الإقناع عن طريق التدرج بضرورة نبذ التبرج

نضال ابن فوزي

:: عضو منتسِب ::
إنضم
20 أكتوبر 2017
المشاركات
71
نقاط التفاعل
84
النقاط
3
العمر
27
محل الإقامة
الجزائر
الجنس
ذكر
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة على سيّد المرسلين





للتَبَرُّج نتائِج مُؤسفة, وآثار مُدَمِّرة, تملأ قُلوب أهل الإيمان والعِفَّة حَسْرةً, وتخز ضميركُلِّ غَيور يَأبى الدّياثة(1) ويَرْفض الخَنا(2) في أهلِه الأقْرَبين والأبْعَدين.

وهي مُتنَوِّعة, فَمِنْها: الدّينيّة, والإجتِماعِيّة, والأخلاقِيّة, والنّفسِيَّة, والإقْتِصاديّة...إلخ

ولِتَداخُل هذه الأنواع في كَثيرٍ مِنَ الحَالات,سَأَسْرُد ما تيَسَّر من تلك الآثار والمضار, دون تقسيم, فمِنْها:


(1 أنّه علامة على هلاكِ المُتَبَرِّجة, ودَليلٌ على سوءِ حالِها, قال النَبِيُّ -صَلّى الله عليه وسلَّم-: "ثَلاَثَةٌ لاَ تَسْأَلْ عَنْهُمْ رَجُلٌ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ وَعَصَى إِمَامَهُ وَمَاتَ عَاصِيًا، وَأَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ أَبَقَ فَمَاتَ، وَامْرَأَةٌ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا .وقَدْ كَفَاهَا مُؤْنَةَ الدُّنْيَا فَتَبَرَّجَتْ بَعْدَهُ. فَلاَ تَسْأَلْ عَنْهُمْ" ((صحيح الجامع الصغير: 3058))
-فإذا كان حَالُ مَنْ تَبَرَّجت في غِيَاب زَوْجِها فَكَيْفَ بالّتي تَبَرَّجت في حُضورِه, وَخَرَجَت مَعَهُ إلى الشَّوارِعِ تَسْتَعْرِض حُسْنَها على المارَّة, وَتَسْتَصْدِرُ تَعْليقَاتِهِم المُتَنَوِّعة على جَمَالِها وأَنَاقَتِها, وَهُو يَسْمَعُ وَيَرَى؟!


(2 أَنَّه هَتْكٌ للسِّتْرِ الذي بيْن المُتبرّجة وبَيْنَ الله وحَسْبُها بذلِك بَلاءً وشَقاءً.
قال النّبيّ -صلى الله عليه وسلّم-: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ" ((رواه أحمد وغيره عن عائشة -رضي الله عنها-, (صحيح الجامع: 2710))) (3)


(3 ويَزْدَادُ ذلِك المَعْنى وُضُوحًا بِحَديث أُمِّ سَلَمَة -رضي الله عنها- قالت: قال رَسُول الله -صلى الله عليه وسلّم-: "أَيُّمَا امرأة نَزَعَتْ ثِيَابَها في غَيْرِ بَيْتِها خَرَقَ اللهُ عز وجل عَنْهَا سِتْرَه" ((رواه أحمد وغيره, (صحيح الجامع: 2707))

-فَهل تَسْعى العَاقِلة إلى خَرْقِ ما أسْبَغ الله عَلَيْها مِنْ سِتْرِه الجَميل؟
-وهل زادَت المُتَبرّجة على أن قَدَّمت سَبَبَ افْتِضاحِها؟
-وهل تُطيقُ فَضائح الدُّنْيا, فَضْلًا عن فَضَائح الآخِرة؟


(4 ولحِكْمةٍ ما فإنّ النّبِيّ -صلى الله عليه وسلّم- يلحُّ إلْحاحًا شَديدًا في التحذيرِ مِنَ التَهَتُّكِ والتَّبَرّج, وَيُبَيِّن بِكُلِّ جَلاءٍ أنّ السّافِرة لَمْ تُبْقِ لِنَفْسِها مَطْمَعًا في اسْتِتارٍ, إلّا أَنْ تَتُوب, وتَأَمَّل لَفْظَة "كُلّ" في هذا الحَديث:
عن أُمّ الدّرْداء -رضي الله عنها- قالت: خَرَجْتُ مِنَ الْحَمَّامِ فَلَقِيَني رَسول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ : " مِنْ أَيْنَ يَا أُمَّ الدَّرْدَاءِ ؟ " قُلْتُ : مِنَ الْحَمَّامِ ، قَالَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا مِنَ امْرَأَةٍ تَنْزِع ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّهَاتِهَا ، إِلا وهِيَ هَاتِكَةٌ كُلَّ سِتْرٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ " .((رواه أحمد وغيره,(صحيح الترغيب والترهيب: 169))

ملحوظة:​
لَيْسَ المَقْصود أَنّهُ لا يَحِلُّ للمُسْلمة مُطْلَقًا نَزْع حِجابها الشَّرْعِيّ خارِج بَيْتِ زَوْجِها, وَلَوْ في بَيْتِ أَبيها, أَو أُمِّها, أَو أَخيها...إلخ, وَإنّما المَقْصود حُرْمَة فِعْل ذلِك تَهَتُّكًا, وتَقَصُّدًا لفِعْل الفاحِشة, أو ما يَدْعو إلَيها ويُقَدِّمُ لها, وَبِهذا كانت إجابَة "اللّجْنة الدّائمة" عن مُراده صلى الله عليه وسلم ي هذه الأحاديث.
جاء في جوابها: (ومراده صلى الله عليه وسلم والله أعلم: منعها من التساهل في كشف ملابسها في غير بيت زوجها على وجه ترى فيه عورتها، وتتهم فيه لقصد فعل الفاحشة ونحو ذلك، أما خلع ثيابها في محل آمن، كبيت أهلها ومحارمها لإبدالها بغيرها، أو للتنفس ونحو ذلك من المقاصد المباحة البعيدة عن الفتنة - فلا حرج في ذلك.) ((فتاوى اللجنة الدائمة (17\225.224))


(5 أَنّه يَجْعَل المُتَبَرّجة أَنْفَع ما تَكُون للشّيْطان في مُهِمَّتِّه, ليغويها ويغوي بها(4), فَتَضْمَنُ لَه فسادًا مُزْدَوَجًا, وهكذا تَجعَل من نَفسِها مِعْوَلًا للقَلع, وفَأسًا للصّدع, ومِقْراضًا للقطع, أقْصِد قلع الحياء من النُّفوس,وصَدْعَ العِفَّة في المُجْتَمَع, وقّطْع أوصال الأخْلاقِ الفَاضِلة في الأُمَّة, قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:" المَرْأَةُ عَوْرَةٌ, وإنَّها إن خَرَجَتْ إسْتَشْرَفَها الشَّيْطانُ" ((رواه الترمذي وغيره عن ابن مسعود -رضي الله عنه-, (صحيح الجامع: 6690))

-قال الحافِظ المُبارْكافوري: (أَيْ: زَيَّنَهَا فِي نَظَرِ الرِّجَالِ. وَقِيلَ: أَيْ نَظَرَ إِلَيْهَا لِيُغْوِيَهَا وَيُغْوِيَ بِهَا . وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِشْرَافِ رَفْعُ الْبَصَرِ لِلنَّظَرِ إِلَى الشَّيْءِ وَبَسْطُ الْكَفِّ فَوْقَ الْحَاجِبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَرْأَةَ يُسْتَقْبَحُ بُرُوزُهَا وَظُهُورُهَا فَإِذَا خَرَجَتْ أَمْعَنَ النَّظَرَ إِلَيْهَا لِيُغْوِيَهَا بِغَيْرِهَا، وَيُغْوِيَ غَيْرَهَا بِهَا لِيُوقِعَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فِي الْفِتْنَةِ) [(تحفة الأحوذي)]

-وتأمَّل هذا الكلام النّفيس مِنَ العَلَّامة الربَّاني المُحَدّث الألْباني -رحمه الله- قال: (هذا في شياطين الجِنّ, فَمَا بَالُكَ في شَيَاطين الإِنْسِ، لاسِيما شَيَاطين إنْس هذا العَصْر الذي نَحْن فيه، فإنّه أَضَرّ على المَرْأة مِن أَلْفِ شَيْطان, لِأنّ أَغْلَب شُبّان هذا العَصْرِ لا مُروءَة عِنْدهم ولا دين ولا شَرَف ولا إنْسانيّة, يَتَعَرَّضون للنّساء بِشَكْلٍ مُفْجِع، وهَيْئةٍ تَدُلُّ على خَساسة ودناءَة وانْحِطاطٍ...) [(صحيح الترغيب والترهيب)].


(6 أنّه يَدُلّ على قِلّة حيائها أو زَوالِه، وأنّ التَّبَجُّعَ وَالصَّفاقَة قَد تَمَكَّنا منها.
-قال النبيّ صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى : إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ ، فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ" ((رواه البخاري عن أبي مسعود البدري: 6120))
-ولَيْس المقصود إباحَة فِعْل أيّ شَيء وَ لَوْ كان قَبيحًا ما دَام صَاحِبُه لا يَسْتَحي، بَل مَعْناهُ: (إذا نُزِعَ مِنك الحَياءُ فافْعَل ما شِئت، فَإنّ اللهَ مُجازيك عَليه) كما قال ابنُ حَجَر في ((الفتح))، فَهُو تَهْديدٌ مِنْه صلى الله عليه وسلم، ولَيْس إذنًا.


(7 أنَّه إعانةٌ للرَّجُلِ عَلى زِنا العَيْنِ، ومَعْصِيَةَ النَّظَرِ وَذَلِكَ وَاقِعٌ لا محالة، وَرُبَّما مَهَّدَ في كَثيرٍ مِنَ الأَحْيانِ زِنا الفرج والعِياذُ بالله.
-عن ابن عَبّاس -رضي الله عنه- أنّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :" إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي ، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ". ((البخاري: 6243))
-كما اَنَّ الوَاقِعَ دَلَّ على أنَّ زِنا اللّسان يَقَعُ عَادَةً بالمُتَبَرِّجة لا بِسِواها، وعلى قَدْرِ تَبَرُّجِها يّكون حَظُّها من المُغازَلَةِ والمُضَاحَكَة والمُحادَثة والمُدَاعَبة والمُعاكَسَة و...إلخ.
وهذه المُمَهِّدات تَنْتَهي في كثيرٍ مِنَ الأحْيانِ إلى زَنا الفرج المذكور في الحديث، تَمامًا كما رَتَّبَها أحمد شَوْقي الشَّاعِر:

نَظْرَةٌ فابْتِسامَةٌ فَسَلامُ ****** فكَلامٌ فَمَوْعِدٌ فَلِقاءُ


(9 أنَّ فاعِلَتَه مَحْرومَةٌ مِنَ الجَنَّةِ، مُتَوَعِّدَةٌ بالنَّارِ، مَلْعونَةٌ على لِسانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، مَشْروعٌ لَعْنُها للمُسْلِمين، وَلَعَمر الله إنّواحِدَةً فَقَط من هذه الأرْبع لَخَطيرَةٌ ومُخيفَةٌ، فَكَيْف وقَد اجتَمَعْن؟! قَالَ النبيّ صلى الله عليه وسلم : " صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ ، مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا " ((رواه مسلم: 2128 )) .
-قال النَّوَوي: (مَعْنَاهُ: تَسْتُر بَعْض بَدَنهَا ، وَتَكْشِف بَعْضه... وَقِيلَ : مَعْنَاهُ تَلْبَس ثَوْبًا رَقِيقًا يَصِف لَوْن بَدَنهَا ).

-ولا رّيْب أنَّه يَدْخل فيه لبس لبضّيِّق الذي يُجَسِّم البَدَن، ويُحَجِّمُ العَوْرَةَ، ويُحَدِّدُ الأعْضاء، وَيُبْرِزُ الأَكْتاف والأرْداف والأثداء...إلخ.
ورُبَّما كان هذا أشَدَّ إغْراءً بالفاحِشة مِنَ العُرْيِ نَفْسَه، لأنّ المَكْشوف تمامًا لا بُدَّ أن تَمَلَّه العّيْن إذا نَظَره إليها، وَالمَسْتورُ تَمامًا تَيْأَسُ مِنَ الوُصولِ إلَيْه، فلا يَطول التَّفْكير فيه، أمَّا المَسْتور المَكْشوف، البّارِزُ المُخْتَفي، فإنَّ الطَّمَعَ في الوُصولِ إلّيْه قائم، والفُضولُ في اكْتِشافِه دائم.
وما أشْبَه اسْتِتار البَدَنِ بهذا النَّوع مِنَ الثِّيابِ باسْتِتار الخَمْرِ الصَّافِية بالكأس الزُّجاجيَّة الشفَّافة، التي وَصَفَفا الوزير الصَّاحب بن عبَّاد الطَّالِقاني بقَوْلِه:

رَقَّ الزُّجاجُ ورَقَّتِ الخَمْرُ ****** وتَشاكَلا فتَشابَه الأمْر
فَكَأنَّما خَمْرٌ ولا قَدْحٌ ****** وَكَأنَّما قَدْحٌ ولا خَمْرٌ


(10 أنَّهُ نَقْضٌ لِبَنْدِ مِنْ بُنُودِ البَيْعَةِ التي كان يَأخُذها النبيّ صلى الله عليه وسلم على النِّساءِ في زَمَانِه،وَلا شَكَّ أنَّ ما وَجَبَ علَيْهِنَّ في ذلك الزَّمانِ وَجَب على سائر المُسْلِمات في كُلِّ زَمَانٍ.
عن عبدِ الله بن عمرو -رضي الله عنه- قال: جَاءَتْ أُمَيْمَةُ بِنْتُ رُقَيْقَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، فَقَالَ : " أُبَايِعُكِ عَلَى أَلَّا تُشْرِكِي بِاللَّهِ شَيْئًا ، وَلَا تَسْرِقِي ، وَلَا تَزْنِي ، وَلَا تَقْتُلِي وَلَدَكِ ، وَلَا تَأْتِي بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ يَدَيْكِ وَرِجْلَيْكِ ، وَلَا تَنُوحِي ، وَلَا تَبَرَّجِي تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى " [((المسند)): 6580، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح]
-أفَتَرْضى الحُرَّة فَضْلًا عَنِ المُسْلِمة أن تُخالِفَ ما بَيْنها وسوالفها وبين نَبِيِّها صلى الله عليه وسلم من مَوَاثيق وعُهود؟


(11 أنَّه نَقْضٌ لِعُرْوَةٍ مِنْ عُرى الإسْلام.
عن أبي أُمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" لتُنْقَضَنَّ عُرى الإسْلامِ عُرْوَة عُرْوَة فكُلَّمَا انْتَقَضَتْ عُرْوَة تَشَبَّثَ النَّاس بالَّتي تَليها وأوَّلُهُن نَقْضاً: الحُكْمُ، وآخرهُن الصَّلاة"(5) ((أحمد و غيره، (الصحيح الجامع: 5075))

-أفَتَرْضى المُسْلِمة أَنْ تَنْقُض عُرى دينِها بِيَدِها (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا) [النحل:92]، تالله لا تَرْضى إن كان في قَلْبِها ذرة من إيمان، أَوْ بَيْنَها وَبَيْن الإسلامِ أَدْنى رِباط.


(12 أنَّه من أَعْمالِ أَهْلِ الجاهِلِيَّةِ الذين مَقَتَهُم(6) الله ومَقَتَ أَعْمالَهُم.
عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ: "...وَإِنَّ اللَّهَ نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وَعَجَمَهُمْ إِلَّا بَقَايَا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ..." ((مسلم: 2865))، فَنَهى الله تَعَالى المُسْلِمات أنْ يَتَبَرَّجْن كَتَبَرُّجِ نِسائهم. قال تعالى: ( وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَىٰ) [الأحزاب: 33].
-أفَتَرْضى المسلِمَة المُكَرَّمَة بالإسلامِ أَنْ تَفْعَل ما نهى الله عَنْهُ وَمَقَتَ فَاعِلَهُ؟
أُعيذُك باللهِ مِنْ ذلك.


(13 أنَّه طاعَةٌ لِأَعْداءِ الإسْلامِ، من يَهُودٍ ونَصارى وغَيْرِهِم مِن الذين أَخَذوا على عاتِقِهِم تَعْرِيَة المُسْلِمة وكَشْفها، وفَضْحِها، باسْم تَحْريرِها، انْتِقامًا منها لما صَنَعَتْهُ بِهِم من قَبْلُ حين كانت تَهُزُّ المَهْدَ بِيَمينِها، وتُزَلْزِلُ عُروشَهُم بيَقينِها، وتَلِدُ من يَرُدُّ عُدْوانَهُم، بَلْ ويَفْتَحُ بُلْدانَهُم، ويُكْسِر طُغْيانَهُم.
قال تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) [البقرة: 217]، وقال أيضا: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) [البقرة: 120]، وخُطَطُهُم الماكِرة وأَقْوالُهم الحاقِدة في هذا الشَّأنِ أَشْهَر من أن تُسْرَد وأَكْثَرُ من أن تُفْرَد.

خَدَعوها بِقَوْلِهِم حَسْناءُ ****** والغَواني يَغَرُّهُنَّ الثَّناءُ


(14 أنَّه تَشَبُّهٌ بالكافِراتِ، والفاجِراتِ، والدَّاعِراتِ. وهُوَ أَمْرٌ مُحَرَّمٌ شَرْعًا مَقْبوحٌ طَبْعًا.
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُم" [رواه أبو داود وغيره عن ابن عمر -رضي الله عنه- (صحيح الجامع: 6149)]
ثُمَّ أَيَّة عَاقِلَةٍ في قَلْبِها ذرَّةٌ مِنْ إيمانٍ تَرْضى أَنْ تُحْشَرَ بِمَنْ هَذِهِ أوْصافُهُنَّ؟


(15 أنَّه إعْلانٌ بالمَعْصِيَةِ،ومُجَاهَرَةٌ بالإثْمِ، وتَحَدٍّ سافِر لِأَحْكامِ الشَّرْع.
وفي ذلك من البَلاءِ ما لا يَخْفى، وَحَسْبُكَ قَوْل النبيِّ صلى الله عليه وسلم : " كُلُّ أُمَّتي مُعَافَى إلَّا المُجاهِرون" [البخاري عن أبي هُرَيْرة -رضي الله عنه-: 6069] (7)

فّكّيْف تَجاسَرْتِ أنْ تُبارِزي اللهَ بِسَيْفِ المَعْصِيَة، وهُو يَمُدُّ في عُمركِ دقيقَةً بَعْدَ أُخْرى، تَفَضُّلًا منه وتَكَرُّمًا، ولو شاء كَبَسَ على أنفاسٍك مع أوَّلِ خُطْوَةٍ خارِج البَيْت، فإذا أنت جُثَّةٌ هامِدَة و إذا الروحُ عِنْد بارِئها؟


(16 أنَّهُ دليلٌ على دِياثَة وَلِيّ المُتَبَرِّجة، وفَقْدِهِ للغَيْرَةِ الفِطْرِيَّة التي جَعَلَها اللهُ في قُلوب الرِّجال، وهي صِفَةٌ خَسيسَةٌ في الدُّنيا، وَخيمَةُ العَاقِبَةِ في الآخِرة.
قال صلى الله عليه وسلم : "ثَلاثَةٌ لا يَدْخُلون الجَنَّة: العاقُّ لِوالِدَيْه، والدَّيُّوثُ، ورَجُلَةُ النِّساءِ" [رواه الحاكم وغيره عن ابن عمر (صحيح الجامع: 3063)]


(17 أنَّه دَلَّ عَلى كَوْنِ صاحِبَتِهِ مِن شِرارِ النِّساءِ، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " خَيْرُ نِسَائِكُمُ الْوَدُودُ الْوَلُودُ الْمُوَاتِيَةُ الْمُوَاسِيَةُ ، إِذَا اتَّقَيْنَ اللَّهَ ، وَشَرُّ نِسَائِكُمُ الْمُتَبَرِّجَاتُ الْمُتَخَيِلاتُ وَهُنَّ الْمُنَافِقَاتُ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْهُنَّ ، إِلا مِثْلُ الْغُرَابِ الأَعْصَمِ" [رواه البيهقي عن أبي أذينة الصَّدفي، (صحيح الجامع: 3330)


(18 أّنَّه دّليلٌ على ضعفِ إيمانِ صَاحِبَتِهِ -إن كانت مُؤمِنة-:
لِأَنَّ التَّكَشُّفَ والتَّهَتُّك دَليلٌ على قِلَّةِ الحياء أو انْعِدامِهِ، وهذان دليلٌ على ضُعْف الإيمانِ أو زَوالِه، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "الْحَيَاءُ وَالإِيمَانُ قُرِنَا جَمِيعًا ، فَإِذَا رُفِعَ أَحَدُهُمَا رُفِعَ الآخَرُ " . [رواه الحاكم وغيره عن ابن عمر، (صحيح الجامع: 3200).


(19 أَنَّه من أّسْبابِ إشاعَةِ الفاحِشَة في المُجْتَمَعِ، لِأَنَّهُ يُوقِظُ الغَرائز النَّائمة، ويُهَيِّجُ الشَّهَوات السَّاكِنَةِ، وَكَأنَّ صَاحِبَتَهُ تَقول لِكُلِّ مَنْ مَرَّ بِها مِن الرِّجَالِ -بِلِسانِ حالِها-: (هِيتَ لَك)، أو تقول: (أما تُبْصِرُ هذا الجَمالَ كُلَّهُ وهُو يُناديك؟ ولا هذا التأنُّقَ جَميعًا وهُو يُناغيك؟... حقًّا إنَّك لدّرويش بَلِيد، أو أنت هّيْكَلٌ من حَديد قُدَّ قَلبُه من جَليد).

ومَعلومٌ ما تَوَعَّدَ الله بِهِ من يُشيعُ الفاحِشَة في مُجْتَمَعِ المُسْلِمين، ويَنْشُرُها بيْنَهم من الوَعيدِ الشَّديدِ، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) [النور: 19]


(20 أَنَّه مُوَرِّثٌ لِمَوَدَّةِ الكافِرين ومُوالاتِهِم.
لأنَّه مُطابِقٌ لِزِيِّ نِسائهم وفِعْلهن، قال شيخُ الإسْلام: (المُشابَهة في الظَّاهر تورِثُ نَوْعَ مَوَدَّةٍ، ومَحَبَّةٍ، ومُوالاةٍ في الباطِنِ، كما أنَّ المَحَبَّة في الباطِن تورث المشابَهة في الظَّاهر، وهذا أمر يّشْهَدُ به الحِسُّ والتَّجربة). [اقتضاء الصراط المستقيم في مخالفة أصحاب الجحيم: ص/170].
وقال أيضًا: (فالمُشابهة الظَّاهرة مَظَنَّةُ المَوَدَّة، فتكون مُحَرَّمة) [الإقتضاء: ص/171].

-ومَعْلومٌ شَرْعًا أنَّ موادَّتهم لا تجوز،قال تعالى: (لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ) [المجادلة: 22].
-وأنَّ مُوالاتهم حَرامٌ، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)[المائدة:51].


(21 أنَّه يُغْري المَرْأة بالتَّمادي في التَّحَلُّلِ من أحْكامِ الشَّرْعِ والأخْلاقِ، لأنَّه يّسْتجيبُ للهوى، ويُلَبِّ الغريزَةَ التِّي هي أقوى الغرائِز في الإنسان، وهذان الأمران كُلَّما أرْضاهُما الإنْسان بِشيءٍ طَلَبَا المزيد، فَمَثلُ صاحِبِهما كالشَّارب من ماءِ البَحْرِ المالِح، لا يَزْدادُ إلَّا عطشًا.


(22 أنَّهُ يُسَبِّب إصابة الأجزاء العارية من المرأة بالأمْراض الخَطيرَة كالسَّرَطان الخبيث -الميلانوما-، والذي هو من أنْدَرِ أنْواع السَّرَطان، وقد صارَ الآن في تزايُدٍ ويتضاعَفُ حاليًّا عند الفَتَيات اللَّواتي في مُقْتَبَلِ أَعْمارِهِنَّ حيْثُ يُصَبْن به في أرجُلِهِنَّ، فالسَّبَبُ الرَّئيسي في شُيوعِه هو انتِشارُ الأزْياءِ القَصيرَةِ، الَّتي تُعَرِّضُ النِّساءَ لأشِعَّة الشَّمسِ فَتَراتٍ طَويلةٍ على مَرِّ السَّنة، ولا تُفيد الجواربُ الشَّفَّافة للوِقايَةِ منه. [(مجلة الجامعة الإسلامية)، السنة الخامسة، العدد الأول: ص/47. بواسطة (التبرج والإحتساب عليه)، عبيد بن عبد العزيز السلمي]


(23 أنَّه يُسَبِّب انْصِراف المُتَبرِّجة عن واجِباتِها المَنْزليَّة،وتَمَرُّدها على وظيفتِها الطَّبيعِيَّة، الَّتي هيَّأها الله لها، ويُحَبِّبُ إليها الخُروج من البَيْتِ لعَرْضِ مفاتِنها، عسى أن تَسْمع ثَناءًا ومَدْحًا، -والغواني يَغُرُّهُنَّ الثَّناءُ-، وكذلك للتَّرْفيه عن نفسها بالتَّفَسُّح في الأزِقَّة، في هيْئة الُتَمَدِّنة المُتَقدِّمة.


(24 أنَّه يورِثُها التَّكَبُّرَ والتَّعالي، الذي يُسبِّبُه ذلك التَّبختُر والدَّلالُ، لأناقة ثيابِها وعجيبِ تفْصيلِها، وامتِلائها غُرورًا بحُسنها، قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " وَشَرُّ نِسَائِكُمُ الْمُتَبَرِّجَاتُ الْمُتَخَيِّلاتُ(8)، وَهُنَّ الْمُنَافِقَاتُ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْهُنَّ ، إِلا مِثْلُ الْغُرَابِ الأَعْصَمِ" [السلسلة الصحيحة: 9481].


(25 أنَّه يُنمِّي الحسَدَ والحِقْدَ في قلبِ صاحِبته، فإذا أرادت الخُروجَ إلى العملِ،أو الدِّراسة، أو غيْرهما، اهتمَّت بزينَتِها، وبالَغَت في ذلك، لِتَتَفوَّق على زميلاتِها، فإن كانت أجمَلَهُنَّ طَغَتْ وتَكَبَّرت وازدرتهُنَّ، وإن كانت أَقلَّهُنَّ تاَنُّقًا حَسَدَتْهُنَّ، وضاقت بهنّ ذرْعًا، وأصابها الغَمُّ والحُزن والحسْرة، واستمكن منها الشُّعورُ بالنُّقص، فازدادت غُلُوًّا في التبرُّج لتَغْطِيتِه.


(27 أنَّه يسَّر الإختِلاط وسهَّلَه.
لأنَّ غير المُتبَرِّجة يَهَابُ الرَّجل مُخالطتها ومُحادثَتها، ويَخْشون رَدَّ فِعلها.
وهي بدورها يُشكِّل لها الحجاب حاجِزًا نفسِيًّا عن فعل ذلك، أمَّا المُتبرِّجة فقدأذهبت هيبَتها، فتجرَّأ على مُخالطتِها، ومُخاللتِها كلُّ من زَيَّنت له ذلك أو أكثر.



_________________________________

(1) الدّيوث قد فسّره النبي صلى الله عليه على آله وسلم بأنه الذي يُقرّ الخبث في أهله ، سواء في زوجته أو أخته أو ابنته ونحوهنّ .
والخبث المقصود به الزنا ، وبواعثه ودواعيه وأسبابه من خلوة والتبرج ونحوه .


(2) الخَنا : الفَحْشُ في الكلام. (معجم المعاني)


(3) قال المناوي في "فيض القدير" (3/176) :
" ( وضعت ثيابها في غير بيت زوجها ) كناية عن تكشفها للأجانب ، وعدم تسترها منهم ،
( فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله عز وجل ) لأنه تعالى أنزل لباسا ليوارين به سوأتهن ، وهو لباس التقوى ، وإذا لم يتقين الله ، وكشفن سوأتهن ، هتكن الستر بينهن وبين الله تعالى ، وكما هتكت نفسها ولم تصن وجهها وخانت زوجها يهتك الله سترها ، والجزاء من جنس العمل ، والهتك خرق الستر عما وراءه ، والهتيكة الفضيحة " انتهى .


(4) أغواه الشَّيطانُ : غواه ؛ أضلّه وأغراه بالفَساد
غَوَى : حاد عن الحَقّ ومال إلى هواه .(معجم المعاني)


(5) قال الإمام ابن بازشارحا للحديث: ومعناه ظاهر وهو: أن الإسلام كلما اشتدت غربته كثر المخالفون والناقضون لعراه. يعني بذلك: فرائضه وأوامره، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء)) أخرجه مسلم في صحيحه.


(6) مقت الشّخْص وغيره:
أبغضه أشدَّ البُغْض ، وكرِهه لأمرٍ قبيحٍ. (معجم المعاني)


(7) قال الملا علي قاري في شرح المشكاة: كل أمتي معافى ـ هو اسم مفعول مِن عافاه الله. أي: أعطاه الله العافية والسلامة من المكروه.... والمجاهرون هم الذين جاهروا بمعاصيهم وأظهروها وكشفوا ما ستر الله عليهم منها فيتحدثون، يقال جهر وجاهر وأجهر،
أقول قول الأشرف: كل أمتي لا ذنب عليهم ـ لا يصح على إطلاقه-، بل المعنى كل أمتي لا يؤاخذون أو لا يعاقبون عقابا شديدا إلا المجاهرون...... اهـ.


(8) المتخيِّلات: أَي المُعجبات المُتكبِّرات " التيسير بشرح الجامع الصغير " (1 / 532)







_______________________________

المصدر: الإقناع عن طريق التدرج بضرورة نبذ التبرج.
باختصار​
 
ما أحسن ما تختار أخي الكريم نضال.
أحسن الله إليك وبارك فيك و بك ولك.
هذه ذكرى لمن كانت تنفعها الذكرى و عبرة لمن أردت العبرة و موعظة نافعة و الله لما إستشرى في هذا الزمان من الشر من قبل كثير من النسوة فهل من متئدة متعظة منهن مقبلة على رب البرية التواب بالستر و العفاف و المكث في البيت غير خراجة و لا ولاجة و الله يغنيهن عما من تركن من حرام بالحلال الخالص و بالأزوج الصالحين الذين تكون معهم الحياة الهنيئة و سعادة الدنيا و الاخرة و ما ذلك على الله بعزيز.
 
بارك الله فيكم وجزاكم خير مانشرتم...
وهدى الله بناتنا الى صلاح احوالهن
وهدانا أجمعين...
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top