irised7
:: عضو منتسِب ::
رابط الجزء 2 :
https://www.4algeria.com/forum/t/473427/
شيء ما بداخله يحدثه بالخروج من هذه القوقعة , بالعودة إلى ما يجب أن يكون عليه , فهو في باطنه نسر , رغم اكتسابه لعادات الدجاج , فطرته كانت محفورة بداخله , قرر بثبات أن لا يعود إلى "ذاته الدجاجية" حتى يستعيد "ذاته النسرية" و لو بقي بلا ذات دهرا , فلن يعود إلى ضعفه حتى يجد قوته
أرهقه التفكير في هذا الموضوع و ضاقت به الحياة ، كان متعطشا ، طموحا ، ذا رغبة قوية في تغيير نفسه لكنه لم يجد طرف الخيط ، شجع نفسه بأن البداية هي أصعب شيء ، لكن بمجرد أن يبدأ سيسهل كل شيء ، هكذا كان ظنه .
خطر بباله أن يذهب إلى قمة الجبل خلسة ، و يرى كيف يعيش النسور علّه يسترجع ذاته بمجرد التعرف على نمط حياتهم ، كان قرارا صعبا جدا لأنه لم يغادر قط سفح ذلك الجبل ، و لا يعرف إن كان الطريق آمنا أم محفوفا بالمخاطر .
ذات صباح ، و قبل نهوض الديكة و الدجاج ، تشجع على بداية السير نحو قمة الجبل ، كان يمشي خائفا بين الأشجار ، و يلتفت هنا و هناك ، قلبه متسارع ، و جسده يرتعد من الخوف و التردد ، و كلما سمع صوتا أو أحس بشيء يتحرك في العشب ، توقف و همّ بالرجوع ، لكنه سرعان ما يتشجع و يواصل المسير ، في الأصل كل الحيوانات تراه نسرا لذلك فإنها تهابه ، هي تجهل ما بداخله من عيب ، لكن ذا العيب يحس و كأن الجميع مطلع على عيبه ، فيرتبك و يشعر بالخوف .
وصل أخيرا إلى القمة ، بدأت أصوات النسور تصل مسامعه ، و أصوات الفراخ و هي تصرخ طالبة الأكل ، شعر لوهلة أنه انفصم عن جسده ، و اقشعر بدنه ، لكن كلما اقترب أحس بالراحة و الاطمئنان ، و كأن فطرته النسرية نطقت بداخله تحييه ، و تثبته على الطريق الذي اختاره .
اختبأ وسط الأشجار و أخذ يتأمل في هذا المجتمع الذي يختلف تماما عن الذي عاش فيه ، قوة و هيبة ، نظرات ثاقبة مليئة بالثقة و العزم ، و حنان على الفراخ و حرص على تلقينها ما تتطلبه من مبادئ لتحمل راية هذا العرق جيلا بعد جيل .
إختلاف كل التفاصيل التي عاشها عما يراه الآن قد عقد الأمور في وجهه ، رآى نفسه بعيدا بعد المشرق عن المغرب ، هو ضعيف و هم أقوياء ، هم ذوو هيبة و هو ذليل ، هم يطيرون و هو لا يطير ، هم يهاجمون و هو أصلا لا يدافع بل يختبؤ ، إنقبض قلبه كلما لاحظ اختلافا ، و اغرورقت عيناه بالدمع حسرة على عقله الضعيف و قلبه الخائف ، و جناحاه الملتحِمان في جسده لا ينفعان لشيء و لا يحلقان به في السماء . ضاق صدره و لم يتحمل البقاء ، انصرف مهرولا و هو يبكي بحرقة على عجزه و شعر بانهزام لم يشعر به من قبل . اقتنع بأن الأمر مستحيل و قرر الاستسلام ، رغم رغبته في استرجاع ذاته و الخروج من ضعفه و رغم نار الشوق التي ستحرقه كل يوم مرارا ، إلا أنه أخلد إلى الأرض بسبب بُعد الطريق و صعوبته .
أخذ يمشي بضعف و هوان و اليأس باد على وجهه و هو يقول " يا ليتني بقيت أعمى عن الحقيقة ، فمُذ أبصرتها لم أرَ إلا الظلام "
https://www.4algeria.com/forum/t/473427/
شيء ما بداخله يحدثه بالخروج من هذه القوقعة , بالعودة إلى ما يجب أن يكون عليه , فهو في باطنه نسر , رغم اكتسابه لعادات الدجاج , فطرته كانت محفورة بداخله , قرر بثبات أن لا يعود إلى "ذاته الدجاجية" حتى يستعيد "ذاته النسرية" و لو بقي بلا ذات دهرا , فلن يعود إلى ضعفه حتى يجد قوته
أرهقه التفكير في هذا الموضوع و ضاقت به الحياة ، كان متعطشا ، طموحا ، ذا رغبة قوية في تغيير نفسه لكنه لم يجد طرف الخيط ، شجع نفسه بأن البداية هي أصعب شيء ، لكن بمجرد أن يبدأ سيسهل كل شيء ، هكذا كان ظنه .
خطر بباله أن يذهب إلى قمة الجبل خلسة ، و يرى كيف يعيش النسور علّه يسترجع ذاته بمجرد التعرف على نمط حياتهم ، كان قرارا صعبا جدا لأنه لم يغادر قط سفح ذلك الجبل ، و لا يعرف إن كان الطريق آمنا أم محفوفا بالمخاطر .
ذات صباح ، و قبل نهوض الديكة و الدجاج ، تشجع على بداية السير نحو قمة الجبل ، كان يمشي خائفا بين الأشجار ، و يلتفت هنا و هناك ، قلبه متسارع ، و جسده يرتعد من الخوف و التردد ، و كلما سمع صوتا أو أحس بشيء يتحرك في العشب ، توقف و همّ بالرجوع ، لكنه سرعان ما يتشجع و يواصل المسير ، في الأصل كل الحيوانات تراه نسرا لذلك فإنها تهابه ، هي تجهل ما بداخله من عيب ، لكن ذا العيب يحس و كأن الجميع مطلع على عيبه ، فيرتبك و يشعر بالخوف .
وصل أخيرا إلى القمة ، بدأت أصوات النسور تصل مسامعه ، و أصوات الفراخ و هي تصرخ طالبة الأكل ، شعر لوهلة أنه انفصم عن جسده ، و اقشعر بدنه ، لكن كلما اقترب أحس بالراحة و الاطمئنان ، و كأن فطرته النسرية نطقت بداخله تحييه ، و تثبته على الطريق الذي اختاره .
اختبأ وسط الأشجار و أخذ يتأمل في هذا المجتمع الذي يختلف تماما عن الذي عاش فيه ، قوة و هيبة ، نظرات ثاقبة مليئة بالثقة و العزم ، و حنان على الفراخ و حرص على تلقينها ما تتطلبه من مبادئ لتحمل راية هذا العرق جيلا بعد جيل .
إختلاف كل التفاصيل التي عاشها عما يراه الآن قد عقد الأمور في وجهه ، رآى نفسه بعيدا بعد المشرق عن المغرب ، هو ضعيف و هم أقوياء ، هم ذوو هيبة و هو ذليل ، هم يطيرون و هو لا يطير ، هم يهاجمون و هو أصلا لا يدافع بل يختبؤ ، إنقبض قلبه كلما لاحظ اختلافا ، و اغرورقت عيناه بالدمع حسرة على عقله الضعيف و قلبه الخائف ، و جناحاه الملتحِمان في جسده لا ينفعان لشيء و لا يحلقان به في السماء . ضاق صدره و لم يتحمل البقاء ، انصرف مهرولا و هو يبكي بحرقة على عجزه و شعر بانهزام لم يشعر به من قبل . اقتنع بأن الأمر مستحيل و قرر الاستسلام ، رغم رغبته في استرجاع ذاته و الخروج من ضعفه و رغم نار الشوق التي ستحرقه كل يوم مرارا ، إلا أنه أخلد إلى الأرض بسبب بُعد الطريق و صعوبته .
أخذ يمشي بضعف و هوان و اليأس باد على وجهه و هو يقول " يا ليتني بقيت أعمى عن الحقيقة ، فمُذ أبصرتها لم أرَ إلا الظلام "
____________ يتبع إن شاء الله