اللقيط:
مولود حيّ نبذه أهله لسبب من الأسباب، كخوف العيلة أو الفرار من تهمة الزنا أو ما شاكل ذلك.
حكم التقاطه:
والتقاط اللقيط مندوب إليه شرعاً يثاب فاعله إذا وجد في مكان لا يغلب على الظن هلاكه لو ترك، فإن غلب على الظن هلاكه لو تركه كان التقاطه فرضاً عليه بحيث يأثم إذا لم يأخذة، لأنه مخلوق ضعيف لم يقترف إثماً يستحق عليه الإهمال، وإنما الإثم على من طرحه أو تسبب في وجوده من طريق غير مشروع.
الأحق به:
وملتقطه أحق الناس بإمساكه وحفظه، لأنه الذي تسبب في إحيائه، وليس للحاكم ولا لغيره أن يأخذه منه جبراً عنه إلا إذا تبين أنه غير صالح للقيام برعايته.
والإسلام الذي حرم التبني عُني بهذا اللقيط:
فأوجب التقاطه وحرم إهماله وتضييعه، واعتبره مسلماً حراً إذا وجد في دار الإسلام أو التقطه مسلم من أي مكان.
ترتيب الجزاء العظيم لمن أكرم اليتيم:
قال تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا *عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا} (الإنسان/5 ـ 12).
هل بالضرورة أن يكون اللقيط ابن غير شرعي ؟؟؟؟
ويبدو لكثير من الناس لأول وهلة أن اللقيط هو ابن الزنا وأنه لا أهل له ولا عشيرة، وهذا خطأ لاحتمالات كثيرة .. وقد يكون من ضمن هذه الأسباب ما يلي :
* أن يكون الولد ثمرة زواج عجزت الأم عن إثباته، أو أن يكون من إفرازات زواج المسيار حيث يشترط الطرفان أو أحدهما عدم الإنجاب ، فإذا حدث الحمل حدثت المشكلة ثم السعي لحلها بالتخلص من الولد خشية تبعات هذا الأمر التي ستنعكس على الطرفين دون التفكير في مصير هذا الطفل.
* قد يكون الولد مسروقا وهو في المهد في غفلة من أهله؛ بقصد الإيذاء أو لغرض الاستغلال أو لعدم إنجاب الأطفال، ثم ندم الفاعل وخشي أن يكشف أمره فيتورط، فألقاه في مكان ما تخلصا منه.
* قد يكون الأب مصابا بمرض الشك تجاه زوجته أو قد تكره الزوجة زوجها كرها شديدا بسبب فساده وانحراف أخلاقه أو إيذائه لها فتفارقه وهو لا يعلم بحملها ...فيقوم هذا الزوج بالتخلص من الطفل ظنا منه أنه ليس ابنه ... وتقوم المرأة بالتخلص من الطفل لتقطع آخر ما كان يربطها بذاك الرجل .. !! دون التفكير في مصير الطفل الصغير ...
* قد تمرض الأم مرضا مزمنا مع عدم وجود العائل وضيق الحال وكثرة الأطفال فتتركه في المستشفى. ·أو أن يترك الطفل لسبب آخر غير الأسباب التي ذكرت كأمثلة فقط ، وغيرها كثير وغامض وفي غاية التعقيد حيث يصعب حصره.
وهدفي من كل ما ذكرت أنهم ليسوا بالضرورة أبناء غير شرعيين كما يعتقد الكثيرين منا ...
سؤال مهم :
هل تعدل كفالة اللقيط ومجهول النسب وتربيته نفس أجر كفالة اليتيم التي حث عليها الرسول عليه الصلاة والسلام ؟؟
الجواب :
هؤلاء المجهولون حرموا حرماناً عاماً ، وحاجتهم إلى الرعاية والعناية شديدة جداً بصفتهم أيتاما، والأجر في ذلك عظيم كما أفتت بذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية برئاسة العلامة ابن باز رحمه الله في الفتوى رقم (20711) بتاريخ 24/12/1419هـ وجاء فيها : (إن مجهولي النسب في حكم اليتيم لفقدهم لوالديهم، بل هم أشد حاجة للعناية والرعاية من معروفي النسب لعدم معرفة قريب يلجأون إليه عند الضرورة. وعلى ذلك فإن من يكفل طفلا من مجهولي النسب فإنه يدخل في الأجر المترتب على كفالة اليتيم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم:[ أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا. وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئا] رواه البخاري ).
وقفات حول قضية اللقطاء
* لكل أب ورب أسرة أقول ...
ها أنت تستعد للعيد بكل مفرح جديد لأبنائك وأسرتك ... فهلا بحثت في مدينتك عن يتيم ... فقد من يعوله لتمنحه البسمة كما منحتها لأبنائك فتشتري له ولو البسيط القليل من حاجيات العيد .. فأنت بهذا تقدم لنفسك قبل أن تقدم له ... وأنت المحتاج الحقيقي لهذه المبادرة وليس هو فهل وعيت هذا الآن ؟؟؟
· أختي الكريمة
وأنت تداعبين أبنائك وتلاطفينهم تذكري من لا يجد هذا الحضن الدافيء ... تذكري من لم يذنب يوما غير أنه يتحمل أخطاء وتبعات غيره ... هلا سمحت بأن تمنحي أحدهم حضنك الدافيء ... فمالضير في أن تربينه بين اولادك ... بل قد يكون باب للأجر والرزق في آن واحد ...
· إلى كل من لم يرزق الولد ...
فبقي هو الأيام ينتظر ويترقب أن تزف له البشرى ... وبقيت هي تتأمل الليالي لعلها أن تحمل لها يوما خبرا ينهي أحزانها ووحدتها ... إليهم أقول ... لم لا ..؟؟ لم لا تكسروا حواجز نظرة المجتمع المتحجرة ..؟؟ لم لا تكفلوا أحد هؤلاء اللقطاء ففيهم الأجر وفيهم السلوة عن الولد ... والكثير ممن أقبلوا على هذه الخطوة بالذات رزقهم الله بعدها فلا تترددوا ....
· لهذا اللقيط أقول ...
لا تحزن وإن رأيت ظلم المجتمع وجحوده ... لا تحزن إن رأيت الكثير اعتبروا أن الدين أشبه باللوحات والشعارات التي ترفع متى شاءوا وتخفض متى شاءوا ... صدقني يا أخا الإسلام لك الكثير من الحق علينا ... لكن لا تحزن .. واعتمد على نفسك بعد الله فهو لك خير حافظا ...
· لكل امرأة رمت بطفلها أقول ...
ستقفين معه أمام الله يوما وسيسألك عن الأمانة التي ضيعتيها .. ولكل رجل رضي برمي هذه النفس البريئة له نقول المثل ... لكن اعلموا أن الخطأ لا يعالج بأكبر منه ... واعلموا أن الله غفور رحيم .. لكن أين التائبين ..؟؟!!!!
· لعلماء التربية الذين يقولون ..
" لا بد من توعية المرأة والرجل بالصحة الإنجابية وبخطورة الزنا والحمل على صحة المرأة وجنينها .." .......أقول ... لا بد من تنمية الوازع الديني والأخلاقي لدى أفراد المجتمع ... فالخوف من الله وحده هو الرادع عن مثل هذه التصرفات وغيرها ..
ختاما نقول :
مهما قلنا أو فعلنا ، فلن ندرك أبدا كيف هو شعور من يكتشف في لحظة أنه بدون أب أو أم ؟ .
ولن نعيش أبدا إحساس من أدرك في غفلة من المجتمع ، أنه مجهول الوالدين ؟.
ولن نحصي مطلقا كم من الأطفال كتب عليهم ألا يروا آباءهم ؟ .
ولكننا قد ننجح إذا صحت منا النية واشتدت الإرادة ،
في أن نكون ممن يمسحون دموع هؤلاء الصغار ،
ويبلسم جروح الكبار منهم ؟ .