منهج السلفُ في تزكية النفوس

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

الطيب الجزائري84

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 جوان 2011
المشاركات
4,110
نقاط التفاعل
4,654
النقاط
191
العمر
39
الجنس
ذكر
منهج السلفُ في تزكية النفوس

الحمد لله رب العالمين والصلاةُ والسلامُ علي خاتم النبيين ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله وبعد،،

إنَّ السلوك الصحيحَ وتزكيةَ النفوسِ من أعظم أمور الدين ، حيثُ أهتم سلفُنا الصالح بالسلوك الشرعي علماً وعملاً ، ستأتي أعمالُهُم وأقوالُهُم أثناء هذا الدرس ، ومع شدََةِ الحاجةِ إلى فقه السلوك وتزكيةِ النفوس علماً وعملاً فإننا لا نجدُ من يتكلَّم في هذا الموضوع إلا القليلَ من المحاضرين ، ولأجل ذلك رغبتُ أن أسهم في هذا الموضوع .


أهميةُ الموضوع :

تتجلَّى أهميةُ هذا الموضوع من خلال الأمورِ التالية :

1- أهتمَّ السلفُ الصالحُ بتزكية النفوس ، واعتنوا بالأخلاق علماً وفقهاً ، كما حقَّقوهُ عملاً وهدياً ، فأفردوا كتباً مستقلةً في الزهد والرقائق،بل أنهم يوردون الصفات الأخلاقية في ثنايا كتب العقيدة :

* قال الإسماعيليُّ في اعتقاد أهل السنَّة (ت 371 هـ ) ( يرون مجانبة البدعةِ والآثام والفخرِ والتكبرُّ ويرون كفَّ الأذى وتركَ الغيبةِ إلاّ لمن أظهر بدعةً وهوىً يدعو إليهما، فالقولُ فيه ليس بغيبةٍ عندهم ) صـ53 ،

* ويقول شيخُ الإسلام أبو إسماعيل الصابونيُّ ( ت 449 هـ ) في عقيدة السلف أهل الحديث : ( يرون المسارعة إلى أداء الصلوات المكتوبات ، ويتواصون بقيام الليل للصلاةِ بعد المنام ، وبصلةِ الأرحام وإفشاء السلام وإطعامِ الطعام … والبدارِ إلى فعلِ الخيرات أجمع ، ويجانبون أهل البدع والضلالات … ) صـ.97 ،

* وقال قوّام السنّةُ إسماعيلُ الأصفهانيُّ (ت 535هـ) في كتابه ( الحجَّة في بيان المحجَّة 2/52
icon_cool.gif
( ومن مذهب أهل السنَّةِ ، التورُّعُ في المأكل والمشارب والتحرُّزُ من الفواحش والقبائح ، ومجانبةُ أهل الأهواءِ الضلالة وهجرُهم ، والمسابقةُ إلي فعل الخيرات ، والإمساكُ عن الشبهاتِ ) .

* وذكر ابنُ تيميه جملةً من الصفات السلوكية والأخلاقية لأهل السنّةِ ومن ذلك قولُه :( يأمرون بالصبر عند البلاء والشكرِ عند الرخاء ،ويدعون إلى مكارمِ الأخلاق ومحاسن الأعمالِ ، ويعتقدون معنى قولِه صلي الله عليه وسلم " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنُهُم خلقاُ، ويأمرون بمعالي الأخلاق وينهون عن سفاسفها ) الواسطية ، شرح هرّاس صـ172
فالسلفُ الصالح اهتمُّوا بهذا الموضوع ، ونحنُ أتباعهُمُ كذلك يجب أن نَهتَم بتزكية النفوس .

2- وممَّا يُبينُ أهمية الموضوع :
أن هناك تلازمٌ بين السلوك والاعتقاد : فالسلوك الظاهرُ مرتبطٌ بالاعتقادِ الباطن ، فأيُّ انحرافٍِ في الأخلاقِ إنما هو من نقص الإيمان الباطن ،
قال ابنُ تيميه رحمه الله ( إذا نقصت الأعمالُ الظاهرةُ الواجبةُ ، كانَ ذلك لنقص ما في القلب من الإيمان ، فلاُ يتصور مع كمال الإيمان الواجب الذي في القلب ، أن تُعدم الأعمالُ الظاهرةُ الواجبةُ ) الفتاوى 7/582،616،621

ويقول الشاطبيُّ ( الأعمالُ الظاهرةُ في الشرع دليلٌ على ما في الباطن فإذا كان الظاهرُ منخرماً أو مستقيماً حكم على الباطن بذلك ) الموافقات 1/233

فالسلوكُ والاعتقادُ متلازمان ، كذلك فإن من الأخلاقِ والسلوك ما هو من شُعَبِ الإيمان .

3- وتأتي أهمية الموضوُع إذا علمنا : ما يترتبُ على تحقيقِ الجانبِ الخُلُقي من الأجر الكثير والثوابِ الجزيل : قال الله تعالى  أُعدّت للمتقين الذين ينفقُون في السرّاءِ والضرّاءِ ، والكاظمين الغيظ  آل عمران 133 . ،

قال صلي الله عليه وسلم " أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنُهُم خُلقاً " أحمد وأبو داود والترمذي .
وقال " إنَّ المؤمنَ ليُدركْ بحُسنِ خلقُه درجات الصائمِ القائمِ " أحمد وأبو داود
وقال " ما من شيءً يوضعُ في الميزان أثقلُ من حسن الخلق " أحمد وأبو داود والترمذي
وقال ابنُ القيمّ ( الدينُ كلُّه خُلُقٌ ، فمن زاد عليك في الخلُقِ زاد عليك في الدين ) مدارج السالكين 2/307 .
فلهذه الأمور نتكلَّم في هذا الموضوع .


معالمُ في منهج السلوك والأخلاق عند السلف

1- إنّ مصدر تلقي السلوك والأخلاق عند السلف الصالح هو الكتابُ والسنّة لأنَّهم أهلُ اتباعُ :

قال اللهُ تعالى( ونزَّلنا عليك الكتابَ تبياناً لكلِّ شيءً ) النحل 99 ، ومن ذلك الأخلاقُ ،
قال ابنُ تيميه ( مسائلُ السلوكِ من جنس مسائل العقائد ، كلُّها منصوصةٌ في الكتاب والسنّةِ ) الفتاوى 19/273
ولا يُؤخذُ السلوكُ من الخيالات أو القياسات أو الآراءِ والمنامات كما عند الصوفية ، قال ابنُ القيمّ ( من أحالك على غير (أخبرنا) و (حدثنا ) فقد أحالكَ إمَّا على خيالٍ صوفي ، أو قياسٍ فلسفي ، أو رأيٍ نفسي ، فليس بعد القرآن و( أخبرنا ) و(حدّثنا) إلاّ شبهاتُ المتكلمين ، وآراءُ المنحرفين ، وخيالاتُ المتصوفين ، وقياسُ المتفلسفين ، ومن فارقَ الدليل ضلَّ عن سواءِ السبيل ، ولا دليل إلى الله والجنّةِ سوى الكتابُ والسنّة ) مدارج السالكين 2/468

فلابد من الدليل على السلوك والأخلاق ، ولا يجوزُ ابتداعُ طرقٍ لتزكية النفوس غير الطرق الشرعية .

2- من معالم السلف في السلوك : موافقةُ النصوص الشرعيةِ لفظاً ومعنى :

فيتأدبون مع المصطلحات الشرعية الدينية ، ويستمسكون بألفاظها ومعانيها ، ويحقِّقُون حدوَدها وتعريفاتِها علماً وعملاً ، قال ابنُ تيميه ( الألفاظ التي جاء بها الكتابُ والسنّةُ علينا أن نتبّع ما دلت عليه مثل لفظ الإيمان والتقوى والإحسان والتوكل والحب لله ) الفتاوى 11/25 ،

وقال أيضاً ( وأما الألفاظُ التي ليست في الكتاب والسنّة ولا تقفَ السلف على نفيها أو إثباتها ، فهذه ليس على أحدٍ أن يوافقَ من نفاها أو أثبتها حتى يستفسر عن مراده فإن أراد بها معنىً يوافقُ خبرَ الرسول أقرَّ به ، وإن أراد بها معنى يخالفُ خبرَ الرسولِ أنكره ) الفتاوى 12/114،

إنَّ أربابَ الطرقِ الصوفيةِ قد أحدثُوا ألفاظاً مجملةً في السلوك كالتصوفِ والغناء والفقر ونَحوها ، وهذه الألفاظ عموماً لا تخلوا من مخالفاتٍ للكتاب والسنّةِ ، إضافةً إلا ما فيها من التكلُّفِ الشديد ، والتعقيد في الألفاظ والمعاني ) ، قال ابنُ تيميه ( لفظُ الفقر الزهدُ والتصوفِ قد أدخل فيها أمورٌ يحبُّها الله ورسولُه ، كالتوبة والصبر والشكر وقد أدخلَ فيها أمورٌ يكرهها اللهُ ورسولُه كالحلول والاتحادِ والرهبنةِ المبتدعةِ ) الفتاوى 11/28 ،

والإمامُ الشاطبيُّ ذكر المعاني الصحيحةَ والفاسدةَ للتصوف ... الاعتصام 1/265 .

3- ومن معالم السلوكِ الشرعي : مراعاةُ تفاوتِ قدراتِ الناس في فعل الطاعات ، وذلك بسبب اختلاف استعداداتهم

قال الإمامُ مالكٌ رحمه الله ( إنّ الله قسم الأعمالَ كما قسم الأرزاق ، فربَّ رجُلٍ فُتح له في الصلاة ، ولم يفتُح له في الصوم ، وآخرُ فُتح له في الصدقةِ ولم يُفتح له في الصوم ، وآخرُ فُتح له في الجهادِ ، فنشرُ العلم من أفضلِ أعمال البِرِّ ، وقد رضيتُ بما فُتحَ لي فيه ارجوا أن يكون كلانا على خيرٍ وبر ) سير النبلاء 8/114

.وقال ابنُ القيمّ ( من الناس من يكونُ سيِّدُ عمله وطريقُة الذي يُعدُّ سلوكُه إلى الله طريق العلم والتعليم حتى يصل إلى الله

ومن الناسِ من يكونُ سيِّدُ عملهِ ( الذكرُ ، وقد جعله زادَه لمعادة ، ورأسَ ماله لما له ،

ومن الناس من يكونُ سيِّدُ عمله وطريقُة الصلاةَُ ،

ومنهم من يكون طريقُه الإحسانُ والنفعُ المتعدي كقضاء الحاجات وتفريج الكرباتُ وأنواعِ الصدقات ،

ومنهُم الواصلُ إلى الله من كلَّ طريق قد ضرب مع كلَّ فريق بسهم ، فأين كانت العبوديةُ وجدتَه هناك ، إن كانَ علمٌ وجدتَه مع أهله ، أو جهادٌ وجدتَه في صف المجاهدين ، أو صلاةٌ وجدتَه في القانتين ، أو ذكرٌ وجدتَه في الذاكرين ، أو إحسانٌ ونفعٌ وجدتَه في زمرة المحسنين لو قيل له : ما تريدُ من الأعمال ؟ لقال : أريدُ أن أُنْفِذُ أوامر ربي حيثُ كانت ) طريق المجرتين صـ178 ، ومدارج السالكين 3/17 ، 1/88 ،

وهذا الصنفُ الذي ذكره ابنُ القيمّ هم الصديقون وخيرُهُم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم " مَنْ أصبح منُكم اليومَ صائماً : قال أبو بكر : أنا ، قال : فمن تبع منكم اليومَ جناةً ؟ قال أبو بكر : أنا ، قال : فمن أطعم منكم اليومَ مسكيناً ؟ قال أبو بكر : أنا قال : فمن عاد منكم اليوم مريضاً ؟ قال أبو بكر : أنا ، فقال رسول الله : ما اجتمعن في امرئٍ إلاّ دخلَ الجنّةَ " مسلم 1028 .


وأهم الصفات الأخلاقية عند السلف الصالح : تزكيةُ النفوس :

في زحمةِ الحياةِ وكثرة المشاغلِ وتعدّد المتطلَّبات ، قد ننسى أن نتعاهد أنفسَنا بالتربية والتزكيةِ ، ومن ثمَّ تقسوا القلوب ، ونتثاقلُ عن الباقياتِ الصالحاتِ ونركُنُ إلى متاع الدنيا ، ولأجل ذلك نتحدثُ عن تزكيةِ النفوس من خلال النقاط التالية :

أ- أهمية الموضوع
ب- معنى التزكية
جـ – وسائل تزكية النفس .

أ – أهمية الموضوع :

ممَّا يدلُّ على أهميته أن الله تعالى أقسم أقساماً كثيرةً ومتواليةً على أن صلاحَ العبدَ وفلاحَه منوطٌ بتزكية نفسِه، فقال تعالى  ونفسٍ وما سوّاها ، فألهمها فجورَها وتقواها ،( قد أفلح من زكّاها) الشمس ،
وتزكيةُ النفوس سببُ الفوزِ بالدرجات العُلي: قال الله تعالى (ومن يأتِه مؤمناً قد عمَل الصالحاتِ فأولئك لهُمُ الدرجاتُ العُلى جنّاتُ عدنٍ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها وذلك جزاءُ مَنْ تزكىَّ )طه75،76

قال ابنُ كثير( أي طهرَّ نفسه من الدنسِ والخبَثِ والشركِ، وعبدَ اللهَ وحده لا شريك له ) تفسير ابن كثير 3/156
وكانَ من دعائه صلي الله عليه وسلم " اللهم آت نفسي تقواها ، وزكِّها أنت خيرُ من زكاَّها ، أنت وليُّها ومولاها " مسلم 2722،

فلا تزكية إلا بتوفيق الله قال تعالى بلِ اللهُ يزكِّي من يشاء  النساء 49 .

ب-أما معنى التزكية :
فهي إصلاحُ النفوسِ وتطهيرُها عن طريق العلمِ النافعِ والعملِ الصالحِ ، وفعلِ المأموراتِ وتركِ المحظورات .

جـ - وسائلُ تزكية النفس :

لابد أن نعلم أن تزكية النفوس عن طريق الشرع ، فلا سبيل إلى تزكية النفوس إلا من طريق الرُّسلُ ، قال ابنُ القيمّ ( وتزكيةُ النفوس أصعبُ من علاج الأبدان وأشدَّ ، فمن زكَّى نفسه بالرياضةِ والمجاهدة والخلوةِ التي لم يجيءَ بها الرسل ، فهو كالمريضِ الذي يعالجُ نفسَه برأيِه ، فالرسلُ أطباءُ القلوب ، فلا سبيل إلى تزكيتها وصلاحها إلا من طريقهم والتسليم لهم ) مدارج السالكين 2/315 ،
ولابد أن نعلم أنّ التزكيةَ فضلٌ من الله ورحمةٌ لا تحصل للعبد إلاّ بمشيئة الله تعالى ، قال الله تعالى ( ولولا فضلُ اللهِ عليكمُ ورحمتُهُ ما زكى منكم من أحدٍ أبداً ) النور 21 .وقال تعالى ( بلِ اللهُ يزكِّي من يشاءُ ) النساء 49 ،
ثم يؤخذُ العبدُ بأسباب تزكية النفس .


وتزكيةُ النفوسِ تتحققُ بأمورٍ كثيرةٍ منها :

1- التوحيدُ :

وهم أعظمُ وأكدُ طريقٍ إلى تزكية النفوس ، فالتوحيدُ زكاةٌ ، حيثُ يُنَمِّي ثوابَ الأعمالِ الصالحةِ ويباركَ فيها ، فإنَّ التوحيدَ إذا تمكَّن من طاعةِ ما ، فكانت هذه الطاعةُ خالصةً لوجه الله تعالى فإنَّ أجرها عظيمٌ وثوابَها جزيلٌ أمَّا الشرك فهو محبطٌ لجميع القربات،وموجبٌ للخلود في نار جهنَّم ، بل نجسٌ ونخاسةُ الشرك ملازمةً لا تطهرّها المصائب المكفِّرةُ ولا الحسناتُ الماحية ، ولا تزكو النفسُ بسائر أنواع العبادات حتى تزكو بالتوحيد أولاً ، هو الإيمانُ بالله و ملائكتِه وكتُبه ورسِله واليوم الآخرِ والقدرِ خيرِه وشرِّه ، فكلِّما قويَ الإيمانُ بذلك ، زكت النفسُ واطمئنَّت ، وأثمرت الثمارَ اليانعةَ .

2- الصلاةُ وفعلُ الواجبات والنوافل :

في صحيح البخاري (4/231) حديثُ الولي عنه صلي الله عليه وسلم قال : قال الله تعالى (وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءً أحبَّ إليَّ ممّا افترضتُه عليه )
والصلاةُ أهم العبادات والواجبات بعد الشهادتين ، فهي من أهم وسائل وأسبابَ تزكية النفوس ، قال الله تعالى ( إنَّ الصلاةَ تنهى عن الفحشاءِ والمنكر ) العنكبوت 45 ،

وفي الحديث المتفق عليه ( فذلك مَثَلُ الصلواتِ الخمس يمحُوا اللهُ بهنَّ الخطايا ) ، فعملُ الصالحاتِ يطهرّ النفس ويُزكّيها من الذنوب السابقة، ومن تلك الأعمال بعد الصلاة: الصدقةُ قال الله تعالى ( خذ من أموالهم صدقةً تطهرُهم وتزكِّيهم بها ) التوبة 103 ، فالعملُ الصالح يحصلُ به التطهيرُ والتزكية وكذلك جميعُ الطاعات من واجبات ونوافل ، تكون وسائل لتزكية النفوس .

3- ومن وسائل تزكية النفس : تركُ المحرَّمات عموماً :

قال ابنُ تيميه ( النفسُ والأعمالُ لا تزكوا حتى يُزالَ عنها ما يناقضهُا ، ولا يكونُ الرجلُ متزكياً إلاّ مع ترك الشرِّ ، فإنَّه يدنسُ النفس ويدسيها ، قال ابنُ قتيبه : دسَّاها أي أخفاها بالفجور والمعصية ) الفتاوى 10/629و 10/188 ،
فالابتعادُ عن المحرَّمات كبيرةٍ أو صغيرةٍ يؤدِّي إلى تزكية النفس ، قال تعالى ( قل للمؤمنين يغُضَّوا من أبصارِهم ويحفظوا فروجَهم ذلك أزكى لهم ) النور 30 ،
وارتكابُ المحرَّماتِ والمعاصي يؤدي إلى موت القلب فلا تتزكى


رأيتُ الذنوبَ تميتُ القلوبَ *** وقد يورثُ الذلَّ أدمانهُا
وتركَ الذنوب حياةُ القلوب *** وخيرٌ لنفسك عصيانها

4- ومن وسائل تزكية النفس : محاسبةُ النفس :

- قال ابن القيمّ رحمه الله ( زكاةُ النفس وطهارتُها موقوفةٌ على محاسبتها ، فلا تزكو ولا تطهُر ولا تصلحُ البتَّةَ إلا بمحاسبتها قال الحسنُ رحمه الله : إنّ المؤمنَ لا تراهُ إلا قائماً على نفسِه ما أرادتِ بكلمةِ كذا ؟ ما أردتِ بأكلة كذا ؟ ما أردتِ بمدخلِ كذا ومخرج كذا ؟ ما أردتِ بهذا ؟ مالي ولهذا ؟ والله لا أعودُ إلى هذا ، ونحو هذا من كلامٍ ، فمحاسبةِ النفسِ يّطلعُ على عيوبها ونقائضِها ، فيمكنُه السعيُ في إصلاحها ) مدارج السالكين 2/510
ثم قال أيضاً ( وأخيرُّ ما على المكلَّفِ : الإهمالُ ، وتركُ المحاسبةِ والإسترسال ، وتسهلُ الأمورِ وتمشيتُها ، فإنَّ هذا يؤولُ به إلى الهلاك ، وهذه حال أهل الغرورِ ، يُغمضُ عينَه عن العواقب ، ويَّتكلُ على العفو ، فيهملُ محاسبةَ نفسِه والنظرَ في العاقبةِ ، وإذا فعلَ ذلك سهُل عليه مواقعهُ الذنوب وأنِسَ بها ، وعَسُر عليها فطامُها ) إغاثةُ اللهفان 1/136،
قال ميمونُ بنُ مهران ( لا يكونُ الرجلُ من المتقين حتى يحاسبَ نفسَه أشدَّ من محاسبةِ شريكهِ ، حتى يعلمَ من أين مطعمُه ، ومن أين ملبسُة ، ومن أين مشربُه أمِنْ حلالٍ ذلك أم من حرام ) حليه الأولياء4/89 .

5- ومن وسائل تزكية النفس : الحرص على التأدُّب بآداب وأخلاق الرسول صلي الله عليه وسلم.

6- ومنها : طلبُ العلم الشرعي والعملُ به والدعوةُ إليه والصبرُ على الدعوة.

7- ومنها : مجاهدُة النفسِ والهوى والشيطانِ والدنيا والزهدُ فيها .

8- ومنها : التوبةُ والاستغفارُ إلى الله من كلِّ ذنبٍ في كلِّ وقتٍ .

9- ومنها : الرفقة الصالحةُ ومصاحبةُ الأخيار .

10- ومنها : الحذر : الحذرُ من أمراض النفوس كالعُجب والغرور والكبرْ وغيرها .

11- ومنها : الصبرُ بأنواعه ، على الطاعة وعلى البلاءِ وعن المعصية .


والخلاصةُ أن تزكية النفس سببٌ للفوز بالجنّة .

كتبه

أبو عبد الله إبراهيم المزروعي السلفي ثم الإماراتي
المصدر ...منتدى الامام الاجري
 
جزاك الله خير و نفع بك الامة
جاري الاطلاع على ما نقلت من علم و نصح
 
تمنيتُ لو جعلتَه على المراحل ..
يا أخي الكريم، لا أرى أن فيـ نا ميلا للمواضيع المطولة
خاصة و كما ترى تزكية النفس ليست بالأمر الهين
خيرُ لي أن اكسب صفة - حقيقة- من أن أقرأ - صفحة- ثم أنسى!

شكرا
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top