السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
طيّب الله أوقاتكم بكل خير ورزقكم السعادة أينما كنتم..
سأبدأ بقصة
(.....مكالمة هاتفية في اجتماع عمل الزوج..أحمد أجِب أو أغلق هاتفك من فضلك..
- آسف سيدي سأغلقه..." وبعد قراءة الرسالة" لم أعد احتمل أمك واختك سأذهب الى بيت اهلي ولن اعود.."
وينتهي الاجتماع واحمد مُغيّب الذهن ، يُجالِسُ المجتمعين جسداً بلا عقل؛ فحروف رسالة زوجته فعلت فعلتها ، فاخذته الى عالم آخر..(ماذا حصل هذه المرة ايضاً؟ اظنها اختي ، منذ أيام وزوجتي تشتكي تصرفاتها ؛ وانّها تتملكها الغيرة كلما ارتدت شيئاً جميلا او تزيّنت وانتظرتني بلهفة أمام الباب، كانت تعايرها دوماً بأنها هي أمها هي من اختارتها وكان الزاماً ان تقبل قدمها كل يوم لانها لم تتركها ( مثلها هي ) عانساً تنتظر ان يرأف رجلا ما بحالها لينقذها من مخالب المجتمع ونظراته البائسة...
لا بل أمي اظنها استمعت لكلام اختي ككل مرة..طيبة هي لكن وسوسة اختي وخالتي تزيدها اصرارا على طلاقي منها فهي لا تحترم الكبار ، ولا توقّرها مثل كنّة اختها ..
سأختار سكناً خاصاً هذه المرّة، أي نعم لم اعد احتمل، لا اجد راحتي مع زوجتي...وحياتي يعيشها الآخرون بدلاً منيّ...
لكن ماذا عن اختي وأمي من سيتكفل بهما؟؟ ماذا سيقول الناس عنّي؟ هل يعتبر عقوقاً ان تركتهما بالرغم من توفير المأكل والملبس؟ وهل يكفي ذلك؟؟
ساعدني يا الله لم اعد احتمل....)
( ملاحظة القصة نسج خيال ليس إلا)...
السكن المستقِل..هل يضمن الاستقلالية فعلا ومعها الراحة؟
هل يُعتبرُ عقوقاً للإبن ونُكرانٌ لجميل أهله؟؟
أمن حقه ان يعيش حياته، وهل فعلاً لم يعشها بسكنه مع اهله؟؟
أمن حقّ الزوجة ان تمتلك سُكنى خاصة لتستكين عواطفها وتُعطي حبًا وطمأنينة لزوجها؟؟
ماذا ينتظر الأهل من ابنهم بعد الزواج؟؟ هل حب الامتلاك عادة؟؟ وهل الغيرة طبيعة بشرية لابدّ من وجودها لتضفي نكهة على العلاقات فتختبر صبر اصحابها وتكون المشاكل مِلحاً لابدّ منه ؟
...
اسئلة كثيرة لا بُدّ انك - عزيزي /تي القارئ /ة قد أجبت ضمنياً عليها فور قرائتها ولو باختصار تباعا لتجاربك في الحياة وتجارب من حولك..
بين أمي وزوجتي ماذا افعل؟؟
بين عقليوقلبي ضاعت بسمتي فماذا أفعل؟؟
سنتكلم عن البرّ بالوالدين اوّل الأمر ، مع ان الامر لا يحتاج تفصيلا فالكلمة لوحدها تكفي لتوصل لبّ الموضوع..
من برَّ الوالدين وطاعتهما في المعروف وفي غير معصية الله من أعظم البر، وحقُّ الوالدين من آكَدِ الحقوق التي عظَّمها الله، وجعَلها تالية لحقِّه تعالى؛ حيث قال: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [الإسراء:23]، وقال: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء:36].
قال القرطبي - رحمه الله - في "تفسيره" (2 / 13):
"قوله تعالى: ﴿ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾؛ أي: وأمرَناهم بالوالدين إحسانًا.
وقرَن الله - عزَّ وجلَّ - في هذه الآية حقَّ الوالدين بالتوحيد؛ لأن النشأة الأولى من عند الله، والنشء الثاني - وهو التربية - من جهة الوالدين؛ ولهذا قَرَنَ تعالى الشُّكر لهما بشكره، فقال: ﴿ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ ﴾ [لقمان: 14].
والإحسان إلى الوالدين: معاشرتُهُما بالمعروف، والتواضُع لهما، وامتثال أمرهما، والدعاء بالمغفرة بعد مَماتهما، وصِلة أهل وُدِّهما".
وقال - رحمه الله - (7 / 132):
"الإحسان إلى الوالدين: برُّهما وحِفظهما، وصيانتهما، وامتثال أمرهما، وإزالة الرِّق عنهما، وتَرْك السَّلْطنة عليهما". اهـ.
وحَذَّرَ - سبحانه وتعالى - من عصيانهما، أو إيذائهما - ولو بأدنى الألفاظ - فقال تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا ﴾ [الإسراء:23]
والأدلَّة على برِّ الوالدين مشهورة وكثيرة.
( وأمَّا خروجُ الابن من بيت والديه، ويسكن مع زوجته بعيدًا عنهما، فليس من العقوق؛ فمن حقِّ الزَّوجة على زوجها أن يوفِّر لها سكنًا مُستقِلاًّ، ولا يَلْزَمُها أن تسكُن مع أهله، وخاصة إذا ترتَّب على سُكناها ضَرَرٌ عليها...)
هذا رأي بعض العلماء ..ثم ان العقوق يظهر في مواقف عدة ولا يحتاج الرجل الا لعقل راجح وميزان عادل ليزن الامور ويكتالها ويتوخى المشاكل ويقتالها ففي رأيي انه يوجد من يعيش مع والديه ولا يبرّهما ولا يطيعهما ولا يسأل عن احتياجاتها حتى؛ فيوجد من يريد السكن الى اهله فقد تماشيامع ظروفه المعيشية والعمل بمبدأ( اسكن مع اهلي لأوفّر قليلا حق سيارة وبيت و...و...) بل نجد من يملك سكنا ويعرضه للكراء واهله في ضنك العيش ولازال يتحجج بانه بار ؟؟
أي نعم لا ننكر كثرة المشاكل وخاصة اذا كانت الاسرة متشعبة وكثرت البنات والاولاد في العائلة فلتنظر تلك الأم لزوجة ابنها على انها ابنتها ولترى اين صلاحها وصلاح امرها وحالتها النفسية اول الامر ( ام انه يحق لابنتي ولا يحق لكنتي؟؟)
ولننظر الى أؤولئك الاخوة الشباب ونظرهم الى زوجة اخيهم في كامل زينتها لزوجها واعتبارها غير محترمة لانها لم تراعي وجودهم، واعتبارها معقدة ان راعت وجودهم؟؟؟
هل من حقها اللباس والتزين والتعطر وعيش حياتها ؟؟ نعم ..وهل يتوافر لها ذلك بوجود عائلة زوجها؟؟
سنأخذ بآراء منها:
نعم السكن حق من حقوق الزوجة الواجبة على زوجها اتفاقا ؛ لأن الله تعالى جعل للمطلقة الرجعية السكنى على زوجها فقال سبحانه: ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ) الطلاق/6 ، فوجوب السكنى للتي هي في صلب النكاح أولى ؛ ولأن الله تعالى أوجب المعاشرة بين الأزواج بالمعروف فقال : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )النساء/19 ، ومن المعروف المأمور به أن يسكنها في مسكن تأمن فيه على نفسها ومالها , كما أن الزوجة لا تستغني عن المسكن ; للاستتار عن العيون والاستمتاع وحفظ المتاع ، فلذلك كانت السكنى حقا لها على زوجها .
وقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن للزوجة الحق في سكن مستقل عن أقارب الزوج ، وأن لها الامتناع من السكن مع أبيه وأمه أو أحدهما .
ينظر : الموسوعة الفقهية (25/109) .
وإذا قبلت الزوجة السكن مع أهل الزوج ، فلا حرج في ذلك ، لأنه تنازل منها عن حقها ، بشرط الأمن من الوقوع في محظور الخلوة أو النظر ، ولها أن ترجع عن هذه الموافقة في أي وقت ؛ لأن حقها في السكن المستقل لا يسقط بتنازلها، وبقاؤكما في المسكن العائلي الذي به ذكور فيه مفسدتان ظاهرتان :
الأولى : فقدان الراحة والاستمتاع الذي يرغب فيه الزوجان .
والثانية : التعرض للوقوع في الحرام ولو بنظرة..وتحظرني للأسف قصة جارنا هداه الله شاب في مقتبل العمر تزوج منذ اربع سنوات ولم يكن مقبول الشكل من كل من تقرب اليهن بداية فرُفِض وقبلته هي ...اجهضت مرتين للأسف ومات ابنها في بطنها عند شهره الثامن..مأساة بمعنى الكلمة..الغريب انه طلقها فقط بعد زواج اخاه الذي يكبره بصغيرة وجميلة ومتطيبة وباسمة على الدوام؟؟؟ ويعترف هو والده باختياره وسوءه وليته فعل مافعل اخاه؟؟؟ وبدات مقارنات تلك بتلك؟؟؟
هذا ما يسببه اجتماع الاخوة وزوجاتهم فحتى ان غابت المشاكل بين النساء كان استراق النظرات اكبر الكبائر فحطم اسرة ونفسيات عديدة..
نرجع الى الموضوع..نعم من حق الزوجة أن يكون لها مسكن خاص مع زوجها وأولادها ، لا يشاركها فيه أحد ، لا أب ولا أم ولا قريب .
وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة ، وأن لها الامتناع من السكن مع أبيه وأمه وإخوته .
قال الكاساني في بدائع الصنائع (4/24): " ولو أراد الزوج أن يسكنها مع ضرتها أو مع أحمائها كأم الزوج وأخته وبنته من غيرها وأقاربه فأبت ذلك ; عليه أن يسكنها في منزل مفرد ; لأنهن ربما يؤذينها ويضررن بها في المساكنة ، وإباؤها دليل الأذى والضرر ولأنه يحتاج إلى أن يجامعها ويعاشرها في أي وقت يتفق ولا يمكنه ذلك إذا كان معهما ثالث " ...
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنه إذا كان الزوج فقيراً وعاجزا عن إيجاد سكن مستقل لزوجته ، فليس لها أن تطالب بما يعجز عنه . نقله عنه في "مطالب أولي النهى" (5/122) . بل تصبر حتى يغنيه الله .
والحاصل أن السكن المستقل حق للزوجة ، ولو لم تشترطه في العقد ، ولها أن تطالب به الآن ، ولا تعد ناشزا بذلك ، وما يشيع عند بعض الناس من أن ذلك يعني التفريق بين الإخوة ، كلام لا يعوّل عليه ؛ لأن هذا حق شرعي للزوجة ، وفيه مصلحة للزوجين أيضا ، من جهة عدم الاختلاط ، وأمن النظر والاطلاعِ على ما لا يحل ، ومما يؤسف له أن كثيرا من البيوت العائلية المشتركة ، يطلع فيها الرجل على زوجة أخيه ، وربما حصلت المصافحة والخلوة ، وما يتبع ذلك من الغيرة ، والحسد ، والخلاف والشقاق ، مع ما قد ينشأ من الخلافات بسبب الأولاد ، ولا شك أن الرجل أجنبي عن زوجة أخيه ، فلا يجوز له أن يصافحها أو يخلو بها أو يتعمد النظر إليها ، إلا أن يكون محرما لها من جهة أخرى كالرضاع .( وهذا ما اسلفته في المشكلة لجاري)..
والذي ينظر إلى البيوت العائلية المشتركة يجزم أن الحكمة والمصلحة فيما قاله العلماء ، من إفراد الزوجة بسكن مستقل ، حيث يكثر في هذه البيوت المشاكل والخلافات بين الزوجين ، وبين الرجل وأخيه ، وبين الزوجة وأم زوجها . . . وهكذا ، مع فيها من منكرات ومخالفات للشرع كثيرة .
...اعلم انني اطلت الكلام ..لكن الموضوع متشعب ويحتاج وقفة..
عن نفسي للأسف اقولها وجدت سكنا مستقلا..وقد يستغرب البعض اسفي فأقول: نعم اجد راحتي في بيتي ومطبخي ولباسي واهتمامي بزوجي وترتيب اركان بيتي بدون تدخل آخرين و...و... لكن يحز في نفسي بعد زوجي عن والده رغم اننا في قرية واحدة ، فقد كبر اطال الله في عمره وهو بصير ( لا يرى) وزوجته( زوجة أب زوجي ) مقصرة بأتم معنى الكلمة ..ونظرا لان زوجي تربى يتيما منذ سن العاشرة فقد رأى بمعاملتها القاسية ظرورة الابتعاد وهي اصلا لم تتقبله قبل الزواج لانها تزوجت والده واحضرت ابنها من زوجها السابق ليسكن ويستقر معها ويمتلك سكنا في بيتها ويأخذ كل حقوق اولاده الاصليين..
اعاتبه دوما والله يشهد ليكثر من سؤاله عن والده ويلبي متطلباته ويجالسه و...و.... لكنه احيانا يعاتبني انا لانني أُلِح في الامر ويقول لي لا يعنيك اهتمي بشؤونك فقط..
وعن تلكم الأسر اتسائل ماذنب ابنك ايتها الأم لتقيسي مقدار حبه لك وحبه لزوجته وتقارني تصرفاته؟؟ وعن تلك الزوجة اقول اعطته لك امه جاهوا مجهزا فهل امتلكته كاملاً اونسيتِ ان لك اما واخا كذلك وان لك ابنا سيفعل ماتفعلين يوما ما...
هدانا الله اجمعين ووفقنا لرضى الرحمان وبعده رضى الوالدان..
تحياتي للجميع وعذرا على الاطالة..
آخر تعديل بواسطة المشرف: