حين يُبدعُ الرافعيُّ في استلال المعنى المُرهَفِ من لُبِّ الفؤاد، تجدهُ يكتب:
"ولو أحببتُ الأنثى لوجدتكِ في كل أنثى، ولكن أحب ما فيكِ أنتِ بخاصتك، شيء لا أعرفه أنا ولا أنتِ ..
إنّه معناكِ"
ثم هو الرافعيُّ بكل تفننهِ ينتقلُ بكَ من إحساسٍ مُرهَفٍ إلى إحساسٍ أرهف، فيكتبُ، وتنظُر:
"وكما أن العصفورَ الصغيرَ في ريشه اللين يكاد لخفته يكون روحَ الهواء الذي يحيطُ بالأرض، كذلك تكاد المرأة الجميلة في وَشْييها الناعمِ تكونُ روحَ العالم الذي تحيط به الأرض"
ثم أنت -وأنت ابن العصر الماديّ- يجب عليك أن تنسلخ من ماديّتكَ لتسمعَ صوت الرافعيّ الصامت، وتفهمَ عنه قوله "المرأة الجميلة" التي رُسِمَت في ذهنكَ صاحبةَ قوامٍ ممشوقٍ، ووجه بدريٍ فاتن، نعم، ذاك فهمك وأنت ابن المادة، فإذا سِرتَ إلى الرافعيّ متجردًا صرتَ ابنَ الجمال، الجمالُ الذي يدندن حوله الرافعيُّ دائمًا، إنهُ جمالُ "الروح" الخالد.
ثم تنبضُ في مصطفى صادق الرافعي نبضةُ الفلسفةِ العميقةِ، فيكتب، وتحُسّ:
"أكون بالحبِّ قد وجدتك، وَالمعنى أنّي وجدتني؛ إذ كانت نفسي تنقصها المرآة التي أراها بها رؤية قلب، وَ أكون قدْ عشقت،
وَ المعنى أنّكَ أدخلتَ على قلبي حاسّةً تشيع السّكون كلّه فيَّ، أو تشيعني أنا فيه، حتّى لا أفرحَ وَ لا أحزنَ إلا بمقدارٍ يملأ الوجود، حين بكَ وحدك أفرح وَ أحزن!"
وأنت تحتاجُ إلى إدراكِ فن الرافعيّ وإبداعهِ هذا، إلى هدوءِ فِكرٍ، وسكونِ طبعٍ، حتى كأنّ الجوارحَ منك قد خاصَمَت عقلَك، والروحَ منك قد غادرت جسمَك، لا ضجيجَ، ولا بهارجَ، لترتفعَ إلى الرافعيّ، وتنظرَ أسفل منكَ، لترى عالم المادّةِ المضطرب ..
rمن مقال بعنوان:
على كرسيّ الرّافعيّ
#عماد_الدين_علي
"ولو أحببتُ الأنثى لوجدتكِ في كل أنثى، ولكن أحب ما فيكِ أنتِ بخاصتك، شيء لا أعرفه أنا ولا أنتِ ..
إنّه معناكِ"
ثم هو الرافعيُّ بكل تفننهِ ينتقلُ بكَ من إحساسٍ مُرهَفٍ إلى إحساسٍ أرهف، فيكتبُ، وتنظُر:
"وكما أن العصفورَ الصغيرَ في ريشه اللين يكاد لخفته يكون روحَ الهواء الذي يحيطُ بالأرض، كذلك تكاد المرأة الجميلة في وَشْييها الناعمِ تكونُ روحَ العالم الذي تحيط به الأرض"
ثم أنت -وأنت ابن العصر الماديّ- يجب عليك أن تنسلخ من ماديّتكَ لتسمعَ صوت الرافعيّ الصامت، وتفهمَ عنه قوله "المرأة الجميلة" التي رُسِمَت في ذهنكَ صاحبةَ قوامٍ ممشوقٍ، ووجه بدريٍ فاتن، نعم، ذاك فهمك وأنت ابن المادة، فإذا سِرتَ إلى الرافعيّ متجردًا صرتَ ابنَ الجمال، الجمالُ الذي يدندن حوله الرافعيُّ دائمًا، إنهُ جمالُ "الروح" الخالد.
ثم تنبضُ في مصطفى صادق الرافعي نبضةُ الفلسفةِ العميقةِ، فيكتب، وتحُسّ:
"أكون بالحبِّ قد وجدتك، وَالمعنى أنّي وجدتني؛ إذ كانت نفسي تنقصها المرآة التي أراها بها رؤية قلب، وَ أكون قدْ عشقت،
وَ المعنى أنّكَ أدخلتَ على قلبي حاسّةً تشيع السّكون كلّه فيَّ، أو تشيعني أنا فيه، حتّى لا أفرحَ وَ لا أحزنَ إلا بمقدارٍ يملأ الوجود، حين بكَ وحدك أفرح وَ أحزن!"
وأنت تحتاجُ إلى إدراكِ فن الرافعيّ وإبداعهِ هذا، إلى هدوءِ فِكرٍ، وسكونِ طبعٍ، حتى كأنّ الجوارحَ منك قد خاصَمَت عقلَك، والروحَ منك قد غادرت جسمَك، لا ضجيجَ، ولا بهارجَ، لترتفعَ إلى الرافعيّ، وتنظرَ أسفل منكَ، لترى عالم المادّةِ المضطرب ..
rمن مقال بعنوان:
على كرسيّ الرّافعيّ
#عماد_الدين_علي