يذكرني تعبير (العقل الجميل) بفيلم راسل كرو (A Beautiful Mind) الذي يتحدث عن قصة حياة عالم الرياضيات (جون ناش)، الذي حصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام (1994) وتوفي عام 2015، جون ناش الذي كان مصابًا بحالة من الفصام التي تجعله يرى شخصيات غير موجودة ويتعامل معها وكأنّها حقيقية، مما يؤثر على مجرى حياته ويوقف مسيرته التعليمية والعلمية لفترة طويلة بسبب المرض وتأثيرات العلاج التي لم تجد معه نفعًا، حتى يقرر أن يتعامل هو مع تلك الشخصيات التي تعيش في عقله وبالفعل يستطيع أن يتعايش مع وجودها داخله دون أن تؤثر على حياته … هذا العقل الذي حوى العديد من التناقضات استطاع أن يجعل العلم والإبداع يطغى عليه بالكثير من الصبر والجهد …
عقولنا وعاء كبير يدخلها الغث والسمين وتحتوي المفيد والتافه، الجاد والساخر … المفرح والحزين وأفكار كثيرة لا يمكن إحصاؤها يستوعبها على مدى حياته … وفي الحقيقة هذا العقل الذي تميز به الإنسان عن باقي الكائنات الحية هو أهم ما يملكه، والحفاظ عليه من أقدس الواجبات التي عليه أن يقضي حياته وهو يقوم بها، ولا يترك الأمور تسير بشكل اعتباطي دون أن يعتني به كما يجب ويبقيه نظيفًا وجميلًا … وهذا يمكن أن يكون صعبًا للغاية في عصر بات فيه الصواب أمر غير مفهوم على الإطلاق، وله مقاييس نسبية للغاية قد تختلف بشكل كامل من شخص لآخر … مع ذلك هناك أمور أساسية يمكن أن تقوم بها لتخدم هذا العقل الذي يعمل معك منذ ولادتك حتى وفاتك، وتشكره من خلال الاعتناء به والحفاظ عليه كي يستمر وهو يعمل بأقصى طاقاته حتى النهاية …
العقل السليم في الجسم السليم
مثل قديم طالما تردد في كل المحافل والمؤتمرات والاجتماعات والدروس والمحاضرات، وهو يحرض على الاعتناء بغذاء الجسد الذي يؤثر على العقل بشكل طردي … وهو صحيح رغم مللنا منه … فالتخمة والطعام السيّئ هو أكثر ما يؤدي إلى جعل التفكير عملية صعبة وبطيئة؛ لأنّ الجسم في هذه الحال يصرف كل طاقته في هضم الأغذية التي تحتاج إلى طاقة لتفكيكها وتخزينها، والتي تمنح للجسم طاقة قليلة بالمقابل مثل الدهون والسكريات … لستُ من أنصار التحول إلى أشخاص نباتيين أو التوقف عن تناول نوع معين من الطعام، لكن بالمقابل الاعتدال وإعطاء الجسم ما يحتاجه دون زيادة هو ما يبقي العقل يقظًا ونشطًا وقادرًا على القيام بمهامه بشكل ممتاز …
– غذاء العقل
كما أنّك تهتم بجسدك والغذاء الذي تقدمه إليه كي ينمو ويبقى بصحة جيدة، فإنّه من واجبك الاهتمام بما تغذي به عقلك من أفكار وثقافة ومعلومات وتنتقي الأفضل منها …
– الإعلام
يمكن القول أنّ 95% من الإعلام يعرض أمورًا سخيفةً وغير منطقية ومضرة بالعقل بشكل كبير، والباقي من النسبة يمكن أن يعود لقنوات مثل: ناشينال جيوغرافيك والجزيرة الوثائقية، لو فكرت بمتابعة شيء ما على التلفاز فأدخلها من أذن وأخرجها من الأذن الثانية … واجعل تلك البرامج السخيفة فرصةً للجلوس مع عائلتك …
الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أيضًا يحمل الكثير من الكلام السخيف والتفاهة، والسطحية والتحريض على الطائفية … وبعض الأمور المهمة والمفيدة … حاول ألّا تنجرف مع التيار الأول فهو قوي حقًا، وفي بعض الأحيان لا يمكن مقاومته …
– الكتب والروايات
مؤخرًا انفجرت في الوطن العربي ماسورة نشر غمرت كل شيء، وصارت تصدر الكتب الجديدة والروايات كل عام بأعداد كبيرة لا يمكن حتى لدودة الكتب أن تملك الوقت والمجال النفسي والعقلي لقراءة كل هذا، عدا الكتب القديمة والروايات التي يسمع عنها القارئ في كل مكان فيقع في حيرة عظيمة، ويكدس في مكتبته الورقية أو الإلكترونية عددًا كبيرًا من الكتب التي يريد قراءتها ويشتري غيرها، ولم يقرأ الأولى بعد وتستمر الدوامة حتى اللانهاية …
هنا يجب أن تقول لنفسك كفى، وتتحكم قليلًا في شهوة شراء الكتب وتحميلها، أعرف أنّ الأمر ليس هينًا لكنه ببعض التدريب يمكن أن يسير على ما يرام … لا تشتري كتبا جديدةً طالما أنّ لديك كتب لم تقرأها بعد … هذا الأمر يمكن تجاوزه في فترة معرض الكتاب … اشتري الكتب التي تعرف أنّك ستقرؤها وليس تلك التي ترغب في قراءتها، طالما أنّ الموضوع ليس في مجال اهتماماتك ابتعد عنه … الروايات أمر محير فكل شخص لديه وجهة نظر تختلف عن غيره في الروايات فخذ وقتك وتمهل قبل شراء الرواية، ولو اضطر منك الأمر أن تقرأ نصفها وأنت واقف عند المكتبة … لا تعتمد على كلمة الأكثر مبيعًا، فهي فخ وقع فيه الكثيرون قبلك …
– الأغاني والموسيقى
كما الحال في الكتب والروايات فإنّ الأغاني المنتشرة في هذه الوقت لا فائدة لها، إلّا أنّها تنحدر بالذوق العام إلى الأسفل شيئًا فشيئًا، وفي البداية قد يستهجن ويستنكر أغنية ما يراها بذيئة وذوقها فج وموسيقاها مؤذية للأذن، لكن شيئًا فشيئًا ولأنّنا غالبًا نلحق الذوق العام للأسف، ويساهم الإعلام بتجميل القبيح فإنّها تصبح مقبولة بعد فترة وربما لاحقًا تحبها وتألف سماعها وتطلب أن تسمعها! …
لا تسمح لنفسك أن تسمع أي شيء لا يمت للرقي بصلة، الأغاني الشعبية الحديثة التي لا تعبر إلّا عن طبقة بسيطة من الثقافة التي من المعيب أن تسمى شعبيةً … انتقي ما تسمعه فالموسيقى تستمع لها الأرواح والقلوب قبل العقول …
لا تتوقف عن التعلّم
“إنّ الإنسان الميت هو الذي كف عن التعلم و اكتساب الخبرات … ولهذا ترون أنّنا محاطون بالموتي الأحياء طيله الوقت” https://www.arageek.com/bio/ahmed-khaled-tawfik
حتى آخر لحظة في حياتك استمر في التعلم … لغات جديدة، مهارات يدوية، علوم لا تعرفها … لا تقف عند حد معين في مهنتك ولكن استمر في تطويرها والتعرف على كل جديد فيها، الآلة التي تتوقف عن العمل تصدأ مع مرور الوقت، وعقلك كذلك إن لم تجعله يتحرك ويعمل فإنّه في النهاية سيصاب بالصدأ، ولن يقدر على القيام بأبسط المهام …
مع الانفتاح الكبير الذي حصل بعد ثورة الإنترنت فإنّ التعلم صار أسهل مما تتخيل، منصّات تعليمية وجامعات افتراضية وقنوات تعليمية على اليوتيوب في كافة المواضيع … ماعليك إلّا أن تبحث وتتعلم …
اعتني بروحك
روحك هي جزء مهم منك … بل ربما هي الجزء الأهم منها … فهي التي تجعلك ما أنت عليه وتحدد ملامحك وطبيعتك … هي بصمتك في الحياة وما يجعل الآخرين يقتربون منك أو يبتعدون عنك وينفرون منك …
أعطِ وقتًا لها كل يوم من خلال الصلاة … التأمل … مشاهدة الكون وروعة الخلق في الطبيعة … الجلوس مع نفسك والابتعاد بها عن الدنيا وضجيجها … مما يجعل العقل أكثر قدرةً على التفكير بشكل منظم وفعال …
لا أعرف أمانة منحنا الله إياها أكثر أهميةً من هذا العقل الذي يحمله كل واحد، والذي يتعمد الكثيرون أن يركنوه على الرف ويتركون الغبار والأتربة تتراكم عليه، وهم يتبعون غيرهم في كل أمر صغيرًا كان أم كبيرًا دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التفكير في أي شيء … أعتقد أنّ الوقت قد حان لإنزالها من الرف ونفض الغبار عنها وتنظيفها وإعادة تشغيلها من جديد.
عقولنا وعاء كبير يدخلها الغث والسمين وتحتوي المفيد والتافه، الجاد والساخر … المفرح والحزين وأفكار كثيرة لا يمكن إحصاؤها يستوعبها على مدى حياته … وفي الحقيقة هذا العقل الذي تميز به الإنسان عن باقي الكائنات الحية هو أهم ما يملكه، والحفاظ عليه من أقدس الواجبات التي عليه أن يقضي حياته وهو يقوم بها، ولا يترك الأمور تسير بشكل اعتباطي دون أن يعتني به كما يجب ويبقيه نظيفًا وجميلًا … وهذا يمكن أن يكون صعبًا للغاية في عصر بات فيه الصواب أمر غير مفهوم على الإطلاق، وله مقاييس نسبية للغاية قد تختلف بشكل كامل من شخص لآخر … مع ذلك هناك أمور أساسية يمكن أن تقوم بها لتخدم هذا العقل الذي يعمل معك منذ ولادتك حتى وفاتك، وتشكره من خلال الاعتناء به والحفاظ عليه كي يستمر وهو يعمل بأقصى طاقاته حتى النهاية …
العقل السليم في الجسم السليم
مثل قديم طالما تردد في كل المحافل والمؤتمرات والاجتماعات والدروس والمحاضرات، وهو يحرض على الاعتناء بغذاء الجسد الذي يؤثر على العقل بشكل طردي … وهو صحيح رغم مللنا منه … فالتخمة والطعام السيّئ هو أكثر ما يؤدي إلى جعل التفكير عملية صعبة وبطيئة؛ لأنّ الجسم في هذه الحال يصرف كل طاقته في هضم الأغذية التي تحتاج إلى طاقة لتفكيكها وتخزينها، والتي تمنح للجسم طاقة قليلة بالمقابل مثل الدهون والسكريات … لستُ من أنصار التحول إلى أشخاص نباتيين أو التوقف عن تناول نوع معين من الطعام، لكن بالمقابل الاعتدال وإعطاء الجسم ما يحتاجه دون زيادة هو ما يبقي العقل يقظًا ونشطًا وقادرًا على القيام بمهامه بشكل ممتاز …
– غذاء العقل
كما أنّك تهتم بجسدك والغذاء الذي تقدمه إليه كي ينمو ويبقى بصحة جيدة، فإنّه من واجبك الاهتمام بما تغذي به عقلك من أفكار وثقافة ومعلومات وتنتقي الأفضل منها …
– الإعلام
يمكن القول أنّ 95% من الإعلام يعرض أمورًا سخيفةً وغير منطقية ومضرة بالعقل بشكل كبير، والباقي من النسبة يمكن أن يعود لقنوات مثل: ناشينال جيوغرافيك والجزيرة الوثائقية، لو فكرت بمتابعة شيء ما على التلفاز فأدخلها من أذن وأخرجها من الأذن الثانية … واجعل تلك البرامج السخيفة فرصةً للجلوس مع عائلتك …
الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي أيضًا يحمل الكثير من الكلام السخيف والتفاهة، والسطحية والتحريض على الطائفية … وبعض الأمور المهمة والمفيدة … حاول ألّا تنجرف مع التيار الأول فهو قوي حقًا، وفي بعض الأحيان لا يمكن مقاومته …
– الكتب والروايات
مؤخرًا انفجرت في الوطن العربي ماسورة نشر غمرت كل شيء، وصارت تصدر الكتب الجديدة والروايات كل عام بأعداد كبيرة لا يمكن حتى لدودة الكتب أن تملك الوقت والمجال النفسي والعقلي لقراءة كل هذا، عدا الكتب القديمة والروايات التي يسمع عنها القارئ في كل مكان فيقع في حيرة عظيمة، ويكدس في مكتبته الورقية أو الإلكترونية عددًا كبيرًا من الكتب التي يريد قراءتها ويشتري غيرها، ولم يقرأ الأولى بعد وتستمر الدوامة حتى اللانهاية …
هنا يجب أن تقول لنفسك كفى، وتتحكم قليلًا في شهوة شراء الكتب وتحميلها، أعرف أنّ الأمر ليس هينًا لكنه ببعض التدريب يمكن أن يسير على ما يرام … لا تشتري كتبا جديدةً طالما أنّ لديك كتب لم تقرأها بعد … هذا الأمر يمكن تجاوزه في فترة معرض الكتاب … اشتري الكتب التي تعرف أنّك ستقرؤها وليس تلك التي ترغب في قراءتها، طالما أنّ الموضوع ليس في مجال اهتماماتك ابتعد عنه … الروايات أمر محير فكل شخص لديه وجهة نظر تختلف عن غيره في الروايات فخذ وقتك وتمهل قبل شراء الرواية، ولو اضطر منك الأمر أن تقرأ نصفها وأنت واقف عند المكتبة … لا تعتمد على كلمة الأكثر مبيعًا، فهي فخ وقع فيه الكثيرون قبلك …
– الأغاني والموسيقى
كما الحال في الكتب والروايات فإنّ الأغاني المنتشرة في هذه الوقت لا فائدة لها، إلّا أنّها تنحدر بالذوق العام إلى الأسفل شيئًا فشيئًا، وفي البداية قد يستهجن ويستنكر أغنية ما يراها بذيئة وذوقها فج وموسيقاها مؤذية للأذن، لكن شيئًا فشيئًا ولأنّنا غالبًا نلحق الذوق العام للأسف، ويساهم الإعلام بتجميل القبيح فإنّها تصبح مقبولة بعد فترة وربما لاحقًا تحبها وتألف سماعها وتطلب أن تسمعها! …
لا تسمح لنفسك أن تسمع أي شيء لا يمت للرقي بصلة، الأغاني الشعبية الحديثة التي لا تعبر إلّا عن طبقة بسيطة من الثقافة التي من المعيب أن تسمى شعبيةً … انتقي ما تسمعه فالموسيقى تستمع لها الأرواح والقلوب قبل العقول …
لا تتوقف عن التعلّم
“إنّ الإنسان الميت هو الذي كف عن التعلم و اكتساب الخبرات … ولهذا ترون أنّنا محاطون بالموتي الأحياء طيله الوقت” https://www.arageek.com/bio/ahmed-khaled-tawfik
حتى آخر لحظة في حياتك استمر في التعلم … لغات جديدة، مهارات يدوية، علوم لا تعرفها … لا تقف عند حد معين في مهنتك ولكن استمر في تطويرها والتعرف على كل جديد فيها، الآلة التي تتوقف عن العمل تصدأ مع مرور الوقت، وعقلك كذلك إن لم تجعله يتحرك ويعمل فإنّه في النهاية سيصاب بالصدأ، ولن يقدر على القيام بأبسط المهام …
مع الانفتاح الكبير الذي حصل بعد ثورة الإنترنت فإنّ التعلم صار أسهل مما تتخيل، منصّات تعليمية وجامعات افتراضية وقنوات تعليمية على اليوتيوب في كافة المواضيع … ماعليك إلّا أن تبحث وتتعلم …
اعتني بروحك
روحك هي جزء مهم منك … بل ربما هي الجزء الأهم منها … فهي التي تجعلك ما أنت عليه وتحدد ملامحك وطبيعتك … هي بصمتك في الحياة وما يجعل الآخرين يقتربون منك أو يبتعدون عنك وينفرون منك …
أعطِ وقتًا لها كل يوم من خلال الصلاة … التأمل … مشاهدة الكون وروعة الخلق في الطبيعة … الجلوس مع نفسك والابتعاد بها عن الدنيا وضجيجها … مما يجعل العقل أكثر قدرةً على التفكير بشكل منظم وفعال …
لا أعرف أمانة منحنا الله إياها أكثر أهميةً من هذا العقل الذي يحمله كل واحد، والذي يتعمد الكثيرون أن يركنوه على الرف ويتركون الغبار والأتربة تتراكم عليه، وهم يتبعون غيرهم في كل أمر صغيرًا كان أم كبيرًا دون أن يكلفوا أنفسهم عناء التفكير في أي شيء … أعتقد أنّ الوقت قد حان لإنزالها من الرف ونفض الغبار عنها وتنظيفها وإعادة تشغيلها من جديد.