- إنضم
- 4 جوان 2013
- المشاركات
- 8,223
- نقاط التفاعل
- 21,963
- النقاط
- 1,556
- محل الإقامة
- في وحد البلاصة ...
- الجنس
- ذكر
الحرية لوحدها والمسؤولية لوحدها
مقالة حول المسؤولية والجزاء:
الأسئلة: هل العقاب مشروع من الناحية الأخلاقية؟-هل العقاب كفيل بالقضاء على الجريمة؟-إذا كان الإجرام وليد المجتمع فلن تجد العدالة من تحمله التبعية؟ما رأيك؟-هل الجزاء العقابي كاف لتقويم سلوك الإنسان؟ هل دور العقوبات أخلاقي أم اجتماعي؟-يقال"إن المجرم مدفوع إلى الجريمة دفعا والمدفوع لا يحاسب" ما رأيك؟-هل يمكن إرجاع الإجرام إلى دوافع عدوانية فطرية؟-هل الأخذ بمبدأ الحتمية يبرر إلغاء الجزاء؟-هل تُحدّد العقوبة بنوع الجريمة؟-إلى أي حدِّ يمكن إرجاع الجريمة إلى محدّدات اجتماعية؟-هل العقاب قصاص أم تربية؟-هل العقاب إجراء وقائي أم انتقامي؟
المقدمة: يعتبر الإنسان مدني بطبعه, يعيش ضمن جماعة من الأفراد, تربطهم علاقات اجتماعية معقدة ومتنوعة, تدل في الأكثر على التوافق والانسجام, لكن قد ينحرف سلوك الأفراد خاصة إذا تحوّل الخطأ إلى خطيئة والفعل إلى جريمة مما يستلزم ضرورة تحمّل نتائج الفعل وهذا ما يعرف بـ"المسؤولية" التي تدفعنا إلى ضرورة طرح إشكالية العقاب ومن ثمة دور العقوبات والإشكال الذي يطرح نفسه:هل يختار المجرم جريمته أم يدفع إليها؟ وهل العقاب وحده كاف للقضاء على الجريمة؟
وترى هذه الأطروحة أن العقاب ضروري فهو يساعد الإنسان على التفكير عن ذنبه وكما قال "لايبندز" {العقوبة ليس لها دور التعديل أو إصلاح الشرور, إنّما دورها التكفير عن الفعل السيئ} ويتم ذلك من خلال إعادة الاعتبار للعدالة والقانون والذي لا يريد من اللّه ألاّ يعاقب الجور أو إدمان الخمر لا يحبُّ اللَّه كما ذهب إلى ذلك "مالبرانش" في كتابه "الأخلاق" . فالمجرم يختار جريمته وتجب عقوبته. وتعود هذه الأطروحة إلى فلسفة "أفلاطون" التي ربطت الشرّ الجهل فالإنسان لا يفعل الشرّ وهو يعرف أنه شرٌّ قال في كتابه "الجمهورية" {الشرور سلوكات بشرية إختارها الإنسان بمحض إرادته واللّه بريء منها} لكن تحت تأثير الجهل ينسب الإنسان الشرور إلى القضاء والقدر وهذا ما أشار إليه في الكتاب العاشر من الجمهورية من خلال أسطورة الجندي "آر". وفي الفكر الإسلامي تحدثت "المعتزلة" عن المسؤولية من زاوية الحرية والعقل والإنسان في نظرهم يستحق العقاب وأرجع القاضي"عبد الجبّار المعتزلي"سبب ذلك توفر عاملين : ذاتي (العقل يدرك الحسن والقبح) وموضوعي (الأفعال تتضمن صفاتها), ورأى "كانط" أن الجريمة لا علاقة لها بالحتمية وقال{الفعل الخاطئ يختاره صاحب السوء بكل حرية بقطع النظر عن الزمن والطباع}. الرأي الأول(الأطروحة): ترى النظرية الاختيارية (العقلية) أنه من غير المعقول أن لا نعاقب المجرم على فعل سيّء صدر منه لأن المجرم برأيهم عاقل وحرٌّ مريد لأفعاله ولذلك[هو مسؤول تجب عقوبته]. والعقاب وحده كاف للقضاء على الجريمة حيث أخذ في القديم صورة انتقام وقصاص من المجرم وتحت تأثير فلاسفة النهضة أخذ طابعا أخلاقيا.
نقد (مناقشة): ما يعاب على هذه الأطروحة أنّها اهتمت كثيرًا بالجريمة وأهملت ظروف المجرم.
الرأي الثاني (نقيض الأطروحة): ترى النظرية الوضعية أنّ أفضل منهج لدراسة الجريمة ليس هو المنهج الفلسفي التأملي بل هو المنهج العلمي, والجريمة برأيهم ثمرة حتميات مختلفة (عضوية, نفسية, اجتماعية) متى توفرت أسبابها وقعت بالضرورة, هذه الحتميات تلغي إرادة الاختيار عند المجرم ومنه إلغاء فكرة العقوبة, ومن هذه الحتميات"الحتمية البيولوجية" التي تحدّث عنها الطبيب والجرّاح "شيزاري لمبروزو" الذي قام بتجربة مقارنة بين فئة الأخيار والأشرار ولاحظ وجود صفات عضوية (غزارة وجفاف الشعر, الطول أو القِصر المفرط للذراعين, عدم انتظام شكل الجمجمة, ضيق تجاويف عظام الرأس) أُطلق على هذه الصفات مصطلح النقائص البيولوجية التي هي بنظره سبب الإجرام وفي كتابه "الإنسان المجرم" قسَّم المجرمين إلى خمسة أصناف (مجرم بالفطرة, مجنون , بالعادة, بالعاطفة, بالصدفة) والحلّ يكمن في إجراءات وقائية مثل عزل وفصل المجرم عن المجتمع, وأثبتت بحوث الطبيب "جال" أنّ الجريمة لها علاقة بالدماغ حيث قسَّمه إلى ثلاثة أقسام (الغرائز الدنيا, القدرات العقلية, الضمير الخلقي) والجريمة تحدث عندما تعجز القدرات العقلية في السيطرة على الغرائز فـالسرقة مثلاً أصلها غريزة حب التملُّك تظهر عندما يعجز العقل عن مراقبتها, وتحدَّث " فيري" عن "الحتمية الاجتماعية" وأرجع الجريمة إلى سوء التأهيل الاجتماعي وقال{إن الفقر المدقع والغنى الفاحش كلاهما ذريعة للإجرام} وحججه في ذلك أن التربية في الملاجئ وحالات الطلاق والتشرد عوامل تغذي هذه الظاهرة والأسرة التي يكون فيها الأب مجرما أو الأخ الأكبر تتعرض غالبا إلى الانحراف والحلّ عنده يكمن في إعادة تربية المجرم وإصلاحه, وتحدَّث "فرويد" عن تأثير الحتمية النفسية وفي نظره أن الجريمة تعبير عن طفولة سيّئة يغلب عليها الكبت أي أنّ الدوافع لاشعورية والفعل الإجرامي له دلالات نفسية الذي يتميّز بشخصية مريضة ومنه يجب علاجه لا عقابه.+
نقد (مناقشة): إنّ إرجاع الجريمة إلى الحتميات المختلفة يُسقط المسؤولية عن المجرمين ممّا يزيد في انتشار هذه الظاهرة.
التركيب: لا شكّ أنّ ظاهرة الجريمة معقّدة ومتشابكة إذ لا يمكن الوقوف عند الهدف الأخلاقي في العقاب فقط, فالعقاب وحده لا يكفي للقضاء على الجريمة قال"غيو" {أظيفوا الضر الحسّي للعقاب إلى الضرر الأخلاقي تكونوا قد ضاعفتم الأضرار} فالعقوبات الصارمة تولّد الرغبة في الانتقام, ومن هذا المنطلق رأى عالم القانون "مارك أنسل" أنه من الضروري نزع عوامل الشرّ من نفسية المجرم يصبح العقاب [حق للمجرم واجب على المجتمع] ويتم ذلك من خلال إجراءات وقائية دون إهمال فكرة القصاص لـ" قوله تعالى" {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} والتشريعات الحديثة تعتمد على معادلة طرفها الأول أنّ المجرم مسؤول وطرفها الثاني أنّ العقاب ضروري لحماية المجتمع مع مراعاة ظروف المجرم.
الخاتمة: وفي الأخير إشكالية العقاب تتضمن الكثير من الأسئلة حول دوافع الإجرام وكذا أفضل الطرق لمواجهة ظاهرة الجريمة هذه الأسئلة شكّلت محور مقالنا هذا الذي أخذ طابعًا جدليًّا تطرّقنا من خلاله إلى أفكار النظرية العقلية التي اعتبرت العقاب ضرورة من حيث هو وسيلة للقصاص ولتحقيق أهداف أخلاقية وتطرّقنا كذلك إلى النظرية الوضعية التي اعتبرت السلوك الإجرامي حتمي وطالبت بضرورة تطبيق إجراءات وقائية ومن كلّ ذلك نستنتج: المجرم يختار جريمته وتجب عقوبته لكن مع مراعاة ظروفه.
إذا كان السؤال يشتمل على كلمة "عقاب" فيجب قلب الرأي الأول حيث نقول(وترى هذه الأطروحة أن العقاب ضروري) أولا ثم تليها (تعود هذه الأطروحة إلى فلسفة أفلاطون
مقالة حول المسؤولية والجزاء:
الأسئلة: هل العقاب مشروع من الناحية الأخلاقية؟-هل العقاب كفيل بالقضاء على الجريمة؟-إذا كان الإجرام وليد المجتمع فلن تجد العدالة من تحمله التبعية؟ما رأيك؟-هل الجزاء العقابي كاف لتقويم سلوك الإنسان؟ هل دور العقوبات أخلاقي أم اجتماعي؟-يقال"إن المجرم مدفوع إلى الجريمة دفعا والمدفوع لا يحاسب" ما رأيك؟-هل يمكن إرجاع الإجرام إلى دوافع عدوانية فطرية؟-هل الأخذ بمبدأ الحتمية يبرر إلغاء الجزاء؟-هل تُحدّد العقوبة بنوع الجريمة؟-إلى أي حدِّ يمكن إرجاع الجريمة إلى محدّدات اجتماعية؟-هل العقاب قصاص أم تربية؟-هل العقاب إجراء وقائي أم انتقامي؟
المقدمة: يعتبر الإنسان مدني بطبعه, يعيش ضمن جماعة من الأفراد, تربطهم علاقات اجتماعية معقدة ومتنوعة, تدل في الأكثر على التوافق والانسجام, لكن قد ينحرف سلوك الأفراد خاصة إذا تحوّل الخطأ إلى خطيئة والفعل إلى جريمة مما يستلزم ضرورة تحمّل نتائج الفعل وهذا ما يعرف بـ"المسؤولية" التي تدفعنا إلى ضرورة طرح إشكالية العقاب ومن ثمة دور العقوبات والإشكال الذي يطرح نفسه:هل يختار المجرم جريمته أم يدفع إليها؟ وهل العقاب وحده كاف للقضاء على الجريمة؟
وترى هذه الأطروحة أن العقاب ضروري فهو يساعد الإنسان على التفكير عن ذنبه وكما قال "لايبندز" {العقوبة ليس لها دور التعديل أو إصلاح الشرور, إنّما دورها التكفير عن الفعل السيئ} ويتم ذلك من خلال إعادة الاعتبار للعدالة والقانون والذي لا يريد من اللّه ألاّ يعاقب الجور أو إدمان الخمر لا يحبُّ اللَّه كما ذهب إلى ذلك "مالبرانش" في كتابه "الأخلاق" . فالمجرم يختار جريمته وتجب عقوبته. وتعود هذه الأطروحة إلى فلسفة "أفلاطون" التي ربطت الشرّ الجهل فالإنسان لا يفعل الشرّ وهو يعرف أنه شرٌّ قال في كتابه "الجمهورية" {الشرور سلوكات بشرية إختارها الإنسان بمحض إرادته واللّه بريء منها} لكن تحت تأثير الجهل ينسب الإنسان الشرور إلى القضاء والقدر وهذا ما أشار إليه في الكتاب العاشر من الجمهورية من خلال أسطورة الجندي "آر". وفي الفكر الإسلامي تحدثت "المعتزلة" عن المسؤولية من زاوية الحرية والعقل والإنسان في نظرهم يستحق العقاب وأرجع القاضي"عبد الجبّار المعتزلي"سبب ذلك توفر عاملين : ذاتي (العقل يدرك الحسن والقبح) وموضوعي (الأفعال تتضمن صفاتها), ورأى "كانط" أن الجريمة لا علاقة لها بالحتمية وقال{الفعل الخاطئ يختاره صاحب السوء بكل حرية بقطع النظر عن الزمن والطباع}. الرأي الأول(الأطروحة): ترى النظرية الاختيارية (العقلية) أنه من غير المعقول أن لا نعاقب المجرم على فعل سيّء صدر منه لأن المجرم برأيهم عاقل وحرٌّ مريد لأفعاله ولذلك[هو مسؤول تجب عقوبته]. والعقاب وحده كاف للقضاء على الجريمة حيث أخذ في القديم صورة انتقام وقصاص من المجرم وتحت تأثير فلاسفة النهضة أخذ طابعا أخلاقيا.
نقد (مناقشة): ما يعاب على هذه الأطروحة أنّها اهتمت كثيرًا بالجريمة وأهملت ظروف المجرم.
الرأي الثاني (نقيض الأطروحة): ترى النظرية الوضعية أنّ أفضل منهج لدراسة الجريمة ليس هو المنهج الفلسفي التأملي بل هو المنهج العلمي, والجريمة برأيهم ثمرة حتميات مختلفة (عضوية, نفسية, اجتماعية) متى توفرت أسبابها وقعت بالضرورة, هذه الحتميات تلغي إرادة الاختيار عند المجرم ومنه إلغاء فكرة العقوبة, ومن هذه الحتميات"الحتمية البيولوجية" التي تحدّث عنها الطبيب والجرّاح "شيزاري لمبروزو" الذي قام بتجربة مقارنة بين فئة الأخيار والأشرار ولاحظ وجود صفات عضوية (غزارة وجفاف الشعر, الطول أو القِصر المفرط للذراعين, عدم انتظام شكل الجمجمة, ضيق تجاويف عظام الرأس) أُطلق على هذه الصفات مصطلح النقائص البيولوجية التي هي بنظره سبب الإجرام وفي كتابه "الإنسان المجرم" قسَّم المجرمين إلى خمسة أصناف (مجرم بالفطرة, مجنون , بالعادة, بالعاطفة, بالصدفة) والحلّ يكمن في إجراءات وقائية مثل عزل وفصل المجرم عن المجتمع, وأثبتت بحوث الطبيب "جال" أنّ الجريمة لها علاقة بالدماغ حيث قسَّمه إلى ثلاثة أقسام (الغرائز الدنيا, القدرات العقلية, الضمير الخلقي) والجريمة تحدث عندما تعجز القدرات العقلية في السيطرة على الغرائز فـالسرقة مثلاً أصلها غريزة حب التملُّك تظهر عندما يعجز العقل عن مراقبتها, وتحدَّث " فيري" عن "الحتمية الاجتماعية" وأرجع الجريمة إلى سوء التأهيل الاجتماعي وقال{إن الفقر المدقع والغنى الفاحش كلاهما ذريعة للإجرام} وحججه في ذلك أن التربية في الملاجئ وحالات الطلاق والتشرد عوامل تغذي هذه الظاهرة والأسرة التي يكون فيها الأب مجرما أو الأخ الأكبر تتعرض غالبا إلى الانحراف والحلّ عنده يكمن في إعادة تربية المجرم وإصلاحه, وتحدَّث "فرويد" عن تأثير الحتمية النفسية وفي نظره أن الجريمة تعبير عن طفولة سيّئة يغلب عليها الكبت أي أنّ الدوافع لاشعورية والفعل الإجرامي له دلالات نفسية الذي يتميّز بشخصية مريضة ومنه يجب علاجه لا عقابه.+
نقد (مناقشة): إنّ إرجاع الجريمة إلى الحتميات المختلفة يُسقط المسؤولية عن المجرمين ممّا يزيد في انتشار هذه الظاهرة.
التركيب: لا شكّ أنّ ظاهرة الجريمة معقّدة ومتشابكة إذ لا يمكن الوقوف عند الهدف الأخلاقي في العقاب فقط, فالعقاب وحده لا يكفي للقضاء على الجريمة قال"غيو" {أظيفوا الضر الحسّي للعقاب إلى الضرر الأخلاقي تكونوا قد ضاعفتم الأضرار} فالعقوبات الصارمة تولّد الرغبة في الانتقام, ومن هذا المنطلق رأى عالم القانون "مارك أنسل" أنه من الضروري نزع عوامل الشرّ من نفسية المجرم يصبح العقاب [حق للمجرم واجب على المجتمع] ويتم ذلك من خلال إجراءات وقائية دون إهمال فكرة القصاص لـ" قوله تعالى" {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} والتشريعات الحديثة تعتمد على معادلة طرفها الأول أنّ المجرم مسؤول وطرفها الثاني أنّ العقاب ضروري لحماية المجتمع مع مراعاة ظروف المجرم.
الخاتمة: وفي الأخير إشكالية العقاب تتضمن الكثير من الأسئلة حول دوافع الإجرام وكذا أفضل الطرق لمواجهة ظاهرة الجريمة هذه الأسئلة شكّلت محور مقالنا هذا الذي أخذ طابعًا جدليًّا تطرّقنا من خلاله إلى أفكار النظرية العقلية التي اعتبرت العقاب ضرورة من حيث هو وسيلة للقصاص ولتحقيق أهداف أخلاقية وتطرّقنا كذلك إلى النظرية الوضعية التي اعتبرت السلوك الإجرامي حتمي وطالبت بضرورة تطبيق إجراءات وقائية ومن كلّ ذلك نستنتج: المجرم يختار جريمته وتجب عقوبته لكن مع مراعاة ظروفه.
إذا كان السؤال يشتمل على كلمة "عقاب" فيجب قلب الرأي الأول حيث نقول(وترى هذه الأطروحة أن العقاب ضروري) أولا ثم تليها (تعود هذه الأطروحة إلى فلسفة أفلاطون