حان الوقت لأدون قصتي المملة والتي تصيب قارئها بالغثيان فقصتي هذه كتبتها لما بدأت قواي العقلية تنهار وبدأت الوساوس والهلوسات الليلية تحل مكانها في عقلي فقررت أن أكتب قصتي لعلهم في يوم من الأيام تنشر في دور النشر وتوضع في رفوف المكتبات وعليها غبار الوحدة فيأتي قارئ لا يفقه شيئا فيشتريها بدون معرفة محتوياتها فأكون بذالك قد انهكت قدراته الشرائية وأهدرت له ماله في شيء تافه كشراء قصتي فما إن يصل الى البيت فيتفاجأ بأنه إشترى كلمات لا تسمن ولا تغني من جوع مجرد أوهام وخزعبلات وهلوسات شخص بدأ الجنون يقترب منه وهنا أكون سعيدا أني أعطيته درسا لا ينساه لكي يتعلم كيف يشتري قصة ولا ينخدع بعنوانها
ولي هدف أسمى من ذلك وهو أن تقع قصتي بين يدي رجل قليل العلم فيظن أن القصة حقيقية وفيها من الكلمات ما يثلج الصدر ثم يأتي شخص آخر ناقد مطلع على روايات شكسبير وجبران فينتبه من أول كلمة أنني على خطأ فتحثه الروح النقدية أو الإستكشافية من الولوج الى عالم القصة فيحضر ورقة وقلم فيدون الأخطاء فكلما تغمق وجد الكثير من الهفوات بشكل كبير في الأخير يتولد له قصتين من الأخطاء فيأتي ليرد عليا في الموضوع فلا يعرف من أين يبدأ فيطفأ الحاسوب ويخلد الى النوم فأكون قد أزعجت ذلك الشخص فيتعلم أن لا يقرأ منذ البداية قصة فيها أخطاء في عنوانها .
عندما تتأمل القصة سيأتيك إحساس بأنه كُتبت قبل قرونٍ طويلة، أو أن كاتبهاً من القرن الرابع عشر كان يعيش حلما شفّافا عمّا سيكون عليه حال العالم بعد ألفي عام من الآن ثم بعد هذا وأنت منهمك في القراءة يبدأ الملل يتسلط عليك تحس بتأنيب الضمير بأن هذا الأسلوب في القراءة بدأ يضايقك حتى تصبح الكئابة هي الشعار الوحيد الذي تخرج به من هذه القصة ... فأنا ناصح لكم بأن لا تقرأوها وأن تضعو لها تبليغ إن صادفتموها يوما ما
فقصتي هذه كتبتها في الازمنة الغابرة يوم كان للحبر في اللوح قيمة كتبتها وانا لا أعلم هل يقرأها أحد أو يبتلعها قرش في ظلمات البحار فتكون هباءا منثورا فأكون بذلك قد أتعبت نفسي وأرهقتها وهذا ما يحز في نفسي أن أتعبها لأنها لم تعد طائعتا لأوامري السخيفة
على كل حال هذه أول كتاباتي لقصتي ومغامراتي أدونها على ملابسي الداخلية وأوراق الشجر المتساقطة على قمم الجبال فهذه القصة مع إمتلائها بالأخطاء فسأختصرها وأوجز في بعض الأحيان أشد الإيجاز وان حل بنا الصيف وتساقطت الأوراق وذبلت إنتهت قصتي قبل الأوان فلاتلوموني على عدم إكمالها لأني كنت على متن سفينة التيتانيك يوم غرقها
في تلك الليلة المشمشمة شموس القمر كنت مستلقيا في أريكتي أقرأ رواية وطن من زجاج للكاتبة ياسمينة صالح وإذا بي أسمع صوت صراخ وعويل في السفينة وإهتزاز كبير بين جدرانها وانا مثل الشعب الجزائري مباشرة نظرت الى السقف لأرى المصباح الأرجواني يميل يسارا ويمنة كأن الخمر أفعل فعلته فساد الظلام هنيهة ولأني قوي في المواقف الصعبة تذكرت أني بملابسي الداخلية مستلقي فأسرعت بإرتداء ملابسي إذ كان لابد من أن أغادر السفينة في كرامتي إن مت مت مستورا وان عشت أكون على هيئتي أمام شعب لايمل من التعليق حتى في المواقف القاتمة من الرعب
خرجت من غرفتي وإذا بي أسقط بين الزحام في رمشة من العين فكنت أتراكل بين الأقدام كتراكل الكرة بين اللاعبين فأمسكت بعجوز فسحبتني حتى خرجنا الى الأعلى فانطبق عليها المثل عندنا – الخلعة تجري الشيوخة – في الأخير وقفت كالشهم الخارج من غبار معركة طاحنة النجاة فيها هي السمة البارزة بينهم
بينما أنا أنفض الغبار من سترتي فإذا بالسفينة تبدأ في الميلان وترتفع للأعلى والناس يسقطون منها كسقوط الغيث من السماء وبعد جهد جهيد صعدت الى أعلى القمة وأنا في تررد مع نفسي إستنشقت الهواء فدخل الى رئتي بقوة وأغلقت فمي فنسيت أن أشهد للموت فرفعت إصبعي الى السماء وانا في داخلي أردد طلع البدر علينا حتى إنفجرت ضاحكا فتوسوس الناس أمامي فغمزت الى أحدهم أمامي ..... فشهدت وإستنشقت مرة أخرى الهواء لأملء رئتي بالهواء ثم بقدرة قادر قفزت في الماء وفي تلك اللحظة وأنا أتخبط في الهواء يكلتى رجلي تذكرت أمرا كان عليا أن أتذكره من قبل . أني لا أعرف السباحة
نظرت الى السماء وأغمضت عيني فإذا بي أحس بقوة الصدمة مع الماء فمن شدة الهلع بدأت أتخبط في الماء أغطس مرة وأعلو مرة وفي الغطسة أرى في جوف البحار كراسي وطاولات فوقها سكاكين وفرشات أكل وأسماك القرش فرحت تهلل بي كوجبة شهية مليئة بالبروتينات والفيتامينات ففتحت فمي لأخبرهم بمدا قبحي وملوحة دمي وبأن لحمي لا تأكله حتى الضباع من شده مرارته وإذا بالماء المالح يتسلل داخل فمي فتلعثمت وتخبطت حتى أحسست أني لمست شيئا بيدي
أمسكته جيدا لكي لا يفلت من يدي فبدأت أتحسس ماهذا الشيء كان أملس ويشبه وبر الجمل ولنعومته بدأت يداي تنزلقان منه وإذا به يمس أحدهم شعري ويجذبني الى الأعلى ثم يرجعني الى الأسفل وانا أسمع عند صعودي بعض الكلمات تخيلت أن أمي توقضني وأنا أحلم بهذا الكابوس المألم حتى فطنت بكلمات فهمتها من ذلك الشخص ~ أطلقني أطلقني حبيت تقتلني موت وحدك ياخي لسقة ~ فعرفت أنه وليد بلادي فخليت سبيله فإذا به يعطيني بلكمة قوية على رأسي لم أفق الا على عضة من سلطعون البحر في أصبع قدمي الصغير فسعلت سعلة أخرجت كل الماء بداخلي أحسست أن جسمي منهك من شدة التعب والرمال غطتني تقريبا
وكان ذلك مع الصباح الباكر في جو مفعم بالكسل بعد ليلة ليست كباقي الليالي التي لو لم أدون ماحدث لكانت في طي النسيان فقد كان كل شبر من جسمي يتألم وانا أسمع دقات قلبي كأنها صوت البندير يوم العرس لكن الخوف هو الذي فعل فعلته لكن ما ان ضربت ذلك السلطعون الذي أيقضني فهرول مسرعا الى الماء ...
تكسلت قليلا ونظرت الى الافق البعيد فلم أرى الا جبلا يعلو ذلك المكان ومحاطا بأشجار عالية شامخة وما ان انا احدق في المكان رأيت في منحدر الجبل دخانا يتصاعد أو بالأحرى شممت رائحة الأكل فبعد تعاسة المقارون بالأمس في السفينة ومع ليلة في الأحلام أصبحت لا أستطيع الصبر على الأكل
بدأت خطواتي تزداد فأنفي بتعقبه الرائحة أصبح يقودني وكرشي بأصواتها المزعجة تكوراجيني للتقدم بدون أدجنى خوف وتردد حتى إصطدمت بسلحفات تخيلتها مشوية فوق النار وانا أدورها لكي تنضج لكن أحلامي ذهبت هباءا منثورا ماإن تذكرت أني لا أدخن وبالتالي ليست عندي ولاعة والتعب نال مني أن أحملها معي الى ذلك الدخان فإستسلمت للواقع المر فطلقتها بالثلاث لكي لا أصطدم بها مرة أخرى فأكملت طريقي نحو الهدف المنشود مع مقولة لا تخمام قبل الأكل فكان كل شيء يوحي أني سأجد قرية فيها ما لذ وطاب من المأكولات
إقتربت شيئا فشيئا حتى لاح في الأفق القريب نارا ملتهبة ورائحة الدخان تعم المكان
...... يتبع لا تتقلقو