- إنضم
- 29 نوفمبر 2017
- المشاركات
- 2,151
- نقاط التفاعل
- 3,166
- النقاط
- 2,186
- العمر
- 24
- محل الإقامة
- بلاد المليون ونصف مليون ش
- الجنس
- ذكر
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: «إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفةً، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، ثم يُرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويُؤمر بأربع كلماتٍ بكتب رزقه وأجله وعمله وشقيٌ أو سعيدٌ فواللهِ الذي لا إله غيره إنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها. وإنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها» رواه البخاري ومسلم.
أهميته:
هذا الحديث عظيم جامع لأحوال الإنسان من مبدأ خلقه ومجيئه إلى هذه الحياة الدنيا إلى آخر أحواله من الخلود في
دار السعادة أو دار الشقاء بما كان منه في الحياة الدنيا من كسب وعمل، وفق ما سبق في علم الله فقدره وقضاه.
لغة الحديث:
(الصادق): في جميع ما يقوله؛ إذ هو الحق الصدق المطابق للواقع.
(المصدوق): فيما أوحي إليه، لأن الملك جبريل يأتيه بالصدق، والله سبحانه وتعالى يصدقه فيما وعده به.
(يجمع): يضم ويحفظ، وقيل: يُقدر ويجمع.
(خلقه): أي مادة خلقه، وهو الماء الذي يخلق منه.
(في بطن أمه): في رحمها.
(نطفة): أصل النطفة الماء الصافي، والمراد هنا: منياً.
(علقة): قطعة دم لم تيبس، وسميت(علقة) لعلوقها بيد الممسك بها.
(مضغة): قطعة لحم بقدر ما تمضغ.
(فيسبق عليه الكتاب): الذي سبق في علم الله تعالى، أو اللوح المحفوظ، أو الذي سبق في بطن الأم.
فقه الحديث وما يرشد إليه:
1- أطوار الجنين في الرحم: يدل هذا الحديث على أن الجنين يتقلب في مائة وعشرين يوماً في ثلاثة أطوار، في كل أربعين يوماً منها يكون في طور؛ فيكون في الأربعين الأولى نطفة، ثم في الأربعين الثانية علقة، ثم في الأربعين الثالثة مضغة، ثم بعد المائة وعشرين يوماً ينفخ فيه الملك الروح، ويكتب له هذه الكلمات الأربعة، وقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز تقلب الجنين في هذه الأطوار؛ فقال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ﴾ [الحج: 5].
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ12/ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ13/ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: 12_ 14]. وفي هذه الآية ذكر الله الأطوار الأربعة المذكورة في الحديث وزاد عليها ثلاثة أطوار أخرى، فأصبحت سبعاً، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: خلق ابن آدم من سبع. ثم يتلو هذه الآية.
والحكمة من خلق الله تعالى للإنسان بهذا الترتيب ووفق هذا التطور والتدرج من حال إلى حال، مع قدرته سبحانه وتعالى على إيجاده كاملاً في أسرع لحظة: هي انتظام خلق الإنسان مع خلق كون الله الفسيح وفق أسباب ومسببات ومقدمات ونتائج، وهذا أبلغ في تبيان قدرة الله..كما نلحظ في هذا التدرج تعليم الله تعالى لعباده التأني في أمورهم والبعد عن التسرع والعجلة، وفيه إعلام الإنسان بأن حصول الكمال المعنوي له إنما يكون بطريق التدريج نظير حصول الكمال الظاهر له بتدرجه في مراتب الخلق وانتقاله من طور إلى طور إلى أن يبلغ أشده، فكذلك ينبغي له في مراتب السلوك أن يكون على نظير هذا المنوال وإلا كان راكباً متن عمياء وخابطاً خبط عشواء.
2- نفخ الروح: اتفق العلماء على أن نفخ الروح في الجنين يكون بعد مضي مائة وعشرين يوماً على الاجتماع بين الزوجين، وذلك تمام أربعة أشهر ودخوله في الخامس، وهذا موجود بالمشاهدة وعليه يُعوَّل فيما يُحتاج إليه من الأحكام من الاستلحاق ووجوب النفقات، وذلك للثقة بحركة الجنين في الرحم، ومن هنا كانت الحكمة في أن المرأة المتوفى عنها زوجها تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام؛ لتحقق براءة الرحم ببلوغ هذه لمدة دون ظهور أثر الحمل.
والروح: ما يحيا به الإنسان، وهو من أمر الله تعالى؛ كما أخبر في كتابه العزيز﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ [الإسراء: 85]. وفي شرح مسلم للنووي: الروح: جسم لطيف سار في البدن مشتبك به اشتباك الماء بالعود الأخضر. وفي إحياء علوم الدين للغزالي: الروح: جوهر مجرد متصرف في البدن.
3- تحريم إسقاط الجنين: اتفق العلماء على تحريم إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه؛ واعتبروا ذلك جريمة لا يحل للمسلم أن يفعله لأنه جناية على حيٍّ متكامل الخلق ظاهر الحياة، وتجب الدية في إسقاطه إنْ نزل حياً ثم مات، وعقوبة مالية أقل منها إنْ نزل ميتاً.
وأما إسقاط الجنين قبل نفخ الروح فيه فحرام أيضاً، وإلى ذلك ذهب أغلب الفقهاء، والدليل أحاديث صحيحة أفادت أن التخليق يبدأ في النطفة بعد أن تستقر في الرحم؛ فقد روى مسلم عن حذيفة بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مر بالنطفة اثنان وأربعون ليلة – وفي رواية بضع وأربعون ليلة- بعث الله ملكاً فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها».
وفي كتاب (جامع العلوم والحكم) لابن رجب الحنبلي ص42: ((وقد رخَّصَ طائفة من الفقهاء للمرأة في إسقاط ما في بطنها ما لم ينفخ فيه الروح وجعلوه كالعزل، وهو قول ضعيف. لأن الجنين ولدٌ انعقد وربما تصور، وفي العزل لم يُوجد ولد بالكلية، وإنما تسبب إلى منع انعقاده، وقد لا يمتنع بالعزل إذا أراد الله خلقه)).
وفي( إحياء علوم الدين) للغزالي2/51: (( وليس هذا – أي العزل- كالإجهاض والوأد؛ لأن ذلك جناية على موجود حاصل، والوجود له مراتب، وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة، وإفساد ذلك جناية، فإن صارت نطفة فعلقة كانت الجناية أفحش، وإن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشاً، ومنتهى التفاحش في الجناية هي بعد الانفصال حياً)).
4- علم الله تعالى: إن الله تعالى يعلم أحوال الخلق قبل أن يخلقهم، فما يكون منهم شيء من إيمان وطاعة أو كفر ومعصية، وسعادة وشقاوة؛ إلا بعلم الله وإرادته، وقد تكاثرت النصوص بذكر الكتاب السابق؛ ففي البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة أو النار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة، فقال رجل: يا رسول الله! أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فقال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ:﴿فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ . الآيتين [الليل:5 -6].
وعلى ذلك فإن علم الله لا يرفع عن العبد الاختيار والقصد؛ لأن العلم صفة غير مؤثرة، وقد أمر الله تعالى الخلق بالإيمان والطاعة ونهاهم عن لكفر والمعصية، وذلك برهان على أن للعبد اختياراً وقصداً إلى ما يريد، وإلا كان أمر الله تعالى ونهيه عبثاً، وذلك محال، قال الله تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا7/فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا8/قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا9/وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾ [الشمس: 7- 10].
5- الاحتجاج بالقدر:لقد أمرنا الله تعالى بالإيمان به وطاعته، ونهانا عن الكفر به سبحانه وتعالى ومعصيته، وذلك ما كلفنا به، وما قدره الله لنا أو علينا مجهول لا علم لنا به وليسنا مسؤولين عنه، فلا يحتج صاحب الضلالة والكفر والفسق بقدر الله وكتابته وإراته قبل وقوع ذلك منه قال الله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: 105].
أما بعد وقوع المقدور فيكون الاحتجاج بالقدر مأذوناً به، لما يجد المؤمن من راحة عند خضوعه لقضاء الله تعالى، وقضاء الله تعالى للمؤمن يجري بالخير في صورتي السراء والضراء.
6- الأعمال بالخواتيم: روى البخاري عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« إنما الأعمال بالخواتيم». ومعنى ذلك أن من كتب له الإيمان والطاعة آخر العمر، قد يكفر بالله ويعصي الله حيناً، ثم يوفقه الله تعالى إلى الإيمان والطاعة في فترة من الزمان قبل آخر عمره، ويموت على ذلك فيدخل الجنة، ومن كتب عليه الكفر والفسوق آخر العمر، قد يؤمن ويطيع حيناً، ثم يخذله الله- بكسب العبد وعمله وإرادته- فينطق بكلمة الكفر، ويعمل بعمل أهل النار، ويموت على ذلك فيدخل النار.
فلا يَغْتَرَّنَّ بظاهر حال الإنسان؛ فإن العبرة بالخواتيم، ولا يأس من ظاهر حال الإنسان، فإن العبرة بالخواتيم، نسأل الله تعالى الثبات على الحق والخير وحسن الخاتمة.
7- كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر في دعائه: « يا مقلب القلوب ثبِّت قلبي على دينك» وروى مسلم:« إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرفه كيف يشاء» ثم قال صلى الله عليه وسلم:« اللهم مصرف القلوب، صرِّف قلوبنا على طاعتك».
6- قال ابن حجر الهيتمي إن خاتمة السوء تكون- والعياذ بالله- بسبب دسيسة باطنية للعبد، ولا يطلع عليها الناس، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خير خفية تغلب عليه آخر عمره فتوجب له حسن الخاتمة. وحكى عبد العزيز بن داود قال: حضرت عند محتضر لقن الشهادتين فقال: هو كافر بهما، فسأل عنه، فإذا هو مدمن خمر. وكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته).
9- أشار هذا الحديث النبوي إلى مراحل نمو الجنين في الرحم، ولم يكشف علم التشريح وعلم الأجنة عن هذه المراحل إلا في العصر الحديث، وهو إعجاز علمي ظاهر في القرآن الكريم والسنة النبوية.
أهميته:
هذا الحديث عظيم جامع لأحوال الإنسان من مبدأ خلقه ومجيئه إلى هذه الحياة الدنيا إلى آخر أحواله من الخلود في
دار السعادة أو دار الشقاء بما كان منه في الحياة الدنيا من كسب وعمل، وفق ما سبق في علم الله فقدره وقضاه.
لغة الحديث:
(الصادق): في جميع ما يقوله؛ إذ هو الحق الصدق المطابق للواقع.
(المصدوق): فيما أوحي إليه، لأن الملك جبريل يأتيه بالصدق، والله سبحانه وتعالى يصدقه فيما وعده به.
(يجمع): يضم ويحفظ، وقيل: يُقدر ويجمع.
(خلقه): أي مادة خلقه، وهو الماء الذي يخلق منه.
(في بطن أمه): في رحمها.
(نطفة): أصل النطفة الماء الصافي، والمراد هنا: منياً.
(علقة): قطعة دم لم تيبس، وسميت(علقة) لعلوقها بيد الممسك بها.
(مضغة): قطعة لحم بقدر ما تمضغ.
(فيسبق عليه الكتاب): الذي سبق في علم الله تعالى، أو اللوح المحفوظ، أو الذي سبق في بطن الأم.
فقه الحديث وما يرشد إليه:
1- أطوار الجنين في الرحم: يدل هذا الحديث على أن الجنين يتقلب في مائة وعشرين يوماً في ثلاثة أطوار، في كل أربعين يوماً منها يكون في طور؛ فيكون في الأربعين الأولى نطفة، ثم في الأربعين الثانية علقة، ثم في الأربعين الثالثة مضغة، ثم بعد المائة وعشرين يوماً ينفخ فيه الملك الروح، ويكتب له هذه الكلمات الأربعة، وقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز تقلب الجنين في هذه الأطوار؛ فقال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ﴾ [الحج: 5].
وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ12/ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ13/ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾ [المؤمنون: 12_ 14]. وفي هذه الآية ذكر الله الأطوار الأربعة المذكورة في الحديث وزاد عليها ثلاثة أطوار أخرى، فأصبحت سبعاً، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: خلق ابن آدم من سبع. ثم يتلو هذه الآية.
والحكمة من خلق الله تعالى للإنسان بهذا الترتيب ووفق هذا التطور والتدرج من حال إلى حال، مع قدرته سبحانه وتعالى على إيجاده كاملاً في أسرع لحظة: هي انتظام خلق الإنسان مع خلق كون الله الفسيح وفق أسباب ومسببات ومقدمات ونتائج، وهذا أبلغ في تبيان قدرة الله..كما نلحظ في هذا التدرج تعليم الله تعالى لعباده التأني في أمورهم والبعد عن التسرع والعجلة، وفيه إعلام الإنسان بأن حصول الكمال المعنوي له إنما يكون بطريق التدريج نظير حصول الكمال الظاهر له بتدرجه في مراتب الخلق وانتقاله من طور إلى طور إلى أن يبلغ أشده، فكذلك ينبغي له في مراتب السلوك أن يكون على نظير هذا المنوال وإلا كان راكباً متن عمياء وخابطاً خبط عشواء.
2- نفخ الروح: اتفق العلماء على أن نفخ الروح في الجنين يكون بعد مضي مائة وعشرين يوماً على الاجتماع بين الزوجين، وذلك تمام أربعة أشهر ودخوله في الخامس، وهذا موجود بالمشاهدة وعليه يُعوَّل فيما يُحتاج إليه من الأحكام من الاستلحاق ووجوب النفقات، وذلك للثقة بحركة الجنين في الرحم، ومن هنا كانت الحكمة في أن المرأة المتوفى عنها زوجها تعتد أربعة أشهر وعشرة أيام؛ لتحقق براءة الرحم ببلوغ هذه لمدة دون ظهور أثر الحمل.
والروح: ما يحيا به الإنسان، وهو من أمر الله تعالى؛ كما أخبر في كتابه العزيز﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً﴾ [الإسراء: 85]. وفي شرح مسلم للنووي: الروح: جسم لطيف سار في البدن مشتبك به اشتباك الماء بالعود الأخضر. وفي إحياء علوم الدين للغزالي: الروح: جوهر مجرد متصرف في البدن.
3- تحريم إسقاط الجنين: اتفق العلماء على تحريم إسقاط الجنين بعد نفخ الروح فيه؛ واعتبروا ذلك جريمة لا يحل للمسلم أن يفعله لأنه جناية على حيٍّ متكامل الخلق ظاهر الحياة، وتجب الدية في إسقاطه إنْ نزل حياً ثم مات، وعقوبة مالية أقل منها إنْ نزل ميتاً.
وأما إسقاط الجنين قبل نفخ الروح فيه فحرام أيضاً، وإلى ذلك ذهب أغلب الفقهاء، والدليل أحاديث صحيحة أفادت أن التخليق يبدأ في النطفة بعد أن تستقر في الرحم؛ فقد روى مسلم عن حذيفة بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا مر بالنطفة اثنان وأربعون ليلة – وفي رواية بضع وأربعون ليلة- بعث الله ملكاً فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها».
وفي كتاب (جامع العلوم والحكم) لابن رجب الحنبلي ص42: ((وقد رخَّصَ طائفة من الفقهاء للمرأة في إسقاط ما في بطنها ما لم ينفخ فيه الروح وجعلوه كالعزل، وهو قول ضعيف. لأن الجنين ولدٌ انعقد وربما تصور، وفي العزل لم يُوجد ولد بالكلية، وإنما تسبب إلى منع انعقاده، وقد لا يمتنع بالعزل إذا أراد الله خلقه)).
وفي( إحياء علوم الدين) للغزالي2/51: (( وليس هذا – أي العزل- كالإجهاض والوأد؛ لأن ذلك جناية على موجود حاصل، والوجود له مراتب، وأول مراتب الوجود أن تقع النطفة في الرحم وتختلط بماء المرأة وتستعد لقبول الحياة، وإفساد ذلك جناية، فإن صارت نطفة فعلقة كانت الجناية أفحش، وإن نفخ فيه الروح واستوت الخلقة ازدادت الجناية تفاحشاً، ومنتهى التفاحش في الجناية هي بعد الانفصال حياً)).
4- علم الله تعالى: إن الله تعالى يعلم أحوال الخلق قبل أن يخلقهم، فما يكون منهم شيء من إيمان وطاعة أو كفر ومعصية، وسعادة وشقاوة؛ إلا بعلم الله وإرادته، وقد تكاثرت النصوص بذكر الكتاب السابق؛ ففي البخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« ما من نفس منفوسة إلا وقد كتب الله مكانها من الجنة أو النار، وإلا قد كتبت شقية أو سعيدة، فقال رجل: يا رسول الله! أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فقال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة، ثم قرأ:﴿فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى﴾ . الآيتين [الليل:5 -6].
وعلى ذلك فإن علم الله لا يرفع عن العبد الاختيار والقصد؛ لأن العلم صفة غير مؤثرة، وقد أمر الله تعالى الخلق بالإيمان والطاعة ونهاهم عن لكفر والمعصية، وذلك برهان على أن للعبد اختياراً وقصداً إلى ما يريد، وإلا كان أمر الله تعالى ونهيه عبثاً، وذلك محال، قال الله تعالى: ﴿وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا7/فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا8/قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا9/وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا﴾ [الشمس: 7- 10].
5- الاحتجاج بالقدر:لقد أمرنا الله تعالى بالإيمان به وطاعته، ونهانا عن الكفر به سبحانه وتعالى ومعصيته، وذلك ما كلفنا به، وما قدره الله لنا أو علينا مجهول لا علم لنا به وليسنا مسؤولين عنه، فلا يحتج صاحب الضلالة والكفر والفسق بقدر الله وكتابته وإراته قبل وقوع ذلك منه قال الله تعالى: ﴿وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ [التوبة: 105].
أما بعد وقوع المقدور فيكون الاحتجاج بالقدر مأذوناً به، لما يجد المؤمن من راحة عند خضوعه لقضاء الله تعالى، وقضاء الله تعالى للمؤمن يجري بالخير في صورتي السراء والضراء.
6- الأعمال بالخواتيم: روى البخاري عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« إنما الأعمال بالخواتيم». ومعنى ذلك أن من كتب له الإيمان والطاعة آخر العمر، قد يكفر بالله ويعصي الله حيناً، ثم يوفقه الله تعالى إلى الإيمان والطاعة في فترة من الزمان قبل آخر عمره، ويموت على ذلك فيدخل الجنة، ومن كتب عليه الكفر والفسوق آخر العمر، قد يؤمن ويطيع حيناً، ثم يخذله الله- بكسب العبد وعمله وإرادته- فينطق بكلمة الكفر، ويعمل بعمل أهل النار، ويموت على ذلك فيدخل النار.
فلا يَغْتَرَّنَّ بظاهر حال الإنسان؛ فإن العبرة بالخواتيم، ولا يأس من ظاهر حال الإنسان، فإن العبرة بالخواتيم، نسأل الله تعالى الثبات على الحق والخير وحسن الخاتمة.
7- كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر في دعائه: « يا مقلب القلوب ثبِّت قلبي على دينك» وروى مسلم:« إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرفه كيف يشاء» ثم قال صلى الله عليه وسلم:« اللهم مصرف القلوب، صرِّف قلوبنا على طاعتك».
6- قال ابن حجر الهيتمي إن خاتمة السوء تكون- والعياذ بالله- بسبب دسيسة باطنية للعبد، ولا يطلع عليها الناس، وكذلك قد يعمل الرجل عمل أهل النار وفي باطنه خصلة خير خفية تغلب عليه آخر عمره فتوجب له حسن الخاتمة. وحكى عبد العزيز بن داود قال: حضرت عند محتضر لقن الشهادتين فقال: هو كافر بهما، فسأل عنه، فإذا هو مدمن خمر. وكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته).
9- أشار هذا الحديث النبوي إلى مراحل نمو الجنين في الرحم، ولم يكشف علم التشريح وعلم الأجنة عن هذه المراحل إلا في العصر الحديث، وهو إعجاز علمي ظاهر في القرآن الكريم والسنة النبوية.