ماَ وَرَدَ من آدَابِ أَكلِ اَلتَّمْر
قال صلى الله عليه وسلم: (بيت لا تمر فيه جياع أهله) رواه مسلم
بعض خصائص التمر من كلام الإمام إبن القيم الجوزية رحمه الله تعالى
قال إبن القيم الجوزية (الزاد، ط: دار ابن حزم/ تحقيق أنور الباز،(4/338)): [ وهو حار في الثانية، وهل هو رطب في الأولى أو يابس فيها ؟ على قولين، وهو مقو للكبد، ملين للطبع، يزيد في الباه - ولا سيما مع حب الصنوبر- ويبرئ من خشونة الحلق.
ومن لم يعتده –كأهل البلاد الباردة- فإنه يورث لهم السدد، ويؤذي الأسنان، ويهيج الصداع، ودفع ضرره باللوز والخشخاش، وهو من أكثر الثمار تغذية للبدن بما فيه من الجوهر الحار الرطب.
وأكله على الريق يقتل الدود، فإنه مع حرارته فيه قوة ترياقية، فإذا أديم استعماله على الريق خفف مادة الدود وأضعفه، أو قتله. وهو فاكهة، وغذاء، ودواء، وشراب، وحلوى. ] ا.هـ
إستحباب إفطار الصائم على رطبات وإلاّ فعلى تمرات وإلاّ حسَا حَسَواتٍ من ماء
جاء في سنن أبي داود والترمذي وأحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسَا حَسَواتٍ من ماء » وصححه الشيخ الألباني.
قال الإمام إبن القيم الجوزية رحمه الله في الزاد (4/361) : [ ( طبعُ الرطب طَبْعُ المياه حار رطب، يقوى المعدة الباردة ويوافقها، ويزيد في الباه، ويخصب البدن، ويوافق أصحاب الأمزجة الباردة، ويغذو غذاء كثيرا ) ثم قال : ( وإن كان من لم يعتده يسرع التعفن في جسده، ويتولد عنه دم ليس بمحمود، ويحدث عن إكثاره منه صداع وسواد، ويؤذي أسنانه، وإصلاحه بالسكنجبين ونحوه ) ]
ثم قال رحمه الله مُبيِّنا الحكمة في الحديث السابق: [ وفي فطر النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم عليه -يعني الرطب- ، أو على التمر، أو على الماء تدبير لطيف جدا، فإن الصوم يخلي المعدة من الغذاء، فلا تجد الكبد فيها ما تجتذب، وترسله إلى القوى والأعضاء، والحلو أسرع شيئ وصولا إلى الكبد، وأحبه إليها - ولاسيما إن كان رطبا - فيشتد قبولها له فتنتفع به هي والقوى، فإن لم يكن فالتمر لحلاوته وتغذيته،فإن لم يكن فحسوات الماء تطفئ لهيب المعدة، وحرارة الصوم فتتنبه بعده للطعام، وتأخذه بشهوة. ]
الجلوس للأكل وكيفيتهُ والنهي عن الأكل واقفا
روى الإمام ابن ماجه من حديث عبد الله بن بسر قال: ( كان للنبي صلى الله عليه وسلم قصعة يقال لها الغراء... وفيه: فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أعرابي: ما هذه الجلسة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « إن الله جعلني عبداً شكوراً، ولم يجعلني جباراً عنيداً » ) وإسناده جيد .
قال إبن القيم في حكمة ذلك: (لئلا يحصل الامتلاء المنهي عنه)، وقال أيضا في الزاد: (ويُذكر عنه - أي النبي صلى الله عليه وسلم - أنه كان يجلس للأكل متوركاً على ركبتيه، ويضع بطن قدمه اليسرى على ظهر قدمه اليمنى تواضعاً لربه عز وجل، وأدباً بين يديه واحتراما للطعام، وللمُؤاكِل، وهذه الهيئة أنفع هيئات الأكل وأفضلها، لأن الأعضاء كلها تكون على وضعها الطبيعي الذي خلقها الله سبحانه عليه مع ما فيها من الهيئة الأدبية)
وقال إبن حجر: ( المستحب في صفة الجلوس للأكل أن يكون جاثياً على ركبتيه وظهور قدميه، أو يجلس وينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى )
وروى مسلمٌ بسنده قال: حدثنا أنس بن مالك قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مقعياً(1)، يأكل تمرا )
(1) قال النووي في شرحه قوله: (مقعياً) أي جالساً على إليتيه ناصباً ساقيه، وقال محقق الزاد ط: دار إبن حزم (4/262) الهامش : والإقعاء: أن يلصق الرجل أليتيه، وينصب ساقيه وفخذيه، ويضع يديه على الأرض.
لا يأكل متكئا ولا منبطحا
جاء في الحديث الصحيح عن أبي جحيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لا آكل وأنا متكيء » أخرجه الإمام البخاري وأحمد وإبن ماجه. وقال: « إنما أجلس كما يجلس العبد، وآكل كما يأكل العبد » أبو داود وصححه الشيخ الألباني. قال إبن القيم : ( وقد فسر الاتكاء بالتربع، وفسر بالاتكاء على الشئ، وهو الاعتماد عليه، وفسر بالاتكاء على الجنب، والأنواع الثلاثة من الاتكاء )
وعن ابن عمر أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه ). رواه أبو داود وإبن ماجه والحاكم
نهي الآكل مع جماعة، عن قران تمرتين ونحوهما في لقمة، إلا بإذن أصحابه(1)
روى مسلمٌ في صحيحه قال: حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى. حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: ( سَمِعْتُ جَبَلَةَ بْنَ سُحَيْمٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التّمْرَ. قَالَ وَقَدْ كَانَ أَصَابَ النّاسَ يَوْمَئِذٍ جُهْدٌ. وَكُنّا نَأْكُلُ فَيَمُرّ عَلَيْنَا ابْنُ عُمَرَ وَنَحْنُ نَأْكُلُ. فَيَقُولُ: لاَ تُقَارِنُوا، فَإنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَىَ عَنِ الإِقْرَانِ. إِلاّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرّجُلُ أَخَاهُ. قَالَ شُعْبَةُ: لاَ أُرَىَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ إِلاّ مِنْ كَلِمَةِ ابْنِ عُمَرَ. يَعْنِي الاِسْتِئْذَانَ ).
قال الإمام النووي رحمه الله معلقا تحت هذا الحديث: [ هذا النهي متفق عليه حتى يستأذنهم فإذا أذنوا فلا بأس، واختلفوا في أن هذا النهي على التحريم أو على الكراهة والأدب، فنقل القاضي عياض عن أهل الظاهر أنه للتحريم وعن غيرهم أنه للكراهة والأدب والصواب التفصيل، فإن كان الطعام مشتركاً بينهم فالقران حرام إلا برضاهم ويحصل الرضا بتصريحهم به أو بما يقوم مقام التصريح من قرينة حال أو إدلال عليهم كلهم بحيث يعلم يقيناً أو ظناً قوياً أنهم يرضون به ومتى شك في رضاهم فهو حرام، وإن كان الطعام لغيرهم أو لأحدهم اشترط رضاه وحده، فإن قرن بغير رضاه فحرام، ويستحب أن يستأذن الاَكلين معه ولا يجب وإن كان الطعام لنفسه وقد ضيفهم به فلا يحرم عليه القران، ثم إن كان في الطعام قلة فحسن أن لا يقرن لتساويهم، وإن كان كثيراً بحيث يفضل عنهم فلا بأس بقرانه، لكن الأدب مطلقاً التأدب في الأكل وترك الشره إلا أن يكون مستعجلاً ويريد الإسراع لشغل آخر كما سبق في الباب قبله.]
(1): العنوان مقتبس من كتاب صحيح الإمام مسلم
في الجمع بين ما يروي من النهي عن التفتيش في التمر وما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ( أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ عَتِيقٍ، فَجَعَلَ يُفَتِّشُهُ يُخْرِجُ السُّوسَ مِنْهُ)
وفي الآداب الشرعية والمنح المرعية لمحمد بن مفلح المقدسي (ص 225):[ فصل ( في آداب أكل التمر ومنها تفتيشه لتنقيته ) : عن إبن عمر قال: [ أتي النبي صلى الله عليه وسلم بتمر عتيق فجعل يفتشه يخرج السوس منه ]إسناده ثقات رواه أبو داود والبيهقي وقال : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن شق التمر عما في جوفها ، فإن صح فيشبه أن يكون المراد إذا كان التمر جديدا والذي رويناه في العتيق.
وقال الآمدي : ولا بأس بتفتيش التمر وتنقيته وكلامه إنما يدل على ما فيه شيء وهو العتيق مع أنه صادق على ما تعلق به مما لا يؤكل معه شرعا وعرفا . ومثله في الحكم ما في معناه من فاكهة وغيرها ، وقد دل الخبران المذكوران على أن ذلك لا يُتحرى ، ويقصدُ غالباً بل إن ظهر شيءٌ أو ظَنهُ أزاله ، وإلا بُنِي الأمر على الأصل والسلامة والله أعلم .
وقال الإمام أحمد في رواية أبي بكر بن حماد وعبد الكريم بن الهيثم ( لا أعلم بتفتيش التمر إذا كان فيه الدود بأسا )
وقد سئل العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله السؤال الآتي:
السؤال: علام يحمل النهي الذي ورد في حديث: (نهي أن يفتش التمر عما فيه) قال القارئ: رواه الطبراني بإسناد حسن عن ابن عمر مرفوعاً؟
الجواب: لقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفتش التمر، وحديث النهي إذا ثبت فهو محمول على التمر الجديد دفعاً للوسوسة، ويحمل التفتيش على القديم، يعني: كل منهما له وجه صحيح .
هل السنة الإفطار على وتر من التمر و الرطب؟
سئل العلامة محمد بن عثيمين-رحمه الله (نور على الدرب / 354) السؤال الآتي: سمعت أن الصائم عند إفطاره يجب أن يفطر على عدد فردي من التمر أي خمس أو سبع تمرات وهكذا فهل هذا واجب؟
فأجاب : ( ليس بواجب بل ولا سنة أن يفطر الإنسان على وتر ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع إلا يوم العيد عيد الفطر فقد ثبت (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يغدو للصلاة يوم عيد الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وتراً) وما سوى ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتقصد أن يكون أكله التمر وتراً )
وقال رحمه الله في مجموع فتاويه ورسائله في صلاة العيد : [ وهل كلما أكل الإنسان تمراً في غير هذه المناسبة -يقصد سنة عيد الفطر- يقطعها على وتر؟ نقول: لا. وهل الإنسان يقطع كل شيء على وتر؟
فإذا أكل نقول له: اقطع ثلاث لقمات، فهذا غير مشروع. وعندما يحب أن يزيد من الطيب فيقول أوتر ولكن هذا لا أصل له. فأنا لا أعلم أن الإنسان مطلوب منه أن يوتر في مثل هذه الأمور، فأما قول الرسول صلى الله عليه وسلم «إن الله وتر يحب الوتر»، فليس هذا على عمومه، لكنه عز وجل وتر يحكم شرعاً أو قدراً بوتر، فمثلاً الصلاة وتر في الليل نختمه بوتر التطوع، وفي النهار نختمه بوتر المغرب، وأيام الأسبوع وتر، السموات وتر، والأرض وتر، فيخلق الله عز وجل ما يشاء على وتر، ويحكم بما يشاء على وتر، وليس المراد بالحديث أن كل وتر فإنه محبوب إلى الله عز وجل.
وإلا لقلنا احسب خطواتك من بيتك إلى المسجد لتقطعها على وتر، احسب التمر الذي تأكله على وتر، احسب الشاي الذي تشربه لتقطعه على وتر، وكل شيء احسبه على وتر . فهذا لا أعلم أنه مشروع.
فأكل تمرات وتراً من السنن التي تفعل في عيد الفطر خاصة أن لا تأتي المسجد حتى تأكل تمرات وتراً. فبعض الناس ولاسيما العامة ينقلون التمر ليأكلوه في مصلى العيد، ولا يأكلونه حتى تطلع الشمس فيقيدون هذا الأكل بزمان، ومكان. فالزمن بعد طلوع الشمس، والمكان مصلى العيد . وقد قلنا: إن كل إنسان يخصص عبادة بزمان ومكان لم يرد به الشرع ، فإنها بدعة غير موافقة للشرع . والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين] مستفاد من مشاركة تحت هذا الرابط
قال صلى الله عليه وسلم: (بيت لا تمر فيه جياع أهله) رواه مسلم
بعض خصائص التمر من كلام الإمام إبن القيم الجوزية رحمه الله تعالى
قال إبن القيم الجوزية (الزاد، ط: دار ابن حزم/ تحقيق أنور الباز،(4/338)): [ وهو حار في الثانية، وهل هو رطب في الأولى أو يابس فيها ؟ على قولين، وهو مقو للكبد، ملين للطبع، يزيد في الباه - ولا سيما مع حب الصنوبر- ويبرئ من خشونة الحلق.
ومن لم يعتده –كأهل البلاد الباردة- فإنه يورث لهم السدد، ويؤذي الأسنان، ويهيج الصداع، ودفع ضرره باللوز والخشخاش، وهو من أكثر الثمار تغذية للبدن بما فيه من الجوهر الحار الرطب.
وأكله على الريق يقتل الدود، فإنه مع حرارته فيه قوة ترياقية، فإذا أديم استعماله على الريق خفف مادة الدود وأضعفه، أو قتله. وهو فاكهة، وغذاء، ودواء، وشراب، وحلوى. ] ا.هـ
إستحباب إفطار الصائم على رطبات وإلاّ فعلى تمرات وإلاّ حسَا حَسَواتٍ من ماء
جاء في سنن أبي داود والترمذي وأحمد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن رطبات فتمرات، فإن لم تكن تمرات حسَا حَسَواتٍ من ماء » وصححه الشيخ الألباني.
قال الإمام إبن القيم الجوزية رحمه الله في الزاد (4/361) : [ ( طبعُ الرطب طَبْعُ المياه حار رطب، يقوى المعدة الباردة ويوافقها، ويزيد في الباه، ويخصب البدن، ويوافق أصحاب الأمزجة الباردة، ويغذو غذاء كثيرا ) ثم قال : ( وإن كان من لم يعتده يسرع التعفن في جسده، ويتولد عنه دم ليس بمحمود، ويحدث عن إكثاره منه صداع وسواد، ويؤذي أسنانه، وإصلاحه بالسكنجبين ونحوه ) ]
ثم قال رحمه الله مُبيِّنا الحكمة في الحديث السابق: [ وفي فطر النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم عليه -يعني الرطب- ، أو على التمر، أو على الماء تدبير لطيف جدا، فإن الصوم يخلي المعدة من الغذاء، فلا تجد الكبد فيها ما تجتذب، وترسله إلى القوى والأعضاء، والحلو أسرع شيئ وصولا إلى الكبد، وأحبه إليها - ولاسيما إن كان رطبا - فيشتد قبولها له فتنتفع به هي والقوى، فإن لم يكن فالتمر لحلاوته وتغذيته،فإن لم يكن فحسوات الماء تطفئ لهيب المعدة، وحرارة الصوم فتتنبه بعده للطعام، وتأخذه بشهوة. ]
الجلوس للأكل وكيفيتهُ والنهي عن الأكل واقفا
روى الإمام ابن ماجه من حديث عبد الله بن بسر قال: ( كان للنبي صلى الله عليه وسلم قصعة يقال لها الغراء... وفيه: فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أعرابي: ما هذه الجلسة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « إن الله جعلني عبداً شكوراً، ولم يجعلني جباراً عنيداً » ) وإسناده جيد .
قال إبن القيم في حكمة ذلك: (لئلا يحصل الامتلاء المنهي عنه)، وقال أيضا في الزاد: (ويُذكر عنه - أي النبي صلى الله عليه وسلم - أنه كان يجلس للأكل متوركاً على ركبتيه، ويضع بطن قدمه اليسرى على ظهر قدمه اليمنى تواضعاً لربه عز وجل، وأدباً بين يديه واحتراما للطعام، وللمُؤاكِل، وهذه الهيئة أنفع هيئات الأكل وأفضلها، لأن الأعضاء كلها تكون على وضعها الطبيعي الذي خلقها الله سبحانه عليه مع ما فيها من الهيئة الأدبية)
وقال إبن حجر: ( المستحب في صفة الجلوس للأكل أن يكون جاثياً على ركبتيه وظهور قدميه، أو يجلس وينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى )
وروى مسلمٌ بسنده قال: حدثنا أنس بن مالك قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مقعياً(1)، يأكل تمرا )
(1) قال النووي في شرحه قوله: (مقعياً) أي جالساً على إليتيه ناصباً ساقيه، وقال محقق الزاد ط: دار إبن حزم (4/262) الهامش : والإقعاء: أن يلصق الرجل أليتيه، وينصب ساقيه وفخذيه، ويضع يديه على الأرض.
لا يأكل متكئا ولا منبطحا
جاء في الحديث الصحيح عن أبي جحيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لا آكل وأنا متكيء » أخرجه الإمام البخاري وأحمد وإبن ماجه. وقال: « إنما أجلس كما يجلس العبد، وآكل كما يأكل العبد » أبو داود وصححه الشيخ الألباني. قال إبن القيم : ( وقد فسر الاتكاء بالتربع، وفسر بالاتكاء على الشئ، وهو الاعتماد عليه، وفسر بالاتكاء على الجنب، والأنواع الثلاثة من الاتكاء )
وعن ابن عمر أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن يأكل الرجل وهو منبطح على بطنه ). رواه أبو داود وإبن ماجه والحاكم
نهي الآكل مع جماعة، عن قران تمرتين ونحوهما في لقمة، إلا بإذن أصحابه(1)
روى مسلمٌ في صحيحه قال: حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى. حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ. حَدّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: ( سَمِعْتُ جَبَلَةَ بْنَ سُحَيْمٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ الزّبَيْرِ يَرْزُقُنَا التّمْرَ. قَالَ وَقَدْ كَانَ أَصَابَ النّاسَ يَوْمَئِذٍ جُهْدٌ. وَكُنّا نَأْكُلُ فَيَمُرّ عَلَيْنَا ابْنُ عُمَرَ وَنَحْنُ نَأْكُلُ. فَيَقُولُ: لاَ تُقَارِنُوا، فَإنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَىَ عَنِ الإِقْرَانِ. إِلاّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرّجُلُ أَخَاهُ. قَالَ شُعْبَةُ: لاَ أُرَىَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ إِلاّ مِنْ كَلِمَةِ ابْنِ عُمَرَ. يَعْنِي الاِسْتِئْذَانَ ).
قال الإمام النووي رحمه الله معلقا تحت هذا الحديث: [ هذا النهي متفق عليه حتى يستأذنهم فإذا أذنوا فلا بأس، واختلفوا في أن هذا النهي على التحريم أو على الكراهة والأدب، فنقل القاضي عياض عن أهل الظاهر أنه للتحريم وعن غيرهم أنه للكراهة والأدب والصواب التفصيل، فإن كان الطعام مشتركاً بينهم فالقران حرام إلا برضاهم ويحصل الرضا بتصريحهم به أو بما يقوم مقام التصريح من قرينة حال أو إدلال عليهم كلهم بحيث يعلم يقيناً أو ظناً قوياً أنهم يرضون به ومتى شك في رضاهم فهو حرام، وإن كان الطعام لغيرهم أو لأحدهم اشترط رضاه وحده، فإن قرن بغير رضاه فحرام، ويستحب أن يستأذن الاَكلين معه ولا يجب وإن كان الطعام لنفسه وقد ضيفهم به فلا يحرم عليه القران، ثم إن كان في الطعام قلة فحسن أن لا يقرن لتساويهم، وإن كان كثيراً بحيث يفضل عنهم فلا بأس بقرانه، لكن الأدب مطلقاً التأدب في الأكل وترك الشره إلا أن يكون مستعجلاً ويريد الإسراع لشغل آخر كما سبق في الباب قبله.]
(1): العنوان مقتبس من كتاب صحيح الإمام مسلم
في الجمع بين ما يروي من النهي عن التفتيش في التمر وما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ ( أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرٍ عَتِيقٍ، فَجَعَلَ يُفَتِّشُهُ يُخْرِجُ السُّوسَ مِنْهُ)
وفي الآداب الشرعية والمنح المرعية لمحمد بن مفلح المقدسي (ص 225):[ فصل ( في آداب أكل التمر ومنها تفتيشه لتنقيته ) : عن إبن عمر قال: [ أتي النبي صلى الله عليه وسلم بتمر عتيق فجعل يفتشه يخرج السوس منه ]إسناده ثقات رواه أبو داود والبيهقي وقال : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن شق التمر عما في جوفها ، فإن صح فيشبه أن يكون المراد إذا كان التمر جديدا والذي رويناه في العتيق.
وقال الآمدي : ولا بأس بتفتيش التمر وتنقيته وكلامه إنما يدل على ما فيه شيء وهو العتيق مع أنه صادق على ما تعلق به مما لا يؤكل معه شرعا وعرفا . ومثله في الحكم ما في معناه من فاكهة وغيرها ، وقد دل الخبران المذكوران على أن ذلك لا يُتحرى ، ويقصدُ غالباً بل إن ظهر شيءٌ أو ظَنهُ أزاله ، وإلا بُنِي الأمر على الأصل والسلامة والله أعلم .
وقال الإمام أحمد في رواية أبي بكر بن حماد وعبد الكريم بن الهيثم ( لا أعلم بتفتيش التمر إذا كان فيه الدود بأسا )
وقد سئل العلامة عبد المحسن العباد حفظه الله السؤال الآتي:
السؤال: علام يحمل النهي الذي ورد في حديث: (نهي أن يفتش التمر عما فيه) قال القارئ: رواه الطبراني بإسناد حسن عن ابن عمر مرفوعاً؟
الجواب: لقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفتش التمر، وحديث النهي إذا ثبت فهو محمول على التمر الجديد دفعاً للوسوسة، ويحمل التفتيش على القديم، يعني: كل منهما له وجه صحيح .
هل السنة الإفطار على وتر من التمر و الرطب؟
سئل العلامة محمد بن عثيمين-رحمه الله (نور على الدرب / 354) السؤال الآتي: سمعت أن الصائم عند إفطاره يجب أن يفطر على عدد فردي من التمر أي خمس أو سبع تمرات وهكذا فهل هذا واجب؟
فأجاب : ( ليس بواجب بل ولا سنة أن يفطر الإنسان على وتر ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع إلا يوم العيد عيد الفطر فقد ثبت (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يغدو للصلاة يوم عيد الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وتراً) وما سوى ذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يتقصد أن يكون أكله التمر وتراً )
وقال رحمه الله في مجموع فتاويه ورسائله في صلاة العيد : [ وهل كلما أكل الإنسان تمراً في غير هذه المناسبة -يقصد سنة عيد الفطر- يقطعها على وتر؟ نقول: لا. وهل الإنسان يقطع كل شيء على وتر؟
فإذا أكل نقول له: اقطع ثلاث لقمات، فهذا غير مشروع. وعندما يحب أن يزيد من الطيب فيقول أوتر ولكن هذا لا أصل له. فأنا لا أعلم أن الإنسان مطلوب منه أن يوتر في مثل هذه الأمور، فأما قول الرسول صلى الله عليه وسلم «إن الله وتر يحب الوتر»، فليس هذا على عمومه، لكنه عز وجل وتر يحكم شرعاً أو قدراً بوتر، فمثلاً الصلاة وتر في الليل نختمه بوتر التطوع، وفي النهار نختمه بوتر المغرب، وأيام الأسبوع وتر، السموات وتر، والأرض وتر، فيخلق الله عز وجل ما يشاء على وتر، ويحكم بما يشاء على وتر، وليس المراد بالحديث أن كل وتر فإنه محبوب إلى الله عز وجل.
وإلا لقلنا احسب خطواتك من بيتك إلى المسجد لتقطعها على وتر، احسب التمر الذي تأكله على وتر، احسب الشاي الذي تشربه لتقطعه على وتر، وكل شيء احسبه على وتر . فهذا لا أعلم أنه مشروع.
فأكل تمرات وتراً من السنن التي تفعل في عيد الفطر خاصة أن لا تأتي المسجد حتى تأكل تمرات وتراً. فبعض الناس ولاسيما العامة ينقلون التمر ليأكلوه في مصلى العيد، ولا يأكلونه حتى تطلع الشمس فيقيدون هذا الأكل بزمان، ومكان. فالزمن بعد طلوع الشمس، والمكان مصلى العيد . وقد قلنا: إن كل إنسان يخصص عبادة بزمان ومكان لم يرد به الشرع ، فإنها بدعة غير موافقة للشرع . والله الموفق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين] مستفاد من مشاركة تحت هذا الرابط
آخر تعديل: