- إنضم
- 24 ديسمبر 2016
- المشاركات
- 5,056
- نقاط التفاعل
- 15,515
- النقاط
- 2,256
- العمر
- 39
- محل الإقامة
- فرنسا الجزائر وطني
ها قد قاربت حكاية أحلام ووحيد على النهاية ولم يبقى الكثير .....
.......
الحلقة الثامنة من قصة
☆ كلش بالمكتوب ☆
السعيد يتقدم خطوات نحو الطاولة ويحمل دفتر أخته ويضعه في محفظة يدها ويغلقها بكل تأني ،ويحمل الكيس الذي وُضع أمامه وينظر بداخله فإذا بها هدية مغلفة بغلاف زهري عليها أجمل زينة.
يخرجها من الكيس ويحاول أن يهزها ويبتسم :" هاذي أكيد جبتها لأحلام لاه تتعب في روحك ... هه "
يستغرب وحيد ابتسام السعيد ،هو لم يعد يفهم شيئا فقد كان ينتظر أن يعاتبه... أن يضربه مثل أخيه لكن كل ما فعله هو أن ابتسم في هدوء .
رد وحيد في تردد وخجل :" إيه لأحلام مسكينة تعبتها معايا بزاف وحبيت نجيبلها حاجة تعبر على الشكر برك ههه ،ختك عاقلة بزاف ما شاء الله ......"
يقاطعه صوت السعيد وهو يقف في الباب ثانية :" عاجباتك أحلام يا وحيد ! ولا لأنها عاقلة برك جات غريبة عليك؟ ..... فهمني نحوس على الصراحة ما نحبش اللف والدوران وما نحبش اللي يدخلي لداري من الطاڤة ،نحب الناس اللي يجيو مباشرة وصريحين ،وكنت حاسبك من هاذوك اللي يخافو على حرمة جيرانهم كيما يخافو على حرمتهم ،بصح لڤيت حاجة أخرى ڤدامي للاسف ، أشرحلي وأثبتلي العكس ... "
وحيد يقف ويضع ابنه على الكرسي وينظر الى أمه النائمة ويتكلم بصوت خافت وكأنه يحاول جاهدا أن لا تسمعه أمه :" خويا السعيد أنا من النهار اللي تعرفت بيكم وهزيتوني كيما واحد منكم حبيتكم كيما خاوتي وبيك ومك نعزهم كيما والديا ،وأحلام يشهد ربي عليا بلي ما خممت فيها حتى تخمام يطيح من قيمتها ،نتصرف بعفوية حتى لڤيت روحي صح حاب نتقدم ليها فالحلال ،من الاول كنت رافض الفكرة في جال بني بصح كي سقسيت محاميين ڤالولي تقدر تضمن حضانة بنك حتى ولو تزوجت ، وخفت نتقدملها من جيهة أخرى ...." ، ونظر الى أمه وهو يغلق عينيه في نظرة تحسر وأكمل :" قصة طويلة الله يغفرلنا كامل ...."
يقاطعه صوت أمه وهي في إصرار كبير وقد جلست جلسة استعداد ظهر من خلالها أنها لم تكن نائمة وقد سمعت كل ما دار بينهما ،حاولت فتح عينيها الصغيرتين المتعبتين و مع ذلك ظهرت لهما جليا تعابير وجهها الغاضبة خلف تعبها وتجاعيدها....
الحاجة فاطمة :" تتزوج هههه جرب يا وحيد يخي ڤتلك وحدة ما تديك من ميمتك ،واللي تجيبها نكتلها كيما صفية تشفاهلها ولا نشفيك يا بن كرشي ،تعبت وعييت حتى وصلتك راجل وعندي فالدنيا غير ربي ونت والله والله يا وحيد ما تجيب بنت المرا هاني شفتك تمدلها فالعنب من سهمي ڤبيل ....من ضرك بديت ،من ضرك بديت آه يا بنات النسا واش درتو فيا !!!...."
يقاطعها وحيد وهو يرتجف ويقترب منها ليهدئها وهي تبكي وتضرب فخذيها الهزيلتين بيديها وتروح يمينا وشمالا:" ريحي أمّا ريحي منهو هذا اللي يديني الله يهديك ،مكان والو العني الشيطان واستغفري ربي على عمايلك بالاك يغفرلك ....."
ثم أخذت دموعه تنهمر عبر خدوده وكأن كل الاحداث الماضية قد استقرت امامه في لحظات ،عندما رأى صابر منظر والده ركض نحوه وهو يبكي لبكائه وعانقه وهو يسمعه يقول لأمه ناسيا تماما وجود السعيد :" حرام عليك ،جبتيني وحداني هذا مكتوب ربي ،وتحوسي تخلي بني وحداني في هاذ الدنيا حرام عليك ،كون غير متت ذاك النهار وريحت ،....كرهت كرهت حياتي يا ربي اغفرلي ،بطلت أمّا بطّلت ما نتزوج ما نعيش ....النهار اللي تموتي نشرب السم اللي شربتيه لصفية... أنا وبني ونلحڤوك هكذا تفاهمنا ؟،حرام عليك حرام ....."
تضرب الحاجة فاطمة صابر وتبعده عن والده وهي تردد أن وحيد ملكها وحتى إبنه لن يأخذه منها ....
كان السعيد واقفا في الباب وشاهد المنظر وسمع كل حديثهم وهو يحاول ربط الكلمات والاحداث ،عندئذ فهم تماما أن والدة وحيد هي السبب وراء بقاءه أعزبا طول هذه المدة ،وفهم تماما من كلامها وتهديدها وكلام ابنها أنها هي من ساهمت في موت زوجة ابنها الاولى ،لكن كيف ولماذا هذا ما لم يستطع استيعابه ،كل الذي فكرفيه في تلك اللحظة هي أخته وخطورة الموقف الذي هي فيه ،وبينما هو غارق في التفكير وحالة وحيد أمامه تبدو أصعب حالة يمكن أن يتخيلها بشر، فلا هو قادر على الزواج بسبب أمه ومرضها العضوي ويبدو أن لها مرض نفسي بالاضافة الى الزهايمر الذي بدأت تعاني منه ،أو يتزوج ويرمي أمه أو يعرض زوجته للخطر من طرف أمه ،وبينما هو يفكر إذ انتفض وحيد وأدرك أن السعيد قد سمع كل شيء يقترب منه في توسل وحيرة مع غصة البكاء الحارقة :" الرحمة على والديك خويا السعيد مّا مريضة وكبيرة... كلي ما سمعتش واش تروح تدير فالحبس وهي في عمر كيما هذا هذا أكل الجهل الله يعافينا و...."
يضع السعيد يده على كتف وحيد ويطلب منه النهوض :" شوف خويا أنا ما سمعت والو ما تخافش ما نيش يهودي وحالتك راها تصعب على الكافر نوض وارفع راسك راك راجل ..."
ثم فجأة انتابت والدته نوبة الزهايمر ثانية وأخذت تصرخ على صابر وتنظر الى وحيد والسعيد في استغراب :" وحيد أرواح تشرب الحليب وليدي ،وشكون هاذو ؟ ووين راني ؟ ... يا احمد ارواح وين خليتني؟....... "
ركض السعيد الى الممرضة في خوف وأحضرها لتعطيها مهدئ ، اعتنت الممرضة بوالدة وحيد، بقى وحيد والسعيد مع صابر خارج الغرفة ينتظرون أن تهدئها الممرضة ،نظر وحيد الى السعيد وهو متردد لكنه تشجع وقال له :" السعيد عيط لأختك وسقسيها واش راها ريحت ولا لالا ؟"
السعيد في خوف يستدير الى وحيد :" واش بيها احلام يا الخدادعة واش درتولها ...أنطڤ"
وحيد متفهم لردة فعله :" يخي من العيا الصباح طاحت بصح دارولها السيروم ولڤاوها الاطونسيو هابطة من ڤلة النوم ،ما تحيرش كانت صحبتها ومراد لهنا وداوها للدار وصاكها نساتو اديهلها.... عيط سقسي عنها تربح ...."
السعيد يقترب من وجه وحيد ويتكلم بلهجة جدية :" شوف..... ختي بعّد عليها وانساها ،ما عندناش بنات للزواج ،صح عندك مشاكل مع مُك ربي يعينك راك راجل وتعرف تحلهم وحدك ،بصح أحلام خط أحمر ،تحوس نمد ختي للموت بعد الشي اللي سمعتو ،احمد ربي راني مزلت واڤف معاك لحد الان لوجه ربي وغاضني حالك ،بصح الخط الاحمر ما تفوتوش الرحمة على والديك ،كثر خيرك لحد الان وإذا حبيت تتزوج نعاونك بصح ميش ختي ...."
وحيد في نبرة أسف واستسلام :" اسمحلي السعيد اسمحلي بزاف تعديت حدودي وتمنيت حاجة خاطيتني ،من اليوم ما نقلقكمش نهائيا ،بلغ لخوك مراد وڤولو يسمحلي على اليوم وأنا اللي غلطت من الاول .....عارف ضروفي صعيبة هكذا لاه نطمّع في روحي وانا كتبلي ربي نعيش وحداني أنا وبني ..."
السعيد يهم بالرحيل وينظر الى وحيد كيف كسرته أمه الى مليون قطعة يشفق عليه للحظات ثم يتذكر أخته فيسلم عليه ويتركه في دوامة لم يخرج منها منذ وصل لسن الزواج الى يومه هذا .غادر وتركه ينزع أحلام من تفكيره ويخرج من قلبه آخر أمل في الارتباط بفضل والدته .
رجع السعيد الى البيت ملهوفا على أخته ،وجد الجميع بما فيهم مراد وإيناس جالسين في غرفة المعيشة ،وعندما دخل نظرت اليه جميلة نظرة دائما ما كان يفهم منها أن عتابا قادم اليه من والده ،سلم وجلس على كرسي مقابل الجميع ووضع حقيبة أخته على الطاولة ،كانو يتحدثون وكان سي الصالح يتحدث دون أن ينتبه الى حضور ابنه الذي كان صامتا يستمع الى ابيه....
سي الصالح :" راحت يومين ياسر علاه حتى تڤعد عشرة ايام كاملين ،صح الناس لبعضاها بصح راكم عارفين أحلام ضعيفة وما تقدرش وزيد القراية ڤربت،كان من المفروض تولي النهار الثالث وهو يدبر راسو ولا واش ڤلتو ؟"
يحرك السعيد رجله ذهابا وإيابا عند سماعه حديث والده وكأنه يريده أن ينتبه لوجوده ،ولما رأى أن لا أحد انتبه سوى زوجته قاطع الجميع....
السعيد :" السلام عليكم ،رانا هنا يا جماعة وأحلام واش بيها،وواش صرالها وواش كاين ؟؟؟؟؟"
سي الصالح ينتبه لوجوده أخيرا ويسير ناحيته وكأنه يتهيأ لصب غضبه وحيرته كلها على ابنه البكر :" أهلا وين كنت خير نشالله ما ڤتليش راك خارج ،وزيد أحلام هبطتلها الاطونسيو وطاحت جابها خوك وصحبتها ، هذا أكل ونتا لاتي مانيش عارف باه ؟ وختك من المفروض ثلاث ايام تولي ما تڤعدش بزاف ....غلطني ثاني يا بُيْ عطيتك صلاحيات فالدار عدت تروح بعيد بيهم ...."
تقاطعه نعيمة مشفقة على ابنها :" سي الصالح ،هذا بنك وهاذيك ختو اللي مربيها يعني راه ربي وحدو عالم بحالتو ضرك ،لاعود تخاف ربي فيه ...."
السعيد يتكلم وكأنه يريد أن يمر الى شيء أخر وكأن كل ذلك اللوم لم يؤثر فيه وفي رأسه شيء أكبر منه ويسترسل :" يا سيدي أسمحولي أنا اللي غلطت ،هاذي آخر مرة ،هاكي إيناس صاك أحلام نساتو فالسبيطار طلعيهلها وڤوليلها توجد روحها غدوة نديها للسبيطار الكبير فالمدينة نديرلها تحاليل كاملة.... "
إستغرب الجميع من حقيبة أحلام التي معه ومن قراره الذي اتخذه دون الرجوع الى والده مع أنه كان لتوه يلومه ،ويلقي عليه محاضرة ،كان في رأسه شيء واحد بعد الذي سمعه من والدة وحيد ،أن يطمئن على أخته وأن العجوز لم تفعل لها شيء وهي نائمة....
مراد في استغراب :" مين جاك الصاك نتاع أحلام ؟ رحت للسبيطار ؟"
السعيد يحاول اخفاء قلقه ورعشته :" عيطلي وحيد ڤالي هاي نساتو أرواح أديه ،على ذيك اللي رحت للسبيطار،هيا خليونا نصليو ونتعشاو ونريحو راني عيان ميت ، وزيد ننوض الصباح بكري ندي أحلام ..... مراد غدوة خليلي الطوموبيل نروح بيها ......"
وسرعان ما اختفى وهو يتمتم بكلمات لم يفهمها أحد ولم يلتقط منها الجميع سوى غدا سوف أنهض باكرا ،لن نجلس نتحدث هنا طوال الليل ....واستمر في التمتمة حتى دخل الى الحمام هناك إنقطع صوته ،انفجرت إيناس بالضحك فالموقف كان مضحكا حقا حتى أن الحاج صالح ضحك مع الجميع على تصرف السعيد الذي لم يفهمه أحد ،افترق الجميع على ضحكات إيناس وهي تصعد السلالم ولم تستطع مسك نفسها .
دخلت إيناس غرفة أحلام فوجدتها تجلس قرب النافذة على كرسي من قش وهي تتأمل الظلام كيف بدأ يفرش رداءه على الارض وعلى الاشجار ،وشفق الشمس الاحمر الذي بقى منه خيط رفيع يودع النهار ويستقبل الليل القصير في صيف لم يبقى منه سوى اسبوعان وينتهي ،كانت كمن يلخص أياما ويحاول كتابة ايام أخرى جميلة رغم الاحزان التي تشعر بها ،فتقاطع هدوءها وتسلم لها المحفظة ،وتخبرها بما أمرها أخوها به ، لم تحفل بكل ذلك وفتشت حقيبتها وتساءلت عن هديتها لكنها فهمت أن السعيد تركها عمدا .
لم ينم السعيد تلك الليلة ،وبات يفكر في أن العجوز قد تكون أعطت شيئا لأحلام وهو لا يدري ، صلى الفجر وذهب الى باب غرفة اخته ودق عليه ليوقضها ،فوجدها قد استعدت بعد أن صلت ومتأهبة للخروج.
كان السعيد يقود السيارة ويمسك بالموقد بكلتا يديه على غير عادته ،كان يركز على الطريق كأنه أول مرة يراها ،و مخدر لأنه لم ينم جيدا ولأنه ينتظر الاسوأ ليسمعه اليوم من تحاليل أخته، كانت أحلام في هذه الاثناء تجلس بقربه صامتة وديعة كأنها قطة شبعت حليبا ثم تعبت من اللعب فاستلقت لترتاح ،كانت الاضواء تتراقص على جانبي الطريق والناس كلهم نائمون ولا يوجد في الطريق سوى بضع رجال كانو يبكرون لاعمالهم يرفعون أياديهم للسيارات المارة لتقلهم ،كانت نية الناس صافية في تلك القرى وتجعلهم يثقون في أي شخص لذلك يرفعون أيديهم دون خوف أو شك ،كانت تتمنى أن يحمل أخوها شخص ما لكي تتخلص من هذا الصمت الرهيب ،تمحمحت قليلا ثم فتحت زجاج النافذة ليدخل عبرها هواء نقي يدغدغ جسدها النحيل ،ثم شغلت الراديو على الاذاعة المحلية كان قد وضع القرآن الكريم ليفتتحو به الاذاعة ،ساد صمت طويل حتى أكمل المقريء قراءته ، عندئذ تنهد السعيد وقال في هدوء ورزانة :" صدق الله العظيم ،طفيه طفيه نحوس نهدر معاك ".
أغلقت الراديو ونظرت الى أخيها في ظلام السيارة مع خطوط ضوء الطريق التي تضيء وجهه تارة وتارة تختفي :" خير السعيد ،ولاه قررت تديني للطبيب يخي ڤالولي هبطتلي الاطونسيو برك ،راك عدت تخوفني عدت ما نقدرش نهدر معاك ،كيما مراد ..."
السعيد كأن شيئا وخزه في قلبه فهو لم يتعود أن يتعامل معها هكذا لكنه هذه المرة مضطر لمصلحتها ومصلحة مستقبلها :" زعما ما علابالكش ،ضرك نڤولك ...... " ، يصمت قليلا ويتنهد ويطفئ ضوء السيارة لأن ضوء النهار قد بدأ يبدد الظلام..... يشير الى قلبه :" أحلام ضريتي خويك هنا ،درت فيك الثقة وڤلت غير خويتي ما تخونهاش ،أولا خبيتي عني موضوع تيليفون وحيد ...وما تڤوليليش نسيت أنا عارف وانتي عارفة ونعرفك كثر من روحك ،وثاني حاجة كي عدتي مريضة وعيانة لاه ما عيطتيش نجي نديك تروْحي ،ثالث حاجة ويناه هذا مصطفى اللي كاتباتيه في مذكراتك ....علابالك حاسب روحي أنا هو مذكراتك بلا ما نقراها عارفها بصح ظهرت آخر من يعلم....إيه قريت مذكراتك أسمحيلي فيها لأنو مؤخرا عادت تصرفاتك غريبة وما كيش ڤدڤد ..."
لم يخبرها السعيد أنه يعرف أكثر منها أنها تحب وحيد وتريده ،لم يخبرها أنه عرف من هو الرجل الغامض في مذكراتها لأنه يرفض كل علاقة لأخته به ،وأعجبه كل العجب أن أخته معجبة بزميلها لكنه لم يظهر لها ،كان السعيد يتمنى أن تتزوج أحلام برجل من مستواها الدراسي مثل أختها "نجوى" التي تزوجت بمهندس مثلها وتعيش حياة هادئة في العاصمة .
أحلام تنصت الى أخيها في هدوء ورأسها يتكئ جهة الزجاج ودموعها تنهمر رغما عنها ،حتى هي لم تكن تعرف لماذا ،كل الذي كانت تفكر فيه هو وحيد وليس مصطفى ،لقد سبق السيف العدل وأصابها سهم لن تبرأ منه إلا وهي إمرأته رسميا ،أحلام تتكلم وهي تمسح دموعها وأنفها :" السعيد مانيش زعفانة كي قريت مذكراتي راني زعفانة على روحي كي خبيت عليك .....،إيه خبيت عليك أني كنت حابة نتخرج برواية وخيرت تكون قصة جارنا وحيد ،على ذيك اللي جبت رقمو باه نمدو لمصطفى ويهدر معاه ويحكيهالو ،ونكتبها أنا ... ونزيدك عيطت لمصطفى يجي يڤعد يامات عند وحيد ويحكيلو قصتو واليوم يجي لعندو و...."
يقاطعها السعيد وكأن طاقة القدر قد انفتحت ووجد منفذا ليغير قدر اخته الذي كان سيأخذها الى وحيد وفرد وجهه :" علابيها ههههه يا وحد المصيبة وأنا نڤول ،هي راها قرايتك ورا كلش ،يا سيدي أسمحيلنا وخلينا ننساو كلش ،وأنا نعاونك ضرك نعيط لوحيد نڤولو يڤول لمصطفى يجي لعندنا نضيفوه ويروح ليه كي يعود عندو الوقت راكي عارفة وحيد وحدو يا ربي يلتى بميمتو وابنو .....تفاهمنا"
أحلام تعتدل في جلستها وتستغرب من أخيها الذي كان قبل قليل يوبخها على معرفتها لمصطفى وعلى هاتف وحيد ،و هاهو يمرر حديثها مع مصطفى في الهاتف هناك شيء ما يخطط له ،هذا ما كان يدور في رأسها لكن بالنسبة لها كان وحيد وقصته التي تريدها بكل تفاصيلها هي ما يهمها ،لأنه الآن صار يهمها أكثر من أي شيء آخر وهي ترى أنها لا تخون بمشاعرها أحد ،وأنها حرة ويمكنها أن تحب من تريد وتكره من تريد ....
في اللحظة التي قرر السعيد مستقبل أخته ،قرر قلبها أن يركض خلف احساسه وأن يصل الى وحيد بكل قوة ،كانت لحظات صمت في السيارة توحي أن كل واحد فيهما غارق في التفكير حتى سمعت أحلام صوت مكابح السيارة تقف أمام المستشفى الكبير.
نزلا وطلب السعيد كل الفحوصات اللازمة من الاستعجال ، بقيا هناك حتى منتصف النهار وهما بين أشعة وتحاليل ثم توجها الى مطعم تغديا فيه وعادا أدراجهما حاملين كل الاوراق والتحاليل ،كانت أحلام تضحك على أخيها طوال طريق العودة لأنه صرف أمواله على لا شيء لأن كل التحاليل كانت صافية ،وهو كان في قمة السعادة فالبنسبة اليه قد عاد كل شيء الى ما كان عليه ،تكلم مع وحيد وقال له أنه سيستضيف مصطفى عنده لثلاث أيام واتفق معه ،كان وحيد يعرف تماما لما يفعل السعيد كل هذا فهو متأكد أنه يفضل مصطفى لأخته على رجل يكبرها بخمسة عشر سنة ،وهذا حال كل والد وأخ يحب الخير لأخته .
وصلا الى البيت وكانت الساعة تشير الى الثانية والنصف زوالا ليجدا مصطفى ينتظر خارجا رفقة والدها وهما يتنزهان معا ويريه البستان ،لم يصدق مصطفى أنه سيرى أحلام وفي منزلها طار وحط عند بيتهم بعد أن تحدث الى إيناس مطولا عند وصوله الى بلدة أحلام ،كان في قمة السعادة عندما وقفت معهم أحلام راحت عيناه تمسحان كل جزء فيها وكأنه يقول لها بطريقة غير مباشرة ،إشتقت اليك الم تشتاقي الي؟ ،سلمت عليه ببرود وتحججت أنها متعبة من الطريق وخلفته وراءها لا يعرف أين يضع فرحته سِوى بمساعدة أبيها في رفع الاشياء الى مكانها رغم حرارة الجو في تلك الساعة كان هناك يراقبها تدخل الى البيت وقد أخذت قلبه معها دون أن تشعر ،كانت أحلام بكل تفاصيلها مهما تغير الزمن وتغيرت الضروف بملامحها الطفولية وخمارها الابيض الذي يزيد سمرتها جمالا وفمها الذي لا يتعدى بضع ملمترات وخديها المتوردان طول السنة صيف أو شتاء ،كانت هنا تقف معه وهو في بيتها الذي طالما تمنى أن يزوره مع والديه ،للأسف طيبة وحب مصطفى لأحلام لم تسمحا له برؤية لا مبالاتها به وكان في داخله أمل أن توافق على حبه يوما .
دخل الجميع الى دار الضياف ورحب السعيد بمصطفى ترحيبا كبيرا وأجرى معه تحقيق أخ يريد أن يعرف ما نوعية الرجال هو وما هي أهدافه وهل تتفق مع أهداف أخته ،أعجب به كثيرا ،كان مصطفى نظيف الهيأة بحقيبة الظهر الصغيرة على ظهره مع ابتسامته البريئة يبدو كأمير هرب من قصص الخيال ،مما زاد السعيد إصرارا على أنه هذا هو قدر أحلام دون مناقشة إن كتب الله لهما الحياة سويا .
جلس السعيد قرب والده ،في خطة ليبعد وحيد نهائيا ولتنزعه أحلام من رأسها،وفكر في مكر أخ يحب أخته أن يزوج وحيد وفكر أن أمه في أيامها الاخيرة ولن تزعجه فيما بعد
ودار بينهما حوار
السعيد :" أبُيْ جارنا وحيد ماهوش غايضك وحداني لا مرا لا والو؟"
سي الصالح يرفع يده :" واش نديرلو ،نزوجو ولا يخي راجل يزوج روحو ....."
السعيد :" هدرت معاه لبارح وكلي لمحلي ميش لاڤي مرة ،وشكون ندلوه على وحدة من معارفنا نربحو فيه ربي. "
سي الصالح :" أنا ما نعرفش حتى وحدة ،شايفني نضال مجمّع مع النسا ،ولا خدمتي خطابة يخي حالة يخي ساعات تولي جايح ولا ما نعرف واش بيك! "
السعيد ينفجر ضاحكا من طريقة أبيه في الحديث :" ههههه خلاص خلاص ما تقلقش روحك ياو علابالي وشكون اللي تلڤاهالي ،مريتي برك ...."
توجه السعيد الى البيت متعمدا أمام أحلام التي كانت مستلقية على الكنبة ترتاح من تعب الطريق وينادي جميلة
السعيد :" جميلة ،أرواحي محتاجك "
جميلة تدخل من جهة الشرقية للبيت حيث كانت تنشر غسيل ولديها :" خير السعيد وليت .... إذا راك جيعان كشما نحطلك ؟ "
السعيد :" لالا تغدينا من بعد طيبيلنا قهوة نديها للمخلوق لدار الضياف ووجديلي وسادة ودرا وبساط مليح الطفل باين عليه فرماجة ما يحملش الفراش الرڤيڤ ههه ......"
جميلة تضحك في سرها لكي لا تراها أحلام :" مسكين بركا من تعليقك عليه هاذاك راه جامعي وقاري ميش كيما حنا نرڤدو على الارض ما تديرلنا والو ...."
السعيد :" ڤوليلي كشما تعرفي واحدة ،ميش متزوجة في جوايهنا ؟"
جميلة تمسك قلبها :" يا وخذي وعلاه؟ كرهت مني؟ ..... ،غير هاذي ما نقبلهاش !!!"
السعيد :" أحبسي أحبسي أحبسي ما يروح بالك بعيد ما والو ،نتي وحاير فيك نزيد نجيب وحدة أخرى ! هاذي في جال جارنا وحيد مسكين وحداني ،سقسا محامي ڤالولو تقدر تحضن بنك بعد الزواج ،مسكين يشف ! "
تجلس أحلام بعد أن كانت مستلقية وتنظر الى أخيها الذي كانت ترى منه ظهره فقط وكأن سكينا ضربت صدرها ترقرقت عيناها وأحست بغصة في حنجرتها ،وانتبهت جيدا للحديث .... بينما إيناس تراقب كل شيء في هدوء وهي تعرّي حبات الذرة فوق الطاولة كانت قد جمعتهم لتشويهم على الجمر ..
جميلة بعد تفكير عميق ترد :" ما نيش عارفة ،، بصح كاينة وحدة جارة ختك دلال فالدوار تزوجت وطلڤت بعد ثلث شهر مسكينة مزالت صغيرة ،تلفها راجلها لاخاطر ما ناضتش نهار بكري الرجالة كيفاه مهابيل حاشى اللي ما يستاهلهاش... "
السعيد في إصرار :" هاذي هي بالذات توالمو ،نهدر معاه بعد ما تهدري مع دلال تستخبر تزوجت ولا مزالت "
أحلام تضع يدها على صدرها وتتنفس بصعوبة كبيرة وهي غير منتبهة من أن صديقتها تراقبها جيدا ،تحمل حقيبتها وخمارها وكأنهما يزنان نصف قنطار وتتثاقل الى غرفتها ذهابا وإيابا ،كانت إيناس تراقب حتى أنها توقعت أن تسقط من السلالم فتأهبت لتمسكها .
دخلت غرفتها واغلقت بابها وارتمت على سريرها مستلقية على ظهرها ودموعها تنهمر من جهتي عينيها وكأنهما نهران لا نهاية لجريانهما، دخلت إيناس وهي ترى هذا المنظر الحزين ،كانت تعرف جيدا أن صديقتها تحب لكنها تختنق تختنق ولا تستطيع الانفجار لأن ولا الضروف ولا الوقت مناسبين ،وهي لا تعرف أيضا إذا كان وحيد يبادلها هذا الشعور أم لا
بكت وبكت فرفعتها إيناس وعانقتها بشدة وقالت لها :" أبكي أحلام أبكي حنونة فرغي ڤلبك ،علابالي واش بيك ما تخبي والو منا وجاي ،راني هنا أحكيلي فرغي ڤلبك "
أحلام :" واش نحكيلك أنا خلاص كرهت ،كرهت السكات وخايفة نهدر ..... نسكت نندم نهدر نندم ،أنا كأي طفلة في هاذ المجتمع لازم ترضي عايلتها قبل ما ترضي روحها ،لازم تراعي مشاعر بُويْها وخوها ومن بعد يجي مشاعرها ،لازم تَرضَى وتتفرج وتسكت كيما أي أثاث محطوط فالدار ،وعلاه السعيد دارلي هكذا ؟ متأكدة أنو قرا المفكرة وعلابالو بصح حب يحرڤلي ڤلبي وعيني تشوف ....عييييت عييييت إيناس وكرهت وما عرفت وين راه الصح ...."
إيناس تستغرب من صراحة صديقتها غير العادية وتنظر اليها في عينيها بكل حزم :" أحلام تحبي وحيد ؟ ڤوليلي تحبيه ؟؟"
أحلام تخفض رأسها وتحمر خجلا وسط الدموع :" إيه إيناس عاجبني من نهار اللي شفتو فيه أول مرة حسيت روحي نعرفو من قبل وحلمت بيه بزاف حتى وليت نخاف نرڤد ،ولبارح فالسبيطار خفت عليه بزاف ،وربي اللي راه عالم ،ما ڤتلو ما علابالو كيما تعرفيني كرامتي ما تسمحليش نصارحو ولا نحط نيوف بُي وخاوتي للارض .."
إيناس مبتسمة :" هاذي كخطوة أولى مليحة ،اعترافك ليا يخليك تحسي بالراحة تنحي على روحك الضغط اللي راكي فيه ،وضرك خلينا نخممو كيفاه هاذ المصايب نتاع مراد ووحيد يفوقو بينا ويڤدمو خطوة للڤدام !!! ..."
تقاطعها أحلام ضاحكة :" يا مصيبة واش دخل مراد فالنص ،حالتك ساهلة تحبي نعيطلو ضرك نڤولو راكي موافقة عليه غدوا يصبح في داركم هههه ،"
إيناس في نبرة خجل :" والله تديري فيا مزية ،ما نحسبكش متعاونة هكذا هههه ،نحسب رايحة تڤوليلي دبري راسك.... "
أحلام تحمل هاتفها وتهم بمكالمة مراد فأوقفتها إيناس وطلبت منها أن تتريث حتى يحلان مشكلتها أولا.
في اليوم التالي ذهب مصطفى الى مزرعة وحيد ينفذ ما اتفق عليه مع أحلام ،وبدا له أن وحيد ليس متحمسا جدا لحكاية قصته فقد كان محبطا كثيرا بعد كل الذي سمعه من السعيد ورفضه له بصورة صريحة جدا بعد أن عل آمالا في الهواء، لاحظ مصطفى ذلك ،فهتف إيناس ليخبرها أنه لم يرى تفاعلا كبيرا منه وأنه كلما طلب منه أن يحكي له أجل حتى بدأ يفقد صبره ،طلبت منه أن يصر عليه ويجد طريقة ليجعله يتكلم .
في ساعة من العصر بينما أصوات العصافير بدأت بالارتفاع شيئا فشيئا بعد قيلولة ساخنة ،جلس وحيد أمام الباب وابنه يلعب أمامه ،بينما حضّر مصطفى قهوة وأحضر له فنجانا ساخنا وجلس على جذع شجرة وأخذ يجذب معه أطراف الحديث محاولا جعله يحكي فقد ظهر له في حالة نفسية صعبة ولم يفهم السبب
يرتشف مصطفى القهوة ويصدر صوتا :" ڤولي وحيد تربيت هنا ولا في بلاصة أخرى ؟"
وحيد :"زدت و تربيت في دوار ڤريب منا ميش بعيد ،زدت وبي في عمرو خمسين سنة وأمي في عمرها ربعين سنة ،جابوني بعد ما يأسو خلاص هههه ربي والمكتوب جيت أنا ،مّا كانت تڤولي جيت ببراكة سيدي عبد الوهاب ودوا المزعوق السحار السراق اللي مسمي روحو جلمود الله لا تربحو ،لاخاطر في هاذاك الشهر اللي حملت بيا راحت ليه وعطاها عقاقر وتخلاط وڤالها زوري سيدك عبد الوهاب واذبحي عندو جاجة حمرا هههه ،راك تسمع فالجهل الكارثي ..... معليهش نكملك... هذا المخلوق طلڤ نسا وفرڤ عوايل ويتم أولاد كيما بني ... ڤد ما سييت نلڤا عليه حاجة وندخلو للحبس ما قدرتش ...."
نهض ونزع عن صابر حشرة علقت في رأسه وهو غارق في اللعب بسيارته بسعادة ،ونظر اليه نظرة مطولة وارتشف رشفة قهوة في هدوء وواصل الحديث ..........
عرف حينها مصطفى أن وحيد سيحكي كل قصته بين عصرية ومغربية تهيأ لينصت ويكتب
......
تريدون معرفة قصة وحيد ؟
تريدون معرفة مصير أحلام ؟
تابعوني في الحلقة القادمة .....
.....