مررت على نافذتي لألقي التحية على العليل المبتسم
وجدت موسم رسم لوحته على الحياة بفنية متقنة
لمست بأناملي الدافئة ندى المطر العالق على الزجاج
وألقيت ببعض من فتات الخبز لأطعم الطيور البائسة
نظرت بعينين مثقلتين على الضفاف الأخرى من الشارع
لمحت الناس تجري في البرك و سوط البرد يلاحقهم
وفي الجهة المقابلة أطفال يلهون تحت المطر وملابسهم متسخة
عرفت حينها أن الكبار فقط هم من يهابون البلل
تغمر النشوة و أنا أحتسي رشفات من الشاي الذي صنعته بنفسي
فينتعش الخيال ويتجرد التفاؤل من كل الأحزان العالقة
أضواء السيارات ماأجمالها وهي تمسح ضباب المنهال هنا و هناك
وكأنها أنوار تطارد الأشباح واللصوص وسط الظلام القاتم
ذلك المنظر يذكرني بالطفل الذي يريد اكتشاف العالم لأول مرة
أو ذلك الشعور الغريب وأنت تكرر واقع عشته في الحلم
تذكرني الغزارة حين يتسرب سيل الماء إلى الحذاء ليبلل الجوارب
و تذكرني رائحة التراب عندما سقطت ذات يوم في الطين
تخبرني الرياح عندما خطفت مظلتي وتركتني وحيدًا بلا سقف
في خلوتي تلك اختلس الابتسامة وأقول في نفسي
يا لها من مواقف محرجة نجوت منها لكنني اشتاق إليها
لم نكن حينها نشتكي من شيء سوى أننا نلعب و نلعب
كانت عندما تسوء الأجواء نكمل مبارياتنا في كرة القدم
وفي اليوم الموالي آخذ نزلة برد فأتسبب لأغيب عن الدراسة
تلك الحياة عشتها فأسعدتني و هذه الحياة أشاهدها فأحزنتني
لم يبقى منها سوى أوهام من خلف الزجاج .