ننتظر اليوم الذي يبحث فيه الرجل عن زوجة عفيفة فلا يجد؟!
إنَّ بعض النساء فقدن الحياء بسبب ضعفهن وعدم الرقيب، فبعضهن حين تصل إلى محل دراستها المشبوه، خلعت الحجاب الشرعي الذي تسترت به، وتبرجت تبرج الساقطات، فما الذي يدفعها لذلك؟!
ضعف التربية، وقلة الرقيب.
بنات صغيرات في المدارس يحملن الهاتف الجوال! من أجل ماذا؟!.. لِمَ؟! أسئلة تحتاج إلى جواب؟!
يجب أن نراجع أنفسنا في تربيتنا لبناتنا، فإن التربية هي اللبنة الأولى للسلوك الحسن، قال -صلى الله عليه وسلم-: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت".
وقد قيل:
إذا ما الجرح رم على فساد
تبين فيه إهمال الطبيب
انتبهوا لما يراد بكم، لا تفتنكم تلك الصرخات الفاجرة من أدعياء الغربية من العلمانيين والمنافقين، ممن عمت بهم الصحف وضجت.
أتدرون ماذا يريدون بكم؟
يريدون أن يسلبوكم الشرف والعفة، التي تنعمون بها وقد افتقدوها.
ماذا يعني أن تكتب إحدى الفاجرات تنادي بإقامة مراقص ديسكو للشباب والفتيات للترفيه عن أنفسهم!
إنهم يحسدونكم على الستر والحياء الذي افتقدوه، فيريدون أن تكونوا وإياهم سواء، قال عثمان -رضي الله عنه-: "ودت الزانية لو أن النساء كلهن زوانٍ".
إنهم يريدون تحطيمكم بتعليقاتهم الساخرة على الحجاب، وعلى المتمسكين بالدين بأنهم رجعيون، من أجل أن تنهزموا أمام نداءاتهم، فتسلِّموا لهم زمام القيادة فينزلوا بكم نحو الهاوية.
إنهم يريدون سلب بناتكم والاستمتاع بهن، فهم يحقدون على محافظتكم وكبريائكم.
فالواجب على كل رجل أن يتقي الله، وأن يغار على محارمه، واسمع ما قالته إحدى النساء متحسرة بعد فوات نصيبها من العفة والشرف، تقول: "ما من امرأة تفرط في فضيلتها، إلا وهي ذنب رجل قد أهمل في واجبه".
أيها المسلمون:
إن المنافقين والعلمانيين يحقدون على شرفكم، ويتساءلون متحسرين: لماذا هم فقط؟ أي محافظين!
أليس من الغبن والقهر أن تنام من كان أهلها رأس الشرف، وعنوان الشجاعة، تنام بغيًّا بين يدي هؤلاء الكلاب؟!
احرصوا على أعراضكم، لا تعرِّض نساءك للفتنة وتطلب منهن المستحيل، لا تضعها بين يدي الرجال وتقول: امتنعي.
أروني رجلًا واحدًا منكم يستطيع أن يملك هواه بين يدي امرأة يهواها، فأصدِّق أن هناك امرأة تملك هواها بين يدي رجل تخالطه وتميل إليه.
فإن كنتم تعجزون عن ذلك فاعلموا أن النساء أعجز.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون، وبعدله ضلَّ الضالون، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا أيتها الأخت المحافظة:
في هذا الوقت الذي تغيَّر فيه كل شيء، ولم يبق من الأخلاق في كثير من الأماكن إلا آثارها، وفقدنا فيه كثيرًا من الشباب الغيور بسبب تبلُّد أحاسيسهم، وفقدنا كثيرًا من الرجال بسبب انعكاس مفاهيمهم، وفي حين غياب الرقيب الحريص على محارمه أن تنتهك، وأسواره أن تُتَسلق، نتوجه إليك بهذا النداء نخاطب فيك دينك وسترك وحياءك.
أختاه:
في وقت بدأ فيه أهل الشر يتلمَّظون تلمظ الأفاعي، وحملوا بين جوانحهم قلوب الذئاب، ولبسوا زي الثعالب.
في هذا الوقت المكتظ بالفتن والآفات، ومع افتقاد الرجل الغيور، حافظي على نفسك، وتمسكي بحجابك، فإن حجابكِ هو عفافكِ وكنزكِ الغالي فلا تُفرِّطي فيه.
معاول الهدم كثيرة! تحاصركِ من كل جانب فانتبهي وتيقظي.
احذري أن يقتلنا دعاة الفجور من خلالكِ، لا يطعنوننا طعنة الغدر عن طريقك.
يا أختنا.. يا شرفنا.. يا مستودع أعراضنا: تمسكي بعفافك، وحجابك الشرعي في زمن الغربة.
لا يضعفنك كثرة ما ترين من اللاهثات وراء الساقطات، فأنت أغلى وأعلى، لست معقدة، لست متخلفة، لست رخيصة.
فكم من عفيف يطمع بك زوجة، يثق بك حين خروجه، ويستودعك
أغلى ما يملك، وكم من مستهتر لا ينظر إلى تلك الساقطة سوى أنها "لعبة إلى أجل".
يا ثروتنا الغالية، يا مستودع العفة، يا نادرة في زمن الضياع، يا عنوان العفاف: لا تستوحشي الغربة، فغربتك محمودة تزول كلما ازددت بالله أنسًا.
لا تتصوري تلك الساقطة سعيدة!! ومن أين تأتيها السعادة وهي تعرف أن أقصى طموح الرجال بها أن تكون عشيقة.
احذري من داعيات السوء اللاتي فقدن أعز ما تملكه كل امرأة، فإنهن يردن سحبك إلى المستنقع اللاتي غرقن فيه.
احذري دعاة الفجور ودعاواهم المضللة بأي اسم كانت! إنهم يريدون ابتذالك!! فهل ترضين لنفسك بالدنية؟!
انتبهي أن تسيري في ركابهم، وتقعي في مكائدهم، انتبهي يا من رفع الوالدُ والولدُ والأخُ بك الرأس، لا تذلي تلك الرءوس بأن تنامي بين أحضان ساقط يذل وراءك قبيلة المجد.
انظري إليه يفتخر أنه تلاعب بك يا ابنة الشرف والعز!
وهو من هو؟!! يا للقهر والكمد!
ألا يحق لنا أن نذرف الدموع على العرض المذل، والشرف المنحدر؟!
إن شريحة يريدون أن يتلاعبوا بك، كانوا لا يظفرون من أسلافك ولا بفكرة، فكيف يتلاعبون بك على موائد السقوط.
لا تغتري بنداءاتهم للتحرر، وإعطاء الحقوق للمرأة، فإنما تبرجك يريدون، ولكي تأتي إليهم مطاوعة، ولسان حالك يقول: "هيت لكم افعلوا ما شئتم دون قيود"، ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾.
لا يدخلون عليك مدخل السوء، فمكائدهم كثيرة، وحيلهم دنيئة وقد تمرسوا الباطل حتى أتقنوا فنونه.
إن هؤلاء لو قالوا لك: اخلعي حجابك الشرعي لأبيتِ وصرختِ: حجابي حجابي، فدخلوا عليك باستدراج الشيطان، فهل تستيقظين أختاه؟
اعلمي أن الستر زينة المرأة، فإن اتخذت الستر فاتخذيه لله، لأن هذا هو الباقي، فربما تبتلين برجل حقير ديوث!! فإياك أن تنزعي رداء الحشمة والأنفة من أجل ديوث ليس برجل.
وإذا اتخذت الحجاب الشرعي والستر من أجل الله، وللحفاظ على نفسك، فالبسيه كما أراده الله منك، فلا تتفنني بكشف سترك فهو رأس مالك الباقي.
واعلمي أنك حين تلبسين الحجاب الشرعي، فإنك تلبسينه طاعة لربك، وحري بك -وهذا حالك- أن ترفعي به رأسًا، وتبتهجي به أنسًا.
أليس غريبًا أن تفخر المتبرجة بتبرجها، ولا تفتخري أنت بحجابك؟!
احمدي الله على نعمة الحجاب الشرعي وتمكنك من لبسه، فكم من امرأة تتمنى هذه النعمة ولم توفق إليها، أو أنها حجبت عنها لأسباب فوق إرادتها.
جملي باطنك بالتقوى كما جملت ظاهرك بالحجاب الذي هو علامة العفيفات.
واحذري أن تلفك الموجة كما دارت بغيرك، فجعلت مشرقه غربًا وشماله جنوبًا.
احذري التبرج المعلب الذي لم يأخذ من الستر إلا اسمه، ولم يبق معه من الحجاب إلا رسمه.
أختاه:
المآسي كثيرة، والمواجع متناهية الأطراف، والفتن واسعة الأرجاء، فانتبهي أن تضيعي، فبضياعك تضيع أمة، فهل تَعين ذلك؟
الحمد لله معزِّ من أطاعه واتقاه، ومذلِّ من أضاع أمره وعصاه، وفَّق أهل طاعته للعمل بما يرضاه، وحقَّق على أهل معصيته ما قدَّره عليهم وقضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا نعبد إلا إياه ولا ربَّ لنا سواه، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا في الله حق جهاده وكان هواهم تبعًا لهداه.
أما بعد:
أيها المسلمون:
فإنَّ الغَيْرة على العرض والشرف أغلى ما يكون، وأنفس ما يُملك، وبه يتميز الشرفاء من الساقطين، والأعزة من الأذلة.
فليحذر العاقل أن يفرط في غيرته على نسائه، ويسلم زمام أموره إلى دعاة الضلالة والانحراف، فينجرفوا به نحو الهاوية.
أصون عرضي بمالي لا أدنسه
لا بارك الله بعد العرض بالمالِ
أحتال للمال إن أودى فأكسبه
ولست للعرض إن أودى بمحتالِ
واعلموا أن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرم الله عليه، كما صح بذلك الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
فالغيرة من الصفات المحمودة، التي من اتصف بها علا شأنه وارتفع، ومَن فقدها صار من سقط المتاع، قال سعد بن عبادة -رضي ا لله عنه-: (لو رأيت مع امرأتي رجلًا لضربته بالسيف غير مصفح، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتعجبون من غيرة سعد؟ لأنا أغير من سعد، والله أغير مني).
وأرسل عليٌّ رضي الله عنه إلى إحدى المدن يخاطب أهلها فكتب: "بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج -كفار العجم- في الأسواق!! ألا تغارون؟! إنه لا خير فيمن لا يغار"، فكيف لو رأى حالنا وما وصلنا إليه؟!
واعلموا أنَّ مما دأب عليه المنافقون، محاربتهم للفضائل، وفتح باب الرذائل، ولا يزالون يتربصون بالمؤمنين الدوائر، بغيةَ أن يظفروا بمطلوبهم، وتقرَّ أعينهم بتسارع الناس إلى ما يدعون إليه من الانحراف وتخطي أسوار الفضيلة (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاء).
أيها المسلمون:
إن المنافقين يريدون خلع الستر من نسائكم، وإن العلمانيين يعملون من أجل ذلك ليل نهار، ولذلك فقد فتحوا على المسلمين أسباب الفساد والانحطاط، فهَبُّوا إلى الدعوة إلى الاختلاط وتآزروا من أجل تحقيق هذه الغاية، لعلمهم أنهم سينالون من خلاله ومع مرور الأيام ما لا يتصوَّره عقل.
وقد حصل لهم ما أرادوا، وحقَّقوا كثيرًا من النتائج التي لم يكونوا ليصلوا إليها لولا هذا الاختلاط الشنيع.
ومن أبرز نتائجه تلك المعاكسات التي أصبحت من نوع المألوف، ولعلك لا تجد -إلا في النادر- من خلا من صديقة، فقد انتشرت المعاكسات بين الجنسين، وكثرت الخيانات الزوجية، وزاد السفه خصوصًا بين أطراف المتزوجين، والمتزوجات على وجه الخصوص.
وانظر، كم من اللقطاء يوجد مرميًّا عند أبواب المساجد، وأرصفة الشوارع، وعند الحاويات، وبعضهم يوجد مقتولًا بغير حق!
هل هو من نتاج الحلال، أم العلاقات المحرمة؟!
أتدرون أنه أصبح مألوفًا عند بعض الناس أن يكون للرجل عشيقة؟!
وهذا هيِّن بالنسبة للمصيبة الكبرى والتي ترى أن كون المرأة لها صديق، أن هذا أمرٌ مألوف! والله جعل من صفات المؤمنات أنهن ﴿مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ﴾، أي: عشاق وأصدقاء.
وأعظم الكمد أنْ سلك العلمانيون الأراذل مسلك السوء، وذلك باستفزاز أهل الخير المحافظين بعبارات لاذعة شنيعة، فأحدهم يكتب: "إن هوايتي معاكسة ذوات النسب"، وآخر يقول: "عليكم ببنات النسب فإنهن لا يحملن الإيدز".
وأنتم تعرفون ماذا يعنون، وماذا يقصدون.
يريدونكم أنتم أيتها البقية الباقية! يريدون إذلال تلك الرءوس العالية، وتلك الأنوف الشاهقة، فيا لغباء من طاوعهم في ذلك.
إخواننا: لنعترفَ أننا نعيش أزمة في الأخلاق إلى أبعد حد!
لا تقولوا إني أبالغ.
فهل ننتظر اليوم الذي يبحث فيه الرجل عن زوجة عفيفة فلا يجد؟!
إنَّ بعض النساء فقدن الحياء بسبب ضعفهن وعدم الرقيب، فبعضهن حين تصل إلى محل دراستها المشبوه، خلعت الحجاب الشرعي الذي تسترت به، وتبرجت تبرج الساقطات، فما الذي يدفعها لذلك؟!
ضعف التربية، وقلة الرقيب.
بنات صغيرات في المدارس يحملن الهاتف الجوال! من أجل ماذا؟!.. لِمَ؟! أسئلة تحتاج إلى جواب؟!
يجب أن نراجع أنفسنا في تربيتنا لبناتنا، فإن التربية هي اللبنة الأولى للسلوك الحسن، قال -صلى الله عليه وسلم-: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت".
وقد قيل:
إذا ما الجرح رم على فساد
تبين فيه إهمال الطبيب
انتبهوا لما يراد بكم، لا تفتنكم تلك الصرخات الفاجرة من أدعياء الغربية من العلمانيين والمنافقين، ممن عمت بهم الصحف وضجت.
أتدرون ماذا يريدون بكم؟
يريدون أن يسلبوكم الشرف والعفة، التي تنعمون بها وقد افتقدوها.
ماذا يعني أن تكتب إحدى الفاجرات تنادي بإقامة مراقص ديسكو للشباب والفتيات للترفيه عن أنفسهم!
إنهم يحسدونكم على الستر والحياء الذي افتقدوه، فيريدون أن تكونوا وإياهم سواء، قال عثمان -رضي الله عنه-: "ودت الزانية لو أن النساء كلهن زوانٍ".
إنهم يريدون تحطيمكم بتعليقاتهم الساخرة على الحجاب، وعلى المتمسكين بالدين بأنهم رجعيون، من أجل أن تنهزموا أمام نداءاتهم، فتسلِّموا لهم زمام القيادة فينزلوا بكم نحو الهاوية.
إنهم يريدون سلب بناتكم والاستمتاع بهن، فهم يحقدون على محافظتكم وكبريائكم.
فالواجب على كل رجل أن يتقي الله، وأن يغار على محارمه، واسمع ما قالته إحدى النساء متحسرة بعد فوات نصيبها من العفة والشرف، تقول: "ما من امرأة تفرط في فضيلتها، إلا وهي ذنب رجل قد أهمل في واجبه".
أيها المسلمون:
إن المنافقين والعلمانيين يحقدون على شرفكم، ويتساءلون متحسرين: لماذا هم فقط؟ أي محافظين!
أليس من الغبن والقهر أن تنام من كان أهلها رأس الشرف، وعنوان الشجاعة، تنام بغيًّا بين يدي هؤلاء الكلاب؟!
احرصوا على أعراضكم، لا تعرِّض نساءك للفتنة وتطلب منهن المستحيل، لا تضعها بين يدي الرجال وتقول: امتنعي.
أروني رجلًا واحدًا منكم يستطيع أن يملك هواه بين يدي امرأة يهواها، فأصدِّق أن هناك امرأة تملك هواها بين يدي رجل تخالطه وتميل إليه.
فإن كنتم تعجزون عن ذلك فاعلموا أن النساء أعجز.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون، وبعدله ضلَّ الضالون، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون، أحمده تعالى وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: فيا أيتها الأخت المحافظة:
في هذا الوقت الذي تغيَّر فيه كل شيء، ولم يبق من الأخلاق في كثير من الأماكن إلا آثارها، وفقدنا فيه كثيرًا من الشباب الغيور بسبب تبلُّد أحاسيسهم، وفقدنا كثيرًا من الرجال بسبب انعكاس مفاهيمهم، وفي حين غياب الرقيب الحريص على محارمه أن تنتهك، وأسواره أن تُتَسلق، نتوجه إليك بهذا النداء نخاطب فيك دينك وسترك وحياءك.
أختاه:
في وقت بدأ فيه أهل الشر يتلمَّظون تلمظ الأفاعي، وحملوا بين جوانحهم قلوب الذئاب، ولبسوا زي الثعالب.
في هذا الوقت المكتظ بالفتن والآفات، ومع افتقاد الرجل الغيور، حافظي على نفسك، وتمسكي بحجابك، فإن حجابكِ هو عفافكِ وكنزكِ الغالي فلا تُفرِّطي فيه.
معاول الهدم كثيرة! تحاصركِ من كل جانب فانتبهي وتيقظي.
احذري أن يقتلنا دعاة الفجور من خلالكِ، لا يطعنوننا طعنة الغدر عن طريقك.
يا أختنا.. يا شرفنا.. يا مستودع أعراضنا: تمسكي بعفافك، وحجابك الشرعي في زمن الغربة.
لا يضعفنك كثرة ما ترين من اللاهثات وراء الساقطات، فأنت أغلى وأعلى، لست معقدة، لست متخلفة، لست رخيصة.
فكم من عفيف يطمع بك زوجة، يثق بك حين خروجه، ويستودعك
أغلى ما يملك، وكم من مستهتر لا ينظر إلى تلك الساقطة سوى أنها "لعبة إلى أجل".
يا ثروتنا الغالية، يا مستودع العفة، يا نادرة في زمن الضياع، يا عنوان العفاف: لا تستوحشي الغربة، فغربتك محمودة تزول كلما ازددت بالله أنسًا.
لا تتصوري تلك الساقطة سعيدة!! ومن أين تأتيها السعادة وهي تعرف أن أقصى طموح الرجال بها أن تكون عشيقة.
احذري من داعيات السوء اللاتي فقدن أعز ما تملكه كل امرأة، فإنهن يردن سحبك إلى المستنقع اللاتي غرقن فيه.
احذري دعاة الفجور ودعاواهم المضللة بأي اسم كانت! إنهم يريدون ابتذالك!! فهل ترضين لنفسك بالدنية؟!
انتبهي أن تسيري في ركابهم، وتقعي في مكائدهم، انتبهي يا من رفع الوالدُ والولدُ والأخُ بك الرأس، لا تذلي تلك الرءوس بأن تنامي بين أحضان ساقط يذل وراءك قبيلة المجد.
انظري إليه يفتخر أنه تلاعب بك يا ابنة الشرف والعز!
وهو من هو؟!! يا للقهر والكمد!
ألا يحق لنا أن نذرف الدموع على العرض المذل، والشرف المنحدر؟!
إن شريحة يريدون أن يتلاعبوا بك، كانوا لا يظفرون من أسلافك ولا بفكرة، فكيف يتلاعبون بك على موائد السقوط.
لا تغتري بنداءاتهم للتحرر، وإعطاء الحقوق للمرأة، فإنما تبرجك يريدون، ولكي تأتي إليهم مطاوعة، ولسان حالك يقول: "هيت لكم افعلوا ما شئتم دون قيود"، ﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾.
لا يدخلون عليك مدخل السوء، فمكائدهم كثيرة، وحيلهم دنيئة وقد تمرسوا الباطل حتى أتقنوا فنونه.
إن هؤلاء لو قالوا لك: اخلعي حجابك الشرعي لأبيتِ وصرختِ: حجابي حجابي، فدخلوا عليك باستدراج الشيطان، فهل تستيقظين أختاه؟
اعلمي أن الستر زينة المرأة، فإن اتخذت الستر فاتخذيه لله، لأن هذا هو الباقي، فربما تبتلين برجل حقير ديوث!! فإياك أن تنزعي رداء الحشمة والأنفة من أجل ديوث ليس برجل.
وإذا اتخذت الحجاب الشرعي والستر من أجل الله، وللحفاظ على نفسك، فالبسيه كما أراده الله منك، فلا تتفنني بكشف سترك فهو رأس مالك الباقي.
واعلمي أنك حين تلبسين الحجاب الشرعي، فإنك تلبسينه طاعة لربك، وحري بك -وهذا حالك- أن ترفعي به رأسًا، وتبتهجي به أنسًا.
أليس غريبًا أن تفخر المتبرجة بتبرجها، ولا تفتخري أنت بحجابك؟!
احمدي الله على نعمة الحجاب الشرعي وتمكنك من لبسه، فكم من امرأة تتمنى هذه النعمة ولم توفق إليها، أو أنها حجبت عنها لأسباب فوق إرادتها.
جملي باطنك بالتقوى كما جملت ظاهرك بالحجاب الذي هو علامة العفيفات.
واحذري أن تلفك الموجة كما دارت بغيرك، فجعلت مشرقه غربًا وشماله جنوبًا.
احذري التبرج المعلب الذي لم يأخذ من الستر إلا اسمه، ولم يبق معه من الحجاب إلا رسمه.
أختاه:
المآسي كثيرة، والمواجع متناهية الأطراف، والفتن واسعة الأرجاء، فانتبهي أن تضيعي، فبضياعك تضيع أمة، فهل تَعين ذلك؟
آخر تعديل: