سلسلة شجرة الايمان 11 ( في ذكر ثمرات الإيمان ج3)

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,286
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
الحمد لله الصلاة و السلام على رسول الله و بعد
فهذه تتمة لما سبق من ذكر ثمرات الإيمان و الذي به حياة القلوب و سعادتها في الدنيا و الأخرة، و نعرض اليوم أربع ثمرات منها في حين نتم ما تبقى فيما يأتي من الحلقات و التي بقي على خاتمتها حلقتين، فإلى المقصود حفظكم ربي من كل سوء.
قال الشيخ السعدي رحمه الله رحمة واسعة في كتابه شجرة الايمان:


9-ومنها قوله تعالى : (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ) ( 58/11) .


فهم أعلى الخلق درجة عند الله وعند عباده في الدنيا والآخرة .


وإنما نالوا هذه الرفعة : بإيمانهم الصحيح وعملهم ويقينهم ، والعلم واليقين من أصول الإيمان .


10-ومن ثمرات الإيمان : حصول البشارة بكرامة الله ، والأمن التام من جميع الوجوه .


كما قال تعالى : (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) ( [1]) فأطلقها ليعم الخير العاجل والآجل ، وقيدها في مثل قوله تعالى : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَار ) .( 2/25) فلهم البشارة المطلقة والمقيدة .


ولهم الأمن المطلق في مثل قوله تعالى : ( الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) ( 6/82) .


ولهم الأمن المقيد في مثل قوله تعالى : ( فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( 6/48) .


فنفى عنهم الخوف لما يستقبلونه ، والحزن مما مضى عليهم ، وبذلك يتم لهم الأمن .


فالمؤمن له الأمن التام في الدنيا والآخرة : أمن من سخط الله وعقابه ، وأمن من جميع المكاره والشرور ، وله البشارة الكاملة بكل خير ، كما قال تعالى : ( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ) ( 10/64).


ويوضح هذه البشارة قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ( 30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ( 31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) ( 41/30-32) .


وقال تعالى :أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآَمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ( 57/28) .


فرتب على الإيمان حصول الثواب المضاعف ، وكمال النور الذي يمشي به العبد في حياته ، ويمشي به يوم القيامة : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) ( [2]) ، فالمؤمن من يمشي في الدنيا بنور علمه وإيمانه ، وإذا أطفئت الأنوار يوم القيامة : مشى بنوره على الصراط حتى يجوز به إلى دار الكرامة والنعيم .


وكذلك رتب المغفرة على الإيمان ، ومن غفرت سيئاته : سلم من العقاب ، ونال أعظم الثواب .


11-ومن ثمرات الإيمان : حصول الفلاح –الذي هو : إدارك غاية الغايات ، فيه إدراك كل مطلوب ، والسلامة من كل مرهوب-والهدى الذي هو أشرف الوسائل .


كما قال تعالى –بعد ذكر المؤمنين بما أنزل على محمد (عليه الصلاة و السلام) وما أُنزل على من قبله ، والإيمان بالغيب . وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة : اللتين هما من أعظم آثار الإيمان –قال تعالى: (أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ( [3]) .


فهذا هو الهدى التام والفلاح الكامل .


فلا سبيل إلى الهدى والفلاح- اللذين لا صلاح ولا سعادة إلا بهما- إلا بالإيمان التام بكل كتاب أنزله الله ، وبكل رسول أرسله الله . فالهدى أجل الوسائل ، والفلاح أكمل الغايات .


12-ومن ثمرات الإيمان : الانتفاع بالمواعظ والتذكير بالآيات .


قال تعالى: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) ( 51/55) ، (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ) ( [4]) ومثل هذا قوله عليه الصلاة و السلام ( [5]) : ( المؤمن الذي يخالط الناس ، ويصبر على أذاهم- خير من المؤمن : الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) ومفهوم هذه النصوص الصحيحة المحكمة : أن فاقد الإيمان لا خير فيه ، لأنه إذا عدم الإيمان : فإما أن يكون الشخص أحواله كلها شر وضرر على نفسه ، وعلى المجتمع من جميع الوجوه ، وإما أن يكون فيه بعض الخير الذي قد انغمز بالشر ، وغلب شره خيره . والمصالح إذا انغمرت واضمحلت في المفاسد . صارت شراً ، لأن الخير الذي معه ،" يقابله شر نظيره : فيتساقطان، ويبقى الشر- الذي لا مقابل له من الخير –يعمل عمله .


وهذا : لأن الإيمان يحمل صاحبه على التزام الحق واتباعه ، علماً وعملاً ، وكذلك مع الآلة العظيمة والاستعداد لتلقي المواعظ النافعة والآيات الدالة على الحق ، وليس عنده مانع يمنعه من قبول الحق ، ولا من العمل به .


وأيضاً : فالإيمان يوجب سلامة الفطرة ، وحسن القصد ، ومن كان كذلك : انتفع بالآيات .


ومن لم يكن كذلك : فلا يستغرب عدم قبوله للحق ، واتباعه له. ولهذا يذكر الله- في سياق تمنع الكافرين من تصديق الرسول (صلى الله عليه و سلم) ، وقبول الحق الذي جاء به- السبب الذي أوجب لهم ذلك وهو: الكفر الذي في قلوبهم . يعني : لأن الحق واضح وآياته بينة واضحة ، والكفر أعظم مانع يمنع من اتباعه ، أي فلا تستغربوا هذه الحالة ، فإنها لم تزل دأب كل كافر .




( [1]) المراد : آية البقرة ( 2/223) ، والتوبة ( 9/112) ، ويونس ( 10/87)، والصف ( 61/13) . وآية الأحزاب ( 33/47) .


( [2]) اقتباس من سورة الحديد ( 57/12) .


( [3]) كما في سورة البقرة ( 2/5) ، ولقمان ( 31/5) .


( [4]) كما في سورة الحجر ( 15/77) ، والعنكبوت ( 29/44) . وبالأصل : "لآيات" وهو خطأ ناشيء عن الاشتباه بآية الحجر ( 75) والمؤمنون ( 23/30) .


( [5])كما في سنن الترمذي ( 9/312-313) ، والمصابيح ( 2/120-121) ومسند أحمد ، وسنن ابن ماجه ، والأدب المفرد للبخاري –كما في الفتح الكبير ( 3/251) والجامع الصغير ( 2/184) –من طريق ابن عمر : باختلاف يسير وانظر فيض القدير ( 6/255-256) .

 
images
 
اخي اباليث لو تكرمت بشرح ميسر للآية الكريمة
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ( 30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ( 31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ)
 
اخي اباليث لو تكرمت بشرح ميسر للآية الكريمة
(إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ( 30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ( 31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ)
قال السعدي رحمه الله:
{ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ } الكرام، أي: يتكرر نزولهم عليهم، مبشرين لهم عند الاحتضار. { أَلَّا تَخَافُوا } على ما يستقبل من أمركم، { وَلَا تَحْزَنُوا } على ما مضى، فنفوا عنهم المكروه الماضي والمستقبل، { وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } فإنها قد وجبت لكم وثبتت، وكان وعد الله مفعولاً.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top