- إنضم
- 13 أفريل 2013
- المشاركات
- 14,618
- نقاط التفاعل
- 54,537
- النقاط
- 1,756
- العمر
- 31
- محل الإقامة
- قسنطينة
- الجنس
- أنثى
السلام عليكم أهل اللمة الكرام عامة ومحبي القصص والروايات خاصة
أضع اليوم بين أيديكم الجزء الثالث من قصة "بعد منتصف الليل"
فقط للتذكير نوع هذه القصة هو غموض وخيال ورعب
ولمن اِلتحق بنا الآن يمكنكم من هنا قراءة الجزئين السابقين
بعدَ مُنتصفِ اللّيل {الجُزء الأول}
بعدَ مُنتصفِ اللّيل {الجُزء الثّاني}
{بعدَ مُنتصفِ الليل}
"الجزء الثالث"
تقدّمتُ أكثر بخطوات حذرة وأنا أخاطر بمصيري مع كلّ خطوة إضافية أخطوها ولكن لا حل آخر أمامي فذلك الهمس وشبح الصغيرة في آخر الرواق كأنهما رسالة لي من هذا البيت وعليّ قراءتُها وفكّ لغزها، توقفت عند أول باب مغلق على يمين الرواق؛ تأملته للحظات وكأنني أسأله "هل أدخل؟" شيء ما بداخلي كان يشجعني على التقدم وكأنه يجيبني بنعم، رفعت يدِي لأفتح مقبض الباب ولكنني سريعا ما تذكرت أنه لا يمكنني ذلك؛ تبادرت إلى ذهني فكرة معينة ولم تكن فكرة جيدة بالتأكيد ولكنني جربت حظي ونظرتُ يمينا ويسارا ثم اِستجمعت شجاعتي وأغمضت عينيّ ودفعت بجسدي نحو الباب، وبعد ثوانٍ قليلة فتحت عينيّ ببطء شديد فإذا بي أقف داخل الغرفة "لقد نجحت ! نعم لقد نجحت" قفزت مرتين من شدّة سعادتي فحتى وأنا في وضع كارثي لا يمكنني أن أتخلى عن هذه العادة، اِنتبهت فجأة أنني في مكان يستحق الاستكشاف؛ فالغرفة كانت مظلمة إلا من نور ضئيل صادر من مصباح مكتبيّ ولكن رغم هذا اِستطعت تمييز بعض معالمها، فهناك خزانة كُتب متوسطة الحجم على اليمين ومكتب ملتصق بالحائط على اليسار تناثرت عليه الكثير من الأوراق بعشوائية وقد صُوّب كل نور المصباح عليها "كل شيء هنا يشجع على الكتابة والاِسترخاء"، اقتربتُ أكثر أستكشف كل زاوية من هذه الغرفة التي شكلها لا يدعو للريبة وبدأت أولا بتلك الخزانة ألقي نظرة على عناوين بعض الكتب بداخلها ولم أجد فيها ما يفيد، اِنتقلت لبعض الخزائن الصغيرة التي لم ألمحها إلا بعدما اقتربت أكثر ولكن مع أول خزانة لم أستطع فتحها أعفيت نفسي من اِستكشاف بقية الخزائن المغلقة وانتقلت مباشرة لذلك المكتب وكانت عملية البحث فيه أسهل خاصة أن الضوء مسلط على كل الأوراق المبعثرة هناك، قرأت بعض الأوراق والظاهر أنها ملفات تخص صاحب البيت وبعض الأوراق الأخرى خطت عليها خواطر مختلفة؛ قرأت بعض الكلمات منها ولكن لا يوجد ما يدعو للارتياب، فجأة لفت اِنتباهي دفتر صغير مغلق مهجور على طرف المكتب ينام تحت كومة من الأوراق وكأنه يخشى البرد فتدثر بها؛ ولكنني للأسف لا يمكنني لمسه ولا فتحه، "يا لها من خيبة" فجأة رُفع الدفتر ووُضع أمامي وفُتح لوحده وقُلبت صفحاته الواحدة تلو الأخرى ثم توقفت على صفحة ما، تراجعت للخلف قليلا مفزوعة مما رأيت لكن بمجرد ما توقفت صفحات الدفتر عن الدوران حتى اقتربت لأستكشف ما يحمله هذا الدفتر المريب، على الصفحة اليمنى هناك ملاحظات لا معنى لها أما الصفحة الثانية فتحمل بداخلها الكثير من الكلام "غدا يصبح عمر أمل ثمانية سنوات؛ غدا يعادل عمر صغيرتي سنوات حرماني وفي الوقت نفسه يعادل سنوات أملي في هذه الحياة فكما يقال لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس وأنا أشعلت شمعة الأمل فأحرقتُ اليأس ومن رماده صنعتُ أمنية ونثرتها عاليا في السّماء فتحققت ورزقتُ بصغيرتي أمل، هذه الصغيرة التي وُلدت بعد منتصف الليل بدقيقة واحدة كأول قطرة مطر روت أرضا سئمت من سنين الجفاف؛ كقطعة خشب أنقذت غريقا كاد أن يفقد الحياة؛ حتى أنني عندما حملتها بين ذراعيّ ونظرتُ في وجهها الملائكي ولمستُ وجهها الناعم أدركت أن هذه الملائكة ما هي إلا نتيجة لنبتة أمل زرعتها في قلبي فأزهرت ولذلك سميّتها أمل وكل سنة أحتفل بيوم مولدها بعد منتصف الليل مباشرة حتى يكون موعد الاحتفال دقيقا ويليق بهذه الهدية التي أهداني إياها الله، أعلم جيدا أن صغيرتي تحب ...." أنهيت قراءة هذه الصفحة ولكن لم أكمل ما الذي يليها؛ فجأة قُلبت الصفحة لتسمح لي بقراءة البقية "لعبتها التي تشبه الزهرة ولذلك هذه المرة قررت بدل أن أهديها لعبة سأهديها شيئا آخر يشبه تلك الزهرة وفي الوقت نفسه يعلمها الصبر ويعلمها الأمل وقد وضعتها في شرفة نافذة غرفتها فهناك مكانها المناسب؛ ترى كيف ستكون ردة فعلها عندما تراها؟ ستسعدُ كثيرا وستكون هذه الليلة مميزة بلا شك فهي تعني لي ولعائلتي الكثير فسنوات الحرمان الثمانية اليوم نتخلص منها ومن ذكراها بعدما اِحتلت مكانها سنوات عمرِ صغيرتي؛ فعيد ميلاد سعيد صغيرتي أمل" رفعت رأسي عن الدفتر بهدوء وأنا أفكر بعمق بما قرأته فبعض الأسئلة العالقة بعقلي بدأت أضع لها بعض الأجوبة، لمحت فجأة إطار صورة معلق على الحائط يحتفظ بداخله بصورة أشخاص؛ قربت وجهي منها أكثر حتى تمكنت من تحديد ملامح أصحاب الصورة "هذا الأب على اليسار وهذه الأم على اليمين أما من في الوسط فهي الصغيرة؛ ملامحُ السعادة ظاهرة بوضوح على وجوههم"، "تركوني وذهبوا؛ أنانيون" عاد الهمس مجددا ليختطف لحظات الطمأنينة من قلبي ويجعلني أنتفض من مكاني ولكن هذه المرة يحمل بداخله مرارة وعتاب؛ وقبل أن أبحث عن مصدر الصوت اِنتبهتُ فجأة لملامح الوجوه في الصورة التي أخذت تتغير لا بل تتشوه ولكن الغريب في الأمر هو أن وجه الأم والأب فقط من تغيرت ملامحه أما الصغيرة فلا، تغيرت ملامح الوالدين من سعيدة ومطمئنة إلى سحنة مخيفة مشوهة تتقاطر أطرافها كأنها تذوب من حرارة ما تماما كما تذوب المثلجات تحت شمس الصيف الحارقة؛ وعينان مثقوبتان مظلمتان وكأن بداخلهما كهفا عميقًا يبتلع كلّ من يقترب منه، للحظة أحسستُ أن الصورة ستسحبني وتلتهمني فتراجعت للخلف بسرع وأنا خائفة واتجهت نحو الباب للهرب ولكنني توقفت فجأة بعدما لمحت الصغيرة تقف عند الباب وتخفي وجهها كالعادة خلف غرتها السميكة السوداء وتتمتم بعض الكلمات "مخادعون أنانيون تركوني وذهبوا"، تسارعت دقات قلبي وأنا أسترجع لحظات هجومها عليّ سابقا ولكنني اِستجمعت قواي فجأة فالخوف في هذه اللحظات لن يجدي نفعا "ما الذي تريدينه منّي بالضبط؟ ها أنا أتبّع الإشارات التي ترسلينها لي ولكن إلى أين تأخذينني؟ أخبريني" بقيت الصغيرة تتمتم بكلماتها غير مهتمة لحديثي ثم أرسلت ضحكات خافتة وخرجت مسرعة من الباب، حاولت اللحاق بها بسرعة ولكن فجأة الكثير من الأيدي النحيفة والمقززة والمخيفة خرجت من الصورة السابقة وقد امتد طولها بشكل ملتوٍ جعلها تشبه الأفاعي الراقصة ثم اِلتفت حول خصري وأخذت تسحبني بقوّة، سحبتُ جسمي نحو الأمام بقوّة محاولة الإفلات ورفعت يديّ باتجاه الباب وكأنني أطلب النجدة منه وأنا أصرخ بكل ما أوتيت من قوّة؛ تجمّعت حبات الدّمع داخل عينيّ بعدما بدأت أشعر باِقتراب أجلي وبدأ اليأس يتسلل داخل قلبي، فجأة اِنسحبت تلك الأيادي عن خصري ولأنني لم أتمكن من الحفاظ على توازني ظل جسدي يتقدّم بخطوات عشوائية ورميت نفسي بين أحضان الباب ولا أدري ما حدث لأجد نفسي خارج الباب وأقف في الرواق، شعرتُ بالدوار للحظة بعد كلّ الذي حدث فسقطت أرضا على ركبتي وأنا أستعيد وعيي وأنفاسي شيئا فشيئا وحبات الدّمع تنهمر على خديّ وكأنها أعلنت الخروج أخيرًا، أحسست للحظة بأحدهم يراقبني فاستدرتُ على اليمين بهدوء فلمحت شبح الصغيرة يقف داخل الرواق المظلم وهي تراقبني ثم أرسلت ضحكات طفولية وذهبت راكضة واختفت مجددا داخل الظلام، اِستجمعت قواي مجددا ومسحت الدموع العالقة بخديّ وقمت من مكاني ومشيتُ وأنا أتمايل يمينا وشمالا باتجاه ذلك الجزء المظلم متجاهلة بقية الأبواب المغلقة المنتشرة يمينا ويسارًا؛ مشيتُ ومشيت حتى اِلتهمني ظلام الرواق بالكامل وبالكاد يمكنني رؤية الطريق "اقتربِي أكثر" عاد الهمس من جديد ليدلني على الطريق الصحيح فاقتربت أكثر إلى أن اتضح لي باب منفرد في آخر الرواق، وقفت أمام الباب أتأمله وصرت متأكدة الآن أن خلف كلّ باب سيكون هنالك الأفظع والأبشع؛ تقدمت بخطى ثابتة وواثقة ودفعت بجسدي نحو الباب لأجد نفسي بعد لحظات أقف داخل الغرفة وليست أي غرفة فهي غرفة الصغيرة أمل، كانت الغرفة هادئة وجميلة تبعث السكينة في القلب كغرفة أي طفل ولكنني قبل أن أنتبه لكلّ هذا لفت اِنتباهي الصغيرة أمل وهي تجلس أرضا على سجادة لا يختلف لونها عن جدران الغرفة الوردي ولا عن لون فستانها وتضع أمامها كلّ لعبها وتحدّثهم بين الحين والآخر كأنهم أصدقاؤها في الحقيقة منظرها كان يبدو جميلا وبريئا ولا يدعو للريبة بتاتا، لم أنتبه لنفسي حتى شعرتُ بقدميّ تقتربان منها شيئا فشيئا إلى أن وقفت أمامها ثم اِنحنيتُ وجلستُ بجانبها وأنا أراقبها عن قرب "عن قربٍ تبدُو فاتنة وبريئة؛ خاصة خدودها الحمراء التي تضيف لوجهها براءة أكثر كأنهما حبتا كرز اِتخذت كل واحدة منهما خدًّا بيتًا لها وأهدابها الطويلة الكثيفة وكأن عيونها عيون دمية" رفعتُ يدِي محاولة المسح على رأسها بلطف ولكنني توقفت ففي النهاية لا يمكنني ذلك، قمت من مكاني بهدوء وعيناي لا تزالان تراقبانها وهي تحتضن الدّمى وتطعمها وتداعبها فجأة لفت اِنتباهي دميةٌ على شكل زهرة ولكن لها عينان وأنف وفم كأي لعبة من لعب الأطفال للحظة تذكرتُ كلمات صاحب المنزل على ذلك الدفتر وانتبهت للنافذة المقابلة لي ولحسن الحظ أنها كانت مفتوحة الستائر، اِقتربت منها بسرعة وحاولت أولا إلقاء نظرة على الخارج ولكن الضباب كان يلف المكان فلم أستطع تمييز شيء؛ ثم أخذت أتأمل الشرفة الصغيرة المتصلة بالنافذة التي توزعت عليها بعض النباتات بعشوائية، "يبدو أنها تحب زراعة النباتات" كان ضوء الغرفة يساعدني في رؤية ما بداخل الشرفة ولكنني لم أنتبه للهدية التي تحدث عنها الأب؛ فجأة لمحت شيئا مخبأ بعناية في زاوية الشرفة وهو عبارة عن أصيص صغير للزراعة بلون وردي رُبط في وسطه خيط هدايا ويبدو أنه يحمل بداخله برعم زهرة ما فأنا لم ألمح أي نبتة تطل منه، "الآن عرفت ما الهدية" اِبتسمت للحظة وكأنني أنا من تحصّلت على هدية واحتضنتها بين ذراعيّ وبدأت أعتني بها شيئا فشيئا حتى أصبحت زهرة فاتنة أستنشق عطرها كل صباح ومساء وفهمت الآن لما الأب متقين من سعادة اِبنته بالهدية، وبينما أنا شاردة أراقب النافذة قطع حبل شرودي طرق قوي على باب الغرفة مما جعلني أنتفض أنا والصغيرة معا ثم استدرت ناحية الباب ووقفت الصغيرة كذلك وكلّ منا تراقب الباب بخوف وارتياب.
يتبع ..
بقلمي~لؤلؤة قسنطينة~
لا تبخلوا عليّ بانتقاداتكم مهما كانت ^^
وآسفة على التأخير بسبب بعض الظروف الصحية
وآسفة على التأخير بسبب بعض الظروف الصحية