نضال ابن فوزي
:: عضو منتسِب ::
بسم الله الرحمن الرحيم
مفاسد التبرج
للتبرج مفاسد كثيرة وسأذكر أهمها وأعظمها:
1 – الإضرار العام:مفاسد التبرج
للتبرج مفاسد كثيرة وسأذكر أهمها وأعظمها:
روی البخاری رقم (5096)، و مسلم رقم (2741)، عن آسامة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء". وقال حسان بن عطية: (ما أتيت أمة قط إلا من قبل نسائهم). عند أبي نعيم في (الحلية).
والرسول صلى الله عليه وسلم بين للأمة في هذا الحديث الفتنة العظمى التي هي خافية على كثير من الناس ؛ لأن الفتنة كلما كانت خفية على الناس كلما كان ضررها أعظم وفسادها أعم، فالرسول صلى الله عليه وسلم جعل فتنة التبرج وغيرها الحاصلة من النساء أعظم فتنة تنزل بالأمة المسلمة.
وقوله (بعدي): دليل على آن الفتنة هذه لم تحصل في عصره، وقد حصلت بعده فكان في هذا علم من أعلام النبوة؛ والسبب في ذلك: أن كثيرا من المسلمين في أيامنا عظم جهلهم بالإسلام، وجهلهم بمؤامرة الشرق والغرب على المرأة المسلمة.
وقوله – عليه الصلاة والسلام – : (أضر على الرجال) أضر: أفعل تفضيل يدل على المشاركة وزيادة، ومعنى هذه الكلمة: أن فتنة التبرج تشارك فتنا كثيرة في الضرر بالرجال وتزيد على ذلك، وجاء لفظ (فتنة) في هذا الحديث منكرا مسبوقا بالنفي ليفيد العموم، كما هي القاعدة المعروفة الأصولية: (النكرة في سياق النفي تفيد العموم).
ففتنة التبرج فتنة تعم الرجال بما في ذلك الصالحين منهم، كما سيأتي إيضاح ذلك. إذن ... فمعنى (أضر) أي: أن فتنة السرقة والخمر والكذب والخداع والغش والخيانة وغير ذلك من الفتن أقل ضررًا من فتنة التبرج والسفور واختلاط النساء بالرجال.
فانظر ما أعظم هذه الفتنة على الأمة، وبعض الناس يحاول أن يتعامى عن هذه الأخطار، ويلبسها ثوب الحضارة والتقدم، فاتضح من هذا الحديث أن فتنة التبرج من أعظم الفتن؛ لأنها تضر بالناس أجمعين، والمعصوم من عصم الله.
2- فتنة التبرج أعظم من كل فتنة مادية:
قال سبحانه: ((زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَٰتِ مِنَ ٱلنِّسَآءِ وَٱلۡبَنِينَ وَٱلۡقَنَٰطِيرِ ٱلۡمُقَنطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلۡفِضَّةِ وَٱلۡخَيۡلِ ٱلۡمُسَوَّمَةِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ وَٱلۡحَرۡثِۗ ذَٰلِكَ مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَٱللَّهُ عِندَهُۥ حُسۡنُ ٱلۡمآبِ)) (آل عمران:14)
فبدأ بذكر النساء؛ لأن الفتنة بهن أشد –قال هذا جمهور المفسرين – والآية جاءت للتنفير عن الحظوظ التى يحصل بسببها الشقاء والانحراف؛ ولهذا قال الله بعدها: ((قُلۡ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيۡرٖ مِّن ذَٰلِكُمۡۖ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ عِندَ رَبِّهِمۡ جَنَّٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَا)) (آل عمران: 15].
وفی النساء مجتمعٌ تزیینان:
الأول: تزيين الله لهن ؛ لأن الله فطر الرجال على الميل إليهن، لكن لابد أن يضبط هذا الميل بالضوابط الشرعية.
الثاني: التزیین الشیطاني،
الأول: تزيين الله لهن ؛ لأن الله فطر الرجال على الميل إليهن، لكن لابد أن يضبط هذا الميل بالضوابط الشرعية.
الثاني: التزیین الشیطاني،
- روی الترمذي رقم (1173) وغیره عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان".
- وعن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما".
- وعند أحمد وغيره من حديث على رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأیت شابًا وشابة فلم آمن الشيطان عليها".
تنبيه: حديث: (النساء حبائل الشيطان). حديث ضعيف.
3- التبرج إحياء للجاهلية التي اعتز بها أبو لهب وأبو جهل:
قال الله مخاطبا نساء نبيه وجميع نساء المؤمنين: ((وَقَرۡنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجۡنَ تَبَرُّجَ ٱلۡجَٰهِلِيَّةِ ٱلۡأُولَىٰۖ)) (الأحزاب: 33). وهذه الجاهلية قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما بال دعوى الجاهلية ! دعوها فإنها منتنة". رواه البخاري
رقم (4095)، و مسلم رقم (2584) من حدیث جابر بن عبد الله.
وإذا كانت الدعوى بالجاهلية منتنة، ولو كانت كلمة واحدة، فما بالك بالتبرج والسفور الذي تكون المرأة معتادة عليه في الوظائف والدراسة، وفي الحج والعمرة، وفي الأعياد والزيارات واللقاءات، والخروج من البيت لغير حاجة !!
4 – المرأة المسلمة المتبرجة هي أبغض إلى الله من كثير من عصاة المسلمين:
روی البخاري رقم (6882) و غیره، من حدیث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبغض الرجال إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية، ومطلب دم امرى بغير حق ليهريق دمه".
قال الحافظ ابن حجر –رحمه الله – ( وسنة الجاهلية: اسم جنس يعم جميع ما كان أهل الجاهلية يعتمدونه) اهـ.
قلت: والتبرج سنة من سنن الجاهلية المنصوص عليها برأسها، وانظر إلى لفظ الحديث، فقوله: "مبتغ في الإسلام سنة الجاهلية". أفاد الحديث أن الابتغاء في حد ذاته سنة جاهلية،
والابتغاء: هو طلب وإرادة ذلك الشيء، فما بالك إذا كانت المرأة قد قامت بإحياء السنة بالفعل.. أفلا يكون بغض الله لها أشد؟ بل ما بالك إذا صارت المرأة المتبرجة تدافع عن التبرج، وتدعي أنه حضارة، وتعترض على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتعقب على حكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتصحح ما هي عليه من الخطأ والانحراف. وقال: (أبغض الناس إلى الله ثلاثة ...) ولم يقال: (الله يبغض ثلاثة)؛ لأن (أبغض) أبلغ من (يبغض) لأن لفظ: (أبغض) هور أفعل تفضیل یدل على المشاركة وزيادة، أي: أن من يعصي الله من المسلمين فالله يبغضه، ولكن بغضه لمن يحيى سنة الجاهلية أشد.
واعلم أن زوجها مشارك لها في هذا البغض الإلهي ما دام أنه لا يعلمها ولا يزجرها؛ لأنه مسئول عنها، وقوام عليها، وهو يعلم من الحق ما لا تعلم زوجته، وعنده من العقل ما ليس عندها في الغالب، وهذا طعن في رجولته وغيرته، وهذا مما تأباه النفوس أشد الإباء، فإن الله فطر الرجل على الحمية والغيرة، وخصوضا في هذا الأمر، وإلى الله المشتكى.
5– التبرج والسفور دعوة يهودية نصرانية:
ومن الذي يجهل أن التبرج والسفور والاختلاط دعوة يهودية نصرانية، سخر اليهود والنصارى قواهم لنشرها وإفساد المسلمين بقبولها، وقد أغنى الله المسلمين بدينهم عما عند اليهود والنصارى من أباطيل.
6- المرأة المتبرجة إن لم تتب إلى الله لا تدخل الجنة ولا تجد ريحها:
روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء کاسیات عاریات، مميلات مائلات رؤوسهن کأسنمة البختالمائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذاو کذا".
وهذا الحدیث العظیم یبین أنه كلما تبرجت المرأة أكثر كان عليها العذاب أشد، إذ إن الرسول صلى الله عليه وسلم وصف هؤلاء المتبرجات بأوصاف:
أ- قوله: (كاسيات عاريات): وأحسن ما قيل في تفسير هذه الكلمة، أي: کاسیات في الظاهر و عاریات فی الحقیقة، أي: تری من بعید معها لباس، فإذا اقتربت من الرائي رأى جسمها من شفافة لباسها، وهذا –والله – موجود، و حتی عند بیت الله الحرام.
ب – وقوله: (مائلات مميلات): أحسن ما فسرت به هذه اللفظة: أنهن مائلات في المشي؛ لأنهن يمشين متبرجات، وأيضا لوجود السمن وكثرة الرفاهية؛ فهي لا تمشي إلا متمائلة، و(مميلات) لغيرهن.
ج – وقوله: (رؤوسهن كأسنمة البخت): الأسنمة المراد بها: السنام الذي على ظهر البعير، والبخت: جمال طوال الأعناق، وتمايل رءوس المتبرجات أمر مشهود للعيان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
7– المرأة المتبرجة ملعونة:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات، على رءوسهن كأسنمة البخت، إلعنوهن فإنهن ملعونات". رواه الطبراني في (الصغير)، وصححه الألباني.
ومن حديث عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سيکون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج كأشباه الرجال على أبواب المساجد، نساؤهم كاسيات عاريات على رءوسهن كأسنمة البخت العجاف، إلعنوهن فإنهن ملعونات". رواه أحمد (223/2) والحاکم (436/4)، وقال الهیثمی: (رواه الطبراني في الثلاثة ورجال أحمد رجال الصحيح...).
وقوله صلى الله عليه وسلم: "في آخر الزمان": فيه علم من أعلام النبوة، حيث إنه قد تحقق هذا في زماننا وقد يتحقق في أزمان متأخرة أكثر مما تحقق في عصرنا.
تنبيه: جمهور العلماء أنه لا يجوز لعن متبرجة بعينها، وإنما يلعن بلفظ العموم، يقال: لعن الله المتبرجات، فإذا رأى أحد امرأة متبرجة فلا ينبغي أن يقول لها: لعنك الله، وهذا الذي ندين الله به، فلا أراه موفقا من كان كلما رأى متبرجة لعنها.
ومن الأدلة على ذلك: ما جاء أن رسول الله بيلية جيء إليه برجل شرب الخمر، فقال أحد الحاضرين: لعنه الله، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تلعنوه فوالله ما علمت الا آنه بحب الله و رسوله". رواه البخاري رقم (6780) وغيره، من حديث أبي هريرة، فهذا الحديث فيه النهي عن لعن المعين.
ومن الأدلة على ذلك: ما جاء أن رسول الله بيلية جيء إليه برجل شرب الخمر، فقال أحد الحاضرين: لعنه الله، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تلعنوه فوالله ما علمت الا آنه بحب الله و رسوله". رواه البخاري رقم (6780) وغيره، من حديث أبي هريرة، فهذا الحديث فيه النهي عن لعن المعين.
8- المرأة المسلمة المتبرجة عارية من تقوى الله رب العالمين:
قال الله تعالى: ((يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ قَدۡ أَنزَلۡنَا عَلَيۡكُمۡ لِبَاسٗا يُوَٰرِي سَوۡءَٰتِكُمۡ وَرِيشٗاۖ وَلِبَاسُ ٱلتَّقۡوَىٰ ذَٰلِكَ خَيۡرٞۚ ذَٰلِكَ مِنۡ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ لَعَلَّهُمۡ يَذَّكَّرُونَ)) (الأعراف: 26]. فهنا تلازم بين تقوى الله وبين ستر العورة، إذ إن كليهما لباس للابس واحد،
- فالتقوی: لباس القلب و زینته،
- والثیاب : لباس الجسم لستر عورته،
إذا المرء يلبس لباسا من التقى ****** تقلب عریائا ولو کان کاسیا
فخير لباس المرء طاعة ربه ****** ولا خیر فیمن کان لله عاصیا
فخير لباس المرء طاعة ربه ****** ولا خیر فیمن کان لله عاصیا
و حقیقة التقوی کا صبح عن ابن مسعود: «أن يطاع فلا يعصى، وأن یذکر فلاینسی، و أن یشکر فلا یکفر».
وأدق من هذا التعريف قول من قال في تفسيره: «هو العمل بطاعة الله على نور من الله، يرجو ثواب الله، والابتعاد عن معصية الله، على نور من الله، بخشی عذاب الله»
فاین المتبرجة من هذا؟ فإلى الله المشتكى.
وإذا كانت المرأة المسلمة تتبرج عند بيت الله الحرام وتتكشف هناك، فما مدی صلتها بتقوی الله رب العالین؟ ألیس هذا انتهاگا لحرمات المشاعر المقدسة؟
وإذا كانت المرأة المسلمة تتبرج عند بيت الله الحرام وتتكشف هناك، فما مدی صلتها بتقوی الله رب العالین؟ ألیس هذا انتهاگا لحرمات المشاعر المقدسة؟
9- تبرج المرأة المسلمة قُرن بالمعاصي الكبرى كالشرك بالله والسرقة والزنا وقتل الأولاد:
روی الامام آحمد في مسنده (196/2) بسند حسن، عن عبد الله بن عمرو، قال: جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام، فقال: "أبايعك على ألأ تشركي بالله شيئا، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تتبرجي تبرج الجاهلية الأولى".
والحديث واضح فيما ذكرنا، فاقتران التبرج بهذه المعاصي المذكورة في الحديث يدل على أن التبرج كبيرة من الموبقات، خصوصا أن الرسول صلى الله عليه وسلم بايع النساء على أن يتبن إلى الله من هذا الذنب.
10 – المرأة المتبرجة في الحج فاسقة:
روی البخاري رقم (1521) من حدیث آبي هریرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حج لله فلم يرفث ولم يفسق عاد كيوم ولدته أمه". فقوله: (ولم يفسق): يشمل فسق القلب واللسان والجوارح، فأما فسق الجوارح فهو حاصل عند المتبرجة، وهو ناتج عن فسق القلب غالبا؛ لأن هذا التبرج ناتج عن إرادة المرأة واختيارها، وهذا هو فسق القلب، وإذا كانت المرأة المتبرجة متلبسة بفسق التبرج فأنى ترجع وقد عادت طاهرة من ذنوبها كيوم ولدتها أمها؟
11– المرأة المسلمة المتبرجة تكفر حق زوجها:
روی الامام آحمد (9/6)، والحاکم (119/1)، و ابن حبان رقم (4559) و ابن أبي عاصم رقم (1060) من حدیث فضالة بن عبید دقیقه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة لا تسأل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصي، وأمة أو عبد أبق فمات، وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مئونة الدنيا فتبرجت بعده، فلا تسأل عنهم".
فقوله: (وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مئونة الدنيا فتبرجت بعده): هذا الرجل أحسن إلى زوجته أيما إحسان، صار يخدمها ويكرمها ويؤمنها في بيتها فهي في غاية من الإكرام، فلما غاب عنها؛ تبرجت في حال غيابه فهي خائنة له؛ إذ لم ترع حقه ولم تعرف فضله عليها، وتبر جها في حال غيابه من أعظم أنواع الكفر بحق الزوج، لأنها أظهرت له السمع والطاعة في حال وجوده عندها، فلما غاب عنها تبرجت، وسواء كان تبرجها بخروجها إلى الأسواق أو الأعمال أو اللقاءات أو الزيارات، أو كان بإدخال أناس في بيتها بدون إذنه وتبرجت عندهم، أو بظهورها ولو من سقف البيت متبرجة أو من النافذة.
والرسول صلى الله عليه وسلم قد فسر لنا قوله: (فلا تسأل عنهم). بقوله: "یا معشر النساء، تصدقن وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار، إنكن تکثرن اللعن و تکفرن العشیر". رواه مسلم رقم (635) من حدیث ابن عمر، وأحمد (76/2)، ومسلم رقم (80) من حديث أبي هريرة، والبخاري رقم (304).
ومن حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يامعشر النساء، تصدقن ولو من حليكن، فإنكن أكثر أهل جهنم يوم القيامة" رواه احمد (363/6)، والنسائی رقم (9200)، و ابن حبان رقم (4248)، والترمذی رقم (635)، و الحاکم (8845) بتحقیق الوادعي.
فالرسول صلى الله عليه وسلم بين أمرًا عظيما كان خافيا على النساء: وهو أنهن سيدخلن جهنم بسبب كفران العشير -وهو الزوج – ومن أرادت أن تتدارك نفسها فلتتب إلى الله، فقد دعا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصدقة والاستغفار وغير ذلك من أنواع التوبة.
12 – المرأة المسلمة المتبرجة هتكت ما بينها وبين الله:
فقد جاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها امرأة وضعت ثیابها فی غیر بیت زوجها فقد هتکت مابینها و بین الله عز وجل" رواه احمد (199/6). والحاکم (288/4).
قال المناوي –رحمه الله -: «قوله صلى الله عليه وسلم (وضعت ثيابها في غير بيت زوجها) کنایة عن تکشفها للاجانب و عدم تسترها منهم (فقد هتکت ستر ما بينها وبين الله عز وجل)؛ لأنه تعالى أنزل لباشا ليواري سوءاتهن وهو لباس التقوی، و اذا لم یتقین الله کشفن سوءاتهن و هتکن الستر بینهن و بین الله تعالی، وکما هتکت نفسها ولم تغط وجهها و خانت زوجها هتلك الله سترها، والجزاء من جنس العمل،
- والهتك: خرق الستر عما وراءه،
- والهتكة: الفضيحة). اهـ.
ولا يخفاك ما في تبرج النساء في الحج وغيره من تهتك يندى له الجبين. ولا يفهم من هذا الحديث أن قوله صلى الله عليه وسلم (وضعت ثيابها) أن المراد أنها تخلع جميع ثيابها، هذا لا يلزم، وإذا حصل هذا في غير بيت زوجها بين الرجال الأجانب فهو غاية الهتك والسقوط، بل والفضيحة، ولكن الحديث يشمل نزع الحجاب، فإن الحجاب من الثياب التي تغطي به المرأة وجهها(1)، وقد قال الله تعالى: ((يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ ذَٰلِكَ أَدۡنَىٰٓ أَن يُعۡرَفۡنَ فَلَا يُؤۡذَيۡنَ)) [الأحزاب: 59]
13 – المرأة المسلمة المتبرجة ترتكب أنواعا من المعاصي:
روى البخاری رقم (6612)، و مسلم رقم (2657)، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُتب على ابن آدم الزنا مدركا ذلك لا محالة، العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما السمع، والیدان زناهما البطش، والرجلان زناهما المشي، واللسان زناه التكلم، والقلب زناه التمني، والفرج يصدق ذلك آویکذبه".
ولفظ (ابن آدم) يشمل الرجال والنساء، وهذا الحديث يبين أن التبرج لایکون مقصورا علی ظهور شيء من الجسم؛ بل یكون التبرج بما ذُكر في الحديث من تكلم المرأة مع الرجال الأجانب لغير ضرورة شرعية، بل قد يكون وقاحة وقلة حياء، وإذا مشت إلى الرجال وهي متعطرة فهذا تبرج آخر، وإذا كانت متبخرة ولم تكن متعطرة فهذا تبرج أيضا.
والأجنبي: هو كل رجل يجوز له أن يتزوجها في وقت من الأوقات كابن عمها وابن عمتها، وكل هذه أنواع من أنواع الزنا توصل إلى الزنا الأكبر الذي هو أدهى وأمر، والذي هو أخبث الخبائث بعد الشرك بالله.
وعلى هذا، فحقيقة التبرج: هو كل قول وحركة وفعل ومظهر من المرأة لغير ضرورة شرعية يلفت أنظار الناس إليها ويميل بقلوبهم نحوها.
ولا يستبعد أن المرأة في حجها تقع في كثير مما ذكر في الحديث إلى جانب إظهار ما حرم الله إظهاره عليها للأجانب، فيكون الذنب أعظم، وكون الإيذاء للناس أشد بكثير؛ لأن المتبرجة حينما توجهت وتحركت في الأماكن المقدسة؛ فهي تلاقي في خطواتها رجالاً بالعشرات بل بالمئات، فكيف لا تكون قد ارتكبت أنواعا من المعاصي وفي المشاعر المقدسة.
14 – المرأة المسلمة المتبر جة تدعو إلى الفواحش بقصد حسن أو بقصد سيء:
فإن كانت بقصد سيء أي: أنها تبرجت وتريد أن ينتشر التبرج في النساء، وتظهر النساء على الرجال متبرجات، وتريد فتنة الرجال بهن؛ فهذه داخلة في قوله تعالى: ((إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ)) (النور: 16]. فهذه الآية وإن كانت نزلت في نشر الخبر المفترى على عائشة، إلا أنها تشمل بعمومها كل من يريد نشر الفاحشة في المجتمع، سواء كان عن طريق التلفاز أو الإذاعة أو الفيديو أو الدش أو الجرائد الخليعة أو الدعوة إلى التبرج، ويدخل في هذه الآية من يقذف شخصا بالفاحشة لكي يسهل انتشار الأخبار، وتتسع دائرة قبول الفاحشة.
وإن كانت لا تريد انتشار التبرج، ولكنها عجزت عن إصلاح نفسها، فهي أيضا داعية إلى الفاحشة بفعلها هذا، وإن كان ذنبها في خاصة نفسها أخف من الصورة الأولى، فإذا كانت تعلم بأن التبرج حرام فهي في الإثم أشد ممن كانت جاهلة، وإن كانت قدوة في نظر الناس كان الإثم أشد من الذي قبله، ويخشى على المرأة المتبرجة أن تكون مشاركة في قضايا الزنا بسبب مشاركتها في الدعوة إليه بطريقة غير مباشرة.
15- التبرج والسفور سبب هلال الامم :
روی مسلم رقم (2742)، والترمذي رقم (2191) وغیرهما من حدیث آبي سعید الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... اتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني اِسرائیل کانت في النساء" .
ومن عجائب ما صنعته بعض نساء بني إسرائيل ما رواه أحمد (4/3)، و مسلم رقم (2252)، والنسائي (151/8) في «الزینة» من حدیث آبي سعید الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان في بني إسرائيل امرأة قصيرة فصنعت رجلين من خشب، فكانت تسير بين امرأتين قصيرتين واتخذت خاتماً من ذهب، وحشت فصه أطیب الطیب، فکانت اذا مرت بالمجلس حرکته فتنفخ ريحه".
والرسول صلى الله عليه وسلم عندما أخبر أمته أن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء، أراد منا أخذ الحذر واليقظة والحزم في أمر النساء؟ ولهذا قال الله: ((يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ مِنۡ أَزۡوَٰجِكُمۡ وَأَوۡلَٰدِكُمۡ عَدُوّٗا لَّكُمۡ فَٱحۡذَرُوهُمۡۚ وَإِن تَعۡفُواْ وَتَصۡفَحُواْ وَتَغۡفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٌ، إِنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞۚ وَٱللَّهُ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ)) (التغابن: 16-16).
وقد أفاد الحديث أن أول فتنة في بني إسرائيل كانت في النساء، ولفظ (فتنة): يعم أنواعا من الفتن، كمثل الطيب بين الرجال، أو البخور، أو الضرب بالرجلين، أو إظهار الوجه(2) أو غيره من الأعضاء، أو بالكلام، أو بالاختلاط مع الرجال، أو الخلوة بالرجال الأجانب .. إلى غير ذلك من صور فتن التبرج، فهذا أول فتنة في بني إسرائيل، فالرسول صلى الله عليه وسلم لما بين في هذا الحديث أن هذه أول فتنة وقعت في بني إسرائيل، نبهنا لننظر إلى الحالة التي وصلت إليها أمة اليهود والنصارى من الانحراف والفسق والفجور، مع أنهم كانوا على دين من عند الله مثل هذه الأمة، وكيف عاقبهم الله أن صاروا عاجزين عن إزالة هذا الشر، ودخلوا في الكفر وصاروا شر خلق الله على وجه الأرض.
و في البخاري رقم (7059)، و مسلم رقم (2880)، عن زینب، قالت: استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم محمرًا وجهه وهو يقول: "لا إله إلا الله؛ ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وعقد تسعين أو مائة قيل: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث".
فالله المسئول أن يجنبنا ويدفع عنا كل سوء ومكروه.
المصدر:الأخطاء المتعددة في حج المرأة المتبرجة
لتحميل الكتاب اضغط هنا:http://www.archive.org/download/waq98211/98211.pdf
___________________________________________________المصدر:الأخطاء المتعددة في حج المرأة المتبرجة
لتحميل الكتاب اضغط هنا:http://www.archive.org/download/waq98211/98211.pdf
(1)،(2): فلتعلمي أختاه أن ستر الوجه، مسألة فيها خلاف، فمن العلماء من أفتى بوجوبه، ومنهم من أفتى باستحبابه، أي: إذا لم تستر وجهها لم تأثم، وإن سترته كان لها أجرا وقربة.
آخر تعديل: