قبول الله توبة عبده، وإن عَظُمَ الذنب وتكرر!!!

نضال ابن فوزي

:: عضو منتسِب ::
إنضم
20 أكتوبر 2017
المشاركات
71
نقاط التفاعل
84
النقاط
3
العمر
27
محل الإقامة
الجزائر
الجنس
ذكر
بِسْم الله الرحمان الرحيم
و الصلاة و السلام على سيّد المرسلين




أخي قبل أن تقرأ الآيات اعلم وفقني الله وإياك أن للتوبة أربعة شروط كي تكون مقبولة:

أهم شيء هو أن تتوب مخلصا لله راجيا ثوابه خاشيا عقابه، ولا يكون قصدك بُلُوغَ غَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ الدُّنْيَوِيَّةِ.

ثانيا: الندم على الماضي منك والحزن على ما مضى منك،

الثالث: الإقلاع والترك لهذه الذنوب دقيقها وجليلها،

الرابع: أن تعزم العزم الصادق ألاّ تعود فيها.

فإن كان عندك حقوق للناس، أموال أو دماء أو أعراض فأديها إليهم،

-منقول بتصرف من كلام الشيخ بن باز والشيخ بن ناصر السعدي-​




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


قال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى° أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ° إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ° إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}الزمر[53]




قَالَ الشيخ بن ناصر السعدي في تفسيره الآية:


(( قُلْ )) يا أيها الرسول ومن قام مقامه من الدعاة لدين اللّه، مخبرا للعباد عن ربهم: (( يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ )) باتباع ما تدعوهم إليه أنفسهم من الذنوب، والسعي في مساخط علام الغيوب.


(( لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ )) أي: لا تيأسوا منها، فتلقوا بأيديكم إلى التهلكة، وتقولوا قد كثرت ذنوبنا وتراكمت عيوبنا، فليس لها طريق يزيلها ولا سبيل يصرفها، فتبقون بسبب ذلك مصرين على العصيان، متزودين ما يغضب عليكم الرحمن،

ولكن اعرفوا ربكم بأسمائه الدالة على كرمه وجوده، واعلموا أنه يغفر الذنوب جميعا من الشرك، والقتل، والزنا، والربا، والظلم، وغير ذلك من الذنوب الكبار والصغار. (( إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) أي: وصفه المغفرة والرحمة،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} الشورى[25]



قَالَ السعدي في تفسيره:


هَذَا بَيَانٌ لِكَمَالِ كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَسِعَةِ جُودِهِ وَتَمَامِ لُطْفِهِ، بِقَبُولِ التَّوْبَةِ الصَّادِرَةِ مِنْ عِبَادِهِ حِينَ يُقْلِعُونَ عَنْ ذُنُوبِهِمْ وَيَنْدَمُونَ عَلَيْهَا، وَيَعْزِمُونَ عَلَى أَنْ لَا يُعَاوِدُوهَا، إِذَا قَصَدُوا بِذَلِكَ وَجْهَ رَبِّهِمْ، فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُهَا بَعْدَ مَا انْعَقَدَتْ سَبَبًا لِلْهَلَاكِ، وَوُقُوعِ الْعُقُوبَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالدِّينِيَّةِ.

وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَمْحُوهَا، وَيَمْحُو أَثَرَهَا مِنَ الْعُيُوبِ، وَمَا اقْتَضَتْهُ مِنَ الْعُقُوبَاتِ، وَيُعُودُ التَّائِبُ عِنْدَهُ كَرِيمًا، كَأَنَّهُ مَا عَمِلَ سُوءًا قَطْ، وَيُحِبُّهُ وَيُوَفِّقُهُ لِمَا يُقِرُّ بِهِ إِلَيْهِ.


وَلَمَّا كَانَتِ التَّوْبَةُ مِنَ الْأَعْمَالِ الْعَظِيمَةِ، الَّتِي قَدْ تَكُونُ كَامِلَةً بِسَبَبِ تَمَامِ الْإِخْلَاصِ وَالصِّدْقِ فِيهَا، وَقَدْ تَكُونُ نَاقِصَةً عِنْدَ نَقْصِهِمَا، وَقَدْ تَكُونُ فَاسِدَةً إِذَا كَانَ الْقَصْدُ مِنْهَا بُلُوغَ غَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَكَانَ مَحَلُّ ذَلِكَ الْقَلْبَ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ، خَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


قال الله تعالى في ذكر صفات المتقين الذين أعد لهم جنات عرضها السموات و الأرض: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ،أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} آل عمران[135-ظ،ظ£ظ¦]




قَالَ السعدي في تفسيره:


" (( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم )) أي: صدر منهم أعمال [سيئة] كبيرة، أو ما دون ذلك، بادروا إلى التوبة والاستغفار، وذكروا ربهم، وما توعد به العاصين ووعد به المتقين، فسألوه المغفرة لذنوبهم، والستر لعيوبهم، مع إقلاعهم عنها وندمهم عليها، فلهذا قال: (( ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )) .


(( أولئك )) الموصوفون بتلك الصفات (( جزاؤهم مغفرة من ربهم )) تزيل عنهم كل محذور

(( وجنات تجري من تحتها الأنهار )) فيها من النعيم المقيم، والبهجة والسرور والبهاء، والخير والسرور، والقصور والمنازل الأنيقة العاليات، والأشجار المثمرة البهية، والأنهار الجاريات في تلك المساكن الطيبات،"
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



قال الله تعالى عن أهل الكتاب بعد ذكر معايبهم و معاصيهم القبيحة الشنيعة حيث قالوا {يد الله مغلولة} و كفرهم و مسارعتهم في الإثم و العدوان و أكلهم السحت ....... قال: ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ))[



قال الشيخ بن ناصر السعدي في تفسيره للآية:


وهذا من كرمه وجوده، حيث ذكر قبائح أهل الكتاب ومعايبهم وأقوالهم الباطلة، دعاهم إلى التوبة، وأنهم لو آمنوا بالله وملائكته، وجميع كتبه، وجميع رسله، واتقوا المعاصي، لكفر عنهم سيئاتهم ولو كانت ما كانت، ولأدخلهم جنات النعيم التي فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول :
( أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ


ثُمَّ عَادَ ، فَأَذْنَبَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ،

ثُمَّ عَادَ ، فَأَذْنَبَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ .

رواه مسلم


[و ليس في الحديث رخصة للعمل بالمعاصي، إنما هو ندب للتوبة و الحضّ عليها]



وقال النووي – رحمه الله – في شرحه :


هذه المسألة تقدمت في أول كتاب التوبة , وهذه الأحاديث ظاهرة في الدلالة لها , وأنه لو تكرر الذنب مائة مرة أو ألف مرة أو أكثر , وتاب في كل مرة : قبلت توبته , وسقطت ذنوبه , ولو تاب عن الجميع توبة واحدة بعد جميعها : صحت توبته .

" شرح مسلم " ( 17 / 75 ) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



عَنْ أَبِي مُوسَى ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا "رواه مسلم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


و بوّب الإمام مسلم في صحيحه "باب: قبول توبة القاتل و إن كثر قتله" و ذكر هذا الحديث:

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
" كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ فَأَتَاهُ ، فَقَالَ : إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ ، فَقَالَ : لَا ، فَقَتَلَهُ ، فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً ،


ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ ، فَقَالَ : إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ ؟ ، فَقَالَ : نَعَمْ ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا ، فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ ،

فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ ، فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ : جَاءَ تَائِبًا مُقْبِلًا بِقَلْبِهِ إِلَى اللَّهِ ، وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ : إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ ، فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ ، فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ ، فَقَالَ : قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ ، فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ ، فَقَاسُوهُ فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ ، فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ "
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



سئل الشيخ ابن العثيمين:


من عمل عملاً لا يرضي الله ثم تاب ثم عاد إلى هذا العمل مراراً وتكراراً فهل له من توبة أم لا؟

فأجاب:

نعم، له توبة لعموم قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).


فهذا الرجل إذا تاب من هذا الذنب توبة نصوحاً تاب الله عليه، ثم إن دعته نفسه فيما بعد ذلك إلى مقارفة هذا الذنب ففعله ثم تاب منه توبة نصوحاً مخلصاً فإن الله يتوب عليه،

وهكذا، كلما فعل ذنباً ثم تاب منه توبة نصوحاً صادقة ثم طالبته نفسه فيما بعد على فعله ثم عاود التوبة فإنه يكون على آخر أحواله،

إن كان آخر أحواله التوبة النصوح فإنه كمن لا ذنب له،
وإن كان آخر أحواله أنه مصر على هذا الذنب فإن له حكم المستديم عليه.

سلسلة فتاوى نور على الدرب > الشريط رقم [36]




والآيات و الأحاديث في هذا الباب كثيرة جدا، فلا يأتينك الشيطان ويثبطك عن التوبة والإستقامة بحجة أن ذنوبك كثيرة وعظيمة.




و الحمد لله، و الصلاة و السلام على رسول الله


اللهم ارزقنا توبة نصوحة



التفاسير كلها منقولة من كتاب "تيسير الكريم الرحمان في تفسير كلام المنان" للشيخ العلامة بن ناصر السعدي.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top