السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
...
من له وقت ليقرأ لنا؟؟
لكنّي على يقين أن هناك من يقرأنا...
..
..
كانت الساعة قد شارفت لتتم دورتها التاسعة ..الشمس ساطعة كانها تريد عناقني لتزيدها حرارتي لهباَ..انتظرتُ في غرفة الانتظار طويلا..اخرجت هاتفي ورحت أقلب فيه وعقلي في جهة اخرى...وألف هم وتساؤل يعانقي مخيلتي...
رفعت رأسي على صوت بعض النسوة تهمهمنّ : دوري انا..لا بل دوري أنا...
نظرت الى الساعة وقلت: ماهذا ثلاث ساعات انتظار؟؟ هل سآخذ التأشيرة من عندكم؟؟
...
ورحت أهمهم انا الأخرى..استغفرت وعرفت ان العدوى أصابتني من جماعة النسوة...
اشتد ألمي..واشتد..وكانت يدي اليمنى لا تفارق مكان الألم..
وكنت بين الفينة والأخرى أقرأ بعض أدعية الشفاء عساها تسري سريها...
قرأت وقرأت..بدون فائدة ..واخذت من عمود حديدي سندا لي لكنه لم يُنصفني.فأنحنيت للمرة الألف...
دخلت جارتي الى القاعة وكانت ملتثمة بلحافها التقليدي كعادتها..كانت خليلة للحشمة والحياء دوما..لكنني عرفتها ..فتلكم التجاعيد بين عينيها فعلت فعلتهاوزادها ذاك ( الوشم) وقارا وحشمة..شخصت نظراتها الحادة في عيناي وعجلت بالسؤال قبلي: مابالك ؟ أمريضة انتِ ؟ قلت الحمد لله ألم صابحني منذ ساعات صاحبني..
صرخت في وجهي ولما لم تدخلي؟؟ تبسمت بتعب يسكنني: كلنا مرضى سأنتظر دوري..
وفجأة تكلمت فتاة أربعينية بجانبي ..كانت السنون قد فعلت هي الاخرى بها فعلتها وزادتها جلسات النسوة اليومية ومكوثها في البيت حدة ونقما في طبعها..
تمتمت : اذهبي للقاعة هناك ونادي الطبيبة بمكالمة لأخيك فقط..هؤلاء لا ينفع معهم لا أدب ولا لباقة..( المعريفة برك)..
اجبتها بغصة زادها ألمي اختناقا: لو أردت لدخلت ، لست في مكان يسمح لي بالمفاخرة...
واردفت سيل أسئلة كانت تجمعها منذ دخولي: اين ابنتك؟؟ وماذا عن العمل؟ نظرت الى اخرى وقالت: أرأيتِ اولئك الاطفال يسرحون ويلعبون امام المدرسة...اكيد اساتذتهم غائبين كالعادة.!!
تمتمت في نفسي( الاساتذة لا يمرضون؟؟)
وتركتها تفرغ كبتها وتذمرها من قسوة الزمان وانيابه التي جعلتها حبيسة البيت وزادتها (ثقافة وعلما) اكثر من اصحاب الشهادات..
مرت نصف ساعة اخرى..ولا اعلم كيف حان دوري..ام ان أجلي هو من يناديني...دخلت ..
ألقيت التحية..فردت علكتها نيابة عنها..كانت بيضاء السنحة جميلة لولا تلك الاطنان من مخفي العيوب واخواته على وجهها ..وكانت عيناها لا تكاد تبادلك النظرات من جراء ثقل ( الماسكارا) عليها..قلت في نفسي: طبيبة ام عروس هذه؟؟
...وحاشا لله ان ألوم أو أحكم عن غيري لكن التشخيص ومجرياته هو من يفعل بعقلي فعلته...
سألتني من مكانها مابكِ؟ فأجبتها؟ فلم تكلف نفسها عناء الفحص..وحافظت على وضعية قدميها الواحدة فوق الأخرى...
كتبت (في نصف ورقة!!) لوحتها الفنية واخبرتني بأنه يلزمني تصوير أشعة وكثير من التحاليل..سألتها عن الألم وكيف أُسكِنه مؤقتا؟ فكتبت لي حقنة ( احسستها شفقة بلا احساس..)
خرجت وتوجهت الى الباب الموازي ووجدت الطابور ادهى وامر...ومنه الى قاعة العلاج ..ولن اتكلم عن الضيافة العلاجية في بلادنا...
ومرت الساعة بين قاعة وقاعة..وبين حيرة وحيرة..دخلت للمرة الثانية ل(عروس المستشفى) وردت يجب عليك اجراء فحوصات اخرى...ولا تنسي التحاليل ..
سألتها باستهزاء : وهل كتبتِ لي التحاليل اصلا؟؟
فقالت ساكتبها الآن( العلاج بالتقشف)...
سألتني ان كنت استطيع السفر ومعاودة احضار الاشعة لقرائتها فاخذتني فورة غضبي واجبتها : ان كنت سأذهب للمدينة سأكمل مروري بطبيب مختص...
رمقتني وقتئذٍ بسهمٍ سرشٍ من عينيها جعلني للمرة الأولى أفقه لونهما...
...اتصلت بزوجي واخبرته بما حصل...وبسرعة خاطفة وجدته يعود ادراجه وسمعت صوت المحرك يغلي كأنفاسه...فتح الباب فوجدني امامه..وانتبه لاحمرار لوّث لون عيناي ...فبادرني( لا تخافي ..المؤمن من يتذكره مولاه...)
وسافرنا...بعد ان مررت بأمي وعرفت بتعبي منذ رمقتني...وتهاطلت دموعها : كنت اعرف ان شيئا ما سيحصل ..الكوابيس لم تفارقني البارحة..
لملمت بعض ثيابي وثيابي ابنتي وتأملتُ بيتنا جيدا...وكأنها المرة الأخيرة...
قلت في نفسي ماذا لو لم أعد..نسيت ان أغفل الغاز في بيتي ..وتركت اواني القهوة لم أغسلها..وثياب ابنتي نزعتها البارحة متسخة...
ماذا عن ثياب زوجي ؟؟ يوجد الكثير من الغيارات في الخزانة لكنه لا يعرف كيف يقتنيها.....
وتوالت الاسئلة..وانا في السيارة...ساد الصمت مطولا...
وسافرت الى اللامكان....وكنت اعرف أن قرة عيني قد رافقني هو الآخر وان اختلفت الأمكنة...
لم ينس ان يلقي بين الفينة والأخرى نكتة ليغير الجو..كما لم ينس ان يعاتبني عن خصامي المطول له...
تعاتبنا يومها بابتسامة لا اعرف من اين سرقتها...
وصلنا الى الطبيب...
دخلت قاعة الانتظار...
رائحة الكحول تفوح على بعد أمتار رغم نظافة المكان...تخصص المركز وحده كفيل لتتسارع نبضات من يمر من أمامه...فماذا عن زائريه؟؟؟
شفاك الله ...قلتها لعجوز لم يسعفها ثقل لسانها ان ترد...فرد ابنها الاربعيني مكانها...اختلطت القاعة بين مرافقين ومرضى...وكان زوجي يرقب خوفي من قريب...ولم ينس ان يرمي بإيماءة تارة وكلمة فهمها كلانا تارة اخرى....
لم تطل معانقتي للكرسي حتى نادتني الممرضة بسبب مكالمة الطبيب..
سرت وقد تثاقلت خطواتي...
هيأت نفسي للأشعة...رافقني زوجي..فاخبرته: ماذا لو....
هلا انتظرت خارجاً...
كنت اسمع تسارع دقاته هو الآخر.. نهرني قائلا: سأبقى...
فقلت في نفسي: إذا خُذ بيدي...
...
من له وقت ليقرأ لنا؟؟
لكنّي على يقين أن هناك من يقرأنا...
..
..
كانت الساعة قد شارفت لتتم دورتها التاسعة ..الشمس ساطعة كانها تريد عناقني لتزيدها حرارتي لهباَ..انتظرتُ في غرفة الانتظار طويلا..اخرجت هاتفي ورحت أقلب فيه وعقلي في جهة اخرى...وألف هم وتساؤل يعانقي مخيلتي...
رفعت رأسي على صوت بعض النسوة تهمهمنّ : دوري انا..لا بل دوري أنا...
نظرت الى الساعة وقلت: ماهذا ثلاث ساعات انتظار؟؟ هل سآخذ التأشيرة من عندكم؟؟
...
ورحت أهمهم انا الأخرى..استغفرت وعرفت ان العدوى أصابتني من جماعة النسوة...
اشتد ألمي..واشتد..وكانت يدي اليمنى لا تفارق مكان الألم..
وكنت بين الفينة والأخرى أقرأ بعض أدعية الشفاء عساها تسري سريها...
قرأت وقرأت..بدون فائدة ..واخذت من عمود حديدي سندا لي لكنه لم يُنصفني.فأنحنيت للمرة الألف...
دخلت جارتي الى القاعة وكانت ملتثمة بلحافها التقليدي كعادتها..كانت خليلة للحشمة والحياء دوما..لكنني عرفتها ..فتلكم التجاعيد بين عينيها فعلت فعلتهاوزادها ذاك ( الوشم) وقارا وحشمة..شخصت نظراتها الحادة في عيناي وعجلت بالسؤال قبلي: مابالك ؟ أمريضة انتِ ؟ قلت الحمد لله ألم صابحني منذ ساعات صاحبني..
صرخت في وجهي ولما لم تدخلي؟؟ تبسمت بتعب يسكنني: كلنا مرضى سأنتظر دوري..
وفجأة تكلمت فتاة أربعينية بجانبي ..كانت السنون قد فعلت هي الاخرى بها فعلتها وزادتها جلسات النسوة اليومية ومكوثها في البيت حدة ونقما في طبعها..
تمتمت : اذهبي للقاعة هناك ونادي الطبيبة بمكالمة لأخيك فقط..هؤلاء لا ينفع معهم لا أدب ولا لباقة..( المعريفة برك)..
اجبتها بغصة زادها ألمي اختناقا: لو أردت لدخلت ، لست في مكان يسمح لي بالمفاخرة...
واردفت سيل أسئلة كانت تجمعها منذ دخولي: اين ابنتك؟؟ وماذا عن العمل؟ نظرت الى اخرى وقالت: أرأيتِ اولئك الاطفال يسرحون ويلعبون امام المدرسة...اكيد اساتذتهم غائبين كالعادة.!!
تمتمت في نفسي( الاساتذة لا يمرضون؟؟)
وتركتها تفرغ كبتها وتذمرها من قسوة الزمان وانيابه التي جعلتها حبيسة البيت وزادتها (ثقافة وعلما) اكثر من اصحاب الشهادات..
مرت نصف ساعة اخرى..ولا اعلم كيف حان دوري..ام ان أجلي هو من يناديني...دخلت ..
ألقيت التحية..فردت علكتها نيابة عنها..كانت بيضاء السنحة جميلة لولا تلك الاطنان من مخفي العيوب واخواته على وجهها ..وكانت عيناها لا تكاد تبادلك النظرات من جراء ثقل ( الماسكارا) عليها..قلت في نفسي: طبيبة ام عروس هذه؟؟
...وحاشا لله ان ألوم أو أحكم عن غيري لكن التشخيص ومجرياته هو من يفعل بعقلي فعلته...
سألتني من مكانها مابكِ؟ فأجبتها؟ فلم تكلف نفسها عناء الفحص..وحافظت على وضعية قدميها الواحدة فوق الأخرى...
كتبت (في نصف ورقة!!) لوحتها الفنية واخبرتني بأنه يلزمني تصوير أشعة وكثير من التحاليل..سألتها عن الألم وكيف أُسكِنه مؤقتا؟ فكتبت لي حقنة ( احسستها شفقة بلا احساس..)
خرجت وتوجهت الى الباب الموازي ووجدت الطابور ادهى وامر...ومنه الى قاعة العلاج ..ولن اتكلم عن الضيافة العلاجية في بلادنا...
ومرت الساعة بين قاعة وقاعة..وبين حيرة وحيرة..دخلت للمرة الثانية ل(عروس المستشفى) وردت يجب عليك اجراء فحوصات اخرى...ولا تنسي التحاليل ..
سألتها باستهزاء : وهل كتبتِ لي التحاليل اصلا؟؟
فقالت ساكتبها الآن( العلاج بالتقشف)...
سألتني ان كنت استطيع السفر ومعاودة احضار الاشعة لقرائتها فاخذتني فورة غضبي واجبتها : ان كنت سأذهب للمدينة سأكمل مروري بطبيب مختص...
رمقتني وقتئذٍ بسهمٍ سرشٍ من عينيها جعلني للمرة الأولى أفقه لونهما...
...اتصلت بزوجي واخبرته بما حصل...وبسرعة خاطفة وجدته يعود ادراجه وسمعت صوت المحرك يغلي كأنفاسه...فتح الباب فوجدني امامه..وانتبه لاحمرار لوّث لون عيناي ...فبادرني( لا تخافي ..المؤمن من يتذكره مولاه...)
وسافرنا...بعد ان مررت بأمي وعرفت بتعبي منذ رمقتني...وتهاطلت دموعها : كنت اعرف ان شيئا ما سيحصل ..الكوابيس لم تفارقني البارحة..
لملمت بعض ثيابي وثيابي ابنتي وتأملتُ بيتنا جيدا...وكأنها المرة الأخيرة...
قلت في نفسي ماذا لو لم أعد..نسيت ان أغفل الغاز في بيتي ..وتركت اواني القهوة لم أغسلها..وثياب ابنتي نزعتها البارحة متسخة...
ماذا عن ثياب زوجي ؟؟ يوجد الكثير من الغيارات في الخزانة لكنه لا يعرف كيف يقتنيها.....
وتوالت الاسئلة..وانا في السيارة...ساد الصمت مطولا...
وسافرت الى اللامكان....وكنت اعرف أن قرة عيني قد رافقني هو الآخر وان اختلفت الأمكنة...
لم ينس ان يلقي بين الفينة والأخرى نكتة ليغير الجو..كما لم ينس ان يعاتبني عن خصامي المطول له...
تعاتبنا يومها بابتسامة لا اعرف من اين سرقتها...
وصلنا الى الطبيب...
دخلت قاعة الانتظار...
رائحة الكحول تفوح على بعد أمتار رغم نظافة المكان...تخصص المركز وحده كفيل لتتسارع نبضات من يمر من أمامه...فماذا عن زائريه؟؟؟
شفاك الله ...قلتها لعجوز لم يسعفها ثقل لسانها ان ترد...فرد ابنها الاربعيني مكانها...اختلطت القاعة بين مرافقين ومرضى...وكان زوجي يرقب خوفي من قريب...ولم ينس ان يرمي بإيماءة تارة وكلمة فهمها كلانا تارة اخرى....
لم تطل معانقتي للكرسي حتى نادتني الممرضة بسبب مكالمة الطبيب..
سرت وقد تثاقلت خطواتي...
هيأت نفسي للأشعة...رافقني زوجي..فاخبرته: ماذا لو....
هلا انتظرت خارجاً...
كنت اسمع تسارع دقاته هو الآخر.. نهرني قائلا: سأبقى...
فقلت في نفسي: إذا خُذ بيدي...