الحمد لله القائل في محكم تنزيله ( وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم )، و الصلاة و السلام على رسول الهدى محمد النبي الأمي أشد الناس محنة و أكثرهم بلاء من قال( ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمُؤْمِنَةِ في نفسِهِ وولدِهِ ومالِهِ ، حتَّى يلقَى اللهَ وما علَيهِ خطيئةٌ)، و بعد
قد علمتم في الفصل الأول من قصة إبننا عبد الجبار ما كان من أحداث توقف عندها الحديث، ووصلنا عند نبأ المرض المُفاجئ الذي لم يكن في الحسبان، فما كان من الأبوين الراشدين إلا أخذ الأهبة لرحلة العلاج بكل أنواعه، و إبتدأت مُتابعة حالة عبد الجبار في مستشفى قسنطينة الجامعي، هناك حيث قسم طب الأطفال جناح الأمراض السرطنية بكل أنواعها، بعد أن سَلمت الأم بِنتيها على مضض لعَمتهم ترعاهم و تقوم على شأنهم، أُبقيت في المستشفى تَحرس إبنها و ترقُب حَالَته، تلك المستشفى و بالخصوص ذلك القسم و بالأخص ذلك الجناح إذا دخلت و شاهدت بأم عينيك حال الذراري الصغار ممن أصابهم المرض العضال تعرف قدر نعمة الله على كثير ممن رزق العافية وهو في غفلة عن شكر مسديها، ممن قد تغُره صحته و يئزه ماله و غناه، و يعجب بجامله و بحسن حاله ليتكبر بعدها على الخلق، يَحسب نفسه على شيئ، و حقيقة أمره بين الكاف و النون ليصير بأمر الله القهار كأن لم يكن قبل، لكن و نظرا لقسوة كثير من القلوب و فسادها صارت لا تعي ما حولها من العظات و العبر، هناك لما ترى من أبتلي دونك تعي قول الصادق المصدوق (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة و الفراغ)، صحة الأبدان بما فيها، صحة لا يعي قدرها على الحقيقة إلا من فقدها، يبصرها أنذاك تاجا على الرؤوس أولى بالعاقل الرشيد أن يعمل بها في الزمان قبل أن يعمل الزمان فيها، هذه أول العبر، عبرة أخرى أن ترى الطفل صاحب الشهرِ و الشهرين و العامِ و العامين تَخَطفه المنية بعد البَلية، و أنت لزلت بعد في غرور تُمني نفسك الأماني، وتنظر إلى الأفق البعيد تريد أن تعمر أكثر مما عَمَّر نوح (عليه السلام)، و أعظم العبر حين تعلم أن هؤلاء الصغار لم يبلغوا بعد سن التمييز فلا تثريب عليهم و لا عتب، فما بالنا نحن الذين بلغنا التمييز و منا من قارب تمام الرشد ما زلنا بعد نلهوا و نلعب، ما لنا في غفلة مطبقة على القلوب، ماذا ننتظر، أننتظر ليحل بنا (لا قدر الله) مثل الذي حلَّ بهم حتى نفيق، بل ربما نُأخذ فجأة فكم ممن خرج و لم يرجع و كم مِمن رَقد و لم يستيقظ، و كم سمعنا بأناس أصحاء يأتيهم الأجل ممن دون سابق مرض أو بلاء، حقيقة العبر كثيرة و المواعظ تنفع كل من كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد، أرجع بكم لندخل معا حجرة المرضى، أبناء مع أمهتهم؛ كل في سريره يعاني حالة تنسيك حالة من رأيت قبله، فمن مغمى عليه من أثار العلاج، إلى متألم من شدة الوجع، إلى أخر يقال عنه أنه في أخر لحظات الحياة يحتضر، يهتز صدره حينا و ينخفض أحيانا، شاخص البصر يرى ما لا نرى فاللهم رحماك إله الخلق من موقف شديد نسأل الله عنده الثبات، هذا صغير بلا ذنب فكيف بمن أسرته الذنوب و أحاطت به الخطايا من كل حدب و صوب، دخلت الحجرة الخاصة بالصغير بعد أن عانقت والده و إنصرفت أمُّه عنه، ليُخَلوا لي السبيل و عمُّه بجانبي، الطفل غائب عن الوعي، الحالة كما أخبرت متقدمة، أحسست برعشة داخلي و إهتز كياني و ذرفت الدموع لست أدري أهي رحمة بالصغير أم بوالديه أم بالجميع، قلت في نفسي أرقيه، و كذلك كان الأمر، بعدها غادرت المكان و القلب معلق بالرحمان بعد تشجيع الوالد بما أمكنني من الكلمات فوجدته ثابت الفؤاد راسخ اليقين قوي الإيمان بقدرة الرحمان، و كذلك الأم كانت توصي الأخوات بكثرة الدعاء لإبنها، و الله المستعان في كل شأن ، و كل شيئ يجري في كونه بتقدير و إحكام.
إلى هنا نهاية الفصل الثاني من القصة، إنتظرونا في الفصل الثالث منها بإذن الله العلي القدير.
قد علمتم في الفصل الأول من قصة إبننا عبد الجبار ما كان من أحداث توقف عندها الحديث، ووصلنا عند نبأ المرض المُفاجئ الذي لم يكن في الحسبان، فما كان من الأبوين الراشدين إلا أخذ الأهبة لرحلة العلاج بكل أنواعه، و إبتدأت مُتابعة حالة عبد الجبار في مستشفى قسنطينة الجامعي، هناك حيث قسم طب الأطفال جناح الأمراض السرطنية بكل أنواعها، بعد أن سَلمت الأم بِنتيها على مضض لعَمتهم ترعاهم و تقوم على شأنهم، أُبقيت في المستشفى تَحرس إبنها و ترقُب حَالَته، تلك المستشفى و بالخصوص ذلك القسم و بالأخص ذلك الجناح إذا دخلت و شاهدت بأم عينيك حال الذراري الصغار ممن أصابهم المرض العضال تعرف قدر نعمة الله على كثير ممن رزق العافية وهو في غفلة عن شكر مسديها، ممن قد تغُره صحته و يئزه ماله و غناه، و يعجب بجامله و بحسن حاله ليتكبر بعدها على الخلق، يَحسب نفسه على شيئ، و حقيقة أمره بين الكاف و النون ليصير بأمر الله القهار كأن لم يكن قبل، لكن و نظرا لقسوة كثير من القلوب و فسادها صارت لا تعي ما حولها من العظات و العبر، هناك لما ترى من أبتلي دونك تعي قول الصادق المصدوق (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة و الفراغ)، صحة الأبدان بما فيها، صحة لا يعي قدرها على الحقيقة إلا من فقدها، يبصرها أنذاك تاجا على الرؤوس أولى بالعاقل الرشيد أن يعمل بها في الزمان قبل أن يعمل الزمان فيها، هذه أول العبر، عبرة أخرى أن ترى الطفل صاحب الشهرِ و الشهرين و العامِ و العامين تَخَطفه المنية بعد البَلية، و أنت لزلت بعد في غرور تُمني نفسك الأماني، وتنظر إلى الأفق البعيد تريد أن تعمر أكثر مما عَمَّر نوح (عليه السلام)، و أعظم العبر حين تعلم أن هؤلاء الصغار لم يبلغوا بعد سن التمييز فلا تثريب عليهم و لا عتب، فما بالنا نحن الذين بلغنا التمييز و منا من قارب تمام الرشد ما زلنا بعد نلهوا و نلعب، ما لنا في غفلة مطبقة على القلوب، ماذا ننتظر، أننتظر ليحل بنا (لا قدر الله) مثل الذي حلَّ بهم حتى نفيق، بل ربما نُأخذ فجأة فكم ممن خرج و لم يرجع و كم مِمن رَقد و لم يستيقظ، و كم سمعنا بأناس أصحاء يأتيهم الأجل ممن دون سابق مرض أو بلاء، حقيقة العبر كثيرة و المواعظ تنفع كل من كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد، أرجع بكم لندخل معا حجرة المرضى، أبناء مع أمهتهم؛ كل في سريره يعاني حالة تنسيك حالة من رأيت قبله، فمن مغمى عليه من أثار العلاج، إلى متألم من شدة الوجع، إلى أخر يقال عنه أنه في أخر لحظات الحياة يحتضر، يهتز صدره حينا و ينخفض أحيانا، شاخص البصر يرى ما لا نرى فاللهم رحماك إله الخلق من موقف شديد نسأل الله عنده الثبات، هذا صغير بلا ذنب فكيف بمن أسرته الذنوب و أحاطت به الخطايا من كل حدب و صوب، دخلت الحجرة الخاصة بالصغير بعد أن عانقت والده و إنصرفت أمُّه عنه، ليُخَلوا لي السبيل و عمُّه بجانبي، الطفل غائب عن الوعي، الحالة كما أخبرت متقدمة، أحسست برعشة داخلي و إهتز كياني و ذرفت الدموع لست أدري أهي رحمة بالصغير أم بوالديه أم بالجميع، قلت في نفسي أرقيه، و كذلك كان الأمر، بعدها غادرت المكان و القلب معلق بالرحمان بعد تشجيع الوالد بما أمكنني من الكلمات فوجدته ثابت الفؤاد راسخ اليقين قوي الإيمان بقدرة الرحمان، و كذلك الأم كانت توصي الأخوات بكثرة الدعاء لإبنها، و الله المستعان في كل شأن ، و كل شيئ يجري في كونه بتقدير و إحكام.
إلى هنا نهاية الفصل الثاني من القصة، إنتظرونا في الفصل الثالث منها بإذن الله العلي القدير.
آخر تعديل: