السلام عليكم...
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة أسرى بى إلى السماء رأيت أقواما معلقين فى جذوع من نار فقلت ما كان ذنبهم يا مالك؟ قال: كانوا يشتمون أمهاتهم وآباءهم فأمرنى ربى جل وعلا أن أعلقهم فى جذوع من نار وأصل ألسنتهم إلى أقفيتهم فأخرجها من نقرة أقفيتهم بكلاليب من نار"
وهذا هو حد وعقاب العاق لوالديه وجزاؤه النار. يقول عز وجل "تلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه" سورة الطلاق.
ويقول عز وجل "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه بالوالدين إحساناً: إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيراً" سورة الإسراء الآية,23
فأمر الله عباده بأن لا يعبدوا إلا إياه وأمر بالإحسان للوالدين وبرهما وإكرامهما فقال ابن عباس: لا تنفض ثوبك فيصيبهما الغبار" وقد نهى الله سبحانه وتعالى عباده عن قول أف للوالدين وهى أدنى كلمة تنفلت من المتضجر ومع هذا منعها الله وقد أوصى الرسول الكريم بالوالدين وأوضح عقاب وجزاء العاق بوالديه حتى يظهر مدى بشاعة الإنسان وعقابه الأليم فى الآخرة جراء عقوقه لوالديه
وروى الحاكم بإسناد صحيح أن رسول الله ص" قال: كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين فإنه يعجل لصاحبه"
قال رسول الله: ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده" رواه الترمذى
ويذكر ابى الليث السمرقندى فى كتابه "عقوبة أهل الكبائر" الإحسان إلى الأهل والأقارب يزيد فى العمر والجن عليهم ينقص العمر والرزق ويغضب الحق تبارك وتعالى وإن لم يعاقب الله سبحانه وتعالى قاطع الرحم ينقص العمر والرزق ويؤخر الله تعالى حسابه إلى بعد الموت فيحبس روحه إلى بئر برهوت على فم جهنم إلى يوم القيامة .
قال الرسول الكريم "أوصيكم بالصلاة وبر الوالدين وما ملكت إيمانكم وإن بر الوالدين يزيد فى العمر والذى بعثنى بالحق إن العبد قد يكون و من عمره ثلاث سنين فيحسن إلى والديه فيحملا الله تبارك وتعالى ثلاثين سنة" رواه الإمام أحمد
وعقوبة العاق لوالديه فى الآخرة أما فى الدنيا فإذا دفن فى قبره عصره القبر حتى تختلف أضلاعه وأشد الناس عذاباً فى جهنم ثلاثة أنفس. العاق والزانى المشرك بالله عز وجل من صور عقوق الوالدين والذى هو من الكبائر .
ترك الشخص النفقة الواجبة عليهما إن كانا فقيرين وحتى إن كانا مكتفيين ينفقن عليهما من باب البر والإحسان إليهما ويسن أن يطيعهما فى كل شىء إلا معصية الله حتى فى المكروهات إذا أطاع أبويه يكون له فى ذلك رفعة عند الله قال الفقهاء: إذا أمر أحد الوالدين الولد أن يأكل طعاماً فيه شبه أى ليس حراماً مؤكداً يأكل لأجل خاطرهما ثم من غير علمهما يتقيؤه.
وفى عقوق الوالدين قال بعض الشافعية "هو ما يتأذى به الوالدان أو أحدهما تأدباً ليس بالهين فى العرف".
فمن أراد أن يكون باراً بوالديه فعليه أن يطيعهما فى أغلب المباحات أو كلها.
وقال أهل العلم من حيث المشروعية يطيع الولد والديه فى المباح والمكروه لكن يجب طاعتهما فى كل مباح بل يجب أن يطيعهما فى كل ما فى تركه يحصل لهما غم بسببه وإلا لا يكون واجباً فالولد مأمور بأن يستعمل مع والديه لين الخلق والطاعة لكل ما يطلبانه طالما لا يخالف امر الله.
...
واماّ ضابط البرّ فأحسبه الطاعة..
وهو أنه يجب عليه أن يطيعهما في المعروف الذي لا ضرر فيه ولا معصية فيه :إنما الطاعة في المعروف كما قال النبي ﷺ.
أما إذا أمراه بمعاصي الله أمراه بأن لا يصلي في المسجد، أمراه بأن يشرب الخمر، أمراه أن يدخن، أمراه أن يعمل بالربا، أمراه بشيء آخر من معاصي الله لا يلزمه طاعتهم، أمراه أن يذهب إلى بلاد الشرك، أمراه بشيء آخر مما يضره فإنه لا يلزمه لقول النبي ﷺ: لا ضرر ولا ضرار، إنما الطاعة في المعروف.
فإذا أمراه بمعروف وشيء مباح ينفعهما ولا يضره فلا بأس يطيعهما في ذلك، أما شيء يضره أو شيء من معاصي الله، فلا يلزمه طاعتهما في ذلك، لكن يرده بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، والدعاء لهما بالتوفيق والهداية، ويبين لهما عذره من أن المعاصي ما يطاع فيها أحد، المعاصي لا يطاع فيها لا الوالد ولا الأمير ولا السلطان لا يطاع أحد في المعاصي، الرسول ﷺ يقول: إنما الطاعة في المعروف، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
والله قال لنبيه: وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ [الممتحنة:12] فإذا أبلغهما ذلك وفهمهما فإنهما إذا كانا عاقلين يرضيا منه بذلك؛ لأن العاقل يفهم العذر الشرعي، أما إذا كانا متعصبين لرأيهما بدون حجة فإنه لا يلزمه أن يطيعهما فيما يضره أو فيما هو من معاصي الله ..
....والله اعلم...( مقتطفات بحث ليس إلا..)